|
|
 قراءات - تمنى مقاضاة الحكومة الأمريكية لكن إمكانياته تحول دون ذلك
|
تمنى مقاضاة الحكومة الأمريكية لكن إمكانياته تحول دون ذلك
اليمني المفرج عنه كرامة خميس يروي لـ "الوطن" تجربته في معتقلات باجرام وقندهار وجوانتانامو
صنعاء: صادق السلمي
أمضى كرامة خميس نحو 3 سنوات متنقلا بين قواعد أمريكية في كل من أفغانستان وجوانتانامو، عاش خلالها أياماً لا تنمحي من ذاكرته، فقد اعتقل في باكستان ونقل إلى قاعدة باجرام ثم قندهار وبعدها إلى جوانتانامو. وعندما وافق على الحديث لـ "الوطن" يعي خميس، الذي خرج لتوه من سجنه في اليمن بعد الحكم ببراءته من تهمة الاتجار بالمخدرات، أنه خرج إلى عالم آخر لا يجد نفسه فيه.
واليوم يحاول خميس التعايش مع الأمر الواقع ونسيان ما حدث له في بلاده وفي الخارج وأن يبدأ حياة جديدة، فهو يريد أن يتزوج ويبني بيتاً، وإن كان يعلم أن الأمر صعب، لكنه يثق في أفراد أسرته للوقوف إلى جانبه. وفي هذا الحوار يروي خميس (34 عاما) تفاصيل أيام سنوات طويلة من العذاب في قاعدة جوانتانامو وباجرام وقندهار وكويتا وغيرها من المناطق.
* كيف اعتقلت في باكستان، ولماذا كنت هناك في تلك الفترة؟
ـ ذهبت إلى باكستان للعمل وحدثت صعوبات هناك جعلتني أقرر العودة إلى بلدي وجاءت أحداث 11 سبتمبر. كان العرب في باكستان مستهدفين وأدرجوا في خانة الإرهابيين.
* هل كنت تفكر بالذهاب إلى أفغانستان وأنت في باكستان؟
ـ لا، كنت أسمع عن أفغانستان والهند وكشمير لكنني لا أعرف التنظيمات والجهاد، فأنا إنسان عادي ولست متعلماً.
* هل ساعدك أحد للذهاب إلى باكستان؟
ـ ذهبت من تلقاء نفسي.
* كم كان عمرك عندما ذهبت إلى باكستان؟
ـ 29 عاما.
* كيف اعتقلت ومن قبل من؟
ـ كنت في قرية على الحدود الباكستانية الأفغانية قبل أحداث 11 سبتمبر بيومين، وهناك تعرفت على أخ سعودي اسمه سعيد اليامي، كان عائداً إلى بلاده، وكنت يومها أيضا عائداً إلى وطني. وفي هذه القرية الحدودية ألقت القوات الباكستانية القبض علينا وتم ترحيلنا مقيدين إلى منطقة كويتا، قبل أن يزج بنا في غرفة مظلمة تحت الأرض تابعة للسجن الحربي. وبعد 28 يوماً من بقائنا في هذا السجن جرى نقلنا إلى العاصمة إسلام أباد وبقينا فيها حوالي شهرين ولجأت أنا وسعيد اليامي إلى الإضراب عن الطعام لمدة 3 أيام كنوع من الضغط من قبلنا على السلطات الباكستانية لإبلاغ سفاراتنا بوجودنا، واستطاع سعيد مقابلة سفارته وبعد 3 أيام تمكنت من مقابلة القنصل اليمني في إسلام أباد، ونقلوني إلى السفارة مع حقيبتي.
في بداية المقابلة قال لي القنصل إنه سيأخذني معه إلى اليمن، لكنه اشترط علي أن أعترف أنني من أفراد تنظيم القاعدة. أجبته بأن لا صلة لي بالقاعدة ولا أعرف هذا الاسم، إلا من هنا كما أنني لا أعرف أيضاً أي شخص من حركة طالبان، رد علي القنصل بأنني منهم وكان جوابي النفي القاطع للأمر، حينها قطع المقابلة وطلب إرجاعي من حيث أتيت.
أخذوا مني الحقيبة وعادوا بي إلى سجن إسلام أباد وبقيت فيه أكثر من 3 أشهر، في غرفة مظلمة مليئة بالجرذان، أما الأخ السعودي سعيد فقد وضع في غرفة ممتازة. ثم نقلونا بعد ذلك إلى منطقة كوهات وبقينا فيها يوماً واحداً وتمت إعادتنا إلى سجن إسلام أباد مرة أخرى. وفي اليوم الأخير من وجودنا في سجن إسلام أباد جاء الحرس الباكستانيون إلينا في الليل وطلبوا منا تجهيز أنفسنا وأغراضنا ووضعوا الأغطية السوداء على رؤوسنا والأغلال في أيدينا وأخذونا بسيارة السجن إلى المطار، وفي المطار رفعوا عنا أغطية الرأس لأجل الصلاة وتعرفت على من كانوا بجانبي حينها.
* كم كنتم وما هي جنسيات المجموعة؟
ـ كنا 7، أنا وإبراهيم وأحمد وكلاهما من المغرب إضافة إلى مانع العتيبي (الذي قيل إنه انتحر في زنزانته) وإبراهيم القصيبي من السعودية وعادل التركماني إلى جانب عبدالله جعفر الأردني. في المطار عرفت أن السلطات الباكستانية باعتنا للقوات الأمريكية التي تسلمتنا ووضعت الأغطية على رؤوسنا مرة أخرى وقيدت أيدينا وقاموا بضربنا بعد أن أمرونا بالانبطاح على بطوننا وقطعوا ملابسنا وظلوا يسحبوننا على الأرض إلى باب الطائرة ووضعوا كمامات فيها براز من الداخل على وجوهنا. وفي الطائرة العسكرية الأمريكية جرى تقييدنا بسلاسل حديدية كتلك التي تجر الدبابات وأقعدونا على أرضية الطائرة وكانت باردة جداً ومنعونا من الحركة أو إسناد أجسامنا المنهكة فقد كان يقف خلفي جندي أمريكي جاهزا لضربي إذا تحركت.
وصلنا إلى قاعدة باجرام العسكرية في أفغانستان، وكان هذا في بداية 2002 وفور وصولنا جرى رمينا من البوابة الخلفية لذيل الطائرة الواحد تلو الآخر وسحبنا على أرضية المطار إلى غرفة فيها حوالي 10 كاميرات مثبتة، وطلب منا خلع ملابسنا وبقينا عراة وأحضروا ملابس أخرى.
* كم بقيتم في قاعدة باجرام؟
ـ بقينا في باجرام 25 يوماً مقيدين، وبعدها رحلنا إلى سجن قندهار ومورست ضدنا نفس الأساليب وأشكال التعذيب النفسي والجسدي السابقة، حيث جرى نزع ملابسنا ووضعنا فوق بعض إلى جانب حلق رؤوسنا وحواجبنا وشواربنا وبعض الأحيان كانوا ينتفون بعض الشعر بأسلوب مستفز. وفي باجرام حققوا معي مرة واحدة، أما في قندهار فقد حققوا عدة مرات وكانت التهمة هي الانتماء لتنظيم القاعدة وحركة طالبان، والذين كانوا يحققون معنا هم الأمريكيون، أما المترجمون فكانوا مصريين وأردنيين وفلسطينيين. وفي قندهار كانت المعاملة أكثر سوءا، فقد كانوا يدخلون علينا الكلاب في الليل ونحن نيام ويدوسون بأرجلهم وأحذيتهم المصحف الشريف. واستمر هذا العذاب في سجن قندهار 3 أشهر و20 يوما تقريبا. بعد ذلك تم ترحيلنا من قندهار إلى قاعدة جوانتانامو وقبل الوصول إلى هذه القاعدة كانت الطائرة قد توقفت في مطار لا نعرف في أي بلد، حيث كانت الأغطية السوداء فوق رؤوسنا إلى أن وصلنا إلى جوانتانامو.
* هل كنتم على علم أنكم ذاهبون إلى جوانتانامو؟
ـ لا، أبلغونا في اليوم الأخير في قندهار أننا ذاهبون إلى بلداننا ولكن الذي اتضح بعد ذلك العكس، فقد شعرت وأنا في الطائرة أن الرحلة طالت كثيراً.
* متى وصلتم إلى جوانتانامو؟
ـ وصلنا بعد 19 ساعة تقريباً منذ مغادرتنا لمنطقة قندهار على متن الطائرة العسكرية الأمريكية وهي من النوع الكبير جداً، وعندما وصلنا إلى جوانتانامو عاملونا نفس المعاملة السابقة ونفس الأسلوب الذي مورس ضدنا في سجن باجرام وقندهار، قطعوا ملابسنا وانهالوا علينا بالضرب ووضعونا تحت مياه حارة جداً لا تتحملها أجسادنا وكل ذلك كان تحت تهديد السلاح وباستخدام القوة وجرى بطحنا بالقوة على طاولة طويلة ورؤوسنا مغطاة. بعد ذلك زجونا في زنازين وأعطونا ملابس حمراء وبدأوا بممارسة التعذيب النفسي والجسدي كل يوم من خلال جعلنا عراة وإهانتهم للمصحف الشريف في أي وقت. وكان التعذيب النفسي أكثر من التعذيب الجسدي، هناك واحد يمني أصابه الجنون وكذا فواز الأردني، بالإضافة إلى معتقل طاجيكي نتيجة لتلك المعاملات وأشكال التعذيب النفسي.
* هل كانت هناك أنواع من المأكولات تقدم لكم؟
أول يوم وصلنا فيه جوانتانامو قدمت لنا وجبات عسكرية معلبة بدون تاريخ الانتهاء وعند فتحها كنا نجد فيها ديدانا، وكنا نصاب بالإسهال عندما نأكل هذه المأكولات المعلبة.
* عند التحقيق هل كانوا يبلغونكم أنكم أمام تحقيق رسمي؟
ـ لا، كانوا يسألون عن اسمك واسم أبيك واسم أمك ويوجهون لك أسئلة إن كنت من القاعدة أو طالبان.
* وكيف كانت إجاباتك أنت؟
ـ الغالبية كانوا يرفضون الإجابة ويرفضون التحقيق نهائياً إلا بوجود محام، بالنسبة لي رفضت في البدء الإجابة على أسئلتهم، لكنهم جعلوني سهران لمدة 4 أيام متواصلة وأتعبوني كثيرا إلى أن اضطررت وبالقوة أن أتكلم فليس عليّ أي شيء يمكن استخدامه ضدي. أجبت على أسئلتهم وهي هل أنت عضو في القاعدة، وقالوا لي إنني أتيت من اليمن لكي أتدرب في أفغانستان، وكان ردي أن هذا لا أساس له من الصحة ولا أعرف القاعدة أو اسم طالبان إلا منكم.
* كيف سارت الأمور بعد التحقيقات؟
ـ سارت معي تماما وتحسنت المعاملة، لكن هناك بعض الشباب شددوا عليهم بعد التحقيق وكانوا يذهبون بهم إلى معسكر التعذيب وهو بعيد عن معسكرنا بمسافة نصف ساعة سيراً على الأقدام.
* ما كانت وظيفة هذا المعسكر؟
ـ خاص بالتعذيب، تجري تعريتهم فيه، ويدخلون عليهم نساء، ولم يذهبوا بي إلى هذا المعسكر وإنما إلى معسكر آخر في نفس قاعدة جوانتانامو، وهذا المعسكر كان أيضاً للتعذيب يجعلونك بدون ملابس ويكثفون درجة برودة المكيف وينزعون حذاءك ويجعلونك تمشي على حديد بارد جداً، وبقيت في هذا المعتقل 25 يوماً.
* إلى أين عدت بعد ذلك؟
ـ عدت إلى المعتقل الأساسي المعروف بـ (كامب ون) ثم إلى معتقل درجة رابعة وبقيت في هذا المعتقل 40 يوماً مع 40 سجينا، نقلونا بعد ذلك إلى معتقل درجة ثانية، وظلت الضغوط النفسية وأشكال التعذيب مستمرة كالكشف عن العورة وإهانة المصحف الشريف والأيدي المقيدة. نقلوني بعد ذلك إلى درجة أولى وبقيت في معتقل هذه الدرجة فترة ثم أخذوني إلى معتقل (كامب فور) المعروف باللباس الأبيض، قال لي المحقق فور نقلي إلى هذا المعتقل إنني سأعود إلى بلدي قريباً وكان هذا في عام 2004.
* هل تتذكر بعض الأشخاص الذين كانوا معك وعشت معهم، وجنسياتهم وطبيعة التهم الموجهة إليهم؟
ـ كان في الغرفة التي على يميني مباشرة فائز العنبري وهو من الكويت وعلى يساري سائق أسامة بن لادن سالم حمدان.
* هل كنتم تتحدثون مع بعض، أو تناقشون أموراً معينة؟
ـ نعم، وكان هذا في الفترة الأخيرة.
* على من تعرفت في العام الأول لوصولك إلى جوانتانامو؟
ـ عند دخولي الزنزانة لأول مرة وجدت شخصاً اسمه مختار من تعز على يميني وشخصا آخر لا أذكر إن كان من الخليج أو الجزائر على يساري وأنا في الزنزانة الوسط. كنا نصحو للصلاة، ونتعرض حينها للمضايقة من قبل الأمريكيين، الذين كانوا يفتحون الموسيقى مع أذان الصلاة، والصلاة كانت فردية في الزنازين وأحيانا كانوا يختارون 10 أفراد للصلاة الجماعية، في ساحة المعسكر ولمدة 10 دقائق فقط وتتم الصلاة بعد فتح القيود من أيدينا ويمنع الحديث بين المجموعة وكانت السلطات الأمريكية قد وضعت سهماً يحدد اتجاه القبلة.
* هل قابلت مصور قناة الجزيرة سامي الحاج؟
ـ سامي الحاج كان معي في عنبر (زولو) في معتقل كامب فور وبقينا مع بعض 4 أشهر حيث سكن في الغرفة التي بجانبي.
* هل هناك شخصيات مدنية من أعضاء القاعدة كانت معكم في جوانتانامو؟
ـ أنا لا أعرف أحداً من أعضاء أو قادة القاعدة أو طالبان، الذي رأيته في جوانتانامو هو عبدالسلام ضعيف سفير حكومة طالبان في باكستان وكذا سالم حمدان الذي كان في أحد عنابر الدرجة الرابعة، أي المرحلة الأخيرة للإفراج.
* في المرحلة الأخيرة، هل أبلغت أنك ستسلم إلى بلدك؟
ـ في المرحلة الأخيرة أخذوني إلى المحكمة العسكرية وبقيت فيها جالسا لمدة نصف ساعة مع محام عينته المحكمة وهو برتبة مقدم في الجيش الأمريكي وبعد 90 يوما من الجلسة الأولى جاء قرار المحكمة بالإفراج عني، بعد الحكم جاء وفد الصليب الأحمر وخيرني في أمرين إما العودة إلى بلادي وإما إلى مكان آخر، فاخترت اليمن.
* مع من رحلت؟
ـ كان معي في الطائرة الأمريكية التي أقلعت من جوانتانامو مواطن طاجيكي وآخر إيراني، ونزلت الطائرة بنا بعد رحلة طويلة في قاعدة لا أعرف أين ثم نقلوني إلى طائرة خاصة وهي التي وصلت إلى مطار صنعاء.
* هل أبلغت قبل ترحيلك أنك ستحاكم في تهمة معينة في بلدك؟
ـ لا، قالوا إفراج وعودة فقط.
* كيف بدأت معاملتك في اليمن منذ اليوم الأول لوصولك؟
ـ ما أن نزلت من سلم الطائرة وكان ذلك في 5 سبتمبر 2005 حتى نقلوني إلى الأمن السياسي، قبل بدء التحقيق طلبت أن يكون معي محام ولن أتكلم إلا بوجوده، لكن كان ردهم الرفض وانهالوا عليّ بالإهانات والضرب. ظللت في سجن الأمن السياسي عدة أيام وحققوا في الأيام الأربعة الأولى عدة مرات ثم نقلوني إلى البحث الجنائي وهناك لم أتعرض للتعذيب وإنما لضغوط نفسية وبقيت في البحث الجنائي لثلاثة أشهر ونصف بعد ذلك نقلت إلى السجن المركزي ومكثت فيه 3 أشهر و25 يوماً وكنت أنتقل بين السجن والمحكمة.
* بعد صدور حكم البراءة وبقائك في السجن لمدة 15 يوماً، هل كانت المعاملة ذاتها؟
ـ نفس المعاملة في السجن المركزي، إذ كانت دون تعذيب.
* أنت الآن ستعود إلى منطقتك قشن في المهرة، كيف تتوقع معاملة أهلك وأصدقائك وأسرتك معك؟
ـ أتوقع أن تكون المعاملة جيدة، أهلي أناس طيبون وما يقصرون معي بالرغم من ظروفهم الصعبة.
* هل تفكر في المستقبل مقاضاة الحكومة الأمريكية؟
ـ أتمنى لو أستطيع، لكن لا توجد عندي إمكانيات لمقاضاتها.
* هل درست في باكستان؟
ـ أنا إنسان أمي، درست الأحرف الأبجدية على يد أحد الإخوان في جوانتانامو.
* وعندما كنت في منطقتك قشن في اليمن؟
ـ درست يوماً واحداً وخرجت من المدرسة نتيجة لظروف أسرتي المعيشية الصعبة.
* أين موقعك بين إخوتك؟
ـ أنا الأوسط بين إخوتي.
* هل درس إخوتك؟
ـ الكبير فقط درس وكان مساعدا في الأمن وبقية إخواني لم يدرسوا وأنا واحد منهم.
الوطن السعودية 22 يونيو
|
|
 
|
|
|
|
nile1
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست