حول تجديد الخطاب الديني // مركز القاهرة لحقوق الانسان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 05:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-21-2006, 08:34 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حول تجديد الخطاب الديني // مركز القاهرة لحقوق الانسان

    نظم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع المعهد السويدي بالإسكندرية وشبكة الإسلام الليبرالي بأندونسيا والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان وبدعم من المفوضية الأوربية في الفترة من 18-20 أبريل 2006 مؤتمرا علمياً تحت عنوان(حقوق الإنسان وتجديد الخطاب الديني : كيف يستفيد العالم العربي من تجارب العالم الإسلامي؟) وشارك في فعاليات هذا المؤتمر نحو 40 مشاركاً من المفكرين الإسلاميين والباحثين المتخصصين في الدراسات الإسلامية والحقوقيين، والنشطاء السياسيين الإسلاميين، من 13 دولة (أندونسيا- ماليزيا- جنوب إفريقيا-السودان- قطر- السويد- لبنان- سوريا- العراق- المغرب- تونس- اليمن- مصر)، وتعذر على أي من المشاركين من إيران الحضور للمؤتمر، وكذلك بالنسبة للمراقب العام للإخوان المسلمين بسورية(علي صدر الدين البيانوني)، ورئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية(راشد الغنوشي).

    وقد ترأس الندوات كل من أزيو ماردي أذرا مدير الجامعة الإسلامية بجاكارتا، هاني فحص عضو المجلس الشيعي الأعلي-لبنان، آمال عبد الهادي ناشطة حقوقية-مصر، سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية – المغرب، عبد القادر رياضي الباحث بمعهد الدولة للدراسات الإسلامية بأندونسيا، زينة أنور المدير التنفيذي لجمعية الأخوات في الإسلام، وبهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
    تناول المؤتمر الذي جرت أعماله باللغتين العربية والإنجليزية على مدى ست جلسات عددا من المحاور منها:
    - إشكالية الدين والدولة في العالم الإسلامي غير العربي.
    _ (الآخر الحضاري والسياسي والفكري من منظور العالم الإسلامي غير العربي.)
    - حرية الرأي والتعبير والاعتقاد ووضعية المرأة والآخر الديني في الخطابات الإسلامية غير العربية .
    كما تناول المؤتمرعلى مدى أربع موائد مستديرة إجابات المشاركين على اختلاف اهتماماتهم وخلفياتهم عن السؤال الرئيسي للمؤتمر(كيف يستفيد العالم العربي من تجارب العالم الإسلامي؟)، فقدم المفكرون والدارسون المتخصصون من ماليزيا وإيران وأندونسيا وجنوب أفريقيا إجاباتهم من واقع خبراتهم المتنوعة، وفي مائدة أخرى قدم الحقوقيون العرب إجاباتهم الخاصة لتعزيز حقوق الإنسان في العالم العربي، وفي مائدة ثالثة قدم الأكاديميون و المفكرون من العالم العربي إجاباتهم، وفي المائدة الرابعة قدم عدد من رموز الإسلام السياسي في العالم العربي رؤاهم في نفس القضية.
    وجدير بالذكر أن هذا المؤتمر قد شارك في التحضير له بجهد وافر عدد من الأكاديميين كمستشارين وهم د. نصر حامد أبوزيد أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة ليدن بهولندا وأستاذ كرسي ابن رشد للإسلام والإنسانيات بجامعة أوتريخت (هولندا)، ود. عبد الله النعيم أستاذ القانون بجامعة إيموري بالولايات المتحدة الأمريكية، ود. منى أباظة أستاذ مساعد السوسيولوجي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
    ***
    هناك جهود تبذل من اجل إعادة بناء الثقة بين "الغرب" و"العالم الإسلامي"، سواء من خلال الحوار بين المتخصصين من الجانبين أو إعادة النظر في صورة الآخر التي تقدمها الكتب المدرسية، هذا ما أكد عليه بان هيننجسون مدير المعهدالسويدي في كلمته الافتتاحية التي أوضح فيها مدى حرصه على استضافة مثل هذا المؤتمر. وعلى صعيد آخر أشار بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إلى أن هذا المؤتمر يأتي في توقيت بالغ الدقة؛ حيث تشهد مدينة الإسكندرية التي ينعقد بها المؤتمر أحداثاً طائفية مؤسفة، كما لم تنمح من الذاكرة بعد مشاهد ردود الفعل العنيفة في عدد من عواصم العالم الإسلامي على الرسوم الكاريكاتورية الدانماركية المسيئة للنبي.

    الأمر الذي يجعل من بحث العالم العربي في تجارب العالم الإسلامي غير العربي عن دروس مستفادة يمكنها أن تسهم في تعزيز حقوق الإنسان، واحترام التعددية الدينية، وبناء جسور الثقة مع العالم، أمراً ضرورياً في هذا التوقيت الحرج.



    إشكالية الدين والدولة في العالم الإسلامي غير العربي
    في ورقته" الإسلام والدولة والسياسة..جدلية الفصل والوصل" فنّد عبد الله النعيم أستاذ القانون بجامعة إيموري بالولايات المتحدة الأمريكية، مقولة "الدولة الدينية"، مشيراً إلى أنه حين يكون تطبيق الشريعة مهمة الدولة، فإن طاعة القانون تكون حينئذ طاعة لإرادة الدولة أيًا كان فهمها للشريعة الذي سنته قانوناً، وليست طاعة لله. مؤكدًا على أن ارتباط العلمانية في أذهان المسلمين بالاستعمار والعداء للدين، لا ينبغي أن يكون دافعاً لعدم خلق علمانية من على أرضية إسلامية لا تعادي الدين وإنما هي ضرورية وحتمية حتى يمكن للمسلمين أن يكونوا مسلمين وللمسيحيين أن يكونوا مسيحيين وهكذا بالنسبة لباقي الديانات. وفي هذا الصدد دعا إلى إقرار أمر واقع وهو عدم الفصل بين السياسة والدين لأن للمسلم أو للمسيحي دوافعه التي لا يستطيع كبحها عند ممارسته للسياسة بشكل عام، لكن ما ينبغي الفصل بينه هو الدين والدولة من خلال وضع ضوابط دستورية تحول أن يكون لمؤسسات الدولة دور في أو ضد الدين، وكذلك رفض أن يكون للدين دور في الدولة بوصفها مؤسسات مدنية محايدة. ومن ثم أكد على ضرورة التميير بين علاقة الدين بالدولة من ناحية، وعلاقة الدين بالسياسة من ناحية ثانية.

    أما محمد نور الدين أستاذ التاريخ واللغة التركية بالجامعة اللبنانية فقد قدم في ورقته"العلمانية والدين والدولة في تركيا: هل هي نموذج قابل للاقتداء في العالم العربي؟" قراءة تاريخية للعلاقة الجدلية بين الدين والدولة في تركيا، مشيراً إلى أنه "منذ البداية لم يكن "الإسلام التركي" "إسلاماً"بالمعنى الشائع في مصر أو السعودية أو غيران أ باكستان مثلا. وحين يقول أردوغان "لقد تغيرت" ليس فقط لا يصدقه العلمانيون الكماليون"نسبة لكمال أتاتورك"(العسكر خصوصا)،بل لا يريدونه أن يتغير" . ويعتبر نور أن هذا هو مأزق العلمانية التركية المتطرفة لأنها أفرزت بتطبيقها الخاطئ لمفهوم العلمانية "المسألة الإسلامية". ويؤكد نور في المقابل على أن حزب العدالة والتنمية لا مرجعية دينية له ، بل يرفض زعيمه أردوغان تسميته بحزب إسلامي باعتبار أن في ذلك إساءة للإسلام وله. فالحزب ليس سوى حزب محافظ يسعى لتطبيق نظام الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان كشرط أوربي لعضوية تركيا في الاتحاد الأوربي،وأنه ليس نموذجا يمكن تطبيقه في بلد آخر للتوافق بين الديمقراطية والإسلام لاختلاف شكل الإسلام في تركيا عما تعرفه البلاد العربية من أشكال للإسلام، وبالتالي فإن حزب العدالة والتنمية في تركيا يعد مثالا في ذلك لما تمارسه الأقليات الإسلامية في مجتمعات علمانية حيث تبرز الهوية الدينية كممارسات فردية لا كجماعة ولا كمنظومة دولة.
    أما حميد رضا آيت اللهي رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة الإمام الطبطبائي بإيران فقد ذهب في ورقته "إشكالية الدين والدولة في العالم افسلامي غير العربي" إلى أن القانون الاجتماعي من المواصفات الأساسية في الإسلام، خلافاً للمسيحية التي ترتكز على الأخلاقيات فحسب،ومن ثم، يجب أن تدرس أنشطة الدولة وإطار عملها من منظور الشريعة الإسلامية. وبالتالي،، يصعب قبول فكرة فصل الدين والسياسة في مجمتع إسلامي غالبيته من المسلمين المؤمنين بحق، لأن هذا المجتمع لن يكون مجتمعاً مستقراً لأن هذا ليس طبيعياً فيه، كما أن هذا المجتمع سيتغير بعد عدة عقود أو بعد جيل أو أكثر. وخير أمثلة على ذلك هو تجربتي تركيا في عهد أتاتورك، وإيران في عهد ريزا شاه. ويذهب آيت اللهي إلى أن العلمانية أما تنطوي على أفكار ونظم ذات أصل إنساني بحت، غير مستقاة من أي مصدر مُستَلهم. ومن ثم فهي تناسب الثقافة الغربية، وهذا ما يفسر فشلها في العالم الإسلامي. ولهذا يصعب أن نتحدث عن هذا النوع من الحداثة"الغربية" في الدول الإسلامية، في حين أننا قد نتحدث عن التحديث في ثقافة هذه الدول وما فيها من أسس بنيت عليه. وعليه، يجب إعادة النظر في معضلة الدين والدولة في سياق إسلامي. ويجب أن نعثر على المشكلة الأساسية في الفكر الإسلامي، وسبل حل هذه المشكلة. وفي هذا الصدد، يدعو إلى ضرورة طرح نماذج غير علمانية للعلاقة بين الدين والدولة، ضرورة وجود التعاليم الدينية والإسلامية في أغلب جوانب الحياة الإنسانية. وعلى هذا الأساس يدعو آيت اللهي إلى نموذج للعلاقة بين الدين والدولة في العالم الإسلامي تتوفر فيه عدد من مواصفات النموذج الناجح،ومنها:
    - لابد أن يعترف هذا النظام الإسلامي بالاحتياجات الدنيوية للمسلمين، كما يعترف باحتياجاتهم الروحانية واحتياجاتهم لتجاوز التفكير الاعتيادي.
    - يتكون النظام السياسي من شقين: يحتوي الشق الأول على بعض القواعد الأساسية في العقيدة الإسلامية. أما الشق الثاني، فيضم الأنشطة العقلية التي يزاولها الإنسان للخلوص إلى نظام سياسي يتسق وهذه المبادئ الإسلامية.
    - يتمتع نظام الدولة الديمقراطي والليبرالي ببعض المزايا التي تأتي بخبرات جيدة للنماذج المثمرة من النظام السياسي. ويمكن أن يجني المفكر المسلم فوائد جمة من هذا النظام، إلا أن الديمقراطية الليبرالية الغربية القائمة على منظور إنساني علماني غربي ستواجه الكثير من المشاكل كي تتوافق مع النماذج الإسلامية للدولة.
    - في مجال الحكومة، لم توجد وحدة في العمل. فكل بلد مسلم يتمتع بشكل سياسي خاص به.
    وفي تعقيبه على الأوراق الثلاث لاحظ صلاح الدين الجورشي الناشط الحقوقي والمفكر الإسلامي التونسي أن هناك اغترابًا في تحديد المفاهيم والربط بينها، طارحاً رؤية أخرى تنطلقمن التساؤل الأولي: هل عندنا مشكلة؟، ليجيب عليه: نعم، عندنا مشكلة تتمثل في أزمة حكم في التاريخ الإسلامي والواقع العربي، وهي مشكلة حادة وتاريخية وهيكلية وليست مجرد مشكلة ظرفية. مشيرا لبعض مظاهر تلك المشكلة والمتمثلة في أزمة في مستوى شرعية السلطة، وروح السلطة الاستبدادية مع تعدد أشكالها، وتحويل الإسلام إلى أيديولوجية مناقضة لسياسة الأمة وحقوق الإنسان. وفي محاولته لتحديد كيفية علاج تلك الأزمة الهيكلية يؤكد الجورشي على ضرورة أن تتجاوز الدولة فكرة الفصل بين الدين والسياسة لأن هذا غير ممكن عملياً، ولا منهجياً، فهي فكرة لا تاريخية. لأن مواقفنا السياسية تعبر بدرجات مختلفة عن عقائدنا. كما أن الأنظمة المستبدة تأخذ شرعيتها من فكرة الفصل هذه بين الدين والسياسة، وفي هذا يتفق مع النعيم في ضرورة الفصل بين الدين والسياسة من ناحية، والدين والدولة من ناحية أخرى. ولتحقيق الفصل بين الدين و الدولة يرى الجورشي أنه لابد من حسم الشرعية، بأن تكون الانتخابات هي الأسلوب الشرعي الوحيد لتحقيق التداول السلمي للسلطة، مع ضمان استقلال السلطات والآليات التي تكفل هذا التداول. المر الذي يتيح التوصل لدساتير تكفل حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وكل هذا مرهون عندالجورشي بأن نتعلم من خبرة غير المسلمين الذين أقاموا أحزابا ذات مرجعية دينية لاسيما فصلهم بين الحزب والدولة،وتقوية المجتمع المدني، والتعامل مع ثنائية الدين والدولة بعيدًا عن الصراع الأيديولجي والسياسي،ونقلها إلى المستوى العملي الدستوري الواضح لتظهر آثار تلك الممارسة بعد ذلك على المستوى الفكر والسياسي.
    وفي تعقيبه على الأوراق الثلاث ذهب غانم جواد مدير القسم الثقافي بمؤسسة الإمام الخوئي –لندن، إلى أن الأوراق الثلاث وكذلك مداخلة الجورشي قد اتفقت في انتقاد العلمانية والبحث عن بديل، من منطلق وجود تناقض بين الدين والعلمانية، واستنادا إلى أن العلمانية أصبح مفهوما سيئ السمعة في العالم العربي والإسلامي، الأمر الذي يدفعه لتقديم مفهوم"العلمانية المؤمنة"، لنفي هذا التناقض، وللتاكيد على أهمية حضور مفهوم العلمانية، تجنبًا لصعود الإسلام السياسي الذي يراه سببًا فيما تشهده الساحة العراقية على سبيل المثال من صراعات طائفية. وفي نفس الوقت، أخذ غانم على ورقة نور الدين أنها انشغلت بتفاصيل تطور العلمانية في تركيا، دون أن ترى في التجربة التركية ما يدعوها لتقديمها كنموذج نحث مجتمعاتنا على الاقتداء به، رغم أنها حسب غانم تجربة غير مسبوقة في العالم الإسلامي للتوفيق بين الإسلام والديمقراطية.
    ومن ناحية ثانية، فقد عالج عدد من أوراق المؤتمر ومداخلاته هذا المحور في موائده المستديرة ، فقدم هاني فحص عضو المجلس الشيعي مداخلة تحت عنوان"الإسلام والديمقراطية: امتناع تنميط الدولة"، كما استخلص آزيو ماردي آذرا مدير الجامعة الإسلامية بأندونسيا عددا من الدروس في ورقته"الإسلام والسياسة في أندونسيا:دروس مستفادة"، كما ناقشت ورقة د.عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين أوجه الاختلاف والتشابه بين مشروع الإصلاح الإسلامي وتجربة التنمية في البلاد الإسلامية غير العربية. وفي ضوء هذه الإشكالية ناقش محمد رضا وصفي الناشط الحقوقي الإيراني" الفكر الإسلامي وآفاقه في إيران الحديثة".


    الآخر في الخطابات الإسلامية غير العربية
    وفي جلسة أخرى بعنوان" الآخر في الخطابات الإسلامية غير العربية" قدّم عبد القادر رياضي مدرس الفلسفة الإسلامية بمعهد الدولة للدراسات الإسلامية بأندونسيا، ورقة بعنوان" قضية التعددية الدينية..خيارات أندونيسية"، وينطلق فيها من حقيقة أن فكرة التعددية الدينية واحدة من أهم القضايا التي استرعت اهتمام علماء المسلمين في إندونيسيا في الآونة الأخيرة، على أساس أن مهمة تجديد الخطاب الديني تبدو قابلة للتنفيذ من خلال هذه الفكرة من ناحية، كما أنها تقدم حلولاً للمشكلات الاجتماعية المتعددة في إندونيسيا، من ناحية أخرى. وتقدم الورقة عرضاً للحوارات الفكرية الحالية في إندونيسيا حول مشكلة الخطاب الديني وذلك بالإشارة إلى فكرة التعددية الدينية بوصفها جوهر التحليل. وقد صنف رياضي التوجهات الفكرية الاندونيسية في هذا الصدد في ثلاث مدارس فكرية رئيسية ، وهي الفكر الإسلامي، والليبرالية، والحداثة الجديدة.
    وإذا كانت المدرسة الأولى(الفكر الإسلامي) نصية، فإن المدرستين الأخريين سياقيتان عقلانيتان وموضوعيتان –كما تصفان نفسيهما . وتهتم المدرستان الأخيرتان السياقيتان بإعادة تفسير الإسلام وفقاً للسياقات الاجتماعية التاريخية. بمعنى آخر، تؤمن كلتاهما "بتاريخية" الإسلام، إن جاز التعبير.
    وعموماً، تتميز النظرة الفكرية للسياقيين بالرغبة في خلق مجال لكافة أتباع الديانات المختلفة. فهم يرفضون – من الناحية السياسية – فكرة أن يمثل الإسلام الإطار الفكري السائد في بلد متنوع الديانات والأجناس والأعراق. وهم كذلك حريصون على مصير الأقليات وحقوقهم، لذا فجبهة "العلماء ناداتول"، على سبيل المثال – التي يعد جناحها الفكري سياقياً إلى حد ما – تدعم فكرة البانكاسيلا (الدولة القومية)– وليس الإسلام – بوصفها الإطار الفكري لإندونيسيا. فمنذ إنشائها في عام 1926، دأبت المنظمة على التمسك بمبادئ التوسط والاعتدال والتسامح والتوازن.
    ويؤكد رياضي على أن جبهة "العلماء ناداتول" تؤمن بمبدأ الأخوة البشرية أولاً والأخوة الوطنية ثانياً ثم تأتي الأخوة الإسلامية ثالثاً. فالأخوة الإسلامية يجب أن تتسق مع الأخوة البشرية والوطنية– بل وتدعمهما – وإن لم يحدث ذلك، تفقد الأخوة الإسلامية معناها.
    ومن هنا، يؤكد رياضي على أن مجلس "علماء ناداتول" والحركة المحمدية يمثلان الإسلام الإندونيسي، ومن ثم يذهب إلى أن الإسلام في إندونيسيا يعتمد حقاً على مبدأ المساواة.
    وفي ورقتها المعنونة ب" العوالم المتحولة للإسلام..التفاعل المرتبك بين الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا" أشارت منى أباظة مدرس مساعد السوسيولوجي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة"، إلى أنه في كثير من الأحيان، يتم الربط بين التعصب وأساليب الحياة المستوردة من "العرب"، والتي يُنظر إليها على أنها مفارقة على نحو مباشر للممارسات الدينية المحلية وتمثل عادات وتقاليد مختلفة، للدرجة التي جعلت بعض الدوائر الحكومية اليوم –في سنغافورة على الأقل- تهتم بالشرق الأوسط بوصفه مأوى للإرهاب ومصدِّر له. ويستمر الكثيرون في طرح تساؤل هو: هل من قبيل الصدفة أن القادة الأربعة الرئيسيين لجماعات الجهاد الإسلامية في إندونيسيا وهم جعفر عمر طالب وحبيب رزق شهاب وأبو بكر باعشير ينحدرون من أصل عربي حضرمي؟ وكيف يساهم الطابع العربي في الإرهاب وفي تعزيز الأيديولوجيات الأصولية؟
    وتحاول أباظة أن تصحح انطباعا يبرز في العالم العالم العربي عند المقارنة بين المنطقتين أي إسلام ما يُسمى بالمناطق الهامشية وإسلام المنطقة المركزية، وهو أن نشر المعرفة دينية كانت أم علمانية، هو بالأحرى علاقة أحادية الاتجاه من المركز إلى الأطراف. على اعتبار أن الشرق الأوسط مهيأ للعب الدور المهيمن، بوصفه مانحاً للثقافة "الأصيلة" والسيادة الدينية، ممثلة في خطاب تقليدي مستبد، بينما يظل جنوب شرق آسيا محصوراً في قالب المتلقي التوافقي. وتوضح أباظة أن أصحاب هذا الانطباع نسوا في كثير من الأحيان أن المحاولات الأولى على سبيل المثال لدمج "الإسلام والاشتراكية" لم تحدث في الشرق الأوسط كما يعتقد الكثيرون ولكن في جنوب شرق آسيا على يد منظمات قومية مثل Sarekat Islam في جاوة عام 1912 قبل ظهور مؤلف مصطفي السباعي البارز اشتراكية الإسلام، الذي نُشر في الخمسينات، وبالمثل، ففي سياق جنوب شرق آسيا، كان أول مؤلف يناقش الاتساق بين الإسلام والاشتراكية هو كتاب Islam dan Socialisma من تأليف S. Hussein Alatas والذي نُشر في عام 1975، قبل كتابات حسن حنفي عن الإسلام اليساري.

    أما محمد شهيد الباحث بجامعة كيب تاون بجنوب أفريقيا فقد عرض في ورقته المعنونة" الآخر في الخطابات الإسلامية الأفريقية:مسلمو جنوب أفريقيا والآخر المقهور"، لثلاث نقاط رئيسية، حيث استعرض أولاً وبإيجاز تاريخ المسلمين وعلمائهم ومؤسساتهم وأنشطتهم ومذاهبهم ...ألخ، منذ وصولهم إلى جنوب أفريقيا عام 1658 وحتى عام 1960. ثم تناول ثانياً فترة ما بعد عام 1960، التي شهدت ظهور نوع مختلف من الناشطية الإسلامية في جنوب أفريقيا العنصرية، حيث ألقى الضوء على مشاركة الحركات الإسلامية في النضال من أجل التحرر، ثم ناقش بتفصيل مشاركة المسلمين في الأنشطة السياسية وأنشطة المجتمع المدني في فترة ما بعد 1994. مستخلصاً من قراءة هذه التجربة مسلمي جنوب أفريقيا يشاركون بني وطنهم نفس التجارب والخبرات، خاصة في جماعات ما يُطلق عليهم الملونين والسود المتخلفة اجتماعياً. وبالتالي، ليس من الغريب أن نجد في نفس البيت أماً مسيحية انجيلية محافظة، وإبناً مسلماً، وأباً كاثوليكياً. الأمر الذي يثير سؤال احاجة إلى فقه موائم للواقع المعاش لمسلمي جنوب أفريقيا فلابد من الأخذ بعين الاعتبار السياق الاجتماعي-الاقتصادي. فعندما يتعرض ذلك الفقه إلى مسألة الميراث، على سبيل المثال، فإنه لابد له من أن يتخذ موقفاً مغايراً للموقف السائد في الفقه التقليدي والخاص بعدم جواز التوريث بين أعضاء الأسرة المختلفين في الديانة. فرؤية الفقه التقليدي سوف تحكم بأن أباً في جنوب أفريقيا تحول إلى الإسلام لا يمكن أن تُورث تركته، على سبيل المثال، لطفله القاصر الذي ما زال مسيحياً أو هندوسياً تبعاً لديانة أمه أو العكس. فما لا يأخذه هذا الفقه في الاعتبار هو ما يحدث لهؤلاء الأبناء القصر إذا كان أبوهم المسلم هو الشخص الوحيد بالأسرة الذي يعمل ويأتيهم بالطعام، ثم مات فجأة في حادث أو ما شابه ذلك قبل أن يضع ترتيبات تضمن معيشتهم. ومن ثم يؤكد شهيد على أن ما يحتاجون إليه دائماً هو الرجوع إلى ما يُعرف بالمقاصد العليا للشريعة الإسلامية.
    وفي تعقيبه على الجلسة أشار د. علي مبروك أستاذ مساعد الفلسفة بآداب القاهرة إلى أن الآخر مفهوم إشكالي، وأن المشكلة ليست في وجود الآخر ولكن في كيفية بناء العلاقة معه. فهل تبنى في ظل سياقات نفي وإقصاء أم في ظل علاقات استيعاب على نحو يسمح أن يكون الآخر شرطاً بنائيا معرفياً وربما نفسياً ويسمح لي بأن أكون نفسي شرطاً لانبناء ذاته. إنه التشارط المتبادل. ولا يكون مجرد هدم. وذهب مبروك أن العلاقة الإقصائية مع الاخر بيست مسئولية الإسلام، وإنما مسئولية الثقافة لاسائدة التي تماهت مع الإسلوقدمت نفسها باعتبارها الإسلام. مشيراً إلى أن هناك قبولا للآخر في النص المؤسس للإسلام وهو القرآن. بل إن هناك سعياً مستمراً لتكسير مفهوم الأبوية، حيث يتهم غير المؤمنين بأنه يسيرون على نهج آبائهم، بينما رسخت الثقافة السائدة مفهوم الأبوية وزعمت أنه مفهوم إسلامي.
    وتعليقاً على التجربة الاندونسية والماليزية أثار مبروك قضية الهوية لدى المسلم غيرالعربي من خلال القول بأن قراءة ابن خلدون للتاريخ الإسلامي قراءة استقى أهم عناصرها وهو العصبية من عالم البداوة العربي ، وأنه عندما انتقل من عالم البداوة إلى مصر لم يكلف نفسه عناء إعادة النظر في قراءته بعد الاحتكاك بمجتمع له طبيعة نهرية مختلفة. وكذلك حالنا الآن، نحن نريد أن نقرأ تجارب المسلمين غير العرب على أساس تجاربنا ومكوناتنا الثقافية والتاريخية.
    ومن ناحية ثانية، فقد عالج عدد من الأرواق / المداخلات هذه الإشكالية "إشكالية الآخر في الخطابات الإسلامية" في موائد المؤتمر المستديرة، حيث حرص د. عبدالله النعيم أن يوضح مدى ضخامة التحديات التي تواجه الحوار بين المسلمين بعضهم البعض، وكذلك انشغل الناشط الحقوقي التونسي صلاح الدين الجورشي بلابحث عن أرضية مشتركة للمجددين العرب والمسلمين.بينما انشغل د. رضوان زيادة بالتأكيد على ضرورة الخروج من المركزية العربية حتى يمكن أن يكون التجديد في الخطاب الديني أكثر إمكانية وتحققاً. بينما ذهب د. رفيق عبد السلام مدرس العلوم السياسية- لندن، إلى طرح سؤال" المسلم غير العربي:إصلاح ديني أم إصلاح سياسي؟"، في حين ذهب د. سعد الدين العتماني بوضوح إلى أن "إشكالية تجديد الخطاب الديني هي إشكالية إسلامية وليست فقط إشكالية عربية".

    حقوق الإنسان في عالم متعولم
    تحت هذا العنوان قدمت أربع أوراق في جلسة برئاسةد. آمال عبد الهادي الناشطة الحقوقية ، كان من بين هذه الأوراق ورقة د. نصر حامد أبوزيد أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة ليدن،هولندا ، والتي جاءت تحت عنوان "مقاربة جديدة للقرآن: من النص إلى الخطاب "نحو تأويلية إنسانوية، وقد عرض الورقة د. علي مبروك. وفي هذه الورقة ينتقل د. نصر نقلة وصفها هو نفسه بأنها نقلة ليست يسيرة في التعامل مع القرآن لا بوصفه "نصا" - كما هو الأمر في كتابي "مفهوم النص: دراسة في علوم القرآن" – بل بوصفه "خطابا"". ويعتبر د. نصر أن إنتاج تأويلية ديمقراطية مفتوحة ضد التأويلات السلطوية والكليانية مشروط بضرورة التعامل مع القرآن بوصفه خطابا لا نصا. مؤكدا على أن هذا التعامل مع القرآن بوصفا خطابا هو في حقيقته سعي" لمعنى الحياة". وأنه إذا كنا حقا جادين في سعينا لتحرير الفكر الديني من سلطة القهر والقوة، سياسية كانت أم اجتماعية أم دينية، من أجل إعادة الحق في صياغة المعنى الديني للمؤمنين، فلا سبيل أمامنا إلا محاولة صياغة تأويلية ديمقراطية. ويوضح د.نصر ملامح التاويلية الديمقراطية المفتوحة بالقول أنها تنطلق من حقيقة أن الاختلافات الإمبريقية في المعنى الديني جزء من طبيعتنا الإنسانية القائمة على الاختلاف في معنى الحياة عموما، وهو الأمر الذي يجب اعتباره قيمة إيجابية في سياق حياتنا الحديثة. ومن أجل إعادة وصل "معنى القرآن" لسؤال "معنى الحياة" يتحتم أن نأخذ في الاعتبار حقيقة أن القرآن ليس إلا ثمرة لعمليات من الحوار والسجال والمناظرة والرفض والقبول، ليس فقط مع أو ضد المعايير والثقافات وأنماط السلوك السابقة، ولكن مع معاييره هو ومع تأكيداته وأحكامه.
    وتأسيسيا على هذه النقلة يطرح د. نصر بصورة مبدئية بعض الخصائص الخطابية في القرآن ومنها: 1- أن القرآن ليس أحادي الصوت، وإنما هو خطاب تعدد الأصوات بامتياز. الأمر الذي يعني أن ضمير المتكل بالقرآن لا يشير دائما إلى "المقدس".
    2- الحوار – السجال: سواء مع المشركين حيث تتكرر صيغة(فإن قالوا ..فقل)،وقد أفضى هذا النوع من الحوار إلى قفل باب الحوار فأصبح الخطاب القرآني إقصائيا استبعادياً. أما مع المؤمنين حيث تتكرر صيغة (ويسألونك)،فقد كان نمط الخطاب فيه يختلف باختلاف مدى نجاحهم أو إخفاقهم في تدبير شئون حياتهم: يمدحهم الخطاب حين ينجحوا ويلومهم حين يخفقوا.
    3- الحوار التفاوضي: وهو على شكلين الأول مع النصاري حيث الانتقال من الحوار والتفاوض إلى الجدال خاصة حول طبيعة المسيح، والثاني مع اليهود حيث الانتقال من الحوار والتفاوض إلى الحرب منذ تغيير القبلة.
    أما الورقة الثانية في هذه الجلسة فكانت للأستاذة زينة أنور المديرة التنفيذية لجمعية الأخوات المسلمات في أندونسيا، وجاءت تحت عنوان"عندما لا يكون الصمت من ذهب.. تبدأ النساء المسلمات في الكلام"، وقد كانت ورقتها بمثابة صرخة ضد احتكار رجال الدين لكلمة الحق والصواب، وكشفت في ورقتها عن جهود تتم على أرض الواقع في ماليزيا لكشف زيف أسباب هذا الاحتكار، حيث بدأت مجموعات من النساء في ماليزيا مع مجموعات المطالبين بحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية والإعلام وبعض القادة السياسيين والمواطنين المهتمين بالعمل على إشراك العامة في مناقشة الخطاب الإسلامي. والبحث عن حلول جذرية لقضايا حقوقية من داخل هذا الخطاب نفسه كان لرجال مصلحة الدين وبعض السياسيين مصلحة في إخفائها عن العامة. ومن ثم كانت دعوتها واضحة أن على كل المسلمين وكل المواطنين لابد وأن يتولوا مسئولية تحديد شكل الإسلام الذي ينمو في مجتمعاتنا.
    أما الورقة الثالثة فكانت بعنوان " التعددية الثقافية: الزواج الإسلامي والطلاق العلماني"، للدكتورة آن صوفي أستاذة الهجرة والعلاقات الإثنية،جامعة مالمو- السويد،وقد قدمتالورقة الأستاذة فريدة النقاش، وقد أثارت هذه الورقة سؤالا هاماً يتعلق بما يحدث على تلك الحدود الفاصلة : هل يمكن أن تتسبب الحقوق الجماعية للأقليات الدينية في الدول الاسكندنافية- داخل سياق نمط التعددية الثقافية- في مشكلات بالنسبة للنساء داخل المجتمعات الدينية؟
    وتشير الباحثة لمفارقة أنه في أي مجتمع متعدد الثقافات يكون حق الاعتقاد مكفولا تماماً، ومن هذا المنطلق تكفل السويد مثلا للجماعات الدينية حق ترتيب مسألة زواج جاليتها من منطلق أن الزواج رباطاً مقدسا في المسيحية، لكن الزواج في الإسلام ليس أبديا، وإنما هناك طلاق. فهل تترك الدولة للجماعة الدينية حق ترتيب مسألة الطلاق مثلما تركت لها حق ترتيب مسألة الزواج ؟ أم أن الواقع يكشف عن انتهاك للحقوق تعانيه المرأة المسلمة في الدول الاسكندنافية نتيجة تخلي الدولة عن دورها في هذا الشأن حيث يرفض بعض أئمة المسلمين هناك القيام بالتطليق دون موافقة الزوج؟ خاصة أنه في معظم المجتمعات الغربية لا يوجد قضاة شرعيون يمكن للمرأة التي ترغب في الطلاق طبقاً للشريعة الإسلامية الاحتكام إليهم. لذا قد تلجأ المرأة التي ترفع دعوى الطلاق إلى المسجد المحلي من أجل الحصول على دعم للدعوى، أو قد تلجأ إلى المحكمة في وطنها الأصلي إذا كان زواجها قد انعقد هناك. غير أن فرص الحصول على الطلاق التي يقدمها كلا الخيارين للمرأة محدودة للغاية، نظراً لأن قلة فقط من رجال الدين الإسلامي في بلاد المهجر يخول لهم منح الطلاق، كما أن عدداً كبيراً من المحاكم في العالم الإسلامي لا تعترف بحق المرأة في الحصول على الطلاق. وقد نتج عن هذا الوضع في الدول الاسكندفانية نوعان غريبان من الطلاق هما الطلاق الكاذب ؛ خيث يتفق الزوجان المسلمان على الطلاق أمام المحاكم طلاقا علمانيا للحصول على نفقات الأطفال من الدولة، بينما زواجهما مستمر إسلامياً. أما الطلاق الثاني؛ فهو الطلاق الأعرج؛ حيث تطالب المرأة بالطلاق على أساس أن المساواة أمام القانون هي القاعدة في ظل التشريعات العلمانية، ترفع بعض النساء المسلمات اللاتي يعشن في الدول الغربية قضايا سعياً للحصول على الطلاق داخل المحاكم القومية، ثم يستخدمن أوراق الطلاق هذه للحصول على طلاق إسلامي. فإذا رفض الزوج هذا الطلاق يسفر الموقف عن امرأةٍ تعيش "زواجاً أعرجاً"، أي أنها مطلقة بموجب نظام الدولة غير المسلمة، ومتزوجة بموجب النظام الإسلامي أو الدولة الإسلامية التي تنتمي إليها. إن عدد هؤلاء النسوة اللائي يعشن زواجاً أعرجاً في تزايد مستمر حسب تقارير وسائل الإعلام والمؤسسات التي تعمل مع النساء المسلمات، الأمر الذي يشير إلى صورة أكثر تعقيداً. فإن المرأة التي تتزوج مرة أخرى دون الحصول على الطلاق الإسلامي يمكن أن تتعرض للسَجن عند عودتها إلى بلادها.
    وفي تعقيبها على الأوراق أشارت فريدة النقاش إلى أن المشترك بينها هو بروز الحاجة الملحة إلى العلمانية والديمقراطية معاً وذلك عن طريق فصل الدين عن الدولة وحيادها إزاء كل الديانات فى ظل دساتير ديمقراطية تتأسس على مرجعية حقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي هى حصاد تفاعل خلاق بين كل الثقافات والحضارات والديانات. ودعت إلى التوافق المجتمعي حول هذه الأسس، حتى تتسع الحياة الثقافية لمفهوم الإصلاح الديني،الذي تقطع عليه الطريق قوى المحافظة والجمود. مشيرة إلى ضرورة إلغاء المواد التي تنص على دين الدولة فى الدساتي؛ ذلك أن هذه المواد فى الدساتير تعطى للأحزاب الإسلامية فى حالة وصولها إلى السلطة مشرعية إضافية؛ إذ يصبحون هم المسلمون فى مواجهة كل القوى الأخرى. كما أن هذه المواد في الدستوركانت الحجة الرئيسية لجماعات العنف السياسي الديني فى مواجهة المجتمع ونظم الحكم الاستبدادية ؛ و هى أن الشريعة ليست مطبقة كما ينبغي ،وكما ينص عليها الدستور.
    ومن ناحية ثانية، فقد عالج إشكالية حقوق الإنسان في عالم متعولم عدد من الأوراق / المدتخلات في موائد المؤتمر المستديرة ونقاشاته، حيث اشترط المفكر الإسلامي جمال البنا للوصول للتجديد الإسلامي المنشود بشكل يتواءم مع الثقافة الحقوقية أن يتم تجاوز الإطار السلفي للفكر الإسلامي. بينما حدد د. عبد الحميد الأنصاري أستاذ الشريعة بجامعة قطر في ورقته قضيتين هما موضع الاستفادة من تجارب البلدان الإسلامية غير العربية وهما: حقوق المرأة، وحقوق الآخر الداخلي والخارجي. أما الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة فقد تساءل في ورقته " حقوق الإنسان في الإسلام: هل من حد فاصل بين خطاب إسلامي عربي وآخر إسلامي غير عربي؟" مشيراً إلى التمييزات قد تكون بين المذاهب الفقهية لكنها ليست بين البلدان، وأن مجدداً في بلد مثل تونس قد يظهر أثره في تركيا وليس في بلده، مثل الغنوشي نفسه.
    أما د. عمرو الورداني مدير إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية فقد ارتأى أن الواجب على الفقهاء هو إعادة ترتيب المقاصد للقيام بواجب الوقت،مثلما قام السلف الصالح بواجب وقتهم .
    وإجمالاً، يمكن القول ان اتجاهات النقاش حول فكرة الاستفادة من خبرات العالم الإسلامي غير العربي قد كانت في ثلاثة اتجاهات
    1- اتجاه يتحفظ على الفكرة لعدة أسباب منها متباينة:
    - أن ما عرفه المسلمون غيرالعرب تجديد سياسي واقتصادي وليس تجديدا دينيا.
    - أن التجديد السياسي الذي عرفوه كان برضا دولي بينما المنطقة العربية محرومة من هذا الرضا الدولي.
    - أن امتلاك اللغة العربية شرط الحديث عن تجديد للخطاب الديني.
    2- اتجاه يرى أن ليس لدى المسلمين غيرالعرب ما يقدموه للعرب لأن الجميع يحتاج إلى خبرات أخرى من امريكا اللاتينية أو من الغرب لتجديد الخطاب الديني، خاصة في علاقته بحقوق الإنسان على مستوى الممارسة.
    3- اتجاه يرى ان الخروج من المركزية العربية ودراسة التجارب الإسلامية العربية يمكنه ان يساعد في حل العديد من مشكلات العالم العربي، وانه ليس بالضرورة أن تكون هذه التجارب قد سطرت تنظيراتها الفكرية لمواقفها السياسية والحياتية ، لأن ذلك سوف يأتي لاحقاً ، المهم وجود رؤية لديهم تمكنهم من تفسير ممارساتهم السياسية والمجتمعية من منظور لا يتعارض مع الدين الإسلامي.
                  

08-22-2006, 10:14 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول تجديد الخطاب الديني // مركز القاهرة لحقوق الانسان (Re: Sabri Elshareef)

    إشكالية الدين والدولة في العالم الإسلامي غير العربي
    في ورقته" الإسلام والدولة والسياسة..جدلية الفصل والوصل" فنّد عبد الله النعيم أستاذ القانون بجامعة إيموري بالولايات المتحدة الأمريكية، مقولة "الدولة الدينية"، مشيراً إلى أنه حين يكون تطبيق الشريعة مهمة الدولة، فإن طاعة القانون تكون حينئذ طاعة لإرادة الدولة أيًا كان فهمها للشريعة الذي سنته قانوناً، وليست طاعة لله. مؤكدًا على أن ارتباط العلمانية في أذهان المسلمين بالاستعمار والعداء للدين، لا ينبغي أن يكون دافعاً لعدم خلق علمانية من على أرضية إسلامية لا تعادي الدين وإنما هي ضرورية وحتمية حتى يمكن للمسلمين أن يكونوا مسلمين وللمسيحيين أن يكونوا مسيحيين وهكذا بالنسبة لباقي الديانات. وفي هذا الصدد دعا إلى إقرار أمر واقع وهو عدم الفصل بين السياسة والدين لأن للمسلم أو للمسيحي دوافعه التي لا يستطيع كبحها عند ممارسته للسياسة بشكل عام، لكن ما ينبغي الفصل بينه هو الدين والدولة من خلال وضع ضوابط دستورية تحول أن يكون لمؤسسات الدولة دور في أو ضد الدين، وكذلك رفض أن يكون للدين دور في الدولة بوصفها مؤسسات مدنية محايدة. ومن ثم أكد على ضرورة التميير بين علاقة الدين بالدولة من ناحية، وعلاقة الدين بالسياسة من ناحية ثانية.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de