اللوثة البربرية حين تدافع عن الحضارة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 10:21 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-07-2006, 05:20 AM

Frankly
<aFrankly
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 35211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اللوثة البربرية حين تدافع عن الحضارة

    اللوثة البربرية حين تدافع عن الحضارة: نماذج من بريطانيا وإسرائيل
    د. عبدالوهاب الافندي

    07/11/2006

    خلال الأيام القليلة الماضية أعادت شخصيتان مثيرتان للجدل سجال صراع الحضارات في سياق المواجهة مع الإسلام. أول الرجلين كان السياسي الإسرائيلي المتطرف أفيغدور ليبرلمان، الذي مثل ضمه للحكومة الإسرائيلية مرحلة جديدة في مسار انحطاط الدولة العبرية التي بدأت مسيرتها في القاع ثم واصلت الانحدار إلي أسفل.
    ليبرمان أتحفنا باستعادة مقولة الصراع الحضاري القائم بين الغرب والإسلام، والذي تحتل إسرائيل الخط الأمامي فيه باعتبارها خط الدفاع الأول عن الحضارة الغربية ضد البربرية الإسلامية. أما ثاني الرجلين فهو الاسقف الباكستاني الأصل نضير علي الذي بادر أيضاً بإطلاق سلسلة من التصريحات في الصحف والإذاعة خلال الأيام القليلة الماضية، كان آخرها مقابلته مع المحطة الرابعة في راديو البي بي سي أمس الاثنين، معلناً تصديه لما وصفه الصراع الحضاري بين الإسلام والغرب. وبحسب الأسقف علي، فإن الإيمان بالتعددية الثقافية يضعف بريطانيا أمام خطر التطرف الإسلامي، وأن علي بريطانيا، إذا أرادت أن تقاوم الخطر القادم أن تستعيد تراثها المسيحي وتدافع عنه وتتقوي به، وأن تتذكر أن القيم الديمقراطية والليبرالية التي تنعم بها بريطانيا هي مسيحية المصدر والمنبع. وحذر علي من التنازلات التي تقدم للمسلمين والأقليات الأخري علي حساب الأغلبية المسيحية. وحذر أيضاً من الابتعاد عن القيم المسيحية باتجاه العلمانية أو التعددية الثقافية مما يضعف النسيج الأخلاقي لبريطانيا بزعمه.
    الملاحظة الأولي عن الرجلين هي أن كليهما يمثل إلي حد ما الهامشي والخارجي في الهوية التي يزعم التصدي للدفاع عنها. ليبرمان مهاجر روسي في إسرائيل، انتماؤه الإسرائيلي طارئ، وانتماؤه إلي الغرب مدعي، لأن الروس (وروسيته أيضاً مقدوح فيها) لا يعتبرون حتي عند صامويل هنتنغتون صاحب مقولة صراع الحضارات من المنتمين للحضارة الغربية، بل هم ينتمون بزعمه إلي حضارة أخري منافسة، هي الحضارة السلافية. أما الأسقف نضير علي فهو القسيس الوحيد في بريطانيا (إن لم يكن في العالم) الذي له جذور إسلامية، إضافة إلي أصله الآسيوي. فهو مزدوج الهامشية في الساحة البريطانية. إذن نحن أمام ظاهرة فريدة، يواجه فيها الطارئون علي الهوية الغربية (أو غير المعترف بهم فيها) الأصلاء في هذه الحضارة بالتقريع لتفريطهم في أصولها، وتهاونهم في التمسك بها. وهذا تطفل مزدوج، لأن المعروف أن تحديد أي هوية وثقافة يتم من داخلها وعبر الحوار بين أهلها. وهذا لا يحرم الطارئين علي الثقافة المعنية من المساهمة في تشكيلها، ولكن حين يمنح الطارئ نفسه حق احتكار تعريف الثقافة والحضارة من منطلقات تخصه، وينكر ذلك علي الآخرين، فإن هذا يثير أكثر من تساؤل. ذلك أن كثيرا من البريطانيين لم يعودوا يعرفون الحضارة الغربية علي أنها مسيحية، وهنالك ما يدعم هذا الموقف في كون ثورة التنوير في الفكر الغربي كانت في جوهرها ثورة ضد الكنيسة والتراث الديني المسيحي.
    مهما يكن فإن تولي هذه الشخصيات الهامشية كبر ما يسمونه الدفاع عن الحضارة الغربية ضد البربرية الإسلامية يذكر بتراث غربي آخر، هو التراث العنصري البربري الذي مثلته النازية في أبشع صوره، ولكنه توجه عريق في الحضارة الغربية. ففكرة التفوق العرقي هي فكرة قديمة في التراث الغربي، تعود إلي أيام الإغريق والرومان. وكان من المفترض أن تكون المسيحية خففت منها، ولكن المسيحية لم تلبث أن تلبست هذه العقيدة تحت غشاء ديني رقيق. وهكذا رأينا اضطهاد اليهود والاستئصال العرقي للعرب المسلمين في الاندلس، والإبادة الجماعية أو الاستعباد الجماعي للأجناس الأخري في الهجمات الاستعمارية علي الأمريكتين وأستراليا وافريقيا وآسيا، وكلها جرائم استعلاء عرقي تمت بتبريرات دينية.
    ولعل المفارقة فيما يتعلق بالأسقف الآسيوي الأصل واليهودي الروسي الذي يضع نفسه متحدثاً باسم الحضارة الغربية هي أن هذه الحضارة إن صحت التسمية، كانت تقف علي أرضية هشة دينياً حين مارست اضطهاد السود في جنوب افريقيا والولايات المتحدة، لأن من مورس الاضطهاد في حقهم كانوا مسيحيين. وقد كشف كبير أساقفة يورك اليوغندي الأصل أن هذا الاضطهاد ما يزال قائماً، حيث أن كثيراً من رعاياه يرفضون خدماته الدينية بدعوي أنهم لا يريدون أن يتولي رعايتهم الروحية شخص أسود اللون، حتي وإن كان قسيساً، بل لعل بعضهم يضيف، حتي لو كان قديساً! ولا شك أن الأسقف علي يواجه نفس المشكلة مع رعاياه ، خاصة حين يعلن إسمه الإسلامي المنشأ.
    إذن من الممكن أن يقال أن البعد الحضاري في الثقافة الغربية يعود أكثر إلي قطيعتها مع ماضيها من ولائها لذلك الماضي. ذلك أن مبالغة النازية في التبجح بالاستعلاء العرقي، والإسراف في العنف والقمع، واجه الغرب لأول مرة بقبح صورة الذات في المرآة. ولعل العامل الحاسم في ذلك كان هو أن النازيين مارسوا في قلب أوروبا ما كان بقية الأوروبيين يمارسونه في مستعمراتهم، فأصبح الفرنسي يعامل في عاصمته باريس كما كان يعامل الجزائري في وهران، والبلجيكي يضطهد كما كان يضطهد الكونغولي في كاتنجا، مما ضاعف حجم الإذلال. ولهذا نما تيار قوي في الثقافة الغربية تبني المعاداة للعنصرية وكل أنواع التمييز. وقد تقوي هذا التيار برافد آخر، هو الفكر الماركسي، الذي رفض العنصرية من منطلقات أيديولوجية، وأدي التنافس مع التيار الماركسي والأنظمة الشيوعية إلي الضغط علي النخب الغربية للتراجع عن المقولات والتصرفات العنصرية. وقد تم هذا تحت مقاومة عنيفة (تجلت في أبشع صورها في استمرار الممارسات العنصرية في جنوب افريقيا والجنوب الأمريكي) وهي مقاومة ما تزال مستمرة. ومن هذا المنطلق فإن إسرائيل تمثل إلي حد كبير آخر حصون هذا التوجه العنصري، أولاً من حيث تمثل نصباً تذكارياً للعنصرية النازية ومركز التجمع الأخير لضحاياها، وثانياً من حيث كونها آخر جيوب الوجود الاستعماري في العالم.
    ولعل المفارقة الأكبر أن الإسرائيليين، ممثلين في عراب الفكر الاستشراقي برنارد لويس، هم الذين ابتدعوا فكرة صراع الحضارات لصرف النظر تحديداً عن هذه الحقيقة. فالقول بأن الصراع الدائر حول الأراضي الإسلامية هو صراع حضاري سببه تباين القيم مقصود منه القول بأن الصراع بين الغرب والإسلام أزلي، وليس سببه الممارسات الاستعمارية والتعسف الصهيوني. وهذا بدوره يخفف الضغط عن إسرائيل، ويقلب المعادلة رأساً علي عقب. أي بدلاً من الاعتراف بحقيقة أن استمرار اغتصاب أراضي المسلمين وثرواتهم والتعدي علي حقوقهم وحرياتهم هي سبب المشكلة بينهم وبين المعتدين عليهم، تتم الإحالة علي سبب أسطوري هو التباين الحضاري. وبدلاً من الاعتراف بأن إسرائيل هي مشكلة العرب مع الغرب، يروج للزعم بأن إسرائيل هي خط الدفاع الأول عن الغرب. وفي حقيقة الأمر انه لولا مشكلة إسرائيل لما كان هناك أساساً صراع حتي يكون فيه خط أمامي أوخط خلفي.
    ولعل قمة المأساة هنا أن ليبرمان وعلي كليهما يريدان الإحالة علي الجانب المظلم في التاريخ الغربي، الذي مثلت الثورة عليه الجانب الإيجابي في الحضارة الغربية المعاصرة. فالأول يريد تطبيق الممارسات النازية أو تجلياتها الصربية، حيث يدعو إلي طرد من بقي من العرب في فلسطين، ويزعم أن هذا هو مقتضي الحضارة! أما علي فهو يدعو ـ كما فعل أيضاً المهاجر تريفور فيليبس الذي تحدثنا عنه من قبل ـ إلي التنكر إلي القيم البريطانية الأصيلة في قبول التعددية الثقافية، حيث فتحت بريطانيا أبوابها للاجئين كثر، بدءاً من اليهود في الحقبة الأولي بعد الإصلاح البروتستانتي، وبعدهم بقليل اللاجئين البروتستانت من فرنسا وبقية أوروبا، ثم موجات من اللاجئين والمهاجرين من غرب وشرق أوروبا، ثم آسيا وافريقيا وجزر الهند الغربية.
    ليس هذا فحسب، بل إن كلا الرجلين ينسب إلي الحضارة الغربية ضعفاً وعجزاً حتي وهو يستل سيفه للدفاع عنها دفاعاً لم ينتدبه له أحد. فالخطر المزعوم عند علي هو التطرف الإسلامي، الذي يهدد باستئصال شأفة الحضارة الغربية. وهناك تناقض كبير في مقولات دعاة الشوفينية من المنادين بصراع الحضارات. فمن جهة فإنهم يزعمون بأن الحضارة الغربية هي أم الحضارات وأن ما سواه بربرية. ولكنهم من جهة أخري يزعمون أن وجود أقلية داخل الأقلية المسلمة في بريطانيا تعتنق الفكر الإسلامي تهدد الحضارة الغربية كلها بالزوال. وبالمثل فإن ليبرمان وغيره من غلاة الصهاينة يتبنون الفكر التوسعي، ويخوفون بقية الإسرائيليين من زوال وشيك للدولة الإسرائيلية يهددها به من يقعـــون تحت احتلالها! فليفتنا القوم: هل الحضارة الغربية هي حضارة غلابة قاهرة لا يوجد لها منافــس حقيقي؟ أم هي كيان هش آيل إلي الزوال تهددها بالانقراض خطب أبي حمزة المصري وفتاوي عمر عبدالرحمن؟
    الذي نؤكده هو أن ظهور أمثال ليبرمان وعلي وفيليبس ومقولاتهم ذات التوجه البربري، هو آذان بأن الحضارة التي تحتاج إلي مثل بربريتهم للدفاع عن وجودها، هي حضارة تعيش عصر أفول ماثل أو وشيك.
    9

    القدس العربي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de