ما أقسى أن تكون عاجزاً، ما أسهل أن تكون قوياً !!!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-15-2024, 06:07 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-04-2006, 03:27 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ما أقسى أن تكون عاجزاً، ما أسهل أن تكون قوياً !!!!


    ما أقسى أن تكون عاجزاً، ما أسهل أن تكون قوياً
    تشيخوف مرة رابعة

    محمد سليمان – الدوحة
    [email protected]

    كتب مكسيم جوركي عن تشيخوف، في قطعة أدبية رائعة سأعود لها في مقال آخر، قائلاً "وفي كل قصة قصيرة من قصص أنطون بافلوفتش الساخرة أسمع آهة خافتة عميقة من قلب نقي، إنساني حقاً، آهة إشفاق يائسة على الناس الذين لا يعرفون كيف يحترمون كرامتهم الإنسانية، ويعيشون كالعبيد مستسلمين دون مقاومة للقوة الغاشمة، ولا يؤمنون بأي شيء، اللهم إلا بضرورة أن يتناولوا كل يوم حساء أكثر دسامة بقدر المستطاع، ولا يحسون بشيء، اللهم إلا بالخوف من أن يضربهم شخص ما قوي ووقح". وليس أفضل و لا أوضح شاهداً على ذلك من قصة "المغفلة" التي تمثل لحظة خاطفة يلتقط تشيخوف فيها بكثافة مذهلة جدل القوة الغاشمة والضعف الذي يثير الرثاء، في مشهد قصير يمتزج فيه العرق بالدموع والدم والغبار، ويتجرد فيه الجناة من خصائص آدميتهم، بقدر ما يجردون الضحايا من حقوق إنسانيتهم.

    في "المغفلة" يستدعى هذا السيد الثري مربية أطفاله إلى مكتبه ليدفع لها حسابها، ويبتدر الحديث قائلاً "إجلسي يا يوليا، أنت في الغالب في حاجة للنقود، ولكنك خجولة لدرجة أنك لن تطلبيها، لقد اتفقنا أن أدفع لك ثلاثين روبلاً في الشهر .."، وهنا تقاطعه يوليا "أربعين"، فيستمر السيد "كلا، ثلاثين، هذا مسجل عندي، وقد عملت عندنا شهرين .." فتتدخل يوليا مرة أخرى لتصحيحه "وخمسة أيام"، فيواصل السيد "شهرين بالضبط، هكذا مسجل عندي، إذن تستحقين ستين روبلاً، تخصم منها تسعة أيام أحد، ثم ثلاثة أيام أعياد .." فيتضرج وجه يوليا غير أنها لا تنبس بكلمة. يواصل السيد حساباته غير عابئ بالمربية المسكينة "إذن المجموع إثنا عشر روبلا، وكان كوليا مريضاً أربعة أيام، وثلاثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فأعفيناك من التدريس، إذن تخصم تسعة عشر روبلاً، الباقي واحد وأربعين، مضبوط؟" فتحمر عينا يوليا، وتمتلئا بالدموع، ويرتعش ذقنها، وتسعل، ولكن لا تنبس بكلمة، فيستمر السيد في قصقصة مرتبها "قبل رأس السنة كسرت فنجاناً، وبسبب تقصيرك مزق كوليا سترته، وكذلك سرقت الخادمة حذاء فاريا، وفي 10 يناير أخذت مني عشرة روبلات" ويستمر السيد في ذبح مرتب يوليا، وهي تزداد استسلاماً مع كل استقطاع، إلى أن بدأت في التبرع لمساعدة السيد في مهمته، قائلة "أخذت مرة واحدة ثلاثة روبلات من حرمكم، لم آخذ غيرها" فيرد السيد مندهشاً "حقاً؟ أنا لم أسجل ذلك، نخصم ثلاثة روبلات من أربعة عشر، الباقي أحد عشر، هذه نقودك يا عزيزتي .. ثلاثة .. ثلاثة .. ثلاثة .. واحد .. واحد."

    يمد السيد أحد عشر روبلاً ليوليا، فتأخذها بأصابع مرتعشة وتضعها في جيبها وتهمس قائلة " شكراً" فيصيح السيد وقد طار صوابه "ولكن، يا للشيطان، لقد نهبتك، سلبتك، لقد سرقت منك، فكيف تقولين شكراً؟!!" فترد يوليا ببساطة شديدة "في أماكن أخرى لم يعطوني شيئاً.." فيصيح السيد مرة أخرى "لقد كنت أمزح معك، لقد لقنتك درساً قاسياً، سأعطيك نقودك، الثمانين روبلاً كلها، هاهي في المظروف. هل يمكن أن تكوني عاجزة إلى هذا الحد؟ لماذا لا تحتجين؟ لماذا تسكتين؟ هل يمكن أن تكوني مغفلة إلى هذه الدرجة؟" فتبتسم يوليا بعجز وملامح وجهها تقول "يمكن". يسلمها السيد نقودها كاملة، فتشكره بخجل، وتخرج، بينما راح السيد يفكر "ما أسهل أن تكون قوياً في هذه الدنيا!".

    في منتصف القرن السادس عشر كتب المفكر الشاب الفرنسي لابواسييه رسالة بعنوان "العبودية المختارة"، تصدى فيها لآليات الاستبداد وظاهرة استسلام الجماهير لطغيان أفراد "لا هم بهرقل ولا شمشون". وتساءل لابواسييه بمرارة، مستنكفاً الخنوع والذل، قائلاً "أي تعس هذا؟ أي رذيلة؟ أو بالأحرى أي رذيلة تعسة؟ أن ترى عدداً لا حصر له من الناس، لا أقول يطيعون بل يخدمون، ولا أقول يحكمون بل أقول يستبد بهم، لا ملك لهم ولا أهل ولا نساء ولا أطفال، بل حياتهم نفسها ليست لهم، يحتملون السلب والنهب وضروب القسوة ..". شرح لابواسييه أسباب خنوع الجماهير للطغاة، ووصف أنواع المستبدين، واتفاقنا أو اختلافنا معه في ذلك غير مهم بقدر أهمية قراءة ما كتبه في إطاره التاريخي، أي كيف أن كاتباً في القرن السادس عشر، قبل خمس قرون وفي وقت كان فيه الاستبداد ينوخ بكلكله الثقيل على رقاب البشر، استفظع خنوع وانكسار واستسلام الجموع الهائلة، بل وتمجيدها وتبجيلها لطغاة صغار لا يسوون شيئاً، بمثل تلك اللغة الجارحة، وهو ما أصبحنا نمر عليه مرور الكرام ونحن في القرن الحادي والعشرين، وكأنما عنانا أبو الطيب بقوله "وقد تعيش النفوس في الضيم حتى
    لترى الضيم أنها لا تضام"

    لا مناص لمن يتابع بخياله محاولات يوليا الخجولة للاحتجاج في البداية، ثم صمتها، فتراجعها، فتضرج وجهها، فاحمرار عينيها ثم امتلاؤهما بالدموع، فسعالها، ثم ارتعاش أصابعها وهي تمد أيديها مستجدية ما تكرم به عليها السيد من حقها ثم شكرها الهامس له على عطيته، من أن تستدعي ذاكرته صور الملايين من أمثال يوليا، نساءً ورجالاً، يدفعون الضريبة إثر الضريبة، والرسم تلو الرسم، والجباية بعد الجباية، تخطف اللقمة من أفواههم ثم يحرمون من العلاج، ويطرد أبناءهم من المدارس، يجبرون على الاستدانة والسلم ثم يلقى بهم في أقبية السجون. هل تمكنت الإنقاذ حقاً من تغريب المواطن من حقوقه كافة حتى أصبح عاجزاً عن رد قضائها، مكتفياً بسؤالها اللطف فيه، وقانعاً بعطاياها وهوامشها التي تتعطف بها حينما تشاء؟ وحينما تشكر يوليا السيد على ما تفضل به عليها من مرتبها "لأنهم في أماكن أخرى لم يعطوها شيئاً"، هل علينا أن نشكر الإنقاذ على الهواء الملوث الذي نتنفسه كل صباح، وعلى كوننا مازلنا على قيد الحياة؟

    المسألة بالطبع ليست على ذلك النحو، ولا يمكن أن نوجه اتهاماً لشعبنا أو لشعب آخر بالجبن أو الانكسار أو قبول الهزيمة بصورة مطلقة. هناك عوامل كثيرة يمكن أن تؤدي بقطاعات واسعة من الجماهير لقبول الطغيان والاستعباد والاستغلال لفترات تطول أو تقصر. هناك آلة الدولة القاهرة التي تستخدمها الطبقات المسيطرة لإخضاع الناس، هناك ماكينات الدعاية المدوية التي تستخدم لتغييب وتزييف الوعي، وهناك الجهل والفاقة والمرض، بل وسوء التغذية، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن افتقاد أنواع معينة من البروتينات في غذاء الأطفال يؤثر تأثيراً لا يمكن تعويضه مستقبلاً على نمو قدراتهم العقلية، ولكن يظل واحداً من أهم أسباب الانكسار والهزيمة الداخلية هو غياب القدوة وفقدان المثل الأعلى. وكما ذكر أحد علماء النفس فإن "لكل حاسة مثيراتها، فالفوتونات تحرض حاسة البصر، والذبذبات الصوتية تثير حاسة السمع، والجزيئات الكيمائية تحرض حاسة الشم، ولكن ما يحرض حاسة الإرادة هو المثل الأعلى." والمثل الأعلى هو القيادة، والإلهام الذي توفره القيادة، أشخاصاً ورؤية وسلوكاً وصلابة وصمودا. وبعد ألا يحق لمن يقرأ قصة "الإنقاذ" أن يسأل أولئك القادة، لماذا أنتم عاجزون إلى هذا الحد؟ لماذا لا تحتجون؟ لماذا تسكتون؟ هل يمكن أن تكونوا مغفلين إلى هذه الدرجة؟
                  

08-05-2006, 12:01 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما أقسى أن تكون عاجزاً، ما أسهل أن تكون قوياً !!!! (Re: Amjad ibrahim)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de