الشاهد علي عصر الانقاذي ان استمرار نظامهم لثلاث عقود كان بسبب الفتن التي صنعوها ابتداء من العنصرية المميتة بين ابناء النيل وأولاد الغرب باستدعاء الماضي الملئ بالصراعات العرقية مما تمكنوا من تحيد معظم ابناء النيل في الصراع الدائر بين السلطة واهل دارفور وبل منهم من وقف بجانب النظام ليس حبًا بل تحسبا لما يمكن ان تسفر في حالة انتصار اهل دارفور بناء علي الصورة القاتمة التي رسمها النخب الحاكمة لهذا الغرض. ولم يكتف النظام بذلك وبل وسع الدائرة لتشمل العرب في غرب البلاد في مواجهه ما تسميه العنصر الأفريقي او الزرقة كما قال :عندما صور الاحتجاجات المطلبية بانها استهداف للعرب في السودان وحاول بالاستمرار تذكيرهم بما حدث في زنجبار والطليطلة والغرناطة ليدغدغ مشاعر العرب البسطاء في دارفور ليكونوا طرفا في الصراع وبل بات بعضهم دروعًا للإنقاذ سنينا عددا مما مكنه من البقاء كل هذه المدة. ولما كان في العلم ان النظام ليس في مقدوره الاستمرار لولا هذه الفتن ولذلك من الطبيعي ان اول مايفكر هؤلاء الأشرار هي المداخل للفتن وهم يملكون أدواتها ويعرفون مداخلها لما توفرت لديهم الداراسات الكافية لأنواع الفتن ومتي واين تصلح كل منها. لقد بداوها في الشرق العزيز ومازالت ماثلة أمامنا. مآلاتها والدم المسفوك لم يجف بعد .وانتقلوا بالشر ثانيا الي دارفور كما شاهدنا قبل ثلاث أسابيع البيانات التي تتوالي علي مسمعنا بان هناك جماعة من الزغاوة قتلوا ابناء العرب وهم يتوعدون بالانتقام والويل والثبور وعظائم الأمور وبتدخل العقلاء وسافر الجنرال حميدتي بنفسه الي الجنينة للحيلولة دون الصدام ونجح في ذلك وتم فتح تحقيقا جادا تبين بان الذين قتلوا العرب كان من العرب انفسهم وتأكد بانهم كانوا في ظل التحريض ونحن لا نريد السير في العمق في القضايا التي مازالت تحت التحقيق .ولكن كان واضحا فيها بصمات لرجال عهد البائد تم تكليفهم لصناعة الفتنة ليكون مدخلا لحلمهم الدموي. والان نشاهد في الجنينة وبالتكرار في مناطق مختلفة من دارفور تم إخلال بالأمن من قوات الدعم السريع او يعتقد انهم من الدعم السريع وفي كل الأحوال فان قائد هذه القوات الذي أعلن نفسه بانه بات رجلا للسلام ووضع خطا فاصلا بين العهدين .وان يعمل لتحقيق السلام الذي يرفضه الكثير .ولذلك ليس من المحتل ان يأمر قواته في الاقليم ليقوموا بإخلال الامن ،في الوقت الذي يرابط نفسه في جوبا ولا يريد ان يغادرها الا ومعه السلام ،الذي يتردد الكثير في دفع تكاليفه . نعم ان تورط بعض هذه القوات صحيحًا ولكن ينبغي الفهم بانهم خارج السيطرة والمطلوب التعامل معهم بالحزم وحتي ذلك الوقت علي اهل دارفور ان يتريثوا وان لا يستعجلوا في كيل الاتهامات لكل المنظومة وقائدها فان طبيعة بناء هذه القوات يصلح عبرها مداخل كثيرة للفتنة .لان بعضا منهم رجال امن النظام السابق تم زراعتهم لتحريك الفتنة متي ما خمدت وبعض قادتها يدينون بالولاء للنظام السابق ،وبعضا منهم يعملون لحساب الشيخ المحبوس موسي هلال ،وبعض منهم من الجهل قد لا يعلمون طبيعة التغيير الذي حدث لمنظومة الدعم السريع بعد الثورة وبعضا منهم تدفعهم المحرك القبلي الذي بناه النظام السابق .حتي هذا الوقت لا اعتقد كان زمنًا كافيًا لإجراء الترتيبات الضرورية و القيام بالفرز وإخضاعهم لمهمة السلام . ولذلك المطلوب علي اهل دارفور ليس وقف الحوار وبل استعجاله لان الاقليم مازال يعيش بكامله تحت سلطة النظام السابق بمن فيهم الحكام، ولذلك ان اهل الانقاذ لا يحتاجون الي صناعة الفتنة لانها موجودة أصلا بوجودهم وفي استطاعتهم تحريكها متي واينما ارادوا. ولذلك علينا جميعًا ان نعمل مع السلطة القحت لسد كل تلك الثغرات لتجنب الصراعات الدموية بين القبائل وهو الامر الذي لا يمكن لشخص ان يتحمل المسؤلية الا راس السلطة الحاكمة في الاقليم ومن بعدها الحكومة برمتها. فان اقليم دارفور في حاجة الي إجراءات استثنائية لاستئصال شأفة الانقاذ من جذورها والي الأبد من دون المجاملة لكونهم تورطوا في الابادة بشكل مباشر كل من موقع عمله والا حلم الانقاذين سيظل معلقا من الأرضية الهشة والنسيج الاجتماعي الذي هتكوه . نعم ان هناك جهات كثيرة من بينهم بعض حكام اليوم لا يعجبهم التناغم والأصوات التصالحية بين منظومة الدعم السريع وكل المكونات الدارفورية .ولذلك علي الجميع العمل علي تفويت الفرصة لاننا نحن كاهل دارفور قدرنا ان نعيش معًا لكوننا مرتبطين بالجغرافيا والتاريخ والمصالح الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية ولا خيار أمامنا سوي التصالح وينبغي ان يكون ذلك هو الهدف الاستراتيجي نسعي له جميعنا . وهو الذي ينهي كل المخاوف ويطوي الصفحة الانقاذية الدموية. ويفترض العلم ايضا ان بلوغ هذا الهدف أمامه تحديات كبيرة بعضها غير مرئية ولا محسوسة وبعضها تتحور في شكل كلمة الحق يراد بها الباطل ولذلك علينا ان نقدم الدعم الكافي لقادة الدعم للسيطرة الكاملة بتنقية صفوفهم ،الي ان نصل جميعًا الي بناء جيش موحد تحت سيطرة القيادة القومية في إطار دولة التي نحلم بيها . نعم ان التعبير عن الغضب امر مبرر ولكن علينا ان ندرك ان امن الإقليم لا احدا يهمه سوانا ولذلك يجب علينا جميعًا العمل من اجله ولا يفترض رفض تعين الحكام الجدد او من ينوب عنهم علي الاقل في اسرع فرصة ممكنة ولو بشكل استثنائي اذا تاخرت عملية السلام، لان بقاء رجال الانقاذ يوما يبعدنا من السلام عاما . والذي اهم من ذلك كله واجب التفاهم مع قادة الدعم السريع لتجنب الإنفلات والإفلات من العقاب والعمل معهم في اعادة صياغة هذه القوات لتكون تحت سيطرة حكومة الاقليم الي ان يتم البت في امرهم فيما عدا ذلك ان الخيارات الاخري اكثر سوءا للاقليم اذا تقرر تسريح مثلًا من المحال ان ينعم الاقليم بالسلام فالأفضل منه العمل علي السيطرة الكاملة والاستفادة منها لدعم الامن والسلام . وحتي ذلك الوقت نعزي اسر الضحايا ونسال الله ان يتقبلهم قبولًا حسنًا و لأسرهم الصبر وحسن العزاء وان يعمل الجميع للكشف الدوافع الحقيقية وراء هذه الجريمة النكراء حتي ينال الذين ارتكبوا هذه المجزرة العقاب المستحق ليكون عظة وعبرة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة