من الباب الممنوع لاخير فينا ان لم نقلها ولا خير فيهم ان لم يسمعوها/

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 09:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-18-2006, 10:45 PM

يوسف على النور حسن


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من الباب الممنوع لاخير فينا ان لم نقلها ولا خير فيهم ان لم يسمعوها/

    من الباب الممنوع

    لاخير فينا ان لم نقلها ولا خير فيهم ان لم يسمعوها

    الوطن:-
    قدر إلاهى !! ليس بيد المرء ان يختار وطنه كما ليس بيده ان يختار أمه أو أبيه
    صحيح يحاول البعض التنصل من إنتمائه للوطن فيهاجر الى بلادبعيده يتسلح بالعلم والجاه والمال وأحياناً بالخيانه للوطن نفسه
    وفى كثير من الاحيان يبدأ المرء حياته متخفياً وسط الشعوب التى ذهب اليها فى سعادة ذائفه واستقرار وهمى ولكن سرعان ما يكتشف ان مافعله ليس بأكثر من دفن للرؤوس فى الرمال وسرعان مايعرف انه يعيش فى وطن مستعار وانه يسترق غفلة الآخرين بل وانه يشغل المكان الى حين وعليه ان يتحسس كل خطوة من خطاه فإنه غير مسموح له بأن يخطئ كسائر البشر ليس ذلك فحسب بل أنه غير مسموح لجميع سلالته التى تأتى من بعده بالخطأ وإذا حدث ذلك فهم غير مرغوب فيهم بغض النظر عن الذمن الذى مكثوه أو التضحيات التى قدموها فى مقرهم الجديد وسرعان ما يقرر ترحيلهم الى اين ؟ الى موطنهم الاصلى ؟ انظر الأصلى هذه ؟
    إذا كان الأمر كذلك فما أغلى هذا الوطن لكل إنسان سواءاً كان يدرى أم لا يدرى وما أحوج الوطن لكل فرد من أبنائه يبنى ويعمر فى تفانى و إجتهاد.
    الحقوق فى ساحة الوطن:-

    مثلما كان الوطن قدراً إلاهياً للإنسان فكذلك الإنسان قدراً إلاهياً لهذا الوطن فيولد الناس وهم أبناء تسع ينمون ويترعرعون فى كنف هذا الأب الحنون ويبقى علي الناس تنظيم أنفسم ليتساووا فى الحقوق والواجبات
    فى سوداننا الحبيب وبالتحديد فى بداية الخمسينات من القرن الماضى ربما كانت غيرة الناس على وطنهم أكثر من الوعى الذى يتحلون به مع إستثناء بعض المهارات الفردية المبعثرة هنا وهناك وحين قاموا بطرد المستعمر لم يكن هنالك تخطيط ولادراية ولاحتى مجرد تصوربالطريقة التى يمكن ان يدار بها البلد بعد خروج المستعمر ، بل ولم تكن هنالك دراية بمعنى إدارة ناهيك عن كيفية التعامل بها وكانت هذه كارثة أيما كارثة على هذا الوطن المعطاء وهذا الطود الشامخ.
    لنفس هذا السبب يروى المؤرخون كيف كانت الفترة من حكم الخليفة عبد الله تفتقر الى مقومات الإدارة الراشدة التى تعنى بشئون العباد وإحتياجاتهم المعيشية والأمنية فى ذلك الوقت ، فالدولة شيء والمواطن شيئاً آخرحتى بلغ الأمر الى حد المجاعة ولازال الناس يروون كيف كان الجهدية يعيسون فى الأرض فساداً دونما رقيب أو حسيب ومن القصص المحزنة التى تحكى "أنه عندما كان ركباً من الجهدية يمرون بمواطن يزرع فى أرضة سأل أحدهم الرجل ماذا يفعل فأجابه انه يزرع بطيخا فجلس الجهدى وقال له أعطنى بطيخه وإلا قطعت رأسك فزعر الرجل وذهب الى رئيسهم الذى يتقدم الركب ليشكوا له هذا الطلب المستحيل فقال له رئيسهم ان هذا الرجل أحمق أعطة دقلاية حلوة " والدقلاية يقصد بها البطيخة الصغيرة ، ولك ان تتصور عزيزى القارئ ما آل اليه حال هذا المسكين . ومما يحكى أيضاً ان عزيز قوم " البعض ينسب ذلك لود أبوسن" كان فى داره وفجأة دخل عليه أحد الجهدية وصار يبحث فى الدار يأخذ مايريد من دون أن يعير إهتماماً لوجوده وعندما هم الجهدى بالخروج سأل صاحب البيت عن إسمه فقال له إسمى فاطمة فإحتار الجهدى وقال له أنت رجل فكيف يسمونك فاطمة فرد بكل سخرية إذا لم أكن أنا فاطمة كيف كنت تدخل دارى غير آبه بوجودى
    وسمعنا ايضاً انه عندما يدخل الجهدية قرية لايتركوا ورائهم ما يأكله الناس فذات يوم كانت إحدى الأمهات تعد الطعام لأبنائها وليس لهم طعام غير ما بالنار وعندما سمعت الصياح من مهاجمة الجهدية للقرية جلست على هذا الطعام الحارلتخفيه ولما خرج الجهدية من القرية كانت مؤخرة المرأة قد إحترقت ولكنها فرحة بما قامت به.
    لم يكن الناس يخافون أفراد الجهدية ولكنهم يخافون القوة التى كانت تدعمهم والتى سلمتهم القانون والسلاح بأيديهم ليفعلوا مايحلوا لهم
    إذاً تلك الفترة لم تكن بأى معنى من معانى الوطن مرغوب فيها فهى جوع وظلم وفوضى ، تنفس الناس الصعداء بذهابها إذ كان كل هم الحاكم المحافظة على سطوته والعيش هو ومن والاه فى أفضل مايكون
    فترة المستعمر:-

    دخل المستعمر السودان بعد هذه الفوضى وهذا الظلم وهذه النظرة القاصرة للدولة فأرسى قواعداً للنظام ينضوى تحتها الغنى قبل الفقير والقوى قبل الضعيف فبسط الأمن وأنشأ مشاريع بأعلى مستويات العلم والمعرفة فى ذلك الوقت ولا أعتقد أن أى بصيرة يمكن أن تخطأ الإدارة الأهلية ولا المحاكم التى يشرف عليها الإنجليز أنفسهم ولا مشروع الجزيرة ولا السكة الحديد ولا النقل النهرى أو القصر الجمهورى والجامعة والمعاهد العليا والوزارات ومما لاينسى خطوط الهاتف التى كانت تغطى مشروع الجزيرة وتصل الى أقاصى السودان لتوفر الإتصال لمحطات السكة الحديد وأنتشر التعليم المؤسس وبخت الرضا كانت معلماً يشار اليه بالبنان وكان يوفد اليها أمراء الدول العربية للنهل من معارفها فتألق السودان درة فى أفريقيا والعالم العربى ورمزاً للعلم والمعرفة فكان الازهرى والمحجوب وزروق وغيرهم من المعروفين فى تلك الفترة أما الثروة الحيوانية فقد وجدت الدعم من جهتين الجهة الأولى تحريم الإحتطاب العشوائى والثانية الخدمة البيطرية المباشرة ، فتحريم الإحتطاب العشوائى كان هو سر الحياة لهذا البلد من دون ما شك ولا أنسى فى فترة الخمسينات كيف كانت الحشائش الخضراء وسط المساكن وكيف كانت الأغنام تأكل وترتع داخل القرية وكيف كانت مشكلتنا ونحن صغاراً التجوال بين هذه الحشائش الخضراء من بيت الى آخر خوفاً من الثعابين فقد كان الأنجليز يعرفون أن إزالة الغطاء النباتى يمكن أن يأتى بكارثة على هذا البلد فكنت أتذكر كيف كان الناس يخافون خفراء الغابات إذ كان قطع غصن شجرة واحد غير مصرح به هو جريمة يعاقب عليها القانون أشد العقاب.
    بسبب هذا الغطاء النباتى الكثيف هذه الهبة الإلاهية الغالية كانت الأمطار رحمة على العباد فإخضرت الأرض ودر الضرع وسعد الناس أيما سعادة ، فهذا القوت الذى كان يُجلس فوقة ساخنا حتى يشوى الجلود ذمن الجهدية أصبح بمئات الجوالات وإمتلأت المطامير ومرحباً بالضيف عيشاً ولبناً وروباً ولحماً فكان السودان مقصداً من كل الدنيا من مصر واليمن والهند والسعودية وعمان وغيرها كثير ، لم يكن المواطن وقتها يعرف ولا حتى يريد ان يعيش فى المدن فهو باقى هنا فى الريف حيث الخير الوفير وراحة البال
    بالطبع هذا التحول فى الدولة لم يكن نتيجة للتفوق الكمى من رجال الدولة الإنجليز ولكنه كان قطعاً للتفوق النوعى الراقى الذى لامجال للمقارنه بينه وبين العهد الذى سبقه ولا أدرى من المستعمر ومن الوطنى إذا عقدنا مقارنة موضوعية بين العهدين
    خروج المستعمر:-

    ذكرت فى مقدمة هذا المقال ان غيرة الناس كانت أكثر من وعيهم وبالرغم من الإحترام الكبير الذى أكنه ويكنه كافة السودانين للأسماء التى ذكرت أنها تألقت فى سماء السودان من المؤسف أنها لم تبرهن إختلافاً عن هذا الوصف فى واقع الحياة المعاشة،
    خرج الإنجليز ورُفع العلم السودانى وتربع أهل البلد على كراسى الحكم ! ثم ماذا بعد ؟
    لا أحد يستطيع أن يدعى فى ذلك الوقت أنه كان يعرف كيف يمكن أن يدير هذا الخير الذى ورثه ؟ كيف يحافظ عليه ؟ فبدأت المعركة على أعلى مستويات الكراسى والكل يجيد الخطابة وتنميق الكلام ولكنه من المؤكد لا يعرف ماذا عليه ان يفعل وقد أثبتت الأيا م صحة ذلك ،أُعجب الناس أيما إعجاب بساستهم فتحدثوا عن هذه العبقريات الفذة وصفقوا لها كثيراً ولم أعرف أن الأمر لايعدوا أن يكون عيباً فينا إلا بعدما مرت الأيام والسنين ورأيت أن الناس تكره وتحب تمجد وتبخس على موازين سطحية أبعد ماتكون عن عقول راجحة ولا أسباب موضوعية وعرفت أن العاطفة هى التى تقود مصائر الناس فى وطنى
    فرح المواطن المسكين كثيراً لإستقلال البلاد فقد شحنت عاطفته وغذى عقله ضد المستعمر الذى وصف بأنه سرق خيرات البلاد وان الخيرالذى يرفل فيه الناس آنذاك يعتبر فتاتاً بالنسبة لما ينتظرهم بعد الإستقلال ، وفى الحقيقة قد أثبت المواطن فى فترة الإستعمار، بما لا يدع مجالاً للشك القدرة على العطاء والإنتاج ووضع بذلك الكرة فى ملعب من رفع راية الإستقلال
    والغريب فى الأمر ماذال الكثيرين يرددون الحديث عن سرقة المستعمر لخيرات البلاد ترديد الببغاء ولا أحد يعرف على وجه التحديد ماذا سرق ومتى وكيف سرق.
    كانت أول مصائب البلد أن هرب الأجانب بأكبر قدر من العملات الصعبة بعد الإستقلال وبالطبع كان المسئولين السودانين فى ذلك الوقت لايستطيعون تقدير الأثر البعيد لهروب العملة الصعبة لعدم الخبرة فى هذا الأمروالمصيبة الثانية أراد هؤلاء المسئولين مجاراة العالم المتحضر الذى يحكم بالنظام الديمقراطى فأنشأت الأحزاب ولكن بما أن الأمر محاكاة فارغة من المضمون أنشأت هذه الاحزاب على قواعد طائفية ، فأصبح الحزب فى فهم هذا المواطن المسكين شأن دينى يسأل عنه فى الآخرة وليس له علاقة بأمور الدنيا ولا مصالح العباد فعقابه النار وثوابه الجنة، ولما عرف المتسلقين ان هذا هو الطريق الوحيد للوصول لسدة الحكم خلعوا أحذيتهم فى حضرة الطائفية وركعوا لها بغية الوصول الى مصالحهم الشخصية ، ولم يجد المتعلمين الشرفاء أيضاً سبيلاً للمنافسة غير الطريق ذاته أملاً فى الإصلاح بعد وصولهم للحكم ولم يحسبوا حساباً لرجال الطائفية ذوى الاجندة المختلفة تماماً والذين يمسكون بذمام الأمور عن طريق هذه الشعبية التى يحركها البنان
    تبارت الأحزاب فى فن الدعاية والإستقطاب وأتت الإنتخابات بأناس وُضعت أمورالدولة بين أيديهم فما عرفوا ماذا يفعلون بهذه الورطة إن صح التعبير أما الأحزاب التى لم يحالفها الحظ فالأمر بالنسبة لها لا يحتمل القبول ، فبدأت المكايدات السياسية و"علىً وعلى أعدائى " الشيىء الوحيد الذى لا يهم هو الوطن.
    كما قلنا وجد المسئولين أنفسهم على كراسى الحكم ،خير وفير بين أيديهم وقرار مطلق ولارقيب إلا الله "الذى نسوه فى تلك اللحظات" وأعتقدوا أن هذا الخير المدرار هو هبة إلاهية أبدية لاتعدوا أن تكون ملكاً خاصاً لهم وللحزب ليجودون به على الأهل والأصدقاء ، فاليفعلوا مايحلوا لهم وظنوا أنه لاشيء مطلوب عمله للحفاظ على هذا الخير وبدأ العد التنازلى لخير البلد ونماؤه. بدأ التاريخ يعيد نفسه ورجع نظام الجهدية ، وجهه الجديد متعلمين يلبسون البدلة وربطة العنق وجلده نظام حزبى ، نفس الملامح والشبه والفرق الوحيد أن البلد الآن لديه سنام كبير يحتاج لعشرات السنين من النهب والإهمال لينضب معينه ولكنه حتماً سوف ينضب ، أما أدوات النصب الآن هى السلطة والقانون ولا داعى الى حراب وسيوف الجهدية.
    فى هذا الأثناء بدأت الجامعات والمعاهد العليا التى أنشأ بعضاً منها الإنجليز تأتى أُكلها فتخرج عددأً لا بأس به من الأطباء والمهندسين وتم ابتعاثهم الى الخارج لأخذ الدراسات العليا وأنفقت عليهم الدولة بسخاء ولما عادوا لخدمة الوطن وجدوا أن الأمر لايقاس بالعلم ولا المعرفه فأهم من ذلك مكانك فى الخارطة الحزبيه وقربك من أصحاب السلطة وبما انه لابد من إيجاد وضعية تليق بمكانتهم المرموقة أنشأت النقابات كقوة تحمى مصالح الفئة وسرعان ما أنتشر وأستشرى هذا المرض الخطيرليشمل كل مناشط العمل الحكومى فأصبح المواطن بين فكين الأول الأحزاب التى تأخذ ولا تعطى والثانى الموظفين والعمال الذين يأخذون من دون عمل والنقابات توفر لهم الحماية الكافية حتى ولو كانوا على باطل ولم يكونوا أصلاً على حق. أما الحكومة فإنها ترفل فى ثوب السعادة والأمر لا يعنيها فى شيء
    كان نتاجاً طبيعياً لهذه الحالة أن يضمحل الناتج القومى بدون علم أو إكتراث المسئولين الذين لايملكون أدوات القياس لذلك ولا المعرفة بفنون الإحصاء ولا يرون ضرورة لذلك. والتعداد السكانى بطبيعة الحال فى إذدياد ومنصرفات الدولة التشغيلية تذداد لتواكب الزيادة السكانية وخدمة الاحزاب ، وأيضاً من دون حساب لمعرفة إنعكاسات هذا الوضع على البلد ولا مجال للمساس بنصيب المسئولين من الغنائم و"من بيده القلم لا يكتب نفسه شقى" فوصل الحال الى أن خرج وزير المالية فى عهد الأحزاب فى التلفاز ليبشر الناس وأقسم بالطلاق أنه لا توجد "فرطاقة" فى خزينة الدولة .
    كان أول ضحايا هذا الوضع هو المنتج المسكين فى الزراعة والرعى إذ اصبحت المعادلة هى بيع الإنتاج من زراعة وصمغ وحيوان فى الأسواق العالمية يسدد منها إلتزامات الدولة حسبما كان ويعطى هذا المنتج ماتبقى كثيراً كان أم قليل،وما لايباع بهذه الطريقة تأخذ عليه الحكومة بالسلاح أتاوات لاقبل للمواطن بها إذ أنها تفوفق المصروف على منتوجهم زراعةً كان أو حيوان
    وجد المنتج نفسه عبداً مسخراً يُعطى مالايكاد أن يسد الرمق؟ فهُجرت أماكن الإنتاج وبدأ الزحف على المدينة بحثاً عن حياة أفضل. فعرف العقلاء أن أكبر نكسة أصابت البلد هو خروج المستعمروعرفوا أن المستعمر كان يتسبب فى الخير ويقتسمه معهم فالبلاد تعتمد على الزراعة والرعى لم يأخذ منها المستعمر إلا بقدرما يستحق فلم يكن المستعمر أكثر من مستثمرأ شريكاً بماله الذى شيد به وفكره الذى خطط به وإدارته التى تُشرف وتتابع وتُسوق وفوق ذلك أرسى دولة يسودها الأمن والعدل والرخاء ، سؤال ماذال يحيرنى ؟ ماذا كان الناس يريدون من المستعمر أو كما أرى "المستثمر" ان يفعل هل كانوا يريدونه أن ينفق كل أمواله ويهبها لوجه الله لهذا البلد أم كانوا يريدونه أن يعطى أمواله لتستثمرعلى طريقتنا ونعطيه عطية المزين إن صدق الوعد الذى لعمرى لن يصدق أبداً ؟ على كل حال تلفت الناس فلم يجدوا الوعود الزائفة والأمانى العذبة التى سمعوها وكم من تمنى أن تتقهقر الأيام ليغير رأيه ولكن هيهات. وللأسف الشديد رغم أنه مضى حتى الآن على الإستقلال فترة توشك أن تماثل فترة الإستعمار جميعها ، لا زال المنبت "الذى لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى " لايجد عزراً لفشله غير الإستعمار وللأسف الشديد حتى قبل أيام أقرأ على صفحات الجرايد بعض دكاترتنا العظام يرددون نفس هذا الموال وأتمنى أن يجلس الناس فى لحظة أمانه مع النفس ليفكروا بما يقولون علنا نقول كلمة الحق وننتقد ذاتنا بأمانة وموضوعيه لنعرف مواطن الخلل ونضع البسلم على الجراح فالعالم حولنا لاينتظر.
    بما أنه ليس بمقدور الجميع ألإنتقال الي المدينة ، بدأ البعض الآخريبحث عن أسهل مصادر الدخل بالريف وللأسف الشديد كان إختيارالإحتطاب الجائر أول ما بدر للأذهان لقرب الغابات من الريف ولملائمتها لمقدرات الناس فصار أعظم جريمة فى حق البلد، المسئول الأول عنها بالطبع الحكومة ممثلة فى مسئولى الغابات بلا منازع أدواتها الخفراء والمواطن المجبر على ذلك فإنتعشت مهنة الإحتطاب والفحم إيما إنتعاش ودرت دخلاً عظيما على ممتهنيها فتسابق عليها الناس وماهى إلا سنوات قلائل حتى أزيل الغطاء النباتى وقلت الأمطار وجاع الحيوان الذى كان يعطى اللبن واللحم وقل إنتاج العيش والخضار ولم يعد الإحتماء بالمدينة مجدياً وبدأت هجرة الشباب الى خارج البلاد وليتها وفرت لهم الأمان من الضرائب والزكاة ورسوم مختلقة برزت فيها مقدرات الدولة أكثر من أى بلد آخر.
    أما المتعلمين الذين تكفل المواطن بدراستهم وإبتعاثهم حتى درجة الدكتوراه وصرفت الدولة عليهم من الموارد أموالاً طائلة فقد كانوا يمثلون أسوأ نوع من انواع الإستثمار للدولة ، والبعض يعتبرهم كارثة حق للمواطن ان يندم على فعلها وعلى الرغم من أن القرار كان صحيحاً ولابد منه، ولكن النتائج كانت سالبه فى ميزان الربح والخسارة ؟ فقد خلقوا لأنفسهم قبلية مهنية تذود عن حمى رفاهيتهم الشخصية حقاً كان أم باطلاً ؟ ولايستثنى من ذلك إلا عدداً قليلاً لايؤثرفى مجريات الأمور وبالرغم من أنهم تدربوا فى أرقى بلدان العالم واقتبسوا من علومها ولكنهم نسوا أو تناسوا أن يقتبسوا أهم ما عند تلك الشعوب من وطنية، وإنضباط فى العمل، ومحاسبة للضمير، والوقوف مع الحق ولوعلى أنفسهم والإبتعاد عن الترديد الببغائى لأعزارأصبحت لا تقنع أطفالنا الصغار وفوق ذلك لا تقدم خدمة يرجى من ورائها فائدة. وليس عندى شك فى أنهم لو أتوا بهذه الصفات ذيادةً على العلم لكان هذا البلد من أرقى بلدان المنطقة وإذا لم يستطيعوا التوفيق بين المعرفتين وأتوا بهذه الصفات بدلاً من المعارف الأخرى المفيدة التى أتوا بها لكانوا أفيد للوطن مما هم عليه الآن.
    لابد هنا أن أشير بصفة خاصة الى الإخوة المتعلمين من الإقليم الجنوبى والذين تمتعوا بكامل ما يتمتع به الشمالى الناجح فى التعليم الإبتدائى وحتى الجامعى وبعثات خارجية حتى درجة الدكتوراه ، وحتى عندما بدأوا بالخروج على المجتمع كانوا جميعاً فى مناصب قيادية لم يحفل بها غيرهم من الشمال فقد كانوا يعاملون بدون تفريق أو جهوية بين أبناء الوطن الواحد الا لمصلحتهم وهم يعلمون أن ماصرف عليهم كان من عرق العامل بشرق وغرب وشمال السودان ، فى وقت لم يكن هنالك شيء من الجنوب ، وأقصد بهذا التوضيح إحقاقاً للحقيقة فقط من دون ملامة لأحد وقد كان من يقف بجانبهم متعشماً فى أن يأتوا ليكونوا أبناءاً لهذا الوطن جميعه من دون تفريق باللون او القبيلة او الدين أوحتى الموقع الجغرافى ولكن للأسف الشديد كان تفكيربعضهم متكوراً فى قبلية ضيقة وهم يعلمون جيداً أنه يوجد بشرق وغرب بل ووسط السودان من هم أشد فقراً من بالجنوب وبدلاً من العمل على التغيير الإيجابى فى مجتمع كله فقير، جله متخلف ،وكله دائناً لهم كانوا معول هدم وأصبحوا بذلك يمثلون بعداً آخر أسوأ من الأحزاب والعساكر وبدلاً من العمل على تغيير القبلية فى داخل الجنوب توسعوا بها رأسياً الى الشمال وأفقياً فى الجنوب ، لم يكن أهلنا في الجنوب فقراء ! من منهم لا يملك عشرات الأبقار لزوم الجاه ومتطلبات الزواج , بل كانوا أغني من كل بقاع السودان بأبقارهم وأشجارهم وطبيعة المكان وهناء العيش فقط كانوا بحاجة إلي ذوي الفكر الطيب والرؤية الثاقبة ليوجهونهم و يقنعونهم بأن يسخروا جزءأ قليلاً من ماشيتهم وثرواتهم لتغيير نمط الحياة واقتناء المسكن الجميل والملبس الساتر؟ ولن يكون أقدر على ذلك من أبناء الجنوب أنفسهم الذين رأوا العالم الخارجى ونهلوا من معارفه ، فى نفس المكان والذمان مع رصفائم من الشمال ولهم القدرة أكثر من غيرهم لتقارب النفوس وفهم اللغة والشراكة فى الموجودات وربما يعجز هؤلاء أنفسهم عن تغييرهذه الحياة بين يوم وليلة فيختلف الرأى ويفضلون ما هم عليه. ولكن الإخوة من الجنوب رأوا أن هذه مسئولية غيرهم وراحوا يرمون باللائمة يُمنَى ويسرى متناسين أنفسم ، ولا أرى فى ذلك غير حيلة العاجز.
    أنا أختلف مع كل رأيى يرى أن الإقليم الجنوبى كان مظلموماً أكثر من غيره ، وما ظََلم الإقليم إلا متعلميه الذين سخروا كل معرفتهم لإشعال الفتنة وتكريس الفرقة و إحراق الزرع والضرع في الجنوب وحرق المصانع والمدارس والمستشفيات واقتلاع السكك وقتل الملايين من الأبرياء في الشمال والجنوب فقط لشعورهم بغبن غير مؤسس ورؤيا ظالمة وتفكير عاطفى لم يدعمه عقل ولامنطق ولا إنصاف ، فكان تعليمهم وبالاً على أهلنا في الجنوب والشمال وكل أصقاع السودان الأخرى. فى وقت كان يُنتظرمنهم تسخير دراستهم ليحسنوا لأهلنا بالجنوب نسل الأبقار التي أحبوها ويجعلوها هولندا أخري يشع منها الخير لكل الجنوب والشمال بل لكل الدنيا بدلاً من حرقها بنيران المدافع فى حرب لم تبقى ولم تزر ،و كان الأحرى أن يطوروا الحظائر الطبيعية المفتوحة ويجعلوا المكان قبلة للسياح من كل بقاع العالم وللأسف حتى هذه الوحوش استهجنت الحرب وغادرت المكان غير آسفة. لعله لايخفى على أحد أن سلاطين الجنوب كانوا أكثر حكمةً من متعلميه ، وحتى لو إختلف الناس معهم فى طريقة العيش ولكن من المؤكد لا أحد يستطيع أن ينكرحكمتهم وعقلهم الراجح وطيب معشرهم مع أناس عاشوا بينهم قرون طوال بدون ضغائن ولا أحقاد. فكان الجميع سعيداً على طريقته الخاصة.
    مهما يكن فإن اللوم موصول للإخوة المتعليمين من الإقليم الذين أبادوا بفعلتهم هذه موارد طبيعية وبشرية لن يعوضها بترول ولا ذهب ولا فضة ولسنوات ليست بالقصيرة ،والأسوأ من ذلك شيدوا حصناً متيناً من الكراهية وعدم الثقة بين أجزاء الوطن الواحد لا ينتظر أن تهدمه السنين ، لينظر الإخوة من حولهم بالعالم ليعرفوا أن الإنسان هو أغلى رأس مال إذا كان لديه الفكر والولاء والإخلاص ، فكم من بلد تنازع أهلها فكانت ثرواته وبالاً عليه بل كانت وقوداً للخراب والدمار وكم بلد لايملك غير إنسان أحبه وأخلص له فكان فى مقدمة الأمم ، وليت الإخوة ينتبهوا أن بذور القبلية التى زرعوها لن تقطف فى الشمال وحده ولكنها حتماً ستكون أكثر ثماراً فى الجنوب ، لأن الذى يحدد مداركه فى حدود "الأنا" سيظل حبيساً لتفكيرتضيق دائرته عن لم شمل ما حولها ولا تزال تنكمش وتضمحل حتى تستريح عند حدود النفس الواحدة ولايستطيع فى هذه العتمة أن يفرق بين شمال وجنوب قبيلة وأخرى مدينة وأخرى حتى الوصول الى الذات،ولعل المعطيات الواضحة فى موت قرنق والملابسات التى سبقته تصب فى ذات المعانى وتدلل على هذا القول ، أما الذى يتحلل من قيود الأنانية ويفكر كبيراً ،فإن الأفق يعجز عن تحجيمه ،
    خلاصة ماورد أن المتعلم وللأسف كان وبالاً على هذا البلد سواءاً كان فى الشمال او الجنوب ولندلل على ماورد ببعض الأمثلة من دون حصر لبعض المهن المؤثرة جداً والمهنية جداً والمكلفة جداً للخزينة العامة لنرى ماذا فعل خريجوها بالمواطن :-

    لنأخذ مهنة الطب على سبيل المثال

    - لايلتزم أى طبيب بمواعيد العمل الرسمى فى المستشفيات ولا يستحى فى أن يفتح عيادته الخاص أثناء مواعيد العمل ومع
    ذلك أحرص مايكون على المطالبة برفع الأجور والحصول على الإمتيازات والسفريات الخارجية على حساب الدولة
    - لا يلتزم الأخصائيين بالبقاء رهن الطلب للحضور لحالات الطوارئى بعد ساعات العمل الرسمية ولابالليل ولا فى الإجازات
    الأسبوعية مهما كانت النتائج الخطيرة ولاحياة للنقابة لمعالجة هذه الخيانة للشعب فهم كأفراد ينطبق عليهم الشيء نفسه
    ولايودون معاقبة أنفسهم لمصلحة المجتمع .
    - لاتوجد فى كل دول العالم عيادات أطباء أقذر وأوسخ من عيادات أخصائى الاطباء السودانين فى أرقى أماكن بالعاصمة
    المثلثة وبجوار مستشفى الخرطوم الكبير
    - لايوجد أغلى من كشف الطبيب السودانى داخل هذه العيادات التى يندى لها الجبين
    - لايوجد أسوأ معاملةًً للمريض من معاملة الطبيب السودانى فهو يثورلمجرد أن يستفسرمنه المواطن عن أمر يخيفه أو
    معلومة يوضحها ولوكانت تلك المعلومة لابد من أن تصل الطبيب مثل نتيجة لفحوصات أخرى يرى أنها تساعد الطبيب فى
    فهم الحالة أو تجنب دواء يسبب له أو لطفله المريض الحساسية أو تناوله لأدوية معينة بكثرة قبل الحضور اليه فدائماً
    مايرد الطبيب بعنجهيه وصلف "مادام إنت دكتورجايينى ليه خذ السماعة بدلاً عنى " أنا ماعندى ليك ذمن وراى شغل !
    - كم من مريض تضرر من علاج الدكتور تضرراً واضحاً وخطأًً فادحاً فاضحاً لم يحرك ضمير أى طبيب وغلطان المرحوم
    - لم يستحى وزيراً للصحة من تجريم طالباً مات بسبب إهمال الأطباء حرصاً منه على حمايةً القبلية المهنية من اللوم ولم
    يحرك ذلك ضميراً لطبيب واحد فى كافة السودان ليقول كفى مهزلة ولعباً بالشعوب.
    - لا تستحى نقابة الأطباء من العمل تحت مسمي المصلحة العامة، على عرقلة أى جهود لإستجلاب أطباء من الخارج وفتح
    مستشفيات تؤمن العلاج الراقى الرخيص للمواطن المغلوب على أمره ، قولة حق أريد بها حماية مصالح الفئة الباطلة
    - لايستحى الطبيب من تحويل المرضى للمعمل الذى يتعامل معه حتى لو كانوا يحملون فحوصات مقنعه بين أيديهم ولا الى
    الصيدلية التى تدفع النسبة له إلا إذا نفد بجلده منها
    - لايستحى الطبيب من ان يستدعى الزملاء لحضور العمليات دونما داعى ومحاسبة المريض عن كل رأس من الأطباء
    يحضرالعملية ؟ فلا ضمير عند الطبيب الداعى ولا المدعو ولا لنقابة تعلم كل ذلك
    - لايسمح للمريض بالعلاج فى الخارج على نفقته الخاصة إلا بعد أن يدفع دم قلبه ويفقد صحته ويذهب ميؤساً منه إحتكاراً
    لعلاج المريض واستغلالاً للسلطة بزرائع واهية سبق ذكرها والنقابة فرحة بهذه الخياية للشعب
    - صحة البيئة التى كانت أيام الإستعمار تعنى حتى بأزيار المنازل داخل العشش فى أقصى بقاع السودان وبكل بقعة ماء فى
    المشاريع الزراعية أصبحت كارثة على البلد ووباء الملاريا استفحل فى الناس حتى صار يقاوم أحدث الادوية ونقابة الأطباء
    مغمضة عيونها وحتى لو كان ذلك لايتبع لإختصاصها ولكنه لا يوجد أولى منها للحديث عن ذلك
    مهنة الهندسة:-
    - لم يكن نصيب المهندسين من الناتج القومى أقل من نصيب الأطباء فقد تكفل الشعب بجميع تكاليف الدراسة من سكن وأكل
    وعلاج ودراسة وبعثات دونما تفرقة بين الغنى ولا الفقير بدءأً من الإبتدائية وحتى إستلام الوظيفة دفعها هذا المواطن
    المسكين عرقاً وتعباً. جلسوا على كراسى المسئولية فاستولوا على ما أرادوا من الاراضى السكنية بالمدن وبيعت فى مذادات
    وهمية لا يعلن عنها إلا بعد أن تسلم العقود لمن دفع أكثر، سماسرة تحت إمرة الوزير الدكتور،لا مجال لشهادات البحث
    التى يبرزها المواطن العادى ألف سبب وسبب لرفضها إما أنها حقوق زراعة أو صغيرة أو صاحبها غائب وفى ذات
    الوقت تمنح نفس الأرض تحت أسباب مختلقة لمن أرادوا من دون أحقية ولا قانون فقتل المواطن فى سوبا وطرد فى
    الفردوس وسجن فى الجريف وطرد فى أمدرمان والقانون بيد السمسار
    فى مجال الكهرباء أحرقت التوربينات وبيعت الأسلاك والادوات الكهربائية وشوه وجه العاصمة الحضارى بأعمدة
    الضغط الكهربائى العالى وسط أكبر وأجمل الشوارع مما ينذر بكوارث السلامة ولا أحد يقول كفى
    فى مجال البناء تلاعبوا فى المواد وإستهانوا بقيمة العمل الهندسى الصحيح فتهتكت الكبارى وتساقطت العمائر كما
    تساقطت ذممهم وأنهارات بيارات السوكى ولم يستحى نقيبهم من أن يقول فلتنهارالبيارة الأولى والثانية لتبقى الحقيقة؟ على
    حساب من ولمصلحة من بقاء حقيقة الجهل وعدم الضمير؟ هل أصبحت ممتلكات الدولة معملاً لتجارب بدائية تخطاها العلم
    والمعرفة سنوات بل قرون ؟ وهل هنالك حاجة للتجريب اليوم فى عالم إنتشر فيه العلم والمعرفة ألم يكن من الأجدى
    إحضار خبرات عالمية والإقتباس من خبراتها بدلاً من القيام بتجارب فطيرة كلفتها قاتله لهذا البلد ؟ ألا يوجد عاقلاً واحداً
    وسط نقابة المهندسين ليقول كلمة حق ؟ إذاً لاخير فى نقيب ولا فرداً فى جمعيتهم العمومية
    مهنة التعليم:-
    كان المدرس السودانى الى عهد قريب أفضل المدرسين فى العالم العربى معرفة وإخلاصاً وخلقاً قويم وفى الحقيقة لم يكن
    المدرس ابداً أحد أسباب التدهور التعليمى المريع فإذا كانت هنالك مصيبة فى التعليم فهى بسبب وزارة التعليم من جهة
    والحالة الإقتصادية المتردية التى وصلت حداً حيث لايستلم المدرس راتب شهورعديدة فكيف يقدم الخدمة وأسرتة تعانى
    الجوع والمرض والعرى أحياناً، لعل أول المآخذ على قرارات الوزارة هو التعريب ، هذه الكارثة التى مازال البعض يصفق
    لها من دون تمعن أو دراسة ، والغريب فى الأمر أن بعض من يرفعون رايات التأييد للتعريب هم أنفسهم قد درسوا وفق
    المهنج الإنجليزى وربما كان ذلك مما جعلهم لايشعرون بمصيبة الخريج الذى درس وفق مناهج التعريب حالما يتخطى
    حدود البلد ليتعامل مع العالم الآخر ولاسيما إذا ذهب الى بلاد الغرب فيصبح كالأخرص لا يسمع ولا يتكلم إلا بالإشارة
    وإذا جاء الحديث عن طب أو هندسة كانت مصيبته أعظم. كنت ذات يوم أتجاذب الحديث مع أحد الأصدقاء وكان يجلس بجوارنا شخص لا نعرفه ، كان الحديث عن التعريب ومآخذنا عليه ، فوجد الرجل أنه مضطر لتفريغ جام غضبه علينا بدعوى أننا نرفض لغة القرآن وأن ذلك فى رأيه من أثر التفكير الغربى علينا وأننا كان لابد من أن نرفع رايات الإسلام سألته عن تعليمه فقال أنه درس حتى المتوسط فعرفت أن الرجل لم يكن مضطراً للدخول يوماً على الإنترنت ليبحث عن موضوع علمى فيجد أنه لايستطيع ولم يطلب منه كتابه تقرير لشركة باليابان أو المانيا أو فرنسا ليجد نفسه أنه لايستطيع ولا ليجلس فى إجتماع به هنود وأمريكان ومصريين وبريطانيين يربطهم عمل مشترك فيجد أنه لا يفهم ، ولا لمراجعة مخططات أرسلت من ايطاليا ليقف مثل حمار الشيخ فى العقبة ولا لتقرير طبى أرسل من باكستان ليبحث عن من يترجمه له ورغم ذلك يدعى المعرفة وينحرف بالنقاش الى موضوع مختلف جداً فتذكرت طريفة قالها لى زميل بأن أحد المرشحين للرآسة فى إحدى الدول الإسلامية أراد أن يكبر كومه فوقف وسط الحشود وقال من منكم يريد الحكم بما قال الله ورسوله فقال الجميع نحن فقال الرجل أنتم إذاً معى ومن خالفنى فهو من ملة الكفر ولن يسلم من عقاب الآخرة!





    مهنة القضاء:-

    القضاء هو بلا منازع صمام الأمان فى حياة الناس فهو الإنصاف للمظلموم والردع للظالم يضع الفواصل والحدود أولاً ثم يقيس مصالح الناس بلا فوارق حسب هذه الحدود ( والله لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) لذلك متى غاب العدل والإنصاف تعارضت المصالح وسادة لغة الغاب
    لهذا السبب لايمكن أن يسود الفساد فى أمة كان القضاء فيها نزيهاً حاضراً وإذا قبلنا هذه الفرضية عرفنا أن فى القضاء خلل بل وخلل كبير، من جهتهم يعتبر القضاة أنفسهم منطقة محرمة على النقد والتقويم ولعل الجميع يعرف مصير الصحفى الذى كتب "باب القضاء مخلع" ،الجميع يعرف ويشهد أن القضايا تبقى فى أدراج القضاة سنوات طوال يضيع فيها الحق حتى لو ثبت بعد هذه الفترة وفى الحقيقة لكل شخص قصة يرويها عن فساد القضاة وإستلامهم للرشاوى وجنوحهم للمحاباة ،
    ولنعطى أمثلة بسيطة جداً للتدليل فقط ، أحد المغتربين سُرق كامل عفش بيته أبلغ الأمر للشرطة التى إستطاعت الإمساك بالجناة وأحضرت بعد المسروقات من الأماكن التى بيعت فيها وعرضت أمام القاضى بالطبع حضر الشاكى الى دولة المهجروماهى إلا أيام قلائل حتى أفرج عن الجناة وأطلقوا أحراراًً بدون محاسبة ، نقل القاضى من مكانه قبل حضور المغترب "ولا حد سمع ولا حد شاف" هل ياترى يوجد إغراءاً أكثر من ذلك لممارسة الجريمة وفساد المجتمع ؟
    ولعل أبشع أنواع الظلم أن ينزع القاضى أرضاً بالجريف من مالكها ويسجلها اليوم الثانى لمن يدفع عينك ياتاجر. ولا أعرف كيف يفرق القاضى بين حقوق الناس لدى الدولة وحقوق الدولة لدى الناس لينحاز للدولة خوفاً على منصبه فيتضرر الناس جراء ذلك ، والقاضى، ليس مطلوب منه أن يكون نزيهاً فقط ، بل لابد أن يكون عاقلاً وحصيفاً لايتبع النصوص أعمى وأن لا ينقصه الإدراك والفطنة ،لقد عايشت بنفسى قصة صديق كان يؤجر دكانا فى وسط السوق بالخرطوم لمواطن آخربعقد موثق من أحد المحامين و قد مكث هذا المستأجر أربعة أعوام يمارس التجارة برخصة من الدولة وفى العام الخامس أفلس وترك المكان وأعطى المفتاح لصا حب المتجر، كان على هذا التاجر متبقيات ضرائب والمعروف أن الرخصة لاتعطى إلا بكامل البيانات عن التجار ، مرت ثلاثة أعوام ولم تهتدى مصلحة الضرائب لمكان التاجر بعد أن ذهب لحاله ،رفعوا الأمر للنائب العام الذى أمر بسجن صاحب الدكان حتى يحضر المستأجر أو يدفع هو نيابة عنه ؟ لا أعتقد أنه يوجد على وجه البسيطة مُشرع عاقل يضع مثل هذا القانون ؟ ولا توجد دولة توكل مهمة الشرطة فى البحث والقبض على المطلوبين فى يد مواطن آخرأصلاً لايعنيه الأمرمن قريب أو بعيد، ولا قاضى عاقل يقبل أن ينفذ مثل هذا القانون ، لقد كانت بالنسبة لى قصة أقرب الى الخيال رغم معايشتى لها،
    وعلى ذكر الضرائب ذاتها نرى أن المواطن يقف مسلوب الإرادة أمام مندوب الضرائب إذ أن التقدير الضريبى أمر لايشمله قانون ولا منطق ولاتحده حدود فإذا أراد مندوب الضرائب ان يدمر مصالح أى إنسان لايقف أمامه عائق سوى ضميره ولاأعرف إذا كان يحق للقضاء فى هذه الحالة أن يتبرأ ويقف موقف المتفرج أم أن من حقه بل ومفروض عليه مطالبة مصلحة الضرائب بإيداع الأسس التى تبنى عليها تقديرات الضرائب لتكون معياراً يرجع له لفض التظلمات وإعطاء كل ذى حق حقه عن طريق قنوات العدل تفادياً ليس فقط لظلم الناس بل أيضاً لدرء الفساد والرشوة وحفظ مصالح الدولة ، قس على ذلك كل الشئون الحياتية الأخرى ، هذا مايتوقعه الناس من الدولة ونظامها القضائى وإذا قصر القضاء فى ذلك يصبح دور المحامين مهما أيضاً للتصحيح عن طريق قنوات الدولة الأخرى فهم شريك فى الامر ولا يمكن إعفاؤهم من المسئولية فى ذلك ، أما أن يعجزالجهاز القضائى عن تلمس مواطن الضعف فى آلية العدل فذلك لايعنى سوى قصر نظر يدفع ثمنه بعض المواطنين معاناة وتدفعه الدولة ضياعاً فى مصالحها من الذين يسلكون دروب الفساد
    إذاً المطلوب من القضاء أن يكون حاضراً للنظر فى خلافات الناس سواءاً كانوا فى الشارع فى البيت فى المكتب أوالمتجر
    بدلاً من هذا الغياب من حياة الناس حتى أصبحت المحاكم مكتباً القصد منه التأكيد على أحقية الراتب وأحياناً الكسب الحرام وإذا كان القائمين على أمر القضاء فى أعلى مستوياته يعتقدون أن دورهم تنفيذى فقط لايعرفون من أين تأتى التشريعات التى بمقدورها لعب كامل الدور تكون هنالك حاجة ماسة لإيجاد البدائل القادرة وبأسرع وقت ممكن

    مهنة السياسة:-

    لقد أصبحت السياسة مهنة يمتهنها قادة الأحزاب الطائفية ،والأحزاب العقائدية ، وقد حرصوا جميعاً على أن تكون لديهم كوادر طلابية لما لهذه الفئة من نصيب فى إهتمام الإعلام ، وقد أصبح دور الطلاب فى الحياة السياسية منذ ذمن بعيد متعاظم ومؤثر حتى أن بعض قادة الدولة اليوم هم من الذين لمعوا أثناء فترتهم الطلابية، وكان ذلك ما هيأ لهم فرصة إجادة الخطابة وإقناع الآخرين بآرائهم ، وفى الحقيقة الفارق بين الزعيم المطلوب لقيادة الأمة والخطيب الذى تقتصر مقدراته على إذكاء روح الحماسة وهز مشاعر الناس كبير جداً خاصة إذا كان هذا الخطيب مقيداً بتجربته الطلابية وإعتقاده ان ما صلح فى تلك الفترة صالح لكل ذمان ومكان ، إذ أن الزعيم الطلابى ليس مطلوب منه أكثر من التنظير والكلام من دون أعباء أو تبعات لذلك ، فمن إتفق معه أجاد التصفيق ومن لم يتفق ذهب مع غيره أما معيشة الطالب ومستلزماته الأخرى شأن يعنى به والده ولكن زعيم الأمة عليه التخطيط والتنفيذ أكثر من كلام لايسمن ولايغنى من جوع ، عليه أن ينظر الى شمولية الأمور فى الدولة ، عليه أن يتابع أداء معاونيه ،عليه التأكد من أن أوامر الدولة وسياساتها تنفذ حسب ماخطط لها ومراجعة ذلك فى تقارير دورية تثبت جودة التخطيط وحسن التنفيذ وتحقيق رفاهية المواطنين بعدل وموثوقية وتطور.
    يتفق الجميع بمن فيهم قادة الاحزاب أنفسم على إدانة التجربة الحزبية وعجزها فى إدارة البلاد بل الأسوأ من ذلك عدم القدرة على أخذ العبر والدروس من أخطاء الماضى والتى للأسف كثيرأً ما تكون من نفس الفئة وحتى نفس الأشخاص لهذا السبب يمكن إعتبار مهنة السياسة ماذالت تعانى القصور وعدم النضوج. ولربما كان هذا أحد أسباب فشل الحياة السياسية وتأثر الزعماء بتلك الفترة التى يصعب عليهم الفكاك منها وماذالوا يعتقدون أن كل المطلوب منهم هو الوقوف أمام المايكرفون وماعداه يعنى به آخرين غيرهم ، من هم هؤلاء الآخرين واين يقبعون؟ لا أحد يدرى.
    تعاقبت كل الأحزاب السياسية على كراسى الحكم وقد أثبتت جميعها فشلاً بلا إستثناء وكانت سمة الجهل بفنون الحكم وخيانة الأمانة قاسماً مشتركاً ولعل الحزب الشيوعى هو الأقل حظاً فى فترة حكمه ولكنه لايعول عليه كثيراً فكل ما يعرفه عنه الناس اللعبة السخيفة لرئيسة الذى يعتقد أنه أنجز لهذا الوطن أيما إنجاز عندما لا يعرف الحكام مكان إختفائه وهو يختفى لسنوات عندما تكون الفترة محتاجة للنضال والمواجهة ويعلن ظهوره بكل فخر عندما تنقشع الغيوم فأصبحت هذه اللعبة الممجوجة مدعاة للسخرية لماذا يختفى ولماذا يظهر وما فائدة الناس من ذلك سؤال لايستطيع الإجابة عليه غيررئيس الحزب نفسه.
    مساوء الأحزاب السالفة الذكرذادت عليها الحكومة الحالية أسوأ أنواع الجهوية الفاضحة وكانت بذلك اسوأ حكم مر بالسودان بعد الإستقلال ولعل أسوأ ما فى الأمر الخديعة الكبرى للمواطن الذى يحب دينة ويعشق شرع الله فأتوا له من هذا الباب فانطلت عليه الخدعة لزمن طويل ،والمضحك المبكى أن أول من خُدع هم خيرة الذين ينضوون تحت التنظيم الحاكم نفسه فأقتادوهم للحرب فى الجنوب "وبالطبع مع آخرين أُخذوا مكرهين" من دون دراية بأساليب القتال فحصدتهم الحرب هم وأولادهم فى مقتبل العمر وأقاموا لهم عرس الشهيد فترملت نساؤهم وتيتم أطفالهم وعندما أنقشع غبار الحرب شتموهم بأنهم قد " ماتوا فطيساً "
    مهما كانت إنجازات هذا العهد من إستخراج للبترول أو رصفاً لبعض الطرق أو بدأ بعض الصناعات الصغيرة ولكنها جميعاً تقف متضائلة جداً أمام بعض الأخطاء الجسام التى أصبحت من أكبر مهددات بقاء الوطن نفسة ونورد منها الآتى:-
    1) التفريط فى الهوية السودانية ومنح بعض الإرهابيين جوازات سودانية عاسوا بها فساداً فى الخارج بإسم السودانى حتى أصبح الإنتماء لهذا البلد فى الخارج جريمة على صدر كل فرد وهو منها براء ولكن كيف يمكن أى يمحو ذلك
    2) الإمعان فى الظلم والفساد تحت غطاء قانونى هاجر بسببه كل قادر على الهروب بجلده فنشأ الأطفال وسط ثقافات أخرى لا تعرف الإرث العظيم لأخلاق السودانى ولا تحمل الولاء للوطن الذى سمعوا عنه ولم يعرفوه
    3) تكريس الجهوية ليس فقط فى أطراف السودان بل حتى فى وسطه وسادت ثقافة البندقية كمخرج وحيد لدرء المظالم
    واستفحل الغبن فى الناس من إغتصاب حقوقهم حتى أصبح المظلموم ينتظر اللحظة التى يقتلع فيها حقوقه فأصبحت النفوس مشحونة تنتظر لحظة الإنفجار وعندها ربما يكون الظالم أشد المظلومين فى وطن لم يعرف تاريخه غير التسامح بين المواطنين العاديين.
    4) إستخدام إسم الدين مطية لتحقيق مآرب وضيعة تكشفت مراميها بإعترافاتهم العلنية بعدما اختلفوا حتى أصبحت النظرة لكل متدين تشوبها الريبة وأحياناً الإحتقار وحتى شعارات التكبير والتهليل أفرغت من مضامينها وأصبحت مدعاةً للسخرية ليس ذلك فحسب بل أصبحت تجربة السودان التى لم تعدوا أن تكون تمشدقاً ذائفاً بحكم الشرع مثالاً يقاس عليه فشل الإسلاميين على مستوى العالم فوجد الحاقدين على الدين الإسلامى ضالتهم لإتهام الشريعة السمحاء بأنها قاصرة عن أن تدير بلداً وأنها ليست سوى إرهاباً لاتستطيع مسايرة الأزمان.
    ومن المفارقات العجيبة أن ينقلب السحرة على كبيرهم الذى أفنى عمره كله ليصل الى كرسى الحكم بكل حيلة وكل وسيلة وعندما كاد ، أصابتة لعنة السماء فأبعد وشتم حتى صار يهزى ويتندم على صنيعه فى العلن ويكشف كل أوساخ أتباعه.
    ومن الغريب فى الأمر أنك لاتهتدى الى من يدير الأمور من خلف الكواليس ففى كل مرة يبتعد عن الواجهة أشخاص ليظهر غيرهم وسط شائعات بأن الذى أُبعد قد إنفضح أمره فى أمور لاتليق ولكن لا أحد يحاسب أحد فكل فرد يصطف على نفس الطريق فمن يحاسب من إذاً ؟ وليس من المعروف إذا كان رئيس الدولة على علم بكل هذه الألاعيب ومتورط فيها أم أنه قد إقتنع بمغنمه ولا يهمه ماتبقى ولكن الشيء المؤكد أنه رغم كل هذه السنين فى الحكم لم يحالفه حظاً ليقتبس من فنون السياسة وعلم الدبلوماسية ولا حتى يرضى بالصمت ويترك أمور الحديث لقنواته الدبلوماسية فكلما أراد الحديث ونقصته البراهين والحجج وخانته اللباقة أقسم بالطلاق على دول العالم لا أدرى إن كان يعتقد أنه إذا أقسم بالطلاق وسمعه رئيس وزراء بريطانيا قال للرئيس الأمريكى قد أقسم الرئيس ولا سبيل لقراراتنا فالأمر لا يعدوا إن يكون مضحكاً وسط شعوب الدنيا ويدخل البلد فى مآذق يمكن أن تقود الى هلاك الأمة
    وحتى تهديداته بأنه سيقود الجيوش بنفسة لمقابلة أعداء الأمة لا يعدو أن يكون توهماً بأن الآخرين سوف يرتعدون من الخوف وليته فكر لحظة فى ما آلت اليه حالة صدام حسين الذى أهدر قوةً ألف ضعف لقوة بلدنا.
    حكم العسكر

    لايفوتنا هنا أن نذكر دور القوات المسلحة التى كثيراً ما يسؤها هذا الحال وكم من مرة تمردوا وأستولوا على السلطة فتبعهم من تبعهم ولم يكونوا أحسن درايةً من سابقيهم بل أنهم كثيراً ما خلصوا الى أن الإستيلاء على الحكم ورطة أكثر من أنها مكسب لهم لنفس السبب السابق، وهو عدم الدراية بفنون الحكم وكثيراً ما استعانوا بأساتذة الجامعات، ومن الذين شاركوا معهم ووضعوا أصابعهم على الجرح وعرفوا مواطن الخلل هو الدكتور جعفر بخيت وقد إجتهد الرجل فى تدريب الإداريين ولكن هؤلاء الإداريين قد إنحرفوا عن الخط المرسوم وأفسدوا الحياة أكثر مما كانت عليه . وإذا كانت الاحزاب ُتلام على تجفيف موارد الدولة فإن العسكريين قد أدخلوا الدولة فى مديونية لازالت تمثل عائقاً كبيراً لإنطلاقتها هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فقد تسببوا فى فك الإرتباط الأمنى بين مصر والسودان بدرجة كبيرة فقد كان أمن السودان أكثر أهمية لمصر من اليوم إذ أن مياه مصر التى تمثل الحياة لها تخزن داخل السودان وبعدما باعوهم أرض حلفا التى أقيم عليها السد العالى مما يؤمن التخزين المائى على الحدود بين السودان ومصرداخل أرض السودان أصبح أمن السودان أقل أهمية والأمر الآن ليس بأكثر من إتفاقية مياه لايختلف فيها السودان عن أوغندا أو إثيوبيا وهذه تعتبر خسارة إستراتيجية كبرى للسودان هذا علاوة على توقيع إتفاقية مياه غير متكافئة مع مصروالتضحية بمدن وآثار قومية يعتبر من وافق عليها مجرم فى حق وطنه، ولعل أكثر المواقف سزاجة هى مساندة السودان لأنور السادات فى إتفاقية المصالحة مع إسرائيل والوقوف فى الجانب المعاكس لسائر الدول العربية وكيف أنه لم تأبه به أمريكا ولا حتى إسرائيل التى وقف مع مصلحتها وخسر كل مساندة الدول العربية التى لم تقصر معه مالياً ودبلوماسياً لرأينا انه ينطبق عليه المثل بأنه "مثل الخصية التى لم تشارك ولم تسلم من الجنابة"
    إذا الحكومات العسكرية كانت لها آثار مدمرة فى حاضرها ومستقبلها والتعويل عليها مجازفة كبرى لاتعرف عواقبها

    الحلول الممكنه

    لقد إستعرضنا فى ما أسلف تجارب الحكم فى السودان والمآخذ عليها ولابد ان الأمر من هذا المنظور يبعث على اليأس من إمكانية إيجاد مخارج مأمونة العواقب غير انه "لابد من ماليس منه بد" نسأل الله التوفيق لهذه الأمة الطيبة الصامدة الصابرة
    تصور لنظام الحكم :-

    • إختيار الحكومة:-


    من دون شرح مطول أو تفاصيل لهذا الموضوع يمكن القول أنه لا يختلف إثنان فى أن النظام الديمقراطى هو أفضل النظم لقيادة الدُول ولكن الإختلافات تأتى فى التصور لتصميم هذا النظام بدءاً من الدوائر الإنتخابية ،مروراً بأحقية الفرد للترشيح أو الإنتخاب سواءاً من ناحية العمر أو الجنس أو المؤهل أو الإعتراف بالمشرفين على أمر الترشيح ، وفرز الأصوات بل وحتى التركيبته الهرمية للحكومة ذاتها ،لهذا السبب فإن النظام الديمقراطى يختلف من مكان لآخر ليلائم ظروف كل مكان حسب الثقافة القائمة بناءاً على ما أسلف ، ليس عيباً أن يخرج التصور فى مكان ما عن المألوف ، ليلائم حالة معينة إذا كان ذلك هو المطلوب. وقصدت من هذه المقدمة أن أقول أن حالنا اليوم يختلف عن جميع بلدان العالم ولابد أن نفكر بقلب وعقل مفتوحين لنأتى بتركيبة تلائم وضعنا وثقافتنا وتنوعنا العرقى حتى ولو كانت مخالفة للأنماط المعروفة ولا أقترح هنا شيئاً بعينه.
    من الواضح أن الجهوية التى برزت بشكل قوى الآن لايمكن أن ترضى بالإنسياق خلف الأحزاب كما كانت عليه سابقاً علاوة على الشعور العام بين الناس بأن الأحزاب هى سبب كل كوارث الأمة و لا ينبغى ان تُسلم لها القيادة كما كان عليه الحال فى السابق وإذا كانت الاحزاب لم تستشعر هذا الاْمرعليها أن تعرف أنها تحتاج للبوصلة المناسبة حتى لا تتيه ثانية فى دروب السياسة ، والحق يقال أن على جميع الأحزاب أن تعترف وتعى جيداً أنها فشلت وأن الطريق الذى سلكته فى السابق فيه هلاك لها وللأمة جمعاء من دون عزة بالإثم وأن تقبل أن تنصهر فى حكومة وحدةً وطنية لاتقتصر على الأحزاب المعروفة فقط ولكن تمثل فيها جميع أقاليم السودان تمثيلاً جهوياً خاضعاً للتشريح والإنتخاب ، ومن الضرورى تذكير الأحزاب أن لديها فرصاً قليلة جداً للبقاء وذلك بتحسين أدائها الديمقراطى فى نفسها أولاً وعلى المستوى العام ثانياً. من ناحية اخرى ،ولإرضاء من ينادون بالجهوية (على الرغم من العيوب المصاحبة لذلك) لابد من إلزام الأحزاب بأن يكون مرشحيهم من ذات الإقليم لخوض الإنتخابات بإسمه ، ثانياً السماح بقيام أحزاب جديدة فى جميع الأقاليم من دون وضع شروط تفوق إمكانات الراغبين ممن يدعون التهميش حتى تعطى الفرصة للجميع لتمثيل من رغبوا فى ذلك ويبقى صندوق الإنتخاب هو الفيصل للحجج ، ونسبة لإنعام الثقة بين الجهات المتنافسة لابد أن يشرف على الإنتخابات جهات محايده يرتضيها الجميع قبل الشروع فى الإنتخابات بحيث لايجوز الطعن فى نتائجها مهما كانت. هذه هى الخطوط الرئيسية التى أردت توضيحها

    البرامج الضرورية العاجلة للحكومة:-

    1) إصلاح القضاء إصلاحاً جزرياً بحل الجهازالحالى الذى يغط فى نوم عميق فى برجه العاجى والإستعانه بالدول الصديقة القادرة على تنظيمه والإتيان بأناس لهم القدرة على البحث عن مواطن الخلل وعلاجها وإثراء حياة الناس بالعدل القادر على إنتزاع الحقد والغبن من النفوس فى كل ضروب الحياة والبت السريع فى مظالم الناس فى جميع أنحاء السودان
    2) فتح باب المحاسبة لحقوق الدولة العامة وحقوق الأفراد الخاصة وإعطاء كل ذى حق حقه من دون تهاون أو تسامح فى ذلك والتعجيل بقانون من أين لك هذا ليعرف الجميع أن الحقوق يمكن إن تختفى لفترة ولكنها لا تضيع ولا تسلب.
    3) أن تمنع ممارسة السياسة فى دور العلم من دون حجر على الندوات السياسية والمحاضرات والنشر ولكن بدون تمثيل
    حزبى ولا إنتخابات جهوية ولا مظاهرات تخل بالشارع العام وتستغل لمصلحة جهات حزبية
    5) مراجعة قوانين تنظيم المهنة مستعينين بالدول التى سبقت فى هذا المضمار, ليس فقط للمصالح الفئوية ولكن لمصلحة المجتمع قبل ذلك وان تكون هذه القوانين قادرة على تحجيم الإهمال والتسيب وعدم الإنضباط فى دور الحكومة وان يكون باب المظالم مفتوح للضعيف قبل القوى وبدون تباطؤ مع وضع خطوط حمراء فاصلة بين مايحق للنقابات حمايته ومالايحق لها التعرض له بسبب تعارضه مع حقوق الآخرين.
    6) أن تأخذ البيئة مكاناً فى صدارة إهتمامات الدولة والإلتفات الى أن السمة الأساسية للدولة هى الزراعة بشقيها النباتى
    والحيوانى والمحافظة على الغطاء النباتى بقوانين رادعة لكل متهاون وتشجيع الزراعة وتربية الحيوان برفع كل
    ضروب الأتوات عليها بل وإعطائها رعاية الدولة المدعومة من خبرة وإشراف على الزراعة وراعية بيطرية
    وتحسينية للحيوان حتى ينمو هذا القطاع ويذدهر وتقليل نفقات الإشراف الزراعى فى مشروع الجزيرة والمشاريع المشابهه بإدخال الخيل فى مواصلات المشرفين الزراعيين بدلاً من العربات التى كان مردودها سلبياً جداً على الإشراف بل وكانت سبباً أساسيا فى التسيب
    7) أن يعطى التعليم إهتماماً أفضل وإدخال مادة التربية الوطنية كعلم أساسى بدءاً من دخول المرحلة الإبتدائية كما التركيز
    على التدريس باللغة الإنجليزية من مرحلة الثانوية وإدخال جميع العلوم الحديثة حسب المراحل المناسبة مع التوسع
    الرأسى والأفقى فى التعليم المهنى وعدم التهاون فى حقوق المدرسين ودعم الإشراف التربوى بكوادر قادرة على
    التحليل والتطوير.
    أن يرقى الإهتمام بصحة البيئة الى جعلها وزارة لاتقتصر مسئوليتها على مكافحة الناموس بالطرق التقليدية فقط ولكن
    إدخال طرق حديثة للقضاء على الناموس الضار وأن يكون لها شأن فى تحسين الصرف الصحى والتنسيق مع
    البلديات فى تصريف مياه الأمطار وترقية إستخدام مخلفات الحيوان مثل إدخال تقنية "البايوغز" والإشراف على
    مكافحة الآفات الزراعية وماشابه هذه الأمور.
    9) حسم موضوع الاقاليم الجنوبية بالتفاوض وبصفة نهائية إما وحدة أو إنفصال وعدم العودة الى حروب لا يرجى من
    ورائها فائدة مع الإحتفاظ للأقليات الجنوبية التى ترى مصلحتها فى التعاون مع الشمال أن تُوطن فى الشمال فى الأماكن
    التى تراعى مصالحهم وتحفظ حقوقهم حتى لو إقتضى الأمر مقايضة مواقهم الحالية بالأرض المناسبة على الحدود بين
    الشمال والجنوب.
    10) فتح باب المواطنه للعقول القادرة ، والأموال الراغبة ، من دون إفراط أو تفريط مع مراعاة الأخطاء السابقة التى
    أتت بإرهابيين أساءوا وأضاعوا مصلحة البلد فالسودان ليس أكثر خبرة ولا أصغر أرضاً من البلدان التى أثرت
    مجتمعاتها بهذه المصادر المنتقاة الجاهزة.
    11) الإبتعاد عن النفاق والمتاجرة بإسم الشريعة السمحاء فإن سبعة عشر عاماً من القول الذى لم يتبعه فعل والظلم والفساد الذى إستشرى بإسم الدين قد أضر بسمعة الدين وألحق الأذى بإنسان هذا الوطن ، وهذا القول الحق الذى إنتشر بالصدق والحسنى فى كل أصقاع العالم قد أصبح الآن ينكمش كل يوم عندما أستخدم وسيلة غايتها الدنيا فضحتها الأيام وشهدت بها ذات النفوس المريضة.
    أخيراً وليس آخراً أسأل الله العلى القدير أن يوفق كل مخلص عفيف شريف لخدمة هذا الوطن المعطاء وهذا الشعب الصبور وأن ينجينا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ويصلح الأمة بصلاح أبنائها ويكفيها شر مفسديها ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.


    يوسف على النور حسن




                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de