*هنالك مثل سوداني قديم يعبر عن سوء الطوية والممانعة في استقبال العون من الراغبين في مد يد المساعدة هو المثل الذي يقولساعدوه يحفر قبر أبوه دس المحافير) أي جاء الناس يساعدونه يحفر قبرا يستر فيه جنازة أبيه فخبأ عن الناس أدوات الحفر التي لا بد منها لحفر القبور. والله نسأل أن لايكون ذلك حالنا ونحن نرفض المساعدة الأممية التي اقترحت علينا لضبط السلام في دارفور ونزع سلاح المليشيات في الاقليم. فالواقع ان نزع سلاح الجنجويد عملية شاقة وتكاد تكون مستحيلة فاولئك الأقوام من عشاق السلاح ولا يمكن ان يفرطوا في ما بين أيديهم منه. واذا كانت الحكومة تستطيع دس المحافير فانهم ليسوا أقل منها قدرة في دس سلاحهم وايداعه باطن الأرض في أماكن لاتقوى الأمم المتحدة ولا اقمار التجسس على الوصول اليها . واذا كان الغرض من مجئ الدوليين الحفاظ على السلام ومراقبة وقف اطلاق النار ووضع حد للعدوان على معسكرات اللاجئين فان ذلك أيضا هدف صعب ولا تستطيع الحكومة وحدها ان تحققه ولها ان ترحب بكل من يريد مساعدتها في تحقيقه. *يحقق الوجود الدولي لحكومةالبلاد بعض المزايا النسبية فمن ناحية يوفر عليها ملاحقة حلفائها السابقين من عصابات الجنجويد وترك تلك المهمة للدوليين ليواجهوا مرارة نزع السلاح من حاملي السلاح بينما تستطيع الحكومة ان تقول لحلفاء الأمس:لم يكن بيدي وانما بيد عمرو. ومن ناحية أخرى يستطيع الدوليون بما يتوافر لهم من الاجهزة والطائرات ان يغطوا الجزء الأكبر من صحراء المنطقة واعتراض المليشيات قبل ان تهاجم وتقوم بفظائعها ضد العزل واللاجئين.ومن شأن ذلك ان يوفر على جيش الدولة جهودا كبيرة يمكن استثمارها في مواجهة الفتن الكثيرة الأخرى وتوفير نفسه لحماية الاندلس من المتربصين بها من اعدائها الصريحين.أما الآن وقد وقع الهجوم على بلدة حمرة الشيخ فان جيش البلاد مواجه بأيام سوداء إذ ان العنف المسلح بات يهدد كل بقاع السودان وهو عنف سريع الحركة مسلح بمدافع خفيفة ومجموعات صغيرة من المسلحين يمتطون سيارات التايوتا التي لا تغرز في رمال الصحراء. ولكونهم يمتلكون زمام المبادرة فان الجيش الحكومي لايحسد على واجبه الصعب في تعقبهم ومطاردتهم بعد ان يكونوا قد أخلوا بالأمن تمام الاخلال. *هذه حرب تدور رحاها في شمال السودان وليس في جنوبه وقد رأينا الفرق بين الاثنتين في نصف القرن الماضي ووجدنا حرب الجنوب تدور في ميدان قفر خال من المنشآت المؤثرة ومصادر الدخل وكان ذلك سببا في عدم تجاوب الجمهورمعها فقد كانت تدور في كوكب آخر. وحين امتدت الى الكرمك وقيسان هب النائمون وصاحوا (إلا هذه). أما الآن فقد اختار مسلحو دارفور نقل الحرب رويدا رويدا الى المناطق المؤثرة في مدن الشمال ويحلو لهم القول ان الخرطوم نفسها من أهدافهم التالية ومضمر في ذلك خطوط نقل البترول والكهرباء وسلام المواطنين في المدن الكبرى ومضمر فيه التفجيرات الارهابية والسيارات المفخخة وكل صنوف البلايا والرزايا.وبنظرة براغماتية خالصة يمكن القول انه كان من مصلحة البلاد والعباد ان يأتي الدوليون ويريحونا من تلك الأعباء ويقطعوا لنا لسان الاعلام الدولي الذي يصوب راجماته نحو سمعة السودان. وأفضل من ذلك كله الاعتراف بأن اهل دارفور مظلومون ظلماً مركباً- مظلومون كاقليم مهمش منسي لايهتم به أحد ومظلومون يوم هبوا ثائرين فسلطت عليهم حكومة بلادهم عدوهم التقليدي من عربان دارفور وأمدتهم بالسلاح واليوم بعد ان انكشف أمرهم راحت تتستر عليهم وتقيهم من جريرة أفعالهم. *يقول الحكم وغلاة أنصاره ان للأمم المتحدة نوايا سيئة تجاه السودان ترمي الى إعادة استعماره والقضاء على حريته واستقلاله باسم التدخل في اقليم دارفور وهي تهمة تستوجب التفكير العميق فلم نسمع حتى اليوم ببلد فقد استقلاله بسبب الأمم المتحدة ولم نسمع بمستعمرات للأمم المتحدة في اية قارة من قارات الدنيا ولايمنع ذلك من ان يكون السودان هو البلد الأول في سلسلة مستعمرات الأمم المتحدة القادمة فلكل شيء بداية واذا اختصتنا الأمم المتحدة بذلك الشرف فنحن لها وليس صعباً ان نرد الصاع صاعين ونتسلل الى نيويورك لنحتل ونستعمر مبنى السكرتارية في الشارع الأول من جزيرة منهاتن بمدينة نيويورك
07-19-2006, 01:18 AM
حيدر حسن ميرغني
حيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 25085
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة