هؤلاء نفر من أبناء السودان كانوا ومازالوا يبتعدون عن خيام الانتماء والولاء لجهة من الجهات .. ولم يتواجدوا يوماُ في تلك الخيام للأحزاب والأطراف والجماعات .. فهؤلاء لم يتواجدوا يوماُ في خيام الأنصار أو الختمية أو الوطن الاتحادي أو الاتحاد الديمقراطي .. كما أنهم لم يتواجدوا يوماُ في خيام جبهة الميثاق الإسلامي أو في خيام تلك المسميات الإسلامية بفروعها التي تناسخت وتلاحقت مع مرور الأزمان .. وبنفس القدر فهؤلاء الأبناء المستقلين لم يتواجدوا يوماُ في خيام أصحاب التوجهات اليسارية الدخيلة على البلاد ،، مثل التوجهات الشيوعية والعلمانية والبعثية والناصرية وغيرها من التوجهات .. وكذلك لم يتواجدوا يوماُ في خيام هؤلاء أصحاب البدع وأصحاب العقائد المرتدة .. ومن البديهي أنهم لم يتواجد يوماُ في خيام هؤلاء دعاة الانفصال ،، ولا في خيام هؤلاء الناقمين بحجج العنصرية البغيضة ! .. وتلك الوقفة المستقلة كانت تجلب عليهم نوعاُ من عدم الرضا من تلك الأحزاب والأطراف والجهات .. وهي تلك الوقفة المستقلة الغير منحازة والتي لم تكن سهلة على هؤلاء الأبناء الأبرار في يوم من الأيام .. بل كانوا دائماُ يواجهون بذلك الامتعاض والرفض من بعض الأطراف والأحزاب والجماعات .. وفي مراحل أخرى كانوا يواجهون بالنعوت الجارحة .. حيث كانوا ينعتون لدى أتباع الأنصار والختمية ( بالمنكرين ) .. فإذا لقوهم كانوا يرددون عبارة : ( يا منكرين فويلكم !! ) .. وحيث كانوا ينعتون لدى أحزاب كثيرة ولدى الجماعات المتطرفة ( بالمتخاذلين ) .. وحيث كانوا ينعتون لدى جماعات اليسار ( بالرجعية ) .. ورغم تلك النعوت المتعددة التي كانت تلاحقهم فإن تلك الفئة المستقلة من أبناء السودان قد ناضلت بجدية في الخفاء ,, وفي غفلة تلك الأطراف الحزبية التي تكاسلت كثيراُ عن اجتذاب الأتباع والأعضاء !.. وكانت تلك الفئة المستقلة من الأبناء تجتهد كثيراُ في تنوير الأجيال تلو الأجيال .. حتى تمكنت أخيراُ من تحقيق أهدافها تلك النبيلة .. واليوم بفضل الله تعالى فإن تلك الأجيال السودانية الجديدة قد أصبحت مستقلة في قراراتها .. لا توالي ولا تجاري ولا تعادي بطريقة أعمى طوال الحياة كما كان يحدث في الماضي من الأجيال القديمة بعد الاستقلال .. فهي تلك الأجيال الجديدة المستقلة الذكية اللبيبة التي تبحث عن ذلك السودان المفقود منذ سنوات وسنوات .. تبحث بجدية تامة عن تلك الإيجابيات التي تتقدم بالبلاد نحو الأمام .
هؤلاء ( المستقلين ) من أبناء السودان كانوا ومازالوا يمثلون تلك المنارة الصغيرة التي تجادل بأضوائها الخاطفة في بحار من الظلمات .. وهي تلك الفئة الباسلة المجهولة التي قد كافحت وناضلت طوال السنوات ما بعد الاستقلال حتى تمكنت أخيراُ من إيجاد أجيال جديدة متمردة مستقلة لا تؤمن بالانتماءات والولاءات المتشددة والمتطرفة لجهة من الجهات .. وقد استطاعت بطريقة ذكية وماهرة أن تمحو من ذاكرة الأجيال الجديدة تلك الصفات التي كانت سائدة في أجيال الأمس بعد الاستقلال مباشرة .. أما أجيال اليوم من الشباب السوداني فهي أجيال قد تمردت وخرجت عن ذلك المألوف الذي كان سائدا! ( حيث الطاعة العمياء للجهات والأطراف في السراء والضراء ) .. ولكن رغم كل ذلك فمع الأسف الشديد نلاحظ أن كفة المعادلة مازالت ترجح ثقل تلك الأجيال القديمة التي مازالت توالي وتساند وتعاضد الأحزاب والأطراف والجهات في السراء والضراء !.. والعزاء الوحيد الذي يبشر هو أن تلك الشرائح القديمة تتناقص مع مرور السنوات .. وسوف تأتي على السودان لحظات تنعكس فيها الآية بذلك القدر الكبير .. وحينها سوف تؤكد الأحوال بأن أبناء السودان قد بلغوا مرحلة النضوج والكمال .. ومن يملك العمر ويعايش تلك الفترة فسوف يذكر أفضال هؤلاء الأبناء المستقلين .. وهنيئاُ لتلك الأجيال القادمة التي سوف تحصد ثمار الاجتهاد لهؤلاء الأبناء الأبطال الأفذاذ .. والذين قد لا يتواجدون في الحياة عندما تتحقق تلك الأحلام .. حيث لن يتواجدوا عندما تستحق ثمار الكفاح والنضال الطويل للقطاف .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست