-في المقال السابق لفتنا النظر إلى الاهمية القصوى لمراقبة سلوك المجلس العسكري باعتباره مرآة تعكس مخططات واحابيل الحركه الإسلاميه وقوى الثورة المضادة في مواجهتها لصمود وصعود ثورة ديسمبر المنتصرة --المجلس المذكور لم يهدر الوقت وهو يخطو تجاه الاعلان الصريح عن نواياه المتماهيه مع تلك القوه يوما بعد يوم -وهو الآن لا يتفاوض مع قوى إعلان الحريه والتغيير باعتبارها ممثلا للثورة وباعتباره فصيلا من فصائلها وصاحب مصلحه فيها بل ويعزز صورته بشكل متصاعد بأنه يجلس في الجانب المعاكس وباجندة مضادة للثوره والتغيير، ويواصل المماطلة في حسم الأجندة الاساسيه فيما يختص بمجلس السياده.. عدده.. وتقسيمه... ومهامه وتسليم السلطه لحكومة مدنيه.... -والمجلس العسكري لا يرى حرجا في ان يطالب لنفسه باحتكار مجلس سيادة حكومة الثوره وكأنه هو من قاد او أسهم في قيادة الثوره السلميه والتي دفع ثمنها المدنيون دما ورهقا وعذابا وما زالوا -المجلس العسكري لا يعلم او يعلم ويغض الطرف عن ان مجلس سياده بتشكيل عسكري كامل او واجهة عسكرية يسم نظام الحكم بكامله بأنه نظام حكم عسكري وأن العالم سيتعامل معه على هذا الأساس... ومعروف أن رفض الإعتراف بالانقلابات العسكرية أصبح من المبادئ الأساسية في العلاقات الديبلوماسيه الدولية -والتي من الممكن أن تجر على البلاد مقاطعات ديبلوماسيه واقتصاديه وسياسيه تضر ببلادنا في وقت هي في أمس الحاجه إلى إعادة صياغة علاقاتها الخارجيه على الأسس التي تستعيد بها كرامتها ومكانتها والاحترام الذي تستحقه دوليا --فلتبرير تشبثه بالاستحواذ على المجلس الرئاسي كان على المجلس العسكري ان يعلن ما يمتلكه أعضاؤه من خبرات ومؤهلات يفتقر إليها المدنيون في إدارة شؤون البلاد السياديه --والاكثر أهميه ان يعلن ماهية الخبرات والمهارات التي يمتلكها أعضاء هذا المجلس تحديدا وتميزهم عن رصفائهم الذين حكموا السودان لأكثر من خمسين عاما منذ استقلاله -والأكثر أهميه.. والغني عن البيان.. ان الشعب لا يرغب في مشاهدة مسلسل فشل العسكريين في إدارة شؤون البلاد الانتاجيه والخدميه والسياديه بعد الآن --لن تتوقف المماطله والتسويف وتضييع الوقت عند مناقشة موضوع مجلس السيادة... عدد أعضاءه.. تقسيمه مدني وعسكري.. وعدد كل فئه.. رئاسة المجلس... ومهام المجلس -بل وستستمر المماطلة عند مناقشة موضوع مجلس الوزراء.. مهامه.. عدد أعضاءه.. نساءهم ورجالهم.. وتوزيعهم المناطقي والديني..... الخ -ثم والمجلس التشريعي.. عدده.. رئاسته.. توزيعاته المناطقيه.. شخصياته القومية... والخبرات التشريعيه... الخ -- وفي كل بند من هذه البنود سيعترض المجلس العسكري ويقترح ويعدل ويلغي...الخ مدخلا قوى إعلان الحرية والتغيير في دوامه غير منتجة وغير مثمره من الاجتماعات.. ويستمر هو- كحاكم بالأمر الواقع- و بأوامر مؤقتة لا يعرف أحد أين تبدأ وأين تنتهي -- ولكن الهدف من كل ذلك يعرفه الجميع وهو تفريغ الثورة من طاقتها الثوريه وحرمان الثوار من تحقيق أهدافها..وتيئيس الثوار من الثورة نفسها.. وتأمين مصالح القوى التى يعبر هذا المجلس عنها ويمثلها.. وتنتهي الفتره الانتقالية بلا اسس صحيحة لديموقراطية عادله ومستدامه واستمرارللدوله العميقة وسوء توزيع الثروة والتنمية بين أقاليم البلاد واستمرار الحروب وفشل اجتثاث الفساد وتأمين إفلات المفسدين من العداله.. الخ من بقية أجندة الثوره المضادة --معلوم ان الوطنية السودانية لا تكتسب بلون البشره ولا بارتفاع الدرجه الوظيفية عسكرية كانت او مدنيه وإنما بالمواقف التي يقفها حامل الجنسية والتي تتفق وتعزز المصلحة الوطنية والعامه على اي مصلحة أخري -ومعلوم أيضا ان جسد المؤسسة العسكريه قد أصابه ما أصاب كل المؤسسات الوطنية.. عسكرية... وشبه عسكريه... ومدنية خلال الثلاثين عاما الاخيره.. حيث جرى تفريغها الممنهج من أصحاب الخبرات والاستقامه واستبدالهم باصحاب الولاء الحزبي كشرط حاسم.. ولأنه كان عملا تخريبيا ممنهجا فقد انعقدت له اللجان الحزبيه واستحق صفة اللاوطنيه بجدارة.... وانتج قيادات عليا في كافة مؤسسات الدوله موجهه ومؤدلجه ومطعون في كفاءتها المهنيه... وهذه القاعده صحيحه بلا استثناء خلال العقود الثلاثه من عمر حكم الاسلاميين... كما وان فساد معايير الاختيار والترقي أنتج فشل أجهزة الدوله ومؤسساتها وكوادرها في إدارة كل ما أوكل اليها من مهام ولم تصب نجاحا إلا في فساد الذمم وضعف الحس الوطني والاخلاقي --الم يكشف الفحص الأولي.. وبالعين المجردة وليس الفحص المجهري عن تسلل سته اعضاء للمجلس العسكري الحالي نفسه (رئيس وخمسه أعضاء ذوي صلة بالحركة الإسلامية صلة تسقط عنهم الأهلية حتى لارتداء الزي العسكري القومي ناهيك عن القفز للمجلس العسكري.. وتنفي عنهم صفة الحيادية ناهيك عن الانحياز للثورة واهدافها --يلفت النظر في المؤتمر الصحفي الذي عقده المجلس العسكري امس نبرة التعالي والتهديد المبطن والمزايده على وطنية ممثلي الثوره ودافعي مهرها.. كان ذلك بديلا سيئا عن التواضع الذي يتناسب مع الموقف عند الحديث عن مطالب الثوره وقادتها... وفوق ذلك ما ذكره المتحدث -ومن باب المزايدة طبعا- بانهم في المجلس العسكري حريصون على ترسيخ الممارسه الديموقراطيه... ونسي أن يذكرنا بماهية العلاقه بين المؤسسه العسكريه المؤدلجه في راسها... بالديموقراطيه... كان كمن ينطق بالكلمة لاول مرة في حياته --خلاصة القول -ان الثورة تمر بمنعطف شديد الحساسيه.. ناشئ عن استعجال المجلس العسكري لفرض أجندة الجهات التي يمثلها دفعة واحده في وجه المد والزخم الثوري ولذلك فقد يلجأ للعنف بأشكاله وأدواته المختلفه والمتاحة لديهم للخروج من هذا المأزق -أما بالنسبة للثوره وكوادرها وقوى إعلان الحرية والتغيير فعليهم التشديد على مراقبة سلوك المجلس والانتباه إلى ان المماطلة في تحقيق مطالب الثوره هدف من أهداف الثوره المضاده تسعى لتحقيقه عبر ممثليها في المجلس العسكري الانتقالي... وأن خط الثوره وادواتها واسلحتها السلمية كثيره وضاربة اولها وحدة القوى الثوره نفسها وأن خطواتها وخياراتها تتدرج من التفاوض مع هذا المجلس إلى إلغاء دوره نهائيا ومن الاعتصام للعصيان المدني والإضراب السياسي الشامل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
سليمان محمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست