|
احتفل بوش واولمرت بادعاء نصر اعترفوا انه غير حقيقي
|
وقف النار بروفسور سلمان محمد سلمان
Tuesday 15-08 -2006
توقفت الحرب بلبنان ولا نعرف ان وضعت أوزارها فعلا. وبمختلف المقاييس تمخضت نتائج للحرب لا تبدو محسومة بما يكفي لتوقع ملامح المرحلة اللاحقة.
واحتفل بوش واولمرت بادعاء نصر اعترفوا انه غير حقيقي. واكتفوا لإثبات نصرهم أنهم دمروا الكثير من مواقع لبنان المدنية. وبما ان تلك المواقع تمثل قاعدة حزب الله المدنية فهي تدمير له. منطق جديد في تعريف النصر.
واحتفلت المقاومة بنصرها وأكد السيد نصرالله ان النصر حقيقي واستراتيجي. ومن منظور صمود المقاومة هو كذلك ومن حق المقاومة الاحتفال بصمودها ولكن عليها الحذر من الاطمئنان لهذا النصر. فهو نصر من صمد وليس نصر من يتحكم وهناك فرق بين الاثنين.
وتريد بعض القوى اللبنانية الاحتفال بالنصر على طريقتها. فهي لم تقاتل ولم تخسر ماديا ومع ذلك تريد تحقيق كل أجندتها القديمة مرة واحدة معتمدة على تفويض غير واضح لقرار مجلس الأمن بحماية قوات دولية وإصرار اميركي على نزع سلاح المقاومة. وفي ذلك فهي تستعجل نتائج لم تتوصل لها إسرائيل بالحرب.
وحلم من هذا النوع يثير الذعر حقا. هل تتوقع تلك القوى ان تتخلى المقاومة عن سلاحها بعد كل التضحيات والصمود. هل من المعقول طلب انسحاب المقاومة او نزعها حتى قبل انسحاب قوات الاحتلال – منطق يصلح للزمن البوشي حقا.
وماذا عن جماهير لبنان والأمة العربية والإسلامية. هل تحتفل أم أنها لا تعرف كيف تقيم الأمر. وهل يمكنها التفاؤل حقا.
وماذا عن الإسرائيلي العادي أو المناوئ للحكومة هل فعلا يشعرون بتفاهة النتائج أم أنهم يستغلون ذلك لتحقيق مكاسب ضد الحكومة.
لا شك أنها معركة لم تحسم:
فمن الناحية العسكرية فشلت إسرائيل تماما في تحقيق أي هدف أعلنت عنه. وفي المواجهة ظهر الجندي الإسرائيلي خوافا أمام المقاومة. وفي القصف الجوي ظهر السلاح حاقدا اكثر منه مهنيا ويريد تعويض ما تخسر قوات البر من خلال سكب دماء أهالي أعدائه.
ومن الناحية الاستراتيجية خسرت إسرائيل جدارا من الردع والحماية النفسية. فلا معنى لادعاء السيطرة على حزام امني إذا توفر للصاروخ مسافات تزيد عن نصف العمق. ولا معنى لأية جدران إذا استمر توفر سلاح الصواريخ. وفشل إسرائيل استهداف قواعد الإطلاق اظهر ضعف التكتيك واستحالة الحل العسكري.
ولا شعور بالأمان لكيان مثل إسرائيل إذا أصبح من غير الممكن الوصول لمن يهددها وسحقه برا. وفشل الهجوم البري يمثل بداية سلسلة الفشل الاستراتيجي المقصود.
ومن الناحية الإنسانية ظهرت إسرائيل بمظهر بشع يعرفه الفلسطينيون دائما. لكنها بسبب قوة المقاومة أظهرت حقدا مكثفا يعبر عن فشل في تحقيق أي قمع. انه حقد مفعم بالفشل إذا سمح لنا استخدام هذا التركيب اللغوي.
ومشروع الأوسط الاميركي دفع الثمن كبيرا. ففشل استسلام المقاومة يعني استمرار روحها. وهذا يزيد فرصها في الطعن في المشروع الأوسطي الجديد. بل ان ذلك ربما يشجع بعض الأنظمة الخوافة على إعادة التقييم.
ولكن هل تحققت الاتجاهات هذه فعلا وهل يمكن الركون لأي شيء:
أول التقييم: يبدو ان المعركة لم تنته وهي مؤهلة للتفجر أي لحظة. فاعلان أولمرت صريح وواضح. انه يعتبر معركته مع المقاومة مستمرة وهذا يعني ان وقف النار هو اعتراف بعدم قدرته على تحقيق أهداف الجولة.
وهو سوف يحاول مرة ومرات هو او من يأتي بعده لتحقيق الأهداف الأساسية وهي تصفية المقاومة روحا وقدرة مادية. وبوش نفسه لن يقبل التراجع. وهذا يعني ان معركة المقاومة لم تنته.
الأدوات الجديدة التي يراهنون عليها تتمثل في ضغط داخلي في لبنان وخارجي في المنطقة فوق الضغط الإسرائيلي الاميركي.
والرهان الداخلي يعتمد تأزم الوضع متداخلا مع الضغط الدولي ووجود قوات اليونيفيل والمطالبة بنزع سلاح المقاومة. ومثل هذه المطالب تمثل أهدافا داخلية لبعض الأحزاب اللبنانية. لكن هذه الطريق محفوفة بالمخاطر للقوى اللبنانية التي يمكن ان تفكر بها. وكما يبدو فتلك الأحزاب لا تملك الإرادة او البنية الجماهيرية الكافية لصنع حالة تحدي حقيقية. لكنها مع ذلك تبقى حالة تحدي.
وهل يكفي فشل نزع السلاح لتعريف النصر للمقاومة والركون له:
ربما من وجهة نظر لبنانية محلية يمكن وصف ذلك بنصر للمقاومة وهزيمة لمعارضيها لكن ذلك في المحصلة يمثل حالة صفرية لان قيمة ذلك غير معرفة.
ولكن ذلك يعني الكثير ويمثل فرقا استراتيجيا من منظور إقليمي للمنطقة والحالة العربية والإسلامية وقيمة مفهوم المقاومة وانعكاس ذلك على المقاومة العراقية والفلسطينية.
فهل تستمر المقاومة اللبنانية ببعدها العربي وماذا يعني ذلك البعد. هل يكون باستمرار الجبهة اللبنانية ساخنة أم غير ذلك. وماذا يعني استمرار تسخين الجبهة اللبنانية إذا بقيت الجبهات السياسية في ثلاجة الشرق الأوسط الجديد. هنا يكمن التحدي الحقيقي.
يمكن تعريف انتصار المقاومة على 3 مستويات تعتمد على بعضها:
1- المستوى الصمودي المحلي اللبناني: وفي ذلك تحققت الحالة ولكن بتخوف من هجوم جديد.
2- مستوى الإرادة المتحكمة المحلية: ومعنى ذلك سيطرة مفهوم المقاومة وتوسعه ليشمل بشكل صريح وواضح شرائح أخري من السنة والمسيحيين في لبنان وبما يكفي للاطمئنان لسيطرة فكر المقاومة على النظام السياسي. وفي ذلك استقرار للنصر الأول وحماية مطلقة للمقاومة من تأثير الهجمات الانتقامية او الفتن الداخلية. وتتم ترجمة هذا باستمرار روح العلاقة الايجابية بين حزب الله والقوى الأخرى والتحالف الأوسع لقوى مسيحية رئيسة والسنية على قواعد مصلحة عليا لبنانية ملتزمة بالعروبة وترجمة ذلك بنجاح انتخابي لمثل هذه التوجهات لتوفير أغلبية برلمانية مستقرة.
3- مستوى إقليمي عربي إسلامي: وفي ذلك سوف يختلف اللبنانيون وليس واضحا كيف تتوجه القوى. ومع الاعتبار ان روح لبنان العربية قوية و من الصعب تخيل لبنان دون تفاعلاته لكن من الصعب توقع أين سيتجه ذلك لانه يتطلب نجاحا راسخا للمستوى السابق وحل إقليمي لمشكلة الطائفية السنية والشيعية. فحتى لو نجحت القوى اللبنانية تجاوز الاختلاف السني الشيعي فذلك لا يكفي لتطور إقليمي دون حل الشرخ العراقي وتضاؤل قوة دعاة الإقليمية والطائفية. بالإضافة الى متطلب استمرار صمود المقاومة الفلسطينية وبقائها. ويتطلب كل ذلك حسم معرف لموقف سوريا وإيران والسعودية ومصر. فان اتفقت تلك القوى يحسم مستقبل المنطقة لصالحها واذا استمر الانقسام فسوف تعتمد النتيجة محصلة التنافس مع الاعتراف بصعوبة الحسم الايجابي.
فهل تستطيع الأمة تجاوز كل هذه العقبات. نتمنى للبنان النصر في المستويات الثلاثة وندرك ان ذلك سوف ينعكس استراتيجيا على المنطقة.
[email protected]
|
|
|
|
|
|