الأنفاس المخطوفة.. زهور تأكلها النار بقلم ناصر البهدير

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 07:51 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-23-2018, 10:25 PM

ناصر البهدير
<aناصر البهدير
تاريخ التسجيل: 01-13-2014
مجموع المشاركات: 12

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأنفاس المخطوفة.. زهور تأكلها النار بقلم ناصر البهدير

    09:25 PM February, 23 2018

    سودانيز اون لاين
    ناصر البهدير -
    مكتبتى
    رابط مختصر



    عندما تجتاحك الرعشة لا مناص من الركض المتواصل في أودية فسيحة من الغواية والتي تشعر معها بأن الحياة تستحق أن تعاش كما مشت خطاها (خميلة) الجميلة ابنة (جماري عازر) تاجر الذرة البيضاء أو الذرة الرفيعة في أوان حكم الأتراك لبلاد السودان، بكل قوة وصبر وحب وأمل في ظروف قاهرة وأدت حلمها المنتظر.
    تلك حكاية مترفة العبارات والتفاصيل وأسماء الأمكنة والشخوص المربكة، تتوغل يقين في متاهات تاريخنا القديم بلطف ونعومة. ما كان لها أن تحيا الآن بين القراء لو لم تجد لها حكاءً بارع النسج مثل دكتور أمير تاج السر. هنا ليس في مورد المقارنة بينها وبين رواية (شوق الدرويش) للكاتب حمور زيادة أو على الأقل رواية (زرايب العبيد) لليبية نجوى شتوان، وجميعها تشترك في تناول التاريخ الاجتماعي للمجتمعات المنتهكة الإنسانية والتي أوردتها ظروف القهر والضعف وطمع الامبريالية والغزاة في مهالك ومهاوي تجارة الرقيق.
    أن يبدع كاتب في فضح مخبوء التاريخ أو ما لا نجرؤ على قوله في حديثنا اليومي للفكاك من الراهن المميت، هو بلا شك نجاح باهر نستلهم منه أو بالأحرى محاولة أن نقف على طريق واحد لا يفرقنا كثيرا... تلك الجرعات القاسية ولا تزال تفعل مفعولها في أوردة الإنسانية المركولة في غيابات التاريخ الأسود.
    وفي العادة يرتبط فعل الرق بالمشاريع السياسية والطائفية والحروب العبثية والقبلية وغيرها منذ أزل الحياة حتى يوم الناس هذا. بالطبع لن تروي ظمأ صحاري أصحاب المال مهما كانت الحياة رخية وسهلة المنال.
    ما كتبه المبدع أمير تاج السر هو رواية التاريخ الاجتماعي المزال عن قصد من صفحات المؤلفين، وحكايات الناس المنسية في أعماق رمال الواقع والتي لا تحدثنا عنها المرويات التاريخية بل نجدها قابعة في صدور الذين ارتحلوا أو الخائفون من سرد الحقيقة.
    رواية أمير تاج السر (زهور تأكلها النار)، دار الساقي 2016، دخلت القائمة القصيرة لجائزة "البوكر" للرواية العربية في دورتها الـ11 للعام الجاري 2018، ضمن ست روايات، في يوم الأربعاء (21 فبراير 2018)، ممثلًا كاتبها لبلادنا للمرة الثانية كما سبق له بشرف الفوز برواية (صائد اليرقات) في القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية 2011.
    حكاية بسيطة خاضتها الراوية (خميلة) ابنة القبطي جماري عازر والطليانية فاليري اسبرجان ماير، عبر رواية الضمير الأول، منذ أن تفتحت عيونها على مباهج الحياة وأدرانها في مدينة (السور) وهي ترنو إلى حبيبها ميخائيل رجائي حتى وجدت نفسها ضمن زهور أخرى من نساء المدينة أسيرات في بيت يعدهن للشبق المنسول من التراث الديني لشراهة وعتاة رجال الحرب الطغاة.
    وفي ذلك البيت المحروس بالخصيان، ذاقت مرارة الأسر القاسي ولعبة التبادل المؤسس للنساء بين أمراء الحرب. وفي وِجار الضَّبُعِ عاشت ورأت هول الفظائع التي جرت لها ولغيرها وتلك البعيدة في بطن البلد المختطفة من أنفاسها بعد الرخاء الذي عاشته كمدينة اقتصادية كبرى تسيدت حركة اقتصاد البلاد لفترة طويلة من السنوات ولا تزال الأبيض تمارس حراكها الاقتصادي كمدينة أولى بعد العاصمة الخرطوم.
    بمعاونة أحد الخصيان هربت خميلة المثقفة ودارسة علم الجمال وطاردة القبح، من بيوت الوجع والأذى حتى احتوتها رمال الصحراء بشغف وجنون غير مصدقة رغم ذلك تصر على أسمها (خميلة) بعيدًا عن اسم (النعناعة) كزهرة لم تحترق كما الأخريات.
    ومن وقائع التاريخ المعروف لن تغب عن الذهن مدينة (الأبيض) الواقعة في غرب السودان، والمرموز لها في العمل السردي باسم مدينة (السور). ولعل الكاتب قصد أن يمضي في حكايته الخيالية بعيدًا عن إطار الواقع جانحًا إلى الأسطرة والتخيل بدلًا عن الوقوع في فخ عروق التاريخ المحكي في بطون الكتب المنتشرة عن ثورة المهدي المنتظر.
    ونرى هنا رمزيات رواية (شوق الدرويش) في كل تمثلات شخصياتها مثل بخيت منديل وثيودورا ومريسيلة تثري الحكاية بالغموض السحري وتتقاطع مع شخوص رواية زهور تأكلها النار.
    فالخصي العبد (غازي – لولو) رغم أنه ليس بعاشق هنا، فقط غامر وخاطر بحياته ونجح في طرد شبح الموت عن جسد (خميلة) بينما في رواية شوق الدرويش اكتفى المسترق (منديل) برد شرفه بالسيف حين غرسه في أعناق كل من خان وتسبب في مقتل ثيودورا حبيبته. وكان ما يجمع بينهما الحب الإنساني المطلق في كل أحواله وبمعناه الواسع دون قيود.
    تتفرع الحكاية بين المحكي والمسكوت عنه في تاريخنا من الناحية الاجتماعية دون التطرق إلى المعارك العسكرية وأحوال السياسة وأخبار المعارك، فهي لم تخبرنا حقيقة عن المنتصر والمهزوم وروح الشر والخير وأيهما تكمن فيه بكثرة عن الأخرى. من الواضح ذلك شأن لا يخص السردية الماتعة.
    وعرضت الرواية جانبًا قليلًا عن الصراع الاجتماعي بين الثقافة المسيحية والبوذية واليهودية والثقافة الإسلامية بشكل عام دون تفصيل، في ظل الكيفية التي جاءت بها رواية المهدي المنتظر ونشوزها في المهد قبل أن تمسك بتلابيب البلاد وتدحر المشروع العثماني الذي نخرته في الأصل بريطانيا بلعبتها صاحبة مشاريع المال واستنزاف موارد الشعوب.
    واكتفت الرواية بالإشارات البسيطة وغير المعمقة بالتفاصيل والتداعي في السرد باعتبار ذلك سيضع النص في تأويل التاريخ وتحريفات القول والأحداث وموجهاتها الصلبة والمقيدة بنمطية معينة لا تصلح للحكاية الحية.
    من الممكن أن تقرأ الرواية في حاضرنا وتحاكمه بمعطياته. ويمكن اسقاطها على واقع اليوم، وذلك عمل لا يحتاج إلى كثير ذكاء، فقط من خلال النظر إلى حيثيات الراهن المعاصر. كما فعله المهدي المنتظر أو اتباعه، فعلته العصبة الإنقاذية في الفترة الترابية الماثلة الآن، ولا تزال تنشب أظافرها بكل قوة وقسوة في جسد البلد... حين أقام المهدي حفلات زرائب الرقيق، نظمت سلطة الإسلام السياسي حفلات الترويع والتنكيل والتعذيب والإغتيال للعديد من معارضيها ولا تزال سافرة في غيها بوحشية في هذا الطريق الذي نأمل أن تطويه الأيام وتزيل منه الكرب الذي ألم ببلادنا الطيبة.
    كلنا نعلم بأن تاريخنا الاجتماعي ماثل للعيان ومن السهولة بمكان قراءة تجربة الإنقاذ وتداعياتها المريرة على المجتمع بكلياته.
    قد تثير الرواية حنق الجماعات التي تنتمي لتيار الدولة الدينية خاصة المهدوية منها وهي معركة من غير معترك طالما هي محاكمة خيال طليق حر وتصورات مختلقة أراد كاتبها أن تنطلق من ناصية الأدب لا غير. بالطبع ليست موازاة للتاريخ ولا قراءة ولا إعادة له مهما يكن.
    الرواية حبلى بالكثير من الحكايات الممتعة والسرد الرصين في خط زمني واحد متصل لم تحد عنه حتى نهاياتها السحرية الباذخة.
    رواية لا تنتهي في الحقيقة ستظل تجد نفسك متربصا بها في شوق لنهايات جديدة وانت تراوح بين الماضي والمستقبل بأمل لتمضي نحو أفق ممدد في نواح الرمل الشاسعة التي انسربت فيها (خميلة)، إلى أن ولجت بكل محمول دينها المسيحي السابق، والإسلامي اللاحق، وثقافتها الهجين وذكرياتها وألمها واندثار المكان الذي أحبته وعشقته وتماهت فيه مع أهله وعشيرتها.
    كل التمنيات والتوفيق لكاتب الرواية فوزًا مستحقًا في الحصاد الذي سيعلن عن اسم الفائز بجائزة "البوكر" العربية، يوم 24 أبريل/ نيسان المقبل، في احتفال بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، عشية افتتاح معرض "أبو ظبي الدولي للكتاب". ولن ننسى أن نقول (الجنا خال). حيث يسير الكاتب أمير تاج السر على خطى خاله عميد الرواية السودانية، الأديب الطيب صالح.


























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de