|
المستحيل عينه!!
|
وسط هذا الزحام والاضطراب الشديد، وقد تكالبت - كما يقولون - علينا الأمم. . أقول ، لو لا أن بعضنا تكالب على بعض، وبدت العداوة والبغضاء بيننا في المدن والقرى . . وحتى فى بيوتنا. واستعان كل واحد منّا بالغرباء على الأقارب والأقربين، وبالأعداء على الأصدقاء والصادقين، لما كان قد دار فى ذهن أحد من العالمين أن يتكالب علينا! وسط هذا الظلام والهروب المتواصل إلى وراء، والتمترس بلحظات معينة فى البعد الماضي من التاريخ ، والمبالغة فى تضخيم النقاط المضيئة فيه - على قلتها وضئالتها- وتعتيم متعمد على السلبيات - على كثرتها وفظاعتها - بالرغم من أن تسللها إلى عروقنا واختلاطها بأنفاسنا وافسادها لعقولنا ، جعل منّا نموذجا لقوم يعيشون العصر الراهن للبشرية بأجسادهم فيما تغرق عقولهم وسلوكياتهم فى عصور الجهل والظلام. وسط هذا الكم الهائل من التخريص والتدجيل والتضليل . . أليس فينا من رجل رشيد يدعونا إلى وقفة مع النفس واعتراف بالواقع ؟! رجل رشيد يقول لنا : “أنتم تسيرون خارج مدار حركة التاريخ والأحياء وتدورون حول أنفسكم وفى الفراغ والوهم. . تعتمدون مقدمات خاطئة فتصلون إلى نتائج خاطئة ، وبدلا من المراجعة بهدف المعرفة والتصحيح تبدأون فى لوم العالم وشتم الخلق أجمعين، لأنهم - كما تقولون - لا يفهمونكم ، والحقيقة انكم أنتم من لا يكاد يفهم حتى نفسه.” ؟!..أمام هذا الوضع المزري . . ألسنا فى حاجة إلى وقفة واعتراف بأننا هزمنا، ليس لأن الآخر ظالم ونحن مظلومين، وإنما لأن الآخر عاقل ونحن بلا عقول. . الآخر يعيش عصره ويتحدث لغة يفهمها الناس، ونحن نعيش فى عصر من نتاج أوهامنا ونتحدث بلغة خرافية لا علاقة لها بالواقع. الآخر يعرف ماذا يريد ، ولا يريد إلا ما يقدر أن يصل اليه بعد إن امتلك الوسائل والتصميم والارادة المطلوبة لتحقيق الهدف. أما نحن فلا نكاد نعرف ما نريد وعندما نعرف ما نريد تكتشف أننا لا نملك - ولا يبدو لي أننا سنمتلك على المدى المنظور - الوسائل والتصميم والارادة المطلوبة لتحقيقة . . لأن ما نريده - باختصار شديد - يتناقض مع قوانين حركة الاشياء نفسها. أليس هذا هو عين المستحيل أو المستحيل عينه؟!!الضفتان يوليو 2006
|
|

|
|
|
|