|
|
 علاقات الصداقة في أماكن العمل
|
علاقات الصداقة في أماكن العمل
يزداد عدد الساعات التي يقضيها الناس في وظائفهم في كافة أرجاء المعمورة، ويرتفع معها عدد الصداقات التي تتكون في أماكن العمل. لكن هل تساعد مثل هذه الصداقات في الدفع قدما بحياتنا المهنية، أم إنها تلحق الضرر بها؟
بقلم: ميريديث ستانتون
فبراير 2006
يعرف الجميع قيمة الصداقة منذ الصغر، وتكثر الكلمات المعبرة عنها مثل: زميل وصاحب ورفيق، إلخ. ويمكن لهذه الصداقات أن تكون مفيدة لنا فعلا في حياتنا العملية في أماكن العمل. وفي الواقع، يمكن أن يكون لهذه الصداقات تأثير عميق في وظيفتك الحالية.
وفي كتابها الذي يناقش العلاقات بين الزملاء في أماكن العمل، كتبت الدكتورة جان ياغر تقول: "عمليا، نتفق جميعا على أن الصداقات أمر حيوي أثناء سنوات الدراسة، لكننا لا نعرف سوى القليل عن الصداقة في أماكن العمل أو في عالم الأعمال".
فعلى مدى عقود، كان العاملون يأتون إلى مكان عملهم وينجزون أعمالهم ثم يعودون إلى بيوتهم وأسرهم. بيد أن الظروف آخذة في التغيّر، إذ يرتفع عدد الساعات التي يقضيها الناس في مقارّ عملهم. كما أن المزيد من الموظفين يختلطون ببعضهم البعض إما أثناء ساعات العمل أو بعد انتهاء الدوام.
"وبغض النظر عن الوسيلة التي تختارها للاختلاط بالآخرين، فإنه من الأهمية بمكان أن تكوّن صداقات في مكان عملك"، كما تقول أنتوانيت ويلسون، 23 عاما، التي تعمل مساعدة قانونية في مكتب محاماة في واشنطن العاصمة. "فالأصدقاء يستطيعون تقديم المعونة حينما تكون مضطرا لإنجاز مهمة ما قبل موعد نهائي محدّد، أو حينما تحتاج لمشورة أو حين تكون بحاجة لتناول وجبة الغداء مع شخص آخر".
ويشير استطلاع أجرته مجلة غالوب مانجمينت عام 2004 إلى أن 51% من الموظفين راضون عن وظائفهم إلى حد كبير طالما أن المؤسسات التي يعملون بها تشجع علاقات الصداقة الوثيقة في مقارّ العمل.
أمر يدعو للتفاؤل والطمأنينة
وفضلا عن وجود شخص ما تأتمنه على أسرارك في مقر عملك، فإن لعلاقات العمل فوائد دائمة بالنسبة لحياتك المهنية ويمكن لها أن تجعل وظيفتك الحالية أكثر متعة.
مارجوري برودي الخبيرة في شؤون الحياة المهنية ومؤلفة كتاب بعنوان: "النجدة! هل كانت هذه خطوة تحد من ارتقائي الوظيفي؟" Help! Was that a Limiting Career Move تقول: "إنه لأمر لطيف أن يكون هناك أصدقاء لك في مقرّ عملك إذ إن هؤلاء يفهمون ما قد تواجهه من مشكلات. بوسعك أن تناقش هذه المشكلات مع أصدقاء من خارج العمل لكنهم قد لا يفهمون دائما الظرف الذي تمر به".
وعلى نحو مماثل، يمكن للأصدقاء في وظيفة جديدة أن يحيطوك علما بخبايا وأساليب العمل في الشركة. وسيمكّنك هذا من فهم نقاط الصواب والخطأ كي لا تخالف السياسات المعتمدة من قبلها. ويوفر أصدقاء العمل إطاراً لك لتقييم ما تحقّقه من تقدم وحتى لزيادة إنتاجيتك.
تقول ويلسون: "زملاؤك في العمل هم مصدر مهم على الدوام لأية معونة قد تحتاجها. إنها لفكرة جيدة أن تكتشف من الذين يعرفونه وما الذي يعرفونه".
غير أن بعض الخبراء يرون أن الأصدقاء في مقرّ العمل قد يحدّون من إنتاجيتك أثناء ساعات الدوام لأن الأصدقاء يفضلون الدردشة على إنجاز المهام. إلا أن خبراء آخرين يختلفون معهم في الرأي ويقولون إن الصداقات قد تزيد فعلا من حجم العمل الذي تنجزه أثناء الدوام.
فالعمل مع الأصدقاء يبني روح الفريق ويزيل العراقيل التي قد تحد من التواصل، كما تقول الدكتورة روزالين غليكمان أخصائية تدريب موظفي الشركات ومؤلفة كتاب "التفكير الأمثل" Optimal Thinking.
حيث إن "التواصل في مكان العمل أمر ضروري لإنجاز المهام. وحين تعرف أكثر عمن يعملون معك، ستكون عملية المشاركة أسهل لأنك لن تنظر إليها باعتبارها رفضا لك".
وعلى سبيل المثال، كما تقول غليكمان، إذا ما كان هناك زميل عمل يصل متأخراً على الدوام، فبوسعك أن تبلغه بسهولة أكثر عن تقديرك للجهود التي يبذلها للتغلّب على ما يواجهه من عقبات، لكنك تشعر في الوقت ذاته بأن تأخّره يثير الازدراء.
وعدا عن توفير الدعم المعنوي وتوفير إطار ملائم لمقاربة موضوعات حسّاسة، يمكن لصداقات العمل أن تفتح أمامك آفاقاً وظيفية جديدة بفضل ما تتيحه لك من علاقات مشتركة.
تقول ويلسون: "إنه لأمر جيد على الدوام أن تعرف شخصا ما يتمتع بعلاقات واسعة. فهذا عالم صغير وليس بوسعك أن تتخيل كم يتواصل الناس ويتفاعلون مع بعضهم البعض".
ففي عالم اليوم، يجد الناس وظائف من خلال العلاقات المشتركة أكثر من أي وقت مضى. صحيح أنه ما زال بمقدورك الحصول على وظيفة ودخول عالم الشركات عن طريق إرسال سيرتك الذاتية مباشرة إلى الشركات التي ترغب في العمل معها. لكن صديقا ما يستطيع تسهيل العملية الانتقالية ويستطيع تقديم معلومات داخلية تسهّل لك الحصول على وظيفتك التالية.
وحسب ما جاء في كتاب ياغر الآنف الذكر، "فإن نسبة هائلة تبلغ 37% من العاملين حصلوا على وظائفهم الحالية من خلال شخص يعرفونه، وغالبا ما يكون هذا الشخص صديقا شخصيا أو صديقا للعائلة".
وحتى لو كان الأمر كذلك، يتعيّن أن نقيم حداً فاصلا بين ما نتوقعه من علاقة صداقة والعلاقة الفعلية، كما تقول إيميلي غرينستيد، 23 عاما، التي تعمل هي الأخرى مساعدة قانونية. وكانت غرينستيد قد حصلت على وظيفتها بفضل علاقات صداقة أسرية مع مكتب المحاماة الذي وظّفها. تقول غرينستيد: "من المفيد دوما أن تتواصل مع الآخرين وتقيم معهم علاقات مشتركة. لكن لا يجب أن تصبح هذه الصلات هي السبب الرئيسي لإقامة صداقات في مقرّ العمل".
عامل الإخفاق
رغم المنافع الدائمة الناجمة عن الصداقة في أماكن العمل، إلا أنه من المهم أيضا إدراك الجوانب السلبية لهذه المسألة. فانهيار علاقة الصداقة أو انحرافها عن مسارها الصحيح قد تكون له آثار مدمرة على وظيفتك وعلى أجواء العمل.
ولهذا، فإن علاقات الصداقة في المكتب بحاجة لضبطها بعناية ومراقبتها باستمرار، كما تقول سوزان بيثانيس رئيسة شركة ماريبوسا للقيادة، وهي شركة لتدريب مديري ومسوؤلي الشركات التنفيذيين.
تقول: "حين تنتهي الصداقة، ينقطع الحوار والتواصل في أغلب الأحيان. ولا تعود تحصل على ردود فعل تجاه ما تقوم به. كما أنك تخشى إبلاغ الآخرين إن ارتكبتَ خطأً".
وثمة مشكلة أخرى: مصادقة رئيسك في العمل. فالصداقة مع موظفين أعلى درجة كثيرا ما تؤدي إلى المحاباة حيث يكلّف الرئيس شخصا ما بمشروع معيّن بدلا من تكليف زميل آخر، أو حيث تتم ترقية موظف على حساب الآخرين.
تقول مارجوري برودي: "سينظر إليك الآخرون باعتبارك شخصا يتملق رئيسه وسيساورهم الشك في أنك تحظى بمعاملة خاصة ما قد يتسبب في انهيار علاقات الصداقة بينك وبين زملائك".
وللحفاظ على علاقات عمل صحية، فإن مصادقة الزملاء في نفس المستوى الوظيفي قد تكون الخطوة الأكثر أمانا وسهولة. فالعلاقات القائمة على المساواة تحول دون ظهور مشكلات المحاباة وتقلّل من احتمال الخلافات بين الزملاء.
ومع ذلك، فقد يكون من الممكن إقامة علاقة صداقة مع رئيسك في العمل والمحافظة عليها. لكن هذا "يتطلب الكثير من النقاش والتخلي عن الأنا المفرطة ذلك أن الغيرة ليست مواتية البتة للإنتاجية"، كما ترى برودي.
وكما هي الحال مع أية علاقة صداقة في مقرّ العمل، كما ترى غرينستيد، ينبغي لك أن تحتفظ بهامش للخصوصية إذ إن العلاقات الوثيقة تجعل من الصعوبة بمكان تقبل النقد من الآخرين وتقديم الانتقادات إليهم.
أصدقاء إلى الأبد
يمكن للجهود المشتركة من أجل إنجاز مشروع ما، والعمل اليومي في مكان محدّد، أن يؤديا إلى تعزيز العلاقات بينك وبين زملائك. لكن هل تستمر هذه العلاقات إذا ما انتقل واحد منكم إلى وظيفة أخرى أو حصل على ترقية؟ صحيح أن علاقات الصداقة في مقرّ العمل مفيدة، لكن ولأن الجميع يحتفظون بهامش خاص بهم فإنه نادرا ما تنشأ علاقات صداقة حميمة في أماكن العمل.
تقول غرينستيد: "إن رحيل شخص أو شخصين عن الشركة إلى شركة أخرى يعني أنه لم يعد لديهما ما يتحدثان عنه، ويعني أن المصالح التي كانت تربط بينهما قد تغيّرت".
ومع ذلك، لا بدّ أن ندرك أنه في حين تتغير طبيعة العلاقات اليومية بين زميلين سابقين، فإن علاقة الصداقة ستستمر.
تقول ويلسون: "حُكم على معظمنا أن نعمل في وظائف من الساعة 9:00 صباحاً حتى الساعة 5:00 عصراً. ولا أدري كم من الناس يستطيعون تحمل ذلك والاستمرار في وظائفهم لولا أصدقاؤهم في مقرّ العمل. إنك تختلط بالناس الذين تعمل معهم أكثر من غيرهم، فلمَ تضيع على نفسك فرصة التعرف
|
|
 
|
|
|
|
محمد الامين محمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست