|
|
 كلمات للزمن
|
كتب الأستاذ المخرج محمد الحسن السيد
هذه الكلمات في حق الذين أسعدوا
الشعب السوداني وقدموا الكثير لهذا البلد
الطيب, لحظة وفاء لتلك القامات الطيبة النبيلة
مشروع قومي أهلي لرعاية المبدعين الأحياء وأسر الذين رحلوا
طافت بذاكرتي كيف كنا في السبعينات والثمانينات كيف كنا نسخر التلفزيون القومي لصالح المجتمع والقضايا الاجتماعية والسياسية القومية , فكانت المبادرة تظهر في شكل أيام مفتوحة لمساعدة المتضررين من الفيضانات والسيول , وكانت أبواب الأستديوهات تفتح على مصارعها لكافة قطاعات الجمهور وفى ذلك التعاضد رمز صغير وكبير في بذر الوطنية وتأكيد مبادئ النفير والمؤازرة بعيدا عن البيروقراطية الديوانية ودور الإعلام الحقيقى .
وكذلك كان التلفزيون ملاذا للأيتام والمشردين وذوى الاحتياجات الخاصة الذين أفرد لهم برنامجا خاصا أدى دوره الإجتماعى والإنساني من خلال برنامج ( الصلات الطيبة ) الذي تشرفت بإخراجه فترة من الزمن بجانب المرحوم الصديق محجوب عبد الحفيظ الإنسان , وعمل في هذا البرنامج كل من المخرجين الأصدقاء مريم محمد الطيب والمرحوم أبن الدويم أسامة الجوخ طيب الله ثراه .
وكان مشروع ( نداء السودان ) قمة المشاركة والمساهمة القومية وذلك عقب انتفاضة أبريل 1985 حيث لفت نداء السودان الأنظار إلى مأساة الجفاف والتصحر والمجاعة التي كانت تضرب غرب السودان , وكان التجاوب من كافة قطاعات الشعب السوداني في تلك الملحمة القومية التي قادها تلفزيون السودان في أغسطس 1985 م , وكانت وفاء الطيب ... حيدر التجانى .. صلاح عبد الرحيم .. رضوان خوجلى .. محمد الحسن مالك .. عبد القيوم خضر .. وعبد الوهاب عبد القادر عمر .. وعوض محمد على .. والشفيع.. وطارق.. وفريجون .. ومريم ..وإخلاص .. وإسماعيل محمد الحسن.. والأسد.. ومحمد الحسن السيد.. وسيدة الشايب .. والجرقندى .. وزين العابدين .. وعصمت خضر .. ومحمد عثمان.. وعبد السلام الرفاعى وغيرهم كثير وكثير من أبناء الإذاعة والتلفزيون , وبجانب هؤلاء جميعا الأستاذ عباس التوم الذي كان مديرا عاما للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون . وانطلق مشروع نداء السودان واشتعلت فعالياته في عدد من مدن السودان بور تسودان .. الأبيض.. ودمدنى .. وكانت مشاركة القطاعات الفنية عظيمة ولا تنسى .
وحقق المشروع هدفه , وهو دور الأجهزة الإعلامية الكبرى في طرح المشكلات القومية وإفساح المجال أمام المشاركات الشعبية في حلها .
وعقب انتفاضة أبريل 1985 م , كانت هناك أفكار ومحاولات لانتزاع هذه الأجهزة الإعلامية الكبرى من أيدي السلطة التنفيذية وتحويلها صوتا حرا باسم الجماهير واحتياجاتها وإبداعاتها وطموحاتها في بادرة مبكرة لشكل اعلامى فريد لم تشهده المنطقة من حولنا وذلك من خلال ( المؤتمر الخاص باستقلال الإذاعة والتلفزيون ) وفى ظل هيمنة السلطة على أجهزة الأعلام الكبرى وتسخيرها لمصلحتها وهضم وضياع حقوق المبدعين العاملين فيها والمتعاونين , ولما كان هؤلاء يسهمون بجهدهم في تشكيل وجدان الأمة السودانية فلا بد من تصحيح الأمر ورد الحقوق , فإذا كانت الأعمال الكبيرة هي في الأصل خواطر وأفكار صغيرة تراود الخيال تلمع حينا وتخبو حينا آخر , فإن مضمون مبادرتي هذه أو قناعتي الشخصية .. أو أفكاري هذه تدور في ( قيام مشروع قومي دائم لرعاية الإعلاميين والمبدعين الذين يعطون الفكر والعرق والصحة ولا ينالون شيئا في حياتهم وتعيش أسرهم من بعدهم الفقر في كافة أشكاله الكالحة , وأرى أن يشمل هذا المشروع كل من أسهم في سيرة الأعلام والفن والإبداع والصحافة من مذيعين ومعدين ومقدمين ومصورين ومخرجين وفنيين ومحررين وكتاب أعمدة ومقالات ومفكرين وتشكيليين ومموسقيين ومغنيين وشعراء وباحثين في الأدب السوداني وملحنين .
أتمنى أن تشمل هذه المظلة التأمينية كل أهل الفن والأدب والصحافة وأسر الذين رحلوا عن هذه الفانية . ويمكن أن يتفق الناس على شكل وهيئة هذا الجسم الذي يدير هذه المهمة الحضارية التي ترعى وتستر حال كل من أسعدنا أو أفرحنا في يوم من الأيام .
ولتسهيل المهمة يمكن أن تكون في كل ولاية هيئة فرعية تحدد قوائمها وتصنف شرائحها المبدعة المختلفة وتحديد المساعدات اللازمة لكل حالة على حده بين المساعدة الدائمة والمعالجة العاجلة.
لا أرى في الأمر استحالة وماذا سنفقد أصلا إذا حاولنا تأمين حياة المبدعين ورعاية أسرهم ولماذا لا نستفز وزارة الإعلام والثقافة والتي من واجبها رعاية الإبداع والمبدعين ولا أقصد تلك التكريمات المفصلة والتي تحدث لماما وبالمناسبات وشكلها الصوري بدون فائدة ترجى . لماذا لا نخدم هؤلاء الذين عملوا في مجال الإعلام وبذلوا العمر كله لهذه المهنة التي تورث الفقر والحاجة . تبقت بعد ذلك آليات تنفيذ هذه الفكرة وهنا أترك المجال لأراء واقتراحات جميع الذين يهمهم هذا الأمر من الإعلاميين في كافة مواقعهم والمبدعين عامة لتحديد موارد هذا الصندوق ولا مستحيل في هذا الزمان ... إذا نجحت هذه الفكرة فذالك نصر حضاري وسابقة وفاء للذين أسهموا في تشكيل وجدان الأمة السودانية وإذا تعثر فيكفى أن نحلم .
محمد الحسن السيد
إعلامي بدولة الإمارات العربية
مخرج / تلفزيون الشارقة
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست