الذكري السنوية الأولي لرحيل ( محمدأحمد الشيخ الأمين) أحد أبرز بناة الحكم المحلي في السودان !!
المصادر: تم تجميع هذه المعلومات عن الفقيد الراحل جدي محمد أحمد الشيخ الأمين من عدد من الأهل و الأقارب ممن عاصروه ومن الملمين بتاريخه الناصع البياض رحمه الله و هي حصيلة معلومات كثيرة من أناس معظمهم من كبار السن و لم أعاصر تلك الفترة الزمنية شخصي.
بناة السودان الحديث يغيبون عن دنيانا واحدا تلو الآخر .. وصفحات من تاريخنا المشرق تطوى يوما بعد يوم برحيل صانعيها وأبطالها .. وعزاؤنا أنهم دائماً يتركون فينا قيما أخلاقية وسلوكية وعملية تصبح نبراسا يضيء مسيرتنا ويهدينا سواء السبيل، ويتركون فينا القدوة الصالحة التي نفاخر بها ونحاول التشبه بها ونربي عليها أبناءنا.
شيعت بلادنافي العام الماضي2005 بكل أسى وحزن السيد محمد أحمد الشيخ الأمين، وهو من الرعيل الأول من الإداريين..من أوائل خريجي كلية غردون في عهد الإستعمار البريطاني للسودان و التي تحولت فيما بعد إلي كلية الخرطوم الجامعية ثم جامعة الخرطوم العريقة و هو كذلك من أوائل كبار موظفي الخدمة المدنية في عهد الإنجليز عندما كانت أفضل خدمة مدنية في إفريقيا و المنطقة العربية بل من رجال السودان الأفذاذ في مجال الإدارة فقد كان ـ رحمه الله ـ وزيرا للحكومات المحلية وهي وزارة تعادل في مصطلحاتنا ومؤسساتنا السياسية الحالية ديوان الحكم الاتحادي، وكانت من الوزارات الرئيسية التي لا يطالب بها حزب من الأحزاب إلا إذا ضمن أن من بين قياداته الكادر المؤهل لشغلها.. والحكومات الشمولية لم تكن تسندها الا لأهل الكفاءة والخبرة والاختصاص!! وقبلها كان الفقيد ـ رحمه الله ـ محافظا لمديرية كردفان أيام كان عدد المديريات تسعاً .. وقبل كردفان جاب ـ رحمه الله ـ ورفاقه السودان وسطا وشرقا وغربا وشمالا وجنوبا يؤسسون المجالس الريفية على مستوى القرى والبادية والمجالس البلدية في المدن، ويرسمون واجبات الدولة تجاه المواطن ويحددون حقوقها عليه وينقلون حياة الناس من المجتمع البدائي العشوائي إلى المجتمع الحديث الذي تحكمه النظم الإدارية والقوانين.. وعليه يمكن القول بلا تحفظ أن الفقيد ـ تقبله الله ـ من المؤسسين الحقيقيين للدولة الحديثة في السودان.
بعد تركه لكرسي الوزارة بسبب خلاف حول أساليب الإدارة الصحيحةالتي خبرهاعلي أيدي الإنجليز من (النظام و الإنضباط و الحزم و الدقة و الإخلاص في العمل) مع كبار المسئولين في حكومة مايو في بدايتها و من ضمنهم تحديدآالراحل الدكتور جعفر محمد علي بخيت عمل الفقيد لسنوات طويلة مستشارا للسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان لشئون الحكم المحلي منذ حقبة السبعينات و في بداية تأسيس سلطنة عمان، وأرسى هناك دعائم الإدارة الحديثة التي قامت عليها نهضة جعلت سلطنة عمان دولة عصرية تعتبر في مصاف الدول المتطورة ..في المنطقة العربية و الشرق الأوسط بالأخص في مجال الخدمة المدنية والفقيد ـ رحمه الله ـ لم يكن الوحيد الذي قدم الخبرة السودانية بسخاء، فهناك غيره كثيرون شادوا لنا مجدا وذكرا طيبا بين العرب والأفارقة ـ نسأل الله أن يتقبل من انتقل منهم إلى جواره وأن يمتع الأحياء بالصحة والعافية ـ ففي سلطنة عمان نفسها كان هناك الأستاذ محمد خير عثمان وزير التربية والتعليم الأسبق والذي أصبح مستشارا في مجال التعليم، فنقل تجربة السودان التي صاغتها بخت الرضا وأفاد منها أشقاؤنا كثيرا.. وفي دولة الأمارات العربية المتحدة المجاورة للسلطنة هناك جهود كمال حمزة وأحمد عوض الكريم رئيسي بلديتي دبي وأبو ظبي لعشرات السنين. والبروفيسور علي شمو وكيل وزارة الإعلام والمهندس الطيب مصطفى مؤسس مؤسسة اتصالات الأمارات العملاقة ود. خليفة بابكر الحسن و د. زكريا بشير إمام وغيرهم آخرون في مجال الدراسات العليا ومجالات أخرى، تركوا بصمات شديدة الوضوح وساهموا مساهمة فعالة في صنع الحياة هناك، والكاتبان الكبيران الطيب صالح ومحمد إبراهيم الشوش وآخرون في دولة قطر، شادوا لنا مجدا وذكرا. وعبد الله سليمان العطا ومحمد شريف نور الدائم والمهندس محمد عثمان محجوب ومكي محمد عثمان وآخرون في اليمن، ازدانت بهم الحياة وساهموا في وضع أساسيات التطور المدني المتسارع .. وإلى جانب عمان والأمارات وقطر واليمن، ساهم سودانيون بارزون في ترقية العديد من المجتمعات والدول، وقدموا الدليل الساطع على تفاعلنا القومي الذي يحاول البعض التعتيم عليه أو الانتقاص منه والتقليل من شأنه !!
والتفاعل السوداني لا يتوقف على العالم العربي .. ففي أفريقيا مساهمات ليس أولها مشاركة المرحوم محمد أبو القاسم حاج حمد في الثورة الاريترية منذ اندلاعها.
ومما يجدر التنبيه إليه أن العامل المشترك بين السودانيين الفاعلين في الخارج، أنهم ما غادروا البلاد إلا بعد أن أدوا واجبهم الوطني على أكمل وجه. وعندما عادوا إليها عادوا بتجارب وخبرات إضافية، نتمنى أن يوفق أولي الأمر في استثمارها وتوظيفها والإفادة منها.
فقيدنا السيد محمد أحمد الشيخ الأمين ـ تقبله الله ـ لم تقف به همته العالية وإنسانيته الدافقة عند حد الواجبين الوطني والقومي، بل كانت له أيادٍ بيضاء مشهودة في وطنه الصغير ومسقط رأسه بلدة كترانج العريقة بشرق النيل وما حولها من القرى .. منها تكفله بالتكلفة الكاملة لمشروع إنارة المنطقة ، وحرصه على دخول الكهرباء في كل بيت جعله يلتزم بسداد كل فواتير الأسر الفقيرة، ومنها إسهامه واهتمامه الكبير بمشروع الواحة الزراعي الذي كان من المؤمل أن يحدث نقلة نوعية في حياة أهالي المنطقة، ومنها دعمه السخي لمشروع مياه كترانج وكل مدارس المنطقة .. ويقول العارفون ببواطن الأمور «إن ما خفي كان أعظم»!! وما خفي هذا يمكن تصوره من حرصه على صلة الرحم وتفقده المستمر للفقراء وذوي الحاجة من أهله وأفراد عشيرته!!.. ومساهمات الفقيد وأياديه البيضاء كانت تتم بلا منٍ ولا أذى وفي تواضع جم وحياء فريد، وكأنما صاحبها يعتذر عن التقصير!!
وقبل حوالي عامين وعندما قررت المنطقة تكريمه في حفل ضخم أقيم ببلدة كترانج، ودعيت له كل قرى شمال ووسط الجزيرة سمعت من الكثير من أفراد عائلتنا الذين كانوا بصحبته أن جدي محمد أحمد الشيخ الأمين كان شديد التأثر بما يحدث. وكان يتمني أن تنشق الأرض وتبتلعه ، وعندما ارتفع صوت الأستاذ مكاوي الأمين عبد الله رئيس لجنة التكريم في كلمته، معددا مآثره ومشيدا بمكرماته والتهبت الأكف بالتصفيق والحناجر بالهتاف،شاهده الجميع ـ رحمه الله ـ يكاد يغوص في مقعده تواضعا وحياءً، وخيل لهم أنه قد يقفز خارج الساحة ويهرب من الموقف برمته!! وعندما حان دوره ليلقي كلمته في الاحتفال خنقته العبرات ولم يستطع أن يواصل .. وهو الإداري المحنك والوزير المفوه والمتمرس على اعتلاء المنابر ومخاطبة الجماهير..
لقد كان الفقيدالشيخ محمد أحمد الشيخ الأمين ـ تقبله الله ـ أمة، أفاض على الناس ندى وسماحة وخلقاً كريماً.. وعلمهم كيف تكون التضحيات ونكران الذات في صمت!! .. وكيف يكون البذل والعطاء في العسر واليسر بلا منٍّ أو رياء!! ويقيني أنه لازال فينا حياً بمكرماته وأياديه البيضاء وبذكراه العطرة التي ستبقى فينا ما بقي الخير في الناس. والخير باقٍ في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة.
وتعازينافي ذكري رحيله السنوية الأولي (و لنكثر الدعاء له في هذه الأيام المباركة) لأنفسنا ولأشقاء الفقيد وآله، ولكل أهلنا في كترانج و المحس والمسعودية والنوبة و المسيد وأم ضون بان و رفاعة وشرق النيل و الخرطوم و أم درمان والخرطوم بحري و سلطنة عمان و الإمارات و السعودية و مصر و بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية و أسترالياو كندا و هولندا ولعارفي أفضال الفقيد ومآثره وسجاياه .. ونسأل الله أن يتقبله قبولاً حسناً ويسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
ان لله وانا اليه راجعون آللهم أرحمه وأسكنه فسيح جناتك آللهم باعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقه من الخطايا والذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسله بالثلج والماء والبرد اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله اللهم اجمعنا وإياه في مستقر رحمتك اللهم انا نسالك بأسمك الاعظم ان توسع مدخله اللهم آنس في القبر وحشته اللهم ثبته عند السؤال اللهم لقنه حجته اللهم باعد القبر عن جنباته اللهم اكفه فتنة القبر اللهم اكفه ضمة القبر اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار اللهم إن كان محسنًا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئًا فتجاوز عن سيئاته اللهم ألحقه بالشهداء اللهم اجعل هذا اليوم أسعد أيامه اللهم افتح عليه نافذة من الجنة00 واجعل قبره روضة من رياضها آآآآمين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Kamel mohamad
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست