|
توقيع مني اركوي : ذكاء سياسي أم انصياع أعمى ؟؟
|
       
ربما تُنَاظَر هذه الـ(أم) بقول بعضهم أن الانصياع يكون في حده ذاته أحياناً ذكاء سياسي ، ولكن ليس كل انصياع (دعونا نتفق) ينجم عن ذكاء ، ولأجلكم أضفنا صفة العمى للانصياع . وملمح الذكاء في توقيع مناوي ريما يكمن في توقيته . فلم يوقع قبل (لحظة معينة) ولم ينتظر (إجماعا مستحيلا) للحركات الثلاث ... إذن دعونا نظن الذكاء في انصياع مناوي ... افتراضاً . للذين لم يعجبهم توقيع أركو مناوي على اتفاقية سلام مع نظام الانقاذ ، أو مع مايسمى بحكومة الوحدة الوطنية ، ما هي الخيارات البديلة التي كانت ممكنة في تلك اللحظة . لا خيار ثالث : التوقيع أو الاختباء وراء أن التعديل الأمريكي للوثيقة الأفريقية دون مستوى التطلعات الدارفورية ! هؤلاء الذين يريدون لحركة تحرير السودان الدارفورية الاستمرار في رفض التوقيع إما أنهم لا يقرأون ما كان يحدث جيداً أو أنهم لا يهمهم في شيء أن تستمر معاناة أهل دارفور وأهل السودان جميعاً إلى ما لانهاية . صحيح أن ما تم انتزاعه بواسطة هذه الاتفاقية هو فعلا (دون مستوى التطلعات) ولكن اتضح جلياً أن ذلك أقصى ما يمكن الحصول عليه من حالة الحرب المستمرة لثلاث سنوات ومن زخم الاعتناء الدولي والإقليمي والوطني بمسألة دارفور . اتضح جليا أن الأولوية القصوى للإدارة الأمريكية ، أكبر المؤثرين على مجريات الأمور ، هو دخول قوات دولية للإقليم بموافقة سلطات النظام الحاكم ، واتضح جليا أن هذه الإدارة تبني على أن موافقة هذه السلطات مرهونة بالتوصل إلى اتفاق سلام في دارفور ، وكان وصول مسئولين كبار من هذه الإدارة إلى أبوجا أكبر مؤشر على هذا الاتضاح الجلي . ومن جهة الثوار الدارفوريين فإن الوضع كان شاذا وضعيفا منذ البداية بالدخول إلى مفاوضات مصيرية كهذه بثلاث واجهات مستقلة عن بعضها تماما ولا يشملها كيان تنسيقي يضمن أن لا تنفرد إحداها بقرار ما ... ذات لحظة حرجة . النظام في الخرطوم كان قد استنفذ كل قدرات المناورة والتنازل واختبأ صاحب القرار بعيدا عن الضغوط الأمريكية المباشرة في أبوجا في جو كهذا مخطئ من لا يتوقع أن الضغوط على الحركات لا بد وأن تنتج انشقاقا ما بتوقيع بعضها دون بعض . لم يخسر مناوي سوى حق استخدام البندقية بتوقيعه على هذا الاتفاق لم يخسر مني أركوي مناوي سوى حق استخدام البندقية (الذين لم يوقعوا أيضا سيخسرون هذا الحق قريبا كما سترون ) لتحقيق طموحات وأشواق هل دارفور .. ولم يتوقف النضال بعد لأجل تحقيق هذه الغاية النبيلة بتوقيعه على هذا الاتفاق فتح مناوي الطريق أمام (الفعل المدني ) الدارفوري ليتمدد تحت سمع وبصر السلطة ، حتى لو كان هذا الفعل المدني هو التعبير عن رفض الاتفاقية بتوقيع مناوي على هذا الاتفاق يتوقف انسان دارفور عن أن يكون هو الضحية الوحيدة في هذا الصراع .. يجب أن ينتقل الصراع بأدوات أخرى إلى أماكن أخرى ويجب أن يجني لاجئو ومناضلوا دارفور حصاد معاناتهم أخيرا أمنا واستقرارا وعيشا كريما. بتوقيع مناوي سينفتح الطريق أمام انكشاف أبعاد العلاقة الآثمة و(الخليعة) بين بعض قادة الانقاذ وقادة ما يسمى بالجنجويد والذين لم يكن معظمهم سوى محض لصوص وقطاع طرق وشذاذ آفاق منحوا سلاحا ونفوذا حينا من الوقت . بتوقيع مناوي توضع لبنة أخرى في طريق التحول الديمقراطي لهذا الوطن المنكوب بأهله وقادته فهل كان توقيعه محض انصياع أعمى ؟؟
|
|
 
|
|
|
|