الإنسان بين الإسلام والحضارة الغربية الحلقة السابعة والثلاثون بقلم محمد الفاتح عبدالرزاق عبدالله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 12:28 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-04-2019, 02:49 PM

محمد الفاتح عبدالرزاق
<aمحمد الفاتح عبدالرزاق
تاريخ التسجيل: 09-14-2018
مجموع المشاركات: 59

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإنسان بين الإسلام والحضارة الغربية الحلقة السابعة والثلاثون بقلم محمد الفاتح عبدالرزاق عبدالله

    02:49 PM May, 04 2019

    سودانيز اون لاين
    محمد الفاتح عبدالرزاق-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر



    بسم الله الرحمن الرحيم
    (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ، وَالْمَلآئِكَةُ، وَقُضِيَ الأَمْرُ، وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمور)

    الإنسان في الإسلام

    الباب التاسع
    الكمال الانساني
    الفصل الثاني
    مفهوم الكمال

    لقد وردت كلمة (كمال) كثيراً في حديثنا، فما هو الكمال الإنساني الذي نتحدث عنه؟ ومن أين يأتي؟ أولاً، هنالك الكمال المطلق، وهذا خاص بالذات الإلهية وحدها.. وهنالك الكمال الإنساني، وهو كمال نسبي، مستمد من الكمال الإلهي، ويستمد نسبيته من هذا الكمال.. وإلى هذا الكمال، يشير قول المعصوم: "كَمُلَ من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء، إلا آسيا إمراة فرعون ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد.. وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"..
    والكمال هو حظ الإنسان، من حيث هو إنسان، مهما كان وضعه الحالي.. فالكمال بالنسبة للإنسان أمر حتمي، لا بد أنه كائن في حينه!! وذلك لأن الله تعالى، مسير الناس إليه، أرادوا أو لم يريدوا.. وإلى ذلك الإشارة بعديد الآيات الواردة في القرآن، التي تتحدث عن ملاقاة الله، والمنقلب إليه، والمصير إليه أو المنتهى إليه...الخ.. ومنها مثلاً، قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ".. أو قوله: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ".. أو قوله: "إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ"... إلى آخر الآيات الواردة عن ملاقاة الله.. وقد ذكرنا مراراً أن السير إلى الله إنما هو بتقريب الصفات، من الصفات.. تقريب صفات العبد، التي هي في طرف النقص، إلى صفات الرب التي هي في مطلق الكمال.. وهذا ما يجعل الكمال أمر حتمي بالنسبة لكل إنسان.. فالكمال كما هو مصيرنا الحتمي، هو أيضاً تكليفنا الأساسي، كما سبق أن ذكرنا، ويجيء ذلك في قوله تعالى: "كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ".. وعلى هذه الآية قام توجيه المعصوم، الذي جاء في قوله: "تخلقوا بأخلاق الله إن ربي على صراط مستقيم".. فالإنسان، أساساً صدر من الكمال، وإليه يعود.. وفي حديث المعصوم عبارة "إن ربي على صراط مستقيم"، تعني: كونوا على الصراط المستقيم، تخلقاً بأخلاق ربي، الذي هو على الصراط المستقيم.. فالكمال هو أن نكون على الصراط المستقيم.. وهذا هو الدين القيم، كما أنه هو الحال الذي كنا عليه "في أحسن تقويم"، والمطلوب منا أن نسترده، هنا في الأرض، في اللحم والدم.. بل مكتوب علينا استرداده!!
    والتخلق بأخلاق الله هو عمل في تحقيق العبودية لله!! فالعبودية هي أقرب صفات العبد إلى الرب!! وهذا أمر يجب أن يكون واضحاً جداً.. إن الحجاب الأساسي بيننا، وبين ربنا هو (الدعوى).. دعوى الربوبية.. يقول الصوفية: في نفس كل منا أن يقول ما قاله فرعون.. يشيرون بذلك إلى قول فرعون، الذي حكاه القرآن، وقال فيه: "أنا ربكم الأعلى".. فالعبودية هي التخلي عن كل دعوى: دعوى الإرادة، ودعوى القدرة، ودعوى العلم...الخ، وبذلك نعرف أنفسنا، "من عرف نفسه فقد عرف ربه".. من عرف نفسه بالجهل، عرف ربه بالعلم، ومن عرف نفسه بالعجز، عرف ربه بالقدرة...الخ.. وقد سبق أن ذكرنا، أن الاختلاف الأساسي بين الرب والعبد، هو أن الرب في حالة استغناء تام، ومطلق.. والعبد في حالة حاجة تامة، ومطلقة، للرب، فهو لا يستطيع أن يستغني عنه ولو للحظة.. فقيومية العبد، بربه، وليست بذاته.. فإذا لزم العبد، ما هو عليه من العبودية، عن علم ووعي، أضفت عليه الربوبية، من صفاتها، بقدر التزامه هذا.. وهذا هو معنى قوله تعالى، في الحديث القدسي: "يا داؤود أنك تريد وأريد.. وإنما يكون ما أريد.. فإن سلمت لما أريد، كفيتك ما تريد.. وإن لم تسلم لما أريد، أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد".. فإرادة الله تعالى هي وحدها النافذة، ويمكن لإرادتنا أن تكون نافذة، إذا قامت على مرضاة الله.. ومرضاة الله نحن نعرفها، لأنها جاءتنا في شرع الله..
    فالغرض الأساسي من العمل في الشريعة، في جميع مستوياتها، هو أن نسلم إرادتنا الحادثة، لإرادة المريد الواحد، القديمة.. وبهذا وحده، نصبح أصحاب إرادة حقيقية، ونافذة.. ما نريده يكون.. ونتخلق بقوله تعالى: "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ".. وهذا هو الكمال.. والإرادة صفة وسط بين صفتين، من أعلاها العلم، ومن أدناها القدرة.. وهي متضمنة الصفتين.. فالكمال هو أن يكون علمنا من علم الله، وإرادتنا من إرادة الله، وقدرتنا من قدرة الله.. ووقتها نتحقق بقوله تعالى: "لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ".. فما نشاؤه يكون.. ونستطيع أن نتصرف في كل شيء، بأذن ربنا.. وهو تعالى، يفتح لنا الأبواب للمزيد من العلم، ومن الإرادة، ومن القدرة.. وهكذا دواليك، إلى ما لا نهاية.. هذا يتحقق، في جنة المعاد، وفي جنة الأرض.. ونحن سنتحدث عن جنة الأرض.. وهذا الذي نتحدث عنه، السبيل إليه، العمل بالمنهاج _منهاج التقوى_ وهو "طريق محمد" صلى الله عليه وسلم..
    وروح المنهاج، هي الأدب، وخلاصة الأدب، أدب العبودية.. والجوهر العملي للأدب، هو العيش في اللحظة الحاضرة.. يقول الأستاذ محمود: "فأنت، إذا استطعت أن تعيش في اللحظة الحاضرة، مشتغلاً بتجويد الواجب المباشر، من غير أن تذهب نفسك، أسفاً على الماضي، ولا خوفاً من المستقبل، فإنك تكون قد وفقت إلى سر الحياة الأعظم، حيث تستمتع بكمال حياة الفكر، وكمال حياة الشعور، وحيث تنتصر على المرض، والشيخوخة، والموت.. ذلك موعود الله.. وإنما ينال موعود الله، بفضل الله _"والله ذو الفضل العظيم"_ ثم بفضل الفكر.. الفكر؟؟ أي فكر تعني؟؟ هل تعني أي فكر؟؟ لا!! ولا كرامة!! وإنما أعني الفكر المروض بأدب القرآن.. أدب حقه، وأدب حقيقته"..
    وقد سبق أن رأينا أن الفكر هو وسيلة الحياة.. فبقدر كمال الفكر، يكون كمال الحياة، ويكون كمال الإرادة، والقدرة.. معلوم أن حياتنا الحاضرة حياة ناقصة، ومحدودة بمحدودية حواسنا، وفكرنا، وإرادتنا، وقدرتنا، وحسنا.. فنحن جميع حواسنا محدودة بحدود معينة.. فالعين، ترى في حدود معينة، والأذن تسمع في حدود معينة ...الخ.. ومع أن حواسنا محدودة، إلا أن حدودها دائماً قابلة للزيادة، إلى غير حد.. فنحن، بالتزام أدب العبودية، نستطيع أن نرى ببصر الله، ونسمع بسمع الله، ونقدر بقدرة الله.. فنهاية العبد، كمال الرب، وليس للكمال نهاية.
    بما أن الكمال هو كمال الحياة.. وكمال الحياة يتضمن كمال العلم والإرادة والقدرة، نحب أن نذكر القاريء بما سبق أن أوردناه قبل قليل عن (المقربين) فهو يعطي صورة لهذا الكمال.
    ومسيرة الكمال بدأت، بقوله تعالى: "إني جاعل في الأرض خليفة".. وكان آدم أبو البشر، هو بداية التحقيق.. ولقد أعد الله تعالى الإنسان، بأن (علمه الأسماء)، وهو العلم الكامل، الذي لا يعلوه إلا الشهود الذاتي.. والشهود ليس علماً، بالمعنى المتعارف عليه عن العلم.. قال تعالى، عن تعليم الإنسان (علم الأسماء): "وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ".. وبهذا التعليم أقام الحجة على الملائكة.. وهذا العلم، هو ميراث الإنسان _كل إنسان_ ولكن لا يفتر منه إلا في الزمن.. وما يصير في الزمن هو دائماً نسبي.. ولذلك الإنسان، سيظل يعلم سرمداً، ما لم يظن أنه قد علم!!
    المعجزة والكرامة:
    المعجزة والكرامة شيء واحد.. الاختلاف فقط بين من تجري عليه.. وكلاهما أمر خارق لمألوف الناس.. البعض يقول إنه خارق للطبيعة.. وهذا تعبير خطأ، إذ أنه حسب الدين، لا يوجد شيء خارق للطبيعة، ولا يمكن أن يوجد.. وذلك لأن الطبيعة، في الفهم الديني، هي إرادة الله.. وكلمة معجزة، وكلمة كرامة، كلاهما يستخدم لنفس المصطلح.. فالأمر الخارق لمألوف الناس، إذا جرى من رسول أو نبي، كبرهان على صحة دعوته، وتحدي لقومه، يسمى معجزة.. ونفس الأمر إذا جرى على يد ولي، يسمى كرامة.
    لقد ورد عن سيدنا إبراهيم، ما حكاه عنه القرآن بقوله تعالى: "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى! قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن؟؟ قَالَ بَلَى! وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي.. قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ، فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ، ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا، ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا، وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".. وبذلك تم إحياء الطير، بعد قتله وتمزيقه، وتوزيع جسده على الجبال.. هذه معجزة.. أما بالنسبة لسيدنا عيسى، عليه السلام، فقد كان يبريء الأكمه والأبرص، ويحي الموتى بأذن الله.. ومما ورد في هذا الأمر، قوله تعالى: "أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ، وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ، وَأُحْيِي الْمَوْتَى، بِإِذْنِ اللّهِ، وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ، وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ".. فهذه قدرات إنسانية، تأذن الله بها لأحد عبيده.. ويمكن أن يتأذن بها الله تعالى لأحد غيره.. وكل الاختلاف هو أنه في هذه الحالة لا تسمى (معجزة)، حسب الاصطلاح.. وفي قصة عرش بلقيس: "قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ".. وقد كان.
    يقول الأستاذ محمود عن موضوع المعجزة: "إن الوجود، في جوهره، روحي.. والمادة مظهره، فإذا تبعت الحوادث المظهر أصبح أمرها عادياً، ولكنها إذا تبعت الجوهر _وهو الروح_ ظهر عندنا نحن ما نسميه معجزة.. فمثلاً الجسم، وهو مظهر الروح، يخضع للعلة، والموت، ولكن الروح غير خاضع لأيهما.. فإذا كان هناك رجل هو من القوة بحيث يتصرف فيما وراء المادة، وأبرز حكم الروح على الجسد، أبراه من العلة في لحظة، أو أقامه من الموت، بعد الموت.. هذه معجزة."..
    لقد أثرنا في كتابنا (العصر الذهبي)، (قضية الممكن)، وجاء فيه: "ما الذي يحدد سقف الممكن!؟ إن الذي يحدد، سقف الممكن، من أعلى، هو (الإطلاق) ومن أدنى استعداد المحل للتلقي عن الإطلاق.. فلا يوجد كمال إنساني، من وجهة نظر العناية الإلهية، غير ممكن.. بل الممكن، من هذا الجانب، سيظل دائماً، فوق خيال البشر.. ولكن ما الذي يحدد ما هو ممكن، من أدنى!؟ من جانب الواقع!؟ من هذا الجانب، الواقع نفسه هو ما يحدد ما هو ممكن، ويشير إليه.. ولكن قراءة الواقع تختلف كثيراً بين من يقرأونه.. إلى وقت قريب كان من غير الممكن، حتى عند المختصين من العلماء، إعادة توظيف خلية ناضجة.. ولكن غير الممكن هذا، بفضل الله، ثم بفضل التطور العلمي، أصبح بالكلونة حقيقة ناجزة".. في الإسلام، لا شيء على الإطلاق يمكن أن يحدث، ما لم يتأذن الله به.. والعكس صحيح، كل شيء على الإطلاق، يأذن به الله، لا بد أن يحدث.. وعلى ذلك تصبح القضية كلها، فيما يتعلق بإمكانيات الكمال الإنساني، تتوقف بصورة كلية، على طاعة الله، وإذنه.. وبالطاعة والإذن، تصبح قدرات العبد، من قدرات الرب.. يقول تعالى في الحديث القدسي: "ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنتُ سمْعَه الذي يسمع به، و بصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورِجله التي يمشي بها، ولئِنِ استعاذني لَأُعِيذَنَّهُ، ولئن سألني لَأُعْطِيَنَّه".. وهذا في معنى أن يكون العبد ربانياً، وهذا هو أصله كما سبق أن ذكرنا.. فالطاعة لله، هي السبيل إلى محبة الله.. وهذا هو جوهر المنهاج، "طريق محمد" صلى الله عليه وسلم، وما يؤدي إليه، ولذلك جاء في حق تقليد المعصوم، قوله تعالى: "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".. ومحبة الله، هي خلاصة الخلاصة، ونحن لنا إليها عودة، كما سبق أن وعدنا.
    إنسان الحضارة الغربية يقدر بالواسطة _بالعلم_ وهذه قدرة العاجز.. أما إنسان الإسلام فيقدر بذاته، تخلقاً بأخلاق الله.. وللمقارنة، نضرب المثل، بالكلونة.. فعن طريق الكلونة، استطاع الإنسان، أن يولد النعجة دوللي من خلية.. وهذا احتاج إلى تجارب عديدة، الكثير منها فشل.. أما طير السيد المسيح، فقد تم إيجاده من طين، وفي لا زمن!! وكان منذ البداية مكتملاً.. وأهم من ذلك، دون أي وسيلة، مادية!! وكذلك أمر عرش بلقيس، فقد أحضره "الذي عنده علم من الكتاب"، في زمن أقل من إرتداد الطرف، ودون أي وسيلة مادية.
    عن طريق العلم بالله، يستطيع العقل، أن يسيطر على كل حركات الجسد، بما فيها الحركات المعروفة الآن، بأنها لا إرادية!! بل حتى أنه يستطيع أن يشكل جسده، في صور مختلفة!! يقول الأستاذ محمود: "الإنسان راح يدخل في الطور الجديد، اللي هو أنه تطوره فكري.. زمان كان الإنسان بيمشي على أربعة.. مشى على اتنين، ليفضّي ايديهو، ليوجد وحدة بين عقله وجسده.. الايدين بيشتغلن باتفاق مع العقل.. بعدين العقل محاول أن يكون عنده سيطرة على كل حركات الجسد.. راح يجي الوقت اليكون الإنسان بتصرف في ضربات قلبه.. في تنفس رئتيه.. في رمش عينيه.. يكون سيد جسده.. سيّد مملكته.. أها، الوقت داك الجسد بيبقى في مرتبة روحانية.. التطور كله راح يقع في المرتبة دي.. أنه العقل يكون هو السيد على الحواس كلها.. حتى يمكنك أن تشكل جسدك بالصورة الإنت عايزها.. زي الملَك.. حسّع ممكن جبريل، ينزل من صورة إلى صورة، يكون محسوس زي ما بجي في صورة دحية الكلبي، مثلا.. أها، دي قوة على التشكل.. الإنسان ماشي للصورة دي.. تطوره راح يكون مقدرة جسدية، ليكون هو ملك المملكة.. نحن هسع ما ملوك في مملكتنا.. نحن غرباء، أجانب على مملكتنا.. عندها ملك غيرنا.. الملك دا مستعد يسلمنا دايما، لو نحن مستعدين نسير في طريق تسليمه.. دايما بربينا ليسلمنا.. ليجعلنا خلفاء"..
    السيد يأمر فيطاع:
    الكمال الإنساني الذي نتحدث عنه، يقوم بصورةٍ كلية، على طاعة الله، والإسلام له، الأمر الذي يجعل إرادة العبد من إرادة الرب، وبذلك تصبح إرادة نافذة، فيتصرف العبد في الكون نيابة عن ربه، ووفقاً لمرضاته تعالى.. وبذلك يكون العبد سيداً على الكون، ويصبح مطاعا في هذا الكون، بقدر طاعته هو لسيده.. فيأمر في الكون، ويطاع أمره.. والنماذج على هذا عديدة، فمثلاً سيدنا سليمان، قد سُخر لخدمته الجن فهو يأمرهم فيطيعوه، ولا يملكون إلا أن يطيعوا!! كما أن سيدنا سليمان يأمر الريح، فتستجيب لأمره.. يقول تعالى: "فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ".. (رخاء)، يعني هينة مطيعة.. (حيث أصاب) يعني حيث أراد.. وقد أمر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، جبل أحد، عندما تحرك من تحته، بقوله: "اثبت أحد، فما عليك إلّا نبيّ، أو صدّيق، أو شهيدان".. فاستجاب الجبل للأمر.. وكان السيد المسيح يأمر البحر الهائج، فيسكن، كما يأمر أيضاً الريح فتسكن.. جاء من إنجيل متي قوله، عن السيد المسيح، وقد هبت الريح وهاج البحر وهو وأتباعه داخل مركب: "ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان.. ثمَّ قَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ، فَصَارَ هُدُوٌ عَظِيمٌ".. هذه نماذج من عمل الأنبياء، وهنالك نماذج عديدة من عمل الأولياء، الذين يكونون (على قدم الأنبياء)..
    وكل الذي نريد أن نخلص إليه هنا، هو أن الإنسان هو سيد الأكوان، ويستطيع أن يتصرف فيها بالأمر والنهي.. وسبيله إلى هذا كما أشرنا، هو أن يكون هو مطيعاً لسيده، فيطيعه سيده معاوضة لطاعته، فيتصرف في خلقه نيابة عنه.. وقد ورد أن العباس قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أطوع ربك لك يا أبن أخي!! فرد النبي: لو أطعته، لأطاعك يا عماه!! هذا هو الشرط ـ تطيع تطاع ـ تلتزم أدب العبودية مع الرب، تكون لك الربوبية على الخلق.
    فالإنسان عندما يبرز الى مقامه، هو الذي يخلق بيئته، بالصورة التي تخدم مصالحه..
    هذا الاعداد للخلافة، سخر له الله تعالى، الوجود كله.. وفوق ذلك، هو يتعهده بذاته: "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا".. فهو لا بد كائن في حينه، فالله تعالى بالغ أمره.. وهو فعال لما يريد.. وقد اقتضت حكمته، أن يتم أمره هذا، عبر التجربة، والتطور.. وها هو التطور، يوشك أن يصل إلى قمة المرحلة، المقدّرة له، في هذه الدورة، من دورات الوجود.
    العواطف البشرية:
    يقول الأستاذ محمود إن العواطف البشرية هي أفضل ما في الوجود.. وهذا أمر طبيعي، بالنسبة لما يدعو له من تصور للوجود، وتصور للإنسان.. فالوجود، في جوهره، يقوم كله على الرحمة، التي وسعت كل شيء.. وهذه هي الرحمة الرحمانية، التي يكون العذاب طرفاً منها.. وحتى العذاب، في هذا المستوى من الرحمة، هو وسيلة للرحمة الرحيمية الخالية من العذاب.. العذاب، كما ذكرنا، دخل لحكمة التعليم، ولحكمة أن تنال الحرية بثمنها، وثمنها هو حسن التصرف فيها، والعقوبة هي جزاء عدم حسن التصرف، لترد صاحبها إلى حسن التصرف، فتنال الحرية بثمنها، في المنطقة التي أساء فيها التصرف، معاوضة له على فعله.
    فالوجود في الإسلام، كله، مصيره إلى الرحمة الرحيمية، الخالية من العذاب.. أكثر من ذلك!! الوجود في الإسلام، خلق ابتداءً بالمحبة، يقول الأستاذ محمود: "فإن الله يحب جميع الخلائق .. غازها، وسائلها، وحجرها، ومدرها، ونباتها، وحيوانها، وإنسانها، وملكها، وإبليسها.. فانه تبارك وتعالى إنما خلق الخلائق بالإرادة.. والإرادة (ريدة) وهي المحبة".. ومن أسمائه تعالى (الودود)، والودود تعني الكثير المحبة.. يقول تعالى: "إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ".. ويقول: "وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ"..
    هنالك المحبة العامة، وهي تشمل كل الوجود، مثل الرحمة الرحمانية.. وهنالك المحبة الخاصة، وهي تقابل الرحمة الرحيمية.. وهذه محبة الله تعالى لأصفيائه، من أهل قرباه.. وهذه المحبة هي خلاصة الخلاصة، وغاية الغايات، في العمل السلوكي الديني.. وبها ينال السالك عز الدنيا، وشرف الآخرة، ويدخل مداخل قمة الإنسانية.
    لقد ذكرنا أن حياة الإنسان هي حياة الفكر والشعور.. الفكر خادم الحياة، في حين أن الشعور هو الحياة.. والشعور يبدأ من حيوان الخلية الواحدة، ثم يتسع، طالباً حياة الله، الذي لا تغيب عنه غائبة، في السماء ولا في الأرض.. والذي تشمل رحمته ومحبته الجميع.. وحصيلة الشعور المحبة.. والشعور وظيفة الفؤاد، والفؤاد يعمل في القلب.. وضد المحبة، البغض والكراهية، وهما ليس لهما مكان في سويداء القلب، وإنما هما على حواشيه.. وسبب البغض والكراهية، هو الخوف الناتج من نقص العلم.. ولن يحقق الإنسان إنسانيته، إلا بتجاوز عتبة الخوف، البدائي العنصري، والتخلص من رعونات النفس ومعايب السلوك، ويكون قد أفضى إلى طبيعته الأصلية، والحب هو الطبيعة الأصلية، ولقد ذكرنا أنه ليس في سويداء القلب إلا الحب.. فالحب هو الذي به تتحقق حياة الفكر والشعور، وتتم العودة إلى "أحسن تقويم"، هنا في الأرض _في الجسد.
    بما أن القلب هو بيت الرب "ما وسعني أرضي ولا سمائي وإنما وسعني قلب عبد المؤمن".. وبما أن سويداء القلب، هي منطقة الحياة، الحية الأصيلة _حياة الحب_ فإن الدين قد ركز على القلب تركيزاً واضحاً.. وعلى هذا التركيز، تقوم طائفة مستفيضة من نصوص القرآن، ومن الحديث، وقد سبقت إلى ذلك الإشارة.. يقول المعصوم: "ألا أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد، وإذا فسدت فسد سائر الجسد، ألا وهي القلب".. وبذلك يرد الدين، أمر الصلاح وأمر الفساد، جميعه إلى القلب.. فالدين، دين قلوب.. فهو في المكان الأول لأصحاب القلوب المرهفة الحساسة، الذين يجدون الرحمة والرأفة، والحنان والمحبة، أموراً تكاد تكون حاضرة عندهم، فبالقليل من التجربة في السلوك الديني، يتم مخضها..
    أما أصحاب القلوب الغليظة، فهم بعيدون عن الدين بقدر غلظة قلوبهم.. وهم يحتاجون إلى جهد جهيد في التربية الدينية، والرياضة الروحية، لتليين قلوبهم، حتى يدخلوا مداخل الدين.. وهم على كل حال، لا يدخلون هذه المداخل، إلا بالقدر الذي يوفقون فيه إلى تليين قلوبهم.. وهذه هي وظيفة القرآن..
    يقول تعالى: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ".. وهذا يعني أن من اهتدى بالعمل بالقرآن، إلى إلانة جلده وقلبه فهو مهتد، ومن لم يهتد إلى ذلك، فقد ضيع حياته، وليس له إليها من سبيل، إلا أن يهتدي لتحقيقٍ ملموس فيه.. يقول تعالى عن القلوب، على لسان سيدنا إبراهيم: "وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ* يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ".. والقلب السليم هو القلب السلام.. وهو سليم من الانقسام، ومن أمراض الغل والحقد والعداوات، وكل معوقات الحب.. ولذلك هو معمور بالحب _بالحياة.. وهو موطن الفطرة السليمة، بل هو هي!!
    المحبة هي الأصل، والأصل فيها هو محبة الله، وكل صور المحبة الأخرى تتبع.. فالمحبة هي جوهر التوحيد.. وقد نُقل عن السيد العبيد ود بدر، الصوفي السوداني قوله: "الما عندو محبة، ما عندو الحبة".. "ما عندو الحبة"، باللهجة السودانية، تعني: ما عنده شيء.. والمحبة في الإسلام، هي الأساس الذي ينبغي أن تكون عليه العلائق بين العبد وربه، يقول الأستاذ محمود: "فالمحبة، التي هي أصل دعائم المسيحية حتى لقد قالوا: "الله محبة" عندنا نحن بأوكد مما عندهم.. ولكننا نحن نركز على النهج الذي يحققها، منذ الوهلة الأولى، وذلك في الشريعة. وهذا النهج هو التوحيد".. ففي الإسلام، "علاقة العبد بربه يجب أن تكون علاقة المحب بالمحبوب، وهذه تورث الرضا، بكل ما يريده المحبوب.. ومن أجل هذا المقام من مقامات العبودية، شرعت الشرائع، وفرضت التكاليف، وسلك السالكون بظمأ النهار، وقيام الليل، وبترك الرغائب التي تتهافت عليها نفوس الجاهلين. ".. وعن معرفة سر القدر يقول الأستاذ محمود: "وحين تطلع النفس على سر القدر، وتستيقن أن الله خير محض، تسكن إليه، وترضى به، وتستسلم وتنقاد، فتتحرر عندئذ من الخوف، وتحقق السلام مع نفسها، ومع الأحياء والأشياء، وتنقي خاطرها من الشر، وتعصم لسانها من الهجر، وتقبض يدها عن الفتك، ثم هي لا تلبث أن تحرز وحدة ذاتها، فتصير خيرا محضا، تنشر حلاوة الشمائل في غير تكلف، كما يتضوع الشذا من الزهرة المعطار".. أرجو مراجعة الحديث عن المقربين.
    وللمزيد من توكيد مكانة القلب، نُذكّر بقول الله تعالى: "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ".. ويجب أن يكون واضحاً، أن المحبة ليست فقط للأهل والأقرباء، ومن يقع في دائرتهم، فهذه طبيعية وليست بها عبرة كبيرة، وإنما المحبة المقصودة هي لجميع خلق الله من الأحياء والأشياء.. وهذا هو الحب في الله.. فالله تعالى في إطلاقه، لا يُحب في فراغ.. وإنما هو يُحب في خلقه _جميع خلقه_ فخلقه هم تجسيد لإرادته.. وإرادته عند التناهي ليست غيره.
    ومن الناحية العملية، أساس المحبة، ومنطلقها، هو محبة الفرد لذاته.. وهذا لا يخلو منه أحد.. فكل فرد يحب ذاته، ويحب ما يعتقد أن فيه خير ذاته.. وهذه هي الأنانية التي تحدثنا عنها.. وقد ذكرنا أنها عندما تكون سفلى، تكون ضد الآخرين.. وعمل الدين هو أن ينقلنا من الأنانية السفلى، إلى الأنانية العليا، حيث حب الذات يشمل كل الوجود، وكل الموجودات!! وهذا ليس أمراً معلقاً، ولا هو أمر خاصة.. وإنما هو لكل الناس، ويبدأ من بدايات بسيطة، ثم يتطور نحو الغايات المطلوبة.
    الأمر المؤكد، أنه لا يمكن لإنسان، أن يحقق إنسانيته، وصدره منطوي على غل لأحد، مهما كان مستوى هذا الغل قليلاً.. ولذلك شرط (الأخوان) نزع الغل: "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ".. هذا في جنة المعاد، وفي جنة الدنيا!!
    المحبة مرتبطة برؤية الجمال.. والجمال أصل، والقبح فرع ومظهر.. وجود الجمال وجود حقيقة، ووجود القبح وجود اعتباري.. ففي الحقيقة الوجود كله جميل غاية الجمال.. وما رؤية القبح إلا نتاج التشويش الداخلي في نفوسنا.. وإزالة التشويش الداخلي، إنما تكون بالعمل بالقرآن، يقول الأستاذ محمود: "القرآن استخدم التنغيم الخارجي ليحدث به تنغيماً داخلياً في تضاريس النفس البشرية التي شوش عليها الخوف العنصري أمرها.."
    يقول الشاعر إدريس جماع:
    حاسر الرأس عند كل جمال * مستشف من كل شيء جمالا
    في الواقع هذه حالة العارف بالله.. يقول العارف بالله نجم الدين بن إسرائيل:
    وكيف يصبح عنها الطرف محتجباً
    وحسنها في جميع الخلق يلقاني
    إن غيبت ذاتها عني فلي بصر
    يرى محاسنها في كل إنســـــــــان
    مافي محبتها ضد أضيق به
    هي المدام وكل الخلق ندمـان
    ولقد تحدثنا عن ثمرة الحب، عندما تحدثنا عن الحديث القدسي "ما تقرب عبدي إلي ...".. وتحدثنا عن (الطريق) كمنهج عملي، مبسط للمحبة.
    ومن أجمل الجمال في الوجود الموسيقى.. في الواقع كل شيء في الوجود موسيقى، حتى أن الأستاذ محمود قال عن القرآن أنه "موسيقى علوية".. وينبغي أن نتذكر أن الإنصات للقرآن، أكبر وأعظم من الاستماع له!! ونستطيع أن نقول إن دولة الإنسان القادمة هي دولة (الموسيقى).. دولة الحب والجمال.. دولة الإسلام ـ دين الحب.. يقول الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي:
    أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه
    فالحب دينـي وأيمـانـي
    ودين الحب، هو دين الطاعة بلا معصية _دين الإسلام_ الإستسلام الراضي بالله.. فليس مع المحبة معصية يقول ابن المبارك:
    تعصى الإله وأنت تظهر حبه
    هذا لعمري في القياس شنيع
    لو كان حبك صادقاً لأطعته
    أن المحب لمن يحب مطيع
    المجتمع الكامل:
    نحن فقط نتحدث عن المجتمع الكامل، لاعتبارين: الاعتبار الأول هو الطبيعة الاجتماعية للإنسان، وهذه قد تحدثنا عنها.. والاعتبار الثاني هو أن الفرد الكامل هو نتاج المجتمع الكامل.. والمجتمع الكامل هو الذي يقوم على ثلاث مساويات: المساواة السياسية (الديمقراطية).. والمساواة الاقتصادية (الاشتراكية).. والمساواة الثالثة، هي نتيجة للمساويتين الأوليتين، وهي (العدالة الاجتماعية).. وللتفاصيل يمكن مراجعة كتاب (الرسالة الثانية من الإسلام).. وكتاب الإسلام (ديمقراطي اشتراكي).
    نحب أن ننبه في ختام هذا الفصل، إلى أمر أساسي جداً، هو وحدة المعاني والقيم، وتكاملهما.. فالإسلام، لأنه يقوم على التوحيد في كل شيء، فالمعاني والقيم فيه، جميعها تلتقي وتتكامل، ولا يمكن فصلها بعضها عن بعض، أو تناول، الواحدة منها بمعزل عن الأخريات.. ففي حياة الإنسان، التي نتحدث عنها، الحياة والفكر، شيء واحد، ولا اختلاف بينهما إلا في المقدار والدرجة.. وكذلك، الحرية والأخلاق، فهي جميعها متداخلة، ومتكاملة.. وكذلك الحال بالنسبة لتنظيم المجتمع.. فالاشتراكية والديمقراطية، وجهان لشيء واحد.. فالاشتراكية هي ديمقراطية الثروة، والديمقراطية هي اشتراكية السلطة، وكل منهما وسيلة للحرية في مجالها.. فلا يمكن أن تكون هنالك حرية في المجتمع إلا بهما معاً.. والحرية في المجتمع، وسيلة للحرية الفردية.. والاشتراكية والديمقراطية تقومان على حكم القانون، وأدناه القانون الدستوري.. والقانون والأخلاق، شيء واحد، الاختلاف بينهما في الدرجة فقط، والالزام والالتزام، ولا يمكن للقانون أن يقوم بفعالية دون الأخلاق.. ولذلك العلاقة بين الفرد والمجتمع علاقة تكامل وتآزر، فيها الفرد هو الغاية والمجتمع وسيلته.. ولذلك قلنا أن الفرد الكامل هو الأبن الشرعي للمجتمع الكامل.. والمجتمع الكامل، هو المجتمع الذي يكون سواد رجاله ونسائه من الأفراد الكُمّل.


    4/5/2019م























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de