|
ابراهيم عوض والطاهر ابراهيم ..... كانت ثنائية باذخة الجمال ( 2 ) بقلم صلاح الباشا
|
02:58 AM May, 24 2015 سودانيز اون لاين صلاح الباشا-السعودية مكتبتى فى سودانيزاونلاين
تحدثنا في الحلقة الماضية عن إطلالة الفنان الذري الراحل إبراهيم عوض في الساحة الفنية نتاجاً لإكتشاف المبدع الكبير الشاعر والملحن عبدالرحمن الريح لموهبة أبوخليل المبكرة .. خاصة وأن الحي العريق- حي العرب بام درمان قد جمعهما في السكن ... وكان ذلك منذ بدايات خمسينيات القرن الماضي . ولكن ... ظهر مبدع آخر كإمتداد لفن ودالريح تماماً ولكن بلونية مفردات أشعار غنائية اخري جديدة وممزوجة مع ألحان موسيقية أكثر تجديداً .. والتي تمثلت في أعمال الأستاذ الشاعر والملحن الطاهر إبراهيم ( إبن حي العرب ) أيضاً ، فإن تلك الإطلالة في دنيا الفنان الذري كانت بمثابة أكبر نقلة نوعية لهذا الفنان الكبير .. بل لقد عرف شعب السودان معظم الغناء الجميل في نهاية خمسينيات القرن العشرين بعد إكتمال بدر تلك الثنائية التي تمددت بين الطاهر وإبراهيم عوض . فالشاعر والملحن الطاهر إبراهيم كان أصلاً ضابطاً في الجيش ، وفي فترة الحكم العسكري الأول ( 1958—1964 تم إعفائه من الخدمة بسبب ظهور المحاولات العسكرية العديدة لتغيير النظام وقتذاك وبالتالي لم ينجُ العميد الطاهر ابراهيم من الإعفاء من الخدمة بالجيش ، فإلتحق بمشروع الجزيرة كمفتش غيط .. أو مايطلق عليه الآن كلمة مفتش زراعي .. ثم إنتقل من الجزيرة وعمل ضابط مجلس - كضابط إداري - وخدم بجنوب السودان بعد ذلك .. وهنا سأذكر قصة طريفة جداً جمعتني بهذا الشاعر والملحن الكبير وقد كنت صبيا يافعاً في مدينتي( بركات ) ضاحية ودمدني حيث توجد رئاسة مشروع الجزيرة ، كنت قد قابلت الطاهر إبراهيم الذي كان قد زارنا في البيت بدعوة إفطار من أخي الراحل الفنان حسن الباشا الذي كان يعمل وقتها أيضاً موظفاً في مشروع الجزيرة ويعرف الطاهر جيداً (ودائماً نجد أن الفنانين والمبدعين يعرفون ويحبون بعضهم البعض جيداً ، فلو أصبح السياسيون مثل المبدعين ، لكانت كل مشاكل الدنيا قد حُلت ومنذ زمن مبكر) .. وأذكر تماماً أن الطاهر إبراهيم بعد تناوله لوجبة الإفطار مع أخي المرحوم حسن الباشا في منزلنا حيث كان الطاهر في مهمة عمل من الغيط إلي رئاسة المشروع ببركات .. أنني طلبت منه وأنا في ذلك العمر الصغير (ثانية متوسطة ) أن يغني لنا أغنية عزيز دنياي والتي تبدأ ب ( كنت معاك سعيد ... والليلة في بعدك ما أضناني ) التي أشتهر بها إبراهيم عوض وقتذاك وهي من أشعار وألحان الطاهر إبراهيم ، فلم يمانع الرجل وسط دهشة أخي الراحل حسن الباشا لهذا الطلب الغريب في غير وقته من هذا الشافع ، فلم يحرجني الطاهر .. بل أمسك بالكبريتة وغرد بها.. نعم لازلت أذكر هذا الموقف كعشاء البارحة تماماً ، و لذلك ظلت أغنية عزيز دنياي هذه راسخة في ذهني منذ عام 1963م بل لازلت أحتفظ في مكتبتي بشريط فيديو لسهرة تلفزيونية جماهيرية كاملة بدأها أبوخليل بتلك الأغنية وهي مسجله بحدائق تلفزيون أم درمان وفي الهواء الطلق لإبراهيم عوض ويعود تاريخها إلي العام 1978م وقد كنت وقتها أعمل بمدينة جدة في مجال الإدارة المالية حيث قام بنقلها لي صديقي المخرج التلفزيوني الكبير ( محمد الأسد ) والذي هاجر إلي دولة قطر منذ زمان بعيد .. والأسد هذا كان هو مخرج برنامج ( دنيا دبنقة ) لمحمد سليمان وبرنامج الربوع للراحل إبن فداسي (محمد البصيري ).. فضلا علي إبتكار الأسد لفكرة برنامج عزيزي المشاهد الأكثر شهرة .. وكان أبو خليل قد إبتدر تلك السهرة بأغنية عزيز دنياي والتي تعتبر من أروع ما تغني به إبراهيم عوض من أغنيات التطريب الهاديء ،حيث كانت كلمات تلك الأغنية التي كتب كلماتها ولحنها الطاهر إبراهيم تقول في خاتمتها :- بهرب منك.. وللقاك بحاول أنساك أمهد ليك تتخلص مني ألقي خطاي .. تجمعني معاك ولو تعرف عايش... علي عاطفه وكل حياتي... من أجلك تعرف يوم في دنيا غيابك تساوي سنين .. في دنيا هناك يا أعز عزيز... في دنياي وأنا طامع أبقي.. عزيز دنياك ولا زلنا حتي الآن نطرب عندما نستمع إلي تسجيلات إبراهيم عوض القديمة وإلي هذه الأغنية بالذات لأنها تحتوي علي كمية هائلة من التطريب . أما في مجال الغناء الخفيف ذي الإيقاعات الراقصة .. لابد وأن نذكر تلك الأغنية الرشيقة للطاهر ابراهيم والذري :- لو بعدي بيرضيهو.. وشقاي بهنيهو أصبر خليهو.. الأيام بتوريهو عشرتنا الطويله.. وخوتنا ياحليله آمالنا وأحلامنا .. إتناسيتم في ليله كيف اقبل عواطفك.. والعازل دليله ومن الملاحظ أن مفردات أشعار وألحان الطاهر إبراهيم دائماً تأتي رشيقه وتتراقص لوحدها .. كما ان الطاهر لم ينس في أن ينتقل بالفنان أبو خليل إلي لونيات أخري من الغناء الهاديء الذي يحمل مضامين وموضوعات أخري فيها طابع الملامه والعتاب للدرجه التي يصف فيها (مشروعه) بخيانة العُشره ، فجاءت أغنية (ياخائن) ، وأخذت مساحة واسعة من الرواج في تلك الحقبة من بداية الستينيات من القرن العشرين ، ولقد لاحظنا أن الأستاذ الفنان الراحل زيدان إبراهيم كثيراً ماكان يؤدي تلك الأغنية الرقيقة بطريقة جميلة . وبمثلما أهدي الطاهر ابراهيم لمحمد وردي النشيد الاكتوبري المشهور (شعبك يا بلادي اقوي واكبر ... مما كان العدو يتصور ) عقب انتفاضة اكتوبر 1964م فإنه قد اهدي لابراهيم عوض نشيد ( الثورة شعار ) في ذات الفترة . ولكن ... ظلت أغنيتهما فائقة الجمال والتي ظهرت في بداية تعاونهما الفني ( والله جنني وغيّر حالي .. وحير فكري وإشتغل بالي ) تتسيد غناء تلك الفترة .. وكم كان الفنان الضخم الموسيقار محمد وردي معجباً بها .. وقد سمعناه كثيرات يرددها بصوته الطروب ذاك .. ومن منا في صغره كان لا يرددها ولو بصوت خفيض في سره حين كان الزمان أصلا جميلاً .. لاتعقيدات حياتية فيه .. حين كان الراديو هو سيد الموقف:
( تنساني ما بنساك .. تجفاني مابجفاك .. صابر وما هماك .. رحماك ياقلبي رحماك )
فتمددت إبداعات العملاقين ابراهيم عوض رحمه الله ، والمبدع الكبير الطاهر ابراهيم أطال الله في عمره ، والذي ساعدت كل اعماله الغنائية في أن تجعل هذا الفنان الذري رقما فنيا يتسيد ساحة الغناء التطريبي الرومانسي وايضا الغناء الخفيف في السودان ولعشرات السنوات .
ونحني إذ نحيي ذكراه التاسعة بهذه الاضاءات الفنية فإن في الامر إستراحة من كتابات المقالات السياسية وحركة الشد في العراك السياسي بكل صراعاته الدائرة عند اهل الحكم والمعارضة بعد أن ظل كل طرف يتمترس في موقفه ، ظانين انهم بذلك يحققون الامن والاستقرار لشعبنا ، غير ان حواراتهم التي لم تتعد محطة ( محلك سر ) بعد .... بعد ان كانت بلادنا هي محور الارتكاز لحلول كل المشاكل السياسية في عالمنا العربي في زمان كان باذخ الجمال ، وقد اصبحت بلادنا الآن في حاجة لمن يجمع شملها حتي داخل احزابها المهترئة والمفترية في ذات الوقت ، فإن كل ذلك لم ينسينا ان نتذكر مبدعينا الذي عطروا سماء بلادنا بهذا الفن السوداني الرفيع الذي عمل علي توحيد وجدان السودانيين منذ بدايات القرن العشرين وحتي اللحظة ... ونواصل ،،،،
أحدث المقالات
- نكتة سودانية قوية جداً عن كديس الانقاذ! بقلم فيصل الدابي/المحامي 05-23-15, 04:30 AM, فيصل الدابي المحامي
- من يذهب إلى المحكمة يخسر بقرة ويكسب كديسة! بقلم فيصل الدابي/المحامي 05-23-15, 04:29 AM, فيصل الدابي المحامي
- فلتبقى مبادرة شارع الحوادث ولتذهب جِيَف الإسلاميين بقلم أحمد يوسف حمد النيل 05-23-15, 04:19 AM, أحمد يوسف حمد النيل
- للحفاظ على سفينة الزواج بقلم نورالدين مدني 05-23-15, 04:16 AM, نور الدين مدني
- شارع الحوادث بين رحيل غسان واستغاثة هندوسة بقلم أكرم محمد زكي 05-23-15, 04:13 AM, اكرم محمد زكى
- لافتة... خالد صالح بقلم عدلى صادق 05-23-15, 04:11 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- القوميون العرب في السودان إشكالية التوحد و الديمقراطية بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن 05-23-15, 04:10 AM, زين العابدين صالح عبد الرحمن
- علماء السلطان , لا حول ولا قوة الا بالله بقلم المثني ابراهيم بحر 05-23-15, 03:29 AM, المثني ابراهيم بحر
- الضبع المراوغ شعر نعيم حافظ 05-23-15, 03:26 AM, نعيم حافظ
- شروط التحول الديمقراطي في العراق، رؤية مستقبلية بقلم د. احمد غالب الشلاه/مركز المستقبل للدراسات ال 05-23-15, 03:24 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- التراتيبية الهندية بقلم خالد قمرالدين 05-23-15, 03:23 AM, خالد قمرالدين
- التحية و الإجلال للشعب الاريتري في عيد استقلاله بقلم عادل عثمان عوض جبريل 05-23-15, 03:21 AM, عادل عثمان عوض جبريل
- قاطعوهم جميعاً بقلم كمال الهِدي 05-23-15, 03:18 AM, كمال الهدي
- تائه بين القوم / الشيخ الحسين/ الشيخ عمر التلمساني ....... كان أذكي المرشدين للإخوان المسلمين 05-23-15, 03:17 AM, الشيخ الحسين
- الهندي عزالدين الذي تأخذه دائما العزة بالاثم فيحسب نفسه مصيبا دوما بقلم دكتوره مهيرة محمد احمد 05-23-15, 03:14 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- من قتل غسان؟..!! بقلم عبدالباقي الظافر 05-23-15, 03:07 AM, عبدالباقي الظافر
- حالة.. توهان وطنية..!! بقلم عثمان ميرغني 05-23-15, 03:05 AM, عثمان ميرغني
- و(مالها ست الشاي) يا الهندي؟! بقلم صلاح الدين عووضة 05-23-15, 03:02 AM, صلاح الدين عووضة
- ماذا يحدث في دولة جنوب السودان؟! بقلم الطيب مصطفى 05-23-15, 03:00 AM, الطيب مصطفى
- المدير غير مقيًد ..!! بقلم الطاهر ساتي 05-23-15, 02:58 AM, الطاهر ساتي
- تحسين جودة التعليم بقلم نوري حمدون - الابيض – السودان 05-23-15, 02:57 AM, نوري حمدون
|
|
|
|
|
|