|
أبشري يا إنقاذ بحكم السودان خمسين عاماً قادمة!!
|
عندما تمكنت مجموعة ما يعرف بالانقاذ من الانقلاب على الحكومة المنتخبة في 30 يونيو وما تلا ذلك من احداث واعتقالات كيدية وصورية لتجميل صورة الانقلابيين وإلى أن بدأ الأسلاماويون يتسللون إلى السلطة ويتمكنون من مفاصل الدولة كان أكثر المتشائمون من المعارضين يمنحهم مدة سنة في الحكم ، وكان بالإمكان أن يكون هذا التوقع ممكن لولا الحسابات الخاطئة لمعارضي الإنقاذ وهروب كوادر الصف الأول والثاني من الاحزاب للخارج خوفاً من الإعتقال والتعذيب وما شابهه فهناك بعض الأحزاب غادرت البلاد بكامل مكاتبها السياسية في العام الأول للإنقلاب فكان أن خلا الجو للإسلامايويين من تصفية صغار الكوادر من الأحزاب من الوظائف المدنية والعسكرية وتفاجأ هؤلاء الصغار بأن ظهورهم التي يستندون عليها قد غادرت البلاد بحثا عن فندق أو شقة آمنه لإدارة العمل المعارض من الخارج وقد تفرقت كوادر الصف الأول من أحزاب الامة والاتحادي والشيوعي وبقية الاحزاب بين القاهرة واسمرا وأوربا وليبيا وبقية دول العالم فكانت معارضة الكيمان التي منحت الإسلامايويين مزيداً من الوقت لتجنيد كوادرهم وتمكينهم والزج بهم في جميع المواقع وملأ الثغور فكانت جميع المواقع الحساسة في الخدمة المدنية والعسكرية ومؤسسات التعليم العالي حكر لكوادر الجبهة وقليل من المايويين وتمكنوا من مفاصل الدولة وفعلوا بها ما يخجل أن يفعله الحلاق في رأس يتيم الأم والأب . إنتبه معارضي الكيمان وأسسوا كيان سمي بالتجمع الوطني الديمقراطي المعارض والذي أصبح لاحقا (لتفرق الغير ديمقراطي الغير وطني المساند) فكانت معارضة مختلفة الأجندة والايدلوجيات والأهداف والبرامج وقد ولد هذا الجنين مشوهاً فكان حزب الأمة يرى أنه الاحق بقيادة التجمع المعارض بحكم أغلبيته الميكانيكية ووضعه في الحكومة المعتدى عليها وكان الاتحاديون يرون أنهم هم أحق بقيادة التجمع بحكم وجود زعيمهم في الخارج وبحكم علاقتهم بمصر الدولة المضيفة (وربما صاحبة الفكرة) وكانت الحركة بقيادة جون قرنق ترى أنها هي الاحق بذلك بحكم حجمها العسكري والميداني وخبرتها الطويلة وأخيرا قبل حزب الأمه على مضض بمنصب الأمين العام للتجمع المذكور أعلاه أخيرا ووافقت الحركة على اختيار محمد عثمان الميرغني ولا أظن أن الحركة كانت سترضى بهذا المنصب لشخص غيره. على العموم فكان كما ذكرنا سابقا كان اسمه التجمع ظاهرياً ولكن في الحقيقة هو تفرق فلم يجد هذا التجمع دعماً لا دولياً ولا اقليمياً ولا حتى داخلياً ، داخلياً لأن كل الكوادر التي يمكن أن تنظم العمل المعارض بقوة غادرت البلاد لتعارض من الخارج وتركوا الجمل بما حمل للانقاذيين واصبح اقطاب التجمع يجتمعون ويسهرون في الشقق المفروشة وفنادق القاهرة واسمرا للعب الضمنه والكشتينه ويتفقون على أنهم لا يتفقون فقط يخرج كل واحد منهم بتصريح يجب أن يذهب هذا النظام ويجتث من جذوره بدون فعل حتى خرج حزب الأمة من التجمع وتحالف أمين عام التجمع الذي نتحدث عنه مع النظام وزاده تلميعا وأسس حزباً من 25 عضوا ومنح مساعد للرئيس وما تلاه من اختلاف وانشقاق كان عونا للحكومة وسندا لها ومكياجا جديدا لوجهها وتلا ذلك اتفاقية نيفاشا بين الحركة والحكومة والتي منحت الاسلامايويين عمرا جديدا لمدة ستة سنوات ودعما دولياً ودخلت الحركة في الحكم وفقدت زعيمها التاريخي والروحي فأصبحت الحركة الآن كالطاؤوس الذي يريد أن يتبختر بعد أن تم نتف كامل ريشه وقطع ذيله وتلاها ما تبقى من (التفرق الديمقراطي المساند) في اتفاقية أقل من عطية المزين بكثير وكانوا ايضا مكياجاً جديداً لوجه الإنقاذ. حركات التمرد في دارفور التي لا أعرف كم عددها الآن رغم أني من هذه المنطقة تكونت في ظروف مواتيه ووجدت دعماً دولياً منقطع النظير من كل النواحي إلا أنها فشلت تماماً في تقديم شيئاً يذكر لأهل دارفور فكان رهانها على الإستقطاب القبلي وقابلته الحكومة أيضا بنفس الرهان من بعض أبناء القبائل فكان هذا القتال الذي أفرز هذه المأساة الإنسانية والدمار لأهل دارفور وبعدها أضافت الحركات المسلحة إلى رهانها المجتمع الدولي الذي فرض عليها إتفاقية جوفاء وعطايا ومنح صورية لا تستحق أن يقتل من أجلها(صرصور) ناهيك عن هذا الدمار والقتل والهلاك والعوز الذي أصاب أهل دارفور وأضافت هذه الاتفاقية مكياجاً جديدا لوجه الحكومة واطالت عمرها وأكسبتها تعاطفا دولياً واشادة من الكثير من الدول وأصبحت هذه الاتفاقية كرت (أتو) جديد في يد الحكومة ، بالرغم من خواء هذه الاتفاقية من المضمون المادي والسياسي - .
بقى أن نقول نعيب حكومتنا والعيب فينا وما لحكومتنا عيب سوانا (والعيب فينا أقصد بها العيب في المعارضين للنظام بما فيهم شخصي الضعيف). وإذا كانت هذه هي نماذجنا في المعارضة المدنية والمسلحة فأبشروا يا أهل المؤتمر الوطني بحكم السودان لخمسين عاماً جديدة.
|
|
|
|
|
|