د. حيدر إبراهيم: السودان بين الدولة الوطنية والسلطنات القبلية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 11:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-10-2006, 06:41 AM

مكي النور

تاريخ التسجيل: 01-02-2005
مجموع المشاركات: 1627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د. حيدر إبراهيم: السودان بين الدولة الوطنية والسلطنات القبلية

    السودان بين الدولة الوطنية والسلطنات القبلية
    د. حيدر ابراهيم علي
    * من الصعب أن يتصور الانسان السوداني عشية الاستقلال، أي قبل خمسين عاماً، أن الوطن الذي كافح الخريجون من أجل تجاوز التشرذم والانشقاقات القبلية، سيعود الى عصور سلطنات الفور والفونج والمسبعات، والعموديات والمشيخات. وقد كان الاستقلال يعني الشروع في تقوية الشعور القومي الذي برز في الوحدة من أجل إجلاء المستعمرين. وكانت الأناشيد والخطب السياسية والبرامج الحزبية تؤكد على: أنا سوداني. وسعت كل القوى السياسية والفئات المثقفة من أجل تمتين الوحدة الوطنية. وحين انفجر تمرد أغسطس 1955م واغتيلت كوكبة من أروع الشباب السوداني الذي كان يعد بالكثير، لم يرتفع أي صوت يطالب بفصل الجنوب، أو أن يصدر صحيفة تدعو لذلك، أو أن ينشيء كياناً مقابلاً لما يراه كياناً جنوبياً. ورغم ان السودانيين كانوا حديثي عهد بالاستقلال، فقد كان الاحساس القومي قوياً يتجاوز العقيدة الدينية والولاءات الايديولوجية الضيقة التي يمكن أن تضحي بوطن واقعي من أجل دولة مثالية خيالية توجد في الذهن فقط.. اعتقد ان هذا هو الانهيار الحقيقي والخطر المحدق، لأن تدهور الجنيه يمكن أن تعالجه سياسة مالية رشيدة، وتدهور الخدمات يواجه بخطط تنموية منهجية، ولكن التدهور في الشعور القومي والانتماء الوطني يفضي مباشرة الى تقسيم الوطن وضياعه مهما كان نبل الغايات الاخرى، حتى ولو كانت قيام دولة دينية مقدسة.
    ولا نريد القول إن تاريخ السودان بدأ مع الانقاذ عام 1989م، ولكن للانقاذ فضل إكمال وتجويد كارثة التدهور الوطني والقومي، فقد جعلت من السودان وطناً للإسلاميين حتى ولو كان راشد الغنوشي أو بن لادن أو الظواهري. فالفكر الاسلامي لا يؤمن بالوطن ولا القومية بل بالأمة الاسلامية. ويرى مفكر إسلامي مثل أبي الأعلى المودودي أن فكرة الوطن أو القومية تعادل الكفر، لأنها خصم على فكرة الدين التي تتجاوز حدود الوطن السياسية والقومية. وظهر التناقض في تأييد قيام دولة باكستان والتي افترض فيها أن تكون وطناً لدين. وجاء منطق التاريخ ليقول خلاف ذلك، حين قامت دولة بنغلاديش وانفصل الكيان المسلم عن كيان مسلم آخر. ولكن في السودان لم يقرأ إسلامويونا التاريخ جيداً، واكتفى أغلبهم بالأحلام والخزعبلات في تحليل مستقبل دولة معقدة مثل السودان، فقد وجدوا تركة مثقلة من المشكلات القومية، ولكنهم اصروا بمكابرة وجهل متعمد على تعميق الكارثة، واستمروا بلا تراجعات خشية على دولة إسلامية لا توجد إلا في اذهانهم وفي الثلث الاخير من الليل، فقد أصروا في البداية على دولة إسلامية نقية وعالمية. لذلك ابعدوا المخالفين لهم عن جهاز الدولة، وحُرم الكثيرون حق العمل وحق المشاركة السياسية. واقاموا دولة الحزب الواحد التي تعاني الآن من شراكة مقلقة. وتنازل الاسلامويون عن حلم الاممية الاسلامية مع إلغاء المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي، إذ لم تعد هناك أفكار أو ثورة تصدر إلا الارهاب، لذلك تراجع عرَّاب الفكرة عنها، لانه لم يكن جاداً في الاصل، بل يريد التلاعب بتناقضات دولية وإقليمية لم يحسب حسابها جيداً.
    وظل سؤال الوحدة الوطنية أو بناء الدولة الوطنية الموحدة الحاضنة لتعدديات ثقافية وإثنية ودينية، معلقاً منذ الاستقلال. ولا ادري ماذا كان يقصد الرئيس اسماعيل الازهري حين قال: اتيتكم باستقلال مثل صحن الصيني لا شق ولا طق؟! من المؤكد أنه كان يقصد خلو الاستقلال من الارتباطات الاجنبية والمعاهدات، ولكن كانت في باله الشقوق الوطنية والقومية الداخلية؟ خاصة وقد ثار الجنوبيون مطالبين بحكم لا مركزي (Federation) ولكن هذا المصطلح ظل يعامل كمعادل للانفصال. ومن الواضح أن نظم الحكم الوطني وبالذات المنتخبة والبرلمانية منها، لم تلتفت الى قومية الوطن، وبالتالي بناء الدولة الوطنية. فقد عجز النظام الانتخابي حسب الدوائر الجغرافية عن تجاوز الانتماءات والتقسيمات القبلية والعشائرية، لذلك ظلت التركيبة القبلية هى الحاكمة والمكونة للمجالس (المنتخبة) منذ المجلس الاستشاري منتصف اربعينيات القرن الماضي وحتى المجلس الوطني الحالي، رغم التدخلات الرسمية. وقد ساهمت الأحزاب في تكريس (الانتخاب القبلي) لضمان نفوذها التقليدي. فالسودان خارج المدن، مناطق شبه مغلقة لعائلات بعينها. لذلك، لم تتحمس الاحزاب التقليدية لنظام التمثيل النسبي في الانتخابات، رغم أن هذا النظام يمكن أن يخضع لبعض التوازنات القبلية. ولكن المهم هو أن التصويت للحزب وبرنامج الحزب الذي يمكن أن يختار نوابه بقدر أكبر نسبياً من الحرية.
    وعجزت الاحزاب السودانية عن أن تكون قومية، أي أن تمثل حقيقة كل أجزاء السودان ومجموعاته الاثنية. ولجأت في كثير من الاحيان الى تمثيل ديكوري عقد المشكلة مع تصاعد وعي أبناء هذه المجموعات، وهذا سبب ظهور التكتلات الجهوية، أقصد عدم قدرة الأحزاب على جعل مطالب هذه المجموعات جزءاً من برنامجها الكلي. وبالتالي يجد جميع السودانيين أنفسهم ممثلين داخل هذه الاحزاب وفق خصوصية معينة للمنطقة أو المجموعة. وتكمن المشكلة في استمرار أفكار هذه الأحزاب - دون تغيير يذكر- القائمة على شعارات مرحلة التحرر الوطني، ورغم إنجاز مهام تلك المرحلة بتحقيق الاستقلال، بقيت الشعارات وتسميات بعض الاحزاب التي اخذتها من تلك الشعارات، وبقيت افكار الاحزاب خالية من المضمون وفق رؤية شاملة. فقد اكتفت بالتعامل حسب نظام التجزئة- أو ردود الفعل. ونلاحظ أن حزب الأمة فطن بعد انتفاضة أبريل 1985م الى إضافة صفة القومي لاسمه، ليصبح حزب الأمة القومي. ولكن هل تكفي التسمية؟ والسؤال الموجه لكل الأحزاب، هل وجدت المشكلات القومية الحالية موقعاً في برامجها؟ لا أجد ذكراً لمستقبل دارفور في برنامج حزب الأمة في انتخابات 1986م، ولا لمطالب البجا في برنامج الحزب الاتحادي الديمقراطي في نفس تلك الانتخابات. وقد ساهمت الأحزاب حين حكمت في تعميق تآكل الحس القومي من خلال عجز في الفكر التنموي، وبالتالي في التنفيذ. وفشلت في تطبيق خطة تنمية بدعوى قصر فترة الحكم الديمقراطي. ولكن الوقت ضاع في المناورات والمناوشات الحزبية الضيقة. ولم يكن للسياسيين بالفعل وقت للتنمية وتعميق الحس القومي. وأرجو أن نرى كتابهم بالاحصائيات خلال السنوات القصيرة التي حكموا خلالها، فقد كان غياب التنمية أو حتى النمو ملحوظاً في كل السودان، وبالتأكيد سيكون في الأطراف والهوامش. ومن أجل الكسب السياسي أو قصور القدرة على التحليل- لو افترضنا حسن النية- عرض سياسيو الهامش قضيتهم أو قضاياهم وفق منظور قبلي- جهوي ضيق لم يستوعب أى بعد لبناء دولة وطنية تعددية- وانطلق المارد القبلي الذي لم يقض عليه النميري بالغاء الإدارة الاهلية، وذلك لأن أسباب وجوده ليست سلطة العمد والنظار، ولكن التخلف بكل أشكاله الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
    وكان يفترض في المجموعات المدافعة عن حقوق أهلها- كما يردد ممثلو دارفور في أجهزة الاعلام وكأن البقية ليست أهلهم- أن تكون رصيداً للقوى الحديثة الداعية للتنمية المستقلة والشاملة، وفي نفس الوقت لبناء دولة وطنية حديثة وهى - بالمناسبة- الوحيدة القادرة على تحقيق التنمية المنشودة. وأتمنى الا أظلمهم حين أقول إن الدولة الوطنية أو السودان الموحد الديمقراطي غير واضح في كل هذه الاتفاقيات الأخيرة. وسيكون «الثوار» مشغولين بالقسمة التي تثير الحساسية، لأنها تحول الوطن تدريجياً الى شركة مساهمة. ولو تحدثنا عن الانتاج المشترك للثروة سيكون في عقلنا السودان الموحد.
    ولكن نغمة التقسيم العالية سوف تعمق أشكال التقسيم الأخرى عدا الاقتصاد. وسيدخل تقسيم التاريخ والثقافة والمواضع والمواقع.
    والخوف من عودة السلطنات ليس مجرد هاجس.. فقد أصبح من العادي أن نقرأ عن مجلس شورى قبيلة كذا وهى تنشر بياناً في صفحة كاملة. ونقرأ عن تكريم أبناء منطقة (س) لوزير سابق، وكأن الوزير كان يمارس السلطة على منطقته التي عينته من البداية لأنه ابنها البار. ومن المفجع أن يصرح رئيس حزب وكنت أعده محنكاً وكفوءاً في السياسة- حسب أحسن المعايير السائدة- لصحيفة مصرية بأن لسكان دارفور الحق في منصب نائب الرئيس، لأن هناك مجموعة لا يتعدى أفرادها «300» ألف نسمة حصلوا على مناصب الرئيس والنائب ومساعد الرئيس، تصور الى أين بلغ درك السياسة، فهذا الرجل يريد أن يزايد ويحرج الحكومة، ولكنه يلعب بكرت شديد الخطورة ومخرب تماماً. ويتردد أيضاً العمل والتسهيلات المالية حسب الهوية القبلية. ولم يعد الاعلان عن التعصب القبلي عيباً أو عاراً. ويجد الكثيرون في العودة الى القبيلة أمناً. فالدولة غائبة وضعيفة ورخوة، وبالتالي لا يعتمد عليها. وقد يرى البعض السودان في شكل غريب بعد هذه الاتفاقيات، فسيكون لأول مرة في التاريخ نسبة الحاكمين أعلى من نسبة المحكومين. ولنحسب عدد الوزراء والحكام وأعضاء المجالس واللجان ورؤساء الشركات ومجالس الإدارات...الخ. وما تبقى من السودان للأمم المتحدة والمنظمات الأجنبية. كل هذا على مستوى السلطة والثروة، فهى مقسمة بهذه الطريقة في الواقع: حكاماً ومراقبين.
    إن التدهور والتآكل للرصيد القومي والإحساس بالوحدة الوطنية، يحتاج لعمل إسعافي من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني. وألا يخضع للابتزاز والتخويف تحت أي إدعاء مثل التهميش أو الاتهام بالعنصرية. ويجب إعادة الدعوة للدولة الوطنية الديمقراطية والى الأجندة السياسية، وأن تأخذ مكان الأولوية. ويبدو هذا الأمر صعباً وسط الاحتفاليات بتوقيع الاتفاقيات، مما يعتبر في أحيان كثيرة هدفاً في حد ذاته.. رغم أن كل الأمور المتعلقة بالسودان الموحد تركت للقدر والحظ. وفي حالتي نيفاشا وأبوجا المستقبل مجهول، مع أن الشعوب عادة تمسك مصيرها بيدها وتصنع مستقبلها الآن.

    www.alsahafa.info
                  

10-12-2006, 09:30 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. حيدر إبراهيم: السودان بين الدولة الوطنية والسلطنات القبلية (Re: مكي النور)

    الظرف مناسب مرة اخري للمقال مهداة للبطاحين والي حميد وكدودة

    لعل المقال يفيدهم
                  

10-13-2006, 04:46 AM

مكي النور

تاريخ التسجيل: 01-02-2005
مجموع المشاركات: 1627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. حيدر إبراهيم: السودان بين الدولة الوطنية والسلطنات القبلية (Re: مكي النور)

    شكرا صبري لرفع المقال المهم لدكتور حيدر.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de