رائعة المدائن و تحفة القرى و جوهرة المعالم .. هي لؤلؤة في جبين كل شخص عرفها .. حتى أولئك الذين سمعوا عنها أو سمعوا بها و الذين تعرفوا عليها و على معالمها و مراميها .. كما أنها لؤلؤة اللآلئ في جبين نهر النيل .. و على جبين الزراعة و الخضرة و الوجه الحسن . -- كما أنها تحفة الروائع على وجنات وزارة الزراعة اتحاديا و ولائيا .. إذا أنها قد جمعت علماء الزراعة و باحثيها في أحشائها منذ نشأتها . فكانت النشأة و المسيرة و التأريخ و الجغرافيا .. و برغم امتدادها الجغرافي الصغير إلا أنها ذات رائحة ذكية و عبق فواح فاح في كل الأمكنة و الأركان . مما جعلها ذات امتداد جغرافي ممتد .. و هذا الإمتداد محفور في كل وجدان .. فالجغرافيا البشرية للأبحاث بلا حدود ممن جعل لها وجدان في الخاطر .. لعل الأسطر القادمة تعبر بعض الشيء .. عما هو في خواطر الكثيرين .. فالسطور الآتية تعبر عن ما بدواخل الصدور .. و لو قليل من كلمات في كثير من المعاني .. والتي قد لا نوفيها حقها .. فهذا " شيء من حتى " عن هذا الموضوع الكبير الشيق . -- و بعد .. في ما يلي نتيح الفرصة لأحد أبناء الحديبة .. ليعبر عن بعض ما عاشه في هذه البقعة في بعض أيامه الخالدة التي قضاها في جوهرة المدائن و رائعة المعالم .. و لكم الشكر أجزله لمتابعتكم هذه القيثارة الرائعة .
أبحاث الحديبة .. كانت لنا أيام !
بقلم : عادل مبارك الأمين " ود الجد "
* محطة الأبحاث .. تلك البقعة الزراعية الحالمة .. تقع على ضفاف نهر النيل جنوب غرب مدينة دامر المجذوب .. تلفت ناظريك وأنت راكبا للقطار صوب الدامر .. فتراها كواحة خضراء وسط الصحارى .. من شدة خضرتها الوارفة الظليلة .. خضراء كخضرة الأيام و السنين التي قضيناها في أبحاث الحديبة .. فقد كانت مرتع صبانا و منبع هناءنا .. فعندما تنزل من القطار .. في رحلة سفر من الخرطوم .. في محطة الدامر و تستقل العربة متجها بكل مشاعرك و أحاسيسك نحو الحديبة .. تتتملكك فرحة عارمة لأنك تكون في لهفة لقاء الحبيب لحبيبته .. فلحظة الوصول للأبحاث تقابلك البوابة الخارجية فاتحة ذراعيها شوقا للقاءك .. و حارسها مبتسما هاشا باشا. * وانت تدخل للأبحاث .. وهي شامخة شموخ عمرانها الجميل .. إذ تنظر يمينك تجد مدرسة الأساس .. و شمالك صهريج المياه و استراحات العمال و الموظفين .. و شرقا مسرح صبانا و متنفسنا الذي صنع منا أبطالا رياضيين . هذا المسرح الا و هو ملعب كرة القدم . * فعندما تمر بهذه المعالم مسرورا .. فنجد مكاتب رئاسة الأبحاث غربا و الورشة و مقر السواقين و إدارة البساتين و ادارة اكثار البذور و فحص التربة و البوفيه و ملعب التنس الأرضي و بيوت الدكاترة .. ثم نجد النادي .. ذلك الصرح الثقافي الرياضي الإجتماعي .. الذي له قوانين روعة في الأدب و الإلتزام و الإنضباط .. ما أن تدخله حتى يحترمك الخفير قبل المدير لأنه لابد أن تكون مهندما في ملبسك القومي أو الأفريقي . * فاللبسة القومية جلابية و عمة و مركوب .. و ممنوع بتاتا لبس شبشب ( أبو سيور ) .. أما الأفرنجي فبنطلون و قميص و جزمة أو شبط بسيور مقفول . و ما هو ممنوع أيضا لبس أي نوع من أنواع السفنجات بكافة أشكالها .. هذا هو النادي الإجتماعي .. بعده نجد الروضة و دكان التعاون و الطاحونة " و كمان " دكان الخضار و الجزارة .. هذا كله وسط بيوت الأهالي و مساكن العمال .. هذه دنيا عجيبة .. و عالمها نجد فيه الطيبة و المحنة و روعة تلاقي الأهل و الأصحاب .. و بالحديبة تدخل أي منزل أو بيت تشعر و كأنك وسط أهلك وبين أسرتك .. أجمل ما فيها لمة فترة العصر و إحتساء شاي المغرب باللبن بعد إحضاره من المعمل عصرا .. إذ كنا جميعا نحمل بستلة اللبن في فرح و حبور متجهين غربا صوب حظيرة الأبقار و عندما نصل إلى هناك ترص البستلات في صف واحد .. ثم يأتي أبونا جميعا و عمنا خضر الحسين .. و هو ينادي على الأبقار واحدة بعد الأخرى بأسمائها .. تأتي في إحترام لحلبها ثم ترجع للحظيرة لتنال وجبة دسمة من العلف و العيش و جرعة ماء . * ما أجمل ليالي الحديبة في النادي و رمال القوز و صفائها مع نور القمر الساطع .. و الروعة في الأبحاث هي الإحتفال بيوم الحديبة السنوي .. ذلكم اليوم الذي يكون من أعظم أيام السنة .. حيث يبدأ الإحتفال به قبل اسبوع من تأريخه .. بمباريات تنافسية بين فرق الأقسام الزراعية .. الرئاسة و البساتين و التربة و إكثار البذور و فريق الحلة .. وروعة التنافس في منافسات جر الحبل و لعبة الكراسي و سباق الماراثون و المبادلة .. و يختتم الإسبوع في يوم مخصص بالنادي يبدأ من الصباح بمعرض الأعمال اليدوية .. التي تبرع فيها أخواتنا و أمهاتنا .. و من اللعبات التي لا أنساها لعبة الطوق ، تربح تكسب و جرب حظك .. و ينتهي ذلك اليوم بالحفل الغنائي الساهر الذي يشدو فيه فنانو محطة الأبحاث بقيادة المبدع حسن عمر و مجدي عمر و عبد القادر رضوان .. و يتخلل ذلك مسرحيات و اسكتشات ضاحكة للشاعر المبدع محمد صالح سليمان و الفلتة حافظ عمر ذلك الإنسان الرائع . كانت لنا أيام و لن ننساها أيام مضت مرحا قضيناها .. قضيناها فيك يا حديبة يا حبيبة .. "عادل ود الجد"
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
خالد الطاهر العجيمي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست