ان توصيف الوضع السياسي السوداني الي حكومة إسلامية منهارة وحلت محلها تنظيم مكون من الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني تعمل الان علي صناعة السلام مع الجبهات المعارضة لتخلق وضعا مستقرا في البلاد هو الحلم الذي يحمله حمدوك ومعه البعض اهل الهامش . في الواقع ان هذا التوصيف ما هو الا كذبة كبيرة ومحاولة يائسة لتضليل الحقائق وفرض امر الواقع وما بني علي خطأ فهو خطأ. ان القضية السودانية في الحقيقة كل الشمالين من اليمن الي اليسار كبيرهم علي صغيرهم واينما وجدوا في الخارج او الداخل بطرف واحد وما بينهما الاحزاب العرقية والعائلية ، استخدموا مؤسسات الدولة وتمكنوا إقناع كل العناصر النيلية بانهم مهددون ليس فقط سياسيا بل بالإبادة من قوة الهامش التي تتحين السانحة لذلك ،علي غرار ماتم في الأندلس والزنجبار وهكذا كلما ارتكبوا جريمة يحاولون تفادي تبعاتها بالهروب للامام و بارتكاب مزيدا من الجرائم وان تطلب فناء السودان وانقراض شعبه بمن فيهم هم انفسهم علي مبدأ علي وعلي اعدائي. ولذلك هذه كحقيقة ينبغي علينا ان مواجتها بشكل صريح وليس هناك حل محتمل غير إرغامهم علي التوقف عن ارتكاب الجرائم واحترام الانسان وحياته وبناء دولة تسع الجميع. فان الشكل البنائي للأحزاب والنقابات وتنظيمات المجتمع المدني كلها تكونت بمقاسهم وظلوا يستخدمونها كأدوات لتزييف الحقائق وتكذيب الواقع وقد كان القحت نموذجا لا تخطئه العين . ومهما اجتهد المجتهدون عن المشكلة السودانية ليس هناك افضل من منحهم الأمان للوصول الي الحقيقة والمصالحة فيما عدا ذلك الخيار الوحيد هو تقسيم الطفل المتنازع عليه لارضاء طرفي النزاع او قتل الثور لينجو من يمسك بقرنيه. فان كل الذي يدور في الساحة السياسية لم يضيف المشكلة الا تعقيد. فان اهل الهامش بمن فيهم الاسلامين منهم ليس هناك ما يختلفون حوله وكذلك ابناء النيل ليس بينهم ما يختلفون حوله.اذا كان كذلك المطلوب اجراء الحوار بين الطرفين فقط في قضية واحدة وواضحة هي احتكار الشمالين للسلطة منذ ان ورثوها من المستعمر . وعلي الشمالين عليهم ان يدركوا انهم يورثون ابنائهم المتاعب اقلها كراهية جميع الشعوب السودانية، لئن دائرة المعارضة نفسها لهذه الاوضاع بدأت تضيق يوما بعد يوم ، ابتداءا من الجنوب والنوبة ودارفور والشرق والبقية تأتي. وحتي ان قتلنا الامر صبرا ليس في امكانهم الاستمرار في احتكار السلطة عبر هذه المؤسسات التي تمردت عليها حتي ابنائهم اما الرهان علي المؤسسة العسكرية الوحيدة التي وظفت نفسها في حراسة حكومات الشمالية هي الاخري بانت عليها علامات الشيخوخة ليست في إمكانها حراسة شخصا واحدا ناهيك عن المنظومة السياسية عندما تم قهرها في غرب البلاد ولم تعد في إمكانها تنفيذ حتي الانقلاب علي الدعم السريع وقد تشتت الي مكوناتها الأولية وبدت سوءاتها امام مليشيات كونتها بنفسها. فان الحديث الدائر اليوم بان هناك ثورة مضادة تعمل علي خلق الأزمات في اي مكان قد يكون صحيحا ولكن ليس هناك غير الابناء من يسعي لاعادة مجد ابائهم .وهم انفسهم جزء من ذلك النعيم حتي ٢٩ديسمبر فان كل نشاط القحت ماهو الا ثورة مضادة بعد اختطفوا الثورة واطفأوا شعلتها واليوم يسعون العودة الي مربع البداية . نعم أمامنا فرصة الان للنظر الي القضية السودانية بعيدا عن المنظار العرقي والفهم العنصري لان هذه المحطة ليس من السهل تجاوزها من دون ان يدفع الجميع الثمن اقلاها توزيع الم الدموع والحزن لكل بيت في السودان. كما هو واضح ان الشرق ودارفور تمارس تمارينا عمليا للعصيان واوشكت ان تخرج من سلطة قحت ولم يبق أمام ذلك سوي تصرف القحتين ان يتخلصوا من أنانيتهم ومواجهه الموقف دفعة واحدة لان الاساليب التي تدربوا عليها في تعاملهم مع الهامش باتت الان مخاطرة كبيرة واجب التنبه لها .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة