بالامس فقط أكد المؤتمر الوطني الجاثم على صدورنا بأمر نيفاشا بأنه أجدر بالرحيل والإنزواء وإفساح الساحة السياسية لمن هو اقدر واجدر منه من الاحزاب الاخري لادارة دفة البلاد بعد ان جثم على صدورنا ردحاً من الزمن اذاقنا فيها مرارات سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية،
وبالامس فقط اثبت حزب المؤتمر بأنه فعلاً حزب أقلية حاكمة ولا يمتلك قادته أفقا سياسيا يمكنه من ادارة الازمات وفق استراتيجية سياسية تنزع كل فتيل قبل اشتعاله فحزب يمنح شعبه غلاء الاسعار والقهر والغاز المسيل اجدر بالرحيل والانزواء.
٭ قاصمة الظهر
وجاءت مسيرة الامس وكانت قاصمة الظهر التي قصمت بآخر ماتبقى من رمق سياسي تعلن وفاة حزب اسمه المؤتمر الوطني بعد احتضار دام طويلاً ورغم الدعوة المسبقة بسلمية المسيرة الرافضة للزيادة الاخيرة في اسعار المحروقات والسكر ..مسيرة زحفت جيوشها من أصقاع وأطراف الخرطوم دون وجل او احتراس جاءت لتقول لا لحكومة المؤتمر الوطني وبقية الاحزاب المشاركة لها في هذه المأساة ورغم الدعوة التي قدمها السيد الصادق المهدي امام الانصار للمشاركين في المسيرة بالالتزام السلمي الا ان المؤتمر الوطني وأجهزته العسكرية والامنية رفضت كل انواع التعبير المخالف لسياستهم العرجاء فجاء الرد أمنياً ومؤلماً أعاد الشعب السوداني الى مثلث القهر والفقر والظلم.
٭ مشقة وعسر
وقبل اسبوع من الآن سيرت القوى المعارضة مسيرة اولى لذات الغرض وكانت بالاربعاء ايضاً لكنها اجهضت في مهدها بعد احتلال اذرع الحكومة الامنية لساحة الاحتجاج وتفريقها للنواة الاولي للمسيرة عبر البمبان والعصي الغليظة والعدوان وقضي فيها العم صديق محجوب نحبه اختناقاً بهذا الغاز العجيب والذي يشك البعض في احتوائه على بعض المواد الكيمائية التي تؤثر على الاعصاب بدليل تأثر كل من استنشقه بالامس وكاد الزميل الحبيب طلال اسماعيل ان يلقي مصير العم صديق محجوب اختناقاً لولا لطف الله به وبنا ورغم البمبان ولاول مرة منذ اكثر من عشرين عاما لم يتفرق تجمع المسيرة بسهولة ووجدت أجهزة المؤتمر الوطني الأمنية مشقة وعسرا في تفريق المحتجين المكبوتين الذين كادوا ينسون التعبير والاحتجاج سلماً
٭ قيادات المسيرة
والمسيرة التي دعت لها قوى المعارضة والتي ضمت أحزابا كبرى كالأمه القومي والحزب الشيوعي والحزب الاتحادي الديمقراطي كانت اول استفتاء حقيقي لشعبية هذه الأحزاب ومدى قدرتها على تحريك الشارع السوداني وقد نجحت امس هذه الاحزاب وبعد سبعه عشر عاماً من الصبر من تنفيذ مسيرة احتجاجية استطاعت عبرها اعادة بعض الامور السياسية الى مسارها الصحيح وتأكيد حجمها الجماهيري وقدرتها السياسية إلا أن ما عاب مسيرة الامس عدم التخطيط الدقيق ولعل ماميز المسيرة امس هو التواجد القيادي الحزبي في قلب الميدان فكان دكتور عبد النبي علي احمد وكانت سارة نقد الله وكانت مريم الصادق والحاج وراق وساطع الحاج وسليمان حامد ويوسف حسين وصديق الصادق المهدي
الامر الذي كان له كبير الاثر في نجاح المسيرة السياسي وهو ايصال الرسالة الخطيرة للحكومة وللساحة السياسية بحجم القوي المنظمة للمسيرة
٭ ميدان المعركة
واستعملت القوى الامنية التي فضت المسيرة امس أقصى أنواع العنف في فضها وكانت العصي والهراوات والغاز المسيل للدموع أسياد الموقف واحتمى المواطنون بالمسجد الكبير وبمجمع كمبوني وبالمجمعات التجارية الا انهم لم يسلموا من ادوات الكبت والقهر الامنية فمن سلم من العصي والهروات لم يسلم من الغاز المسيل ليس للدموع فحسب بل انه مهلك ايضاً للصحة وللعزيمة والاعصاب
ولم تسلم حتى النساء من تلك الادوات فقد اجتاحت كل من صادف وجودها بميدان المسيرة وهو السوق العربي بحدوده الجغرافية المتعارف عليها شرقاً شارع القصر وغرباً شارع عبد المنعم جنوباً شارع السيد عبد الرحمن وشمال شارع الجامعة بل اجتاحت كل من تصادف وجوده هناك لينال حظه من الركل والرفس والغاز المسيل للدموع
٭ المعالجة الخاطئة
وأرادت الحكومة »عفواً المؤتمر الوطني« الالتفاف على المسيرة قبل قيامها عبر دعوة حق ارادت بها باطلاً وهي الدعوة لمؤتمر اقتصادي تدعو له كل الاحزاب والقوى السياسية لمناقشة أمر الزيادات وهي محاولة من الحكومة للإلتفاف على المسيرة وقتلها في مهدها الا ان قيادات اللجنة المنظمة للمسيرة قد ادركوا ذلك ورفضوا هذا المقترح ورغم تهديد ووعيد وزارة الداخلية باستخدام العنف ضد المسيرة قبل يوم من قيامها الا ان ذلك لم يثن المنظمين للمسيرة من المضي قدما في قيامها
وجاءت المعالجة الامنية واستخدام العنف ضد المحتجين امتداداً لسياسة قادة المؤتمر الوطني اصحاب العقلية الامنية وهي ذات السياسة التي عالجت بها الحكومة ملف دارفور فقادتها الى فخ التدويل والتدخل الاجنبي في الشأن السوداني الداخلي ورغم هذا يصر المؤتمر الوطني واجهزته الامنية على انتهاج ذات السياسة
٭ الحل الامثل
وكان يمكن للمؤتمر الوطني وأجهزته الامنية والسياسية انتهاج سياسة اخرى وطريقة معالجة مثلى في مواجهة المحتجين لتقليل او حدوث اي صدامات بين الشرطة والمحتجين وكان بإمكان أجهزة ولاية الخرطوم السياسية والأمنية التقاط زمام المبادرة السياسية بالسماح للمحتجين بالتعبير عن رأيهم سلماً وتسليمهم المذكرة لرئيس الجمهورية دون حدوث أية آثار من شأنها أن تؤدي الى مزيد من الاحتقان السياسي بين الحكومة والمعارضة في وقت بات فيه المؤتمر الوطني احوج احزاب العالم الاخري خاصة وان الحزب يخوض الان منفردا حربا سياسية ودبلوماسية مع المجتمع الدولي بعد القرار 1706 لكن ماذا نقول في عقلية استحوذ عليها الحل الامني والحسم العسكري لابسط المسائل والقضايا السياسية العالقة
٭ حديث غريب
وبالامس طالعت حديثا غريبا لنائب رئيس الجمهورية والمؤتمر الوطني علي عثمان محمد طه يقول فيه بأن يد الحكومة ستمتد للأيادي الداعمة والمؤيدة للدخول الاممي لدارفور وتقطعها ولكأنه يرمز الى القوي السياسية التي اعلنت مسبقاً ترحيبها بالقوات الاممية ونائب رئيس الجمهورية يقول ذلك وهو وحزبه احوج مايكونان للتعاطف الداخلي ولكأنه يستجدي الكثير من العدائيات وكانت مسيرة الامس فصلاً جديداً من فصول كسب العداء الجماهيري تجاه قادة المؤتمر الوطني
فالمؤتمر الوطني والذي أتى وعبر أجهزته متعددة الاغراض بمئات الطلاب والعمال والموظفين الى ساحة الشهداء امام القصر الجمهوري في مسيرة ديكورية لايصال رسالة للمجتمع الدولي ومجلس الامن الدولي عشية انعقاده قبل اتخاذه القرار 1706 الا ان رسالة الحكومة ضلت طريقها عن هدفها وفضّت أجهزة الحكومة الأمنية مسيرة احتجاجية سلمية وهكذا المؤتمر الوطني يغتال كل افراح الشعب السوداني عبر سياساته الخرقاء
٭ اين الحركة الشعبية ؟
كانت الجماهير السودانية تعوّل كثيراً على الحركة الشعبية في رفع الظلم والقهر عن كاهله بعد مجيئها الى السلطة شريكاً اكبر للمؤتمر الوطني في الحكومة الوطنية الا ان الحركة الشعبية وعبر الناطق الرسمي باسمها ياسر عرمان قد اشبعتنا تخديراً ومؤتمرات صحافية يعقدها عقب كل ازمة سياسية او اقتصادية او أمنية يحدثها المؤتمر الوطني باسم حكومة الوحدة الوطنية فيأتي الينا السيد عرمان ليعلن وفي براءة الذئب من دم ابن يعقوب براءة الحركة الشعبية من أي قرار يصدره المؤتمر الوطني باسم حكومة الوحدة الوطنية ويكاد عرمان يغفل اويستغفل بأنه وحركته شركاء أصيلون في تلك القرارات التي تصدرها حكومة الوحدة الوطنية وان الشعب السوداني لايعرف اتفاقاً آخر أتي بالحركة الشعبية الى الخرطوم غير نيفاشا لذا فهو يحمل الحركة الشعبية وان تبرأت عن مسؤوليات وتبعات اي قرار صادر عن مؤسسة الرئاسة فأين الحركة من الزيادات الاخيرة رغم انها قد قالت بأنها غير شرعية وأنها ستعمل على إسقاطها وانها .... وانها .. والان اين الحركة الشعبية امام ما حدث امس بالسوق العربي فهل نستمع لبيان آخر للسيد عرمان يحمل فيه الشرطة وأجهزة الامن ماحدث كعادته ام سيلوك عرمان وحركته الصمت هذه المرة جراء ماحدث وسيحدث في مقبل من افراط للقوة الشرطية والامنية ضد المواطن الاعزل ؟ اما الاحزاب الاخرى المشاركة فلا بواكي لها
٭ موت دستور
وبموقفه امس اعلن المؤتمر الوطني واذرعه الامنية رسمياً موت الدستور الانتقالي الذي كان يمكنه ان يكون نواة لدستور دائم للبلاد فالدستور يمنح كل مواطن سوداني حق التعبير اللفظي والخطابي والكتابي عبر وسائل سلمية بشرط الا يؤثر ذلك او يمس بسلامة الوطن والمواطن وهذا ماكانت تود فعله مسيرة الامس الا ان الرد »العنفي« الذي قوبلت به المسيرة عجل بإعلان الوفاة فصارت مواد الدستور الانتقالي مجرد حروف وقع عليها المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في ليلة سكر سلطوي وسياسي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
بكرى ابوبكر
Nasr
Adil Ali
فتحي البحيري
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست