|
|
 بنوك الدم.. بين ضعف الأرصدة ومعوقات الآداء
|
العدد رقم: 233 2006-06-29
بنوك الدم.. بين ضعف الأرصدة ومعوقات الآداء
الحاجة لعملية نقل الدم لا تنقطع طالما هناك أمراض متنوعة يحتاج فيها المريض لنقل دم، وطالما أن هناك كوارث وحوادث وحروب متصلة، حينها تكون الحاجة قد بلغت ذروتها. هل هناك نظام متبع لكي تنقذ حياة أي إنسان ينتظر قطرات دم يعوض بها ما فقده لأي سبب؟ ما هي الإمكانات؟ وما هي المخاطر؟ وما هي الحلول؟.
(السوداني) تواصل ما بدأته في الحلقة السابقة عن بنوك الدم بالسودان: تتلمس أوجه القصور والخلل لمعالجتها بالكشف عنها، وتقف عن قرب على حقيقة ما يدور بداخلها، كما وقفت في حلقتها السابقة عند بنك الدم القومي المركزي ومراقب بنوك الدم بولاية الخرطوم وبنك الدم بمركز فضيل، وحالات بعض المواطنين والمختصين والمهتمين من خلال جولة مطولة قامت بها الصحيفة.
اجراه: قسم التحقيقات/تصوير: عباس عزت
رفض قاطع للمتاجرة في الدم ورقابة مشددة لعمليات النقل
لا وجود لمحرقة خاصة بمخلفات بنك الـدم
الأجهزة المستخدمة غير مواكبة
ازدحام بالمدخل:
أعداد كبيرة من الناس وازدحام عند مدخل بنك الدم بمستشفى الخرطوم التعليمي، جميعهم أتى لنقل دم لأحد ذويهم، وعدد قليل منهم يتبرعون طواعية. أخذت طريقي بصعوبة إلى بنك الدم، عدد منهم عند الاستقبال لإجراء التحضيرات الأولية لأخذ الدم من المتبرعين تعرفت عليهم وواصلت سيري إلى داخل معمل بنك الدم.. اعداد ليست بالقليلة من الكوادر العملية العاملة في حركة دؤوبة، غرفة السحب التي يتم بها اخذ الدم من المتبرعين بها عدد قليل من الأسرة لا يتناسب مع حجم من في الخارج، غرفة التحضير بها عدد من الكوادر المعملية تختلف درجات وظائفهم ما بين وظائف ثابتة ومؤقتة، ومنهم من يؤدون الخدمة الوطنية بتخصصات مختلفة في مجال علوم المختبرات.. غرفة الثلاجات تحتوي على ثلاجات قديمة وليست على درجة عالية من الكفاءة لكثرة اعطالها.
ولجت أولاً إلى غرفة المتبرعين بالدم معظمهم من الشباب وأغلبهم لديهم اقارب يحتاجون للدم، وعدد قليل اتوا متبرعين طواعية، التقيت احدهم وهو ملازم أول معاش عبد المنعم عوض ياسين، قال انه اتى من تلقاء نفسه للتبرع بالدم لأهمية ذلك للمريض والمتبرع، كما عرف ذلك أخيراً، ذاكراً أن الخدمات والتحضيرات الأولية في سحب زجاجة الدم منه تمت بصورة جيدة، لكن المبنى ضيق ولا يتناسب مع الاعداد الغفيرة بالخارج.
(80) زجاجة في اليوم:
االكميات متوفرة والنظام المتبع في بنك الدم من النظام العام والاستقبال والإحصاء والمعلومات وصولا إلى المعمل من تحضير وحفظ داخل الثلاجات، كلها تتم عبر الإشراف الطبي المباشر على جميع هذه المراحل تفادياً لحدوث أي خلل يؤثر سلباً على الأداء.. ومعظم حالات التبرع لدينا ما يعرف بالتبرع الأسري، وفي الآونة الأخيرة أصبحنا نستقبل بعض المتبرعين الطوعيين، والأولوية لدينا هي اعطاء المريض اولا حاجته من الدم المطلوب، ومتوسط كمية الدم المسحوب 80 زجاجة في اليوم مقابل 480 زجاجة محضرة لنفس اليوم، يعني كل نص ساعة نأخذ دم من متبرع، ومساحة البنك الآن لا تناسب هذا العمل فالمبنى يحتاج لتوسعة رأسية لأنها الأفضل، كما هو معمول به في دول العالم، حيث لا يوجد بنك دم أرضي..
كما ان الثلاجات معظمها قديم وغير مطابق وثلاثة منها تكثر اعطالها وننتظر من مشروع توطين العلاج 3 أضافة لثلاث ثلاجات جديدة فتصبح لدينا 6 ثلاجات لنواجه بها التوقف الذي يحدث احياناً.. ويقوم بالمهمة 6 كوادر معملية (4 تقنيي مختبرات + 2 فني). وبالرغم من قلة هذا العدد مقارنة بالمترددين الا ان ضيق المساحة لا يسمح بالزيادة. وحدة مشتقات الدم وأبزرها الصفائح الدموية والبلازما، وتظهر خطورة نقصان هذه المشتقات عندما نلقي النظر على ازدياد نسبة الإصابة بالسرطان في السودان، حيث تتم المعالجة للمريض في هذه الحالة بإعطائه للمشتقات لكن تواجهنا صعوبة تحضيرها لعدم وجود تبرع طوعي، لأن التحضير يأخذ زمناً، فالصفائح الدموية مثلاً تحتاج لـ 72 ساعة.. فإذا لم تكن متوفرة فإننا نجد صعوبة في ذلك. وينطبق الحال على الفصائل النادرة أيضاً.
ولمعالجة هذا الوضع نكون مجبرين على القيام بتحضير 50% مشتقات و50% دم عام. والتبرع الطوعي هو الحل، وأناشد عبركم المواطنين بالتبرع طواعية على الاقل كل 6 أشهر، وله مردود إيجابي صحي على المتبرع. لدينا تعاون مع المستشفيات الأخرى خاصة في تبادل الفصائل النادرة، وأناشد المسؤولين بإيجاد خدمة لربط بنوك الدم بعضها ببعض، ولا بد من وجود وسيلة اتصال وتحكم مركزي لأمر الطوارئ.
نظام محكم لمنع بيع الدم:
ت لدينا نظام محكم لمنع عملية بيع الدم وكل زجاجة دم داخله او خارجه يتم الإشراف عليها، والدم من مكونات الإنسان ولا يمكن المتأجرة به، وبعض التجاوزات من ضعاف النفوس يتم حسمها عند اكتشافها. والحوافز التي تقدم للعاملين بالبنوك نسبة لطبيعة الخدمة المجانية ببنك الدم قليلة وتعتمد كلياً على عائد تعاملها مع المستشفيات والمستوصفات الخاصة، وعالجت هذا الأمر هنا بحسب حافز بعض العاملين لمراكز اخرى بالمستشفى ذات عائد أفضل والقيام بزيادة حافز العاملين بالبنك ونتعامل مع المستشفيات الخاصة بالقيمة المدفوعة باعتبارها رسوم تحضير تتقاضاها المستشفيات والمستوصفات الخاصة نظير ما تقدمه لهم من دم ومشتقاته محضراً وجاهزاً، والفحوصات التي يتم أداؤها ثم بالفحص السريع في 10 دقائق وهو فحص غير دقيق ولا تحرص عليه الا عند الضرورة او فحص ELIZA دقيق ويحتاج 24 ساعة، وأهم الفحوصات التي يتم إجراؤها هي اليرقان ـ الأيدز ـ الزهري ـ السيلان، ولا يتم فحص الدم للملاريا أو مرض النوم..
يتم التخلص من النفايات والدم الفاسد والتالف ومخلفات الدم في محرقة خاصة بالمستشفى الصيني لعدم وجود محارق ذات خصوصية المستشفى، ونأمل ان تكون لدينا محرقة خاصة لنفس الغرض، وفي حالة حدوث اي خطأ في عملية نقل الدم تتم المعالجة في الحال.
إجراءات الصيانة وسير العمل:
ف بنك الدم بمستشفى ام درمان التعليمي تتم فيه عمليات الصيانة في مبانيه بجانب سير العمل فيه لخدمات نقل الدم. أول ما لفت انتباهي داخل المستشفى أعداد كبيرة من المواطنين وأعداد كبيرة داخل مبنى البنك بالداخل لأسباب الصيانة (عمال الصيانة)، وبالخارج في انتظار سحب الدم لإعطائه لمرضاهم.
اسرّة بالية وقليلة، وفي هذا الأثناء وأنا في بنك الدم دخل علينا مراقب البنك، تعرفت عليه وقدمت إليه جملة من التساؤلات واكتفيت به فقط، فكان رده الآتي: اولاً لا يوجد بديل ونواصل عملنا من مقرنا حتى لا يتوقف العمل. الأجهزة الموجودة لدينا جيدة والكوادر العاملة مؤهلة ونالت تدريباً مستمراً، والمحاليل متوفرة ولا توجد اي معوقات والنقص في الفصائل النادرة، وهذا يعزى لنظام التبرع حيث لا يوجد نظام تبرع طوعي، ويحتاج لتفعيل. تحضير مشتقات الدم يتم بمستشفى الخرطوم لعدم وجود أجهزة لدينا لهذا الغرض، والفحوصات التي يتم إجراؤها اهمها الأيدز، اليرقان، الزهري، وكل الخدمات تقدم مجاناً ولدينا المقدرة على التعامل عند حدوث أي خطأ في عملية نقل الدم ووسائل الحماية داخل بنك الدم متوفرة.
التجانس والخلو من الأمراض:
ل أعرب عن اهمية الموضوع وكثرة المخاطر معرفاً نفسه: الطيب أحمد الأعيسر، مراقب بنك الدم بمستشفى تنقسي بالولاية الشمالية، ثم حضر إلينا بالصحيفة ليرد على تساؤلاتنا متسائلاً متى يكون الدم منقذاً للحياة؟ قال للإجابة على ذلك: مما لا شك فيه ان الدم احد السوائل المنقذة للحياة بل اهمها. ولكي يحمل الدم هذه العبارة يجب ان يتم بصورة سليمة. وتكمن سلامة نقل الدم في عنصرين أساسيين لا يمكن التركيز على احدهما دون الآخر.. العنصر الأول: يتم بمنع التفاعل داخل جسم المريض حتى لا يسبب له متاعب لا تحمد عقباها، وهذا يعرف بالتجانس. اما العنصر الثاني فنجده يهتم بخلو الدم من الأمراض مهما كانت بساطتها.
وبخصوص العنصر الأول اشير هنا ان عدم اتباع الطرق السليمة فيه يؤدي إلى مشاكل صحية معقدة قد تقود للوفاة لأن الدم بطبيعته يتكون من عدة مكونات وخلايا ابرزها كريات الدم الحمراء والبيضاء، بالإضافة الى العوامل الأخرى وعملية نقل الدم قد تكون كلية (الدم) أو جزئية (احد مكونات الدم)، وبالتالي اعطاء الدم يكون حسب الحاجة.
هذا ببساطة عن الطرق العلمية التي يجب اتباعها، والواقع حقيقة يحتاج للكثير من الاهتمام على كافة المستويات الإدارية والفنية وتفعيل نظام الجودة في كل الخطوات التي يمكن اتباعها في حتى يجد المريض الدم المنقذ للحياة. إضافة إلى ذلك التأكد من الفحوصات الأخرى التي تتعلق بالأمراض المنقولة عن طريق الدم مثل التهاب الكبد الوبائي والأمراض الأخرى. وأرى من الأفضل وجود بنك دم مركزي لكل ولاية ويكون مرجعياً لها من اجل تذليل الصعاب وسد النقص خاصة في حالتي الفصائل النادرة والمستشفيات.. ولا بد من فرض رقابة على بنوك الدم بالمستشفيات للتأكد من الخطوات السليمة المتبعة وتفادي التجاوزات المخلة بالعمل، ومستشفى تنقسي يعاني كغيره من المستشفيات ويعمل بمحدودية ونظام التبرع فيه عائلي وحسب الحاجة مما يؤثر خاصة عند حدوث مخاطر أو حوادث. وأناشد الجهات المختصة بالاهتمام الأكبر بصحة المواطن على الأقل تطوير خدمات نقل الدم من اجل انقاذ حياته وتهيئة بنوك الدم أكثر علمية، كما هو معمول به في العالم من حولنا.
ضغط العمل يؤدي للخطأ:
ع عندما ولجت إلى داخل معمل بنك الدم بمستشفى الخرطوم التعليمي وجدت عدداً كبير من الكوادر العاملة داخل المعمل تتفاوت درجات توظيفهم فمنهم من هو موظف دائم ومنهم من هو موظف مؤقت ومنهم ماهو خدمة وطنية وأثناء تجوالي التقيت بـ تقنيي مختبرات نازك السر، وهي تقضي فترة الخدمة الوطنية، قالت: تخصصي في الكيمياء السريرية ولكني درست علم امراض الدم في السنة الثانية والثالثة، ولا اجد صعوبة في العمل ببنك الدم، وبدأت عمل من الاستقبال لتحديد فصائل الدم وكفاءة دم المتبرع، وإلى غرفة السحب، ثم إلى غرفة المعمل للتحضير الفعلي للدم ومشتقاته. والمشلكة التي تواجهني هي التزاحم الشديد من المترددين، وطبيعة العمل تحتاج للتركيز الشديد تجنباً لعدم حدوث خطأ بسبب كثرة ضغط العمل المتواصل.
مهام وصعوبات:
د.الشيخ كمال الدين سيد أحمد، المدير الطبي لبنك الدم بمستشفى الخرطوم التعليمي، مدخلنا الأساسي لبنك الدم فالرجل مهموم وهو يدير بنك الدم لمركزي بالسودان، لقومية المستشفى وشمول خدماتها لكل السودان، وتأخر لقاؤنا به الأكثر من اسبوعين لمشغولياته.. وأخيراً جلست اليه (السوداني) وطرحت عليه جملة من التساؤلات فأفادنا أن بنك الدم يعمل منفردا لتغطية حاجة ولايات السودان الى الدم خاصة الفصائل النادرة، ولهذا السبب اصبحت له الأولوية خاصة من جانب وزارة الصحة الاتحادية، والكوادر الموجودة اكثرها تأهلاً وتدريباً، وهناك خبرات متفاوتة.. فنجد ادناها اربع سنوات خدمة وأعلاها ثلاثين سنة خدمة. والأجهزة المستخدمة عموماً لم تواكب بتطور مقارنة بالعالم من حولنا، ولكن قياساً الى المستوى العام بالسودان نحن الأحسن.. مشروع توطين العلاج بالداخل اتاح لنا الكثير، والمحاليل المستخدمة يتم التعامل فيها مركزياً، أي من المركز القومي لخدمات نقل الدم.
::: جميع الحقوق © 2006 محفوظة لصحيفة السودان الدولية والهوية الجامعة :::
|
|
 
|
|
|
|
محمد الامين محمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست