الأفندي يرد على القراي

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 06:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-24-2006, 05:56 AM

القلب النابض
<aالقلب النابض
تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 8418

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأفندي يرد على القراي

    عن الشيخ الترابي وخصومه مرة أخري: حرية التفكير وحرية التكفير ومعالجة الأمية
    2006/05/23

    د. عبدالوهاب الافندي
    صدق بعض ما تخوفت منه حين عالجت قبل حوالي الشهر في هذا الموقع الجدل الذي أثارته فتاوي الشيخ حسن الترابي القديمة المتجددة، حين أشرت إلي أن القضية معقدة وأحلت إلي تناولي لها في مكانها بشكل معمق باعتبارها تحدياً يواجه الفكر الإسلامي الحديث برمته، وهو ما لا تفي به التعليقات المختصرة من مثل ما تسمح به المساحة هنا واهتمامات القارئ غير المتخصص. ولكن هذا بالطبع لا يبرر الفهم المبتسر لما قيل فعلاً، خاصة من بعض من يظن بهم أنهم من أهل التخصص، ولا بعض اللبس الذي وقع فيه البعض، خاصة حين حاولوا تحويل النقاش إلي سجال حول آراء العبد الفقير إلي مولاه ومواقفه السياسية. ولا شك أنه مما يرضي غرور الكاتب أن يعتقد المعلقون بأن مناقشة آرائه هو تعادل في أهميتها مناقشة الموضوع تحت النظر، وهو آراء الشيخ الترابي.
    ولكن النقاش يتحول إلي إشكال في ظل الأمية الاختيارية التي فرضها البعض علي أنفسهم. أحد الكتاب مثلاً كرر وصفي بـ صاحب كتاب الثورة الترابية (ويقصد بالطبع كتاب ثورة الترابي: الإسلام والسلطة في السودان الذي صدر بالإنكليزية عام 1991)، مما يعني أنه لم يطلع حتي علي غلاف الكتاب فضلاً عن أن يكون قرأه. وهو بالطبع ليست لديه أدني فكرة عن الكتاب الذي كان ملخصاً لرسالة دكتوراه قدمت في جامعة غربية وكان المشرف عليها أستاذاً خبيراً بشؤون السودان غير معروف عنه أي تعاطف مع الحركة الإسلامية. فهي بالتالي نظرة موضوعية نقدية لتاريخ ومواقف الحركة الإسلامية السودانية تتسق تماماً مع مواقفنا المعروفة المنشورة في مئات المقالات في مجلة آرابيا وعلي صفحات القدس العربي وفي كتب ومجلات أكاديمية تسد الأفق.
    وبالتالي فإن تكرار الحديث بأن العبد الفقير إلي مولاه يواجه محنة أو مأزقاً بسبب التدهور الذي أصاب الحركة الإسلامية عامة والسودانية خصوصاً يعكس محنة ومأزق من فرضوا علي نفسهم الأمية ويريدون كما كررت سابقاً للكاتب أن يكتب ثم يقرأ نيابة عنهم، وهو دور للأسف لا نملك الوقت ولا الرغبة في القيام به. فلسنا وكلاء عن من فرضوا علي أنفسهم الأمية، خاصة في عصر الانترنيت الذي يكفي أن تجري البحث فيه عن اسم كاتب فتردك آلاف الصفحات عما كتب وما كتب عنه بكل اللغات. ونحن ننصح هؤلاء الإخوة بمداواة أميتهم بشيء من القراءة، أو أن يسألوا أهل الذكر كما يفعل الأميون الذين يحترمون أنفسهم قبل أن يخوضوا فيما ليس لهم به علم.
    القضية الأساسية التي أردنا معالجتها (وظللنا نعالجها من زوايا مختلفة لأكثر من أربعة عقود) هي المتعلقة بالفكر الإسلامي المعاصر، وهي أنه فكر يستصحب الحداثة والعقلانية الأوروبية المعاصرة في نظرته للتراث الإسلامي. والفرق بين الإسلاميين وخصومهم من العلمانيين هو أن الأخيرين يحاكمون التراث الإسلامي إلي التراث الحداثي الغربي، بينما يتخذ الإسلاميون موقف الدفاع عن التراث الإسلامي عبر محاولة المواءمة بينه وبين ما يصعب رده من مقتضيات الحداثة. ولكن موقف الإسلاميين الدفاعي يختلف أيضاً عن موقف التقليديين الذين يماثلونهم في بناء الخنادق الدفاعية في أن الحركات الإسلامية تحتضن بعض مظاهر الحداثة، بل تعتبر نتاجاً لها، وترفض بعض توجهات التقليديين المحافظة.
    هناك إذن فروق مهمة ولكنها قد تكون دقيقة بين الإسلاميين والعلمانيين والتقليديين، وتداخل كذلك بين هذه التيارات. وقطب الرحي في هذه العلاقة هم الإسلاميون، الذين يقاتلون في معركتين. فهم يشتبكون مع التقليديين علي أرضية الفكر الإسلامي وتأويل النصوص، ومع العلمانيين علي أرضية الحداثة وانتقاد أفكار وعقائد الحداثة من ماركسية وليبرالية وغيرها. وقد نتج عن هذا بعض الظواهر المثيرة للاهتمام، خاصة ما شهدناه في السودان وغيره من تحالفات بين العلمانيين والتقليديين ضد الإسلاميين، وهو مشهد تكرر في مناطق أخري. وبالمثل فإن التداخل بين هذه الفئات يجعل من الصعب القول أين يبدأ كل اتجاه وأين ينتهي الآخر. فهناك تقليديون ـ إسلاميون، وإسلاميون ـ تقليديون، كما نجد إسلاميين يقتربون كثيراً من العلمانيين. ويظهر هذا من الجدل المستمر حول ما إذا كان حزب العدالة والتنمية والتركي حزباً إسلامياً أم حزباً محافظاً تقليدياً. فقيادة الحزب تؤكد بدون مواربة أن الحزب علماني ليبرالي، بينما خصومه يتهمونه بأنه إسلامي يكتم إيمانه. ويبدو هنا أن القضية هي بالنوايا وما في القلوب.
    ولعل هذا هو لب القضية. فالخلاف بين الإسلاميين وخصومهم يتمحور حول الاجتهاد في إحياء تعاليم الإسلام وتوسيع العمل بها، مقابل الإعراض عنها أو التخفف منها بأكبر قدر ممكن. بمعني آخر الأمر يتعلق بخلاف بين من يريد اتباع الحد الأقصي من تعاليم الدين في ظل الحداثة مقابل من يريد اتباع الحد الأدني أو عدم اتباع أي شيء. وإذا كان هناك تداخل بين من يريدون المحافظة علي أكبر قدر من تعاليم الإسلام وبين من يريدون الأقل، فإن هناك بالطبع فرقاً واضحاً بين من يضعون أنفسهم في خندق الدفاع عن قيم الإسلام وتعاليمه، وبين من ينصبون المدافع لقصفه.
    ومن هذا المنطلق فإن الضجة التي ثارت حول أفكار الترابي التي طرحها مؤخراً تتعلق بمحاولة إعادة تصنيفه. فخصومه من التقليديين يرون أنه تحول إلي معسكر من يريد التخفف من كل ما يمكن التخفف منه من تعاليم الإسلام، بينما خصومه من العلمانيين رحبوا بما رأوا أنه اقتراب من معسكرهم، مع المطالبة بالمزيد، وخاصة التبرؤ من بعض مواقفه السابقة. وقد بلغ الأمر ببعض خصوم الترابي من التقليديين أن ذهبوا إلي تكفيره وإخراجه من الملة.
    وكنت قد كتبت قبل أكثر من عامين مقالة في القدس العربي رداً علي ما أورده بعض الكتاب السلفيين من زعم بأن الشيخ الترابي كان يبطن الكفر ويفتقد الإخلاص للإسلام، وهي دعوي تخالف ما عليه الرجل من تاريخ في المنافحة عن الإسلام والتضحيات في هذا السبيل، ناهيك عن ما هو معروف عنه من تمسك بتعاليم الدين في سلوكه الشخصي. وليس هناك علي كل حال ما يغري من لديه ضعف في الالتزام الديني أن يتظاهر بغير ذلك في عصر ما يزال القابض فيه علي دينه كالقابض علي الجمر، ناهيك أن يتصدي ذلك الشخص لقيادة معركة إحياء الدين.
    من هنا فإن من قادوا حملة تكفير الشيخ الترابي لم يحالفهم التوفيق. فإنه يحق لمن شاء أن يخالف الترابي اجتهاداته، ولكن لا يحق لهم التشكيك في عقيدته ونياته. ولا علاقة لهذا بما ذهب إليه البعض (عمر القراي في جريدة الصحافة علي سبيل المثال) من أن التكفير اعتداء علي حرية التعبير. فالقراي هنا يناقض نفسه حين يدافع عن حرية التعبير بينما يهاجم الذين يعبرون عن رأيهم الديني. فكما أشرت أيضاً في مقالة سابقة في القدس العربي فإن حرية التفكير تستتبع حرية التكفير. ذلك أن توضيح أسس العقيدة في كل دين يشتمل علي تحديد للإطار الذي يحدد حدود العقيدة وما هو داخلها وما هو خارجها. فأنظمة اللاهوت كما يقول محمد أركون هي نظم من الإقصاء المتبادل. والقائمون علي كل ملة من العلماء وغيرهم يرون أن من واجبهم التنبيه إلي ما يرونه خروجاً علي أسس العقيدة.
    وحدود كل ملة أو جماعة دينية تتحدد من داخلها وعبر الحوار (وحتي الاقتتال) بين أفرادها. ولكن لا توجد سلطة خارج الجماعة تحدد هذا الأمر. فالعقيدة الإسلامية هي ما تواضع عليه المسلمون وتوارثوه، كما أن اللغة العربية هي ما تحدث به العرب. علي سبيل المثال نحن معشر المسلمين نعتقد أننا مسيحيون أكثر من المسيحيين، وموسويون أكثر من اليهود، وأننا نمتلك الحقيقة النهائية حول طبيعة المسيح عليه السلام ورسالته. ولكن هذا لا يجعلنا مسيحيين أو يهوداً، لأن تعريف من هو مسيحي أو يهودي حسب أهل هذه الملل يستبعد من يقولون بقولنا عن المسيح، أو من يؤمن مثلنا بنبوة محمد صلي الله عليه وسلم. وبالمثل فإن من جاء بفهم جديد للإسلام يناقض ما تواضع عليه المسلمون (بغض النظر عن صحة مقولته أو عدمها) يقف خارج أرضية الإسلام بتعريفه المقبول. ومن حق من يري ممارسات تقع خارج سياج الملة أن يعلن ذلك، بل من واجبه. ولكن هذا حق وواجب يجب أن يستخدم بمسؤولية وحذر، لأنه قد يرتد علي من يمارسه كما جاء في الحديث.
    وليست لدي أي رغبة في الدخول في جدل لاهوتي حول صحة مذاهب بعينها، وخاصة حول الفكرة الجمهورية. ولكن الأخ القراي قد أراحني من ذلك حين رد علي نفسه بنفسه (كما فعل حين ناقض نفسه في أمر حرية التعبير) إذ أعطي نموذجا لهذا الفكر في تعليقه علي حديث تأبير النخل الذي فهمه المسلمون عبر العصور علي أنه كان حالة عبر فيها الرسول صلي الله عليه وسلم عن رأي في أمر دنيوي ثم رجع عنه بعد أن اكتشف أنه كان علي خطأ. وبحسب القراي فإننا والصحابة وكل أجيال المسلمين السابقة علي خطأ، بل وأسأنا الأدب مع الرسول صلي الله عليه وسلم حين اتهمناه بالجهل بأمر تلقيح النخل وهو ابن الصحراء. فالحقيقة هي أن الرسول كان يدعو صحابته الي مستوي رفيع من التوكل، حين دعاهم لاسقاط الاسباب، اعتماداً علي الله، وتوكلاً عليه، فقال لو لم تلقحوه لاثمر ، لان الله في الحقيقة، هو سبب الاثمار وليس التلقيح .. ولكن الاصحاب، لم يحققوا هذا المستوي من التوكل، فلم يثمر النخل .. ولهذا دعاهم مرة اخري، الي الاسباب، حين قال اذهبوا انتم اعلم بشؤون دنياكم !! أي ان دنياكم دنيا اسباب، ولهذا اذا لم تؤدوا الاسباب، سوف لن تجدوا نتائج، الا اذا ارتفعتم من الاسباب، الي رب الاسباب .
    هذا الفهم غاب كما ذكرنا عن كل أجيال المسلمين حتي فتح الله به علي القراي وشيخه بوحي منه، حيث لا توجد وسيلة اتصال أخري مباشرة ليصحح بها الرسول هذا الفهم الخاطئ. وهذا يعني أن الرسول صلي الله عليه وسلم كتم الرسالة وغش المسلمين حين لم يوضح لهم الأمر بهذه الصورة، وهي تهمة أسوأ بكثير من الجهل بإجراءات تلقيح النخل، مع العلم بأن معظم النباتات التي تحتاج إلي تلقيح تثمر بدون تلقيح بشري بسبب الرياح أو الطيور والحشرات وغيرها.
    وبالعودة إلي مسألة حرية التعبير فإن القبول بمبدأ حرية التعبير لا يعني الموافقة علي كل ما يقال، مثلما أن الاستشهاد بآية من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر لا يعني أن الكفر والإيمان سواء عندالله تعالي! فالذي يستمع للبعض هذه الأيام يكون معذوراً لو ظن أن الكفر مما يسمح به الله تعالي بل يدعو له! فعلي سبيل المثال نحن خالفنا إخواننا المسلمين هنا في بريطانيا حين طالبوا بإسكات سلمان رشدي، في الوقت الذي ندين فيه أشد الإدانة ما كتبه من إسفاف متعمد.
    تلخيصاً نقول إن القضية المحورية في الجدل الذي ثار أخيراً حول فتاوي الشيخ الترابي ليست هي قضية حرية الرأي، وهي مسألة مفروغ منها، وليست قضية إيمان الترابي من كفره. وليست هي من باب أولي قضية مواقف العبد الفقير إلي مولاه السياسية. القضية هي أكبر من كل ذلك، وهي الموقف من الوحي والعلاقة معه، وما هي مكانة العقل الإنساني في التلقي والتأويل، وكيفية التوفيق بين الكرامة التي أسبغها الله تعالي علي الإنسان وما وهبه من حرية وعقل، وما طلبه من الإنسان من طاعة وامتثال لما أمر به. وكل هذه أمور تستدعي تفكيراً متعمقاً من أهل الشأن بعيداً عن مكايد السياسة وطائفية المذاهب والأحزاب.


    مع تحياتي
                  

05-24-2006, 01:25 PM

Frankly
<aFrankly
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 35211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأفندي يرد على القراي (Re: القلب النابض)

    الأخت الفاضلة القلب النابض
    بالرغم من موقفي المبدأي من الترابي وماقفه السياسية وتلك التي تسمى دينية
    فإنّ هذا المقال كمعظم مقالات دكتور الأفندي يستحق القرآءة المتأنية وكثيراً ما استفد شخصياً من قراؤته للأحداث حتى وإن لم أتفق معه فينا كتبه فالرجل بحق يتكلم عن دراية وبموضوعية ومهنية فائقة قلّما توجد في الوطن العربي عامة والسودان على وجه الخصوص ولكن تبقى كلماته تعبر عن رؤيته الشخصية لأمور والتي قد يتفق البعض معها أو يختلف أو يتفق على جزئية منها أو يختلف معها

    أعجبتي في هذا السانحة هذه العبارة والتي هي بجد طآمّة الكتاب والسياسيين السودانيين وهو أنّهم لا يقرأون للكاتب بل يقرأون ما تمليه عليهم مخيلتهم عن الكاتب
    Quote: ويريدون كما كررت سابقاً للكاتب أن يكتب ثم يقرأ نيابة عنهم، وهو دور للأسف لا نملك الوقت ولا الرغبة في القيام به. فلسنا وكلاء عن من فرضوا علي أنفسهم الأمية، خاصة في عصر الانترنيت الذي يكفي أن تجري البحث فيه عن اسم كاتب فتردك آلاف الصفحات عما كتب وما كتب عنه بكل اللغات. ونحن ننصح هؤلاء الإخوة بمداواة أميتهم بشيء من القراءة، أو أن يسألوا أهل الذكر كما يفعل الأميون الذين يحترمون أنفسهم قبل أن يخوضوا فيما ليس لهم به علم.


    تحياتي
    كمال
                  

05-24-2006, 02:38 PM

أحمد أمين
<aأحمد أمين
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 3371

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأفندي يرد على القراي (Re: Frankly)

    Look at him saying
    Quote: فهي بالتالي نظرة موضوعية نقدية لتاريخ ومواقف الحركة الإسلامية السودانية تتسق تماماً مع مواقفنا المعروفة المنشورة في مئات المقالات في مجلة آرابيا وعلي صفحات القدس العربي وفي كتب ومجلات أكاديمية تسد الأفق.


    The hypocrite he knows very well about the British trait of self deprecation, if he is not used to that and still carries this falsely inflated ego about his mortal soul, I am sure the guy will have hard time at Westminster Uni!!


    -----------------------------

    Add to that his is own version of confused understanding of the issue freedom of expression, of course his political background, and his earlier track record including the involvement with Ingaz after their military coup of 1989 against democratically elected government hardly qualify someone to pontificate about freedom of expression

    Quote: ولا علاقة لهذا بما ذهب إليه البعض (عمر القراي في جريدة الصحافة علي سبيل المثال) من أن التكفير اعتداء علي حرية التعبير. فالقراي هنا يناقض نفسه حين يدافع عن حرية التعبير بينما يهاجم الذين يعبرون عن رأيهم الديني


    According to this definition even professional murderer expressing his love of killing for more people could qualify to the (Status of freedom of expression) according to this distorted logic

    ---------------
    Then at the end of his article he tried to salvage his false logic by stating the following

    Quote: وبالعودة إلي مسألة حرية التعبير فإن القبول بمبدأ حرية التعبير لا يعني الموافقة علي كل ما يقال



    You could do better than that but you will not fool no one.

    (عدل بواسطة أحمد أمين on 05-25-2006, 04:36 AM)

                  

05-25-2006, 03:47 AM

Adrob abubakr

تاريخ التسجيل: 05-10-2006
مجموع المشاركات: 3895

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأفندي يرد على القراي (Re: القلب النابض)

    Quote: مأزق الأفندي (المقال في جزئيه)

    (تعقيب على مقال الأفندي عن الشيخ الترابي وأزمة الحركة الإسلامية المعاصرة)

    د. عمر القراي

    في صحيفة «الصحافة» بتاريخ 25 -4-2006 ، كتب د. عبد الوهاب الافندي ، مقالاً على ضوء الضجة الاخيرة، التي اثيرت حول آراء د. الترابي .. ولقد انشغل د. الافندي، عن جوهر القضية، الذي ينبغي ان يركز عليه كل مثقف حر، مهتم بحرية الفكر، وبكرامة الانسان.. فبدلاً من مواجهة اتجاهات «التكفير» ، وادانة مصادرة الحق في التعبير، من حيث المبدأ، على انها اعتداء سافر على الحقوق الاساسية ، ثم هي مفارقة كبيرة ، لاصول الاسلام ، المتمثلة في قوله تعالى «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، ترك د. الافندي كل هذا جانباً ، ليحدثنا عن الكتاب الذي شارك في اعداده «لفيف من الاكاديميين والمفكرين من مختلف انحاء العالم»، والذي كتب فيه فصلاً عن آراء الترابي .. لقد كان حرياً بدكتور الافندي، ان يدين الحملة الجائرة التي كفرت الترابي، وطالبته بالتراجع عن افكاره، قبل ان يحدثنا عن آرائه، و يسعى لتبريرها، او رفضها.

    أقول هذا، دون ان اغفل عن ان د. الترابي ، هو الذي اسس للاعتداء على حرية الفكر ، وحرية التعبير في هذا البلد .. وذلك منذ اثارته لقضية حل الحزب الشيوعي السوداني65م، ثم اخراجه للمسيرة المليونية ، تأييداً لقوانين سبتمبر 83م التي قطعت ايادي الفقراء ، بينما كانت حكومة نميري تعلن المجاعة !! ثم ضلوعه في مؤامرة اغتيال الاستاذ محمود محمد طه ، وتصريحه اكثر من مرة ، بان الاستاذ الشهيد يستحق القتل ، بسبب آرائه ، التي اعتبرها الترابي ردّة !! والترابي هو الذي كان قد افتى بان الردِّة الفكرية لا غبار عليها ، ثم هو الذي اعاد مادة الردة في القانون الجنائي !! وهو الذي كان عرَّاب حكومة الانقاذ ، الذي ساقها الى تبني الشعارات الاسلامية، التي سجنت بها خصومها في بيوت الاشباح ، وعذبتهم بسبب آرائهم ، ثم رفعت برعاية الترابي ، وتوجيهه ، شعار الجهاد، وقتلت اخواننا في جنوب السودان ، وفي جبال النوبة بنفس دعاوي التكفير .. ولقد بدل الترابي ، وغيَّر كثيراً في مواقفه وافكاره ، وما حديثه اليوم - حين ردت اليه بضاعته - عن حقه في حرية التعبير، الا ضرب من عدم الصدق.

    والاشياخ الذين هرعوا لتكفير الترابي، ليسوا افضل حالاً منه !! فقد كفروه لاباحته زواج المسلمة من الكتابي ، ورفضه لنزول المسيح ، لانه بذلك خالف نصوصاً من القرآن والحديث.. ولكنهم هم ايضاً ، كاعضاء في مجمع الفقه ، التابع لرئاسة الجمهورية ، قبلوا ان يكون نائب رئيس الجمهورية ، مسيحياً ، وان يكونوا تابعين له ، وموالين له ، فخالفوا بذلك قوله تعالى « يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين»!!

    ومهما يكن من امر الترابي وآرائه ، فإن د. الافندي لم يكن محدداً تجاهها، فتارة يبدو مدافعاً عنها ، وتارة يبدو ناقداً لها ، وبين هذه وتلك ، يضطرب ، ويتردد، ويحاول شرح معانٍ دينية عميقة ، بلا علم ، وبنفس منهج الجرأة الزائفة، الذي عابه علي الترابي .

    حديث الذبابة وحديث النخل:

    تعرض د. الافندي الى حديث الذبابة ، وتعليق الترابي المشهور عليه ، فقال «وتميز موقف الترابي بأنه اتخذ موقفاً جذرياً بدأ برفض المنهج التقليدي وهو التشكيك في صحة الحديث وبالتالي التشكيك في اعتقاد سائد بين المسلمين السنة بصحة كل ما ورد في صحيحي البخاري ومسلم .... وحجة الترابي هي ان البخاري بشر غير معصوم ولا بد انه اخطأ فيما اسناد بعض ما اورده. ولكن حتى لو كان البخاري على حق في روايته فإن من المحتمل ان يكون الصحابي الذي نسب اليه الحديث قد أخطأ فيما نقل او لم يفهمه كما يجب، والصحابة ايضاً غير معصومين بل ان بعضهم قد سجل عليه كذب وتزوير، وحتى لو تجاوزنا عن هذا واثبتنا ان السند صحيح وان الصحابي المذكور قد نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بدقة وموثوقية، فإنه يحق لنا ان نرفض المقولة النبوية اذا كانت تتعلق بشأن دنيوي. فعصمة الرسول صلى الله عليه وسلم تتعلق بالتبليغ في امر الدين وهو القائل «انتم اعلم بشؤون دنياكم» كما ورد في الحديث الذي نصح فيه المسلمين بعدم تلقيح النخل، وهي نصيحة اتضح انها لم تكن صائبة» هذا ما قاله د. الأفندي يدفع به عن آراء د. الترابي، ويعلن صراحة، موافقته عليها !!

    فلماذا الحديث عن التحري عن صحة الحديث ، وعن صدق الصحابة ، اذا كنا ببساطة «يحق لنا ان نرفض المقولة النبوية اذا كانت تتعلق بشأن دنيوي» كما قرر د. الافندي؟! ان الدقة في التحقق والتحري، سببها انه يجب علينا ، بمقتضى الايمان ، ان نقبل بتسليم ، ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم .. قال تعالى في ذلك «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً» وما يشجر بيننا ، انما يتعلق بأمور الدنيا ، وليس امور الآخرة.. فالترابي قد خالف نص هذه الآية ومعناها ، وهو لم يقل بتضعيف الحديث، كما حاول د. الافندي ان يوهم القراء ، وانما قال «هذا امر طبي آخذ فيه برأي الطبيب الكافر ولا آخذ رأي النبي ولا اجد في ذلك حرجاً ولا اسأل عنه عالم دين» «راجع كتاب الصارم المسلول لأحمد مالك» .. فالترابي يرفض رأي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجد في نفسه حرجاً ، بينما انه لو قبله ، ووجد في نفسه حرجاً ، لاخرجه ذلك من الايمان، حسب ما نصت الآية !!

    والترابي في رفضه لحديث الذباب قد بنى على حديث النخل ، والافندي تابع له في ذلك .. فقد ورد في الحديث «ان النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة ، وجد الناس يلقحون النخل ، فقال: لو لم تلقحوه لأثمر . فلم يلقحوه ولم يثمر. فقالوا : يا رسول الله لم نلقحه ، ولم يثمر قال: اذهبوا فأنتم اعلم بشؤون دنياكم» .. فحين لم ينظر الترابي والافندي بعمق ، ظنوا ان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخطأ ، بل ان الافندي قال في جرأة ، لا تدانيها غفلة ، الا جرأة الترابي «كما ورد في الحديث ، الذي نصح فيه المسلمين بعدم تلقيح النخل ، وهي نصيحة اتضح انها لم تكن صائبة» !! والحق ان الافندي هو الذي أخطأ ، ولما لم يكن هنالك ادب ديني مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا ورع يعصمه عن التورط في التهلكة ، فإنه لم يتردد في قول ما قال .. وخطأ د. الافندي يجئ من عدة وجوه:

    1- افتراضه ان النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي عاش كل حياته ، في جزيرة العرب ، لا يعرف ان النخل يلقح ، مع ان هذه المعرفة ، متوفرة لأي اعرابي ، لمجرد معيشته هناك.

    2- أسوأ من ذلك !! افتراضه ان النبي صلى الله عليه وسلم، يفتي في ما لا يعلم ، وهو بذلك يسلك في مستوى، دون ما طلب الله من المؤمنين ، في قوله تعالى «قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وان تقولوا على الله ما لا تعلمون» .. فهو عليه السلام ، لا يقول بما لا يعلم ، ولا يتحدث فيما لا يعنيه ، ولقد كان يسئل، فيصمت ، او يقول لا اعلم ، انتظاراً للوحي.

    3- لو كان ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، في امر تلقيح النخل خطأ، لصححه الوحي ، وهذا مقتضى العصمة، فالمعصوم هو الذي اذا اخطأ صححه الوحي.

    ان الفهم الصحيح ، هو ان النخل لا يثمر بالتلقيح ، وانما يثمر باذن الله، وهذه الحقيقة هي مقتضى التوحيد .. ولقد قصد النبي الكريم ، ان يدعو الاصحاب ، الى مستوى رفيع من التوكل ، حين دعاهم لاسقاط الاسباب ، اعتماداً على الله ، وتوكلاً عليه ، فقال «لو لم تلقحوه لاثمر» ، لان الله في الحقيقة ، هو سبب الاثمار وليس التلقيح .. ولكن الاصحاب ، لم يحققوا هذا المستوى من التوكل ، فلم يثمر النخل .. ولهذا دعاهم مرة اخرى، الى الاسباب، حين قال «اذهبوا انتم اعلم بشؤون دنياكم» !! أي ان دنياكم دنيا اسباب ، ولهذا اذا لم تؤدوا الاسباب، سوف لن تجدوا نتائج، الا اذا ارتفعتم من الاسباب ، الى رب الاسباب.

    أما مريم ابنة عمران ، فإنها تركت الاسباب، ولم تلتفت اليها ، فتحقق لها ما تريد .. قال تعالى «كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب» فهي لم تترك المحراب لتكسب رزقها ، فارسل الله لها رزقها في محرابها ، بلا حاجة لسبب!!

    ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يعلم ان الاصحاب دون هذا المستوى الرفيع، من التحقيق ، ولكنه كان يشدهم اليه ، حتى يشمروا نحوه، ويحققوا منه اقداراً متفاوتة .. فقد ورد في الحديث انه صلى الله عليه وسلم قال «لا عدوى ولا طيرة» فقال اعرابي: يا رسول الله انا نرى البعير الاجرب يلحق بالقطيع فيحيل ما فيه من الابل جرباً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فمن اجرب اولها ؟!» فسكت الاعرابي . ففي الشريعة هناك امراض معدية، وواجب الاصحاء ان يجتهدوا في الابتعاد عن المرضى، ولكن في الحقيقة ان المرض بيد الله ، وانه ليس هناك عدوى!!

    حديث الافندي عن الفكرة الجمهورية يفتقر للصدق:

    يقول د. الافندي «ولعل الحل الجذري الابرز هو ذلك الذي لجأ اليه المفكر الراحل محمود محمد طه وحركته الجمهورية حين قرر نسخ كل النصوص القرآنية المدنية ومعها السنة وما تفرع عنها من موروث اسلامي، والبدء من جديد في استحداث تشريع اسلامي من نقطة الصفر. ولكن الحل الجمهوري واجه اشكالين رئيسيين: الاول هو انه حين كنس التشريع الاسلامي الموروث بأكمله بجرة قلم، احل محله رؤية تتطابق مائة بالمئة مع المنظور الغربي الحديث في الحريات وحقوق الانسان. والثاني أن مثل هذا الحل الجذري يحتاج الى دعوى بسند سماوي جديد وتصريح الهي مباشر من الهام او نحوه. أي بمعنى آخر ان الامر يحتاج الى وحي جديد ودين جديد وهو تحديداً ما تضمنته الدعوى الجمهورية، وهو امر يجعلها مشبوهة اكثر، خاصة عند اهل الحداثة الذين تستهويهم دعواها الاولى، ولكن يصعب عليهم تقبل محتواها الصوفي الميتافيزيقي».

    ولو كان د. الافندي باحثاً جاداً ، او مفكراً مسؤولاً ، لما خاض في امر الفكر الجمهوري ، بهذه السطحية ، وهذه العفوية. ذلك لأن الفكرة مرصودة في كتبها ، ومسجلة على اشرطة ، وقد وضعت في صفحات الكترونية ، يطلع عليها من شاء ، من جميع انحاء العالم .. وكل من قرأ ولو كتابا واحدا للفكرة الجمهورية ، يعلم ان الاستاذ محمود، لم يقل مطلقاً بنسخ كل النصوص المدنية، ولم يقل بنسخ السنة، بل دعا الى بعث السنة .. وهو على التحقيق، لم يقل بـ «كنس التشريع الإسلامي الموروث بأكمله بجرة قلم» !! فهل يعارض الأفندي الفكرة، بأن ينسب اليها ما لم تقله، ام ان ما يليق به كباحث هو ان يرجع اليها في مظانها، ويناقشها فيما جاء في الكتب؟

    ولما كان د. الافندي لا يعتمد على الفكرة الجمهورية، ولا يورد ما يصدق دعواه من كتبها، فإن ما قرر انه اشكالية تواجهها ، لا يقوم الا في وهمه فقط .. فهو قد قال ان اشكالية الفكرة الجمهورية الاولى ، انها قدمت رؤية تتطابق مئة بالمئة ، مع المنظور الغربي الحديث ، في الحريات وحقوق الانسان .. وهذا غير صحيح !! فالفهم الغربي الحديث ، يوافق اصول القرآن ، التي دعت اليها الفكرة الجمهورية، اجمالاً.. ولكن هنالك خلاف جذري ، بين الفكرة وبين الفكر الغربي الحديث ، لا يتسع المجال لتفصيله. ولكن فحواه هو ان الفكرة الجمهورية ، حين دعت للحرية ، والديمقراطية ، طرحت منهاجاً اخلاقياً تربوياً، هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، لتحقيق هذه القيم ، بينما الفكر الغربي لا يملك منهاجا ، ولا يهتم بالتربية الاخلاقية.

    والاشكالية الثانية ، حسب زعم د. الافندي ، ان الحل الجذري يحتاج الى وحي جديد، وهو ما تضمنته الفكرة الجمهورية، وجعلها مشبوهة !! فأين ذكرت الفكرة الجمهورية ، انها دين جديد ، وانها تحتاج الى وحي جديد ؟! ان ما زعمه د. الافندي ، عار تماماً من الصحة ، ومنذور الحظ من الصدق و الامانة العلمية ، ثم هو يتناقض تماماً ، مع ما ذكرت الفكرة في كتبها .. فهل كان د. الافندي يعرف ذلك ، ثم ادعى ما ادعى ليخفف وطء مفارقات الترابي ؟! أم ان د. الافندي لا يعرف شيئاً ، ويعتقد حقاً وصدقاً ، ان الفكرة الجمهورية تدعو الى دين جديد ؟! وهذا ان صح ، فإنه جهل فريد من نوعه ، لا يجاريه فيه ، غير وعاظ التكفير ، امثال عبد الحي يوسف ، الذي حين اورد نصوصاً من كتب الاستاذ ، اضطر لبترها ، تزويراً ، وتحريفاً ، وكذباً ، حتى يستطيع ان يخلص الى تكفير الاستاذ محمود والجمهوريين

    بيننا وبين الترابي:

    يقول الافندي «الشيخ الترابي اتهم من قبل خصومة بانه يقارب في دعواه الاصلاحية الشطحات الجمهورية، ولكن الترابي لم يدع وحياً جديداً وانما استصحب دعوى الحداثة الاكبر «ودعوى قدامى فلاسفة المسلمين حتى ابن رشد» من ان العقل الانساني هو في حد ذاته مصدر سلطة قد تعلو احيانا على اية سلطة أخرى دون سلطة الوحي ...». والفكرة الجمهورية ، كما ذكرنا ، لم تدع وحياً جديداً، وانما فهمت الوحي القديم ، فهماً جديداً، يقوم على اصول القرآن، وحاجة العصر، وعلى د. الافندي ان يرجع لمصادرها ، ليثبت صحة دعواه .. كما ان الترابي ، لم يعتبر العقل سلطة دون الوحي ، كما ذكر الافندي ، ممالاة بالباطل ، وانما اعتبره سلطة فوق الوحي !! فهو قد رفض النصوص ، لانها لم توافق عقله ، او عقل العلماء في عصره .. ففي حديث الذبابة مثلاً ، فضل عقل الطبيب ، على نص حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي زواج المسلمة من الكتابي ، فضل عقل الانسان المعاصر، على النص القرآني ، وهكذا في سائر مفارقاته .. فهل يقرب هذا، ولو من بعيد، لما دعا اليه الاستاذ محمود من الانتقال من نص قرآني فرعي، خدم غرضه حتى استنفده، الى نص قرآني اصلي، مازالت الحاجة اليه ماثلة؟!

    ولعل الفرق الاساسي ، بين الاستاذ محمود و د. الترابي، هو ما اشار اليه د. الافندي ، حين قال عن الترابي «فقد اضطر مثلاً الى التراجع عن معظم اقواله حول زواج المرأة من كتابي وحد الردّة والتشكيك في البخاري والعصمة النبوية امام انتقادات التقليديين العنيفة. وقبل ذلك كان قد نشر كتيبه عن المرأة ، في مطلع السبعينيات باسم مستعار في اول الامر، ولقد ادى ذلك الى ازدواجية في الخطاب» !!

    هذا التذبذب في مواقف الترابي ، وآرائه ، ثم تهربه عن مسؤولية قوله، بالتخفي بالاسم المستعار، هو اكبر الادلة على عدم الصدق ، وضآلة العلم .. وهو ما لا يستطيع د. الافندي ، ولا غيره ، نسبته الى الاستاذ محمود، فلقد رأى خصوم الاستاذ كيف ثبت على مبدئه حتى لقى ربه، والذين اطلعوا على افكاره لاحظوا ان الانسجام التام، هو ما يميز كل ما كتب، منذ اول بياناته ، وحتى آخر ما خطت يمينه.

    أين يضع الأفندي نفسه ؟:

    يقول د. الافندي عن د. الترابي «فقد كانت للشيخ الترابي حلقة داخلية صغيرة من الانصار يخاطبها بصريح آرائه الفقهية، بينما كان يدخر خطاباً آخر لعوام الخلق ... واخذ يسود وسط هذه الصفوة المدعاة استخفاف كبير ببقية المسلمين وفهمهم للدين، بل وبكثير من تعاليم الدين» !! ولقد دل د. الافندي بهذا الحديث ، وغيره مما ورد في مقاله، على انه لم يعد يوافق د. الترابي .. فما رأيه في الجناح الآخر، من الحركة الاسلامية ، التي كان عضواً فيها؟

    يقول د. الافندي عن الجناح الآخر للحركة الاسلامية «فلم يجدوا بأساً في الايقاع به وانكار سابقته، لانهم اصبحوا يرون انفسهم فوق كل شريعة وعرف، ولا نزال نسمع من بعضهم تصريحات يستخفون بها بالعباد أفراداً واحزاباً وأمة، اضافة الى ما نعلمه مما يتداولونه في مجالسهم ويتناجون به من آراء خلاصتها انهم قادرون على حكم الشعب بالحديد والنار والكذب والنفاق وشراء الذمم، وان الامة بكل من فيها من شمال وجنوب وشرق وغرب ليس فيها فرد او جماعة تستطيع تحديهم، وهو غرور اورد الترابي ما هو فيه، وسيكتشف تلاميذه قريباً أن شيخهم كان محظوظاً، لأن مصيرهم سيكون اسوأ بكثير» !! وهكذا ادان الافندي جناح الحركة الاسلامية الذي في السلطة، وكشف لنا عنهم ما يفوق سوء الظن العريض، وصورهم لنا كمافيا لا علاقة لها بالدين!!

    ثم يخلص د. الافندي، الى الحديث عن ازمة الحركات الاسلامية المعاصرة فيقول «وهي ايضاً ازمة نخبة حديثة، اما انها اعرضت عن الاسلام اعراضاً، او انها فشلت اخلاقياً وفكرياً في قيادة الأمة باتجاه احياء الفكر الديني، فهي تتأرجح بين قيود التراث ومتاهات الخواء الاخلاقي الحداثي».

    لقد بدأ د. الافندي عضواً في الحركة الاسلامية، تحت زعامة الترابي ، وقبل بحكومة الانقاذ ، وتعاون معها ، ثم اختلف معها ، دون ان يوضح سبب ذلك ، واخذ ينقدها ، اولاً ، لا من موقع الحداثة ، وانما لعدم تطبيقها للشريعة .. وبعد ذلك ، تبنى افكار الحداثة اكاديمياً ، واخذ يكتب عن الديمقراطية وحقوق الانسان .. وها هو ينتقد شيخه ، وينتقد رفاقه في حكومة الانقاذ، ثم يضعف اخلاقياً، عن ان يعلن في اية مرحلة من مراحل تحولاته، انه كان مخطئاً ، او انه تبنى فكراً جديداً سيحقق به الخلاص من ازمة الفكر الاسلامي المعاصر.. فاين انتهى به المطاف ؟!

    واذا كان د. الافندي لا يقبل الفهم المتحجر الذي كفر الترابي، ثم هو في نفس الوقت يرفض اجتهادات الترابي، ويرفض الحداثة الغربية المشبوهة، ويرفض آراء الجمهوريين، دون ان يطلع عليها، ثم لا يقدم لنا فهماً بديلاً عن كل ذلك.. فهل يصف هنا، شيئاًً آخراً، غير نفسه حين يقول: «تتأرجح بين قيود التراث ومتاهات الخواء الاخلاقي الحداثي»؟!

                  

05-25-2006, 06:24 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأفندي يرد على القراي (Re: Adrob abubakr)

    وهنا المقال الأساسي، والذي رد عليه القراي، وعلى رد القراي رد الأفندي، وبلا شك أن المساجلات الفكرية مطلوبة، وظاهرة صحية تعود للقراء بالفائدة.
    وخاصة أن القراي والأفندي قامات لها إسهاماتها الفكرية المعتبرة، أن نختلف أو نتفق مع ما يطرحونه، فلن يستطيع أي مهتم بالفكر أن يتجاوزهما.
    =================================================

    عن الشيخ الترابي وأزمة الحركة الإسلامية المعاصرة*
    التاريخ: 28-3-1427 هـ
    الموضوع: ملفات الشهاب
    بقلم: د. عبدالوهاب الافندي
    بمحض المصادفة توافقت الضجة التي أثارها الشيخ الدكتور حسن الترابي بآرائه الأخيرة في قضايا خلافية في الفكر الإسلامي مع صدور كتاب عن الفكر الإسلامي الحديث كنت أحد المساهمين فيه بفصل عنوانه حسن الترابي ومحدودية الحركة الإسلامية الإصلاحية الحديثة .
    محرر الكتاب المذكور (والذي يصدر هذا الشهر عن دار بلاكويل في أكسفورد) هو الدكتور إبراهيم أبوربيعة، المحاضر في معهد هيرتفورد بالولايات المتحدة وعنوانه:
    The Blackwell Companion to Contemporary Islamic Thought
    ويتناول الكتاب الذي ساهم في إعداده لفيف من الأكاديميين والمفكرين من مختلف أنحاء العالم جوانب متعددة من الفكر الإسلامي المعاصر، ومساهمات أبرز الشخصيات المعاصرة فيه. وفي الفصل الذي قمت بإعداده تناولت بالتحديد الإنتقادات والجدل الذي أثارته اجتهادات الشيخ الترابي بدءاً من حكاية حديث الذبابة، وتشكيكه في صدقية بعض الصحابة وفي عصمة الأنبياء وموثوقية صحيح البخاري، وآرائه حول المرأة والردة وزواج المسلمة من الكتابي وغير ذلك. ومن الصعب بالطبع تلخيص كل ما ورد في ذلك النقاش الأكاديمي المفصل والمتعمق لمساهمات الشيخ الترابي وردود الفعل حولها في هذه العجالة، خاصة وأنها تعتبر تكملة لكتابين تناولت فيهما بشيء من التفصيل مساهمات الشيخ، هما ثورة الترابي (1991)، وكتاب الثورة والإصلاح السياسي في السودان (1995).
    ولكن يمكن هنا إعطاء بعض الإشارات التي تعين علي فهم بعض الجدل الدائر حالياً حول اجتهادات الشيخ، وهو جدل قديم جديد تنبع أهمتيه من أنه لا يعبر عن الإشكاليات التي تطرحها آراء فرد، بغير ما هو انعكاس لأزمة تواجه كل محاولات إحياء الاجتهاد في العصر الحديث.
    فالضجة التي ثارت حول رفض الترابي لحديث الذبابة تجسد في جوانبها المختلفة أزمة أي محاولة لتحديث الفكر الإسلامي في وجه النظرة التقليدية السائدة. ذلك أن حديث الذبابة يمثل حالة نادرة من تعارض نصوص إسلامية معتمدة (في هذه الحالة حديث ورد في صحيح البخاري) مع اكتشافات قطعية خرج بها العلم الحديث. فهناك إجماع بين العلماء علي أن الذبابة تنقل الأمراض فوق ما عرف بأنها تنقل القاذورات. وبالتالي فإن اتباع نصيحة الحديث المنسوب إلي الرسول صلي الله عليه وسلم بغمس الذبابة في الشراب الذي تقع فيه بدلاً من إخراجها تتناقض في ظاهرها مع صريح العلم، رغم أن الحديث المزعوم يقدم ما يشبه نظرية المضادات الحيوية بالقول بأن جسد الذبابة يحمل معه ما يشفي مما تحمله من أمراض. ولا بد من أن نذكر هنا أن الصراع بين الدين المسيحي كما كانت تعبر عنه المؤسسات الكنسية والعلم الحديث كان من أهم أسباب تراجع سلطة الدين في الغرب وهيمنة العلمانية علي الحياة.

    الضجة التي ثارت حول رفض الترابي لحديث الذبابة تجسد في جوانبها المختلفة أزمة أي محاولة لتحديث الفكر الإسلامي في وجه النظرة التقليدية السائدة. ذلك أن حديث الذبابة يمثل حالة نادرة من تعارض نصوص إسلامية معتمدة (في هذه الحالة حديث ورد في صحيح البخاري) مع اكتشافات قطعية خرج بها العلم الحديث.
    ________________________________________
    الحركة الإسلامية الحديثة سعت إلي تجنب مصير مماثل للإسلام بمحاولة إحياء الإجتهاد والتخلص من المقولات التي تتعارض مع العلم الحديث أو المفاهيم السياسية والاجتماعية الحديثة (الحريات، حقوق الإنسان، حقوق المرأة، إلخ...)، إما بالتشكيك في صحة نسبة هذه المقولات إلي مصادر إسلامية موثوقة، أو بإعادة تفسيرها وتأويلها. وتميز موقف الترابي بأنه اتخذ موقفاً جذرياً، بدأ برفض سلطة حديث الذبابة جملة وتفصيلاً، وتدرج إلي ذلك بعد أن بدأ بالمنهج التقليدي، وهو التشكيك في صحة الحديث، وبالتالي التشكيك في اعتقاد سائد بين المسلمين السنة بصحة كل ماورد في صحيحي البخاري ومسلم (وهو موقف لا يشاركهم إياه الشيعة). وحجة الترابي هي أن البخاري بشر غير معصوم، ولا بد أنه أخطأ في إسناد بعض ما أورده. ولكن حتي لو كان البخاري علي حق في روايته، فإن من المحتمل أن يكون الصحابي الذي نسب إليه الحديث قد أخطأ فيما نقل أو لم يفهمه كما يجب.
    والصحابة أيضاً ليسوا بمعصومين، بل إن بعضهم قد سجل عليه كذب وتزوير. وحتي لو تجاوزنا عن هذا وأثبتنا أن السند صحيح وأن الصحابي المذكور قد نقل عن النبي صلي الله عليه وسلم بدقة وموثوقية، فإنه يحق لنا أن نرفض المقولة النبوية إذا كانت تتعلق بشأن دنيوي. فعصمة الرسول صلي الله عليه وسلم تتعلق بالتبليغ في أمر الدين، وهو القائل أنتم أعلم بشؤون دنياكم كما ورد في الحديث الذي نصح فيه المسلمين بعدم تلقيح النخل، وهي نصيحة اتضح أنها لم تكن صائبة.


    محمود محمد طه
    من الواضح أن الدافع الأساسي للإصلاحيين الإسلاميين المحدثين هو التعامل مع مطالب الحداثة، ومواجهة الانتقادات الصادرة من الغرب والعلمانيين من أبناء الإسلام، وهي انتقادات يستبطنها الإصلاحيون في أحيان كثيرة استبطانهم مبادئ مثل الإيمان بالديمقراطية أو حقوق الإنسان. ولهذا فإنهم يكونون في صراع مستمر مع أنصار النظرة التقليدية التي تري أن الإسلام يجب أن يؤخذ كما هو. ومن السهل علي الإسلاميين انتقاد ما يصفونه بأنه جمود تقليدي أو تفسير خاطئ للنصوص، أو غلبة موروثات غير إسلامية علي فهم الدين.
    ولكن الإشكال يأتي حين يواجهون نصوصاً صريحة تتعارض مع ما يقبلون به من أفكار حديثة، مثل الحرية الدينية مقابل حد الردة، أو مساواة المرأة مع الرجل مقابل النصوص حول وضعها وشهادتها وحقها في الميراث، إلخ. الحلول التي لجأ إليها معظم الإصلاحيين تمثلت في محاولة التركيز علي نصوص معينة دون أخري، وادعاء أولويتها.
    ولعل الحل الجذري الأبرز هو ذلك الذي لجأ إليه المفكر الراحل محمود محمد طه وحركته الجمهورية حين قرر نسخ كل النصوص القرآنية المدنية ومعها السنة وما تفرع عنها من موروث إسلامي والبدء من جديد في استحداث تشريع إسلامي من نقطة الصفر. ولكن الحل الجمهوري واجه إشكالين رئيسيين:
    الأول هو أنه حين كنس التشريع الإسلامي الموروث بأكمله بجرة قلم، أحل محله رؤية تتطابق مئة بالمئة مع المنظور الغربي الحديث في الحريات وحقوق الإنسان، وهو تطابق حري بأن يجعل أي دعوي من هذا النوع مشبوهة.
    والثاني أن مثل هذا الحل الجذري يحتاج إلي دعوي بسند سماوي جديد، وتصريح إلهي مباشر من إلهام أو نحوه. أي بمعني آخر إن الأمر يحتاج إلي وحي جديد ودين جديد، وهو تحديداً ما تضمنته الدعوي الجمهورية، وهو أمر يجعلها مشبوهة أكثر، خاصة عند أهل الحداثة الذين تستهويهم دعواها الأولي ولكن يصعب عليه تقبل محتواها الصوفي ـ الميتافيزيقي.

    الشيخ الترابي اتهم من قبل خصومه بأنه يقارب في دعاواه الإصلاحية الشطحات الجمهورية، ولكن الترابي لم يدع وحياً جديداً وإنما استصحب دعوي الحداثة الأكبر (ودعوي قدامي فلاسفة المسلمين حتي ابن رشد) من أن العقل الإنساني هو في حد ذاته مصدر سلطة قد تعلو أحياناً علي أي سلطة أخري دون سلطة الوحي، ويمكنها كذلك أن تعيد تفسير الوحي بما ينسجم مع متطلبات الحياة البشرية.
    ________________________________________
    الشيخ الترابي اتهم من قبل خصومه بأنه يقارب في دعاواه الإصلاحية الشطحات الجمهورية، ولكن الترابي لم يدع وحياً جديداً وإنما استصحب دعوي الحداثة الأكبر (ودعوي قدامي فلاسفة المسلمين حتي ابن رشد) من أن العقل الإنساني هو في حد ذاته مصدر سلطة قد تعلو أحياناً علي أي سلطة أخري دون سلطة الوحي، ويمكنها كذلك أن تعيد تفسير الوحي بما ينسجم مع متطلبات الحياة البشرية. من هذا المنطلق استخدم الترابي الأدوات الفقهية التقليدية، مثل التعمق في البحوث اللغوية والتاريخية، ونقد النصوص ومحاولة قراءتها قراءة جديدة ترفض القراءات التقليدية التي تلبست كما يري بمواريث تقليدية غير إسلامية، ترجع إلي حياة المجتمعات الإسلامية وقيمها السابقة علي الإسلام. علي سبيل المثال انتقد الترابي بشدة النزعة الأبوية في المجتمعات الإسلامية التقليدية وتغولها علي حقوق المرأة، بحيث أصبحت شــــؤون المرأة تكاد تكون الجانب الوحيد من الفقة الإسلامـــي الذي يرفض فيه التقليديون (علي غير ديدنهم) صريح النصوص التي تؤكد علي حقوق المرأة بدعوي أن ما كان يصلح للمجتمع النبوي ومجتمع صدر الإسلام لم يعد يصلح للمجتمعات اللاحقة التي لا يمكن أن تضاهي في صفائها الأخلاقي تلك المجتمعــات الطاهرة.
    الإشكال في منهج الترابي هو أنه واجه رفضاً من التقليديين دون أن يجد القبول عند الحداثيين والعلمانيين. فالحداثيون لا يقبلون بما هو دون الحل الجمهوري من تخلص بالجملة من الموروث الإسلامي الفقهي، أو علي الأقل يدعون لما يسميه الدكتور محمد أركون بـ نقد العقل الإسلامي ، أي عملية تفكيك تحلل الموروث الإسلامي من الخارج وتحكم عليه بأنه كان أسير واقع تاريخي معين لا بقاء له خارجه. وبالمقابل فإن التقليديين يرفضون اجتهادات الترابي جملة وتفصيلاً كما يرفضون منهجه. وقد كان الترابي يميل حتي وقت قريب إلي مداراة التقليديين، ولا يحفل كثيراً بنقد الحداثيين، وإن كان يتوجه بكثير من خطابه إليهم وإلي الغرب. فقد اضطر مثلاً إلي التراجع عن معظم أقواله حول زواج المرأة من كتابي وحد الردة والتشكيك في البخاري والعصمة النبوية أمام انتقادات التقليديين العنيفة. وقبل ذلك كان قد نشر كتيبه عن المرأة في مطلع السبعينات باسم مستعار في أول الأمر.
    وقد أدي هذا بدوره إلي ازدواجية في الخطاب. فقد كانت للشيخ الترابي حلقة داخلية صغيرة من الأنصار يخاطبها بصريح آرائه الفقهية، بينما كان يدخر خطاباً آخر لـ عوام الخلق . وقد نتجت عن هذا الوضع عدة نتائج، أولها بروز عقلية صفوية بين أعضاء هذه الحلقة الداخلية تشبه إلي حد كبير ما انتقد الإمام أبوحامد الغزالي عن فلاسفة عصره الذين كانوا يعتقدون التميز عن الأقران بفهم خاص للأمور يرتفع كثيراً عن فهم العامة. وأخذ يسود وسط هذه الصفوة المدعاة استخفاف كبير ببقية المسلمين وفهمهم للدين، بل وبكثير من تعاليم الدين. وهذا بدوره سلب الحركة الإسلامية سلاحها الأمضي في وجه خصومها من العلمانيين، والمتمثل في قدرتها علي تعبئة الجماهير وراء مواقفها بتوسل الشرعية الدينية. ولكن إذا كانت الحركة الإسلامية ترفض الموروث الديني كما هو فإنها تواجه نفس إشكال العلمانيين، بل إشكالاً أكبر، لأن العلمانيين علي الأقل لا يتدخلون في أمور الديــن ولا يسعـــــون إلي تغيير عقائد الناس بل يكتفون بتجاهل الدين ومقولاته أو التظاهر نفاقاً بالقبول بها. وهناك شواهد كثيرة علي أن العلماء التقليديين والجماهير الإسلامية تتقبل الإعراض عن الدين أكثر من تقبلها لما تري أنه تحريف للدين أو تغيير له. ولهذا واجهت الحركة الإسلامية بقيادة الترابي عزلة مزدوجة لأنها كانت تحارب العلمانيين والتقليديين في نفــس الوقت.

    آراء الترابي الأخيرة وما ولدته من ردود أفعال لا يجب إذن أن ينظر إليها علي أنها إشكالية فرد أو جماعة، وإنما هي ورطة أمة لم تعد تجد في تراثها ما يكفي لمواجهة الحداثة، ولكنها تتمسك بهذا التراث علي علاته، وتقبل أن يزول هذا التراث جملة من أن يتعرض لتعديلات تضمن بقاءه.
    ________________________________________
    التوجه الجديد للصفوة المحيطة بالترابي كانت له انعكاسات عملية، منها التنكر لتقبل الحركة الإسلامية التقليدية للديمقراطية، لأن الاحتقار للجماهير، بما في ذلك الجماهير المتدينة، يستتبع بالضرورة رفض الديمقراطية كمنهج. وقد ولدت هذه النظرة كذلك استخفافاً بكثير من القيم المتمثلة في الصدق مع الناس أو احترام حقوق العباد، ولعلها كانت مسؤولة إلي حد كبير لما وقع من انتهاكات وتجاوزات ميزت عهد ثورة الإنقاذ تحت رعاية الترابي. وهي بلا شك مسؤولة عما وقع للترابي علي يد تلاميذه الذين تعلموا منه الاستخفاف بالناس وبالقيم دون أن يكون لديهم ما كان له من العلم، فلم يجدوا بأساً في الإيقاع به وإنكار سابقته، لأنهم أصبحوا يرون أنفسهم فوق كل شريعة وعرف. ولا نزال نسمع من بعضهم تصريحات يستخفون بها بالعباد أفراداً وأحزاباً وأمة، إضافة إلي ما نعلمه مما يتداولونه في مجالسهم ويتناجون به من آراء خلاصتها أنهم قادرون علي حكم الشعب بالحديد والنار والكذب والنفاق وشراء الذمم، وأن الأمة بكل من فيها من شمال وجنوب وشرق وغرب ليس فيها فرد أو جماعة تستطيع تحديهم، وهو غرور أورد الترابي ما هو فيه، وسيكتشف تلاميذه قريباً أن شيخهم كان محظوظاً، لأن مصيرهم سيكون أسوأ بكثير.
    آراء الترابي الأخيرة وما ولدته من ردود أفعال لا يجب إذن أن ينظر إليها علي أنها إشكالية فرد أو جماعة، وإنما هي ورطة أمة لم تعد تجد في تراثها ما يكفي لمواجهة الحداثة، ولكنها تتمسك بهذا التراث علي علاته، وتقبل أن يزول هذا التراث جملة من أن يتعرض لتعديلات تضمن بقاءه. وهي أيضاً أزمة نخبة حديثة إما أنها أعرضت عن الإسلام إعراضاً أو أنها فشلت أخلاقياً وفكرياً في قيادة الأمة باتجاه إحياء الفكر الديني، فهي تتأرجح بين قيود التراث ومتاهات الخواء الأخلاقي الحداثي.
    ________________________________________
    *نقلا عن القدس العربي
                  

05-30-2006, 03:38 AM

قصي مجدي سليم
<aقصي مجدي سليم
تاريخ التسجيل: 03-09-2004
مجموع المشاركات: 1091

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأفندي يرد على القراي (Re: القلب النابض)
                  

06-01-2006, 07:22 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48851

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
القراي يعقب على الأفندي للمرة الثانية.. (Re: القلب النابض)

    Quote: عودة إلى مأزق الأفندي!!(1ـ2)
    د. عمر القراي
    توقع بعض القراء، الذين تابعوا مقالي السابق في الرد على د. الأفندي، ان يرد بمواجهة المسائل المحددة التي أثرتها في ذلك المقال.. فيعقِّب مثلاً، على ما ذكرته من جهله بالفكرة الجمهورية، ثم عدم تردده في الخوض فيها، واتهامها دون الرجوع لمصادرها، بأنها تدعو إلى دين جديد، وتدعي وحياً من الله!! أو ما أثرته عن ان د. الافندي يقع في مأزق، فهو يعارض د. الترابي، شيخه السابق، ويعارض الجناح الآخر من الحركة الاسلامية، ثم لا ينفي أنه ما زال في اطار الفكر الاسلامي، ثم هو لا يحدثنا عن رؤية جديدة، تختلف عن اجتهادات الترابي، التي هاجمها، أو آراء خصومه الذين كفَّروه، وتتفق مع الاسلام، ومع مفاهيم الحداثة الغربية التي يزعم انه عالم بها.
    لقد كان نقدي السابق، مؤسساً على ما كتب الافندي، فلم يترك لصادق مندوحة إلا الموافقة عليه، أو على أقل تقدير قبوله، وعدم التعقيب.. ولقد كنت لحسن ظني بالأفندي، اتوقع منه ذلك، ولكنه اخلف حسن ظني، فلم يواجه الموضوع كما تصوَّر بعض القراء، ولم يصمت كما توقعت أنا، وانما دار هنا وهناك، يباعد الامر ويقاربه، ويذكر اسمي على استحياء، وكأنه لم يكتب ليرد عليَّ، وينسب لي التناقض فيما لا تناقض فيه، وذلك ليبرر لنفسه وللقراء، انه قد رد على مقالي، وانه يتابع ما يكتب حول آرائه، ثم يجنح مرة اخرى للتعميم، ليؤكد أنه غير متأثر بنقدي له، ولا يود متابعته بالرد المفصل، الذي يوهم القراء بأنه يستطيعه ثم يزعم أننا لم نفهم القضية الاساسية، ويخبرنا انها ليست تكفير الترابي، ولا هي قضية حرية الرأي، ولا هي مأزقه هو، ويقفز بنا الى مسائل جديدة مثل جدلية الوحي والفكر الانساني ويدعي أنها هي الموضوع الاساسي للحوار!! ولو كان د. الافندي واثقاً من ثقافته الغربية، ومن فكره الاسلامي، لما اضطرب كل هذا الاضطراب، في قضايا بدهية، كان عدم المامه بها، كافياً ليحرمه من الكتابة فيها، لو كانت الكتابة، تقتضي اي قدر من المسؤولية العلمية أو الدينية.
    أسوأ المآزق ما لا يشعر به صاحبه:
    يقول د. الأفندي (وبالتالي فإن تكرار الحديث بأن العبد الفقير إلى مولاه يواجه «محنة» أو «مأزقاً» بسبب التدهور الذي اصاب الحركة الاسلامية عامة والسودانية خصوصاً يعكس محنة ومأزق من فرضوا على نفسهم الأمية ويريدون كما كررت سابقاً للكاتب ان يكتب ثم يقرأ نيابة عنهم، وهو دور للأسف لا نملك الوقت ولا الرغبة في القيام به. فلسنا وكلاء عن من فرضوا على أنفسهم الأمية خاصة في عصر الانترنت الذي يكفي ان تجري البحث فيه عن اسم كاتب فترِدك آلاف الصفحات عما كتب وما كتب عنه بكل اللغات. ونحن ننصح هؤلاء الاخوة بمداواة أميتهم بشئ من القراءة أو أن يسألوا أهل الذكر كما يفعل الاميون الذين يحترمون انفسهم قبل أن يخوضوا فيما ليس لهم به علم). هذا ما قاله الافندي، وهو ينضح بالغرور والادعاء، إذ يتهمنا بالأمية، وينصحنا بالقراءة، ويشرح لنا كيف نستعمل الانترنت كي نداوي اميتنا، أو نسأل أهل الذكر اذا لم نستطع استعمال الانترنت!! ولكن مع كل ذلك، عجز الافندي عجزاً بيِّناً، عن دفع الاتهام بأنه هو شخصياً يعيش في مأزق.. ليس بسبب التدهور الذي أصاب الحركة الاسلامية السودانية، وانما بسبب عجزه هو شخصياً، عن ان يتبنى رؤية جديدة، تمثل فكراً اسلامياً بديلاً، يخرجه من هذه الأزمة العامة، الى ما تطمئن به نفسه، ويصح به دينه.
    فلو أن الافندي عقَّب على حديثنا السابق عن مأزقه، بأنه لا يعاني أي مأزق، وانه خلافاً للترابي، وخلافاً لجماعة الانقاذ، منسجم مع افكاره، ولم يغيِّر مواقفه ومنطلقاته، وانه حين ادان هؤلاء، يملك الفهم الاسلامي الصحيح، البديل عن تطبيقاتهم الخاطئة، ودلل على ذلك من كتابته التي ذكر انها تسد الافق، لواجه الاتهام الذي رفعناه في وجهه. ولكن الافندي فضَّل أن يقف موقف المتفرج، في لعبة لا تعنيه، ينظر فيها من عل الى الحركة الاسلامية، التي تربى في كنفها، وهي تعاني من محنة انقسامها، وفشل شعاراتها، وتكفير مرشدها، وفساد حكامها.. وكأن مهمته في الحياة هي مجرد النقد، وكأنه لم يكن الى وقت قريب، يعمل مع حكومة الانقاذ، التي وصفها في مقاله بالظلم والفساد، ولم يكن متبعاً للترابي كشيخه وقائده.. إن الافندي يريد ان يمسح تاريخه بجرة قلم، ويلقي باللوم على اخوانه في الحركة الاسلامية، ويظل هو رغم حيرته، بمعزل وكأنه المفكر الذي لا يعاني من اي مشكلة.. أليس هذا في حد ذاته، انفصاماً غريباً، يحتاج صاحبه الى علاج، ينبغي ان يشغله عن نقد الآخرين؟!
    أما نحن فقد ركزنا على مأزق الافندي، لحرصنا عليه، لاننا نرى ان الافندي غاية في ذاته، وان واجبه الاساسي هو تدارك امر نفسه.. وذلك لان الاعتبار الديني الاول، هو اعتبار الانسان لنفسه، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم الى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم تعملون). وقال جلَّ من قائل (ومن يرغب عن ملة ابراهيم إلا من سفه نفسه).. فلماذا يريد د. الافندي ان يسفه نفسه، ولا يحفل بمصيرها، ثم اذا ذكر بذلك يتطاول على من نصحوه، ويصفهم بالأمية؟!
    ولا عبرة لوصف الافندي لنا بالأمية، لأن فهمه لها فهماً سطحياً، فهو لا يعني اننا لا نستطيع القراءة والكتابة، وانما الأميه عنده مطابقة للجهل، وهذا هو الفهم الشائع، والسطحية دائماً، تأتي من اتباع الفهم الشائع.. والحق أن الأمية لا تعني الجهل، فقد كان أعلم الخلق وأكرمهم على الله أمي!! قال تعالى (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر).
    أما الاستاذ محمود محمد طه، فإنه حين رفع النبي صلى الله عليه وسلم، نموذجاً تتأسى به البشرية جمعاء، في كتابه (محمود محمد طه يدعو الى طريق محمد)، رفع الأمية، كقيمة ايجابية، فقال (والأمية تعني سلامة الفطرة من زغل التحصيل وتعقيد التفلسف والتنطع الذي يصاحب التعليم عادة).
    ما هي القضية الأساسية؟
    نحن نرى ان القضية الاساسية، هي ان الأفندي غير مؤهل لنقد الحركة الاسلامية.. لانه كان ولا يزال جزءاً منها، ولأنه في داخلها مضطرب الولاء والتفكير، ولأنه انتقد الترابي وانتقد جناح الانقاذ الحاكم، ثم لم يحدد رؤيته الاسلامية التي تختلف عنهما، ومن هنا تحدثنا عن مأزقه.. ولكن الأفندي لا يظن ان فكره، ومواقفه هي القضية الاساسية، بل يرى ان (القضية الاساسية التي اردنا معالجتها «وظللنا نعالجها من زوايا مختلفة لاكثر من اربعة قرون» هي المتعلقة بالفكر الاسلامي المعاصر، وهي انه فكر يستصحب الحداثة والعقلانية الاوربية المعاصرة في نظرته للتراث الاسلامي. والفرق بين الاسلاميين وخصومهم من العلمانيين هو ان الآخيرين يحاكمون التراث الحداثي الغربي. بينما يتخذ الاسلاميون موقف الدفاع عن التراث الاسلامي عبر محاولة المواءمة بينه وبين ما يصعب رده من مقتضيات الحداثة. ولكن موقف الاسلاميين الدفاعي يختلف أيضاً عن موقف التقليديين الذين يماثلونهم في بناء الخنادق الدفاعية في أن الحركات الاسلامية تحتضن بعض مظاهر الحداثة، بل تعتبر نتاجاً لها وترفض بعض توجهات التقليديين المحافظة).
    هذا وصف الافندي للقضية الاساسية، وهو وصف خاطئ، ولكننا لا نود ان نقف عنده الآن.. فلو اننا سلمنا جدلاً، بأن وصفه هذا صحيح، فهل قدَّم حلاً للحركات الاسلامية أو العلمانية؟ وهل وضَّح للقارئ ايهما افضل اتجاه تبني الحداثة ام اتجاه التعصب الذي يرفض الحداثة أم اتجاه العلمانيين؟ وهل أبان عن موقفه هو من هذه التيارات؟
    ان مثل هذا السرد القصصي، الذي يشبه الروايات الضعيفة، هو ما شغل به الافندي نفسه، خلال اربعة عقود، فلم يعطه وقتاً ليفكر في نفسه، ويهتم بمصيرها، واين يضعها بين هذه الجماعات المتباينة.
    اما الخطأ في هذا الوصف، فيجئ من ان الحركة الاسلامية، لم تختر الحداثة عن قناعة، ولم تستصحبها عن نظر متعمق، يدرك قيمتها، وانما اضطرت إليها اضطراراً، حماية لمصالحها في الكسب السياسي، الذي لا علاقة له بالدين.. فالترابي نفسه بدأ متشدداً، ولقد صرَّح حين طرح الدستور الاسلامي لأول مرة، بأن غير المسلم، لا يجوز له مجرد الترشيح، لمنصب رئيس الجمهورية، وكان هو من وضع مادة الردَة في القانون.. فاذا قال اليوم إنه ضد التكفير، وان غير المسلم يمكن ان يتزوَّج المسلمة، وعارض حكومة الانقاذ التي كان عرَّابها، فهل فعل ذلك لانه أراد ان يستصحب الحداثة، ام لانه يريد ان يصاحب مصلحته، التي لا علاقة لها بالدين؟!
    والافندي كنموذج آخر، بدأ مؤيداً لحكومة الانقاذ، وموظفاً فيها، ثم شعر بأن هناك هجمة عليها من الدول الغربية، التي تبنت مؤخراً اتجاه الهجوم على الارهاب والتشدد الاسلامي.. ولما كان يريد ان يظهر كمفكر وباحث، في جامعاتها، كان لا بد ان يركب موجة نقد التطرف الاسلامي.. وهو لا يمكن ان يقبل منه ذلك، الا اذا اثبت بنقد الحركة الاسلامية المكثف، انه لم يعد عضواً فيها، وهكذا فضَّل مصلحته الدنيوية على معتقده الديني!! والدليل على ان الافندي ليس مخلصاً للفكر الغربي الحديث، بل ليس ملماً به بالقدر الكافي، ما ظهر في مقاله عن فهمه للحرية، مما سنعرض له في موقعه.
    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147503048&bk=1

    ..
                  

06-02-2006, 02:54 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48851

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: القراي يعقب على الأفندي للمرة الثانية.. (Re: Yasir Elsharif)

    الجزء الأول من تعقيب القراي على الأفندي..

    بعاليه... فوق
                  

06-02-2006, 12:00 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48851

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: القراي يعقب على الأفندي للمرة الثانية.. المقال الثاني (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: عودة إلى مأزق الأفندي!!ـــ (2ـ2)
    مفهوم الحرية عند الأفندي

    د. عمر القراي
    يقول الأفندي (من هنا فإن من قادوا حملة تكفير الشيخ الترابي لم يحالفهم التوفيق. فإنه يحق لمن شاء أن يخالف الترابي واجتهاداته ولكن لا يحق لهم التشكيك في عقيدته ونياته. ولا علاقة لهذا بما ذهب اليه البعض «عمر القراي في جريدة الصحافة.. على سبيل المثال» من ان التكفير اعتداء على حرية التعبير. فالقراي هنا يناقض نفسه حين يدافع عن حرية التعبير بينما يهاجم الذين يعبرون عن رأيهم الديني. فكما أشرت أيضاً في مقالة سابقة في «القدس العربي» فان حرية التفكير تستتبع حرية التكفير. ذلك ان توضيح اسس العقيدة في كل دين يشتمل على تحديد للاطار الذي يحدد حدود العقيدة وما هو داخلها وما هو خارجها. فأنظمة اللاهوت كما يقول محمد أركون هي نظم من الاقصاء المتبادل. والقائمون على كل ملة من العلماء وغيرهم يرون أن من واجبهم التنبيه الى ما يرونه خروجاً عن أُسس العقيدة).
    أول ما تجدر الاشارة اليه، هو ان كل انسان حر، ولكن ثمن الحرية هو حسن التصرف فيها.. وآية حسن التصرف، ان تنتهي حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين. ولهذا لا يجوز لك ان تقول انني حر في ان اقول ما أشاء، ولو كان تكفير الآخرين، والإساءة الى معتقداتهم وعقائدهم.. فالتكفير إعتداء سافر على حرية التعبير، الغرض منه في النهاية، إسكات صوت الشخص الذي تم تكفيره بإنهاء حياته، أو بإجباره على التنازل من معتقداته.. لهذا فالذين كفروا الترابي، طالبوا بإيقاف محاضراته، والذين كفروا الاستاذ محمود من قبل، طالبوا باحراق كتبه، وقفل دور حزبه.. أسوأ من ذلك فإن التكفير، يمثل إعطاء رخصة للمتطرفين، لأخذ القانون في أيديهم، وقتل الشخص البرئ، الذي تم تكفيره.. وهذا ما حدث للمفكر المصري د. فرج فودة، فقد أفتى أحد الاشياخ بكفره، فخرج عليه شابان من الجماعة الاسلامية، واردياه قتيلاً.. ولقد ذكر الشاب الذي حاول قتل الكاتب المشهور نجيب محفوظ، انه لم يقرأ أي كتاب من كتبه، وانما فعل ما فعل، لانه سمع فتوى من شيخ، يكفِّر فيها الكاتب الكبير!! فإذا جاء الافندي بعد كل هذا، ليحدثنا عن ان التكفير، لا يمثل اعتداءً على حرية التعبير، فإنما هو رجل لا يدرك معنى ما يردد.
    إن الفكر الغربي الحديث، يعتمد في أمر الحقوق والحريات، على مرجعية الشرعة الدولية لحقوق الانسان، التي تتكون من: الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة.. وفي كل هذه المواثيق، تكرر تأكيد حرية الاعتقاد، وحرية التعبير عن المعتقد، وعدم حق الافراد او الدول في التغول على هذا الحق، بإرهاب اي شخص، أو اجباره على التنازل عن اعتقاده، أو تحقيره، والتمييز ضده، أو حرمانه اي مكانة سياسية، أو اجتماعية، بسبب دينه أو معتقده. فاذا كان الافندي يفهم هذا، فما هو التناقض الذي يأخذه علىَّ، حين ادعو الى حرية التعبير، وأدين في نفس الوقت، الاشياخ الذين كفَّروا الترابي، وأمروه بالتوبة عن آرائه؟!
    أما من حيث الفهم الديني، القائم على اصول القرآن، فإن كل شخص حر، في أن يؤمن أو يكفر.. قال تعالى في ذلك (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).. وواجب المسلم، ان يذكر الناس بالدين، ولا يجبرهم عليه.. قال تعالى (فذكر انما انت مذكر * لست عليهم مسيطر).. فإذا دعاهم يدعوهم بالحسنى.. قال تعالى (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).. ثم هو يجب ألا يلح عليهم، لأن هدايتهم ليست من واجبه.. قال تعالى (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء).. فاذا رفضوا الدعوة، وأبوا ان يدخلوا في الاسلام، فليس من حق المسلم، ان يسب معتقداتهم، ويسئ الى عقائدهم.. قال تعالى (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله، فيسبوا الله عدواً بغير علم، كذلك زيَّنا لكل أمة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون).
    ان ما ذكره الافندي، من أن أصحاب العقائد لا بد لهم من وضع حدود لعقيدتهم، وتحديد من هو خارجها أو داخلها، وان العلماء لذلك يمكن لهم، بل من واجبهم تكفير من يرون انه يخالف اسس عقيدتهم، أمر معروف.. ولكن ما لا يعرفه الافندي، وهو يحتاجه ليخرج به من مأزقه، هو ان هذا المستوى هو مستوى الشريعة، وهو قد كان حكيماً كل الحكمة في وقته، ولكنه لا يناسب وقتنا الحاضر، لانه يخالف اصول الاسلام، التي تحدثنا عنها أعلاه، ويخالف الشرعة الدولية لحقوق الانسان.. ولهذا فأنا لا أدعو لتطبيق الشريعة، التي تقوم على فروع القرآن، وانما ادعو الى السنة التي تقوم على اصوله.. بهذا الفهم المؤسس الذي طرحه الاستاذ محمود محمد طه، فيما عرف بتطوير التشريع الاسلامي، في الانتقال من الفروع الى الاصول، ومن الشريعة الى السنة، الحل الجذري لأزمة الحركات الاسلامية، التي عجزت عن تطبيق الشريعة، كما عجزت عن رؤية المستوى الأرفع من الدين.. ولكن الافندي ذكر انه لا يريد ان يناقش الفكرة الجمهورية، ولكنه لم يستطع ان يهملها تماماً، فهو يرهق نفسه في امرها، دون طائل، ويصدق فيه قول القائل:
    وعن مذهبي لما استحبوا العمى على الهدى
    حسداً من عند انفسهم ضلوا
    فهم في السُرى لم يبرحوا من مكانهم
    وما ظعنوا في السير عنه وقد كلوا
    لقد ذكر الأفندي، أنه خالف اخوانه المسلمين، حين طالبوا بإسكات سلمان رشدي، رغم ادانته لما كتب، فلماذا فعل ذلك؟ لقد افتى الامام الخميني، بكفر سلمان رشدي، ووضع جائزة لمن يقتله. فاذا كان الافندي يرى ان من حق الخميني، ان يكفِّر سلمان رشدي، قياساً على حق العلماء في تحديد من هو داخل العقيدة، فكيف يقبل بالتكفير، وينكر اولى نتائجه، وهي اسكات صوت الكافر؟! ان الشريعة التي أعطت العلماء حق حماية العقيدة، بتكفير من يرونه خارجاً عنها، هي نفسها التي امرت بإسكات صوت الكافر، ومصادرة حقه في الحياة، فليأخذها الافندي كلها، أو يتركها كلها!!
    وتعصب أصحاب العقائد الى عقائدهم، ونعتهم من خالفهم بالكفر، هو ما جعل محمد أركون يعتبر اللاهوت إقصاءً منظماً. وما فات على اركون، هو ان اللاهوت يبدأ من مرحلة العقيدة، حيث الاقصاء للآخر، ويرتفع نحو مرحلة العلم، حيث القبول بالآخر، مهما كان اعتقاده، واعطاءه الحق في التعبير، وعدم تكفيره، فليقرأ اركون ان شاء قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
    ضعف الفهم الديني
    ومن ضعف الفهم الديني قول الأفندي (والعقيدة الاسلامية هي ما تواضع عليه المسلمون وتوارثوه كما ان اللغة العربية هي ما تحدث به العرب)!! والخطل في هذا التقرير، هو ان اللغة قد صنعها الناس في حركة حياتهم اليومية، وطوروها لتعبِّر عن حاجاتهم المختلفة، بينما العقيدة جاءت من إلمامة السماء بالارض، لتهذِّب اعراف المجتمع، وتربطها بالأعالي.. والمسلمون قد يتواضعوا على مفاهيم، وعقائد، ويتوارثوها، ثم تكون مفارقة للدين، وتصبح جماعة المسلمين رغم كثرتها بلا وزن عند الله لمفارقتها للحق، فقد جاء في الحديث (يوشك أن تداعى عليكم الأمم، كتداعي الأكلة على القصعة. قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل انتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل لا يبالي الله بكم).. فالجماعة ليست المرجع، وانما المرجع الحق، وان قل أنصاره..
    ولقد بنى الأفندي على تقريره، ان ما يتواضع عليه الناس هو العقيدة الاسلامية، رأياً فحواه أن الفكرة الجمهورية خارجة عن الاسلام، لانها قدمت فهماً لا يوافق عليه المسلمون.. أسمعه يقول (وبالمثل فإن من جاء بفهم جديد للاسلام يناقض ما تواضع عليه المسلمون «بغض النظر عن صحة مقولته او عدمها» يقف خارج أرضية الاسلام) هذا ما قاله الافندي.. فاذا فرضنا ان هذا الشخص، الذي خالف المسلمين، قدم مقولة صحيحة، فإنه يكون قد جاء بالحق، فهل يمكن ان نقول لمن جاء بالحق، إنك خارج على أرضية الاسلام لأنك خالفت ما تواضع عليه المسلمون؟!
    ان الافندي الآن ينقد الحركة الاسلامية جناح الترابي ، وجناح الحكومة، وهو بهذا ضد الحركة الاسلامية السودانية، فهل يعني هذا انه بالضرورة يقف خارج ارضية الاسلام؟!
    في مقاله السابق، تناول الافندي حديث تأبير النخل المشهور، فقال (فعصمة الرسول صلى الله عليه وسلم تتعلق بالتبليغ في أمر الدين وهو القائل «انتم اعلم بشؤون دنياكم» كما ورد في الحديث الذي نصح فيه المسلمين بعدم تلقيح النخل وهي نصيحة اتضح أنها لم تكن صائبة)، ولقد ذكرت رداً على الافندي ما يلي (وخطأ د. الافندي يجئ من عدة وجوه:
    1- إفتراضه ان النبي صلى الله عليه وسلم، الذي عاش كل حياته، في جزيرة العرب، لا يعرف ان النخل يلقَّح، مع ان هذه المعرفة، متوفرة لأي اعرابي، لمجرَّد معيشته هناك.
    2- أسوأ من ذلك!! افتراضه ان النبي صلى الله عليه وسلم، يفتي فيما لا يعلم، وهو بذلك يسلك في مستوى، دون ما طلب الله من المؤمنين، في قوله تعالى (قل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وان تقولوا على الله ما لا تعلمون).. فهو عليه السلام، لا يقول بما لا يعلم، ولا يتحدث فيما لا يعنيه، ولقد كان يُسأل، فيصمت، أو يقول لا أعلم، انتظاراً للوحي.
    3- لو كان ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، في امر تلقيح النخل خطأ، لصححه الوحي، وهذا مقتضى العصمة، فالمعصوم هو الذي اذا اخطأ صححه الوحي). انتهى حديثي في المقال السابق.
    ولم يناقش الأفندي هذه الحجج، وتركها جانباً، ليقول (وبحسب القراي فإننا والصحابة وكل اجيال المسلمين السابقة على خطأ بل وأسأنا الادب مع الرسول صلى الله عليه وسلم حين اتهمناه بالجهل بأمر تلقيح النخل وهو ابن الصحراء... هذا الفهم غاب كما ذكرنا عن كل اجيال المسلمين حتى فتح الله به على القراي وشيخه بوحي منه حيث لا توجد وسيلة اتصال اخرى مباشرة ليصحح بها الرسول هذا الفهم الخاطئ. وهذا يعني ان الرسول صلى الله عليه وسلم كتم الرسالة وغش المسلمين حين لم يوضِّح لهم الامر بهذه الصورة وهي تهمة أسوأ بكثير من الجهل بإجراءات تلقيح النخل)
    وليس كل الاصحاب، وكل السلف الصالح، يتفقون مع الافندي في اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بالجهل بأمر تلقيح النخل، لأن منهم من يعتقد انه صلى الله عليه وسلم، علم علوم الاولين والآخرين، فالبصيري امام المديح يقول مخاطباً النبي الكريم:
    فان من جودك الدنيا وضرتها * ومن علومك علم اللوح والقلم
    ولقد كتب السادة الصوفية كثيراً، عن الفرق بين علم الشريعة وعلم الحقيقة.. واوضحوا كيف ان النبي صلى الله عليه وسلم قد خاطب الاصحاب بالحقائق، ولم يكلفهم بها، وانما نزل لهم لما يطيقون من الشريعة.. وضربوا المثل بحديث النخل، وحديث العدوى، وحديث البقرة التي تتكلم وغيرها.. فهل اطلع الافندي على هذا العلم المبذول، قبل ان يقرر في سطحية مؤسفة، انه لا يتأتى إلا بالوحي؟!
    ولئن كان وصف النبي الكريم، بكتمان الرسالة، أسوأ من اتهامه بالجهل بتلقيح النخل، فان هذا ايضاً ذكره الافندي، ولم نذكره نحن. وذلك لاننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يؤمر بأن يبلغ الناس، كل ما وعي عن ربه، وانما امر ان يبلغ الرسالة، فهو القائل (نحن معاشر الانبياء أمرنا ان نخاطب الناس على قدر عقولهم)، واكبر من علم الرسالة، علم النبوة وعلم الولاية.. وفي حديث المعراج، المشهور الطويل، قال (علمني ربي ثلاثة علوم: علم امرني بتبليغه للخاص والعام من امتي وهي الانس والجن، وعلم خيَّرني في تبليغه، وعلم اخذ عليَّ كتمانه اذ علم انه لا يقدر على حمله غيري).. ومن أمثلة علم النبوَّة، الذي خير في تبليغه، واختار له بعض اصحابه، انه اخبر حذيفة بن اليمان بالمنافقين، ولم يخبر بهم بقية الاصحاب.. فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذا قدمت جنازة، لا يصلي الا بصلاة حذيفة. فهل يظن الافندي ان النبي صلى الله عليه وسلم، اذا لم يخبر الاصحاب عن سر اثمار النخل دون تلقيح، يكون قد كتم الرسالة؟!
    ولقد كرر الافندي هنا، مرة اخرى، ادعاء ان الفكرة الجمهورية تقوم على وحي، رغم اننا طالبناه ان يثبت ذلك من كتبها فلم يقدر.. وهذا إن دل على شئ، إنما يدل بالاضافة الى عدم الامانة، على الاستهتار، وعدم الجدّية، وعدم الاكتراث، والعجز عن النهوض بالمسؤولية العلمية، التي تقتضي التوثيق، وإبراز المصادر، وهو ما يفترض ان يكون الافندي قد تدرَّب عليه، في اوليات البحث العلمي، حين حضر درجته الاكاديمية، التي لم يكن في حديثه عن الفكرة الجمهورية، مخلصاً لمنهجها.
    ورغم ان الأفندي قد علَّق على كل هذه المواضيع، إلا انه قد ختم مقاله، بأنها ليست الموضوع الاساسي، وانما الامر الذي كتب من أجله، هو الموقف من الوحي!! فان لم تصدقوا هذا فأقروا قوله (إن القضية المحورية في الجدل الذي ثار حول فتاوى الشيخ الترابي ليست هي قضية حرية الرأي، وهي مسألة مفروغ منها، وليست قضية إيمان الترابي من كفره. وليست هي من باب اولى قضية مواقف العبد الفقير الى مولاه السياسية. القضية اكبر من كل ذلك. وهي الموقف من الوحي والعلاقة معه وما هي مكانة العقل الانساني في التلقي والتأويل)!!.
                  

06-02-2006, 02:35 PM

القلب النابض
<aالقلب النابض
تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 8418

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: القراي يعقب على الأفندي للمرة الثانية.. المقال الثاني (Re: Yasir Elsharif)

    شكرا لكم جميعاً على نقل المساجلات الهامة ولعلنا نستفيد مما بها من حوار

    تحياتي لكم جميعا

    واحترامي

    الاخ أحمد أمين

    الأخ ياسر الشريف

    والعزيز نادوس

    تحياتي لكم

    (عدل بواسطة القلب النابض on 06-02-2006, 02:38 PM)

                  

06-02-2006, 02:38 PM

القلب النابض
<aالقلب النابض
تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 8418

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: القراي يعقب على الأفندي للمرة الثانية.. المقال الثاني (Re: القلب النابض)

    وتحياتي

    للأخ أحمد أمين

    الاخ قصي سليم

    والمحترم أدروب

    والاخ فرانكلي

    فلنستمر جميعا في مواصلة المساجلات

    تحياتي واحترامي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de