|
الرهان على الفوضى
|
الرهان على الفوضى حامد جربو / السعودية - [email protected]
لم تبق في جعبة المؤتمر الوطني ما يهدد بها الأمم المتحدة غير الرهان على الفوضى (عليّ وعلى أعدائي ) إذا أصرت الأمم المتحدة على نشر القوات الدولية في دارفور دون موافقته التحليل السياسي للوضع الراهن في السودان, من وجهة نظر الحكومة وشركائها, أن الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة (القوة العظمى) لا تستطيع أو لا ترى من المناسب مهاجمة النظام الهش في السودان على أقل في الوقت الراهن لأسباب عديدة ولحسابات سياسية معقدة مرتبطة بالأمن الإقليمي وبمصالح الكبار في المنطقة . الولايات المتحدة لا تريد قطع الطريق لشريك النظام (الحركة الشعبية ) التي تقاسم السلطة والثروة مع المؤتمر الوطني حسب اتفاقية (نيفاشا ) الموقع بينهما قبل عامين في كينيا , التي اشرف عليها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون , ومن المتوقع أن تقرر مصير الجنوب بعد ست سنوات من التعايش, إذا فشل الطرفان من جمع قطبي مغنطيس الوحدة الجاذبة للشعبين . إثارة الفوضى في بلد مثل السودان (القارة ) باٍمتداده الجغرافي والتاريخي وتأثيره الثقافي والسياسي في المنطقة وانتشاره الاثني والقبلي وتداخله الاقتصادي والاجتماعي مع دول الجوار الأفريقي السبع قد ينعكس آثاره سلباَ على الأمن واستقرار السياسي في المنطقة برمتها ., غياب السلطة المركزية ولو كانت رمزية في دولة مثل السودان , متعددة الثقافات والديانات والأعراق قد تكون نتائجه وخيمة ربما تؤدي إلى كارثة لا يمكن تصورها , ومن الصعوبة بالأمر تكوين نواة لنظام سياسي يجمع كل هذه الأثنيات والجماعات المتباينة المتحاربة في سلطة مركزية واحدة في المستقبل القريب ,- الصومال وأفغانستان مثالاَ- الهامش الذي يقاتل المركز المتمثل في النظام أو الحركات السياسية الهامشية (الأطراف ) التي تتبنى مشروع السودان الجديد –سودان العدالة والمساواة والإخاء, ليسوا على قلب رجل واحد , ولم يتفقوا بعد على رؤى سياسية منسقة لإدارة البلاد في حالة سقوط النظام كما حدث في إبريل من عام 1985م , بمعنى كل فصيل فصل قميصه على شكله وحجمه . أما الأحزاب السياسية التقليدية , التي خلفت أو استخلفت الأنظمة الشمولية العسكرتارية في السودان في النصف الأخير من القرن الماضي , مثل الأمة والاتحادي والشيوعي , تعاني التشظي والتفتت والشيخوخة , والبعض وصلت مرحلة ( الزهايمر ) فقدان الذاكرة بالتاريخ والمكان , لا تستطيع قيادة البلاد بمعطيات العصر بأي حال ولو ادعت ذلك ,. القوى السياسية الشابة التي تطل برأسها من وقت لآخر بأسماء سياسية براقة هي الأخرى, مثل نسيم الصباح العليل, ما أن تشرق الشمس وتضحى ينقشع ويذهب مع الريح ولم يترك اثراَ, . تجربة كرازي في أفغانستان كانت مرة ومهمة صعبة ومثلها العراق , التجارب أثبتت أن القضاء على الأنظمة الشمولية بقوة عسكرية خارجية , وتكوين نواة لنظام آخر يرضي الجميع ليست بمهمة سهلة ,. أفغانستان ذات العرقيات الأربع البشتون والأزوبك والطاجيك والهستون ,فشلت حتى الآن من أن تكون دولة ذات سيادة مركزية مستقلة , ما بالك بالسودان ذات العرقيات المتعددة والأثنيات والمتباينة والديانات المختلفة والقبليات المتحاربة في مساحة مليون ميل مربع يجاور عشر دول إفريقية وعربية , كل هذه تداعيات تجعل مهمة الأمم المتحدة في دارفور قيد الدراسة وتمحيص من قبل المراقبين الدوليين إلى أجل غير مسمى ,إلى أن تصفو الأجواء وتتضح الرؤية , يستخدم كل طرف آلياته لاٍقناع الطرف الأخر بضرورة مسعاه من أجل السلام والاستقرار في المنطقة , حتى ذلك الحين تتبادل الأمم المتحدة والحكومة سياسة ( لثمة في الخد وركلة في العجز) حتى يستجيب النظام لقرارات الأمم المتحدة من دون شروط . حامد جربو / السعودية [email protected]
مقال منقول من سودان جيم http://www.sudanjem.com
|
|
|
|
|
|