ماذا يفعلون في الحركة الاسلامية.... بعض الاسلاميون مندهشون اكثر منا

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 04:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-12-2006, 08:10 AM

Waly Eldin Elfakey
<aWaly Eldin Elfakey
تاريخ التسجيل: 07-27-2005
مجموع المشاركات: 2142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ماذا يفعلون في الحركة الاسلامية.... بعض الاسلاميون مندهشون اكثر منا

    هذا مقال لدكتور التجاني عبد القادر
    نشر بجريدة الصحافة بتاريخ 10/12/2006
    اتوقع مناقشة هادئة في محتواه من الاخوة هنا

    المقال طويل و لكنه يستحق القراءة

    Quote: مـــاذا يفعلـــون فى الحـــركة الإســـلامية؟
    د. التجاني عبد القادر
    [email protected]
    (1)
    أشرت فى مقال سابق إلى إرهاصات تحول إستراتيجى وقع فى مسار الحركة الإسلامية، وذكرت أنه صار يتجسد سياسيا فى تحالف ثلاثى بين "القبيلة" و"السوق" والذهنية الأمنية"، ثم تحدثت فى مقالين تاليين عن هذه الذهنيةالتى هيمنت على التنظيم وحولت سائر نشاطه الى ملفات أمنية، وأريد فى هذا المقال أن أتحول الى السوق، لنرى ظاهرة أخرى تتمثل فى "الذهنية" التجارية وفى العناصر الرأسمالية التى صارت هى الأخرى تنشط وتتمدد حتى كادت أن "تبتلع" الجزء المتبقى من تنظيمنا الإسلامى الذى لم ننضم اليه أصلا الا فرارا من الرأسمالية المتوحشة.
    ولما كان الشىء بالشىء يذكر، فقد كتب صديقنا عبد المحمود الكرنكى،الصحفى والملحق الإعلامى السابق بلندن، كتب ذات مرة فى أوائل الثمانينات مقالا لصحيفة الأيام تعرض فيه بالنقد لممارسات بعض "أخواننا" العاملين فى بنك فيصل الإسلامى. كانت رئاسة الصحيفة قد أوكلت آنذاك، ابان ما عرف بالمصالحة الوطنية، الى الأستاذ يسين عمر الإمام. وقبل أن ينشر الموضوع وصل بصورة ما الى الدكتور الترابى، فلم يعجبه وطلب من الكرنكى أن يعرض عن نشره، على أن يبلغ فحواه الى "أخوانه" فى البنك على سبيل النصيحة. قال له الكرنكى: لن أنشر الموضوع احتراما لرأيك، ولكنى لن أتقدم بأية نصيحة لأحد. ولما سأله الترابى عن سبب ذلك، قال له: هب أنى تقدمت اليهم بنصيحة، ثم تقدم اليهم "الأخ" الطيب النص بنصيحة أخرى، فبأى النصيحتين يأخذون؟ وكان الطيب النص آنذاك من التجار/المستثمرين الكبار الذين يحبهم مديرو البنوك، ويطيلون معهم الجلوس، ويولونهم إهتماما لا يولون معشاره لأقوال الصحف والصحفيين، خاصة الفقراء منهم. وقد أحس الكرنكى بذلك وأدرك أولا أن بعض "أخواننا" قد داخلهم "شىء ما" أفقدهم القدرة على تذوق النصيحة "الناعمة" والموعظة الحسنة، كما أدرك ثانيا أن العلاقة بين التنظيم والسوق، والتى يمثل(اكس) "همزة الوصل" فيها، قد بلغت من القوة مبلغا لا تجدى معه المواعظ الأخوية والنقد السرى. والسيد (اكس) ليس هو التاجر المجرد، وانما هو تاجر"إسلامى"، وهو حينما يذهب الى موظفى البنك "الاسلامى"، أو الى العاملين فى مرافق الدولة لا يذهب كما يذهب عامة التجار وانما يذهب ومعه هالة التنظيم، ليتوصل الى مصالحه الخاصة، وهذا هو مربط الفرس وبيت القصيد، أى أن "المصالح الخاصة" التى تتخذ لها غطاء من "التنظيم" هى محل الإشكال وموضع النظر فى هذا المقال.
    والسؤال هنا: كيف بدأت العلاقة بين التنظيم والسوق؟ وفى أى اتجاه تطورت، والى أى شىء يتوقع لها أن تقودنا؟ أظن أن بداية هذه العلاقة تعود الى فكرتين بسيطتين احداهما صحيحة والأخرى خاطئة. أما الفكرة الأولى الصحيحة فهى أن اصلاح المجتمع السودانى أو اعادة بنائه على قواعد الاسلام وهديه(وذلك هو الهدف الأساسى للتنظيم) يستلزم تجديدا فى الفكر الاسلامى ذاته، تتمخض من خلاله رؤية تحريرية-تنموية، يتوسل بها لانتزاع الإنسان السودانى من براثن الجهل والمرض والفاقة، وذلك من خلال بناء نماذج فى التنظيم والقيادة، ونماذج فى المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية تكون كل واحدة منها "بؤرة إشعاع" يلتقى فيه الهدى الدينى، والعرف الإجتماعى، والخبرة التقنية،والقيادة الرشيدة. ولكن العمليات البنائية هذه لا تكتمل إلا بتنظيم دقيق ومال وفير، فهما وسيلتان أساسيتان من وسائل التحرر والنهضة الإجتماعية الإسلامية، ولكن لا ينبغى للوسيلة "التنظيم" أن تتحول الى هدف، كما لا ينبغى أن تكون للعاملين على تحقيق هذه الوسائل "أجندة خاصة"، كأن يتحولوا هم الى أغنياء ثم يتركوا التنظيم والمجتمع فى قارعة الطريق.
    أما الفكرة الثانية الخاطئة فهى أن "التنظيم" لا يكون قويا الا اذا صار غنيا، ولن يكون التنظيم غنيا فى ذاته وانما يكون كذلك اذا استطاع أن يأخذ بعض المنتسبين اليه "فيصنع" منهم أغنياء، بأن يضعهم على قمة المؤسسات الإقتصادية:مديرون لبنوك، ورؤساء لمجالس الإدارات والشركات، ومستشارون قانونيون، وفقهاء شرعيون ملحقون بالبنوك، فيصير هؤلاء أغنياء ليس عن طريق الرواتب الكبيرة والمخصصات السخية فحسب وانما عن طريق السلفيات طويلة الأجل، والقروض الميسرة، والمعلومات الكاشفة لأوضاع السوق ولفرص الإستثمار. هذه الرؤية الخاطئة لم أستطع أن أتحقق من مصدرها بعد، ولكنى أذكرها لأنها صارت رؤية سائدة وذات جاذبية كبرى، وكان من نتائجها أن تولد لدينا "مكتب التجار"، ليكون بمثابة الأصابع التنظيمية فى السوق، ثم تحولت "إشتراكاتنا" الصغيرة الى شركات(كيف؟ لا أدرى)، ثم صارت كل شركة صغيرة تكبر حتى تلد شركة أخرى، ولما لوحظ أن عددا كبيرا من العضوية الإسلامية ميسورة الحال يوجد فى السعودية وفى دول الخليج الأخرى، أنشأ "مكتب المغتربين"، ليقوم بجمع الاشتراكات، ثم تحولت وظيفته بصورة متدرجة الى ما يشبه الوساطة التجارية والوكالة والإستثمار. ولما لوحظ تكرر المجاعات والكوارث فى السودان، أنشئت أعداد من المنظمات الخيرية التى تهتم بالعون الإنسانى، ولكنها تركت لأصحاب العقلية الرأسمالية التوسعية، فصار القائمون عليها فى كثير من الأحيان ينحدرون من الشريحة التجارية ذاتها؛ الشريحة التى تتخندق فى البنوك والشركات والمكاتب التجارية.
    ثم جاءت ثورة الإنقاذ، فكانت تلك هى اللحظة التأريخية التى وقع فيها التلاحم الكامل بين الشريحة التجارية المشار اليها، والمؤسسات الإقتصادية فى الدولة، فمن كان مديرا لبنك البركة صار وزيرا للمالية والإقتصاد، ومن كان مديرا لبنك فيصل صار محافظا لبنك السودان المركزى، ومن كان مديرا لشركة التأمين الإسلامى صار وزيرا للطاقة، فاذا لم يصب فيها نجاحا خلفه عليها مدير بنك التضامن أو بنك الشمال الإسلاميين، الى غير ذلك من وزراء الدولة ووكلاء الوزارات. وكل من هؤلاء لم يعرف لأحدهم أسهام أصيل فى الدراسات الإقتصادية، أو رؤية عميقة للتنمية الإسلامية، ولكن كل هؤلاء يعرف بعضهم بعضا معرفة شخصية، وكانت لهم ذكريات مشتركة فى المدارس، أو فى العمل التنظيمى، فصاروا يديرون الإقتصاد السودانى كأنما هو شركاتهم الخاصة، وتحولوا تدريجيا الى نخبة حاكمة مغلقة، فاذا خرج أحدهم من وزارة أعيد الى وزارة أخرى أو أعيد الى "مملكته" السابقة، أو أوجدت له شركة خاصة للاستشارات أو المقاولات أو الإنشاءات، وذلك ريثما يخلو أحد المقاعد الوزارية، فى تطابق تام مع نظرية "تدوير النخبة الحاكمة" التى قال بها عالم الاجتماع الأمريكى رايت ميلز وآخرون. وبهذه الطريقة تم تمرير وتسويق المفاهيم الرأسمالية وتوطينها فى برامج الدولة والتنظيم، وبهذه الطريقة سدت المنافذ لأية محاولة جادة لبلورة مذهب اسلامى أصيل فى التنمية الإقتصادية،وبهذه الطريقة تحول التنظيم الى ما يشبه "حصان طروادة" يشير مظهره الخارجى الى صرامة المجاهدين وتقشف الدعاة، أما من الداخل فقد تحول الى سوق كبير تبرم فيه الصفقات، وتقسم فيه الغنائم، دون ذكر لتجديد الفكر الإسلامى أو لنموذج التنمية الإسلامية الموعودة، وبهذه "الطريقة" صار أفراد هذه الشريحة أغنياء بينما ترك "التنظيم" ليزداد فقرا وتمزقا،بل إن عامة العضوية ظلوا فقراء مثل عامة الشعب برغم الشركات الكثيرة التى تم توزيعها بين المؤتمرين الوطنى والشعبى؛ الشركات التى أسست باسم الإسلام ومن أجل نصرة الفقراء والمستضعفين.
    (2)
    وما الغضاضة فى ذلك، يقولون، ألم يعمل النبى عليه السلام فى التجارة، وكان بعض الكبار من أصحابه تجارا، وأن التجار قد نشروا الإسلام فى بقاع العالم، وبفضل من أموالهم ترسخت دعائم الحضارة الإسلامية قرونا؟ ألم يساهم هؤلاء الرأسماليون الإسلاميون فى انجاح مشروع الانقاذ الوطنى، وفى تثبيت الحكومة فى أيامها الصعبة الأولى حينما قبض الناس أيديهم؟ أليست التجارة هى أحد ركائز التنمية؟ والإجابة على كل هذا: اللهم نعم، ولو شئنا الإستطراد فى اتجاه المبادىء والمثال لقلنا أكثر من هذا، على أن الاعتراض ليس على مبدأ التجارة ولا على صيرورة بعض الناس أغنياء(إذ نعم المال الصالح للعبد الصالح)، ولكن الإعتراض يتركز حول "الكيفية" التى صاروا بها أغنياء، أى ان الاعتراض ليس على "الثروة" فى ذاتها، ولكنه على استغلال "للعلاقات والمعلومات" التنظيمية (رأس المال الإجتماعى)) وتحوير اتجاهها وتسخيرها لتأسيس الشركات الخاصة ولتعظيم أرباحها، ولتأمين الحياة لأبناء النخب الحاكمة، ولأصهارهم وأبناء عمومتهم وأعيان قبائلهم،هذا هو المال غير الصالح الذى يتحكم فيه غير الصالحين، كما يفهم من الحديث النبوى بمفهوم المخالفة.
    الإعتراض إذن ليس على وجود شريحة من الأغنياء فى داخل الحركة الإسلامية، إذ لو تكونت تلك الثروة بطريقة مستقلة عن "التنظيم"(كما هو حال بعض الإسلاميين) لما حق لأحد أن يتساءل، وذلك على مثل ما يحدث فى المجتمعات التى شهدت ظاهرة الإقطاع، حيث لا يوجد معنى للسؤال عن "كيف" صار بعض الناس أغنياء، لأن المجتمع تكون "تأريخيا" من "الفرسان النبلاء" الذين اغتصبوا الأراضى عنوة بحد السيف، وظلوا يتوارثونها جيلا بعد جيل تحت حماية القانون ومباركة العرش، فأكسبتهم تلك الملكية قاعدة اقتصادية راسخة، ووجاهة اجتماعية ونفوذا سياسيا لا يضارعهم فيها أحد. أما فى حالة المجتمع السودانى، وفى حالة الحركة الإسلامية السودانية بصورة خاصة فلم تكن توجد طبقة من النبلاء الأرستقراطيين ملاك الأراضى(أو الباشوات)، اذ أن الغالبية العظمى من الشعب لم تكن تملك شيئا، كما أن الغالبية العظمى من عضوية الحركة الإسلامية جاءت اما من أدنى الطبقة الوسطى، من شريحة الموظفين محدودى الدخل، واما من الشرائح الاجتماعية الفقيرة القادمة من قاع المجتمع ومن هوامشه الاقتصادية. يتذكر كاتب هذا المقال أنه فى أواسط السبعينيات من القرن الماضى كان تنظيمنا يعمل من تحت الأرض، وأردنا أن نجد "أماكن آمنة" فى مدينة الخرطوم نخفى فيها أعضاء اللجنة التنفيذية لإتحاد طلاب جامعة الخرطوم من أجهزة الأمن التى كانت تطاردهم، فكان عدد الذين يملكون منازلا خاصة بهم (تتسع لاستضافة ثلاثة أشخاص أو أكثر) يعدون على أصابع اليد. وأذكر أن أحد أخواننا الذى امتاز بالسخرية والدعابة كان لا يخفى تذمره من البقاء فى المنزل العائلى المتواضع الذى استضيف فيه، فاذا سألناه قال: كيف أبقى هنا وكلما أردت الحمام هرعت الى الشارع لأبحث عن سيارة للأجرة. أما الآن فقد صار كثير من هؤلاء يمتلكون البنايات الطويلة، التى تقدر أثمانها بما لا نستطيع له عدا، وتدخل منزل أحدهم فترى ما لم تكن تسمع به حتى فى بيوت الباشوات، وتسأل أحدهم من أين لك هذا فيقول من "استثماراتى"، ماطا شفتيه بالثاء، ولا يذكر أنه الى عهد قريب كان يسكن بيتا من الجالوص الأخضر.
    فالسؤال إذن عن "الكيفية" التى تحولت بها هذه "البروليتاريا الإسلامية" إلى ما يشبه حالة البرجوازية سؤال مشروع، اذ أن كثيرا منا لم يأتِ الى الحركة الاسلامية، ويفنى زهرة شبابه فى خدمتها من أجل الحصول على الثروة ولكن من أجل العدل الإجتماعى، اذ أن قضية العدل الاجتماعي هي القضية الأم التي لم ينفصل الإسلاميون عن أحزابهم التقليدية وطرقهم الصوفية، ومجموعاتهم العرقية، الا من أجلها،كما لم يتصلوا بالحركة الإسلامية الا من أجلها.ولكن ما تقدم من سرد يشير الى أن قضية العدل الإجتماعى لم تعد هي القضية الأم في النموذج الراهن، وذلك لأن الفئات الثلاث التى يقوم عليها النموذج: الشريحة الرأسمالية المتحالفة مع القوى الأمنية والبيروقراطية فى داخل الدولة، ومع القوى القبلية فى خارجها، لم يعد لواحدة منها هم والتزام بقضية العدل الاجتماعي، فبيروقراطية الدولة لا يمكن أن تسعى في تحقيق العدل الاجتماعي لأنها لم تنشأ "تأريخيا" من داخل المجتمع، كما أنها لم تستطع فى عهد الإنقاذ أن تتحول الى نخبة "رسالية" مهمومة بقيم الدين، فلا هي إذن تعبر تعبيراً صادقا
    عن رغبات ومصالح "الناس" ، ولا هى تجسد قيم الكتاب، فهي مجروجة لانقطاعها عن الكتاب من جهة، ولابتعادها عن الناس من جهة ثانية، ولانحباسها في مصالحها وامتيازاتها ولانصياعها للشريحة الرأسمالية من ناحية ثالثة.
    وهذا على وجه الدقة هو ما يجعل أجهزة الدولة ومؤسساتها الإقتصادية أدوات طيعة تسخر لتحقيق مصالح المستثمرين والتجار (المحليين والعالميين) دون مراعاة جادة لمصالح الفئات الأخرى في المجتمع. وهو ما يؤكد القول بإن هناك تحالفاً مصلحياً بين بيروقراطية الدولة والشرائح الرأسمالية المتحكمة. وهو ما يوضح بصورة مباشرة لماذا صار بعض الثقات من الإسلاميين يوضعون مواضع الظنون والشبهات حينما يوضعون في المواقع العليا في بيروقراطية الدولة، ليس لأن هذه المواقع مسكونة بالشياطين، ولكن لأنها موصولة بمجموعات قرائبية/قبلية متضامنة، وبشبكات تجارية مترابطة ذات قدرة على الحركة والالتفاف تجعل الموظف أو الوالى أو الوزير يدافع عن سياساتها ومصالحها أكثر من دفاعه عن النموذج الإسلامى وعن المستضعفين من الناس.
    فالحديث إذن عن الشريحة الرأسمالية هذه لا يأتى من قبل الحسد أو الغبن، كما قد يتوهم بعض الناس، وانما يأتى الحديث عنها لأنها صارت تشكل مسار الحركة الإسلامية، وتحدد اختياراتها، واذا لم تتدارك الحركة الاسلامية أمرها بصورة جادة فانها سرعان ما تجد نفسها منقادة بقوى السوق، وسيكون أرقى مكاتبها هو مكتب التجار، وستكون أنشط عناصرها هم المقاولون ورجال و(سيدات) الأعمال، الذين يكون انشغالهم بالأرصدة والصفقات أكثر من انشغالهم بالكتاب وبالناس وبالقسط الاجتماعي، وسيصعب عليهم الاستماع الى النصائح الناعمة من أى أحد حتى ولو قرأ عليهم كل ما كتب فى أبواب الزهد والقناعة. أما القضايا الإستراتيجية الكبرى، مثل قضايا الحرب والسلام، والعلاقات الإقليمية، والسياسيات الخارجية، فستتحول في غيبة الجماعات العلمية القادرة، والمجالس التشريعية الحاذقة إلى ملفات أمنية أو إلى صفقات تجارية، وفي كلتا الحالتين فستتولاها مجموعات "أمسك لي واقطع ليك"، وهى مجموعات "براغماتية" نبتت فى داخل الحركة الاسلامية، يطيل أحدهم اللحية، ويتسربل بالملفحة الفخمة، ثم يخوض فى أسواق السياسة والإقتصاد على غير هدى أو كتاب منير.أما قضايانا الأساسية مثل تجديد الفكر الاسلامى، وبناء المناهج والنماذج، وبلورة الرؤى، وتأهيل الكوادر، ونشر الوعى، واحداث التنمية فستترك لشعراء المدائح النبوية، وللوعاظ المتجولين، ولوزارة الأوقاف والشؤون الدينية إن وجدت، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    يقول الغزالى: اعلم أن الله عز وجل اذا أراد بعبد خيرا بصره بعيوب نفسه، فمن كانت بصيرته نافذة لم تخف عليه عيوبه، فاذا عرف العيوب أمكنه العلاج، ولكن أكثر الخلق جاهلون بعيوب أنفسهم، يرى أحدهم القذى فى عين أخيه ولا يرى الجذع فى عين نفسه...وكان عمر رضى الله عنه يقول:رحم الله امرءً أهدى إلى عيوبى، وكان داود الطائى قد اعتزل الناس فقيل له:لم لا تخالط الناس؟ فقال: وماذا بأقوام يخفون عنى عيوبى؟ ثم يقول الغزالى: وقد آل الأمر فى أمثالنا الى أن أبغض الخلق إلينا من ينصحنا ويعرفنا عيوبنا(الإحياء:كتاب رياضة النفس وتهذيب الأخلاق ومعالجة أمراض القلوب).








                      

12-12-2006, 03:32 PM

Waly Eldin Elfakey
<aWaly Eldin Elfakey
تاريخ التسجيل: 07-27-2005
مجموع المشاركات: 2142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا يفعلون في الحركة الاسلامية.... بعض الاسلاميون مندهشون اكثر منا (Re: Waly Eldin Elfakey)

    Quote: وذكرت أنه صار يتجسد سياسيا فى تحالف ثلاثى بين "القبيلة" و"السوق" والذهنية الأمنية"، ثم تحدثت فى مقالين تاليين عن هذه الذهنيةالتى هيمنت على التنظيم وحولت سائر نشاطه الى ملفات أمنية، وأريد فى هذا المقال أن أتحول الى السوق، لنرى ظاهرة أخرى تتمثل فى "الذهنية" التجارية وفى العناصر الرأسمالية التى صارت هى الأخرى تنشط وتتمدد حتى كادت أن "تبتلع" الجزء المتبقى من تنظيمنا الإسلامى الذى لم ننضم اليه أصلا الا فرارا من الرأسمالية المتوحشة.


    القبلية اورثت مسؤولين متسلطين
    بدون اي مؤهلات او خبرات فكان التدهور في
    الخدمة المدنية و في الخدمات و في كل مؤسسات الدولة

    و السيطرة علي السوق و استغلال موارد الدولة
    و ظهور الطفيليين حديثي النعمة مصطحبين ظواهر اجتماعية
    غريبة و جديدة علي المجتمع

    اما السيطرة الامنية فافرزت هذا الانعدام في الامن في
    كل البلاد طولها و عرضها اطرافها و عاصمتها
                  

12-12-2006, 05:24 PM

Abdelrahman Elegeil
<aAbdelrahman Elegeil
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 2031

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا يفعلون في الحركة الاسلامية.... بعض الاسلاميون مندهشون اكثر منا (Re: Waly Eldin Elfakey)

    Quote: السودان: صراع الإسلاميين .. رحلة نحو البداية
    المحبوب عبد السلام

    اذكر مقالاً كتبه أحد الموقعين على مذكرة العشرة في أعقاب مؤتمر الآلاف العشرة، الذي اجتمع في رابعة نهار الخرطوم (اكتوبر (تشرين الأول) 1999) واسقط العشرة واحداً اثر واحد من عضوية هيئة الشورى التي تربو على الخمسمائة، قبل ان يتدارك بعضهم والي الخرطوم حينها بأحابيل وحيل مجذوبية. جاء في المقال ان كاتبه انصرف بعد ختام المؤتمر تتردد في نفسه اصداء قصيدة سودانية صوفية قديمة اسمها (حكاية الحكلو)، وأصلها يعود إلى الصراع المعروف بين المتصوفة والمتفقهة في السودان التقليدي منذ القرن السابع عشر، فالفقيه كما هو نسق تلك الروايات ينعى المتصوف على ما يراه تزيداً أو مروقاً عن الشريعة، والمتصوف يرد عليه ويصرعه بالكرامات، إلا أنه في (حكاية الحكلو) قد صرعه الى حد أنه لم يستطع أن يتذكر آي سورة الفاتحة في صلاة جهرية، والغريب ان احد الذين مضى بعد ذلك شهيداً في موكب شهداء الانقاذ الطويل، وهو منحاز بالكامل الى معسكر (الشيخ) المواجه لمعسكر العشرة، طفق يردد ذات الابيات في خاتمة المؤتمر، وأنه من نشوته بسقوط العشرة لم يعد إلا مترجماً (والترجمة بالمصطلح الصوفي السوداني تعطل المقدرة على الكلام الفصيح إلا تمتمات لا تنبيه) وأنه لا يستبين من ترجمته الا حكاية
    حكاية الحكلو
    شالو فوق شكلو
    عدموا السورة
    الفاتحة ما حملوا.. إلى آخر النص الذي لم أسمعه إلا ذلك اليوم وقرأت بعضه في المقال.
    وفي الطريق الى ذلك المؤتمر قطع الصراع اشواطاً بعيدة انتهى احد فصولها ذلك اليوم (بحكاية الحكلو)، وهو بالطبع يوم الختام في المؤتمر العام الذي أقر إلغاء الكلية القومية لعضوية الشورى وقرر تعديل الدستور ليكون انتخاب الوالي حراً مباشراً من شعب الولاية، وأكد قيادة الأمين العام لهيئة القيادة في انقلاب مضاد لانقلاب مذكرة العشرة. وأخطر من كل ذلك أنه فتح الباب لصراع الديمقراطية وفق قواعدها ولعبتها داخل كيان المؤتمر الوطني الحاكم، وأكد المغزى الذي بدا يومها للبعض من قصيدة الحكلو، وهو أن (الشيخ) لم يدع للتلامذة المتمردين مقدار سورة الفاتحة للمؤمن المصلي، أو أنه بتعبير أحد كبار اساتذة الاعلام في السودان (لقد عمل الشيخ ما عمل المهدي تركهم يتصارعون في الخرطوم وحاصرهم في الولايات).
    إلا أن الذي يعلمه هذا الكاتب يقيناً ـ أن الذي حاصر معسكر العشرة وأسقطهم (وهم بين يدي ذلك المؤتمر قد جمعوا الى العشرة كل الذين عرفوا لاحقا بمعسكر القصر المقابل لمعسكر المنشية)، الذي حاصر كل أولئك هم جماعة من صلب الحركة الاسلامية انتهت منذ سنوات قبل المؤتمر إلى رأي مركزي قد لا يوافق رأي الشيخ في كثير من التفاصيل، وهي في عملها وخططها التنفيذية وتكتيكها تعمل في اغلب الاحيان في استقلال عنه، وهي نفس الجماعة التي حملت اليه في ليلة مذكرة العشرة تفاصيل المذكرة وأنها ستطرح في اجتماع الشورى غداً، وكان رد الشيخ عليهم: أن أجندة الاجتماع قد أقرها المجلس القيادي ولا سبيل لاختطاف الاجتماع بأجندة أخرى) وللذكرى ـ أيضاً ـ فإن اجتماع الشورى في ذلك الصباح كان مخصصاً لاقرار ترتيبات الانتقال من حالة الحزب الواحد (المؤتمر الوطني يومها) الى أوضاع التعددية السياسية التي حسمها دستور 1998 وفقاً لمصطلح (التوالي السياسي) Polotical association، وهو ذات الاجتماع الذي أقر التعديلات التي قضت بأن يغادر كبار الاداريين والدبلوماسيين والعسكريين ساحة العمل السياسي أو الاعتزال عن المنصب المدني والفطام من البزة العسكرية.
    والى رؤوس من تلك الجماعة، يعود الرأي المركزي وهو: أن البرنامج الاسلامي لِمَا يُعرف بثورة الانقاذ قد ضرب بالكامل وأن الذين تولوا مقاليد السلطة في الانقاذ لا يؤمنون به أو ليس لهم الوعي به، وأن الحل الوحيد الممكن في تقديرهم هو ان يتولى الشيخ حسن الترابي شخصياً مقاليد السلطة التنفيذية، وهي ذات الخطة أو التكتيك الذي عبر عنه الشيخ ابراهيم السنوسي في رده على مقال الدكتور التيجاني عبد القادر بجريدة «الصحافة»، وهو رأي لا يخالف كثيراً رأي الدكتور عبد الوهاب الأفندي في كتابه شديد الوضاءة والوضوح «الثورة والاصلاح السياسي في السودان» لا سيما اذا تذكرنا أنه كتبه عام 1995، يقول الدكتور الأفندي: «لقد اختار الترابي طائعا الانزواء وعدم المشاركة في مثل هذه المؤسسات من برلمان ووزارة كمقابل لاصلاح آخر ضروري، وهو حجب زعماء الطائفية ورموزها ايضاً، ومرة اخرى وضع الترابي ثقته بالمستقبل، فهو يرى ان الاجيال اللاحقة هي التي ستتولى الامور بعد اتمام الاصلاح، وان كان الثمن ان يستشهد هو سياسياً كما ضحى بسمعته من قبل، ولكن هذا الحل باهظ الثمن وغير عملي» ـ «الثورة والاصلاح السياسي في السودان» ص 232.
    وبالعودة الى مبتدأ الأزمة وأول قصتها وتحليل عناصرها واستخلاص نتائجها، فلكلٍ شاطئ يبدأ منه الإبحار ونظرية والأوفق لمن يتأمل الأزمة من بعيد ويريد ان يكسر صمته بكلام مفيد ان ينظر في جملة القصة والمواقف كافة ويقف على جميع الآراء، فالإمام الصادق المهدي، على سبيل المثال يرى ان الأزمة بدأت يوم ان قال أحدهم «اذهب الى القصر رئيساً وسأذهب الى السجن حبيساً»، أما الشيخ الحبيس نفسه فقد اعاد طرح السؤال بعد سنوات من الصمت والمصابرة حاول فيها جهد وسعه ان يجنبنا المصير الذي نتداول حوله الآن أي (انشقاق الحركة الاسلامية) والسؤال العائد من تلك السنوات بلسان الشيخ هو: كانت الخطة والقرار أن أبقى في المعتقل شهراً واحداً لأن الظروف المتوقعة بعد الانتقال تقتضي نظراً وتشاوراً قريباً مستمراً، فلماذا استبقيت ستة أشهر ومثلها في الاعتقال المنزلي؟!). والنظرية التي انتهى إليها الشيخ وبدأ التعبير عنها بجلاء منذ 1996 هي (ان علاج أزمة الحركة الاسلامية واستقامة برنامجها يفرضان ديمقراطية شاملة، وان علاج أزمة السودان واستقراره يفرض فيدرالية شاملة). وبالمناسبة، فإن عام 1996 هو ذات العام الذي أفاد فيه الشيخ ياسين عمر الإمام أن الشيخ علي عثمان محمد طه قد استدعاه إلى منزله مع إخوة كبار وطلب منهم عزل الشيخ حسن، كما فصل الدكتور عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه «الترابي والانقاذ صراع الهوى والهوية» في المقابلة التي اجراها مع الشيخ ياسين عمر وأثبتها في صلب الكتاب.
    أما الدكتور علي الحاج محمد، فتبدأ قصته عندما غادر السودان قبيل الانقلاب في سياق متفق عليه، وبقي يسأل العودة لأشهر بعد نجاح الانقلاب واستقرار الأوضاع وتأتيه الإجابة «أن ابق حيث أنت!»، إلى أن فاجأهم بلحمه ودمه في ساحة الخرطوم، وهو يرفض اليوم أن يعيد السياق ويعود إلى الخرطوم لأنه يرى أن الذين أدوا معه قسم الولاء لحفظ السر وإنفاذ البرنامج قد غدروا بهذا الإيمان، وهو من تحليله لسياق الأزمة وقصتها يرى أن الانشقاق وقع في الحركة الاسلامية في اعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في يونيو (حزيران) 1995، وما الثاني عشر من ديسمبر (كانون الأول) 1999 إلا الإعلان الأخير عنها.
    ويرى الاستاذ علي عثمان محمد طه ان المشكلة عنده بدأت عام 1986: (عندما انعقد المؤتمر العام الثاني للجبهة الاسلامية القومية وشهد قصر الشباب والأطفال بأم درمان مفتتح جلساته، حيث اصطف زعماء الأحزاب وقادة الرأي والمجتمع وضيوف الخارج ينظرون بعيون معجبة مبهورة لدقة تنظيم الجبهة، وهي تبدأ في جدول الاعمال في ذات الساعة المحددة في البرنامج، وإلى عمق خطابها عندما قرأ الشيخ حسن خطاباً لم يقرأ مثله من قبل ولا من بعد، يومها بدت الجبهة كعروس ولكن الشيخ شاء أن يزفها الى الصادق المهدي فيما عرف بحكومة (الوفاق). فالأزمة عنده في حب الشيخ للسلطة ولو تحالفاً منقوصاً مع حزبي الأمة والاتحادي ينتظر تدابير الانقلاب.
    وعند الدكتور عبد الوهاب الافندي، فالأزمة عنده تكمن فيما اطلق عليه (السيوبر تنظيم)، الذي يملك كل السلطة وكل المال ويقوم كل بقية التنظيم الإسلامي المعروف تحته ينفذ أوامره ولكن لا يملك صلاحية سؤاله أو سلطة محاسبته، وأن رأس هذا التنظيم هو الشيخ الترابي نفسه، وأن الازمة وقعت عندما أراد الشيخ وبعض أعضاء السيوبر تنظيم ممن اقتضت الخطة بقاءهم في الحجاب والستر، عندما أرادوا إلى جانب السلطة ـ وهم يملكونها بالفعل ـ الجاه وطفقوا يصرحون لأجهزة الاعلام بما احرج القيادة العسكرية والسياسة الظاهرة للعلن. وهذا الرأي الذي عبر عنه الافندي في مقاله الاسبوعي بجريدة «القدس» (الثلاثاء 11/14) يخالف الرأي السابق للأفندي في كتابه سالف الذكر، والذي ميزَّ فيه بوضوح بين الشيخ المفكر السياسي، وبين عناصر السيوبر تنظيم المجسدة للامن السلطوي: (ولا يعدم الترابي يومياً النصائح عن كيفية استخدام هذا النفوذ وهذه الامكانات، ولكن مما لا يخفى هو أن خروجه من قوقعته الاختيارية شرط لكسر الجمود الذي يعوق تقدم الاصلاح السياسي في السودان وجزء من هذه القوقعة التي تحيط بالترابي هي التشكيلة التي اطلقنا عليها سابقاً ومجازاً (سيوبر تنظيم)، وهي تشكيلة تعيش في عالمها السري الخاص بها والذي أخذ يفقد صلته تدريجياً بالعالم من حوله) ـ كتاب «الثورة والاصلاح السياسي» ص 232.
    ويستطيع كاتب هذا المقال أن يكتب كتاباً عن الشهر الذي تلى حادثة الاعتداء على الشيخ حسن الترابي في مطار اوتاوا بكندا في مايو (أيار) 1992، إذ تولى ادارة مكتبه قبل أن يغادر الخرطوم بقليل بعد عامين قضاهما مديراً للإعلام الخارجي. وهو من ثم يستطيع أن يلحظ ردود الفعل والمعالجات التي أعقبت الحادثة، على المستوى السياسي والإعلامي ثم الاجتماعي.
    وأخيراً، فالدكتور التيجاني عبد القادر الذي يعود اليه الفضل في اشعال حرارة هذا الحوار الذي يدور في صحف اليوم وغيرها من الساحات، فيلخص الأزمة فيما سماه تحالف القبلية والسوق والأمن حيث توسع الدكتور التيجاني في شرح حالة الأمن تحديداً، الذي أضحى متضخماً على نحو سرطاني في المفهوم والممارسة، وكأنه ابتلع جسم التنظيم الاسلامي كله وشوَّهَ أخطر اصوله وهي (كرامة الانسان).
    ومهما وافقت التيجاني في كثير تحليله ونتائجه، فإني أجد أن الأقرب للحقيقة والصواب هو مفهوم ـ السيوبر تنظيم ـ كما فصله الدكتور الأفندي في كتاب «الثورة والإصلاح»، فالسيوبر تنظيم يملك كل السلطة وكل المال، وما الأمن إلا ذراعه التنفيذي المباشر يأمره فيعتقل ثم تجنح به طبيعة سلطته الجموحة فيتجاوز في اساليب التحقيق والتعذيب، فيبلغ حدوداً ليست مطلوبة منه بالضرورة، أو لعلها أجدت ونفعت مع المعارضة فدفع (السيوبر تنظيم) الثمن صمتاً عن تجاوزاتها أو حماية لها حتى من العضوية التنظيمية بدون السيوبر تنظيم أو تبريراً لتلك التجاوزات، فيتحول التنظيم كله بمن فيه (الشيخ) و(الرئيس) إلى بعض حملة العلاقات العامة كما جاء في كتاب الافندي، فالجهاز بمعنى من المعاني هو (اخواننا الصغار)، كما وصفهم الشيخ وفق شهادة الدكتور التيجاني في مقاله بجريدة «الصحافة» ودورهم في (المشاريع التوسعية الكبرى) هو التنفيذ، فقد كانوا في معزل عن الوجود المباشر في قيادة (السيوبر تنظيم)، خاصة اذا قصد بالأمن الجهاز الرسمي، الذي أحيل كل قادته الكبار إلى التقاعد في نهار واحد من عام 1995 فمضت القافلة كأن لم يكن، أو مضت على نحو أفضل. ولا سبيل لمقارنة ذلك اليوم بليلة 12.12.1999 المكناة زوراً بالرابع من رمضان، إلا أن مذكرة العشرة وليلة 12/12 وتجميد الأمانة في 2 صفر، هو ومن قبلها المعركة الشرسة ضد اثبات نص «التوالي السياسي» في الدستور إلى حد تهديد الشيخ بالاستقالة (مقال محمد الأمين خليفة، بجريدة «الصحافة») ـ ما كل ذلك إلا أشواط في مباراة الرد التي قادها (السيوبر تنظيم) ولكن بنفوذ مباشر من القيادات السابقة للأمن تخطيطاً وتنفيذاً، وإلى تلك الحادثات الجِسَام يعود تحول الأمن ممثلاً في قياداته السابقة من ممتثل ومنفذ إلى مقرر ومخطط، بعد اكتشافهم لقواعد اللعبة التي انتهت بهم إلى المعاش في يوم واحد، وعندئذ للدكتور التيجاني ان يمضي مع تحليله الى اعادة النظر والتفكير العميق في دور الأمن بوصفه جهازا مفهوميا وتنفيذيا، وفي اطار عودة الوعي لدراسة كل مفاهيم الحركة الاسلامية بما في ذلك ضرورة التنظيم وكيف تقدر بقدرها، والأوفق كذلك ألا تبلغ مبلغ الدكتور عبد الوهاب الأفندي في انه لم يكن يوجد تنظيم اسلامي اصلا، ونمضي مع الدكتور التيجاني في وعده المبروك، ان الذين أرادوا له الهجرة من الحركة التي أفنى فيها عمره روحا وجسدا لن ينعموا منه بهجرة الى (الربذة)، ولعله يقصد اعتزال الاعتزال الى الخوض في الشأن الفكري والعملي.. إلا ان الغريب في جملة تحامل الدكتور التيجاني الغريب على الشيخ الترابي هو استعارته لفقرة من كتاب «السياسة والحكم» وهو أول كتاب في نوعه يقدم بتجربة في النظر والعمل لحكم اسلامي ويتوجه الى كل العالم الاسلامي في 500 صفحة، وهي عدد قليل بالنسبة لهذا الموضوع الخطير، واستشهاده بتلك الفقرة على محاولة الشيخ تجنب مواجهة الماضي، فالكتاب بطبيعته لا مكان فيه (لإخواننا الصغار) ولا حتى تفاصيل (مشاريعهم التوسعية)، وكان الأوفق ان يبحث عن ذلك في رسالة (عبرة المسير لاثني عشر السنين)، أو في عديد محاضراته بعد المفاصلة عام 1999، وخلاصة رأي الترابي في موضوعة جهاز الأمن وتجاوزاته هي ان الجهاز الذي كان يديره اخواننا الصغار، الذين هم بعض عضوية الحركة الاسلامية المعبأة لسنوات، في مواجهات محتدمة ضد خصومها في الاحزاب الأخرى. من ساحات الجامعات الى الساحات العامة، ولما اسلم الامر كله للحركة وحاولت عناصر من تلك المعارضة المقاومة حملوا عليها بعنف شديد، ثم لما خاصموا إخوتهم حملوا عليهم بعنف أشد. والحقيقة اننا بعد سبع سنوات من المواجهة بالاظافر والاسنان وبعد السجون والتشريد لا نحتاج لنقد بالكلام لدور جهاز الأمن المفهومي والتنفيذي لاثبات المباينة والاختلاف. أما قصة (كارلوس) ومثال الشهيد (محمود شريف) فتبدو محدودة ازاء حادثة 1995 التي لم يشأ الدكتور التيجاني ان يأتي على ذكرها رغم انها كلفت السودان عشر سنوات من الحصار.
    وأخيرا وقبل الاجابة عن السؤال المركزي الذي طرحه الدكتور التيجاني عبد القادر (ما العمل) واختاره من قبل لينين عنوانا لأحد أهم كتبه مستعيرا العنوان عن الرواية الروسية، وهو كذلك عنوان المؤلف المهم للدكتور علي شريعتي الذي اعاد طرح السؤال وهو يتأمل دور المثقف المسلم في العالم الاسلامي، قبل الاجابة عن السؤال الذي يوضع بين يدي مفاصل التاريخ ولحظاته الشكسبيرية الحاسمة «نكون أو لا نكون»، اذكر ان الحركة الاسلامية السودانية وجدت فرصة وكسبت نفسها باجازة دستور 1998 وبمقررات وتوصيات مؤتمر 1999، حيث امتثلت تلك الساعة لأماني الانتلجنسيا الاسلامية وأهدافها مقابل (الاحلام التوسعية) للسيوبر تنظيم وأذرعه الأمنية والاقتصادية، اذ وضعت الديمقراطية الشاملة مقابل الديكتاتورية والاستبداد، والفيدرالية الشاملة امام المركزية القابضة والشفافية الواضحة امام السرية الموسوسة المهووسة ولكن تأخرت الانتلجنسيا عن ساعة الصفر واختار بعضها معسكر الاعداء وبعضها كهوف الاعتزال ووجد بنو أمية من يكتب لهم ويقضي لهم ويجيِّش الجيوش كما قال الامام جعفر الصادق.
    واليوم مشكلة الحركة الاسلامية هي مشكلة السودان حتى لكأن العكس هو الأصح، فكأننا ورطنا وطننا بكامله في التمزق والاختراق، وقد لا نسلمه واحدا لأجيالنا المقبلة كما تسلمناه واحدا من الآباء والأجداد، وان تكون كل تلك المأساة باسم الاسلام، فهذا يستدعي نظرا شديدا وتنازلا أشدّ واستمرارا للحوار.
    * كاتب سوداني مقيم في بريطانيا
                  

12-13-2006, 08:54 AM

Waly Eldin Elfakey
<aWaly Eldin Elfakey
تاريخ التسجيل: 07-27-2005
مجموع المشاركات: 2142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا يفعلون في الحركة الاسلامية.... بعض الاسلاميون مندهشون اكثر منا (Re: Abdelrahman Elegeil)

    شكرا عبد الرحمن لهذا المقال سوف نعود للمناقشة لاحقا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de