اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 بقلم الدكتور محمود أبكر دقدق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 00:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-03-2016, 04:59 PM

محمود ابكر دقدق
<aمحمود ابكر دقدق
تاريخ التسجيل: 03-06-2016
مجموع المشاركات: 57

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 بقلم الدكتور محمود أبكر دقدق

    03:59 PM April, 03 2016

    سودانيز اون لاين
    محمود ابكر دقدق-الدوحه
    مكتبتى
    رابط مختصر



    اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة ــ بموجب قرارها 58/4 المؤرَّخ 31 أكتوبر 2003 ــ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ونُشِرَتْ على الملأ، وفُتِحَتْ للتوقيع والتصديق والانضمام، وَدَخَلَتْ حيز النفاذ في ١٤/ ديسمبر ٢٠٠٥
    الدكتور محمود أبكر دقدق
    استشاري قانوني / وباحث
    مقدمة
    تبرز بدرجة متعاظمة أهمية الكتابة حول موضوع الفساد نظرًا لدرجة اتساعه وشموليته، لاجل ذلك رأيت الكتابة في هذا المجال بصفتي الشخصية بعيداً عن مهام عملي. فالكل يعلم أن الفساد بات اليوم يمس الاقتصاديات المتقدمة والنامية على حدٍّ سواء، ويترتب على الفساد ضررٌ بالغٌ بالمال العام مما ينعكس سلبًا على التنمية الاقتصادية، ويؤدي إلى انخفاض مستوى الدخل وتفاوته بين الطبقات المختلفة()، ويؤدي الفساد إلى ارتفاع معدلات البطالة وغياب العدالة الاجتماعية، علاوة على تركيز الثروة في أيدي فئة قليلة تُجيد استغلال الأنشطة التي لا تتسم بالشفافية. وقد توصلت الأمم والشعوب إلى ضرورة مكافحة الفساد؛ وذلك بتضافر جميع الجهود الرسمية وغير الرسمية لمنعه واجتثاثه، وقد شهدت السنوات القليلة الماضية اعترافًا متناميًا بمشكلة الفساد من قِبل الباحثين وصانعي السياسات على حدٍّ سواء، وتأسست العديد من الهيئات الوطنية والدولية لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، باعتبارها المصدر الرئيس لإخفاق جهود التنمية المستدامة، وتكريس الفاقة والفقر والحرمان، وإعاقة عجلة التنمية الاقتصادية والاستثمار، وضياع ثروات الشعوب، وإضعاف حكم القانون وتعطيله.
    وتُعدُّ ظاهرة الفساد الإداري والمالي بصفة خاصة ظاهرة عالمية شديدة الانتشار وذات أبعاد عميقة، آخذة في النمو في بيئة آسنة تنمو وتزداد ضراوة، حيث "يزدهر الفساد، مثل الجرائم الأخرى، في الظروف التي تتيح الفرص المناسبة لممارسة سلوك غير مشروع، ودوافع واسعة لاستغلال تلك الفرص، وضعف الضوابط الاجتماعية. والوقاية من الفساد تكون أكثر فعالية في البيئات التي تحدّ من تلك الفرص إلى أدنى حد، وتشجّع على النزاهة، وتأخذ الشفافية في الاعتبار"().
    تعريف الفساد
    يقول المولى ـــ عز وجل ـــ: " وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"؛ أي ولا تطلب «الفساد في الأرض» بعمل المعاصي «إن الله لا يحب المفسدين» بمعنى أنه يعاقبهم(). ويقول جل شأنه: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"()، وتشير الآية هنا إلى ظهور الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس؛ مؤكدة عقاب الله تعالى للمفسدين في الأرض لعلهم يرجعون عن فسادهم، وهذا يفسر حقيقة أن الفساد قديم قدم التاريخ وهو أمر ظل ملازم للبشرية من الأزل، وأن للمسلمين ريادة في الأمر.
    الفساد في معاجم اللغة هو من (فسد) ضد صَلُحَ (والفساد) لغة البطلان، فيُقال فسد الشيء؛ أي بطُلَ واضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه. التعريف العام لمفهوم الفساد عربيًّا بأنه اللهو واللعب أو أخذ المال ظلمًا من دون وجه حق، والفساد هو ضد الجد القائم على فعل الائتمان على ما هو تحت اليد، والقدرة على التصرف السليم. والفساد اصطلاحًا له معانٍ متعددة يصعب حصرها في هذا المقام، إلا أن المعنى الأقرب لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هو انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة أو استغلال النفوذ أو إساءة استخدام السلطة. والتعاريف التي قدمتها المؤسسات الدولية لمصطلح الفساد متباينة، وخاصة تلك التي أوردتها الهيئات التي تحمل صفة اقتصادية وسياسية كالبنك الدولي مثلًا؛ حيث يُعرِّف الفساد على أنه استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص الشخصي غير المشروع ليس له أي أساس قانوني.
    اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003
    لما كان الكل مُجمِع على مكافحة الفساد، فإن السؤالَ الذي يَطرح نفسه هو كيف يمكن القيام بذلك؟ وما هي أنجع السبل وأكثر الأدوات فاعلية لمكافحة الفساد ومنعه؟ وتأتي الإجابة بأن القانون هو أكثر الأدوات فاعلية، سواء كان هذا القانون على المستوى الدولي في شكل اتفاقيات دولية أم إقليمية، أم كان هذا على المستوى المحلي داخل كل دولة، وذلك عن طريق تفعيل هذا القانون وتفعيل المؤسسات المعنية التي يُنشئها ذلك القانون. وهنا تبرز أهمية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 على أنها الاتفاقية الملزمة قانونًا والأكثر صلة بأعمال التصدي للفساد ومنعه، وعلى أنها حجر الأساس العالمي لمكافحة الفساد ومنعه في شتى أرجاء العالم؛ فضلًا عن أن نهج مكافحة الفساد الشامل والطابع الإلزامي لكثير من أحكامه أعطى دليلًا على تطور وأهمية هذه الاتفاقية.
    على الرغم من وجود اتفاقيات مكافحة فساد رئيسة أخرى مثل اتفاقية البلدان الأمريكية لمكافحة الفساد، واتفاقية منظمة التعاون والتنمية لمكافحة الرشوة، واتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع الفساد ومحاربته ولكنها تقتصر على، إما مناطق معينة من العالم أو مظاهر معينة من الفساد، أمَّا اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فإنها تتعامل مع أشكال الفساد التي لم يتم تغطيتها من قِبل العديد من الصكوك الدولية السابقة مثل الاتجار بالنفوذ وإساءة استعمال الوظيفة وأنواع مختلفة من الفساد في القطاع الخاص. ومن التطورات المُهمَّة التي لحقت بهذه الاتفاقية هو إدراج فصل خاص بالتعامل مع استعادة الأصول المسروقة، والذي يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة للبلدان التي تسعى إلى استعادة أصول القادة السابقين وغيرهم.

    خلفية تاريخية
    استضافت حكومة الأرجنتين الاجتماع التحضيري غير الرسمي للجنة المخصصة للتفاوض بشأن اتفاقية مكافحة الفساد في بوينس أيرس في المُدَّة من 4 إلى 7 ديسمبر 2001، ووفقًا للقرار 56/260 المؤرخ 31 يناير 2002 عبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء خطورة المشاكل الناشئة عن الفساد، التي تهدد استقرار المجتمعات وأمنها وتقوض القيم الديمقراطية والأخلاقية وتعرض التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للخطر. ومن ثَم قررت أن تقوم اللجنة المخصصة للتفاوض بشأن اتفاقية لمكافحة الفساد التي أُنشئت بالقرار 55/61 بالتفاوض بشأن اتفاقية واسعة النطاق وفعالة ويُشار إليها باسم «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد» رهنًا بقيام اللجنة المخصصة بتحديد عنوانها النهائي.
    اعتمدت الجمعية العامة الاتفاقية بالقرار 58/4 المؤرخ 31 أكتوبر 2003 وقررت تسمية يوم 9 ديسمبر يومًا دوليًا لمكافحة الفساد من أجل إذكاء الوعي بمشكلة الفساد وبدور الاتفاقية في مكافحته ومنعه. وقد عُقدت مراسم التوقيع على الاتفاقية في مؤتمر سياسي رفيع المستوى في ميريدا بالمكسيك في المدة من 9 إلى 11 ديسمبر 2003. ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ في 14 ديسمبر 2005 وحتى 7 مايو 2014، وبلغ عدد أطرافها 171 دولة عضوًا في الأمم المتحدة؛ بالإضافة لجزر كوك وفلسطين والاتحاد الأوروبي.
    الجهود التي سبقت الاتفاقية
    وإن كانت الاتفاقية هي الأولى على نطاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد؛ فإنها وضعت في الاعتبار الجهود التي سبقت هذه الاتفاقية على المستوى الإقليمي، حيث بذلت العديد من المنظمات الإقليمية جهودًا مُقدَّرة بشأن مكافحة الفساد؛ حيث نجد اتفاقية البلدان الأمريكية لمكافحة الفساد، التي اعتمدتها منظمة الدول الأمريكية في 29 مارس 1996، واتفاقية مكافحة الفساد بين موظفي الجماعات الأوروبية أو موظفي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي اعتمدها مجلس الاتحاد الأوروبي في 26 مايو 1997، واتفاقية مكافحة رشوة الموظفين العموميين الأجانب في المعاملات التجارية الدولية، التي اعتمدتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في 21 نوفمبر 1997، واتفاقية القانون الجنائي بشأن الفساد، التي اعتمدتها اللجنة الوزارية لمجلس أوروبا في 27 يناير ١٩٩٩، واتفاقية القانون المدني بشأن الفساد، التي اعتمدتها اللجنة الوزارية لمجلس أوروبا في 4 نوفمبر 1999، واتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع الفساد ومحاربته، التي اعتمدها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي في 12 يوليو 2003، والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010.
    اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 منظومة قانونية نوعية
    اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد UNITED NATIONS CONVENTION AGAINST CORRUPTION هي المنظومة القانونية الأولى على المستوى الدولي لمنع الفساد والقضاء عليه عن طريق وضع المسؤولية على عاتق جميع الدول عبر التعاون فيما بينها، مع دعم وتفعيل مشاركة الأفراد والجماعات خارج نطاق القطاع العام، كالمنظمات غير الحكومية. وتظلّ ظاهرة الفساد ظاهرة معقدة تُؤثر سلبًا على البلدان في النواحي كافة، عابرة بذلك الحدود الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وعليه فإن محاربة الفساد بصوره كافة، كالرشوة أو الاختلاس أو الابتزاز أو استغلال النفوذ أو المحاباة أو غيرها لا يزال يُمثّل أولوية للأمم المتحدة والدول الأعضاء في الاتفاقية؛ لأجل ذلك تبنت الدول الاتفاقية بعدد مقدر أملًا في أن تمهد الاتفاقية الطريق لمكافحة آفة العصر الحديث؛ ألا وهو الفساد، وتوحد جهود العالم لاستئصال شأفة الفساد المتجذر في أعماق الأمم والشعوب.
    دخول الاتفاقية حيز النفاذ
    تُعد الاتفاقية الأكثر شمولًا وقوة في مكافحة الفساد على مستوى العالم. وجاء ميلادها عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية مكافحة الفساد عام 2003، ودخلت حيز التنفيذ عام 2005 وانضمت إليها 171 دولة، من بينها دولة قطر والتي صادقت على الاتفاقية بتاريخ 19/04/2007، وَنُشِرَتْ المصادقة في الجريدة الرسمية القطرية بتاريخ 17/06/2007. ومن أغراض الاتفاقية تعزيز التدابير الرامية لمنع الفساد ومكافحته في القطاعين العام والخاص، وتفعيل التعاون الدولي بما في ذلك مجال استرداد الموجودات. وتُلزم الاتفاقية الدول الأطراف فيها بتنفيذ مجموعة واسعة ومفصلة من تدابير مكافحة الفساد عبر قوانين ومؤسسات وممارسات وطنية، وأيضا عبر التعاون الدولي بين الدول الأطراف.
    البناء الهيكلي والقانوني للاتفاقية
    تتكون اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 من إحدى وسبعين مادة، مقسمة إلى ثمانية فصول، تسبقها ديباجة شاملة تشرح باستفاضة مدى الحاجة الماسة لاعتماد هذه الاتفاقية، ومدى القلق الذي ينتاب المجتمع الدولي من خطورة تداعيات الفساد على التنمية المستدامة، وعلى المؤسسات الديمقراطية وقيم العدالة والأخلاق التي يجب أن تسود جميع المجتمعات دون أدنى تمييز، ولعله من المفيد حقًّا أن نتناول محتويات هذه الاتفاقية بشيء من التفصيل، على أن نبدأ بالديباجة التي تبين وتشرح الحكمة من وراء تبني هذه الاتفاقية واعتمادها.
    أولًا: الديباجة
    تتكون ديباجة الاتفاقية من خمس عشرة فقرة حسب صياغة النص الأصلي للاتفاقية؛ حيث تعكس كل فقرة مدى الحاجة الماسة وعزم الدول لإيجاد صيغة قانونية لمكافحة الفساد، وتجسدت هذه الحاجة المشوبة بالقلق في مستهل هذه الديباجة حيث جاء فيها: "إذ تقلقها خطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وأمنها، مما يقوض مؤسسات الديمقراطية وقيمها والقيم الأخلاقية والعدالة، ويعرض التنمية المستدامة وسيادة القانون للخطر، وإذ تقلقها أيضا الصلات القائمة بين الفساد وسائر أشكال الجريمة، وخصوصا الجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية، بما فيها غسل الأموال، مع العلم أن غسل الأموال يُعدُّ بمثابة المحطة النهائية للأموال التي يتم الحصول عليها جرَّاء الأنشطة الإجرامية المرتبطة بالفساد"()، ثم تناولت الديباجة حجم الفساد مقارنة مع موارد الدول: "وإذ تقلقها كذلك حالات الفساد التي تتعلق بمقادير هائلة من الموجودات، يمكن أن تمثل نسبة كبيرة من موارد الدول، والتي تهدد الاستقرار السياسي والتنمية المستدامة لتلك الدول، واقتناعًا منها بأن الفساد لم يعد شأنًا محليًّا بل هو ظاهرة عبر وطنية تمس كل المجتمعات والاقتصاديات، مما يجعل التعاون الدولي على منعه ومكافحته أمرًا ضروريا"().
    إن القراءة المتأنية للجزء أعلاه من الديباجة تجعل المرء يدرك ــــ ليس فقط أهمية هذه الاتفاقية على حياة الشعوب كافة ـــ خطورة الفساد وتغلغله في جميع المجتمعات وتأثيره البالغ على جميع أوجه الحياة بتنوعها ومستوياتها، ويدرك المرء كذلك أن مكافحة الفساد مسؤولية جميع الدول الأطراف في الاتفاقية وحتى تلك التي خارج إطار الاتفاقية، وبعبارات أخرى إنها مسؤولية المجتمع الدولي بأسره؛ لأجل ذلك حملت الديباجة التأكيد على عزم الدول الأطراف؛ حيث جاء فيها: "وإذ عقدت العزم على أن تمنع وتكشف وتردع، على نحو أنجع، الإحالات الدولية للموجودات المكتسبة بصورة غير مشروعة، وأن تعزز التعاون الدولي في مجال استرداد الموجودات، وإذ تسلم بالمبادئ الأساسية لمراعاة الأصول القانونية في الإجراءات الجنائية وفي الإجراءات المدنية أو الإدارية للفصل في حقوق الملكية"().
    ثانيًا: محتوى الاتفاقية وتقسيماتها
    تنقسم الاتفاقية إلى ثمانية فصول؛ لتغطي الأهداف التي تسعى إليها، وهي فصول متباينة من حيث الموضوعات التي تتناولها إلا أنها تكمل بعضها البعض لتشكل سلسلة من التدابير والالتزامات القانونية التي تقع على عاتق الدول الأعضاء في الاتفاقية، وسوف نتناول هذه الفصول الثمانية فصلا بعد آخر، مع بيان مقتضب لما تحويه من أحكام وفق ما يلي:
    ثالثًا: الأحكام العامة للاتفاقية
    يتناول الفصل الأول منها بيان الأحكام العامة، ويتكون الفصل من أربعِ مواد تشمل أغراض الاتفاقية والمتمثلة في دعم وترويج التدابير الكفيلة بمنع ومكافحة الفساد، وذلك عن طريق الدعم والتعاون الدولي والمساعدة التقنية بما فيها استرداد الموجودات، وتعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للشؤون العمومية، كما يتناول هذا الفصل تعريفًا للمصطلحات المستخدمة لأغراض الاتفاقية، والتأكيد على أحد أهم المبادئ التي تثير مخاوف الدول عند الانضمام لأي اتفاقية، ألا وهو مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ومبدأ السيادة وسلامة أراضي الدول، ومبدأ المساواة بين الدول().
    رابعًا: التدابير الوقائية، سياسات وممارسات مكافحة الفساد
    يتناول الفصل الثاني من الاتفاقية، والذي يتكون من عشر مواد شاملة التدابير الوقائية التي يتعين على الدولة العضو في الاتفاقية أن تقوم بها، وذلك بوضع وتنفيذ سياسات فعالة لمكافحة الفساد، وأن تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ سيادة القانون، وأن تُحسن إدارة الشؤون والممتلكات العامة، وأن تضمن النزاهة والشفافية والمساءلة؛ فضلا عن مراجعة التشريعات والآليات والتدابير للتأكد من أنها ملائمة وكافية لمنع الفساد ومكافحته، وأن تتعاون الدول فيما بينها من ناحية، وفيما بينها وبين المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة من ناحية أخرى؛ بهدف تعزيز وتطوير التدابير والآليات المشار إليها. وتشمل هذه التدابير العديد من الإجراءات نوجزها فيما يلي:
    أ‌- هيئة وطنية رقابية
    تتناول المادة السادسة من الاتفاقية الآلية الوطنية لمكافحة الفساد والتي أشارت إليها باسم (هيئة أو هيئات حكومية لمكافحة الفساد الوقائية)، وتهدف هذه الآلية الوطنية إلى تنفيذ سياسات الدولة المعنية لمنع الفساد ومكافحته، ولاشك أن إنشاء الآلية الوطنية يبرهن على مدى جدية الدولة الطرف والتزامها بمكافحة الفساد. وتشترط المادة (٦) فقرة (٢) أن تقوم الدولة الطرف ـــ وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني ـــ بمنح الهيئة أو الهيئات المستقلة المشار إليها ما يلزم من استقلالية؛ لتمكين تلك الهيئة أو الهيئات من القيام بمهامها ووظائفها بصورة فعالة وعلى أكمل وجه، على أن يشمل ذلك توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة من الذين تتوافر لديهم المعرفة والأهلية والتدريب اللازمة للقيام بالمهام التي ترمي إليها الاتفاقية.
    جدير بالذكر أن الهيئة المذكورة في المادة (6) من الاتفاقية هي هيئة وقائية تختلف عن هيئة إنفاذ القانون الواردة بالمادة (36) والتي سنراها فيما بعد، "ويجوز أن تقرر الدول الأطراف أن تكلّف هيئة واحدة للقيام بوظائف الوقاية وإنفاذ القانون مجتمعة"(). للأهمية البالغة للمادة (٦) ـــ المشار إليها والتي تعول عليها الاتفاقية وتعتبرها مفتاحا لنجاح التدابير المتخذة على الصعيد الوطني ـــ اشترطت الفقرة (٢) من ذات المادة ضرورة إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة باسم وعنوان السلطة أو السلطات التي يمكن أن تساعد الدول الأطراف الأخرى على وضع تدابير محددة وتنفيذها لمنع الفساد. وحتى لا يترك أمر الموظفين العموميين لهوى الدولة الطرف ومزاجها فقد اشترطت المادة (٧) من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الفساد ومكافحته أن يقوم اختيار الموظفين العموميين على مبادئ الكفاءة والشفافية والمعايير الموضوعية، مثل الجدارة والإنصاف والأهلية، على أن يتم هذا الاختيار وفقا لمبادئ أساسية يضمنها القانون الداخلي؛ وبصفة خاصة لأولئك الذين يجري اختيارهم لتولي وظائف عمومية تعتبر عُرضة للفساد، مع ضمان تناوبهم على هذه المناصب الحساسة حتى لا يُترك الموظف لمدة طويلة في منصب واحد؛ مِمَّا يجعله عُرضة للممارسات الفاسدة، مع ضمان أجور مُجزية لهم، وتشجعيهم على التدريب المتخصص والمناسب.
    ب‌- مدونة قواعد سلوك الموظفين العموميين
    على الدولة الطرف إقرار مدونات قواعد سلوك للموظفين العموميين من أجل ضمان النزاهة والأمانة والمسؤولية بين الموظفين العموميين، وفي هذا الصدد يمكن للدولة أن تسترشد بقواعد سلوك الموظفين العموميين الواردة في قرار الجمعية العامة رقم ٥١/٥٩ المؤرخ في ١٢/١٢/١٩٩٦. وقد تناولت المادة (٨) من الاتفاقية مسألة قواعد السلوك بنوع من الإسهاب والتفصيل؛ حيث أوردت العديد من المعايير عند الاقتضاء، كإلزام الموظف العام بالإفصاح عن الأنشطة الخارجية التي يقوم بها؛ كالاستثمارات والأعمال والمنافع والهبات التي قد تفضي إلى تضارب المصالح مع مهام الوظيفة العامة. وتشير التجربة إلى أنه من المهم النص على واجب واضح مكتوب بشأن الإبلاغ يبين من الذي ينبغي إبلاغه داخليا أو خارجيًّا، وفي حالة الإبلاغ الداخلي يجوز تعيين بديل إذا كان أحد الرؤساء في العمل هو المشتبه فيه، واتخاذ تدابير لحماية المستقبل الوظيفي للأشخاص الذين يبلّغون عن ذلك بحسن نية، على النحو الذي سوف نراه في المادة (33) من هذه الاتفاقية.
    لكي لا تتضارب المصالح وكذلك الإحساس بذلك التضارب من قِبل الجمهور ـــ مِمَّا يهزُّ الثقة في نزاهة الموظفين المدنيين وسائر الموظفين الرسميين وفي أمانتهم، ومن أجل زيادة تعزيز الشفافية في الإدارة العمومية ـــ تُلزم المادة (8) الدول الأطراف بأن تسعى إلى وضع تدابير ونظم عند الاقتضاء ووفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، تُلزم الموظفين العموميين بأن يفصحوا للسلطات المعنية ـــ كحدٍّ أدنى ـــ عما يلي:
    1. أنشطتهم الخارجية؛
    2. العمل الوظيفي؛
    3. الاستثمارات؛
    4. الموجودات؛
    5. الهبات أو المنافع الكبيرة؛
    التي قد تفضي إلى تضارب المصالح مع مهامهم كموظفين عموميين، وفق ما جاء بالفقرة (5) من المادة (8) آنفة الذكر، وبذلك يكون الموظف في وضع شفاف ومعلوم لدى الكافة من حيث الأنشطة وطبيعة العمل وحجم الثروة؛ مما يسهل الرقابة عليه.
    ت‌- المشتريات العامة
    ولما كانت المشتريات العمومية هي بيت القصيد في معظم عمليات الفساد التي تسود العالم؛ فقد اشترطت المادة (٩) من الاتفاقية أن تقوم كل دولة طرف ـــ وفقا لنظامها الداخلي ـــ بإنشاء نظم مشتريات تقوم على الشفافية والتنافس وعلى معايير موضوعية عامة ومجردة، يسندها نظامُ مراجعة داخليٌّ فعَّالٌ. إلا أن هذه التدابير لا تكتمل حلقتها إلا إذا تبعها عمل قانوني فعّال يضمن إدارة الأموال العامة بما في ذلك الإفصاح عن الإيرادات، وأوجه صرفها وفق ميزانية معتمدة شفافة قابلة للمحاسبة، وقائمة دفاتر وسجلات وبيانات مالية صحيحة. على أن تُحاط هذه التدابير بأجهزة عدلية فاعلة ونزيهة وبصفة خاصة القضاء والنيابة العامة، ومن جانبنا نعتقد أن جميع سلطات التحقيق وجمع الأدلة بما في ذلك جهاز الشرطة يجب أن تكون مستقلة ونزيهة؛ حتى يتسنى لها القيام بالدور المنوط بها.
    ث‌- القطاع الخاص
    إذا كانت الدول ملتزمة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لإحكام السيطرة والرقابة على سلوك الموظف العمومي، فإن تحديًا آخر يبرز للوجود ألا وهو القطاع الخاص الذي يُمارس عمله بكامل الحرية، والذي يمكن أن يؤثر على القطاع العام ويوقع به في براثن الفساد. ومن أجل منع ذلك يُعالج هذا الفصل أيضا حالات الفساد التي تُرتكب على نطاق القطاع الخاص، والحكمة وراء ذلك واضحة جليَّة وبائنة لكل مراقب حيث إن فساد القطاع الخاص يُؤدي إلى إفساد القطاع العام وبالتالي الوظيفة العمومية. لأجل ذلك أولت الاتفاقية اهتماما مُتعاظمًا لمسألة غسل العائدات الإجرامية أيًّا كان مصدرها، ونتيجة لذلك فقد اشترطت المادة (١٢) من الاتفاقية على كل دولة طرف في الاتفاقية أن تتخذ التدابير اللازمة لمنع ضلوع القطاع الخاص في الفساد وتعزيز معايير مراجعة الحسابات في القطاع الخاص وتفرض عند الاقتضاء عقوبات مدنية أو إدارية أو جنائية تكون فعَّالة ومناسبة ورادعة في ذات الوقت. ولقد سارت الاتفاقية على ذات نهج معظم الاتفاقيات التي ترمي إلى إضفاء المزيد من الفاعلية على مستوى التنفيذ، والتي تُنادي دائمًا بإشراك المجتمع المدني كضمانة وقيمة مضافة لحُسن التنفيذ وفاعلية الرقابة. وفي هذا الصدد فقد تناولت المادة (١٣) من الاتفاقية مسألة مشاركة المجتمع المدني من جماعات وأفراد في أنشطة محاربة الفساد ومنعه.
    خامسًا: التجريم وإنفاذ القانون
    الفصل الثالث من الاتفاقية يتكون من ثمانٍ وعشرين مادة شاملة، وتأتي أهمية هذا الفصل لتعلقه بالأفعال المجرمة وفق الاتفاقية، ووفق ذلك ينبغي على كل الدول الأطراف أن تعتمد "كل ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم تلك الأفعال"()، عندما ترتكب عمدا. كما يتناول هذا الفصل إجراءات إنفاذ القانون، وقد أوردت الاتفاقية التدابير التشريعية لتجريم جملة من الأفعال منها على سبيل المثال لا الحصر؛ وَعْد الموظف العمومي بمزية غير مستحقة نظير القيام بعمل أو الامتناع عنه، أو التماس أو قبول الموظف العمومي لمزية غير مستحقة، وتعتبر الرشوة من أكثر الأفعال جُرمًا وأشدِّها خُطورة، ويستوى الأمر في حالة رشوة موظف عمومي يتبع للدولة الطرف، أو رشوة موظف عمومي أجنبي، أو موظف مؤسسة دولية عمومية طالما كان الهدف وراء منحه تلك المزية الحصول على منفعة أو مزية غير مستحقة، متعلقة بعمل ذلك الموظف المعني(). وما ينطبق على التماس المزية أو قبولها من قِبل الموظف العمومي ينطبق على اختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها بشكل أو بآخر. كما تُجرِّمُ الاتفاقية استغلال النفوذ الفعلي للوظيفة العامة، وتُلزم الدول باتخاذ ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم تعمد الموظف العمومي لإساءة واستغلال الوظيفة العامة.
    1. تدابير بشأن الثراء الفاحش والمفاجئ لدى الموظف العام
    لعل من السمات والمعالم البارزة لدى الموظفين العموميين ـــ الذين يحصلون على مزايا غير مشروعة مُقابل تقديمهم لأعمال غير مشروعة للغير ـــ ظهور الثراء الفاحش والمفاجئ على ثروة الموظف العمومي، ويظهر ذلك بجلاء في الزيادة الكبيرة في موجودات الموظف المعني بحيث لا يستطيع أن يقدّم أدلة كافية لمصادر ذلك الثراء الطارئ مقارنة بِدخلِه؛ مِمَّا يستلزم تدخل الدولة الطرف في الاتفاقية بتجريم مثل هذا العمل، واتخاذ ما قد يلزم حياله. حتى يتسنى للموظف العمومي المعني إثبات مصدر تلك العائدات ومشروعيتها، وبالعدم تكون عُرضة للتجميد أو المصادرة بسحب الأحوال، وذلك بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة.
    2. تجريم التأثير على سير العدالة
    لمَّا كان العمل على منع غسل الأموال أو مكافحته لا يخلو من مخاطر؛ فقد وضعت الاتفاقية في الاعتبار مسألة المقاومة أو استخدام العنف من قبل أولئك الذين يقومون بالأعمال المخالفة للاتفاقية؛ باستخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو بغيرها من الأعمال الهادفة لإعاقة سير العدالة بشأن إجراءات تتعلق بارتكاب أفعال مُجرَّمة وفقا للاتفاقية، وقد نصت الاتفاقية في المادة (٢٥) منها على تجريم مثل تلك الأفعال، وإلزام الدول على اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة في هذا الصدد. ولا فرق في تطبيق المسؤولية الجنائية بين الشخص الاعتباري والشخص الطبيعي. وحتى لا يفلت أولئك الذين هم وراء الأفعال التي تجرمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فقد تناولت المادة (٢٧) من الاتفاقية مسألة المشاركة والشروع في ارتكاب فعل مجرم وفقًا للاتفاقية والمشاركة بأي صفة كطرف متواطئ أو مساعد أو مُحرِّض في فعل مُجرِّم وفقا لهذه الاتفاقية. وفيما يتعلق بالمسائل الإجرائية، كالمُلاحقة، وإجراءات التقاضي، والعقوبات، فقد تركت الاتفاقية الباب مفتوحًا للدول الأطراف ـــ لتتخذ وفق نظامها القانوني الداخلي ومبادئها الدستورية ـــ ما قد يلزم من إجراءات، وقد اكتفت الاتفاقية بوضع السياسات العامة والخطوط العريضة لكيفية تنظيم الصلاحيات القانونية من أجل تحقيق الفعالية القصوى لإنفاذ تلك التدابير.
    3. تجميد العائدات الإجرامية أو مصادرتها
    تجميد العائدات الإجرامية هي المحصلة النهائية لسلسلة إجراءات قانونية تتخذها الدولة الطرف في الاتفاقية، لملاحقة النشاط الإجرامي المرتبط بالفساد ومنعه، ومن ثم وضع يد الدولة على العائدات الإجرامية. مع ضرورة الأخذ في الاعتبار جسامة الجرائم المعنية، مع عدم إغفال تجميد العائدات الإجرامية والحجز عليها وفق ما جاء بالمادة (31) من الاتفاقية، على أن تتخذ كل دولة طرف ـــ إلى أقصى مدىً مُمْكن ضمن نطـــاق نظامها القانوني الداخلي ـــ ما قد يلزم من تدابير للتمكين من مصادرة العائدات الإجرامية المتأتية من أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية، أو ممتلكات تُعادل قيمتها قيمة تلك العائدات أو المعدات أو الأدوات الأخرى التي استُخدمت أو كانت معدّة للاستخدام في ارتكاب أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية.
    4. إجراءات المحاكمة وحماية الشهود والمبلغين والخبراء
    من المستقر عليه قانونًا أن إجراءات أي محاكمة يجب أن تتم وفق معايير المحاكمة العادلة التي أقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتي أكدت عليها جميع دساتير الدول تقريبًا، وأن الإدانة لا تتم إلا بتوافر بيِّنة كافية تصل إلى مرحلة ما وراء الشك المعقول، وأن مثل هذه المحاكمة لا يتصور قيامها إلا بوجود أدلّة كافية ومقبولة قانونًا، وأن هذه الأدلة تحتاج إلى حماية إجرائية وإلا افتقدتها العدالة. وفي المقابل فلابد من اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية الشهود، وهنا تأتي مسألة حماية الشهود لتأخذ أهمية متعاظمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بجرائم ذات صلة بالمال، ولقد تناولت المادة (٣٢) من الاتفاقية مسألة حماية الشهود والخبراء، فيما تناولت المادة (٣٣) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، حماية المبلغين والذين هم في وضع أكثر خطورة من الشهود؛ ذلك أن المبلغ هو مصدر المعلومة الأولى حول الجريمة المدعى ارتكابها، وهذا يجعل المبلغ في وضع يحتاج فيه إلى الحماية القانونية أثناء إجراءات التقاضي وبعدها. وللقيام بمهمات حماية الشهود والمبلغين والتي قد تكون معقدة، أو تأخذ بُعدًا إقليميا أو دوليًّا، فإن الأمر يتطلب درجة من التعاون بين الدول الأطراف لإقرار تلك الحماية التي ترمي إليها الاتفاقية. ولتحقيق الغايات التي ترمي إليها الاتفاقية فقد تناولت المواد (٣٧-٣٨-٣٩) منها أوجه التعاون مع سلطات إنفاذ القانون من جهة، وتعاون هذه السلطات فيما بينها من جهة أخرى؛ فضلا عن التعاون بين القطاعين العام والخاص بهدف تضييق الخناق على الجُناة وحِرمانهم من عائدات الجريمة، واسترداد تلك العادات عبر الطرائق القانونية المرسومة لهذا الغرض.
    سادسًا: التعاون الدولي
    الفصل الرابع من الاتفاقية يتناول التعاون الدولي ضمن ثماني مواد شاملة، وهي جوهر الفكرة التي أتت بها الاتفاقية؛ ألا وهو التعاون بين الدول الأطراف في المسائل الجنائية وغيرها، على أن تنظر الدول الأطراف ـــ حيثما كان ذلك مناسبًا ومتسقًا مع نظامها القانوني الداخلي ـــ في مساعدة بعضها البعض، في التحقيقات والإجراءات الخاصة بالمسائل المدنية والإدارية ذات الصلة بالفساد، ولا يشترط توافر ازدواجية التجريم، كما تنظم الاتفاقية مسألة تسليم الأشخاص بسبب أيٍّ من الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية. ويمتد التعاون الدولي ليشمل نقل الأشخاص المحكوم عليهم "يجوز للدول الأطراف أن تنظر في إبرام اتفاقات أو ترتيبات ثنائية أو متعددة الأطراف بشأن نقل الأشخاص الذين يحكم عليهم بعقوبة الحبس أو بأشكال أخرى من الحرمان من الحرية؛ لارتكاﺑﻬم أفعالًا مُجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية، إلى إقليمها لكي يكمل أولئك الأشخاص مدة عقوبتهم هناك"().
    أمَّا في مجال التعاون بين الدول الأعضاء في الاتفاقية بشأن إجراء التحريات فهي تشمل المسائل التالية:
    1. هوية الأشخاص المشتبه في ضلوعهم في تلك الجرائم وأماكن تواجدهم، وأنشطتهم، أو أماكن الأشخاص المعنيين الآخرين.
    2. حركة العائدات الإجرامية أو الممتلكات المتأتية من ارتكاب تلك الجرائم.
    3. حركة الممتلكات أو المعدات أو الأدوات الأخرى المستخدمة أو المراد استخدامها في ارتكاب تلك الجرائم((.
    ومن أجل مكافحة الفساد مُكافحة فعَّالة، تتعاون الدول الأعضاء في إجراء تحقيقات مشتركة واتباع أساليب تحري خاصة كالترصد الإلكتروني وغيره من أشكال الترصد والعمليات السرية، وكذلك لقبول المحاكم ما يستمد من تلك الأساليب من أدلة.
    سابعًا: استرداد الموجودات المتحصلة عن العمليات الإجرامية
    الفصل الخامس من الاتفاقية يُعالج مسألة استرداد الموجودات كمبدأ أساسي فيها، ويقوم على فكرة مد الدول بعضها البعض بأكبر قدر ممكن من العون والمساعدة بهدف التطبيق الأمثل للاتفاقية. وذلك بأن تتخذ كل دولة طرف، التدابير القانونية لإلزام المؤسسات المالية الواقعة ضمن ولايتها القضائية بأن تتحقق من هوية المتعاملين معها، وبأن تتخذ خطوات معقولة لتحديد هوية المالكين المنتفعين للأموال المودعة في حسابات عالية القيمة، وبأن تجري فحصًا دقيقًا للحسابات التي يطلب فتحها أو يحتفظ بها من قبل، أو نيابة عن، أفراد مكّلفين أو سبق أن كُلِّفوا بأداء وظائف عمومية مُهمَّة أو أفراد أسرهم أو أشخاص وثيقي الصلة بهم. وبهدف منع عمليات إحالة العائدات المتأتية من أفعال مجرّمة وكشفها ـــ وفقا لهذه الاتفاقية ـــ تنفذ كل دولة طرف تدابير مناسبة وفعَّالة؛ لكي تمنع ـــ بمساعدة أجهزتها الرقابية والإشرافية ـــ إنشاء مصارف ليس لها حضور مادي ولا تنتسب إلى مجموعة مالية خاضعة للرقابة، وعلى الدولة الطرف ـــ التي تتلقى طلبًا من دولة طرف أخرى لها ولاية قضائية على فعل مجرّم؛ وفقا لهذه الاتفاقية من أجل مصادرة ما يوجد في إقليمها من عائدات إجرامية ـــ أن تقوم إلى أقصى مدى ممكن في إطار نظامها القانوني الداخلي بالاستجابة لذلك الطلب.
    ثامنًا: المساعدات التقنية وتبادل المعلومات بين الدول الأعضاء
    يتناول الفصل السادس من الاتفاقية المساعدات التقنية وتبادل المعلومات بين الدول الأعضاء فيها؛ بهدف بناء القدرات والتخطيط لوضع سياسات تهدف لمكافحة الفساد، على أن تقوم كل دولة طرف ـــ بالقدر اللازم ـــ باستحداث أو تطوير أو تحسين برامج تدريب خاصة لموظفيها المسؤولين عن منع الفساد ومكافحته. ويمكن أن تتناول تلك البرامج التدريبية عِدَّة مجالات نوجزها فيما يلي:
    وضع تدابير فعّالة لمنع الفساد وكشفه والتحقيق فيه أو المعاقبة عليه؛ وبناء القدرات في مجال صياغة وتخطيط سياسة استراتيجية لمكافحة الفساد؛ وتدريب السلطات المختصة على إعداد طلبات بشأن المساعدة القانونية والتعامل مع المشتريات العمومية، والقطاع الخاص؛ فضلًا عن مراقبة حركة عائدات الأفعال الإجرامية وفقا لهذه الاتفاقية؛ مع استحداث آليات وأساليب قانونية وإدارية ملائمة وفعّالة لتيسير إرجاع عائدات الأفعال الإجرامية وفقا لهذه الاتفاقية؛ والطرائق المتبعة في حماية الضحايا والشهود الذين يتعاونون مع السلطات المختصة؛ فضلًا عن التدريب على تطبيق اللوائح الوطنية والدولية، وجمع المعلومات المتعلقة بالفساد وتبادلها وتحليلها.
    تاسعًا: مؤتمر الدول الأطراف
    ويتناول الفصل السابع من الاتفاقية مؤتمر الدول الأطراف، وهو بمثابة منبر عام للدول الأعضاء للتباحث حول أنجع السبل لتنفيذ الاتفاقية وتعزير التعاون فيما بينها، حيث نصت المادة (63) فقرة (1) على أن: "يُنشأ بمقتضى من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد مؤتمر للدول الأطراف في الاتفاقية من أجل تحسين قدرة الدول الأطراف وتعاونها على تحقيق الأهداف المبينة في هذه الاتفاقية ومن أجل تشجيع تنفيذها واستعراضها" على أن يتولى الأمين العام للأمم المتحدة عقد مؤتمر الدول الأعضاء الأول في موعد أقصاه سنة واحدة من تاريخ دخول الاتفاقية إلى حيز النفاذ. ويختص المؤتمر بتسيير الأنشطة التي تقوم بها الدول الأطراف، وتيسير تبادل المعلومات بين الدول الأطراف عن أنماط واتجاهات الفساد وعن الممارسات الناجحة في منعه ومكافحته وفي إرجاع العائدات الإجرامية.

    عاشرًا: الأحكام الختامية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
    الأحكام الختامية في الفصل الثامن والأخير من الاتفاقية، تتناول أحكام تنفيذ الاتفاقية بحيث تتخذ كل دولة طرف ـــ وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها الداخلي ـــ ما يلزم من تدابير، بما فيها التدابير التشريعية والإدارية؛ لضمان تنفيذ التزاماتها بمقتضى هذه الاتفاقية، وتسوية المنازعات، والتوقيع والتصديق والقبول والإقرار والانضمام. وبناءً على ذلك فُتح باب التوقيع على هذه الاتفاقية أمام جميع الدول من ٩ إلى ١١ ديسمبر ٢٠٠٣ في مدينة ميريدا بالمكسيك، ثم في مقر الأمم المتحدة بنيويورك حتى ٩ ديسمبر 2005. ويجوز تعديل الاتفاقية بعد انقضاء خمس سنوات على بدء نفاذ هذه الاتفاقية، ويجوز للدولة الطرف أن تقترح تعديلا لها وتحيله إلى الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يقوم عندئذ بإبلاغ الدول الأطراف ومؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية بالتعديل المقترح؛ بغرض النظر في الاقتراح واتخاذ قرار بشأنه. كما يجوز لأي دولة طرف أن تنسحب من هذه الاتفاقية بتوجيه إشعار كتابي إلى الأمين العام للأمم المتحدة. ويصبح هذا الانسحاب نافذًا بعد سنة واحدة من تاريخ استلام الأمين العام ذلك الإشعار.
    المحصلة النهائية والدرس المستفاد من إقرار هذه الاتفاقية، هو التجاوب منقطع النظير من قبل الدول، وهو ما يُفسِّرُ النسبة العالية للدول المصادقة على الاتفاقية ذات الأهمية البالغة؛ لحفظ وصون المال العام والخاص على حدٍّ سواء.
    الآثار القانونيَّة والتطبيق العملي للاتفاقية
    أولًا: الآثار القانونية المترتبة على الدولة الطرف في الاتفاقية
    ما إن تصبح الدولة طرفًا في اتفاقية الأمم لمكافحة الفساد حتى يَترتب عليها التزامات قانونية على النحو الذي سبق أن أشرنا إليه، إن الانضمام للاتفاقية يترتب عليه التزامات على الدولة الطرف في الاتفاقية وعلى المجتمع الدولي على حدٍّ سواء، ويمثل التزام الدولة الدول الأطراف في أن تأخذ بسياسات عامة فعّالة تهدف إلى الوقاية من الفساد. وقد خصصت الاتفاقية فصلًا كاملًا لهذه المسألة، مع مجموعة متنوّعة من التدابير التي تخص كلا القطاعين العام والخاص. وتتمثل هذه التدابير في مواءمة كافة التشريعات ذات العلاقة مع متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مثل العقوبات وقوانين الشراء العام والموازنات وقانون الخدمة المدنية وكافة القوانين الناظمة للجهات الخاضعة لقانون مُكافحة الفساد بما يضمن اشتماله على مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة.
    على الدولة الطرف إصدار التشريع أو التشريعات اللازمة، وسد الثغرات المتصلة بالتشريع الموجود مسبقًا ـــ في حالة وجوده ـــ والتي تستلزم معالجتها لتنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد. وعلى وجه الخصوص الاهتمام بتجريم الفساد في إطار منظومة تشريعية وقضائية مستقلة، وينبغي على الجهات القانونية المساعدة في تكييف اتفاقية مُكافحة الفساد لملاءمة المعايير الدولية مع الاحتياجات الإقليمية أو الوطنية، وعلى البرلمانيين أن يؤدوا دورًا قياديا حاسمًا في كلٍّ من مراحل مصادقة وتنفيذ وتكييف ومتابعة ومراجعة الاتفاقية والقيام بدور رقابي مُهم في متابعة ومراجعة الجهود الوطنية المبذولة في مجال تنفيذ وتكييف اتفاقية مكافحة الفساد. وعلي الدولة الطرف المشاركة في آليات المراجعة الإقليمية أو الدولية متى تطلّب ذلك. وينبغي عليهم أن يعملوا جنبًا إلى جنب مع الوكالات الخبيرة لتصبح كل الجهود المبذولة مكمّلة لبعضها، وكذلك الاستفادة من مضمون هذه المعلومات المهمة المتاحة في قضايا مكافحة الفساد.
    ثانيًا: آثار الفساد على حقوق الإنسان
    الفساد هو انتهاك صريح لحقوق الإنسان، وإن متطلبات الشفافية والنزاهة تدعمها ديباجة ميثاق الأمم المتحدة حيث نجد "نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، وأن نبين الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات"(). آليات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يتزايد وعيها على نحو مطرد بالتأثير السلبي للفساد على التمتع بحقوق الإنسان، وبالتالي بأهمية التدابير الفعالة لمكافحة الفساد. وقد تناول مجلس حقوق الإنسان ومقرروه الخاصون وآليته للاستعراض الدوري الشامل، وكذلك هيئات رصد معاهدات حقوق الإنسان ـــ لاسيما لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولجنة حقوق الطفل ـــ، قضايا الفساد وحقوق الإنسان في مناسبات عديدة.
    في عام 2003، عينت اللجنة الفرعية السابقة المعنية بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها مقررًا خاصًا مهمته إعداد دراسة شاملة عن الفساد وتأثيره على التمتع التام بحقوق الإنسان، وبصفة خاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وانتهت هذه الولاية في عام 2006 عندما استُعيض عن اللجنة الفرعية باللجنة الاستشارية. وفي عام 2004.()، وفي إطار متابعة هذا المؤتمر تقوم المفوضية، بالاشتراك مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بإعداد دليل للممارسين عن حقوق الإنسان ومكافحة الفساد. وكذلك "تبدو الرابطة بين الفساد وحقوق الإنسان أمرًا بديهيًّا عند الكثيرين، فحينما تكون القوانين قابلة للبيع، وللعدالة سعر، تتحدد معاملة الحكومة للمواطنين أكثر فأكثر على أساس قدرتهم على الدفع، لا على أسس جوهرية أخرى، مثل النزاهة والإنصاف واحترام سيادة القانون"().
    قالت المفوضة السامية إن الأموال المختلسة من الخزائن العامة يمكن أن تنفق على الاحتياجات الإنمائية، وانتشال الناس من الفقر، وتعليم الأطفال، وتوفير الأدوية اللازمة للأسر، ووضع حد لآلاف الوفيات والإصابات التي تحدث كل يوم أثناء الحمل والولادة والتي يمكن تلافيها. ومضت المفوضة السامية للقول كذلك إن الفساد يحول دون وصول الضحايا إلى العدالة، ويزكي حدة انعدام المساواة، ويضعف الإدارة والمؤسسات، ويقلص الثقة العامة، ويغذي الإفلات من العقاب، ويقوض سيادة القانون، وَعَدَّدَ الدليل التشريعي ـــ لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ـــ بعض آثار الفساد وكان من بينها:
    1. إن الفساد بتسريبه أموال الدولة على نحو غير قانوني يقتطع من الخدمات التي يعتمد عليها ذوو الموارد الضئيلة مثل الخدمات الصحية أو التعليم أو النقل العام أو خدمات الشرطة المحلية.
    2. إن الفساد يَترتب عليه آثار بعيدة المدى مثل الاستقطاب الاجتماعي وعدم احترام حقوق الإنسان والممارسات غير الديمقراطية.
    3. إن الشركات الأجنبية ورؤوس الأموال لن ترغب في الاستثمار في مجتمعات يوجد فيها فساد().

    الخاتمة
    نود أن نختم تعليقنا حول هذه الاتفاقية بالقول إن مكافحة الفساد ومنعه ومحاصرته واجب أخلاقي وديني لا تَختلف حوله ديانة ولا تمانع عن فعل ذلك أمة؛ لِما للفساد من ضرر بليغ بجميع أوجه الحياة، ولِما فيه من تعد سافر على حقوق الغير، وتدمير للمجتمعات وبيع للضمائر والذمم وخيانة للأمانة. ونقول إن الفساد شر مستطير يأتي على الأخضر واليابس "إنَّ الأموال المهدرة من جرّاء الفساد المستشري في الدول النامية كل عام تبلغ أكثر من تريليون دولار أمريكي بحيث باتت تشكّل قرابة عشرة أضعاف إجمالي المبالغ التي تنفقها الحكومات على المساعدات الدولية".
    تشير التقديرات إلى أنّ تكاليف الفساد في أفريقيا وحدها بلغت 148 مليار دولار أمريكي بما يمثل 25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بالقارة السمراء. لا شك أنّ هذا المبلغ ضخم وربما يكفي لبناء المدارس وشق الطرقات وتشييد المستشفيات وتعليم الأطفال وإنقاذ أرواح البشر، بل وربما يساعد بعض الأفراد في تأسيس مشروعات تسهم بدورها في تلبية احتياجات أسرهم().
    إن مكافحة الفساد شرط ضروري لسلامة وفعالية الأنشطة الاقتصادية، كما أنه شرط أساسي لترسيخ المنافسة العادلة وخلق بيئة مواتية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لذلك فإنه يتعين على الدول النامية على وجه الخصوص بذل جهود إضافية لتوفير متطلبات مواجهة الفساد المتمثلة في وجود الدولة؛ لتوفر الخدمات بمزيد من الفعالية والكفاءة والأمانة في استخدام الموارد العامة.
    وختامًا لابد أن نعترف بأنّ المجتمع الدولي قد اتخذ خطوات ملموسة، وحقّق الكثير في هذا المجال، إلا أنّه مازال يتعين عليه القيام بالمزيد؛ لأن الفساد عدو شرس، وخطر ماحق، له وجوه متعددة، والحرب على الفساد تبقى مفتوحة لا تتقيد بزمان ولا مكان.





    أحدث المقالات

  • سعاد و(العيال)!! بقلم صلاح الدين عووضة
  • السودان: المراحل المبكرة لإطلاقه ودلالته1 بقلم احمد الياس حسين
  • والسيد المثقف ينكر الاستاذ المثقف الماسونية اسطورة ؟! بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • هل نحن من يدافع عن الباطل؟ بقلم الطيب مصطفى
  • أنصار د. النعيم د. ياسر الشريف نموذجاً (5) بقلم خالد الحاج عبدالمحمود
  • احمد منصور :المزايدة والترويج السخيف!! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • منصور خالد وحقوق الإنسان (2/2) بقلم نبيل أديب عبدالله
  • التشيع العام والتشيع الخاص والشبهات بقلم الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
  • هل يستفيد العرب من تجارب الشعوب الأخرى؟! بقلم: صبحي غندور
  • الفساد والقهر الجزء السادس: القشة التي قصمت ظهر البعير : معاركته عمراً كاملاً في دولة الولادة المت
  • العدالة الانتقالية، اثباتاً للحقيقة، وخطوات نحو المصالحة بقلم د/ محمود أبكر دقدق
  • [الإسلام لم يأت بالسيف] [السيف سعى سعياً إلى الإسلام] بقلم عاصم أبو الخير
  • الثمرة المُحرمة - قصة قصيرة بقلم ماهر طلبه
  • الثغرات .. (1) بقلم الطاهر ساتي
  • ​مرة أخرى.. يعز المرء أو يهان !! بقلم محمد بوبكر
  • إرهاصات ثورة الجياع في نادي الدبلوماسيين بالخرطوم بقلم بدور عبدالمنعم عبداللطيف
  • العيب في أعدائها .. أعداء الحياة والسلام بقلم نورالدين مدني























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de