الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-16-2024, 08:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-17-2006, 06:23 AM

abu-eegan

تاريخ التسجيل: 02-20-2003
مجموع المشاركات: 124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد

    * الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد
    * أكتوبر الثانية هي الثورة الفكرية

    لمحة تاريخية:
    كان نظام مايو، في سـنواته الأولى، كما هو معلوم، قـد أبرم اتفاقية سلام مع الحركات المسلحة في جنوب السودان آنذاك، عرفت باتفاقية أديس أبابا، وقد تحقـق بموجبها السلام وعدد من المكاسب الأخرى للجنوب، وللسودان ككل.. وفي عام 1977 أبرمت سلطة مايو اتفاقـًا مع أحزاب المعارضة الشمالية، سمي بالمصالحة الوطنية، وقد كان (الاسلاميون) بزعامة د. حسن عبد الله الترابي، من أبرز المشاركين في السلطة المايوية نتيجة لتلك المصالحة.. ولقد كانت مصلحة الشعب والوطن توجب على النظام المايوي أن يقيم حوارًا علنيـًا عامـًا، عبر منابـر حرة متلفـزة ومذاعة، تلتزم بالمشاركة فيه، بموجب اتفاق المصالحة، كافة التنظيمات المتصالحة مع مايو، حيث يقدم كل تنظيم ما عنده من محتوى فكري، يتم تعريضه للمناقشة والتمحيص من خلال الحوار، ويطلع الشعب عليه، وبذلك يوعى الشعب ويستنير ويعرف المحتويات الفكرية للتنظيمات السياسية ومدى تأثيرها، سلـبـًا أو ايجـابـًا، على نظام مايو.. ولقد طالب الجمهوريون بذلك، وحذروا من مغبة قصر المصالحة الوطنية على مجرد اقتسام السلطة مع تنظيمات سياسية لا تقـدم أفكارًا موضوعية حقيقية مما يخاطب العقول ويساهم في رسم خارطة الطريق نحو تحقـيـق ورعاية مصالح البلاد والعباد، وإنما تستخدم آيدولوجيات دينية شمولية إقصائية، وأساليب هتافية حماسية، تستجدي بها المشاعر الدينية وتسـتـثيرها ثم تستغلها في استقطاب الجماهير، سعيـًا إلى نيل السلطة والثروة، والاستـئـثار بهما إلى الأبد.. ولكن مايو لم تدرك أهمية ما طالب به الجمهوريون، أو ربما لم تأبه لمصلحة الوطن، ولذلك أشركت (الاسلاميين) معها في السلطة، دون أن تجلسهم لامتحان الحوار الفكري الموضوعي، في منابر حرة، متلفـزة ومذاعة.
    وفي عام 1982، وبسبب التأثير السلبي لمشاركتهم في السلطة، نقضت مايو عهدها مع حركات الجنوب، وأخلت باتفاقية أديس أبابا، وأضاعت ما تحقـق من مكاسب للجنوب، وللسودان، ومن ثم اشتعلت الحرب من جديد.. وفي سبتمبر 1983، ونتيجة للتأثير السلبي المتراكم لمشاركتهم في السلطة، والضغوط التي ظلوا يمارسونها، أصدرت مايو قوانين سبتمبر، وأعلنتها، وأعلنت معها حالة الطواريء.. ولقد زعم (الاسلاميون) أن تلك القوانين هي الشريعة الاسلامية، وأخرجوا مسيرة (مليونية) لتأييدها.. ولتطبيق تلك القوانين أنشئت محاكم طواريء خاصة، خاضعة للسلطة التنفيذية، سميت بمحاكم العدالة الناجزة، وجُـلب لها قضاة من خارج الهيئة القضائية.. وقد كانت وظيفة تلك المحاكم إرهاب الشعب، والمعارضين، وإذلالهم، وقد نفذت ما أملي عليها فأمطرت الفقراء والمستضعفين والمشردين خلال فترة تطبيقها (أقـل من سنة ونصف) بكميات كبيرة من أحكام الجلد، والقطع، والقطع من خلاف، فضلا عن بعض أحكام القـتـل والصلب.
    التحذير من الطـوفان:
    عندما نقضت مايو اتفاقية أديس أبابا، قبل إصدارها قوانين سبتمبر، كتب الجمهوريون، بقيادة الأستاذ محمود محمد طه، كتابـًا بعنوان (جنوب السودان المشكلة والحل) وزعـوه على الناس في الشوارع والأسواق والأماكن العامة، عارضوا فيه نقض الاتفاقية، وحذروا من مغبة هذا النقض، وطالبوا بالالتزام الجاد والمخلص بالاتفاقية.. وعند إعلان قوانين سبتمبر، وخلال فترة تطبيقها سالفة الذكر، كان الأستاذ محمود وقادة الجمهوريين وناشطيهم معتقلين، وعندما أفرج عنهم، في ديسمبر 1984، أصدروا منشورهم الشهير بعنوان (هذا أو الطوفان) الذي كتبه الأستاذ محمود، بنفسه، وطالب فيه بثلاثة أشياء هي:
    1. إلغاء قوانين سبتمبر لأنها شوهت الاسلام وأذلت الشعب وهددت وحدة البلاد.
    2. إيقاف الحرب في الجنوب والعودة للسلام والالتزام باتفاقية أديس أبابا.
    3. تقنين وتنظيم المنابر الحرة، وإتاحة فرص الحوار، بهدف توعية الشعب.
    ثم ذكر أن النتيجة الحتمية لعدم تنفيذ هذه المطالب الثلاثة هي الطوفان، فإما الأخذ بها أو يأتي الطوفان.. ولقد ظن البعض وقتها أن الطوفان هو شيءٌ يأتي ليفرض تلك المطالب الثلاثة، في حالة عدم الأخذ بها طوعـًا، أو هو أمر يأتي ليسقط نظام مايو ـ ثورة شعبية مثلا ـ ويجيء بنظام آخر يقوم بتنفيذ تلك المطالب، بمعنى أن الطوفان هو نصرة لتلك المطالب، هذا ما ظنه البعض، غير أن الطوفان إنما يعني حالة التدمير الشامل لأجهزة الدولة ومؤسساتها، والخدمة العامة، وتسييسها، وتخريبها، وتفكيك النسيج الاجتماعي للشعب، وتأجيج نيران الهوس الديني والصراعات الدينية والإثـنية والحروب الأهلية، الخ.. وتبدأ سيول الطوفان وأمطاره في الهطول على أرض البلاد بسيطرة الاسلام السياسي الزائف الذي يستخدم التضليل والإرهاب الدينيين، ويعمل على نشر الهوس الديني، كما يعمل على تخريب أجهزة الدولة، ومؤسساتها، عن طريق تسييس الخدمة العامة، المدنية والعسكرية، وتسخيرها لخدمة مشروع الهوس الديني (المشروع الحضاري) ولخدمة أغراض الحزب الحاكم، في الإستئثار بالسلطة والثروة، وإضاعة كافة المكاسب الحضارية المشيدة عبر القـرون، وتصعيد الحروب الأهلية، وإزكاء العداوات الدينية، والنعرات العنصرية، وتهديد الوحدة الوطنية، وإشاعة كافة الأوضاع المدمرة.. ولقد بذرت مايو بذرة هذا الطوفان بإصدار قوانين سبتمبر وبنقض اتفاقية أديس أبابا وبتهميش دور الحوار والحجر عليه.. فالأستاذ محمود، بقوله (هذا أو الطوفان) إنما كان يعني أن نظام مايو إذا لم يقض على بذرة الهوس الديني والحروب الأهلية في مهدها، عن طريق الأخذ بهذه المطالب الثلاثة، ووضعها موضع التنفيذ، فإن تلك البذرة لن تلبث أن تنمو وتنتشر، وتسيطر على البلاد، وتشيع فيها صور التدمير والتفكيك والتخريب والإفساد والفتن والحروب، حتى توشك أن تمزق وحدة البلاد وأن تعصف بأمن سكانها، وذلك هو الطوفان.
    مواجهة المحكمة والسلطة:
    ولم تستجب مايو للمطالب المذكورة، بل واتجهت إلى محاكمة الأستاذ محمود أمام محاكم الطواريء سالفة الذكر، وكان الأستاذ قد قرر أن يواجه تلك المحاكم، وأن يحدثها عن عدم أهليتها من الناحية الفنية والأخلاقية، وأن يمتنع عن التعاون معها، وذلك بهدف إضعاف هيبتها في صدور الجماهير، وكسر حاجـز الخوف لدى الشعب، حتى يثـور الشعب ضد قوانين سبتمبر ومحاكم الطواريء.. ولذلك، وعندما مثـل الأستاذ أمام المحكمة، مع أربعة من تلاميذه، واجه المحكمة بقوله: (أنا أعلنت رأيي مرارًا في قوانين سبتمبر، من أنها مخالفة للشريعة، ومخالفة للإسلام.. أكثر من ذلك فقد شوهت الشريعة وشوهت الإسلام.. يضاف إلى ذلك أنها وضعت واستغلت لإرهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة عن طريق إذلاله.. ثم إنها هددت وحدة البلاد.. هذا من حيث التنظير.. وأما من حيث التطبيق فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيـًا، وضعفوا أخلاقيـًا عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية، تستعملهم لإضاعة الحقوق، وإذلال الشعب، وإهانة الفكر والمفكرين، وإرهاب المعارضين السياسيين.. من أجل ذلك فإني غير مستعد للتعاون مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقـل ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب، وتشويه الإسلام، وإرهاب الفكر الحر، والتنكيل بالمعارضين السياسيين) انتهى.. وعندما حكمت عليه تلك المحكمة بالإعدام، وسيـق لتنفيذ الحكم، وقف على منصة المشنقة مبتسمـًا.. وكل ذلك قد كان بهدف كسر حاجز الخوف لدى الشعب السوداني العملاق حتى يثـور فينقـذ نفسه وينقـذ البلاد من بذرة الطوفان، ومن مستقـبل الطوفان.
    إخفـاق أبريل وحصول الطوفان:
    غير أن الجمهوريين، تلاميذ الأستاذ محمود، تراجعوا عن المواجهة عـقـب تنفيذ الحكم على الأستاذ، مما أبقى على حاجز الخوف لدى الشعب، ولذلك تأخرت الثورة حتى أبريـل بدلا ًعن يناير، عام 1985، الأمر الذي أدخل عوامل أخرى كأسباب للثورة، وعمم أهدافها، ولذلك جاءت أبريـل كانتفاضة ضد سلطة مايو بصورة عامة، وليس ضد قوانين سبتمبر، ومحاكمها، وحرب الجنوب بالتحديد، أي أن الشعب لم ينتـفـض في أبريـل ضد بذرة الطوفان سالفة الذكر، على وجه التحديد، وإنما انتفض ضد مايو عمومـًا، ولذلك بقيت تلك البذرة، رغم سقوط مايو، فاستغـل (الإسلاميون) قوانين سبتمبر التي زعـمـوا أنها هي الشريعة الإسلامية، وأن الإبقاء عليها إبقاءٌ على الإسلام، وأن إلغاءها إلغاءٌ للإسلام، وأن من يعارضها إنما يعارض (حكم الله) الخ الخ، وذلك بغرض استـثـارة المشاعر الدينية وحشدها لتأييدهم، من ناحية، واستخدام الإرهاب الديني في مواجهة المعارضين، من الناحية الأخرى، وبذلك حصلوا على تأييد المضللين، وصمت المرهبين، ثم استغلوا الفوضى السياسية، الناتجة عن تزييف الديمقراطية في العهـد الحزبي، في تعتيم الجو السياسي، وتكديره، وإرباكه، وتضليل الرأي العام، وتهيئـته لانقلابهم على النظام المنتخب، ثم انقضوا على ذلك النظام وأقاموا سلطتهم في يونيو 1989، ثم أخذوا يصبون الزيت على النار ويضعون حولها الحطب (زيت الهوس الديني ونار الحرب الأهلية وحطب النسيج الاجتماعي) فأشعلوا وصعدوا الحروب والصراعات والضغائن والفتن، في الجنوب والغرب والشرق، وهددوا بذلك وحدة البلاد وأمنها، وأفقدوها ما أفقدوها من الأرواح والأموال والمكتسبات.. كما شرعوا من ناحية أخرى في تسييس أجهزة الدولة ومؤسساتها، والخدمة العامة، وتسخيرها جميعـًا لخدمة المشروع (الحضاري) للحزب الحاكم، ومضوا في ذلك حتى فقدت تلك الأجهزة والمؤسسات قوميتها وحيدتها ومهنيتها.. ولما كان المشروع (الحضاري) في حقيقـته مشروعـًا رجعيـًا متطرفـًا، ذا ثـقـافة سلفية متخلفة عن روح العصر، وعن ثـقافة العصر، فقد أدى أيضـًا إلى إفراغ تلك الأجهزة والمؤسسات من مضامينها الحضارية العصرية، وجعلها هياكل بلا محتوى، وبذلك كـبـُر حجم التدمير والتخريب على مستوى الدولة والمجتمع معـًا، وذلك هو الطوفان.
    بدء انحسار الطوفان ورياح أكتوبر:
    وبعد مرور ستة عشر عامـًًا، ذاقت فيها البلاد ما ذاقت من أهوال الطوفان، بدأت أمواج الطوفان في الانحسار، وذلك بفضل الله تعالى، ثم بفضل نضال الحركة الشعبية، مدعومـًا بنضال قوى التجمع الديمقراطي، وتزايـد الاهتمام بحقوق الانسان في العالم، والضغوط الناتجة عن كل ذلك على نظام (الإنقاذ).. ولقد تمثـل بدء انحسار الطوفان في توقيع اتفاقية نيفاشا التي لم تتضمن السلام فحسب، وإنما تضمنت أيضـًا كافة المكاسب الأخرى، المنصوص عليها فيها، من إصلاحات دستورية وقانونية وهيكلية، وتأسيس للتحول الديمقراطي، وتوسيع لدائرة السلطة والثروة، إلى آخر ما يساهم في رسم خارطة الطريق نحو بناء السودان الجديد، وهو السودان الذي يقوم على التعايش السلمي، واستيعاب التعدديات الدينية والإثـنية والثقافية والسياسية، واحترامها، والنظر إليها كعوامل إثـراء وإخصاب لحياة الفكر وحياة الشعور، واتخاذ المواطنة كأساس وحيد لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات، دونما تمييز بين المواطنين على أساس الدين أو العرق أو الثقافة أو الجنس، وتقـنين وتنظيم الحوار والمنابر الحرة، في أجهزة الإعلام المختلفة، كوسيلة لنشر ثـقافة السلام وثـقافة الديمقراطية، وللتلاقح الفكري، وللتواصل الوجداني، ولتوسيع مساحة التوحد الفكري، وتقـليل مساحة الخلاف، ما أمكن، كما يقوم على الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والتـنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية والوحدة الطوعية، الخ.
    وفي تقديري أن فكرة السودان الجديد قد أضحت تحظى بتأييد غالبية الشعب السوداني، ليس في الجنوب فقط، وإنما في الشرق والغرب والشمال أيضـًا، وذلك بفضل الله تعالى، ثم بفضل تجربة حكم (الإنقاذ) المريرة ـ تجربة الطوفان ـ ومعلوم أن التجارب المريرة إنما تساهم في خلق الوعي.. وإذا كانت هناك أقليات لا تزال تعارض فكرة السودان الجديد، التي بات واضحـًا أن السودان لن يظل موحدًا إلا بها، وتفضل انفصال الجنوب والغرب والشرق، فهي أقليات مستأثـرة بالسلطة وبالثروة أو مستفيدة، بشكلٍ أو بآخر، من نظام الاستئـثار بهما، أو مضللة دينيـًا، أو خاضعة لنوازع عنصرية.
    وهذا الوعي الذي ساهمت تجربة الطوفان في نشره وفي تعميقه لدى الشعب السوداني إنما يعني في تقديري أن رياح أكـتوبر الثانية قد بدأت تهب.. وأكتوبر الثانية ليست كالثورات السابقات، وإنما هي ثورة فكرية، لا تستخدم الأساليب العاطفية الفجة، كالعنف والهتاف والإنفعال والصخب والتهريج، الخ، وإنما تستخدم الخطاب الفكري الموضوعي، والعصيان المدني، ولا ينتهي دورها عند إزالة الفساد، وإنما يمتد إلى بناء الصلاح بعد إزالة الفساد، أو قـل هي ثورة لا تـقـتصر على الرغبة في التغيير فحسب، وإنما تملك أيضًا المعرفة بطريقة التغيير، أو قـل تملك خارطة طريق التغيير.
    جبهة وطنية عريضة:
    غير أن بدء تحرك رياح أكـتوبر، وبدء انحسار الطوفان، بتوقيع اتفاقية نيفاشا، بكل مكتسباتها الحضارية، وزيادة حجم الوعي بفكرة السودان الجديد، وتأييدها، لا يعني أن انحسار الطوفان واندلاع الثورة الفكرية، سوف يتمان تلقائيـًا، وبصورة انسيابية، ودونما نضال سلمي فعال من جانب القوى الواعية بمصلحة البلاد والعباد، والحادبة عليها، وذلك لأن الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) غير مخلص للاتفاقية، ولا يريد إنزالها إلى أرض التنفـيـذ، وقد لاحظت ذلك (مجموعة الأزمات الدولية) في تقـريرها الأخير، الصادر بتاريخ 31/3/2006، فالمؤتمر الوطني يعلن أنه مع الاتفاقية ولكنه من الناحية العملية يعمل ضدها، ويسعى لافشالها، حتى يختار الجنوبيون الانفصال، عند الاستفتاء، ثم ينفـرد هو بحكم الشمال، أو ينفرد بحكم الوسط فقط، إذا انفصل الغرب والشرق أيضـًا، وبذلك يتجنب التطبيق الحقيقي للديمقراطية التي لو طبقت حقــًا فإنها سوف تجعله عرضة للمراقبة والمحاسبة من قبل الشعب، ثم تزيحه عن السلطة لا محالة، عاجلا أو آجلا.. ونتيجة لتسويفه في تطبيق الاتفاقية، ومقاومته لهذا التطبيق في الواقع العملي، ظلت هذه الاتفاقية، في جملة محتواها، حبرًا على ورق، لم توضع موضع التنفيذ الجاد، حتى الآن، إلا في بعض تفاصيلها.. وهذا يعني أن عملية انحسار الطوفان، وبناء السودان الجديد، لا تزال تحتاج إلى جهود وطنية جادة ومخلصة، ونضال سلمي قوي وفعال، من كافة الأفراد المهتمين والقوى المستنيرة.
    إنني أقـترح أن يعمل الحادبون على مصلحة هذا الوطن، من الأفراد، ومن القـوى السياسية، والاجتماعية، ومنظمات المجتمع المدني، على تكوين جبهة وطنية عريضة لدعم مشروع السودان الجديد.. وأرى أن نشوء هذه الجبهة، وقيامها بدورها المأمول كما يجب، أمر ضروري من أجل المساهمة الفاعلة في إنقـاذ السودان من الإنقسام والتمزق والتحول إلى دويلات صغيرة فقيرة متناحرة ومتخلفة، وفي إنقـاذ الشعب السوداني من التشرذم والتنافر والتناحر، والتفلت الأمني، والتعصب العقيدي والعنصري، والتضليل الديني، والظلم السياسي والاجتماعي، وكافة المهددات الأخرى، وفي دفع السودان نحو السلام السياسي والاجتماعي، والديمقراطية، والعدالة الاقتصادية، واتخاذ المواطنة كأساس وحيد للحقـوق وللواجبات، وحماية حقوق الانسان على كافة المستويات والأصعدة، وتهيئة المناخ لتحقيق الوحدة الوطنية الطوعية، وكافة المكاسب الممكنة.. وذلك هو مشروع السودان الجديد كما سلف الذكر.
    وسيكون على الجبهة الوطنية المقترحة أن تتعاون وأن تنسق جهودها مع الحركة الشعبية ومع كافة الأحزاب والفعاليات السياسية المؤيدة لاتفاقية نيفاشا، وذلك في العمل، من ناحية، على توعية الشعب بالاتفاقية، وبقيمتها الحضارية والانسانية، وبأهميتها في تحقيق السلام والوحدة الطوعية، وبفاعليتها في دحـر الطوفان وفي بناء السودان الجديد، وفي العمل، من ناحية أخرى، على مطالبة (المؤتمر الوطني) بالجدية في تطبيق الاتفاقية، وممارسة كافة الوسائل السلمية المشروعة التي من شأنها أن تعين على دفعه نحو التنفيذ الجاد، إلى أن يتم إنزال كافة بنود الاتفاقية إلى أرض التنفيذ، ويصير خيار الوحدة الوطنية جاذبـًا لأبناء الجنوب، والغرب، والشرق، والشمال، وكل أقاليم السودان، وبذلك ينحسر الطوفان، وتشتعل الثورة الفكرية، وينفتح الطريق نحو السودان الجديد.
    عبد الله الأمين، المحامي

    (عدل بواسطة abu-eegan on 05-18-2006, 08:05 AM)

                  

05-18-2006, 05:31 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48894

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد (Re: abu-eegan)

    الأخ العزيز عبد الله الأمين،

    تحية طيبة
    وشكرا لك على نقل مقالك هذا من جريدة الأيام إلى منبر سودانيز أونلاين حيث قرأته قبل أن أجده مرة أخرى في صالون الجمهوريين.. وأنا أتفق معك في كثير مما جاء فيه.. ولكني أختلف معك في بعض ما ورد فيه مثل الفقرة التي تقول فيها:


    Quote: إخفـاق أبريل وحصول الطوفان:
    غير أن الجمهوريين، تلاميذ الأستاذ محمود، تراجعوا عن المواجهة عـقـب تنفيذ الحكم على الأستاذ، مما أبقى على حاجز الخوف لدى الشعب، ولذلك تأخرت الثورة حتى أبريـل بدلا ًعن يناير، عام 1985، الأمر الذي أدخل عوامل أخرى كأسباب للثورة، وعمم أهدافها، ولذلك جاءت أبريـل كانتفاضة ضد سلطة مايو بصورة عامة، وليس ضد قوانين سبتمبر، ومحاكمها، وحرب الجنوب بالتحديد،


    فأنت ترى أن تراجع الجمهوريين عن المواجهة، بعد تنفيذ الحكم على الأستاذ محمود، كان هو السبب في بقاء حاجز الخوف لدى الشعب السوداني، وأن ذلك قد ترتب عليه تأخر الثورة من يناير 85 حتى أبريل 1985.. من يقرأ كلامك هذا، يا عزيزي عبد الله، يظن بأن الشعب السوداني كان يتفهم حقيقة موقف الجمهوريين، أو أنه قد التحم مع الجمهوريين والجمهوريات في مسيراتهم الشهيرة التي بدأت بمسيرة أولى سارت في يوم الأربعاء 2 يناير 1985 من منزل الأستاذ محمود في مدينة المهدية، وقد شارك هو بالسير فيها، إلى ما سمي بمحكمة طوارئ رقم أربعة، وذلك تعبيرا عن معارضتهم السلمية لقوانين سبتمبر وتعبيرا عن احتجاجهم على تقديم أربعة من الجمهوريين لتلك المحكمة بسبب توزيعهم ومسئوليتهم عن منشور "هذا .. أو الطوفان" الشهير.. ولكن الذي حدث هو أن الجمهوريين والجمهوريات ساروا لوحدهم في تلك المسيرة، وقد تم تأجيل المحكمة في ذلك اليوم إلى يوم الإثنين 7 يناير.. وجرى في الخفاء التدبير لاعتقال الأستاذ محمود الذي تم في يوم السبت 5 يناير وألحق إسمه بالجمهوريين الأربعة المقدمين للمحاكمة.. ومرة أخرى سار الجمهوريون والجمهوريات بمسيرة مشابهة لمسيرتهم الأولى، ولم يشاركهم فيها أحد غيرهم.. وهذه الحقيقة موثقة بالصور "والصورة لا تكذب".. وفي جلسة يوم الإثنين قاطع الأستاذ محمود والجمهوريون الأربعة المحكمة وأعلنوا عدم التعاون معها لأنها مشكلة بموجب قوانين سبتمبر التي لا يعترفون بها ويقولون بأنها غير دستورية.. ورفعت الجلسة إلى اليوم الثاني للنطق بالحكم، وقد سار الجمهوريون والجمهوريات في يوم المحكمة الثاني، الثلاثاء 8 يناير، وقد اعترضتهم قوة من البوليس في ميدان الشهداء بأمدرمان وحالت دون مواصلة المسيرة، التي لم يكن يفصلها عن هدفها الأخير، وهو مقر المحكمة في مباني بلدية أمدرمان، سوى كيلومتر واحد أو يزيد قليلا.. وقد جلس الجمهوريون والجمهوريات على الأرض في مشهد مهيب، ولكن كان قصد السلطة هو إظهار هيبتها، بالإصرار على تفريق المسيرة، وبعد مضي كثير من الوقت على تلك الحالة قرر الجمهوريون من أنفسهم أن يعتبروا أن المسيرة قد خدمت غرضها، وأن الواجب الأولى من الجلوس على الأرض هو حضور جلسة النطق بالحكم، وهذا ما قد حدث؛ ومرة أخرى لم يشاركهم أحد من بقية الشعب السوداني لا في المسيرة ولا في الجلوس على الأرض.. وأرجو أن أكون مفهوماً، فأنا هنا لا أتوجه باللوم إلى الشعب السوداني، فهو عندي في عذر مديد، فقد تضافرت عديد العوامل لكي تحجب عنه المعلومات وتحجب عنه حقيقة مواقف الجمهوريين.. طبعا كثير من السودانيين كانوا يعتبرون الجمهوريين تابعين لمايو، وبالتالي هم يستحقون ما يجري لهم على طريقة "على نفسها جنت براقش". وهذا الاعتقاد كان موجودا، حتى لدى الكثير من المثعلمين السودانيين المعارضين لنظام مايو، خاصة اليساريين، وربما لا يزال هذا الاعتقاد لدى الكثيرين حتى هذا اليوم.. هذه الاعتقادات حقيقة تاريخية يمكن التدليل عليها بسهولة، وكانت تجيء دائما من المشاركين في أركان نقاش الجمهوريين في الجامعة وغيرها، وفي تعليقات الناس عندما يلاقوا الجمهوريين والجمهوريات أثناء توزيعهم لكتبهم..
    ولذا فإن القول بأن الثورة قد تأخرت نتيجة لموقف الجمهوريين بعد التنفيذ، فيه كثير من التبسيط.. ولكن التبسيط الأكثر هو التركيز على وصف موقفهم هذا بالتراجع، وهو وصف سلبي لا يرى المسألة من جوانبها المختلفة والمتعددة.. والتبيسط الأكثر من كلا التبسيطين السابقين، هو الاعتقاد بأن الشعب السوداني لا ينتظر سوى أن يتقدم الجمهوريون والجمهوريات إلى المشانق لكي يهب ويقتلع نظام مايو وقوانين سبتمبر!!!! مثل قولك هذا يلغي تأثير ماكينة الدولة وإعلامها في إطهار الجمهوريين بمظهر "الشيطان" وقد بلغ هذا الأمر ذروته في خطاب الرئيس نميري يوم الخميس 17 يناير 1985 الذي بث في الساعة الثالثة بعد الظهر من الراديو والتلفزيون. ونتيجة لعمل ماكينة الدولة وإعلامها وتأثير المد الوهابي الذي تقف وراءه السعودية، نجد أن آلاف السودانيين كانوا يقفون ضد الجمهوريين، وقد ظهر هذا في العينة التي حضرت تنفيذ الحكم.. فإن الآلاف الذين حضروا التنفيذ لم يكونوا كلهم من السلفيين الوهابية أو الأخوان المسلمين، بل إن المضحك المبكي هو أن كثيرين منهم كانوا من المحسوبين على دوائر الطرق الصوفية.. هذا لا ينفي حقيقة أخرى هي أن قلة قليلة من الذين حضروا التنفيذ كانوا من المتعاطفين مع الأستاذ محمود ومع الجمهوريين ويتفهمون مواقفهم ويحترمون فكرهم.. الشاهد هو أن الذين يتفهمون الجمهوريين من السودانيين بعد أحداث المحكمة وخطاب نميري كانوا قليلين نسبيا بالمقارنة لجموع الشعب السوداني..
    وإذا كنا دقيقين، يا عبد الله، سوف نكتشف أن غالبية الشعب السوداني لم تنتفض ضد قوانين سبتمبر، وذلك لأنهم كانوا يظنون أنها إنما هي الإسلام.. الدليل على ماأقول هو أن الإسلامويين من أخوان مسلمين وغيرهم "خصوصا المدعومين من السعودية" استطاعوا ابتزاز قادة الأحزاب التقليدية وزعمائها للإبقاء على تلك القوانين في الفترة الانتقالية وما أعقبها، لأن قواعد تلك الأحزاب، كما قلت سابقا، قد تضافرت شتى العوامل لكي تحجب عنهم زيف السلفيين الإسلاميين، وتزين لهم شعار "الإسلام هو الحل" على طريقة السلفيين.. هذا الواقع كان حقيقة لا تحتمل المغالطة، والدليل على ذلك كان فوز الجبهة الإسلامية في الانتخابات محرزة الموقع الثالث.. هناك حقائق أخرى يجب ألا يتم إغفالها، فقد تغلغل الإسلاميون السلفيون، بدعم من السعودية، في أجهزة الدولة، وبخاصة البنوك المسماة "إسلامية" منذ المصالحة الوطنية، وصارت لهم قوة اقتصادية يُحسب حسابها، وقد مكنتهم هذه القوة الاقتصادية من استخدام الإعلام والصحف لصالحهم بصورة كبيرة.. أما تأثيرهم الأكبر فقد كان تغلغلهم في الجيش بصورة خفية منذ أوائل حكم مايو، وقد كانت حركة انقلاب سبتمبر 1975 ذات قيادة أخوانية؛ وقد ظهر تأثير الأخوان في الجيش فيما بعد من خلال ما كان يسمى بـ "فرع التوجيه المعنوي" وقد أثمر هذا التغلغل تكوين خلايا خرج منها قادة انقلاب يونيو 1989..
    أما فيما يخص قضية الجنوب فإن معظم معارضي مايو كانوا مسرورين لمسألة نقض مايو لاتفاقية أديس أبابا، ولم يتعاطف الناس مع الحركة الشعبية إلا كوسيلة لتخليصهم من نظام مايو.. والحركة الشعبية كانت تعرف كل هذا، لذا لم توقف حربها بعد الانتفاضة وإنما أسمت تلك الحكومة الانتقالية بـ "مايو الثانية" "مي تو" وطالبت بإلغاء قوانين سبتمبر والعودة إلى دستور مدني.. مرة أخرى، نلاحظ أن شتى العوامل قد تضافرت لتحجب عن السودانيين الشماليين عدالة قضية الجنوبيين وإصرارهم على معارضة سياسة التعريب والأسلمة والهيمنة العرقية والاقتصادية.. وكانت النتيجة أن غالبية الشماليين لم يكونوا من مؤيدي الحركة الشعبية بعد الانتفاضة، وقد أفلحت الجبهة القومية الإسلامية في تعبئة السودانيين والتماس العون من الدول العربية، في الحرب في جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق حيث امتدت الحرب.. ثم استخدمت الجبهة الإسلامية، بعد استيلائها على الحكم بوسيلة الانقلاب العسكري، كل مكتسباتها في سبيل تقوية نفسها ومحاولة إخضاع الجنوب الذي يقف حجر عثرة في وجهها بصورة قوية.. ومرة أخرى استطاعت الجبهة تعبئة السودانيين وجرّتهم معصوبي الأعين إلى محرقة الحرب التي خلعت عليها إسم "الجهاد" وأقامت أعراس الشهداء وبرع إعلاميوها في تضليل السودانيين من خلال برامج مثل ساحات الفداء وغيرها..



    ودعني الآن أعرّج على قولك التالي:
    Quote: وفي تقديري أن فكرة السودان الجديد قد أضحت تحظى بتأييد غالبية الشعب السوداني، ليس في الجنوب فقط، وإنما في الشرق والغرب والشمال أيضـًا، وذلك بفضل الله تعالى، ثم بفضل تجربة حكم (الإنقاذ) المريرة ـ تجربة الطوفان ـ ومعلوم أن التجارب المريرة إنما تساهم في خلق الوعي..


    نعم التجارب المريرة تعلّم الشعوب، وقد قال الأستاذ محمود في مرة من المرات ما يُفهم منه أن الشعب السوداني يحتاج للمرور بتجربة حكم السلفيين الإسلاميين لتوسيع وعيه وقد جاءت تجربة الإنقاذ بالفعل مريرة وأليمة ولكني لا ألاحظ نتائج فائدة ظاهرة ترقى إلى المستوى المطلوب حتى هذه اللحظة.. ولذا فإني لا أتفق معك عندما تقول بأن فكرة السودان الجديد تحظى بتأييد غالبية الشعب السوداني.. هذا تصريح متفائل جدا.. لقد دلت الأحداث منذ نهاية الحرب في الجنوب، وعقد اتفاقية السلام، أن غالبية الجنوبيين لن يصوتوا لسودان موحد بعد نهاية الفترة الانتقالية.. السودان الآن في حاجة إلى تدخل المجتمع الدولي ممثلا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإحلال السلام والعدل في دارفور والشرق، والمحافظة عليه في الجنوب وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، وإنهاء المظالم والهيمنة والتسلط في بقية السودان.. الحمد لله أن هذا الدور قد بدأ وقطع شوطا طويلا ولكن الطريق لا يزال طويلا.. وإذا صدقت النوايا من جانب السودانيين، معارضة وحكومة، وتعاونوا مع المجتمع الدولي بإخلاص، فإن فرصتهم سوف تكون جيدة في تحقيق وطن فيدرالي ديمقراطي ينعم فيه الجميع بثروة بلادهم بعدالة ومساواة ووفرة..

    ولك الشكر على المقال مرة أخرى فقد استمتعت بقراءته..

    ياسر

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 05-19-2006, 01:51 AM)

                  

05-19-2006, 01:53 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48894

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد (Re: Yasir Elsharif)

    فوق...

    لمزيد من القراءة لمقال الأستاذ عبد الله الأمين وتعقيبي على جزئية صغيرة منه..
                  

05-19-2006, 02:42 AM

خضر عطا المنان
<aخضر عطا المنان
تاريخ التسجيل: 06-14-2004
مجموع المشاركات: 5191

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد (Re: Yasir Elsharif)


    العزيزان : عبدالله وياسر

    قرأت بترو وتؤدة هذا المقال الذي أراه

    مقالا تحريضيا للنقاش الجاد وفاتحا لجراحات قديمة

    ولشهية الكثيرين ممن يعنيهم الأمر مع قلتهم في هذا المنبر ..

    لذا لي عودة اليه لاحقا ..

    أحييكما معا على هذه الاضافة المنيرة ..

    خضرعطا المنان
    attamanan@hotmaïl.com
                  

05-19-2006, 08:47 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37056

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد (Re: abu-eegan)

    الاخوان الاعزاء
    تحية طيبة
    كما ذكرنا مرارا وتكرارا ان المشاريع السياسية السودانية الحقيقية مشروعين فقط الثورة الثقافية للفكرة الجمهورية والسودان الجديد للحركة الشعبية

    واكبر عائق لها ليس الحزب الحاكم فقط بل
    1- الجبهة الوطنية 2006+ اليسار البائس.. التي تعيد انتاج نفسها كل مرة
    2- ازمة المنبر الحر المرئية والمسموعة

    والشعب المغيب منذ الاستقلال والحديث ذو شجون
    وذكرني هذا المقال مقالات المرحوم طه ابو قرجة القيمة التي كانت في هذا المنبر
                  

05-19-2006, 08:55 AM

Mustafa Mahmoud
<aMustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 38072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثورة الفكsaalmية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد (Re: adil amin)

    keep itup

    THIS IS MAGNIFICENT
    we need more and more of this discusssions here
    LONG LIVE ALL SUDANESE THINKERS AND LONG LIVE THEIR QUEST FOR THE NEW SUDAN
    DR MUSTAFA MAHMOUD
                  

05-20-2006, 06:16 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48894

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد (Re: abu-eegan)

    شكرا الأخ خضر عطا المنان والأخ عادل أمين والأخ مصطفى محمود..


    فوق لمزيد من القراءة، وسوف يعود الأخ عبد الله الأمين "أبو إيقان" اليوم السبت أو غدا للتعقيب..


    والسلام للجميع...
                  

05-21-2006, 04:50 PM

abu-eegan

تاريخ التسجيل: 02-20-2003
مجموع المشاركات: 124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد (Re: Yasir Elsharif)

    شكرًا للإخوان المداخلين د. ياسر الشريف، وخضر عطا المنان، وعادل أمين، ومصطفى محمود
    وفيما يختص بتعليق الأخ د. ياسـر أعلاه، أرى أنه يحتشد بتفاصيل كثيرة يذكرها في التدليل على صحة رأيه، فيما يختلف معي فيه، ولا أحب أن يجيء تعقيبي على تعليقه ناقصًا أو جزئيـًا أو مبتسرًا، وإنما أرجو أن يكون شاملا ً وأن أناقش فيه كافة التفاصيل والأدلة الواردة في تعليقه، نقاشـًا موضوعيـًا.. وبالنظر إلى بعض الشواغـل التي تشغلني فإن ذلك ربما يحتاج مني إلى قليل من الوقت، وقد شرعت بالفعل في كتابة التعقيب، ولما أفرغ منه بعد، ولذا أرجو أن يمهلني الإخوان المتابعون يومًا إضافيـًا أو يومين، ولكم الشكر دومًا
    عبد الله الأمين ، المحامي
                  

05-22-2006, 11:08 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48894

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد (Re: abu-eegan)

    الأخ العزيز عبد الله الأمين،

    تحية طيبة وشكرا..

    ياسر
                  

05-23-2006, 02:10 PM

abu-eegan

تاريخ التسجيل: 02-20-2003
مجموع المشاركات: 124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد (Re: Yasir Elsharif)

    الأخ الفاضل د. ياسر الشريف
    في تعليقـك أعلاه تقول أنك تتفق معي في كثير مما جاء في مقالي موضوع هذا الخيط بينما تخالفني الرأي في بعض النقاط، وكمثال لما تخالفني فيه تورد قولي:

    Quote: غير أن الجمهوريين، تلاميذ الأستاذ محمود، تراجعوا عن المواجهة عـقـب تنفيذ الحكم على الأستاذ، مما أبقى على حاجز الخوف لدى الشعب، ولذلك تأخرت الثورة حتى أبريـل بدلا ًعن يناير، عام 1985، الأمر الذي أدخل عوامل أخرى كأسباب للثورة، وعمم أهدافها، ولذلك جاءت أبريـل كانتفاضة ضد سلطة مايو بصورة عامة، وليس ضد قوانين سبتمبر، ومحاكمها، وحرب الجنوب بالتحديد

    ثم تعلق عليه بقولك:
    Quote: من يقرأ كلامك هذا، يا عزيزي عبد الله، يظن بأن الشعب السوداني كان يتفهم حقيقة موقف الجمهوريين، أو أنه قد التحم مع الجمهوريين والجمهوريات في مسيراتهم الشهيرة

    ثم تذكر بعض التفاصيل فيما يتعلق بالمنشور، والنضال الحضاري، والمعارضة السلمية، والمسيرات الذاكرة، ومواجهة المحكمة والسلطة، والصمود السلمي في مواجهة الشرطة، وغير ذلك، مما كان يمارسه الجمهوريون وحدهم، في معارضة قوانين سبتمبر، ومحاكم الطواريء، دون أن تشاركهم فيه جماهير الشعب.. ثم توضح أنك لا تلوم الشعب السوداني على ذلك، وأنك تعذره، عذرًا مديدًا، حيث ترى أن عوامل عديدة قد تضافرت لكي تحجب عنه المعلومات وتحجب عنه حقيقة موقف الجمهوريين.. ثم تضيف أن كثيرًا من السودانيين كانوا يعتبرون الجمهوريين تابعين لمايو، وبالتالي يرونهم يستحقون ما يجري لهم، الخ
    ثم تقول:

    Quote: ولذا فإن القول بأن الثورة قد تأخرت نتيجة لموقف الجمهوريين بعد التنفيذ، فيه كثير من التبسيط

    غير أني لم أزعم، سواء في الجزئية محل اعتراضك المشار إليها، أو فيما سبقها أو تلاها من حديث، أن الشعب السوداني قد كان على قـناعة أو تفهم أو وعي بالمنطلقات الفكرية للجمهوريين في معارضتهم لقوانين سبتمبر، ومحاكم الطواريء، وغيرهما، أو أنه ساندهم حسيـًا، أو التحم معهم ماديـًا في مسيراتهم ونضالهم السلمي ضد هذه أو ذاك أو تلك
    هناك في تقديري أمران ربما يساهمان، من ناحية، في تدعيم القول بأن (تراجع الجمهوريين عن المواجهة عقب تنفيذ الحكم قد أبقى على حاجز الخوف لدى الشعب في يناير وأدى إلى تأخير الثورة حتى أبريل، ثم إلى تعميم أهدافها، ثم إلى إخفاقها في القضاء على قوانين سبتمبر في مهدها).. كما قد يساهمان، من ناحية أخرى، في توضيح أوجه الخطأ في اعتراضك على هذا القول.
    الأمر الأول:
    أن الشعب السوداني، في مستوى عامته ـ طبعـًا باستثناء جماعات التنظيمات (الاسلامية) السلفية، من إخوان مسلمين، ووهابية، وأدعـياء التصوف، الخ، الذين لا يشكلون، مجتمعين، سوى أقـلية من الشعب ـ قد كان يشعـر بالإستياء الشديد، من قوانين سبتمبر، ومن محاكم الطواريء، ومن سوء الأوضاع العامة، في أواخر عهد مايو، وإن لم يكن يملك الحجة الفكرية للتمييز الواضح بين الإسلام وبين تلك القوانين والمحاكم.. وبسبب العجز الفكري عن هذا التمييز كان الكثيرون يقعون فريسة للإرهاب الديني فلا يستطيعون إعلان اعتراضهم على تلك القوانين والمحاكم رغم استيائهم الشديد منها.. ثم أن قوانين سبتمبر ومحاكم الطواريء، مدعومتان بالإرهاب الديني، قد كانتا تشكلان ، من ناحية أخرى، مصدرًا لتخويف المواطنين وتثبيط روح الثورة فيهم.. أي أن تلك القوانين ومحاكمها قد كانت تشكل باعـثــًا للثورة وعائـقــًًا دونها، في ذات الوقت، فقد كانت، من ناحية، مدعـاة للغضب والإستياء والشعور بالغبن والظلم، مما يبعث روح الثورة ويحفزها، بينما شكلت، من ناحية أخرى، مصدرًا للتخويف والإرهاب الديني، مما يكبت روح الثورة ويثبطها.. ولذلك، وعندما نهض الأستاذ والجمهوريون في مواجهة تلك القوانين والمحاكم، كانت الغالبية، من عامة الشعب، متعاطفة معهم، وداعمة لهم، بقـلوبها ومشاعرها ووجدانها، رغم غياب الوعى لديها بالمنطلقات الفكرية لمعارضة تلك القوانين والمحاكم، ولكنها من ناحية أخرى كانت مقيدة، بحاجز الخوف والإرهاب الديني، عن الانضمام إلى الجمهوريين حسيـًا في مواجهة تلك القوانين والمحاكم، ومساندتهم والتلاحم معهم، الخ.. ولذلك كانت الجماهير تقف موقف المتفـرج، الذي تختلط في صدره مشاعر التأييد والتعاطف مع مشاعر التوجس والخوف، في انتظار ردة الفعل من جانب سلطات ومحاكم الطواريء.. ولهذا السبب بالذات فقد اتجه الأستاذ إلى العمل على إسقاط هيبة تلك المحاكم من صدور الجماهير، وذلك بأن يواجه قضاة تلك المحاكم بحقيقـتهم، ويحدثهم عن أنهم غير مؤهلين فنيـًا وضعاف أخلاقيـًا، إلى آخر ما سلف تفصيله في المقال، ثم يبتسم وهو يقف على منصة المشنقة، وكل ذلك حتى يتحطم حاجز الخوف والرهبة لدى الشعب، فيثور ضد تلك القوانين والمحاكم، على نحو ما سلف بيانه في المقال موضوع هذا الخيط.. وعندما تراجع الجمهوريون عن المواجهة، عقب تنفيذ الحكم على الأستاذ، ساعد ذلك على إحباط روح الثورة عند الشعب، وإبقـاء حاجز الخوف لديه، مدة من الوقت، ولكن روح الثورة ودوافعها قد كانت فيما يبدو أكبر من حاجز الخوف، وعوامل الإحباط، ولذلك حصلت الثورة رغم تراجع الجمهوريين، ولكنها تأخرت حتى أبريل، بدلا عن يناير، مما أدخل عوامل أخرى ضمن أسبابها، وعمم أهدافها، حتى أخفقت في القضاء على قوانين سبتمبر في مهدها، على نحو ما سلف بيانه في المقال.
    الأمر الثاني:
    أن الشعب السوداني، في مستوى صفوته (المثقفين وقادة الأحزاب والتنظيمات والفعاليات السياسية والإجتماعية) ـ باستثناء التنظيمات (الإسلامية) السلفية، وما يلحق بها ـ قد كان مؤيدًا تأييدًا حسيـًا لنضال الجمهوريين ضد تلك القوانين والمحاكم ـ وقد صدرت بيانات مكتوبة من أساتذة جامعة الخرطوم، ومن غيرهم، يتضامنون فيها مع نضال الجمهوريين، وتم توزيعها على الناس في الشوارع.. وأيضا أدى تراجع الجمهوريين، عقب التنفيذ، إلى إحباط روح الثورة عند الصفوة، وإبقـاء حاجز الخوف لديهم، لفترة من الوقت، مما أدى إلى تأخير تحريكهم للثورة، وأدى في النهاية إلى تأخير الثورة، وتعميم أهدافها، الخ، مما سلف بيانه.
    وأما قولك بأن كثيرًا من السودانيين قد كانوا يعتبرون الجمهوريين تابعين لمايو وبالتالي يرونهم يستحقون ما يجري لهم، الخ، فإن ذلك لم يكن يمثـل، في تقديري، سوى موقف بعض أقليات لا وزن لها.
    ثم إنك تقول:

    Quote: ولكن التبسيط الأكثر هو التركيز على وصف موقفهم هذا بالتراجع، وهو وصف سلبي لا يرى المسألة من جوانبها المختلفة والمتعددة

    وأنت هنا تعني الجمهوريين.. وأرجو هنا أن أوضح لك وللقراء حقيقة هامة، وهي أني بحديثي في هذا المقال عن (تراجع الجمهوريين عن المواجهة، عقب التنفيذ) لم أقصد إلى لوم الجمهوريين أو إلى نقدهم، وإنما قصدت إلى ذكر واقعة تاريخية، وما ترتب عليها، بحسب رؤيتي، من نتائج في الواقع التاريخي.. ولا يستطيع أحد ثم لا يحتاج أحد إلى إنكار (التراجع) كواقعة تاريخية.. وأما تقييم التراجع أو تصويبه أو توضيح وجه الحكمة فيه، فإن ذلك أمر آخر لم أتطرق إليه.. وأما قولك أن وصف موقفهم بكلمة (التراجع) نفسه وصف سلبي، فإني أخالفك الرأي في ذلك، فإن كلمة (تراجع) لا تتضمن في تقديري نقـدًا للموقف، على خلاف كلمات أخرى، لم أستخدمها، مثـل (تخاذل) أو (نكوص) الخ.
    ثم إنك تقول:

    Quote: والتبيسط الأكثر من كلا التبسيطين السابقين، هو الاعتقاد بأن الشعب السوداني لا ينتظر سوى أن يتقدم الجمهوريون والجمهوريات إلى المشانق لكي يهب ويقتلع نظام مايو وقوانين سبتمبر!!

    ولكني لم أقـل أن الشعب كان ينتظر قتـل الجمهوريين حتى يثور.. لقد كان الشعب في تقديري يتمنى انتصار الجمهوريين في تلك المواجهة ضد تلك القوانين والمحاكم، بطريقة أو بأخرى، أو على الأقـل ينتظر صمودهم في المعتقـلات، من غير أن يحدث لهم قتـل، حتى يثـور وينقذهم، فهو لم يكن ينتظر مقتلهم، كما لم يكن ينتظر تراجعهم، وإنما كان ينتظر انتصارهم، أو صمودهم دونما قتـل حتى تحدث الثورة، ولكن إذا خير بين مقتلهم وتراجعهم، فالأرجح أنه سيختار تراجعهم، ولذلك هو لا يلومهم على التراجع.. الشاهد أني لا أتحدث عن التراجع على سبيل اللوم أو النقد، وإنما أذكره على سبيل التسبيب التاريخي لإحباط روح الثورة وإبقـاء حاجز الخوف لدى الشعب في ذلك الوقت.
    ثم إنك تقول:

    Quote: مثل قولك هذا يلغي تأثير ماكينة الدولة وإعلامها في إطهار الجمهوريين بمظهر "الشيطان" وقد بلغ هذا الأمر ذروته في خطاب الرئيس نميري يوم الخميس 17 يناير 1985 الذي بث في الساعة الثالثة بعد الظهر من الراديو والتلفزيون. ونتيجة لعمل ماكينة الدولة وإعلامها وتأثير المد الوهابي الذي تقف وراءه السعودية، نجد أن آلاف السودانيين كانوا يقفون ضد الجمهوريين، وقد ظهر هذا في العينة التي حضرت تنفيذ الحكم.. فإن الآلاف الذين حضروا التنفيذ لم يكونوا كلهم من السلفيين الوهابية أو الأخوان المسلمين، بل إن المضحك المبكي هو أن كثيرين منهم كانوا من المحسوبين على دوائر الطرق الصوفية

    والواقع أن الآلاف، بل عشرات الآلاف، الذين (كانوا يقفون ضد الجمهوريين) في ذلك الوقت، سواء بفعل الآلة الإعلامية، أو بفعل غيرها، لم يكونوا سوى أتباع الجماعات (الاسلامية) السلفية، بمختلف فصائلها، ومن لحق بهم، وكلهم لا يمثلون سوى الأقلية من الشعب السوداني.. والواقع أن أغلب الذين حضروا التنفيذ قد كانوا من تلك الجماعات (الاسلامية) حيث تم حشدهم عمدًا لهذا الموقف.. وأما المساجين، وقد كان أغلبهم من مظاليم قوانين سبتمبر، ويمكن أخذهم كنموذج لتمثيل الشعب السوداني خارج دائرة الجماعات (الاسلامية) فقـد كانوا يهتفون ضد السلطة وتضامنـًا مع الجمهوريين.
    ثم إنك تقول:

    Quote: هذا لا ينفي حقيقة أخرى هي أن قلة قليلة من الذين حضروا التنفيذ كانوا من المتعاطفين مع الأستاذ محمود ومع الجمهوريين ويتفهمون مواقفهم ويحترمون فكرهم.. الشاهد هو أن الذين يتفهمون الجمهوريين من السودانيين بعد أحداث المحكمة وخطاب نميري كانوا قليلين نسبيا بالمقارنة لجموع الشعب السوداني

    غير أني إنما أخالفك الرأي في ذلك، فالذين حضروا التنفيذ لم يكونوا مجموعات عشوائية جاءت بالصدفة، وإنما تم حشد أتباع الجماعات (الاسلامية) عمـدًا ليمثـلوا أغـلبية الحضور، وليهتـفوا ضد الأستاذ، ولذلك كان طبيعيـًا أن تكون أغلبية الحضور هناك ضد الجمهوريين، بينما الأقلية فقط معهم، هذا باستثناء المساجين الذين سلف ذكر موقفهم الإيجابي.. إن الذين كانوا يتعاطفون مع الجمهوريين ويدعمونهم بمشاعرهم ووجدانهم، من عامة الشعب، رغم خطاب نميري والمكاشفي وغيرهم، هم في تقديري أغلبية الشعب، علمـًا بأن التعاطف الشعوري الوجداني مع الجمهوريين ضد قوانين سبتمبر لا يقتضي المعرفة بمنطلقاتهم الفكرية في التمييز بينها وبين الاسلام، إذ يكفي مجرد الشعور بسوء ووحشية تلك القوانين والمحاكم للتعاطف مع من يعارضها، كما سلف البيان
    ثم إنك تقول
    :
    Quote: وإذا كنا دقيقين، يا عبد الله، سوف نكتشف أن غالبية الشعب السوداني لم تنتفض ضد قوانين سبتمبر، وذلك لأنهم كانوا يظنون أنها إنما هي الإسلام.. الدليل على ماأقول هو أن الإسلامويين من أخوان مسلمين وغيرهم خصوصا المدعومين من السعودية استطاعوا ابتزاز قادة الأحزاب التقليدية وزعمائها للإبقاء على تلك القوانين في الفترة الانتقالية وما أعقبها، لأن قواعد تلك الأحزاب، كما قلت سابقا، قد تضافرت شتى العوامل لكي تحجب عنهم زيف السلفيين الإسلاميين، وتزين لهم شعار (الإسلام هو الحل) على طريقة السلفيين.. هذا الواقع كان حقيقة لا تحتمل المغالطة، والدليل على ذلك كان فوز الجبهة الإسلامية في الانتخابات محرزة الموقع الثالث

    فأما كون الانتفاضة لم تكن ضد قوانين سبتمبر بالتحديد فإن ذلك حق، وقد ذكرته في مقالي، ولكن ليس لأن غالبية الشعب كانت تظن أن تلك القوانين هي الاسلام، وإنما لأن تراجع الجمهوريين، وما نتج عنه من إحباط روح الثورة، وتأخير ميقاتها إلى حين طرد (الإسلاميين) من السلطة، وتعميم أهدافها، قد أتاح لـ (الاسلاميين) فرصة الإنضمام إلى الثورة، وإدعاء الإسهام فيها بالقدر الأكبر، ثم تشويهها وإرباكها، ثم الإستيلاء عليها وإجهاضها بواسطة الجيش قبل أن تبلغ مداها، الخ الخ.. وأما بقية حديثك عن إبتزازهم قادة الأحزاب، وتضليلهم قطاعات من الشعب دينيـًا، فلا خلاف عليه، غير أن فوزهم في الانتخابات بالموقع الثالث لا يعني أن غالبية الشعب مقتنعة بهم وواقفة معهم، بل ولا يعني أن شعبية الموقع الثالث نفسها حقيقية، فقد كانوا يمارسون من وسائل (الخم) والتأثير والخداع والتزييف ما لا يدانيهم فيه غيرهم للحصول على أصوات الناخبين.
    ثم إنك تقول:

    Quote: هناك حقائق أخرى يجب ألا يتم إغفالها، فقد تغلغل الإسلاميون السلفيون، بدعم من السعودية، في أجهزة الدولة، وبخاصة البنوك المسماة "إسلامية" منذ المصالحة الوطنية، وصارت لهم قوة اقتصادية يُحسب حسابها، وقد مكنتهم هذه القوة الاقتصادية من استخدام الإعلام والصحف لصالحهم بصورة كبيرة.. أما تأثيرهم الأكبر فقد كان تغلغلهم في الجيش بصورة خفية منذ أوائل حكم مايو، وقد كانت حركة انقلاب سبتمبر 1975 ذات قيادة أخوانية؛ وقد ظهر تأثير الأخوان في الجيش فيما بعد من خلال ما كان يسمى بـ "فرع التوجيه المعنوي" وقد أثمر هذا التغلغل تكوين خلايا خرج منها قادة انقلاب يونيو 1989

    وكل ذلك لا خلاف عليه، ولكنه إنما تم، ونما، وترعرع، بفضل تراجع الجمهوريين في ذلك الوقت، وما نتج عن التراجع مما سلف بيانه.. وهذا كما أسلفت لا يعني أني ألوم الجمهوريين أو انتقدهم على ذلك التراجع، فقد يكون التراجع موقـفـًا حكيمـًا وصائبـًا في ظل لحظته وظروفه، وقد يكون خيارًا وحيدًا لا بديل له، ولا مناص منه، رغم ما ترتب عليه لاحقــًا من نتائج سلبية في الشريعة ـ أي في الظاهر ـ ولكنها ايجابية في الحقيقة ـ أي في الباطن ـ على السودان وشعب السودان.
    ثم إنك تقول:

    Quote: أما فيما يخص قضية الجنوب فإن معظم معارضي مايو كانوا مسرورين لمسألة نقض مايو لاتفاقية أديس أبابا، ولم يتعاطف الناس مع الحركة الشعبية إلا كوسيلة لتخليصهم من نظام مايو

    وهذا في تقديري غير صحيح، فإن أغلبية الشعب السوداني لم تكن تعارض مايو منذ بدايتها، بل كانت تؤيدها، وإنما أضحت تعارض مايو في أواخر عهدها ـ معارضة شعورية صامتة، وليست فكرية معلنة ـ وذلك بسبب نقض اتفاقية أديس أبابا وإعلان قوانين سبتمبر ومحاكم الطواريء.. ونفس الشيء يقال عن تعاطف أغلبية الشعب، في مستوى عامته، مع الحركة الشعبية في نضالها ضد أواخر عهد مايو، ثم في نضالها ضد (الإنقاذ)، تعاطفـًا شعوريـًا صامتــًا، وليس تأيـيـدًا فكريـًا معلنـًا..
    ثم إنـك تقول:

    Quote: والحركة الشعبية كانت تعرف كل هذا، لذا لم توقف حربها بعد الانتفاضة وإنما أسمت تلك الحكومة الانتقالية بمايو الثانية وطالبت بإلغاء قوانين سبتمبر والعودة إلى دستور مدني

    وفي رأيي أن سبب مواصلة الحركة الشعبية لنضالها بعد الانتفاضة ليس أنها كانت تعرف أن الأغلبية ليست معها، وأن الناس لم يتعاطفوا معها إلا كوسيلة لتخليصهم من نظام مايو، كما تزعم أنت هنا، وإنما على العكس من ذلك لأنها كانت تعلم أن حكومة الانتفاضة الانتقالية وما بعدها لا يمثـلون عامة الشعب حتى في الشمال.. ويبدو لي أنك عندما تذكر عبارة (الناس) أو (الشعب) أو (غالبية الشماليين) الخ، إنما تعني أغلب الأحزاب السياسية الشمالية، التي ظلت تعارض مايو منذ بداية عهدها، بسبب نزع السلطة منها، مضافــًا إليها الحزب الشيوعي الذي أنقلبت مايو عليه لاحقــًا فأصبح معارضًا لها.
    ثم إنك تقول:

    Quote: مرة أخرى، نلاحظ أن شتى العوامل قد تضافرت لتحجب عن السودانيين الشماليين عدالة قضية الجنوبيين وإصرارهم على معارضة سياسة التعريب والأسلمة والهيمنة العرقية والاقتصادية.. وكانت النتيجة أن غالبية الشماليين لم يكونوا من مؤيدي الحركة الشعبية بعد الانتفاضة

    وفي تقديري أن أهم هذه العوامل التي تضافرت هو غياب الجمهوريين عن الساحة السياسية والفكرية، ومع ذلك فإن أغلبية الشعب، حتى في الشمال، لم تكن تقف ضد قضية الجنوبيين، أو تقف مع سياسة التعريب والأسلمة والهيمنة، وإنما على العكس من ذلك كانت وما زالت تقف بشعورها ووجدانها مع قضية الجنوبيين وضد هيمنة الاسلام السياسي الزائف.. وأما غياب أو ضعف الموقف الفكري المعلن في هذا الاتجاه فسببه غياب الجمهوريين.
    ثم إنك تقول:

    Quote: وقد أفلحت الجبهة القومية الإسلامية في تعبئة السودانيين والتماس العون من الدول العربية، في الحرب في جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق حيث امتدت الحرب.. ثم استخدمت الجبهة الإسلامية، بعد استيلائها على الحكم بوسيلة الانقلاب العسكري، كل مكتسباتها في سبيل تقوية نفسها ومحاولة إخضاع الجنوب الذي يقف حجر عثرة في وجهها بصورة قوية.. ومرة أخرى استطاعت الجبهة تعبئة السودانيين وجرّتهم معصوبي الأعين إلى محرقة الحرب التي خلعت عليها إسم "الجهاد" وأقامت أعراس الشهداء وبرع إعلاميوها في تضليل السودانيين من خلال برامج مثل ساحات الفداء وغيرها

    والواقع المؤكد عندي أنها لم تفلح في تعبئة (السودانيين) وإنما أفلحت في تعبئة (جمهورها من السودانيين) وهو أقـلية.
    ثم إنك تعرج بعد ذلك على قولي:

    Quote: وفي تقديري أن فكرة السودان الجديد قد أضحت تحظى بتأييد غالبية الشعب السوداني، ليس في الجنوب فقط، وإنما في الشرق والغرب والشمال أيضـًا، وذلك بفضل الله تعالى، ثم بفضل تجربة حكم (الإنقاذ) المريرة ـ تجربة الطوفان ـ ومعلوم أن التجارب المريرة إنما تساهم في خلق الوعي

    ثم تعلق عليه بقولك:
    Quote: نعم التجارب المريرة تعلّم الشعوب، وقد قال الأستاذ محمود في مرة من المرات ما يُفهم منه أن الشعب السوداني يحتاج للمرور بتجربة حكم السلفيين الإسلاميين لتوسيع وعيه وقد جاءت تجربة الإنقاذ بالفعل مريرة وأليمة ولكني لا ألاحظ نتائج فائدة ظاهرة ترقى إلى المستوى المطلوب حتى هذه اللحظة.. ولذا فإني لا أتفق معك عندما تقول بأن فكرة السودان الجديد تحظى بتأييد غالبية الشعب السوداني.. هذا تصريح متفائل جدا

    يبدو لي أنك لا ترى (نتائج فائدة ظاهرة ترقى إلى المستوى المطلوب حتى هذه اللحظة) لأنك تقيس الأمر بالمواقف السياسية المعلنة للأحزاب، أو لقادة الأحزاب، وكثير منهم يسعى لمصلحته الحزبية الضيقة، كما يفعل الصادق المهدي، ولكنك إذا حاولت أن تتلمس موقف عامة الشعب، فيما يقوله الناس في مجامعهم في الأحياء وفي المناسبات، وحيثما يلتقون، لتوصلت إلى أنهم قد بلغوا مرحلة رفض (الإنقاذ) ورفض (الدولة الدينية) وأنهم بلغوا أو أوشكوا أن يبلغوا مرحلة تأييد فكرة دولة المواطنة، والتعايش السلمي والمساواة بين الأديان والأعراق والثقافات، وتلك هي فكرة السودان الجديد.
    ثم إنك تقول:

    Quote: لقد دلت الأحداث منذ نهاية الحرب في الجنوب، وعقد اتفاقية السلام، أن غالبية الجنوبيين لن يصوتوا لسودان موحد بعد نهاية الفترة الانتقالية

    وهذا صحيح، وسببه أن أغلب الجنوبيين لا يعرفون موقف غالبية الشماليين، ولا يسعون إلى معرفته، وإنما يكتفون بقياس الأمر على موقف (الاسلاميين) أو موقف الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني).. ولذلك يجب على المهتمين من الشماليين أن يسعوا إلى تبرئة الشماليين من مواقف (الاسلاميين) وإلى توعية الجنوبيين بضرورة التمييز بين موقف غالبية الشماليين وموقف (الاسلاميين) وإلى توعية الشماليين أنفسهم وفتح قنوات لهم للتعبير عن موقفهم في تأييد فكرة السودان الجديد.
    ثم إنك تقول:

    Quote: السودان الآن في حاجة إلى تدخل المجتمع الدولي ممثلا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإحلال السلام والعدل في دارفور والشرق، والمحافظة عليه في الجنوب وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، وإنهاء المظالم والهيمنة والتسلط في بقية السودان.. الحمد لله أن هذا الدور قد بدأ وقطع شوطا طويلا ولكن الطريق لا يزال طويلا.. وإذا صدقت النوايا من جانب السودانيين، معارضة وحكومة، وتعاونوا مع المجتمع الدولي بإخلاص، فإن فرصتهم سوف تكون جيدة في تحقيق وطن فيدرالي ديمقراطي ينعم فيه الجميع بثروة بلادهم بعدالة ومساواة ووفرة

    ومن جانبي أتفق معك تمامـًا في ذلك، وأدعو معك لتأييد تدخل قوات الأمم المتحدة باسم القانون الدولي، ووفقــًا له، في كل شئون السودان وفي كل مناحيه.. غير أن كل ذلك لا يتعارض مع دعـوة أبناء السودان أنفسهم إلى العمل من أجل الثورة الفكرية ومن أجل السودان الجديد.
    وختامـًا لك الشكر الجزيل
    عبد الله الأمين ، المحامي

    (عدل بواسطة abu-eegan on 05-23-2006, 03:34 PM)
    (عدل بواسطة abu-eegan on 05-23-2006, 04:20 PM)

                  

05-25-2006, 00:36 AM

abu-eegan

تاريخ التسجيل: 02-20-2003
مجموع المشاركات: 124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثورة الفكرية وخارطة الطريق نحو السودان الجديد (Re: abu-eegan)

    up for more reading and discussion

    (عدل بواسطة abu-eegan on 05-25-2006, 00:38 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de