كوفي عـنان يكـتب: دارفور .. ماذا بعد وقف إطلاق النار

Quote: الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين حكومة السودان وكبرى الحركات المتمردة في دارفور في الخامس من أيار (مايو) الجاري يعطي العالم فرصة لإحلال السلام في هذه المنطقة المكلومة. ويعمل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي على دفع الاتفاقية إلى الأمام، ويتعين على بقية العالم أيضاً أن يشارك بسرعة وبدون تحفظ إذا كنا لا نريد أن نضيع الفرصة التي تتيحها هذه الاتفاقية. المحادثات التي أفضت إلى الاتفاق كانت طويلة وشاقة، والكثير من الناس كان لهم الفضل في المساهمة في دفعها إلى نهاية ناجحة، على الأقل جزئياً. لكن هذه ليست لحظة لأي شخص للاستمتاع بالتهاني على النجاح، فدارفور لا تزال بعيدة عن تحقيق السلام. فعقب الاتفاق، وعندما كان أعلى مبعوث للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يزور أحد معسكرات النازحين، اندلعت أحداث شغب وتم ضرب مترجم مرافق لبعثة الاتحاد الإفريقي حتى الموت. هناك عمل ضخم يتعين إنجازه ولا يحتمل الأمر تبديداً للوقت. أولاً، بعض قادة المتمردين لم يوقعوا على الاتفاق حتى الآن. ويتعين علينا جميعاً أن نسعى بقدر ما نستطيع لإقناعهم باختيار السلام على الصراع، من أجل أهلهم. فهذه المأساة إذا ما استمرت بسبب أفعالهم أو عدم قيامهم بما ينبغي عليهم القيام به، فإن التاريخ سيكون صارماً في محاكمتهم. ثانيا، يتعين علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لضمان قيام أولئك الذين وقعوا على الاتفاقية بتطبيقها فعلاً على أرض الواقع، وأن يبقى الناس في دارفور على قيد الحياة خلال الشهور القليلة المقبلة. ولهذا السبب نحن في حاجة إلى توفير الحماية والإغاثة لهم، لأنهم وقد طردوا من بيوتهم ومزارعهم فهم لا يستطيعون إطعام أنفسهم. والإغاثة تعني توفير الحماية أيضاً لأولئك الذين يوفرون الإغاثة لهم. والآن هناك قوة واحدة فقط على الأرض يمكنها أن توفر الحماية، هي قوات الاتحاد الإفريقي. ولذلك يجب أن تكون الأولوية الملحة تقوية تلك القوة بحيث تستطيع المضي قدماً في تطبيق الاتفاق وتوفير أمن حقيقي للنازحين. لكن ذلك يمكن أن يكون حلاً مؤقتاً فقط. ويتعين تحويل قوات الاتحاد الإفريقي في أقرب وقت ممكن إلى قوات أكبر تابعة للأمم المتحدة وأكثر قدرة على الحركة ومجهزة تجهيزاً أفضل ولها تفويض أقوى. ونحن نهدف من ذلك إلى الاتفاق بأسرع ما يمكن مع شركائنا في الاتحاد الإفريقي على الموارد الإضافية التي تحتاج إليها قوات الاتحاد الإفريقي من أجل تنفيذ النقاط الرئيسية في اتفاق أبوجا، ومن ثم عقد مؤتمر للمانحين. وربما يكون ذلك في بروكسل في أوائل حزيران (يونيو)، لكنني أناشد المانحين ألا ينتظروا ذلك المؤتمر. ينبغي أن يكونوا أكثر سخاءً وأن يبدأوا الآن، فنحن لا نحتمل ضياع يوم واحد. كذلك أناشد كل فرد في دارفور أن يساعد قوات الاتحاد الإفريقي لتؤدي عملها. فالهجمات مثل التي أودت بحياة المترجم يجب ألا تجد التشجيع، أو أن يتم غض الطرف عنها، أو التسامح معها. وجمع المزيد من الأموال للإغاثة العاجلة لا يقل إلحاحا. فالمنطقة تواجه الآن أسوأ كارثة إنسانية في العالم وبدون دعم مكثف وعاجل، ستكون وكالات الإغاثة عاجزة عن مواصلة عملها وسيموت مئات الآلاف من البشر من الجوع وسوء التغذية والأمراض. وفي الوقت نفسه، يتعين علينا مواصلة التخطيط لانتقال المهمة للأمم المتحدة، حسب طلب مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقي منذ زمن بعيد يعود إلى العاشر من آذار (مارس)، وموافقة مجلس الأمن في 24 من الشهر نفسه. وهذا تحد كبير للأمم المتحدة، لكنه تحدٍ لا نستطيع أن نرفضه. وبما أننا قبلناه، فلن نستطيع التأخر. ومن الواضح، من خلال العمل الذي قمنا به، أن قوات الأمم المتحدة المراد توفيرها لاحقاً يجب أن تكون قوة أكبر حجماً من قوات الاتحاد الإفريقي الحالية، وهي تحتاج دعم لوجستي ضخم من الدول القادرة على ذلك. الخطوة التالية هي إرسال بعثة فنية إلى دارفور نفسها لتقييم الوضع. وخلال ذلك تجري الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي تقييما فعليا للوضع على الأرض، وسنتشاور مع كل الأطراف للتعرف على المطلوب. ولن تستطيع أية بعثة لحفظ السلام أن تنجح بدون دعم وتعاون من الأطراف على أعلى مستوى. وهذا ما دعاني إلى كتابة خطاب إلى الرئيس السوداني عمر حسن البشير، طالباً دعم لعملية التقييم. فدعمه أمر أساسي، وأتطلع إلى الحديث معه مباشرةً حول هذا الموضوع في أقرب وقت. وأناشد في الوقت نفسه، جميع الأطراف، خاصة الحكومة، مراعاة وقف إطلاق النار وأن تثبت من خلال الأفعال أنها ترغب في الوفاء بما التزمت به. كذلك أناشد الدول المجاورة للسودان كافة تقديم كل ما في وسعها من دعم، مادياً أو سياسياً، أو الاثنين معاً. ونحن في أمانة الأمم المتحدة سنبذل كل ما في وسعنا لمساعدة الشعب السوداني على طي هذه الصفحة المأساوية من تاريخه. وأنا أعول على كل الدول الأعضاء في المنظمة، خاصةً الأعضاء في مجلس الأمن.

Quote: لكن ذلك يمكن أن يكون حلاً مؤقتاً فقط. ويتعين تحويل قوات الاتحاد الإفريقي في أقرب وقت ممكن إلى قوات أكبر تابعة للأمم المتحدة وأكثر قدرة على الحركة ومجهزة تجهيزاً أفضل ولها تفويض أقوى