رسالة إلى الأنثى التي أعشق (15) د. ابوبكر يوسف إبراهيم
حبيبتي...
نعم الآن يحق لي أنا أناديك حبيبتي لأنني أشعر أننا تبادلنا العواطف مؤخراً بعد أن إلتقينا فكرياً وثقافياً وروحياً فيما مضى من عمر علاقتنا ... وأخيراً أيضاً إلتقينا في التوجهات العامة في المباديء التي نتعامل بها في قضايا وهموم الوطن.
حبيبتي... تركك لباب غرفتك مفتوحاً جعلني أفكر في عدة محاور، ومنها إن كان ذلك من باب إختبار النوايا فيما ستسول لي نفسي وهناك أنثي تمتلىء أنوثة والليل يضمنا وإن كنت أضم في جنباتي رغبات ذكورية متوحشة لا تراعي رغبة الأنثى..أو ربما وسيلة لمعرفة مدى إهتمامي بك او ربما ثقة بي... أو ربما تحررت من قول ما إجتمع رجل وإمرأة إلا كان الشيطان ثالثهما!! ولكني أرجح أنك تثقين بأننا وصلنا مرحلة من النضوج الفكري والعقلي والغريزي لا يمكن أن يأتي بعدها تصرف آحادي يشوه ويدنس طهارة هذه العاطفة... وكما قلت في أن مجرد التفكير في ممارسة الحب يعني أن الطرفين لديهما رغبة الممارسة وهي حالة غريزية توقيتها لا إرادي وتفرض نفسها لوجود الرغبة في هذا التمازج الحميمي بين إثنين رغم إني أراها في عينيك لكن أقرأ فيهما أيضاً رغبتك في أن نكسبها الشرعية.
حبيبتي... بعد أن دخلت لتنامي واصلت أنا متابعة برامج الفضائيات وبدأ النعاس يغالبني ودخلت لأنام ولكنه نوم متقطع تخلله قيامي عدة مرات لألقي النظر عليك حتى كانت المرة الثالثة حيث كان الغطاء قد وقع من جسدك على الأرض وكنت منكمشة حول نفسك دلالة على شدة البرد رغم التدفئة وكنت مثل عصفورة تقوقعت حول جسدها في يومٍ ماطر ، دخلت على أطراف أصابعي ورفعت الغطاء ودققت النظر في وجهك وقمت بتغطيتك ولم أستطع منع نفسي من تقبيلك فوق الجبين كأبٍ جاء يطمئن على فلذاته في نومها في ليلة شتوية باردة .. تكرر هذا مرتين خلال تلك الليلة ... إستيقظت التاسعة وكنت أنا مستيقظاً منذ السادسة صباحاً حيث نزلت لأمارس رياضة المشي التي تعودت مزاولتها يومياً من السادسة إلى السابعة صباحاً.. كنت مثل بدرٍ ودع الليل بعد مناجاة الأحبة له وكنت مثل شمسٍ أشرقت فأنارت حياتي... دخلت الحمام وبعد نصف ساعة خرجتِ وأنت في أبهى زينة ترتدين جينس أزرق أبرز كل ما يثير ذكرٍ في أنثى وبلوزة نصف كم أبرزت عن ذراعي أنثى مثيرة وقد وضعت مكياجاً خفيفاً كأنما هو نوع من إضافة غير ضرورية ولكنها الأنثى حينما تريد أن تكون في كامل زينتها أما الروج فأنه يدل على حالة من الفرح الغامر والتفاؤل. أما ذاك العطر فقد تخلل مشاعري وكأنك تريدين أن توقظي فيّ ذكريات تعتقدين أنها نائمة بينما هي يقظة على الدوام لأني في حضرة من أهوى هنا بادرتك:-
- حبيبتي الفطار جاهز .. بيض.. مربة وزبدة وتوست وجبنة وشاي ونسكافي وكمان القهوة التركي في الطريق. - شنو الإهتمام ده كلو يا سيدي وده كله جهزتز بتين!! - ما كفاية سيدي دي عليك الله قولي حبيبي - ح... ب.ي.بي - الله برغم أنها جاءت متقطعة مليئة بالدل والخفر لكنها عذبة كسيمفونية لباخ واللآ بتهوفن... بختي والله صباح اليوم ده صباح تاريخي ومنعطف خطير في حياتي ومش بيقولوا الأمور بخواتيمها لكن الأمور اليوم ده بإستهلالتها... ما تتصوري مقدار سعادتي. - ولا إنت ممكن تتخيل وتتصور السعادة الأنا عايشاهامن أمبارح والله كأني رجعت كم وعشرين سنة لي ورا والبركة فيك. وأول مرة أحس بعمق أغنية أم كلثوم (إنت عمري) لما تقول: [إنت عمري اللبتدا بنورك صباحو... ولما تقول: اللي شفتو قبل ما تشوفك عينيا عمري ضائع يحسبوه إزاي عليا]. بالله تعال خليني أحضنك!! (كان حضناً دافئاً إستمر أكثر من عشرة دقائق هِمْنا فيه ..لم ننبث ببنت شفه ... صمتٌ جميل يقطعه صوت أنفاسنا وتمازجها ولم أتمالك نفسي وإنهلت على شفتيك بالقبل وبادلتنيها...سرى في جسدينا نوعٌ من الخدر اللذيد... رغم أن ذاك الوحش الذي بداخلي بدأ يتوثب إلا إني زجرته... كنا وكأنما قد نُوِّمنا مغناطيسياً إلا أن جاء همسك كأنه صدى حملته الرياح من مكان وزمنٍ بعيد. - يلا الفطور .. الشاي حيبرد!! - حبيبتي حرام دي لحظات تسوى الدنيا.. شاي شنو وفطور شنو!! أنا خلاص إرتويت من رحيق لماك يا عمري!! تناولنا الفطار والشاي ودخنت عدة سيجارات وتجاذبنا أطراف الحديث وبادرتِ تسألين: - ما حكيت لي عن الأهل؟ - أنا نمرة اربعة في الترتيب بين ثمانية أربعة أولاد وأربعة بنات ... الوالد كان ناظر مدرسة أولية ونزل المعاش مفتش تعليم ..وهو رجل متصوف ومن مشايخ السمانية. والوالدة ربة منزل أبوها من السادة الأدارسة.. توفي الوالد ولحقت به الوالدة بعد ثمانية سنوات ... أخوي الكبير قاضي وأختي الكبيرة موجهة في التربية والتعليم وأخوي الأنا بعده معلم ثانوي عالي والأصغر مني بنت طبيبة أسنان متزوجة وعاشة في أمريكا في ميامي فلوريدا والبعدها ولد وهو ضابط كبير في الشرطة أصغر منه بت توفيت وهي في الريعان وحزني عليها شديد وما زال لأني تقريباً أنا الربيتها هي وأختي الأصغر التي تخرجت مدرسة وتزوجت مهندس وعلى فكرة كل البنات الآن حبوبات أما الأولاد فحتى الآن لم ينالوا هذا الشرف إما عشان ما عندهم بنات أصلاً أو ربما لأنهن صغار أو زيي كده بت واحدة إتخرجت يادوبك صيدلانية ولا أستطيع أن أفرض عليها موضوع الزواج. الوالد أصله من مدني ولكننا نشأنا في أمدرمان والأم من أم مرحي الشيخ الطيب. هذه سيرة ذاتية مقتضبة ولكني أزيدك من الشعر بيت فأنا عشت طفولتنا كانت سعيدة جداً أنا وكل أخواني وأخواتي بيناتنا محبة شديدة كأخوان وأخوات مترابطين جداً.. كمان شفت في طفولتي أبوي وأمي بيلعبوا كومكان عشرة في أوقات فراغهم!! كفاية واللآ أزيد. - لا .. لا كفاية.. أما أنا أبوي كان ضابط كبير في السجون وكان شاعر وأنا بنتو الوحيدة وكنت مدللة دلال شديد أمي عايشة ربنا يديها طولة العمر وقاعدة تجي في الرياض كثير ... الوالد توفى ونحن أصلاً من أمدرمان حي الملازمين. إتخرجت من كلية الآداب جامعة الخرطوم أدب إنجليزي وإبتعثت لبريطانيا وحضرت هناك وعدت لجامعة الخرطوم إلا أن تعاقدت عام 1998 مع الجامعة في الرياض... طبعاً مطلقة وإنت عارف ده كويس ورغم تخصصي فى الأدب الإنجليزي إلا أن جل إهتماماتي في الشعر والشعراء وخاصة السودانيين والعرب عموماً وطبعاً كناقدة في هذا المجال وراعية لصالون أدني. هواياتي طبعاً السباحة وقراءة الروايات والقصص الرومانسية والكتابات النقدية في الأدب وسمع الموسيقى الكلاسيك أحب أسمع أم كلثوم في بعض الأغاني وفيروز وماجدة الرومي دائماً والمطربين المفضلين هم: كابلي والجابري وخضر بشير والتاج مصطفى - حبيبتي يعني إنت وحيدة أمك وأبوك ، يعني دلوعة ... والله أنا حأدلعك أكثر منهم وده وعد أقطعه ليك ومحاسب عليهو. ( في هذا الأثناء دقّ جرس الهاتف): - ألو... مين؟ - نضال ... كيفك وكيف ... وشو عاملة معك؟ - مرحب نضال واحشانا... بخير ... سعادة غير متوقعة!! - هنيالك ... على فكرة إتفقت مع مسبح الرملة البيضا اليوم الخامسة مساءً من شأن نسبح!! - أنا موافق ولكن خدي كلمي وختيت السماعة وبدأنا نتكلم من الإسبيكر.... - هاي شو عاملة؟ - بخير يا نضال واحشانا ... - شو لحقت أوحشكم؟ ...اليوم أخدت موعد مع المسبح وحجزت كابينة ... ناطراكم هناك خمسة مساءً!! - أو كي ... تعبناك معانا - ولو.. روح قلبي... ناطراكم ( إنتهت المكالمة)!! - عاوزة لي مايوه ... أنا ما عملت حسابي وبعدين الدنيا شتا وما جربت حكاية المسابح المدفأة!! - عموماً موعدنا مع جورج الساعة عشرة إما نطلع على الحمرة أو الكسليك. (جاء جورج وطلعنا إلى الكسليك في بيروت الشرقية ولفينا على معظم المحلات المتخصصة في بيع الأدوات الرياضية وإخترت ما يناسبك.. أما سؤالك لي عن المقاس حيرني لما قلت آخد إسمول ولا ميديم المفروض وقلت ليك: إنت بين الإثنين لكن الإسمول أحسن علشان حيشد لأن الموية دافية!! ) - خبير يا حبيبي!! - عاوزة تقولي ما قاله علقمة بن عبدة : (إن تسألوني بالنساء فإني خبير بأدواء النساء طبيب) والله إنتي مغشوشة فيني ... عموماً إيه رأيك لو نطلع على برمانا نتمشى ونتغدى في ( برج الحمام)!! - ما قلنا إنت الدليل السياحي ... ما إنت عارف دي أول مرة أجي فيها بيروت وما عارفه حاجة .. الغريب أعمى ولو كان بصير... برج الحمام ... برج العصافير أي حاجة طالما أنتَ معاي بتسعدني!! - ساعتين ونحن لآفين في بيروت الشرقية ومررنا بمناطق مثل بحمدون ، عاليه وبرمانا وأخيراً نحن في المطعم إيه رأيك حبيبتي مكان شاعري مش كده؟.. على فكرة برج الحمام ده مطعم مشهور مش في لبنان بس كمان ليهو فروع في معظم دول الخليج وفي الرياض أيضاً وحتى في باريس. - حضر الجرسون وقدم قائمة الطعام أولاً لك قائلاً: إتفضلي يا مدام...ولما قال كلمة (مدام) ركزت بصري في عينيك منتظر أشوف ردة الفعل وحينها علت شفتي إبتسامة تقول فحواها (يا ريت إسمع منك ربنا) كمان وضعك في موضع لا تستطيعين فيه التقهقر... ولما إلتقت عيناي بعينيك كانت هناك إبتسامة على شفتيك ممزوجة بنوع من الخفر وكأن توارد خواطر قد حصل بيننا لوقع كلمة مدام . - يا حبيبي إنت بتدخن كثير جداً. خفف شوية !! - إنشاء الله ...بس دي التخين ده سلوتي الوحيدة على مدار ربع قرن!! - ساعدني عشان أخليك تبطلوا... هو ما بضايقني ولكني خايفة عليك - طيب يا روحي ... حأقيف من تدخين السجاير لساعة علشان برج الحمام ده مشهور بالأرجيلة ( الشيشة)!! - يعني المستجير من أم عمرو!! - عموماً بدعي ربنا يفكك منهم الإثنين. تناولنا وجبة الغداء في جوٍ شاعري ومناظر خلابة وآن لنا أن نعود لبيروت لأخذ قسط من الراحة علشان نجهز لموعد نضال في مسبح الرملة البيضة ورغم أني في تخيلات نابعة من أني حأشوفك بالمايوه وحأشوف الماشفته قبل كده قلت في نفسي إنتَ مستعجل ليه ما بعد ساعات حتشوف كل شيء على الطبيعة... تخيلات يمليها الشوق والحب!! وبادرتك قائلاً : - عارفه نحن ناقصنا شنو؟ - لا والله. - ناقصنا مأذون!! علت شفتاك ضحكة كان لها صهيل مهرة جامحة .... وأنا كخّيال يشتهي أن يسرجهاويسابق بها عواطفه لتعبر عما هو دائماً يربط ما بين الخيال والمهر!! في الغد أسجل تعليق حبيبتي على موضوع المأذون!!...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Muna Khugali
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست