حوار مع القاصَّـة المغربيـَّة منى وفيـق لمجلة أوراق جديدة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 04:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-06-2006, 08:07 PM

منى أحمد

تاريخ التسجيل: 01-27-2006
مجموع المشاركات: 362

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حوار مع القاصَّـة المغربيـَّة منى وفيـق لمجلة أوراق جديدة

    " من خلال عملى كمشرفة في قسم القصة والرواية بمتلقى مدد الثقافي إستوقفنى طويلاً قلمها النابض , الجامح و الجرئ فهى قاصة إستثنائية جداً و نصوصها فسيفسائية الطابع ! لا زلت أذكر كيف أمسك بتلابيبي نصها الفاخر (فرحاً بالموت ) و لم يدعنى حتى تذوقته بهدوء يليق به ..


    منى وفيق قاصة و صحفية مغربية ولدت بالرباط سنة 1981
    حصلت على الجائزة الثانية لمسابقة بدايات المغربية لسنة 2005
    و على الجائزة الثانية لمسابقة صلاح هلال للقصة في مصر والعالم العربي
    كما حصلت على الجائزة الثانية لمسابقة نادي جازان الأدبي للعام 1425ه
    و الجائزة الأولى لمجلة هاي الأمريكية
    صدر لها عن دار شرقيات المجموعة القصصية نعناع ، شمع وموت".


    حاورتها باسئلة حاولت أن تكون محرضة على الابحار في مناطق رائعة في تفكيرها ..



    س 1 - يعرف بعض النقاد القصة القصيرة بأنها نظام يقترب من الشعر بعلاقاته الداخلية المتكاملة والمتماسكة و يقترب من الحياة بعلاقاته الخارجية التى تشده إلى واقع المجتمع و الناس ... هل تؤمنين بقولبة أو تأطير بعض النقاد لهذا الفن ؟


    القصة فن مراوغ شديد التركيب والتعقيد ولأنها فنّ فهي غير قابلة للقولبة أو التأطير بأيّ شكل من الأشكال..إنها المطلق !!
    بالنسبة لي هي تشبه لعبة " البازل"PUZZLE تماما !





    س 2 – إلى أى مدى يمكن أن تصل حرية الكاتب و عند أى مدى يمكن أن تنتهى ؟


    الكاتب حرّ حرّ حرّ حرّ إذا أراد!
    السبب بسيط :
    إنه قادر على إيصال مايريده بطريقة ذكية غير مباشرة ، طريقة تضرب في العمق ولا تترك مجالا لأحد يقول أنها تضرب وتوجع جدا!
    لكن لاحظي معي ، أي حرية للكاتب تقصدين؟ومالحرية أساسا؟!
    بالنسبة لي هي أن نريد مانكتب وليس أن نكتب ما نريد!





    س 3 – يقول مصطفى محمود .. أن المجتمع صندوق كبير مقفل و الفرد ثقب صغير , لكنه ثقب يدخل منه الضوء , و المجتمع في حاجة إلى ضوء و هواء و الفرد الحر الواعى هو وحده الذي يستطيع أن يلقى بحبل النجاة في الوقت المناسب ..

    - هل تؤمنين بفكرة أن يتبنى الأدب فلسفات تنويرية لإحداث تغيرات ما في مجتمع ما ؟ أم أن هذا يدخل ضمن فكرة توجيه الأدب من خلال فرض نوع من الوصاية على القارئ ؟


    الأدب هو فلسفة إنسانية عميقة جدا وبسيطة جدا تدعونا إلى أن نفكر ونسأل ونؤمن ونريد لنغيّر!!
    إذا قمتِ بتوجيه الأدب فأنت تلغين وجود القارئ هنا ..! ماذا عنه؟ هل يقبل بهذا التوجيه؟! غالبا لا لذا فهو يقوم بالتصفية بعد الاستيعاب و إعادة إنتاج داخي لما قرأه!





    س 4 - الأديب الأمريكي سالنجر كان يرى أن النقاد أشرار بالطبع و لكن بعض الشر مفيد ! و هو يحاول أن يستفيد من هذا الشر القليل .. ما رأيك في الحركة النقدية الحديثة بشكل عام ؟ و هل لك قناعات معينة في التعامل مع النقد المجحف لنصوصك إن وجد ؟


    الحديث عن الحركة النقدية ممل ولا يجذبني ولا أفكر فيه أساسا لسبب بسيط وهو أنني مقتنعة أن الناقد لن يضيف شيئا إلى عملي ، ما يجعل كتابتي رائدة وملفتة للآخر هو أهليتها وقوتها و تأثيرها وحقيقتها . الكتابة الحقيقية لا تحتاج لناقد..إنها تتبرأ من كل شيء إلاّها!
    لو كان المبدع حقيقيا فهو لا يحتاج لناقد لكن الناقد يحتاج دائما للمبدع!





    س 5 – يقال إن أسوأ ورطة يمكن أن نقع فيها هى أن يستحوذ علينا أى شئ جداً .. جداً ..

    - هل تستحوذ الكتابة عليك جدا ً.. جداً ؟ و من هى منى وفيق بعيداً عن الكتابة ؟


    أنا نفسي لا أحد ولا شيء يستحوذ علي جدا لأنني ضد هذا ، أحسّني كالغجريات ملكات الهواء..أحسّني طائرا يلمس الهواء فيصير فراشة تحلق من أزمنة لأمكنة .
    إن عدم ترك الشيء يستحوذ علينا هو مايحفظ له قيمته ، أما إن أردنا أن ننتهي منه فلننهل منه حتى الشبع والتخمة وحينها لن يُوجد.إن ما يحفظ له قيمته الكبرى و رغبتنا به هو تلك المسافة في الاستهلاك منه !

    منى وفيق؟؟!... اممممممممم :
    طفلة تتعلم رويدا رويدا كيف أنه من الضروري أن تسبق المعرف كلا من المحبة والثقة بالآخر!
    نزقة تعيش اللحظة بعينها ولا تعنيها اللحظة القادمة..!
    تحب الآخر كثيرا .. تلعب الكرة مع الأطفال في الشارع ، أكولة جدا ، سارقة شكولاته وأقلام سوداء وقلوب تبحث عن محبة!





    س 6 - في رأى لأنيس منصور يقول .. بأنه في كل مرة يقرأ فيها لبعض الأديبات يحس أن المرأة لم تصدق أنها أصبحت حرة و أن الرجل حطم لها القفص وقال لها طيري و طارت ثم عادت تحط على القفص تدفع بابه أمامها و تستدرج الرجل حتى يقف على باب القفص و حينئذ تلعن القفص و صانع القفص ثم تلعن ضعفها و حنينها إلى القفص و إلى رجل يحرسها !!

    - برأيك هل سيأتى وقت تتحرر فيه كتابات المرأة في عالمنا العربي من دائرة التصنيف القائل بأنه أدب المخالب و الصراخ و البكاء و اللعنات أو من تهمة عبارة الأدب النسائي الشهيرة ؟ و أنت ككاتبة شابة ماهى حيلك الدفاعية للتعامل مع هذا النوع من التصنيفات ؟


    لا أحب تصنيف الأدب ، في يوم ما قد نسمع عن أدب السلحفاة وأدب الأرنب!!؟!؟؟
    الأدب هو أدب وكفى ، أدب يلامس هموم الناس وانكساراتهم في طاحونة الزمان ، تقبلهم لوجودهم وذواتهم و تكيفهم مع الملامح الإنسانية لبعضهم البعض.
    تحدثتِ عن أدب المخالب والصراخ و..كل ذلك لا يعنيني و أرى أنني أتجاوزه إحساسا ووعيا وبالتالي كتابةَ!
    على الكاتبة العربية التي يتحدث عنها أنيس منصور أن تتجاوز هذه النوعية من الكتابات فبذلك وحده تنال حقا تراه مسلوبا - الحق الذي يُنتزع ولا يُعطى- وتنتصر حينها حقا.ما أحوجنا إلى تجاوز ماهو مستهلك إنسانيا..أتمنى أن نفكر في الانسان بشكل أعم وأعمق وليس في المرأة والرجل ..دعونا من تصنيف الإنسان والمبدع..!!!





    س 7 – هل تفضلين أن يعكس أبطال قصصك أيدولوجيات خاصة بك كإمرأة عربية أم أنك تكتبين بروح ثائرة على النمطى و السائد في المجتمع ؟


    أنا أتجاوز كوني امرأة وكوني عربية ولا يعنيني في الرجل غير كونه شريكي الوجودي الوسيم وحسب!
    أكتب انطلاقا من كوني إنـــــــــسانـــــة وحسب!
    أكتب لأكون أنا و أنا فقط!! منذ قذف بي إلى هذا الوجود وأنا أراهن على ذلك!!
    أبطال قصصي هم أنا و أنت وهو .. عم الشيء واللاشيء ، الوجود والعدم ، الصفر و الخط..!





    س 8 – إلى أي مدى يمكن أن تقلقك فكرة فهم أو تفهم القارئ لجموحك في الكتابة ؟


    لا أفكر في هذا بتاتا ، مايشغلني هو أن أطرد القلق الوجودي الذي يمارس سطوته على ذاتي قبل أن أهمّ بالكتابة.
    أكتب ما أحسه وأحاول ماستطعت أن أوصل شيئا من إحساسي و فكرتي التي ا أرسمها بأصابعي في الهواء!
    حين أكتب أكون أنانية على نحو ما ، أكون الخالقة الوحيدة لعالمي الكتابي فأراني المركز وماغيري هامش. حين يقرأ المتلقي عملي فهو بالتالي يستلم مني المركز لأصبح أنا الهامش وعندئذ حين يلمس صدقي في الكتابة فهو يتواطأ رغما عنه معي لذا لا يهمني البتة تفهّمه لجموحي في الكتابة من عدمه!






    س 9 - مشروع الرسائل المشتركة مع الأديب السعودي عبد الله النصر تقولين في تعريفك له في موقعك على الإنترنت .. رسائلنا هذه تحمل الكثير من سذاجتنا .. أحلامنا .. اغترابنا .. فجيعتنا .. صمتنا . فيها افتتنّا بالموت .. رأينا الكثير من الجمال في السّواد .. و بها عشقنا برودة الجمر و لسعة الجليد .. احترفنا من الصّدق جلّه و من الكذب الجميل ما بقيه ! ..

    - هل هي محاولة منكما لرفع الحائط الرابع الذي يفصل بين القارئ و الكاتب ؟ ..حدثينا عن تلك التجربة إن أمكن ..


    هذه الرسائل المشتركة بيني وبين الكاتب السعودي عبد الله النصر مختلفة ، دعيني أسمّيها " casual letters" بهذا المعنى الزئبقي ربما!
    لعل القارئ لها يحس أنه كاتبها وأنها رسائله التي يرميها في بحر الحياة فيصادفها دون كثير عناء.
    هذه الرسائل لقطات حياتية شفيفة ، فيها الكثير مني ومن عبد الله .. فيها كتبنا أنفسنا و فيها راوغنا أوهامنا وانكساراتنا .. فيها من الواقع مافيها ومن الخيال مافيها.
    هذه التجربة ابتدأت منذ العامين حين اقترحتُ على الصديق عبد الله النصر كتابة رسائل مشتركة نبدع فيها ونخربش خريطة وجودنا .. كأنه مسلسل تسجيلي لشخصين فقط ، حلقاته متباعدة ..لقطات إنسانية مكثفة !!
    اتفقنا على أن لا نتقيد بوقت معين ننتهي فيه من الرسائل ، لازلنا نكتبها ويوم ننتهي منها ستقرئينها في كتاب ولا شك!






    س 10 – عندما سئل ألبرتو مورافيا عن أجمل ساعات العمر قال بأنها الساعات التي لا يشعر فيها بالزمن .. بعيداً عن مناخ و أجواء الكتابة ماهى المواقف التي لا تشعر ين فيها بالزمن ؟


    تعرفين؟ نحن لا ننسى الزمن ، قد نتناساه ولكننا لا ننساه مطلقا ، بدليل أننا نتمنى أن يتوقف عند لحظة معينة . وأنا كثيرا ما تمنيت أن أحصل على كماشة للزمن حين أكون مع من أحب ، حين ألعب كرة القدم ، حين تتسكع ذاتي مع ذوات تشبهها و تتواطأ معها ..باختصار ، حين أقوم بشيء أعشقه يجعلني مستلبة استلابا إردايا لذيذا .. غير واعية بالجسد الذي تلبسه روحي!

    (عدل بواسطة منى أحمد on 11-06-2006, 08:11 PM)
    (عدل بواسطة منى أحمد on 11-07-2006, 08:49 PM)

                  

11-06-2006, 08:21 PM

منى أحمد

تاريخ التسجيل: 01-27-2006
مجموع المشاركات: 362

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع القاصَّـة المغربيـَّة منى وفيـق لمجلة أوراق جديدة (Re: منى أحمد)





    نــص ( فرحــاً بالمــوت ) للقاصة منى وفيق ..





    .. جزعة أنا .. مصدومة .. غارقة في حزني أيضا . أيُّ تفرّدٍ أحسّه . العالم القاسي المجوسيّ هذا يبدو صامتا و حزينا إلاّ من نعيق الغربان و البوم في الخرائب. و أنت الواقف هاهنالك مبتسم و ضاحك . تُرى من تكون؟!
    حتّى وقت قريب كنت أسخر من "عبدو" لأنّه كان يؤكّد لي أنّ أغلب الكتّاب لا يتفوّهون إلاّ بالكلمات الرنّانة الفضفاضة مع الكثير من الخزعبلات الأنيقة . و أنا اليوم أشدَّ ما أكون حاقدة على "لافونتين" القائل أنّ الموت لا يباغت الحكماء لأنّهم مستعدّون دوما للرّحيل . أبي كان حكيما و لم يباغته الموت .. كان ينتظره .. حتّى روحُه لم يَعزَّ عليها أن تفارق ذلك الجسد الّذي أمضت فيه عمرا بأكمله . للأسف لم يكن "لافونتين من الّذين ضحك من هذيانهم عبدو!"
    كلّ الوجوه مكفهرّة إلاّ وجهك أنت ضاحك و مشرق .. لماذا؟!!
    لا تدعني أفكّر أنّ "عبدو" أسرّ لك برغبته الكبيرة في رؤيتي أبكي بحرقة ليتلذّذ هو بساديّته.أجزم أنّه لو رأى عينيّ المتورّمتين لتخلّى عن رغبته تلك . بل لتمنّى أن تجفّ ينابيع مقلتيّ أبد الدّهر!
    إن لم يكن لهذا فلِم تضحك مبتسما؟!
    أُحسُّني طفلة بعد أن رحل والدي .. كثيرون يكبرون أضعاف عمرهم الحقيقيّ إذا فقدوا أقرب ذويهم . أنا عكسهم . أشعر أنّني طفلة صغيرة جدّا . منبوذة لا تريدهم أن يأخذوا أباها بعيدا عنها !! هل تكون علمتَ بحقدي على الطّفلة الصّهيونيّة الّتي تُعامَل كطفلة مدلّلة يُخشى أن ينهار توازن العالم إن هي تعرّضت للبكاء .. و لأجل هذا تبتسم؟!!
    يمنعني وقار الزّمان و المكان أن أصرخ فيك بصوت عال و أسألك عن سبب فرحك .
    تُراك تسخر من وعد "كوثر" لي بأنّ الزّمان بحنكته العجوز سيروّض شذوذي الحسّي ؟! أم لأنّ الزّمان أصبح جلاّدا يصرّ على أن يعلّمني كيف أمشي على جرحي؟!
    رجـــــــاءاً .. لماذا تبتسم في حين يدهسني أنا الحزن؟!
    يبدو أنّك أدركتَ أنّني وددت لو أنّ أبي غادرنا في فاتح أبريل ليكون موته مجرّد كذبة . ألهذا لم تمنع نفسك من الضّحك؟!!
    ممكنٌ أنّك مبتسم لفطريّة الجمال في قلبي و أبديّة العذاب في سليقتي؟!
    لا تقل أنّك تضحك لأنّ الآخرين يرقصون و يزنون و يعيثون في الأرض فساداً في حين أمارس أنا طقوس فجيعتي بعد فقدي لأبي .. يكملون حياتهم البذيئة .. لا يدرون أنّ والدي مات . لا يعلمون أنّه رحل تاركا لي آلاما حملتها أنا عنه!! آهٍ لو أنّك تضحك من أجل هذا!!
    هل حدث و علمتَ أنّني سألت" إلياس" إن كان الله يحبّني ؟هل سمعته حين قال لي أنّ الله يعشقني لأنّني أفكّر فيه و جادّة في البحث عنه؟!لعلّك تبتسم لإدراكك العميق أنّ "إلياس "ذو الفؤاد النّرجسيّ مفرطٌ في الجمال لذا يقول أيّ شيء من شأنه أن يُفرحني!!
    النّار في صدري مشتعلة . عانقني الكثيرون معزّين باكين . لكنّ النّار في صدري تتأجّج أكثر فأكثر . وحده حضن أبي كان سيطفؤها . لهذا تبتسم؟! أم لأنّني لم أفهم يوما أبي حين كان يساوي بين التّبر و التّراب ؟!
    بالله عليك ما سرّ وجهك الضّاحك ؟! أبِه سخريّة من مواساة "خالدَ" لي .. من قسمِه على كوني عنقاء أخرى ستولد من جديد من قلب اللّهب ؟! أم لعلّه تشفّ منك لأنّك كشفتني حين كنت أسأل القدَر متوسّلةً أن يبدأ لعبة النّسيان معي؟!
    ربّما في ابتسامتك شماتة لأنّني بتّ أقوم مفزوعة كلّما تحدّث أحدهم بصوت مرتفع حتّى أنّ ضلوعي تكاد تلفظ قلبي!
    لا تنظر إليّ مبتسما هكذا .. أتكون أحد تلامذتي الّذين أدرّسهم الفلسفة و الحبّ و الفنّ و الجمال .. همُ الّذين لا يفكّرون إلاّ في البطالة و سبل العيش و تمنعهم أحلامهم الصّغرى من الاقتراب من الأحلام الكبرى.يبدو أنّك باغتّني و أنا أكتب بالطّبشور في إحدى الحصص: " كاد المعلّم أن يصبح شيفونا "!
    هل تضحك مستسلما للهزيمة مثلي ؟ أنا أيضا فشلت في أن أحتفي بسموقي و أنيني .. في أن أرقص فرَحاً بالموت .. في أن أصل بفجائعي حدّ الرّقص!
    لو أنّك قرّرت أن تستقبل معي حياة الضّنك و المشقّة بابتسامة .. فلا تعليق لديّ!
    ابتسامتك أبشع من أن تكون للمواساة و التّعزية!
    ماذا لو أنّك تبتسم قائلا أنّ الموت هو من ضمن أشياء تحدث .. مجرّد أشياء تحدث!!
    لابتسامتك أن تكبر و تكبر و تكبر إذا كانت تهزأ من ضعفي أمام قوّة أبي ... أبي الحبيب حين كانت تشتدّ به آلامه كان يكابر حتّى لا تسقط و لو دمعة واحدة من عينيه .. أنا أضعَف من أن أحاكيه!
    هل ستمضي في ابتسامتك و ضحكك لو أخبرتك أنّ أبي علّمني و أختيَّ بفطرته أنّ الإبداع الحقيقيّ هو أن نتمدّد على الطّريق عُرايا إلاّ من أحلامنا .. أن نرفض الثّمالة المستوردة .. أن نحبّ و نحلم و نتمرّد و نكتب بالدّم سيرة فوق الحديد .. أن نرى الجمال في السّواد .. أن نحسّ لذّة الافتتان بالموت أيضا!!
    كاذبةٌ ابتسامتك و واهية لو أنّها تسعى لتُثبت لي أنّه ما من حزن سرمديّ و لا ليل سرمديّ.و أن لا وجود لليلة ليلاء يُفتقد فيها البدر!!
    أسمعهم يتداولون و يتّفقون حول أجرتك . ابتسامتك الخبيثة تجعلني أفكّر أنّك قد تكون أنت الآخر من بائعي الوهم في زمننا هذا!!
    أراهم يعطونك ملاليم تضعها في جيبك بفرح غير خافٍ .. ينادُونك بحفّار القبور .. هكذا إذن؟ أنت من سيحفر قبر أبي .
    تمضي و ابتسامةُ وجهك الشّاحب ثابثة .. ليس لأنّك ستدفن جزءا كبيرا منّي مع أبي .. بل فرَحاً بالموت تبتسم .. و انتظارا لكلّ موت ستظلّ تبتسم!!
                  

11-06-2006, 08:40 PM

منى أحمد

تاريخ التسجيل: 01-27-2006
مجموع المشاركات: 362

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع القاصَّـة المغربيـَّة منى وفيـق لمجلة أوراق جديدة (Re: منى أحمد)

    الفلسفة في توظيف المفارقة الساخرة
    في نص ( فرحاً بالموت ) للقاصة منى وفيق ..




    تقترب القاصة من فكرة الموت بطريقة على الرغم من مباشرتها إلا أنها مختلفة في طبيعة التناول , فإذا صرفنا النظر قليلاً عن كون بطلة القصة هنا تحتج على ( فكرة الموت ) شأن كل البشر لحظة الفجيعة , و تأملنا دونما جهد يذكر نجدها تبرز ذلك باللجوء إلى فلسفة الحزن و محاولة منطقته عن طريق الهروب إلى الوجه الآخر للحدث .
    من هنا تقدم لنا ( منى وفيق ) البكائية المفترضة في قالب جديد هو الهجوم على المستفيد المنطقى من فجيعة البطلة ألا وهو المخاطب الذي يمثل الوجه الآخر للحدث


    (( يمنعني وقار الزّمان و المكان أن أصرخ فيك بصوت عال و أسألك عن سبب فرحك )) .


    لم تحاول منى أن تدهشنا بمعالجة فكرة الموت من خلال التركيز على خلق مناخ يستمرئ اللطم والرثاء أو من خلال ابتكار أجواء خيالية كالتخاطب مع الروح مثلاً , وإنما أ دهشتنا باختلافها في تصوير الوجه الآخر المغاير لفجيعة إنسانية لا تنفى مأساويتها حقيقة حدوثها كل يوم .

    البطلة هنا في صراع مع الواقع رغم تسليمها به كحقيقة , وهنا تبرز المعاناة الإنسانية التقليدية لكن في ثوب أكثر قشابة هذه المرة , و ذلك بنجاحها في توظيف ظاهرة المفارقة الساخرة التى هى أبرز الأدوات الفنيّة في النص , وهو ما أحسست أنها تعول عليه في نهوضها بالسرد .
    وقد استطاعت - في تقديري - أن تصور بشكل جيد فكرة الوجه الآخر للفجيعة وكيف أنها قد تمثل حدثا روتينيا بالنسبه للآخر أو لعله مفرح - من زاوية مادية - كونه يمثل في نهاية الأمر لقمة عيش سائغة لأحدهم.
    على الرغم من طرافة التناول إلا أن القصة تظل مثقلة بواقع الحزن المسيطر كما تشتد فيها نزعة رفض الفجيعة أو ما يسمى في علم النفس بـ (مرحلة النكران ) ( dinial ) و التى تعقب الحدث المؤلم عادة


    (( و أنا اليوم أشدَّ ما أكون حاقدة على "لافونتين" القائل أنّ الموت لا يباغت الحكماء لأنّهم مستعدّون دوما للرّحيل . أبي كان حكيما و لم يباغته الموت .. كان ينتظره .. ))

    أما الإطار السردى هنا فيميل الى لغة المسرح ويتضح ذلك في الطبيعة المباشرة للسرد , وعلى الرغم من كون القصة يطغى عليها طابع المونولوج وتبتعد عن الطابع التعددى للحوار إلا أنها تبرز و تشرح الآخر بوضوح من منظور المتحدثة الوحيدة التى ترسم تفاصيله بكل وضوح .
    تُروى القصة بضمير المتكلم الذي يعكس تركيزاً قوياً على الحالة الوجدانية للمتحدثة


    (( جزعة أنا .. مصدومة .. غارقة في حزني أيضا . أيُّ تفرّدٍ أحسّه . العالم القاسي المجوسيّ هذا يبدو صامتا و حزينا إلاّ من نعيق الغربان و البوم في الخرائب )) كما تحتل شخصية المخاطب معظم مساحة النص , ليس من خلال تواجد حوارى أصيل و إنما بين طيّات ردود أفعال المتحدثة التى تنقل لنا صورته مضمنة في انطباعاتها الشخصية الخالصة التى ساهمت الطبيعة المأساوية للحدث في تضخيمها

    (( أسمعهم يتداولون و يتّفقون حول أجرتك . ابتسامتك الخبيثة تجعلني أفكّر أنّك قد تكون أنت الآخر من بائعي الوهم في زمننا هذا!! )) في حديث الشخصية عن ذاتها أو حديثها عن المخاطب وموقفه من الموت هنالك لمحات في تدفق السرد تلقى إضاءات خفيفة على أيدولوجية القاصة نفسها
    (( أنّ أبي علّمني و أختيَّ بفطرته أنّ الإبداع الحقيقيّ هو أن نتمدّد على الطّريق عُرايا إلاّ من أحلامنا .. أن نرفض الثّمالة المستوردة .. أن نحبّ و نحلم و نتمرّد و نكتب بالدّم سيرة فوق الحديد .. أن نرى الجمال في السّواد .. أن نحسّ لذّة الافتتان بالموت أيضا!! )) كما تعكس النهاية حتميّة الواقع على الرغم من قسوته


    (( تمضي و ابتسامةُ وجهك الشّاحب ثابثة .. ليس لأنّك ستدفن جزءا كبيرا منّي مع أبي .. بل فرَحاً بالموت تبتسم .. و انتظارا لكلّ موت ستظلّ تبتسم!! ))

    وأخيراً ربما يمكننى وصفها بأنها قصة نجحت في أن تجعلنا نعيشها كما ينبغى .



    منى أحمد





                  

11-06-2006, 08:46 PM

منى أحمد

تاريخ التسجيل: 01-27-2006
مجموع المشاركات: 362

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع القاصَّـة المغربيـَّة منى وفيـق لمجلة أوراق جديدة (Re: منى أحمد)
                  

11-06-2006, 08:51 PM

منى أحمد

تاريخ التسجيل: 01-27-2006
مجموع المشاركات: 362

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع القاصَّـة المغربيـَّة منى وفيـق لمجلة أوراق جديدة (Re: منى أحمد)
                  

11-07-2006, 09:08 PM

منى أحمد

تاريخ التسجيل: 01-27-2006
مجموع المشاركات: 362

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع القاصَّـة المغربيـَّة منى وفيـق لمجلة أوراق جديدة (Re: منى أحمد)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de