|
إذا اعتبر «حزب الله» هو المشكلة.. فقد تصبح «القاعدة» هي الحل
|
إذا اعتبر «حزب الله» هو المشكلة.. فقد تصبح «القاعدة» هي الحل
الشرق الاوسط
فهمي هويدي
إذا اعتبر حزب الله هو المشكلة، فقد تكون «القاعدة» هي الحل. ذلك أن هناك تعبئة متعددة المصادر، يراد لها أن تقنع الرأي العام بأن حزب الله هو اصل المشكلة في لبنان. كما أن حماس في فلسطين هي العقبة الرئيسية التي تواجه «مسيرة السلام». هذا المنطق يصور لنا أنه إذا تم القضاء على الحزب أو جرد من سلاحه بأية صورة، وإذا أسقطت حكومة حماس وأبعدت عن المسرح السياسي، فأن ذلك يعد إيذانا بدخول المنطقة مرحلة الهدوء والاستقرار، الأمر الذي يفتح الأبواب لحلول السلام والوئام فيها. وتلك أكذوبة كبرى يروج لها الإسرائيليون ويرددها الأمريكيون ومن لف لفهم لتحقيق هدفين رئيسين هما: صرف الانتباه عن مسؤولية الاحتلال فيما جرى ويجري، ثم تصفية المقاومة سياسيا وعمليا، لكي يستمر التمكين لإسرائيل وينفتح المجال أمامها كي تحقق طموحاتها.
لقد تحدث الرئيس بوش قبل أيام عن ضرورة حل المشكلة من جذورها في لبنان، وبطبيعة الحال فإنه لم يخطر بباله أن يشير إلى دور الاحتلال الإسرائيلي، وإنما الذي كان يعنيه بالضبط هو أولا القضاء على حزب الله أو إخراجه من المعادلة كحد ادنى، ثم دفع لبنان إلى توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل، تخرجه بدوره من ساحة الصراع، كي ينضم إلى الدول العربية التي أخرجت من قبل وتحولت إلى متفرج على الصراع، وأحيانا إلى وسيط بين إسرائيل والفلسطينيين.
هذا الإصرار الإسرائيلي ثم الأمريكي على تحميل حزب الله مسؤولية ما جرى للبنان، بدا واضحا في مشروع القرار المقدم إلى مجلس الأمن، والذي وافقت عليه الولايات المتحدة وفرنسا. وهذه النقطة بالذات تعد أهم ما في مشروع القرار، بل هي المفتاح الأساسي له، لأنها رتبت نتائج أخرى مهمة من قبيل الدعوة إلى تجريد المنطقة الواقعة على الحدود بين إسرائيل ولبنان، وحتى نهر الليطاني، من السلاح ومن التنظيمات المسلحة، ليس ذلك فحسب، دائما ينص المشروع أيضا على ضرورة الإفراج الفوري عن الأسيرين الإسرائيليين، دون حسم مسألة الأسرى اللبنانيين التي كانت الهدف الأساسي من عملية حزب الله في 12/7. فضلا عن ذلك ينص المشروع على حصار التنظيمات المسلحة في لبنان، ومنع تزويدها بالسلاح كما ينص على تشكيل قوة دولية متعددة الجنسيات لفرض خلو منطقة الجنوب اللبناني من عناصر المقاومة، وهذه الوحدات يراد لها أن تكون قوات مقاتلة، وليس قوة حفظ السلام، الأمر الذي يخول لها حق استخدام السلاح لتنفيذ القرار، أي بالتصدي للمقاومة اللبنانية إذا لزم الأمر.
لا يخلو مشروع القرار من إيجابيات تتمثل في تسليم مزارع شبعا إلى لبنان، وتسليمه أيضا خرائط حقول الألغام التي تبثها إسرائيل في الجنوب، إلا أن تلك الإيجابيات لا تنفي حقيقة أن الانحياز لإسرائيل شديد الوضوح فيه. ولا غرابة في ذلك، لأنه إذا كانت الدول العربية الثماني انحازت إلى إسرائيل في البداية، وأعطتها ضوءا اخضر لكي تستمر في تدمير لبنان بحجة الدفاع عن النفس، وإذا كان مجلس الأمن قد قبل بالتسويف في إصدار قرار وقف إطلاق النار حتى يتيح لإسرائيل فسحة كافية لتحقيق أهدافها فلا يفاجئنا أن يصدر المجلس قراره في النهاية محققا للمصلحة الإسرائيلية.
هذا الذي أقوله ليس مجرد استنتاج، لكنه يستند إلى معلومات إسرائيلية.
فقد كشفت صحيفة «هاآرتس» في عددها الصادر يوم الأحد الماضي، (6/ عن أن إسرائيل شاركت في إعداد مسودة المشروع. وذكر محررها السياسي، ألوف بن، فقد تولي يورام طوربوفيتش، رئيس هيئة مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود اولمرت المسؤولية عن تنسيق الاتصالات مع الإدارة الأمريكية قبيل الاتصالات وأثناءها التي أجراها ممثلو فرنسا وأمريكا حول المسودة. وأشار بن إلى أن طوربوفيتش نقل للأمريكيين النقاط التي ترى تل أبيب انه يتوجب أن تشملها أي مسودة لقرار مجلس الأمن المتعلق بوقف إطلاق النار في لبنان. هذا فحسب، بل أن ذات الصحيفة كشفت النقاب عن أن إسرائيل ومن اجل أن تتأكد أن الأمريكيين ملتزمون بما تريده الحكومة الإسرائيلية، قامت بإيفاد طال يوكر المستشار السياسي لوزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفي لنيويورك ليقوم أولا بأول بالاطلاع على ما يتم الاتفاق عليه بين الوفدين الأمريكي والفرنسي في مجلس الأمن. في نفس الوقت أشارت صحيفة «يديعوت احرنوت» في عدد 6/8 إلى أن ليفني قامت طوال الاتصالات الفرنسية الأمريكية بإجراء اتصالات مباشرة مع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس للاطمئنان على أن المسودة تضمن تحقيق الأهداف الإسرائيلية في الحرب. وكما أكدت صحيفة «هاآرتس» أن نص المسودة مريح لإسرائيل لدرجة أن المسؤولين الإسرائيليين يمتنعون عن التعبير عن تحمسهم لها، حتى لا يشكل ذلك دليلا على حرص المسودة على تحقيق المصالح الإسرائيلية.
الرسالة التي علينا أن نتلقاها من هذا المسلك متعددة الجوانب. فمن ناحية فأن الفشل العسكري الذي منيت به إسرائيل في لبنان، يراد له أن يتحول إلى نصر سياسي في الأمم المتحدة، وما عجزت إسرائيل عن تحقيقه على مسرح العمليات، تكفلت الولايات المتحدة وحلفاؤها بتوفيره من خلال مجلس الأمن. من ناحية ثانية، فان عملية التمكين الإسرائيلي مستمرة من خلال تجاهل حقيقة الاحتلال وكل جرائم الحرب التي ترتكبها في فلسطين ولبنان. ومن خلال الإصرار الدولي على اعتبار أي مقاومة للهيمنة الإسرائيلية بمثابة إرهاب يتعين التصدي له والقضاء عليه ولو اقتضى الأمر استخدام القوات الدولية لذلك الغرض، من ناحية ثالثة فان ذلك يعني أن المخطط الأمريكي لإقامة شرق أوسط جديد في المنطقة، خال من المقاومة ـ خاضع تماما ـ ومتصالح لإسرائيل، هذا المخطط ماض نحو هدفه المرصود. من ناحية رابعة، فإنها تعني انسداد الأفق السياسي في المنطقة، والإبقاء على حالة التوتر المتفشية فيها. وإغراقها في بحر الدماء التي ما زالت تتدفق غزيرة في العراق وفلسطين، ولن ينجو فيها لبنان، الذي رفضت حكومته مشروع القرار، وأعلن الأمين العام لحزب الله أن المقاومة لن تتوقف ما بقي جندي إسرائيلي واحد على ارض لبنان، وأن الحزب لن يقبل بأية شروط مذلة يراد فرضها على لبنان.
إذا أضفنا إلى ذلك كله عجز النظام العربي عن اتخاذ أي موقف يوقف ذلك التحول، أو يحد من وطأته. وإذا كان الانصياع للإرادة الأمريكية الأمر الذي دفع بعض الأنظمة إلى الوقوف موقف الحياد في الصراع العربي ـ الإسرائيلي أو التصرف على نحو يعطي انطباعا بالاصطفاف في الجانب الإسرائيلي (وهو ما عبرت التصريحات الرسمية الإسرائيلية عن الارتياح إليه والحفاوة به) إذا كنا بصدد موقف من ذاك القبيل، فما الذي نتوقعه في الشارع العربي؟
دارسو العلوم السياسية وعلماء الاجتماع يعرفون جيدا أن الظواهر السياسية كانت حركات المقاومة التي لاحت في الأفق منذ القرن الثاني عشر على الأقل بمثابة استجابة للظروف التاريخية التي عاشتها المنطقة، خارجيا وداخليا، من الوهابية التي ظهرت لوقف الانجراف المتحلل والبدع، إلى حركات التكفير والعنف التي ظهرت ردا على إرهاب السلطة وإقصائها، مرورا بالمهدية ضد الاستعمار الإنجليزي والسنوسية التي ظهرت لمقاومة الاحتلال الإيطالي، وحركة الإخوان المسلمين التي ظهرت في أعقاب إلغاء خلافة إسلامية لمحاولة ملء الفراغ الذي أحدثه غيابها وبالمناسبة فليس صحيحا أن إيران هي التي أنشأت حزب الله، ولكن الصحيح أن فكرة الحزب ظهرت مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وجاءت استجابة للظرف التاريخي الذي فرضه الاحتلال، اما دور إيران فقد كان محصورا في مهمة القابلة التي قامت باستيلاد جنين كان قد تشكل بالفعل في ظل الاجتياح.
هذا الذي حدث في الماضي يكاد يتكرر الآن في العالم العربي فقد استدعى الغزو الأمريكي للعراق عناصر «القاعدة» التي مدت نشاطها إلى بغداد وبعض المدن الأخرى، وها نحن نقرأ في الصحف أن بعض قيادات الجماعة الإسلامية في مصر أعلنوا قبل أيام عن انضمامهم إلى «القاعدة» بعدما كان قادة تلك الجماعة قد أعلنوا عن نبذهم للعنف طيلة السنوات الخمس الأخيرة. ورغم أن القادة التاريخيين للحركة أعلنوا عن تمسكهم بموقفهم من العنف، إلا أن الذين انضموا إلى «القاعدة» تحدثوا في بيانهم عن أن اتفاقهم مع «القاعدة» تم على أرضية مقاومة الغزو الصليبي والصهيوني. ولم يشر البيان إلى انظمة الحكم في العالم العربي.
ثمة تحليلات اعتبرت هذا التطور محدود الأهمية، وقد اتفق على ذلك لكن أدعو إلى الانتباه إلى الرسالة فيه، وهي أن انسداد الأفق السياسي في العالم العربي، وعدم وجود أية بارقة أمل لمستقبل مشرف، سواء في الخارج أو من الداخل، من شأنه أن يشيع درجة من اليأس، توفر ظرفا مواتيا لانتشار فكر «القاعدة»، الذي يرفع شعار العنف والسلاح هو الحل.
إن الإرهابيين الحقيقيين ليسوا فقط مَنْ يمارس العنف ضد الآخرين ولكنهم أيضا الذين يتولون تخليقهم واستحضارهم بين الحين والآخر.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: إذا اعتبر «حزب الله» هو المشكلة.. فقد تصبح «القاعدة» هي الحل (Re: garjah)
|
يا أخي يكفينا أن نستوط دواخلكم ويكفيكم أن تظلوا كل دواخلنا ..
لا ننساكم أبدا لذا لا نضطر الى أن نتذكركم لآنكم بعضا من خلايا فكرنا ..
لو لم أكن زميلا لك لتمنيت ذلك ولو لم أكن إبن حيك لرجوت .. لو لم تكن أصدق صداقاتنالكنا بلا عنوان لنا في الحياة
يا أخي نحن (( وأنت منا )) نشتاق الى أنفسنا ..
نتحسس جوانب الزمن لعلنا نظفر بتواجد مادي على نحو ما كان وعلى نحو ما هو كائن لإي أرفف أيامنا الجميلة ..
(( معذرة إن أشعنا ودنا وسفحنا مشاعرنا على هذا البوست الجميل .. وحولنا وجهته .. ))
=
| |
|
|
|
|
|
|
|