وداعـاً هاشم ميرغنى يا آخر وتر حنون يعزف فى غياهب الوجدان ترانيم الصفاء

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 06:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-17-2006, 03:10 AM

نادر محمود الفضلى


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وداعـاً هاشم ميرغنى يا آخر وتر حنون يعزف فى غياهب الوجدان ترانيم الصفاء

    وداعـاً هاشم ميرغنى
    يا آخر وتر حنون يعزف فى غياهب الوجدان ترانيم الصفاء

    هاشم .. من عالمنا أخاطبك!
    لا أنت أرض مجدبة .. ولا أنا أخطأت الشتل

    عزيزى هاشم ..

    قبل عامين عقب نبأ خاطئ أعلن موتك، طمأنت بنفسك ملايين السودانيين الذين أحزنهم النبأ فكتبت عبر موقع الإنترنت سودانييزأونلاين: "من عالمكم أخاطبكم .. لو تصدقوا !" ، وهذه المرّة فقد صدق النبأ الأليم ... ويحزننى .. من عالمنا أخاطبك!

    هاشم .. لقد قرأت نعيك ورثاءك حياً وشهدت بنفسك مدى حب الناس لك ولإبداعك وفنك الرفيع. لقد كنت سعيداً بسؤال الناس عنك من جميع أنحاء العالم وحمدهم لله على سلامتك. قلبك الحنون كان يخفق فرحاً عند كل رسالة أو مكالمة هاتفية، ولكنه كان أيضاً تعتصره غصة ألم وحزن! لقد كنت فى صراع مع المرض والموت طوال الأعوام الست الماضية. القلب الرهيف الذى أخرجت عذاباته روائـع الإحساس والإبداع الصادق شعراً وغناءً ولحناً ألهب مشاعر الكثيرين، تعايشوا مع تجربته النبيلة وعبرّت كلماته الثرة عن مشاعرهم وتجاربهم المتنوعة، فكانت بلسماً شافياً لقلوبهم، قلبك الشفيف كان فى أشد الحاجة لعملية جراحية ليقوم بوظيفته العضوية وليواصل وظيفته الإبداعية، ولكنه بعد أن مل الإنتظار آثر التوقف! تكلفة العلاج مبلغ كبير بالنسبة للأفراد، ولكنها حفنة دولارات بالنسبة لدولة وشعب ووطن غذيت روحه وحلقت بوجدانه فى سموات إبداعات فنك الراقى الفريد. النبأ الكاذب كان إنذاراً مبكرا لم يلتفت إليه أحد. هرعوا إليك جماعة ليطمئـنوا على صحتك، وإنفضوا عنك حال خروجك من المستشفى أو تأكدهم من عدم صحة النبأ، ولكنهم لم ينفضوا يوماً من متعة الإستماع لأغانيك. كان قدرك أن تعطى وتبدع لملايين البشر، وأن تحارب معركة الموت وحدك! ولم يدرون أنهم يفرطون فى كنز الإبداع الفريد الذى أنعم الله به عليهم! وهذا هو حال وثقافة وتناقضات أهل السودان ودولته تجاه الأبرار والمبدعين من أبنائـه، إهمال وجحود غير مقصود. نحن مؤمنون بقضاء الله وقدره، ونعلم أن لكل أجل كتاب، وتتعدد الأسباب والموت واحد. وليت الدولة وأهل السودان بعد مماتك يوفونك بعض الدين فى أسرتك.

    وكأن بنزار قبانى يعنيك فى أبياته:

    قتلناك .. يا جبل الكبرياء ..
    وبا آخر قنديل زيت يضيىء فى ليل الشتاء
    قتلناك .. وقلنا المنية ..

    هاشم .. قتلناك.. يا آخر وتر حنونٍ ..
    يعزف فى غياهب الوجدان .. ترانيم الصفاء

    القلب كان من أكثر المفردات التى تكررت فى اغانيك، لقد تحمل قلبك المرهف عذابات الحب والفراق والغربة داخل وخارج الوطن. كلمات أغانيك تحمل الكثير من التورية والمعانى المضمنة التى تجعلها تصلح للتعبير عن حالات ومواقف مختلفة، وقطعاً تعبر عنك:

    أديتك القلب المعذب .. قلت لى ألمو بتزيلو
    يبقى فى وارف رموشك .. فرحتو وساعات مقيلو
    تبقى نورو ..تبقى فجرو .. تمنع الدمعات يسيلو ..
    وهسة لو داير تسيبو .. حتى باقى العمر شيلو


    وكان كل دقه بعيشها فى قليبى إغتراب
    زى الغريب من أهلو لامن نجمو غاب
    هلت عليهو كل الدموع ..
    عايش يسطر فى العذاب
    لا لاقى فى الناس المحنه ..
    ولا فى غرام فى الدنيا قليبو داب

    كنت إمتداداً للمبدعين رواد الأغنية السودانية منذ فترة الحقيبة سرور، كرومة، أبوصلاح ... ورواد الفن الحديث إبراهيم الكاشف، أحمد المصطفى، عبد العزيز داؤود، عثمان حسين، إبراهيم عوض، عثمان الشفيع، عبدالكريم الكابلى ... حيث إعتمدت الأغنية السودانية فى المقام الأول على جودة الشعر والكلم والمعنى، ثم الغناء والتطريب، ثم الموسيقى. تميزت كل أغانيك سواء باللغة العربية الدارجة أو الفصحى بروعة الأشعار والمعانى، و بروعة الغناء بصوتك الفخيم وإحساسك المرهف بالكلم. ويقينى أن المرحوم الأستاذ على المك يوافقنى الرأى بأنه ينطبق على هاشم ميرغنى ما قاله فى المرحوم الفنان عبد العزيز محمد داؤود "أنه لا يحتاج لأوركسترا ليغنى وتكفيه كبريتة تداعبها أنامله".

    لم تكن فناناً فحسب، بل مجموعة مبدعين فى إنسان واحد. أديب شاعر صاحب إحساس مرهف بالكلم، ملحن وموسيقار مبدع، عازف بارع لآلة العود، مطرب ذو صوت وأداء متفرد، رسام وخطاط موهوب. ومهندس معمارى وهو تخصص هندسى من أهم عوامل التميز فيه الموهبة الفنية الفطرية. تفاعل وتمازج كل هذه المواهب والقدرات الإبداعية أضاف لعطائـك الفنى وأغانيك البعد الثالث للإبداع ـ إن جاز لى التعبير. إختيارك للقصائـد أو تأليفها ليس لمجرد أنها مسجوعة وموزونة موسيقياً، بل لإحساسك المرهف بها. ألحانك مستمدة من صدق الإحساس، وأناملك الذهبية تترجمه على أوتار العود موسيقى شجية ـ إنه ليس مجرد عزف لعازف ماهر يجيد عزف الأوتار بنعومة وسلاسة. وتأتى خلاصة كل هذا الإبداع عندما تغنى بصوتك الفخيم المفعم بعمق وصدق الإحساس لتخرج أغنياتك للمستمع من القلب وللقلب! إنه التفرد والبعد الثالث للإبداع الذى أعنيه. ولذلك لم تغنى قط أغنية أو موالاً لم تجد إستحساناً وقبولاً وتجاوباً منقطع النظير لدى المستمعين!

    الفنان هاشم ميرغنى ظاهرة فنية فريدة، كيفية إنتشاره وشهرته كفنان تستدعى إجراء دراسات وبحوث من قبل المتخصصين فى مجال صناعة الأغنية وتقديم المغنين للجمهور ونشر وتوزيع أغانيهم. إنه الفنان الأوحد ليس فى السودان فحسب، بل فى كل العالم، لم يسع للجمهور والشهرة ولكنها سعت إليه! غيره من الفنانين عرفهم الجمهور عبر وسائـل الإعلام سواء الإذاعة، التلفزيون، الحفلات العامة، أو إنتاج وتوزيع شرائـط الكاسيت أو الإسطوانات و"السى دى".
    هاشم منذ أن كان طالباً كان يغنى وبالعود فى جلسات إستماع حضورها محدود لا يتعدى بضع أفراد. حرصوا دائماً على تسجيل أغانيه على شرائـط كاسيت مستخدمين أجهزة تسجيل عادية ليست ذات تقنية عالية مخصصة لتسجيل الغناء. ورغم ذلك سرعان ما نسخت وتداولها الأفراد وإنتشرت إنتشار النار فى الهشيم بين ملايين المستمعين! نالت أغانيه الإعجاب وأصبح مدرسة غنائيـة متميزة. الفنان الوحيد الذى سعت إليه ولاحقته الإذاعة السودانية لتسجيل بعض أغانيه، وإعتمدته فناناً من الدرجة الأولى وهو أعلى تصنيف لها للفنانين. ورغم إغترابه عن الوطن ربع قرن من الزمان حتى مماته، فقد تواصل إنتاجه للجديد البديع وتواصل إزدياد أعداد معجبيه. وكانت وستظل أغانيه واحة الإبداع لهواة الإستماع للفن الراقى الفريد.

    عند زيارته لأمريكا عام 2000 غنى للجالية السودانية بولاية أوهايو بمصاحبة عازفين محترفين(سعيد ومجدى العاقب) على آلتى الكى بورد ـ المعروفة مجازاً بالأورقن ـ والكمان، فتفجرت ألحانه موسيقى وإيقاعات رائـعة، فغنى هاشم فأبدع وأطرب. قال لى بعد الحفل أنه إندهش رغم غربته الطويلة عن السودان، لاحظ أن معظم الحاضرين ومن أجيال مختلفة يحفظون ويرددون أغانيه، بل أن أحد الشباب ـ فى العشرينات من عمره ـ طلب منه أغنية قديمة ماعاد يذكرها، غناها قبل ولادة الشاب على حد قوله.

    تجربة هاشم ميرغنى الأدبية الثرة فى الحب تحتاج أيضاً لدراسة وتوثيق من قبل المتخصصين فى مجال الأدب العريى. فهى تجربة لا تقل عن أسطورة مجنون ليلى ـ قيس بن الملوح، أو مفتون تاجوج ـ المحلق. وإن كانت أسطورتى قيس والمحلق مزجتا بين الحقيقة والخيال، حيث أضاف إليها الناس قصصاً وأشعاراً، إلا أن هاشم ميرغنى تميز عنهما بالعشق النبيل! حيث تكتم على إسم وشخصية محبوبته وإحتفظ بسره الدفين رغم تقلب المواقف فى مشوار حبه الأبدى. وأكد على ذلك فى بعض أغانيه بالفصحى والعامية.

    إشتهر هاشم بأغانى الغزل والوفاء فى الحب. ولكن عطاؤه شمل أيضاً مواويلاً وأغنياتاً عن الوطن والغربة والقناعة والذهد. وبالطبع كانت تعبيراً عن أحاسيس وتجارب حقيقية. أذكر له فى القناعة والذهد، عندما سافرت زوجته من الدوحة إلى الخرطوم تحمل الحلم التقليدى لكل مغترب سودانى ـ الأرض والبيت. ذهبت لإستخراج شهادة بحث لقطعة أرض إستحقها هاشم أثناء خدمته بالسودان. ولكنها وجدت أن الأوراق خلطت وقطعة الأرض ضاعت وضاع معها الحلم. فإتصلت بهاشم فى الدوحة والدموع فى عينيها وعبرة الحزن فى صوتها لتخبره أن قطعة الأرض راحت. فأنشدها يرحمه الله:

    لو كنوز الدنيا راحت صدقينى روحتها ما بتخسر
    أنا إشتريت بيك عمرى كلو ما فى غير فقدك بخسر
    لو عجزت النظارات تعبر خلى الغنى البكاى يفسر
    لو وهبتك عمرى كلو تلقينى فى ريدك مقصر
    أصلى من شفتك وحاتك ناوى أبنيلك خميلة
    لجمال ما شوفنا زيو لعيون نادرة وكحيلة
    خوفى تبقى زى ندرة عيونك بالوداد دايماً بخيلة
    تنسجى الأزهار عقودك وتبقى شوفتك مستحيلة
    الغنيوة الحلوة ضاعت والحروف بصعب أقوله
    كنت فى عينى نجمة فى سماها بعيد وصوله
    بقيت فى عينى دمعة لسواك صعب نزوله
    العيون ما شايفه غيرك كفيفه لما يفوته زوله

    أصدقاء لى بأمريكا إتصلوا بى أو زارونى للتعزية فى وفاة صديقى هاشم ميرغنى. وقد أجمعوا أنه فقد للوطن وأن على الدولة والمواطنين واجب ومسئـولية نحو زوجته وأبنائـه بتوفير السكن والعيش الكريم والتعليم العالى لهم. هى مطالب غير مصحوبة بإشهار السلاح ـ لغة اليوم ـ فهل لها من نصير؟ وهى ليست منحة أو عطية لأسرته، فعشان أهلك بخليك، ما مشتاقه لى، هسه خايف من فراقك، أسائـل عنك آذار، تناسيت العهود، قدر فتشته، أسبوع تمام، وغيرها من الدرر هى كنوز لا تقدر بثمن جاد بها هاشم ميرغنى على الشعب السودانى. اللهم نسألك أن ترحم هاشم وتتقبله قبولاً حسناً وتغفر ذنوبه وتجعل الدرجات العليا من جنة الفردوس مثواه.

    هاشم .. قد أكون أسهبت فى إطرائـك .. ذلك أننى أحاول أن أعطى أوتار الكلمات قوة لتعبر عما بداخلى .. ولم لا .. فلا أنت أرض مجدبة .. ولا أنا أخطأت الشتل!

    نادر محمود الفضلى
    أوهايو ـ الولايات المتحدة الأمريكية
    فى 15 يوليو 2006


    --------------------------------------------------------------------------------
                  

08-08-2006, 02:36 AM

أبو ساندرا
<aأبو ساندرا
تاريخ التسجيل: 02-26-2003
مجموع المشاركات: 15493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وداعـاً هاشم ميرغنى يا آخر وتر حنون يعزف فى غياهب الوجدان ترانيم الصفاء (Re: نادر محمود الفضلى)

    Quote: أصدقاء لى بأمريكا إتصلوا بى أو زارونى للتعزية فى وفاة صديقى هاشم ميرغنى. وقد أجمعوا أنه فقد للوطن وأن على الدولة والمواطنين واجب ومسئـولية نحو زوجته وأبنائـه بتوفير السكن والعيش الكريم والتعليم العالى لهم. هى مطالب غير مصحوبة بإشهار السلاح ـ لغة اليوم ـ فهل لها من نصير؟ وهى ليست منحة أو عطية لأسرته، فعشان أهلك بخليك، ما مشتاقه لى، هسه خايف من فراقك، أسائـل عنك آذار، تناسيت العهود، قدر فتشته، أسبوع تمام، وغيرها من الدرر هى كنوز لا تقدر بثمن جاد بها هاشم ميرغنى على الشعب السودانى. اللهم نسألك أن ترحم هاشم وتتقبله قبولاً حسناً وتغفر ذنوبه وتجعل الدرجات العليا من جنة الفردوس مثواه.




    شهر مرة وأخر يمر والحزن يتعتق
    لاقى هاشم وجه ربه راضيآ مرضيآ عنه بإذن الله

    قدم هاشم لنا الكثير من الروائع وخلد لحظات حب ندية
    وعبر عن أشواق واحلام جيل بحالو
    ذهب مرضيآ عنه

    فماذا قدمنا نحن لأسرته
    ماذا فعلنا في شأن تراثه الغنائي الضخم
    ؟

    الشعوب المتقدمة تحترم وتقدر مبدعيها
    والدول المحترمة تحفظ لأبنائها المبدعين بإعتبارهم رموز
    الحق في رعاية أسرهم وفي توثيق أعمالهم

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de