حديث المدينة يا عزيزي.. كلنا جنجويد..!! عثمان ميرغني
*جنجويد من المحليات يطوفون على التجار.. يطالبونهم بدفع رسوم وجبايات لا يهم اسمها، فهي جباية والسلام. تتلون كل يوم باسم جديد.. يدفع من يدفع عن يد وهو صاغر، أو يغلقون المحل بأقفال يحملونها معهم.. أو يصادرون منه (الميزان) حتى يتوقف عمله.. أو يأخذون معهم جوال سكر، أو أي بضاعة مهمة في المحل حتى يدفع.. والمواطن المسكين يدفع بكل ذلة، ثم عليه بعد ذلك أن يباشر إجراءات إدارية شاقة لاسترداد الرهائن التي احتجزها الجنجويد.. *تلميذ يذهب إلى المدرسة فتطالبه الإدارة بمبلغ من المال.. لا تهم صفة المطالبة، فأسهل عمل أن تخترع الأسماء.. الخيار أمامه بين الشارع المجهول.. لينضم إلى جموع الفاقد التربوي.. أو الموت حسرة على فقره.. ومريض يذهب إلى قسم الحوادث في المستشفى فيجد أن المسافة بين الموت والحياة بقدر جيبه.. الحياة لمن يملك ثمنها نقداً.. خريجون أنفقت عليهم أسرهم كل ما تملك.. يتسكعون أمام لجان الاختيار والمعاينات وصفوف الانتظار والملل.. بينما آخرون مثلهم، لكن أكثر منهم حظا، تخرجوا بعدهم فوجدوا الطريق مفروشا بالبساط الأحمر نحو الوظيفة السهلة.. وظيفة يتسلقها من يحصل عليها بعد ذلك في لمح البصر، ويصعد بالأسانسير الى قمتها.. *كل هذه الفواجع سببها واحد: غياب القانون.. الكبار ركلوا القانون بأحذيتهم.. والصغار على سنتهم يركلونهم بأحذية أقدم وأبلى وأقل قدراً.. موظف المحلية الذي يخرق القانون ويهدر حقوق المواطنة لرعيته يفعل ذلك بقلب ثابت.. لأنه موقن أن الأكبر منه قدرا ووظيفة يخرق القانون على قدر جاهه ووظيفته.. *إذا أردنا العلاج سنضيع الوقت في مطاردة المشاكل.. فهي كثيرة ومملة، ووراء كل مواطن فقير مشكلة عظيمة.. العلاج أن نبدأ بالمصنع الذي يلد كل هذه المشاكل.. ماكينة الإنتاج التي ترزقنا بكل هذه الكوارث.. فنعدلها ونقومها.. عندها سيتغير كل شيء.. إذا انصاع الكبار للقانون فإن الصغار يتبعونهم بلا تردد.. *كل الكبار ألفوا اللعب على حبال السيرك.. لهم في كل مأزق ألف باب للنجاة والهرب.. ولا خيار أمامنا إلا أن نضعهم أمام أمر واقع لا لبس فيه ولا مهرب منه.. أن نبدأ معهم من القانون الذي صنعوه، ونطالبهم على رؤوس الأشهاد أن يثبتوا ويبرهنوا أنهم جادون في الانصياع إليه.. إذا فعلوا ذلك اليوم.. غدا سيرتدع جباة المحليات.. غدا لن يستطيع صاحب نفوذ أن يضرب طبيبا في المستشفى.. *لا بد من أن نغير الواقع بأيدينا.. وبكل ذكاء.. أن نخاطب المشكلة بصورة مباشرة.. فنطلب من الأحزاب أن تلتزم بالقانون لأنها صانعة القرار السياسي.. فلنبدأ بكبيرها الذي بيده السلطة والمال.. الذي بيده القلم الذي كتب القانون نفسه.. حزب المؤتمر الوطني.. فنطالبه بأن يلتزم بالقانون.. قانون الأحزاب يقطع بأن أموال الحزب هي ملك عام لشعب السودان.. وأنه لا بد من تقديم إقرار سنوي بتفاصيل هذا المال وكشفه للرأي العام ومراجعته.. من هنا نبدأ.. إما قانون الناس سواسية أمامه.. أو غابة يفترس فيها موظف المحلية التاجر الصغير.. ويترك الكبير.. غابة يعيش فيها القوي بقدر قوته.. وتدوس الأحذية الغليظة على الصغير.. بقدر ضعفه وقلة حيلته.. لنغير الواقع بأنفسنا ونسير في طريق طويل للخلاص الوطني.. تجتمع كلمتنا على فرض إرادتنا.. *والله العظيم هذا الشعب مظلوم مرتين: الأولى لأنه مظلوم، والثانية لأنه لا يستحق مثل هذا الظلم.. من شيم شعبنا التي ينساها كثيرون.. أنه من فرط جذوة شهامته يصفق حتى للمخطيء إذا اعترف بأنه أخطا وتراجع عن خطئه (اتبع السيئة الحسنة تمحها)!!.
الا يزال هذا الرجل يدعو لمنبره من خلال عموده وذلك بعدم الحديث عن قضايا الوطن كالحرب في دارفور ومشاكل الشرق وخلافات الحركة والحكومة وانما الحديث عن قضايامطلبية ونزع التسيس عنها علي وزن( نزع الدسم) كما قال الاستاذ مجدي الجزولي:
Quote: القضايا المطلبية وليس نزع تسييسها كما هو نهج أهل المنبر برغم شعارهم المرفوع "أحرار لا وصاية ولا احتكار". بجانب هذه القرينة يتردد في الخرطوم حديث عن صلة للسيد النائب الثاني لرئيس الجمهورية بقيادة المنبر، وعن شرايين تمويل ترتبط بجهاز الأمنسمحت للمنبر أن يقفز بالزانة في هذا التوقيت بالذات لحصار السخط الشعبي على النظام في دائرة المطالب الخدمية اليومية وقضايا الفساددون التطاول على شرعية الحكم. خاصة وقد أبرزت الليالي السياسية التي عقدتها الأحزاب المعارضة افتقار الحكومة لأي سند شعبي يعتد به حيث تجاوبت الجماهير بشغف مع رموزها الخارجة لتوها من قهر الاختفاء والسجون. معلوم أيضاً أن الأستاذ عثمان ميرغني لم ينفك مسانداً لأطروحات الإتجاه الإسلامي منذ أيام دراسته بمصر، كما ظل كاتباً مثابراً بجريدة الراية الناطقة بإسم الجبهة القومية الإسلامية على عهد الديموقراطية الثالثة. هذه القرائن يمكن أن تقود إلى نتيجة مفادها أن المنبر بمثابة بعث جديد للجبهة الإسلامية يستثمر في "النفس القصير" الناتج عن يأس الجماهير بتبني القضايا المطلبية وتجاهل قضايا الحكم وذلك في ظل ضمور القوى النقابية والفئوية المعنية بهذه القضايا كونها ذات تراث سياسي طويل ومجيد
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست