|
|
 الفساد قمار الشعوب - السودان الأول عربياً
|
الفساد
مؤسسة الشفافية العالمية اصدرت تقريرها السنوى كان السودان الاول عربيا والخامس عالميا حيث ان الدولة الاولى فساديا هى هاييتى وتليها ميانمار وايران فى المركز الثالث وغينيا فى المركز الرابع ثم السودان فى المركز الخامس واحتلت الكنغو الديمقراطية المركز السادس واما الجارة الشقيقة تشاد فقد احتلت المرز السابع..
هل تحس بالجفاف وبالغضب والحزن والقهر والظلم وهل تخيم فوق راسك غيمة احباط رمادية وتتبعها واحدة سوداء تلخصان نظرتك للحاضر والمستقبل ..اذا كنت كذلك فانت سودانى قح..نحن فى حاجة الى دق نواقيس الانذار كلها واجراس الاستغاثة جميعها وابواق التنبيه جلها للفت النظر لهذا الخطر الماحق الساحق المسمى الفساد..فساد فى وزارة التربية..فساد فى وزارة الصحة ..اختلاسات وتلاعب بالمليارات فى البنوك ..فساد طريق لانقاذ الغربى ..الاموال المجموعة لمرضى الايدز خطفت بليل وتبخرت ..الاسواق الحرة غربت شمسها ..بيع بنك النيلين بالاقساط فى بنك فى الدنيا يا اسيادنا ببيعوه بالاقساط..وكتب عنه الباز عدة مقالات بعنوان دفن نفايات وليس بيع بنك وقد اورد ممارسات نصب واحتيال يشيب لها الولدان..
انها مشكلة الفساد الذى يعتبر من امراض العصر الخطيرة مثلها فى ذلك مثل قضايا الجوع والتصحر والاوبئة والامراض الفتاكة ..غالبية دول العالم الثالث النامى والنايم تعانى من استفحال هذا المرض الخطير ..فهذه الدول التى ارتضت لنفسها وصف المتخلفة والفقيرة والعيش بالتالى على الهبات والصدقات والمساعدات والمعونات الاجنبية تكاد تستسلم لوصف جديد اخر لتصبح الدول الفاسدة وذلك بسبب ما تعانيه من فساد لا يشبهه سوى التصحر الذى ياكل الاخضر واليابس ..الحى والميت.ويكاد يكون وباء الفساد فى هذه الدول ان يرتقى الى مرتبة العدوويكاد يصبح الصراع معه او ضده صراع وجود لا حدود..انه ليس عدوا خارجيا يمكن التغلب عليه فى معركة عسكرية او التعايش معه عبر اتفاقيات هدنة وسلام واستسلام..فى الوقت نفسه فهو ليس مجرد عدو داخلى كان نقول انه مجرد طبقة مستقلة يمكن التغلب عليها عبر انقلاب عسكرى يقوده ضابط محترف او ثورة يقودها حزب طليعى ..فالفساد عدو داخلى من نمط مختلف عدو متعدد الابعاد والمستويات والاشكال والمخاطر ..يفتك بالدولة والمجتمع من القمة للقاعدة وفى مختلف الاتجاهات..يفتك بالحياة الاقنصادية اولا ثم بالحياة الاجتماعية والثقافية والقيم والسلوك ..كلما ازداد فتكا ازداد شراسة ازداد معه ضعف الدولة والمجتمع وتعرضهما للتفكك والانهيار واندفاعهما نحو الهاوية..ان الفساد فى هذه الول اصبح فسادا فى السياسة والاقتصاد وبالتالى فان فتح ملف الفساد ومكافحته على مصراعيه سوف يؤدى الى فتح ملف الفساد السياسى فيها وبالتالى تتعرض انظمتها للخطر والسقوط والمحاكمات القاسية بوصفها المسئول الاول عما حل بالبلاد والعباد من مصائب واهوال ..
وما دام الشىء بالشىءيذكر ففى حديث لافت اشارت دراسة حديثة ان الفساد يكلف روسيا عشرون بليون دولار سنويا وتحول ذلك الى ثقب اسود يمتص كل انتاجية ونمو مكن وفى استطلاع اخر منفصل يخص الاقتصاد تبين ان الفساد اصبح فى معظم دول العالم الثالث ومن ضمنها السودان اقتصادا اخر منفصلا ويسير متوازيا مع الاقتصاد الرسمى واغلبية تقبل به وتباركه ..وقد يسال سائل ولماذا السودان وماذا عن الفلبين والارجنتين او الكنغو ..لان السودان دولة كانت معقولة فى كل شىء اول دولة تنال استقلالها فى القارة السوداء اول دولة افريقية تقام فيها انتخابات يرلمانية نزيهة وحضارية خدمة مدنية ممتازة تضاهى الموجودة فى درة التاج البريطانى فى الهند كل مقومات التقدم موجودة اغنى دول العالم نسبيا اراضى فائقة الخصوبة وثروات من كل نوع ولكن من اسف سارقون من كل الانواع وها هو الطاهر ساتى يحدثنا عما الحقه الفساد بالبلاد لن يجد الالوف من السودانيين الذين يموت اغلبهم جوعا وحربا الكثير من العزاء فى التاكد من انه لم يبق شىء يمكن سرقته ..انهم يموتون جوعا وحربا ونزوحا فى بلد كان قبل بضعة عقود فقط سلة الخبز بالنسبة للعالم وطبعا هذا المامل وليس الواقع..
كما ان القمار لا يبقى على ثروة فردية مهما كبرت ..فان الفساد لايبقى على ثروة وطنية مهما عظمت ..الفساد مثل القمار لايبقى اثرا لخير فى مكان لكن الفارق ان المقامر يقامر بثروته ورغيفه والفساد قمار على الامم..الفساد جعل دولة كالسودان اشبه بجمهورية من جمهوريات الموز المهلهلة فى القارة الجنوبية الامريكية..الفساد فى النهاية يجعل الشعوب تواجه مجاعتها وهوانها ونزوحها وياسها الاخير ..ملايين الجائعين النازحين المشردين ..ملايين الفقراء..
اصبح غير غريب وجود موظفى دولة سابقين وحاليين يتصدرون قوائم الاغنياء والمجالس الاجتماعية وقد وصل الفساد وتفشى فى الاجهزة القضائية فاصبح يشكل مباشر او غير مباشر يساهم ويكرس فى تدهور الوضع القائم بعدم اصدار احكام صريحة او تاجيل اصدارها ..وان الطامة الكبرى فى العديد من هذه الدول اصبحت المحاكم احدى ادوات الظالم بدلا من ان تكون ملجا للمظلومين والمقهورين والمسروقين والمنهوبين والنازحين والجائعين..وينطبق الحال على الاجهزة الرقابية المنبثقة من الدول للحد من التسيب والفساد..
سيطرة السياسة فى هذه الدول لا تؤدى فقط الى تدهور الاقتصاد وتخلفه بل غالبا ما تعنى فى نفس الوقت استخدام اجهزة السياسة لتحقيق مصالح وبالتالى افساد كل من الاقتصاد والاخلاق ..وبالمثل فان ترك الامور على الغارب للاقتصاد والمصالح الخاصة دون قيد او شرط او رقابة من سلطة عليا كثير ما ينطوى على نوع من التوحش الانانى وفرض سلطة القوى على الضعيف بما ينعكس سلبا على الانجاز الاقتصادى نفسه فضلا من الامر لايلبث الى ان تصبح السيطرة الاقتصادية نوع من التسلط الاقتصادى الذى قد يكون اشد قسوة من التسلط السياسى حيث تستخدم فيه اساليب التفوق الاقتصادى لتحقيق سيطرة كاملة لفئة او طائفة محددة واخيرا فانه من العبث الاعتقاد بامكانية حماية المجتمع والافراد تحت وهم القيم الاخلاقية وحدها سواء ان كانت دينية او غيرها فلن تلبث ان تؤدى غرائز الافراد فى التسلط والانانية لاهدار هذه القيم ذاتها وبذلك تصبح هذه الاخلاق الرسمية قناعا للاستغلال والتدليس واكل اموال الناس بالباطل..
الفساد سادتى كالسوس ينخر فى عظام الاقتصاد والمجتمع ويدمره .الحد منه ومجابهته ومحاسبة المخالف تتطلب جراة واضحة وقوامة قانونية صريحة وشفافية غير مسبوقة ..لابد من وضع الخطط القريبة والبعيدة للقضاء عليه واصدار القوانين الكفيلة بمكافحته وانشاء المحاكم القادرة على محاكمة الفاسدين والمفسدين علانية وعلى مراى ومسمع من الناس..تفعيل اجهزة الرقابة والتفتيش الرسمية وبث الروح فى مكاتب المراجع العام والرقابة الشعبية واتاحة الفرص للمواطنين لتقديم ما لديهم من معلومات وشكاوى واتاحة الفرص لاجهزة الاعلام للقيام بدورها على هذا الصعيد..هذه المطالب ليست جديدة او غريبة ومعروفة للجميع وعملا كهذا اذا اودى بجدية وحكمة فان امر التخلص من الفساد واخطاره والقضاء عليه يصبح فى متناول اليد خلال فترة وجيزة وسيتمكن النظام والمجتمع من تجديد نفسه واستعادة الثقة بالنفس وبالقدرة على التطوير والتقدم ..ويبقى السؤال الحائر هل لدينا الرغبة والقدرة على الانسلاخ من المناخ الفاسد ومواجهته ام سنبقى اسرى التناقض فيما نرفعه من شعارات وما نقوم به من افعال..وفى ظل النظام الحالى لا اعتقد ان الامور مبشرة للخلاص من هذا الداء الوبيل ونردد مع الوطنى سعد زغلول عندما ياس من رفع همة المصريين لمقاومة الانجليز ..ما فيش فائدة يا صفية ادينى اتغطى..
باحتلال السودان المرتبة الاولى عربيا فى الفساد يكون السيل بلغ الزبى كما قالت العرب والربى حفظك الله ورعاك هى التلال عالية جرداء وبعيدة فلا يبلغها السيل الا وقد طفح الكيل واشتد الويل واغدق الليل وتدجى ..وهاجت الخيل خوفا وتزايلا يقال ذلك فى ساعة الغضب وضياع الارب وانفخات القرب وانتشر الفساد وعم البلاد والعباد..
هذا الفساد فى دولة كالسودان ياكل من طعام الناس وعلاجهم وصحتهم ودوائهم ..كل ناهب للمال العام فى هذه الحالة يكون استولى على رواتب وغذاء وصحة وتعليم الاف المواطنين ويكون قد تسبب فى لجوئهم ونزوحهم وتشردهم وموتهم..اخطا الماضى وفساده جعلت ابناء الجنوب من المشردين اما اخطا الحاضر وفساده جعلت كل ابناء الوطن من اللاجئين..وها هو بدر شاكر السياب يقول ان الفاسدين هم التتار..
الموت فى الشوارع ..والعقم فى المزارع ..وكل ما نحبه يموت..الماء قيدوه فى البيوت ..والهث الجداول الجفاف ..هم التتار اقبلوا ففى المدى رعاف...
|
|
 
|
|
|
|
احمد حماد ادريس
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست