أما آن للعقـل اللبنـاني الواسع أن يتحرر من عاطفـتي التحيـز الديني والعنصري الضيقـتين ؟؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 07:37 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-17-2006, 07:47 AM

abu-eegan

تاريخ التسجيل: 02-20-2003
مجموع المشاركات: 124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أما آن للعقـل اللبنـاني الواسع أن يتحرر من عاطفـتي التحيـز الديني والعنصري الضيقـتين ؟؟

    لعـل من الواضح جليـًا أن (حزب الله) اللبناني، رغـم أن عـضويته لبنانية، لا يمثـل حركة مقاومة لبنانية، كما يدعي، ولا يخدم أهدافـًا لبنانية، وإنما يمثـل جزءًا من محور ايراني في المنطقة تحالفه سوريا.. ذلك أن (حزب الله) كحركة مسلحة، إنما هو صنيعة ايرانية، فايران هي التي تموله، وفيها يتم تدريب كوادره ومقاتليه عسكريـًا، وهي التي تمده عن طريـق سوريا بالسلاح، ثم هو مدعوم سياسيـًا من سوريا، بفعل نفوذها السياسي داخل لبنان.. و(حزب الله) هذا إنما يخدم أهدافـًا ايرانية وسورية لا مصلحة فيها لوطنه الذي يدفع ثمنها، وهو لبنان.. وهذه في حد ذاتها إنما تمثـل خيانة وطنية لوطنه ولشعبه، فهو يخدم مصالح دول أخرى على حساب شعبه ووطنه.. ولا تكمن الخيانة، بطبيعة الحال، في مجرد قيامه بأفعال تخدم مصالح دول أخرى، فمن حقه أن يخدم ما يراه من المصالح، وإنما تكمن في أنه، إذ يتخذ من وطنه ساحة لهذه الأفعال، إنما يضع مسئوليتها على عاتق وطنه، ويكلفه ثمنها.. وحين يزعـم (حزب الله) أنه يمثـل حركة مقاومة (لبنانية) ضد (العدو الاسرائيلي) ويتحدث عن مزارع شبعـا (اللبنانية) التي تحتـلها اسرائيل، وعن الأسرى (اللبنانيين) في السجون الاسرائيلية، الخ، إنما يمارس بذلك خطابـًا سياسيـًا يسعى من خلاله إلى إكتساب شرعية لوجوده كحركة مسلحة مستقـلة عن الحكومة وعن الجيش تحت اسم (المقاومة).. ولعل من أبرز الدلائل على أنه لا يمثـل مقاومة حقيقية لصالح لبنان أنه لا يملك من السلاح ما يدافع به عن لبنان وإنما يملك منه فقط ما يهاجم به اسرائيل.. فايران، عندما سلحته مثلا بصواريخ يطلقها من داخل لبنان فتضرب داخل اسرائيل، لم تسلحه في المقابل بمضادات لسلاح الجو الاسرائيلي كي يدافع بها عن لبنان ضد الهجوم الجوي الذي سوف تشنه اسرائيل عندما يهاجمها بتلك الصواريخ، أي أن ايران قد سلحته بما يهاجم به اسرائيل، من داخل لبنان، دون أن يكون قادرًا على الدفاع عن لبنان.. بل وأكثر من ذلك، فقـد خـُطط لسلاحه أن يكون مخفـيـًا وبكميات كبيرة داخل القرى وبين المدنيين من سكان الجنوب اللبناني.. وكل ذلك إنما يمثـل، في تقديري، جرائم ايرانية وسورية في حق لبنان.. فالشعب اللبناني، وهو شعبٌ متعدد الأديان والطوائف والمذاهب والتوجهات السياسية، قد جُـني عليه، جناية كبرى، من قبل ما يمكن تسميته بالتحالف المعادي لاسرائيل، والمكون من حكومة ايران و(حزب الله) الشيعيين، وحكومة سوريا البعثية.. ولعل من المعلوم أن ما يجمع بين حزب (البعث العربي الاشتراكي) والشيعة إنما هو العداء لاسرائيل، وهو عـداء غير مبرر عـقـليـًا، وإنما تبعـثه وتغـذيه عاطفة التحيز للانتماءات الضيقة، سواء كانت عاطفة تحيز لانتماء ديني عقيدي، كما هي لدى الشيعة، أو كانت عاطفة تحيز لانتماء قومي عـنصري (القومية العربية) كما هي عند البعث، وهذه العاطفة تكبل العـقـل الانساني الواسع، وتنحاز به إلى انتمائها الضيق، حيث يتم رفض الآخر المختلف واعـتباره عـدوًا، ولذلك هي تـثير مشاعر العداء ضد اسرائيل، لأنها دولة مخـتلفة كـليـًا، فلا هي عـربية ولا هي اسلامية، وإنما هي عـبرية يهودية، وقد أقيمت في بلاد العرب والمسلمين.
    ذريعـتا الأسرى ومزارع شبعـا:
    والواقع أنه عندما قام (حزب الله) باختراق الخط الأزرق، وبقـتـل سـتة من الجنود الاسرائيليين، وباختطاف اثـنيـن منهم، لم تكن لدولة لبنان بالذات أية قضية مع اسرائيل على الاطلاق.. فأما مزارع شبعـا فهي سورية حسب الخريطة الرسمية المعتمدة لدى الأمم المتحدة، وقد أرادت سوريا أن تخلق ذريعة لـ (حزب الله) لمحاربة اسرائيل فادعت شفاهة على لسان رئيسها ووزير خارجيتها، أكثر من مرة، بأن مزارع شبعا لبنانية، وعندما طلب منها أن تقدم وثيقة رسمية بذلك أخذت تتهرب وتماطل حتى الآن، وما زالت تزعم أن تلك المزارع لبنانية دون أن تقدم الوثيقة المطلوبة.. واسرائيل تحتفظ ببعض الأراضي السورية (مزارع شبعا ومرتفعات الجولان) لأسباب أمنية، ونتيجة لهجمات سابقة عليها من هاتين المنطقتين، وهي لا تريد الخروج منهما طالما ظلت سوريا خاضعة لسيطرة حزب البعث المعادي بطبيعته لاسرائيل.. والخلاصة هنا أن مزارع شبعا ليست لبنانية.. وأما الأسرى اللبنانين، وهم أربعة أشخاص، فإن اثـنين منهم على الأقل متهمين بارتكاب جرائم قـتـل عمد لأشخاص مدنيين، وبينهم أطفال، وقد تمت محاكمتهما بموجب القانون الاسرائيلي، أمام محكمة اسرائيلية، وحكم عليهما بالسجن بدلا عن الإعدام، وربما كان من الممكن الطعن، أمام الأمم المتحدة، في صحة محاكمتهما، والمطالبة بتقديمهما لمحكمة الجنايات الدولية، باعتبارها محكمة محايدة، لاعادة محاكمتهما أمامها، ولكن لا يمكن بأي حال مطالبة دولة تحترم نفسها، وتحترم قانونها الداخلي، وسيادة حكم القانون فيها، باطلاق سراحهما عن طريق تبادل الأسرى، وأما الأسيرين اللبنانيين الآخرين، غير المتهمين بارتكاب جرائم، فقد كان من الممكن لـ (حزب الله)، وفقــًا لحديث السيد وليد جمبلاط الذي أدلى به في أحدى القـنوات الفضائية عند بداية هذه الحرب، أن أن يبادلهما برفات أو جثامين اسرائيلية يحتفظ بها، وقد سبق أن جرى تبادل الأسرى بالجثامين بينهما.. وخلاصة كل ذلك أنه لم تكن هنالك أية قضية لبنانية تستحق ما قام به (حزب الله) من اختراق للخط الأزرق، وقتل ستة جنود اسرائيليين، واختطاف اثنين.. والواقع الذي لا لبس فيه ولا غموض أن (حزب الله) هذا، ليس معنيـًا لا بالأسرى اللبنانيين، ولا بمزارع شبعـا، وإنما هو معني بأهداف سياسية، خاصة به، وأخرى خاصة بسوريا وايران، بينما يتخذ من قضية (الأسرى مزراع شبعا) الوهمية مجرد ذريعة فقط.. ولم يكن من الممكن لاسرائيل، لاعتبارات أمنية، أن تسكت على ما قام به (حزب الله) من اعتـداء عليها، ومن حشو لجنوب لبنان بالأسلحة الخطيرة ـ الصواريخ وغيرها ـ لكن كان يجب عليها، على الأقـل، أن تسعى، بكل جـدٍ وصدق، في محاولة توجيه عملها العسكري إلى نزع سلاح (حزب الله) واعتقال قادته، دون أن يصيب المدنيين بأذى، مهما كلفها ذلك من وقت ومن جهد ومن خسائر عسكرية في أرواح الجنود وفي المعدات، ومن خسائر اقتصادية.
    الأهداف الحقيقية لمغامرة (حزب الله):
    وإذا رجعنا إلى ما قبل قيام (حزب الله) بمغامرته غير المحسوبة، وغير المسئولة، التي شكلت بداية الحرب اللبنانية الحالية (حيث اخترق حدود اسرائيل، وتوغـل داخل أراضيها، وهاجم إحدى دوريات جيشها، فقـتـل ستة من طاقمها واختطف اثنين) نجد أن ايـران قد كانت تعاني من الضغوط الدولية التي تقودها الولايات المتحدة ضدها فيما يختص ببرنامجها النووي، بينما نجد أن سوريا، بعد خروجها مرغمة من لبنان، قد كانت تعاني من الملاحقة والمتابعة فيما يتصل بالتحقيق بخصوص إغتيال شخصيات لبنانية معارضة للنفوذ السوري في لبنان، ثم نجد أن (حزب الله) قد كان أيضًا يعاني من الضغوط السياسية المطالبة بنزع سلاحه داخل لبنان.. وقد كانت الخطة، فيما يبدو، تقضي بأن يقوم (حزب الله) باختراق الخط الأزرق، واختطاف بعض الجنود الاسرائيلين، من داخل الأراضي الاسرائيلية، ثم يعلن أنه إنما يريد أن يحرر بهم الأسرى اللبنانيين عن طريق التبادل، فتقوم اسرائيل، ردًا على ذلك، بشن هجوم بري محدود، إلى داخل الجنوب اللبناني، فيواجهها (حزب الله) بصواريخه المضادة لدباباتها المدرعة، وصواريخه المهددة لسكان مدنها الشمالية، وأسلحته الأخرى، ومقاتليه الأشداء ذوي الكفاء القتالية العالية، وذوي الروح القتالية الشيعية (الايمانية) الباسلة، فيكبدها بذلك خسائر غير متوقعة، وغير محسوبة، وغير محتملة، فـتضطر إلى الانسحاب ثم إلى مبادلته الأسرى اللبنانيين بالأسرى من جنودها.. وبذلك تكون سوريا وايران و(حزب الله) قد اصطادوا ثلاثة عصافير بحجر واحد.. فمن ناحية تكون ايران قد قـدّمت لأمريكا نموذجـًا ـ أو قـل عـينة ـ من التدريب والتسليح الايراني والروح القتالية الشيعية، مما يمكن أن يستخدم في تهديـد أمن إسرائيل، في حال أصرت أمريكا على الضغط المتعلق بموضوع طموحها النووي، بينما تكون سوريا، من ناحية أخرى، قد صرفت الهم اللبناني عن موضوع التحقيقات والمحكمة الدولية إلى موضوع حرب الجنوب وتحرير الأسرى، بينما يكون (حزب الله)، من ناحية ثالثة، قد قـدّم (نصرًا تاريخيـًا) بإنتـزاعه الأسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية، وبذلك ينتصرُ سياسيـًا على المطالبين بنزع سلاحه، في لبنان، ويـُسكتُ أصواتهم.. ولكن هذه الخطة إنما تدل، من ناحية، على جهـل باسرائيل، وبطبيعة الصراع مع اسرائيل، كان من الممكن أن يكون جهلا مقبولا، أو معذورًا، ممن ليس له سابق علم بـ (الصراع العربي الاسرائيلي) ولا سابق تجربة مع دولة اسرائيل، ولكنه على التحقيق غير مقبول، وغير مبرر، من دول أو تنظيمات عربية أو اسلامية تمثـل طرفــًا في هذا الصراع، ولها تجارب عديدة مع دولة اسرائيل منذ أربعينيات القرن الماضي.. كما تدل تلك الخطة، من ناحية أخرى، على جهـل بنظام دولة القانون، والمؤسسات الدستورية، وسيادة حكم القانون، فالأسرى المتهمين بارتكاب جرائم تحت قوانين الدولة، أو المحكوم عليهم بعقوبات أمام محاكمها، لا يمكن قانونـًا معاملتهم كأسرى حرب وإدخالهم في عملية تبادل أسرى.. وذلك فيما يبدو شأن اثنين على الأقـل من الأسرى اللبنانيين الأربعة المطالب بهم.
    ويبدو أن تجربة (حزب الله) السابقة، في تبادل الأسرى مع اسرائيل، هي التي أوهمته بأن اسرائيل ربما ستستجيب لتلك الخطة، وتقوم بتبادل الأسرى معه، هذه المرة أيضـًا، كما تبادلتهم معه في السابق، ولكن الأمر الآن إنما يختلف عن سابقه في أمرين واضحين، لم يكن هناك مجال أو تبرير لإغـفالهما وتجاهلهما:
    الأول: أن اسرائيل قد كانت آنذاك محتلة لجنوب لبنان، ورغم أن ذلك الاحتلال قد كان مبررًا بأسباب أمنية تتعلق بمطاردة منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تـتخذ من جنوب لبنان منطلقــًا لعملياتها العسكرية ضد اسرائيل، إلا أن هذا التبرير لم يكن مقبولا لدى الرأي العام العربي واللبناني، الذي كان يعتبر اسرائيل معتدية على لبنان، ومحتلة لجزء من أرضه، وكان (حزب الله) يحاربها، ويأسر جنودها، على سبيل (المقاومة المشروعة) لذلك الاحتلال، وليس بمشروعية وهمية أخرى يستمدها من أغراضه السياسية، أو من الطموحات الايرانية، أو من المخاوف السورية، ثم هو قد كان يختطف جنودها من داخل أراضيه هو وليس من داخل أراضيها هي.
    والثاني: أن الأسرى اللبنانيين الذين كانت اسرائيل توافق على مبادلتهم بالمأسورين من جنودها، لم يكونوا متهمين بجرائم تحت قوانين دولتها، أو محكوم عليهم بعقوبات أمام محاكمها، كما هو شأن بعض الأسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية الذين يرفع (حزب الله) الآن شعار تحريرهم عن طريق المبادلة.
    لا عذر لـ (حزب الله):
    ولكل ما تقدم ذكره فإني لا أرى عذرًا لـ (حزب الله) ـ ومن خلفه سوريا وايران ـ في القول بأنه ربما لم يكن يعلم بأن ردة الفعل الاسرائيلية سوف تكون هجومـًا جويـًا واسعـًا على لبنان، وعلى الشعب اللبناني، بالصورة التي تمت بها.. يضاف إلى ذلك أنه لم يتراجع عن موقفه حتى بعد أن شرعـت إسرائيل في شن هجومها الجوي الواسع، فلم يعلن موافقـته على تسليم الأسيرين، وقد طلب إليه ذلك، وهو يرى لبنان يدمر، والمدنيين من الرجال والنساء والأطفال يضربون بالقنابل، ويموتون تحت الأنقاض، بل وأعلن على لسان أمينه العام، السيد حسن نصر الله، أنه لن يسلم الأسيرين (حتى لو جاء الكون كله) إلا عن طريق (التفاوض غير المباشر والتبادل) ـ ومعلوم أن (الكون كله) لا يجيء وإنما الشعب اللبناني يُـقـتـل، ولذا فـلو كانت للسيد نصر الله مصداقية لأوجبت عليه أن يقول (حتى لو قــُتـل الشعب كله) لا أن يقول (حتى لو جاء الكون كله) ـ ثم أعلن أن الأسيرين (لن يعودوا إلى الديار إلا بوسيلة واحدة: التفاوض غير المباشر والتبادل) ثم أعلن أن (العدو) إذا كان يحاول استرداد الأسيرين، بغير تبادل، فهو (واهم واهم واهم).. ولقد كان عدد القـتـلى من المدنيين، خلال مراحل هذا (الصمود البطولي) للسيد نصر الله، يتزايد من العشرات نحو المئات، والجرحى من المئات نحو الآلاف، والنازحين من عشرات الآلاف نحو مئات الآلاف، وحجم الدمار يزداد بوتيرة سريعة، والسيد نصر الله يواصل (صموده البطولي) في رفض تسليم الأسيرين إلا بالتبادل، بينما يخوض مقاتلوه في الجنوب معارك ضارية مع (العدو).. فهل يا ترى سوف ندهش إذا علمنا أن السيد نصر الله وافـق أخيرًا على تسليم الأسيرين دونما أي تبادل، ودونما أي مكسب آخر في المقابل؟؟!! وذلك في معنى ما وافق على قرار مجلس الأمن الأخير رقم 1701، ذلك القرار الذي لم يصل إليه لبنان إلا بجهـدٍ جهيد، جهـدٍ دبلوماسي عربي وفرنسيٍ حثيث في أروقة مجلس الأمن، وذلك بعد تعاطفٍ عربي وفرنسي حـُصل عليه بسكب الدموع ـ دموع الرئيس البناني، فؤاد السنيورة، أمام العدسات وشاشات الإعلام ـ حيث بلغ حجم الكارثة اللبنانية حوالي ألف ومائتين قتيل، من المدنيين، وثلاثة آلاف جريح، وأكثر من مليون نازح، ودمار شمل البنية التحتية، وقرى ومدن ومناطق واسعة، ومرافق عديدة، الخ الخ.. فلماذا تأخر (حزب الله) في موافقـته على تسليم الأسيرين حتى بلغ حجم الكارثة اللبنانية هذا المبلغ، طالما أنه وافـق على تسليمهما في النهاية؟؟.. الإجابة ببساطة هي أنه لم يكن قـد أضعف عسكريـًا، ولم يكن قـد تم تدمير الكثير من سلاحه، وقـتل المئات من مقاتليه، إلا حينما بلغ حجم الكارثة المدنية هذا المبلغ.. فهو لو لم يضعف عسكريـًا لما وافـق على تسليم الأسيرين مهما بلغ حجم الكارثة.. ذلك لأن كارثة الشعب المدنية لا تعـنيه بقدرما تهمه كارثـته هو (العسكرية).
    محاولة التهرب من المسئولية:
    ولعل من أبرز ما يدل على أن هذا الحزب لا يهتم بكوارث الشعب المدنية بقدرما يهتم بخسائره هو العسكرية، أن السيد نصر الله، في خطابه الذي أذيع، على ما أذكر، بتاريخ 20/7/2006، أعلن أن الحزب قد علم مؤخرًا أن اسرائيل، بتأييد ودعم أمريكي، قد كانت تخطط لشن هجوم جوي كاسح، على مراكز قيادة الحزب، ومواقع أسلحته، في أواخر أغسطس أو في أوائل سبتمبر، حيث تكون قد أكملت المعلومات الاستخباراتية عن تلك المراكز والمواقع، وحيث تشن هجومها فجاءة، وعلى حين غـرة من الحزب.. ثم ذكر أن الحزب لا يدعي أنه كان يملك هذه المعلومات عندما قام باختراق الخط الأزرق واختطاف الجنديين، مما يعني أن الأحداث قد جرت في صالحه دون أن يتعمد ذلك، فلو لم يقم باختراق الخط الأزرق واختطاف الجنديين لما شنت اسرائيل هجومها الجوي إلا حينما تستكتمل معلوماتها الاستخباراتية حول مراكز قيادته ومواقع أسلحته، ولشنته على حين غرة منه.. ولقد أراد السيد نصر الله، بهذا الحديث، أن يشير إلى أمرين هما:
    الأول: أن (العناية الإلهية التي ترعى الحزب) هي التي جعلته يهاجم اسرائيل قبل الموعـد المحدد لشن (هجومها الجوي المقرر مسبقــًا) مما حدا بها إلى شن هجومها قبل موعـده، كرد فعـل فوري على هجومه، وبذلك جاء هجومها بغير معلومات من جانبها، وعلى حين يقظة من جانبه.
    والثاني: أن الحزب بمهاجمته اسرائيل لا يعتبر مسئولا عن تدمير لبنان طالما أن الهجوم الاسرائيلي على لبنان كان سيحدث في كل الأحوال.
    وبهذا الحديث يظن السيد نصر الله أنه قد حصل، ببساطة شديدة، على مكسبين عظيمين هما: (إعـفاء الحزب من مسئوليته، وإثبات الرعاية الإلهية له).. ولكن فات على السيد نصر الله، في غمرة فرحه بهذين (المكسبين) أنه، بحديثه هذا، قد قدم دليلا واضحـًا على أنه لا يهتم بكوارث الشعب المدنية بقدرما يهتم بخسائر الحزب (العسكرية).. ذلك لأن هذا (الهجوم الاسرائيلي المخطط له مسبقــًا) كان سيقع، بحسب زعمه، على مراكز قيادة الحزب ومواقع أسلحته، بينما وقع الهجوم الجوي الحالي على الشعب، رجالا وأطفالا ونساءً وشيوخـًا، وعلى الوطن، مباني ومنشآت وبنىً تحتية ومرافق.. أي أن هذه (الرعاية الإلهية) المزعومة قد جعلت من الشعب والوطن فـداءً لقيادة الحزب وسلاحه، والسيد نصر الله سعيد بهذه (العناية الإلهية) المزعـومة، التي تفـدي قيادة الحزب وسلاحه بالشعب وبالوطن.. والواقع أن هذه الحرب قـد دلت، بصورة تدركها العقول غير المنحازة، على أن اسرائيل لم تكن تخطط لأي هجوم على لبنان، ولا على (حزب الله)، ولم تستعد لذلك.. ثم هي أصلا لم تكن لتفعل ذلك بغير ذريعة على كل حال.
    عـقـلية (حزب الله) وضرب المدنيين:
    رغـم قيام اسرائيل، في هذه الحرب، بضرب المدنيين اللبنانيين، بصورة واسعة ومأساوية وكارثية، إلا أنها لا تعترف بتعمد ضربهم، وإنما تحاول تفسير واقعة ضربهم بالقول بأن (حزب الله) إنما يخفي أسلحته بينهم، وأنها إنما تحاول تفادي ضربهم ولكنها لا تستطيع، وما إلى ذلك من حجج ومن تبريرات.. الخلاصة هنا أنها لا تعترف بتعمد ضرب المدنيين، على كل حال.. وأما (حزب الله) فإنه لا يخفي ولا ينكر تعمده ضرب المدنيين الاسرائيليين، بصواريخ الكاتيوشا، في المدن الواقعة شمال اسرائيل.. وحجته الوحيدة أنه إنما يضرب المدنيين الاسرائيليين، لأن اسرائيل تضرب المدنيين اللبنانيين، وذلك استنادًا على فهم خاطيء لقاعـدة القصاص (العين بالعين والسن بالسن).. وهذا الفهم الخاطيء لقاعدة القصاص يظهر أيضًا في قول الأمين العام لـ (حزب الله) السيد حسن نصرالله، حيث قال: (إذا ضربتم عاصمتنا بيروت، سوف نضرب عاصمة كيانكم الغاصب تل أبيب) فهو يفكر دائمـًا بعقـلية هذا الفهم الخاطيء لقاعـدة القصاص.. وخطورة هذا الفهم الخاطيء أنه إنما يجعل الحرب التي يشنها (حزب الله) ضد اسرائيل حربـًا عنصرية أو تطهيرًا عرقـيـًا يستهدف قـتـل الاسرائيليين، لمجرد أنهم اسرائيليين، ويبرر ضرب المدنيين الأبرياء بسبب عنصرهم الاسرائيلي.. ورغم أن كلا اسرائيل و(حزب الله) إنما هما (مجرما حرب) لأنهما إنما يضربان المدنييـن، إلا أن الفرق بين عـقـلية حكومة اسرائيل المتحضرة وعقـلية قيادة (حزب الله) المتخلفة، أن الأولى إنما تنكر الجريمة حيث تنكر تعمدها ضرب المدنيين اللبنانيين، بينما تعترف الثانية بالجريمة حيث تعترف بتعمدها ضرب المدنيين الاسرائيليين، دونما ذنب جنوه سوى أنهم اسرائيليون.. ثم أن هذه الجريمة (تعمد ضرب المدنيين) وهذه العقـلية المتخلفة (الاعتراف بتعمد ضرب المدنين) إنما تمتدان وتشملان الذين يقـفون وراء (حزب الله) ويدعمونه، كحكومتي سوريا وايران.
    لا مكان لدولة داخل دولة:
    وختامـًا لعـل من الغني عن البيان أن مجرد وجود حزب مسلح داخل الدولة، ومستقل في أمر سلاحه عن الدولة، وعن جيش الدولة، هو أمر يتعارض مع مبدأ (الدولة) حتى في مفهومها القديم، ناهيك عن الدولة الحديثة ـ دولة الدستور والمؤسسات الدستورية ـ كما يتعارض مع مبدأ (سيادة حكم القانون) وسيادة الدولة، لأن من يحمل السلاح، بصورة مستقـلة عن الدولة، يستطيع أن يضع نفسه فوق القانون، فيفعـل ما يشاء، دون أن يخضع للمساءلة القانونية.. ومن الغني عن البيان أيضًا أن وجود حزب مسلح، بهذه الصورة، إنما يتناقض أيضًا مع الديمقراطية، ثم هو يؤثر سلبـًا على علاقات الدولة بجيرانها، ولذلك فهو إنما يضر بالشعب وبالدولة، في الشئون الداخلية وفي العلاقات الخارجية.. ولكل ما تقدم ذكره فإن مطالبة (حزب الله) بتسليم سلاحه للدولة اللبنانية، والبقاء فقط كحزب سياسي غير مسلح، هو أمر يجب أن تطالب به وتصر عليه، في لبنان، كافة القوى السياسية والاجتماعية والثـقافية والقضائية، ومنظمات المجتمع المدني، بمختلف ألوان الطيف اللبناني، وألا تـقعـد عنه حتى يتم، وألا تخدع أو تضلل بشعارات مثل: (المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني) وما إلى ذلك، فإن أية (مقاومة مسلحة) أو (دفاع مسلح) غير خاضع لسلطة الدولة اللبنانية، أو مستقـل عن الجيش الرسمي اللبناني، إنما هو في الحقيقة (هجوم مسلح) على لبنان، وليس (دفاعـًا مسلحـًا) عنه.. أو قـل هو (عمل مسلح) يتم لصالح دول أخرى، كسوريا وايران، بينما يدفع ثمنه لبنان.
    لقد آن للعقـل اللبناني الواسع الرحب، المتصالح مع التعدد الديني والطائفي والمذهبي والفكري والسياسي، أن يتحرر من سيطرة العاطفتين الفجتيـن الضيقـتين، عاطفة التحيـز الديني العقيدي (حكومة ايران) وعاطفة التحيـز القومي العنصري (حكومة سوريا) اللتان تريدان أن تحصراه في مشاعر العـداء لاسرائيل، وتستـقطباه لهذا العـداء، من غير طائـل يجنيه سوى المآسي والخراب والدمار.
    عبد الله الأمين محمد ، المحامي
    Email: [email protected]

    (عدل بواسطة abu-eegan on 08-17-2006, 11:17 AM)
    (عدل بواسطة abu-eegan on 08-17-2006, 11:22 AM)

                  

08-19-2006, 06:17 PM

abu-eegan

تاريخ التسجيل: 02-20-2003
مجموع المشاركات: 124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أما آن للعقـل اللبنـاني الواسع أن يتحرر من عاطفـتي التحيـز الديني والعنصري الضيقـتين ؟؟ (Re: abu-eegan)

    UP
                  

08-20-2006, 02:14 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أما آن للعقـل اللبنـاني الواسع أن يتحرر من عاطفـتي التحيـز الديني والعنصري الضيقـتين ؟؟ (Re: abu-eegan)

    سلام عبد الله الامين مقال رصين شكرا لك
                  

08-21-2006, 05:47 AM

عوض الله الفولانى
<aعوض الله الفولانى
تاريخ التسجيل: 09-04-2003
مجموع المشاركات: 850

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أما آن للعقـل اللبنـاني الواسع أن يتحرر من عاطفـتي التحيـز الديني والعنصري الضيقـتين ؟؟ (Re: Sabri Elshareef)

    وصف علي أكبر محتشمي بور، الذي يشغل منصب "الأمين العام للمؤتمر الدولي للقدس ودعم الشعب الفلسطيني"، والذي كان من بين مؤسسي "حزب الله" وسفير ايران سابقا في سوريا، في مقابلة صحفية أجريت معه القدرات التي يمتلكها "حزب الله". وفي المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "الشرق" الاصلاحية (3 آب)، اعترف (على غير المألوف) أن ايران زودت "حزب الله" بصواريخ بعيدة المدى من طراز ("زلزال 2")، وأن "حزب الله"، الذي يزعم أنه مستقل، لن يتردد في استعمالها.
    وفقا لأقوال علي محتشمي، فإن "حزب الله" يمتلك صواريخ "زلزال 2" التي يصل مداها الى 250 كم والقادرة على الوصول الى أي مكان في "فلسطين المحتلة"، وأنه ربما تمتلك بعض الدول مثل هذا السلاح غير أنها لا تملك الجرأة على استعماله. وفي هذا السياق، قال محتشمي ان "حزب الله" يملك المعرفة المطلوبة لاستعمال هذا السلاح ويملك أيضا الجرأة على استعماله، حيث امتلك "حزب الله" جزءا من المعرفة والتأهيل في عدد من جبهات القتال في ايران.

    الفولانى
                  

08-21-2006, 08:55 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أما آن للعقـل اللبنـاني الواسع أن يتحرر من عاطفـتي التحيـز الديني والعنصري الضيقـتين ؟؟ (Re: abu-eegan)

    ****
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de