مجموعة قوية من شباب البراري المستنير استطاعت جمع غالبية القوى الشبابية ، وفي فيديو مهيب جدا ، اظهر جماهير غفيرة من ابناء وبنات بري وقد تجمهروا في ميدان الشهيد صلاح سنهوري (كرمزية مهمة) حيث رفع المتظاهرون اصواتهم الشجاعة بدون خوف ولا وجل ، في تحد واضح لجميع الاجهزة الامنية التي تحاول قمع اي تحركات جماهيرية ضد النظام. وقد حدد المتظاهرون الشباب الذين اطلقوا على انفسهم اسم (أسود البراري) مطالبهم في نقاط واضحة لا لبس فيها. على النحو التالي: 1- اسقاط نظام المؤتمر الوطني. 2- محاسبة كل المشاركين في مذابح دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق. 3- تجميد ارصدة الرئيس وكافة اقاربه ورموز النظام . 4- الغاء المحاكم الاستثنائية ، وسجون الأمن ، واطلاق جميع السجناء السياسيين. 5- اعادة بناء المؤسسة العسكرية والامنية على اسس وطنية حديثة . واضافوا جملة مهمة جدا وهي ان (جهاز الامن جزء اصيل من الشعب السوداني). 6- بناء اقتصاد وطني قوي ؛ على ان يتم ادارة هذا الاقتصاد القومي عبر تكنوقراط من العلماء والخبراء الاكفاء. 7- استقلالية السلطة القضائية بما يضمن حيدتها المفروضة تجاه الشعب السوداني. 8- بناء دولة دموقراطية تقوم على اسس المواطنة. والحقيقة ان هذه المطالب فاجأتني تماما ؛ وذلك من عدة أوجه. فأولا يلاحظ ان هذه المطالب جاءت محددة بدقة شديدة جدا بحيث انها في حد ذاتها كافية تماما -اذا تحققت- لانجاز تحول كبير للدولة السودانية واخراجها من النفق المظلم الذي اقحمها النظام فيه. كما ان هذه المطالب عكست رؤية قومية لشباب البراري ، فهي لم تأت بمطالب فئوية او جهوية او حتى متعلقة بمنطقتهم. وانما عكست شعور قومي بضرورة انتقال السودان كدولة عشعشت فيها الجهوية والعنصرية والفساد الى دولة تواكب الحداثة وتطلعات الشعب المشروعة . تجاهلت هذه المطالب الجدليات السفسطائية شديدة الترف التي تثيرها النخبة المثقفة والرموز السياسيين حول قضايا الهوية وعلاقة الدين بالدولة وغيرها. وان كانت قد ضمنت اجابات لهذه الاسئلة من خلال اجابة واضحة وهي (قومية الدولة ومبدأ المواطنة) . يلاحظ ايضا ان (اسود البراري) لم تحاول استعداء الاجهزة الشرطية والامنية ؛ وبوعي كامل يفوق مستوى تفكير الكثير من قوى المعارضة ؛ امن شباب البراري على احترام مؤسسات الدولة الامنية واهميتها ، واكدوا بدون ادنى شك ان الخلل الذي تعاني منه المؤسسة الامنية يمكن اصلاحه في مرحلة دولة القانون والمؤسسات ليكون جهاز الامن جهازا يحمي امن الدولة وليس امن النظام.. والفرق شاسع بالطبع. هذه مطالب خطيرة جديدة ومكتوبة بدقة وبوعي عالي جدا . بحيث جاءت بالفعل ممثلة للمعاناة التي يعيشها جميع ابناء الشعب السوداني جراء عبثية تصرفات النظام. والاجمل من هذا كله ان هذه القوى الشبابية لا زالت تتمتع بروح ثورية بعد ان كنا قد يئسنا ، فنفخت في قلوبنا روح الأمل. اتمنى ان تستمع اجهزة الدولة وخاصة الاجهزة الشرطية والامنية لصوت هؤلاء الشباب. وان تفهم ان الشباب السوداني اليوم لم يعد غافلا ولا ساذجا ، وهذا مؤكد لأن هذا جيل الانترنت ، جيل العولمة ، جيل ثورة المعلومات ، الجيل الذي يشهد عصر امكانية معرفة الحقيقة من الكذب بضغطة زر ضوئي. انه جيل واعي ويعرف كيف ينظم افكاره ، ويعرف ان وجود الدولة ذاتها الآن بات مهددا ، وانه لابد من علاج عاجل لوقف كل هذا العبث. اتمنى ان يكون هذا البيان (وهو البيان الاول لقوى جماهيرية) ، حافزا لجميع الشباب في السودان لاصدار المزيد من البيانات والقيام بتنسيق عالي المستوى بين جميع القوى الشبابية للانتفاضة ضد القهر ، في الوقت الذي اختار فيه بعض من النخبة الصفوية الهبوط الناعم والاندغام مع النظام لنيل جزء من فتات مائدته. نتمنى من الاحزاب السياسية ان تعي بأن الشباب اوعى من يتقبلوا انصاف المواقف ، او امساك العصا من المنتصف ، او وضع قدم مع النظام وقدم ضد النظام. هذه المواقف الرمادية المتخاذلة يرفضها هؤلاء الشباب...انهم ابناء الحسم وابناء الحقيقة التي تقال ولو على حد السكين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست