حول الإطار الدستورى للفترة الانتقالية:بقلم كمال الجزولي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 11:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-05-2005, 09:11 AM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حول الإطار الدستورى للفترة الانتقالية:بقلم كمال الجزولي





    حول الإطار الدستورى للفترة الانتقالية

    إعلان نيروبى

    18 – 21 أبريل 2005م





    مقدمة
    · بدعوة من منظمة (أفريقيا العدالة ـ Justice Africa) ، إنعقد بنيروبى ـ كينيا ، خلال الفترة من 18 إلى 21 أبريل 2005م ، لقاء تشاورى ضم أربعة وعشرين من السياسيين وخبراء الدستور والقانون وناشطى منظمات المجتمع المدنى ، نساءً ورجالاً ، ومن مختلف المدارس الفكرية والاتجاهات السياسية فى شمال السودان وجنوبه وجبال النوبا والنيل الأزرق، حيث تداولوا مسودة الدستور الانتقالى الذى أعدته لجنة (7 + 7) المشتركة بين ممثلى حكومة السودان والحركة الشعبية/الجيش الشعبى لتحرير السودان على أساس اتفاقية السلام الشامل CPA المبرمة بين الطرفين فى 9 يناير 2005م ودستور السودان لسنة 1998م.

    · قدمت فى اللقاء أوراق عمل ومداخلات تناولت ، فى حدود الحيز الزمنى المتاح ، أبرز الجوانب المثيرة للجدل فى المسودة ، على خلفية الخبرات الدستورية السابقة والحراك السياسى والاجتماعى الراهن. وجرى ، على وجه مخصوص ، بحث قضايا حقوق الانسان ، والنوع (الجندر) ، والمجموعات القومية والسكانية ، ومصادر التشريع ، وهيكل الدولة ، ومستويات الحكم ، واستقلال القضاء ، وسيادة حكم القانون ، وما إلى ذلك. كما أولى المشاركون اهتمامهم للمشكلات المتعلقة بالمشاركة فى (لجنة الدستور) التى ستطرح أمامها هذه المسودة لتشكل أساس عملها بعد أن تمت إجازتها فى مجلسى طرفى الاتفاقية.

    · لاحظ المشاركون ، ابتداءً ، المفارقة الصارخة فى هذه المسودة ، والتى انتقلت إليها من الاتفاقية نفسها ، رغم قيمتها الكبيرة لجهة وقف الحرب والتبشير بالسلام والتحول الديموقراطى. فلقد كان الهدف الأساسى المعلن من المفاوضات برعاية الايقاد وشركائها هو (حل مشكلة الجنوب) ، مما فرض علوية المنطق الذى اقتصرت بموجبه عملية التفاوض على الطرفين المتحاربين: الحكومة والحركة ، لأجل إحلال السلام ، وقد تحقق ذلك فى معنى وقف الاقتتال بين هذين الطرفين. غير أن القضايا المتفاوض عليها اتسعت لتشمل ، عملياً ، قضايا السودان كله ، فكان لا بد للاتفاقية ، وفى إثرها مسودة الدستور التى انبنت عليها ، أن تتسعا أيضاً لتشملا هذه القضايا ، ولكن بين الطرفين المذكورين وحدهما ، وفى غياب ممثلى غالبية أهل السودان الآخرين فى شماله وجنوبه وشرقه وغربه ، والذين لم تقنعهم بعدُ لا الاتفاقية ولا هذه المسودة ، بكفايتهما لحل ما يعانون من مشكلات ، بما فى ذلك المجابهات الحربية ، كما فى دارفور مثلاً ، والمرشحة الآن لأن تندلع فى مناطق أخرى. هذه المفارقة بالتحديد هى ما نجمت عنه الوضعية الذهنية الملتبسة لدى غالب قطاعات الشعب بين الترحيب بترتيبات السلام على أساس الاتفاقية ، بما فى ذلك هذه المسودة ، وبين الاحساس العميق بعدم كفايتها لطمأنتهم على جدارتها بإيجاد الحلول لقضاياهم الأخرى.

    · لاحظ المشاركون كذلك المفارقة المتمثلة فى كون المسودة ، بصورتها الحالية ، ليست مجرد قانون أساسى مؤقت يراد له أن يحكم علاقات الفترة الانتقالية أو السنوات المحدودة السابقة على الانتخابات بأجهزة حكمها التى يعينها طرفا الاتفاقية وحدهما ، كترتيب استثنائى فرضته الضرورة التاريخية المعلومة ، وإنما دستور متكامل ودائم ، رغم تسميته بالانتقالى ، حيث يُراد لإلزاميته أن تسرى حتى على فترة ما بعد الانتخابات التى يفترض أن تعبر نتائجها عن الارادة الشعبية الغالبة ، مما ينعكس فى سلطة تشريعية منتخبة وحكومة مكونة ديموقراطياً. بل يراد لهذه الالزامية أن تمتد إلى أبعد من ذلك لتظل سارية حتى خلال المرحلة التى سوف تعقب انتهاء فترة السنوات الست الانتقالية والاستفتاء على تقرير المصير ، بصرف النظر عما إذا جاءت نتيجته لصالح الوحدة أو الانفصال.

    · كما لاحظ المشاركون أيضاً أن نِسَب المشاركة فى (لجنة الدستور) ، والتى تم تبنيها وإعلانها من جانب الطرفين ففجرت خلافاً واستقطاباً حاداً بين أطراف العملية السياسية ، ليست أصلاً فى الاتفاقية ، وإنما تم إقحامها لاحقاً باتفاق الطرفين بعد توقيعهما النهائى عليها.

    · ونظر المشاركون فى (المادة/3/1) من (بروتوكول مشاكوس) التى تنص على أن تحكم الفترة الانتقالية بموجب "قانون أساسى basic law" ، وكذلك (المادة/2/12/4/2) من (بروتوكول قسمة السلطة) التى تنص على أن تتولى مفوضية قومية تمثيلية مهمة إعداد "الاطار القانونى والدستورى ـ نص دستورىlegal & constitutional frame work – constitutional text" ، كما نظروا فى (المادة/2/12/4/5) من (بروتوكول قسمة السلطة) التى تنص على أن المهمة الأولى المسندة إلى هذه المفوضية هى "إعداد نص الاطار القانونى والدستورى".

    · ومن ثم رأى المشاركون أن المطلوب والممكن ، فى الوقت الراهن ، ليس دستوراً متكاملاً ودائماً لحكم السودان على حالى الوحدة أو الانفصال ، وإنما (إطار دستورى) أو (نص إطار قانونى ودستورى) مبسط إقترح المشاركون:

    (1) أن يحكم فترة السنوات الثلاث الأولى من الاتفاقية ، وهى الفترة التى تسبق الانتخابات بموجب (المادة/2/8/3) من (اتفاقية قسمة السلطة) ، وما يُفهم من (المادة/3/3) من (اتفاقية حسم النزاع فى منطقتى جنوب كردفان والنيل الازرق) ، علاوة على ما اتفق عليه بشأن موعد الانتخابات ضمن مفاوضات الحكومة مع التجمع بمشاركة الحركة الشعبية/الجيش الشعبى لتحرير السودان.

    (2) أن يشمل كل ما ورد فى الاتفاقية من ترتيبات خاصة بالاقليم الجنوبى والمناطق الثلاث.

    (3) أن يتضمن نصاً يتواثق الأطراف كافة بموجبه على خوض الانتخابات فى نهاية السنة الثالثة بالالتزام التام بأن تعمل الهيئة التشريعية المنتخبة ، والحكومة المنتخبة ، والمفوضية التى سوف يناط بها وضع الدستور الدائم ، وسائر الأجهزة التى سوف تشكل ديموقراطياً ، على مواصلة التقيد بتنفيذ ما ورد فى الاتفاقية من ترتيبات خاصة بالاقليم الجنوبى والمناطق الثلاث حتى نهاية الفترة الانتقالية وإجراء الاستفتاء على تقرير المصير. كما ويتواثقون بموجب هذا النص الملزم على تضمين كل ما ورد فى الاتفاقية من ترتيبات خاصة بالاقليم الجنوبى والمناطق الثلاث فى صلب أى دستور دائم يوضع لاحقاً فى ظل سلطة منتخبة ديموقراطياً.

    · هذا من جهة ، وأما من الجهة الأخرى فقد رأى المشاركون ضرورة تشكيل (لجنة الدستور) أو (مفوضية الدستور) بأوسع مشاركة من كل أطراف العملية السياسية فى البلاد ، وبنسب عادلة ومعقولة تعكس التنوع والتعدد الذى يذخر به السودان ، حيث أثبت الدرس الأساسى لخبرة التاريخ الوطنى المتراكمة أنه لا يمكن أن تقوم قائمة لأى ترتيبات دستورية بدون هذه المشاركة الواسعة ، وأن أى نص دستورى يصدر بالتجاوز لهذا الدرس البسيط أو إغفاله لن ينتج عنه فى النهاية سوى جهد مهدر ، بل لن يكون حظه من احترام المواطنين بأفضل من حظوظ غيره من النصوص الدستورية التى سعت الأنظمة الشمولية المتعاقبة لفرضها دون جدوى.

    · وانتقد المشاركون نقص المسودة نفسها وقصورها فى ما يتعلق بالحريات الأساسية والحقوق العامة ، وعدم دقة وكفاية الضمانات اللازمة لتأكيد سيادة حكم القانون واستقلال القضاء ، علاوة على الاجحاف بمطالب وحقوق التكوينات القومية والمجموعات السكانية فى حكم أقاليمهم ، والمشاركة فى أعلى مستويات الحكومة الاتحادية ، وغيرها من القضايا.

    · كما انتقد المشاركون اعتماد المسودة للمنهج الشمولى فى التبويب بتقديم الجهاز التنفيذى على التشريعى مثلاً ، على عكس تبويب اتفاقية السلام نفسها ، ورأوا أن ذلك لا يقتصر على الإخلال من حيث الشكل ، فحسب ، بأحد أهم أهداف الاتفاقية المتمثل فى إنجاز (التحول الديموقراطى) ، وإنما يرقى إلى المساس بالمضمون نفسه.

    · وناقش المشاركون أيضاً مخالفة المسودة للقواعد الواجبة الاتباع فى الدساتير والقوانين ، وتكرارها لبعض الأحكام ، واكتظاظها بالكثير من الركاكة اللغوية ، والتعابير الغامضة ، والصياغات الفضفاضة غير المنضبطة لجهة الاصطلاح الدستورى ووجوب توحيده ، كما فى عبارة (تتجسد سيادة الأمة فى شعبها) ، ضمن المادة/2 ، حيث لا يكاد يُعرف ما المقصود (بالأمة) وما المقصود (بشعب الأمة) ، وذلك بالمفارقة للنص المستقيم المجمع عليه فى الفقه الدستورى وهو (السيادة للشعب يمارسها وفق الدستور). كما يتبدى هذا الاضطراب أيضاً فى استخدام لفظ (الإزاحة) غير المعتاد فى الاصطلاح القانونى بدلالة (العزل) ، وفى المراوحة بين مفهوم (الديموقراطية) ومفهوم (الشورى) ، وبين استخدام كلمة (ناخب) مرة ، و(ناخب مؤهل) مرة أخرى ، وكذلك بين عبارة (مؤسسة الرئاسة) حيناً ، و(رئاسة الجمهورية) حيناً آخر ، والاكتفاء بلفظ (الرئاسة) فى بعض الأحيان. وإلى ذلك أيضاً الاستخدام المتطابق لمصطلحى (السلطة القضائية القومية) و(الهيئة القضائية القومية) ، وكذلك (السلطة التشريعية القومية) و(الهيئة التشريعية القومية) ، والاشارة لأحزاب بعينها بالمخالفة لعمومية النص الدستورى صياغة وتطبيقاً ، وارتباك بعض النصوص ، مبنى ومعنى ، فى ما يتعلق ، مثلاً ، بخلو منصب رئيس الجمهورية والنائب الأول لرئيس الجمهورية قبل الانتخابات ، وما إلى ذلك.

    · ولاحظ المشاركون أن من شأن مثل هذه الصياغات أن تفضى إلى الكثير من اللبس واختلال المعانى والمقاصد ، مما يرتب ، فى الممارسة العملية مستقبلاً ، لنزاعات غير مرغوب فيها حول التفسير والتأويل.

    · وبالنتيجة خلص المشاركون إلى جملة أفكار وتوصيات ضمنوها الإعلان التالى:

    أولاً: مبادىء عامة

    · أكد المشاركون أن أمر الدستور يهم شعوب السودان كافة ، وبكل قطاعاتها وقواها الفاعلة فى مفاصل حياتها الأساسية. ولهذا فإن استئثار طرفى اتفاقية السلام الشامل وحلفائهما بالثقل الغالب فى إعداد وإجازة الدستور الانتقالى لا يوفر الاحترام اللازم لهذه الوثيقة ، ولا يضمن تنفيذ ما يرد فيها من أحكام. ومن ثم أجمع المشاركون على ضرورة الاشتراك الواسع لكل القوى السياسية والاجتماعية السودانية فى صياغة الاطار الدستورى الانتقالى بنسب عادلة ومعقولة يتفق عليها ، تحقيقاً للاجماع الوطنى ، ووفقاً لمعايير الديمقراطية.

    · أكد المشاركون تأييدهم بوجه عام لاتفاقية السلام الشامل بالتركيز المخصوص على انجازها الأبرز فى وقف الحرب فى الجنوب ، مما اعتبروه خطوة نوعية متميزة نحو وقف كل المجابهات الحربية فى مناطق البلاد الأخرى وفتح الطريق أمام تطورها السلمى. كما أكدوا التزامهم التام بكل الحقوق والمكتسبات التى حصل عليها الجنوب والمناطق الثلاثة (جنوب كردفان + النيل الازرق + أبيي ) بموجب الاتفاقية ، وبضرورة تضمينها الاطار الدستورى للفترة الانتقالية. وأكدوا ، فى الوقت نفسه ، على أن هذا الالتزام لا يحجب حق القوى السياسية السودانية فى رسم هياكل السلطة وتحديد مستويات الحكم فى الشمال ، والاسهام فى وضع المبادىء والموجهات التى تحكم الدولة السودانية.

    · أكد المشاركون على ضرورة أن تقوم سياسات الدولة كافة على مراعاة التنوع العرقى والدينى والثقافى واللغوى ، من جهة ، والتعدد السياسى والحزبى من الجهة الأخرى ، والحريات والحقوق وسيادة حكم القانون والفصل بين السلطات من الجهة الثالثة ، وذلك كأساس لا غنى عنه لتكريس الممارسة الديموقراطية ، وتعزيز الوحدة الوطنية ، وترسيخ قيم التسامح والتعايش السلمى وقبول الآخر.

    · شدد المشاركون على أهمية تعزيز الروح الدستورية (constitutionalism) كقيمة لا تقل عن الدستور نفسه فى ما يتصل بتأكيد حقوق المواطنة والمشاركة. وأكدوا فى هذا الاتجاه على ضرورة نشر ثقافة الديمقراطية ، وحقوق الانسان ، والسلام ، والوحدة ، بحيث يعتبر انتهاك أى من هذه القيم عملاً مداناً ، ليس من الناحية القانونية فحسب ، وإنما الأخلاقية والسياسية أيضاً.

    · شدد المشاركون على أهمية أن يعكس الدستور الانتقالى الفهم المترابط وغير القابل للتجزئة فى ما يتعلق بحقوق الانسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، الفردية والجماعية ، مع التشديد على الحق فى التنمية الشاملة المتوازنة فى جميع أقاليم البلاد ، ودور الدولة فى رسم السياسات القصدية المنحازة للفقراء ، علاوة على إدماج منظور النوع ، والمقاربة القائمة على حقوق الانسان.

    · رأى المشاركون عدم تضييق عملية صياغة الدستور أو تقييدها بأية قيود ، وتوسيع الخيارات فيها بحيث تسترشد بحصيلة الحوار الديمقراطى بين الأطراف الوطنية على أساس التكافؤ ، وعلى خلفية التجارب الدستورية السابقة وخبرات الشعوب الأخرى. كما رأوا عدم النص فى الدستور على أى مصدر للتشريع ، إذ أن التشريع من حق الشعب يمارسه ممثلوه المنتخبون ديموقراطياً فى السلطة التشريعية ، بحيث يتركز النظر على موضوع التشريع وليس على مصدره.

    · ورأى المشاركون ، إنطلاقاً من أهمية الدفع باتجاه جعل الوحدة خياراً جاذباً لعموم أهل السودان ، ضرورة الامتناع عن إصدار أى تشريعات تفرق بين المواطنين على أساس الدين أو الثقافة أو النوع أو ما إلى ذلك ، وتجميد ما هو نافذ من هذه التشريعات فى الوقت الراهن إلى حين قيام هيئة تشريعية منتخبة ديموقراطياً ووضع دستور دائم للبلاد.

    · أكد المشاركون على أهمية تهيئة المناخ السياسى من أجل ممارسة صحية ومعافاة من كل آثار الماضى ومراراته الناجمة عن الانتهاكات المنهجية لحريات وحقوق الانسان والمجموعات المختلفة ، وذلك باعتماد منهج الحقيقة والانصاف والمصالحة الوطنية الشاملة ، إستهداءً بالوازع الأخلاقى والروحى فى الثقافات السودانية وبتجارب الشعوب الأخرى.

    ثانياً: الحريات العامة والحقوق الأساسية

    · لاحظ المشاركون أن ما ورد بشأن الحريات العامة والحقوق الأساسية فى مسودة الدستور الانتقالى لا يشمل كل الحريات والحقوق التى يجب النص عليها . كما لاحظوا أن بعض الحريات والحقوق المنصوص عليها وردت بطريقة مبتسرة وغير منضبطة الصياغة ، مما يفتح الأبواب واسعة أمام التأويلات التى تتهددها بالاهدار فى الممارسة العملية أو عن طريق الانتهاك التشريعى.

    · أجمع المشاركون على وثيقة متكاملة للحريات والحقوق Bill of Rights كما ينبغى أن ترد بوضوح ضمن الاطار الدستورى المطلوب ، بما يحمى تمتع جميع الأفراد والجماعات بها ، ويوفر لها الضمانات الكاملة والكافية ضد تغول السلطة التنفيذية ، بما فى ذلك الحماية القضائية المستقلة. وتتكون الوثيقة من 37 مادة شاملة لسيادة حكم القانون ـ حق المحاكمة العادلة ـ حق الكرامة الإنسانية ـ حظر التعذيب ـ حق الحياة ـ حظر الحجز والاعتقال ـ حظر الرق والسخرة ـ حق المساواة ـ حرية الرأى والتعبير والإعلام وتلقى المعلومات ـ حرية التجمع والتنظيم الاجتماعى ـ حرية تكوين الأحزاب السياسية ـ حرية التنقل ـ حرية العقيدة والعبادة ـ حق التقاضى ـ حق التعليم ـ حق الرعاية الصحية ـ حق العمل والأجر المتساوى والاضراب ـ حرمة الخصوصية ـ الحقوق السياسية ـ حقوق المجموعات الثقافية ـ حق الملكية ـ حق الجنسية ـ حقوق ذوى الحاجات الخاصة ـ حقوق الطفل ـ حق المصاب بمرض عقلى ـ حق الأسرة ـ حق الأم ـ حق المرأة ـ حق التحرر من الجوع ـ حق معاملة المتهم والمحكوم ـ حق اللجوء السياسى.

    · وشدد المشاركون ، بالاضافة إلى ذلك ، على ضرورة النص بشكل آمر على التزام السودان بكل معاهدات واتفاقيات ومواثيق وإعلانات حقوق الانسان الدولية التى صادق عليها ، وأن يتم تضمينها فى القوانين المحلية ، وأن تراجع هذه القوانين وفقاً لهذه المعاهدات والاتفاقيات والمواثيق والاعلانات.

    · شدد المشاركون على ضرورة توفير وسائل حماية الحريات والحقوق المشار اليها ، وأول ما ينبغى النص عليه فى هذا الاتجاه ليس ، فحسب ، تكوين مفوضية وطنية مستقلة لحقوق الانسان ، وإنما تكوينها وفق المعايير الدولية.

    · كما شددوا على ضرورة النص الصريح على حظر صدور أى قانون لتقييد أصل أى من هذه الحريات والحقوق ، وأن أى تشريع فى هذا المجال إنما يصدر بغرض تنظيم ممارستها وفق ما ورد فى المواثيق الدولية ، وليس الانتقاص منها.

    · وشددوا كذلك على ضرورة النص فى الدستور على حظر تعديل أية مادة من مواد الحريات والحقوق إلا وفق المعايير الدولية وبموافقة ثلاثة أرباع كل من مجلسى التشريع على حدة.

    · وشددوا أيضاً على ضرورة النص ، بوجه خاص ، على حظر تعطيل حق الحياة ، وحق الكرامة الانسانية ، والحماية من التعذيب ، وحق المحاكمة العادلة ، والحماية من الرق والسخرة ، وحق المسـاواة ، وحق تكوين الأحزاب السياسية والتنظيمات الاجتماعية ، وحرية العقيدة والعبادة ، وحق التقاضى ، وحماية الحريات والحقوق بوجه عام ، وعلى بطلان أى تشريع يصدر بالمخالفة لما ورد فى الوثيقة.

    · كما شددوا على أنه من الضرورى ، حتى بالنسبة للقيد المؤقت الذى لا مناص من ضربه على بعض هذه الحريات والحقوق فى حالات الطوارئ التى تهدد حياة البلاد ، النص صراحة على أن يكون هذا القيد فى الحدود اللازمة لمواجهة ما استدعى حالة الطوارئ فقط ، وأن ينص عليه فى القانون ، وأن تخضع حالة الطوارئ نفسها ، علاوة على القيد المترتب عليها ، للرقابة القضائية المستقلة.

    ثالثاً: إستقلال القضاء وسيادة حكم القانون

    · لاحظ المشاركون أن الأنظمة الشمولية المتعاقبة ، بما فيها نظام الانقاذ ، قد أهدرت بصورة منهجية مبادىء إستقلال السلطة القضائية فى السودان ، وخرقت الأسس الموضوعية للحيدة والنزاهة والمقدرة ، وانتهجت سياسات الاقصاء للكفاءات والاحلال لأهل الولاء على أسس سياسية. ولذلك رأى المشاركون ضرورة مراجعة وإجراء تغييرات جذرية فى هذا المرفق من القمة إلى القاعدة لإعادة بنائه على أساس الكفاءة المهنية البحتة.

    · وشدد المشاركون ، فى هذا السياق ، على ضرورة أن يكفل الدستور استقلال السلطة القضائية ، بما فى ذلك المحكمة الدستورية ، لجهة الإدارة والمال وتصريف العدالة ، مما يعنى أيضاً استقلال كل قاضى على حدة ، وحمايته من تغول أجهزة الدولة الأخرى ، واحترام أحكامه وقراراته ، وتنفيذ ما يصدر منها بصفة نهائية.

    · أوصى المشاركون أن يتم تعيين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية ورئيس القضاء وأعضاء المحكمة العليا بعد سماع علنى public hearing فى مجلس الولايات ، وموافقة ثلثى الأعضاء.

    · رأى المشاركون أيضاً ضرورة أن يشترط فى من يرشح لتولى القضاء توفر الكفاءة والنزاهة والاستقامة وعدم ممارسة النشاط الحزبى الصارخ والتقيد بأحكام القانون دون تمييز أو ميل أو هوى ، وأن يتوفر فيه ، بخاصة ، شرط المنعة الأخلاقية وقوة الشخصية بما يضمن حصانته ضد أى مؤثرات خارجية.

    · أوصى المشاركون بأن يضمن الدستور والقانون للقضاة تمضية المدة المقررة لتوليهم وظائفهم ، وتوفير شروط العمل المجزية لهم ، وعدم تعريضهم للايقاف أو العزل إلا لدواعى العجز أو السلوك المشين ، على أن يجرى ذلك من خلال إجراءات تراعى فيها قواعد العدالة ومعايير الشفافية.

    · أمن المشاركون على أن تختص المحكمة الدستورية بمحاكمة رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس مجلس السلطة التشريعية القومية وقضاة المحاكم العليا فى الشمال والجنوب ، على أن تكون أحكام المحكمة الدستورية فى هذا الشأن نافذة وغير خاضعة لموافقة السلطة التشريعية أو أية سلطة أخرى.

    · أمن المشاركون على إنشاء مفوضية للخدمة القضائية (مجلس القضاء سابقاً). وأجمعوا على أن مهمة هذه المفوضية ينبغى أن تشمل مراجعة المظالم الناجمة عن سياسات الاقصاء والاحلال التى ظلت متبعة طوال السنوات الماضية ، مما أفقد هذا الجهاز الحساس خبرات وكفاءات نادرة ، وإلى ذلك وضع الضوابط واللوائح التى تخدم الانضباط فى الأداء والتعيين والترقيات وفق أسس عادلة وشفافة ، مع مراعاة التمييز الايجابى فى التوظيف بالنسبة للنساء ومواطنى الجنوب والمناطق التى عانت تاريخياً من التهميش ، دون الاخلال بالشروط الواجب توفرها فى من يرشح لتولى القضاء.

    · أجمع المشاركون على ضرورة الاعلاء من مفهوم النيابة العامة لتركيز واجبها الأساسى فى النيابة عن المجتمع ، وليس الدولة فقط ، ومراقبة وضمان تحقق المساواة وسيادة حكم القانون. وعلى حين رأى بعض المشاركين ضرورة الفصل بين منصبى وزير العدل والنائب العام ، رأى البعض الآخر ألا ضرورة لهذا الفصل.

    · أمن المشاركون على استقلالية المحاماة ، وضرورة تنظيم ممارستها المهنية وهيكلها النقابى بقانون مستقل يضمن لها الكفاءة اللازمة ، ويزيل كل ما يمكن أن يعيق أداءها لواجبها الأصلى فى الدفاع عن الحريات العامة والحقوق الأساسية وسيادة حكم القانون.

    رابعاً :هيكل الدولة ومستويات الحكم

    · لاحظ المشاركون أن المسودة قد انتهت إلى شكل فدرالى غير متوازن asymetrical بين الشمال والجنوب خلال الفترة الانتقالية ، حيث رتبت لإقليم فى الجنوب بدستور وهيئة تشريعية وحكومة ، شاملاً عشر ولايات ، كل بدستورها وهيئتها التشريعية وحكومتها ، علاوة على المشاركة فى أجهزة الحكم الاتحادى ، بينما جعلت الشمال كله ، وبكل ولاياته ، خاضعاً مباشرة للحكم الاتحادى. ولاحظ المشاركون أن المسودة بهذا قد أجحفت بحقوق أقاليم الشمال ، لا من حيث الشكل فحسب ، وإنما من حيث المضمون أيضاً ، إذ جحدت تطلعات ومطالب عادلة لمختلف تكويناته القومية ومجموعاته السكانية.

    · وخلص المشاركون من هذا النقاش إلى:

    (1) التأمين على نظام الحكم اللامركزى فى كل أنحاء البلاد خلال الفترة الانتقالية.

    (2) التأمين على نظام الحكم الإقليمى فى الجنوب بكل ولاياته ودساتيره وهيئاته التشريعية وأجهزته التنفيذية وامتيازاته الأخرى كما تنص عليها إتفاقية السلام الشامل خلال الفترة الانتقالية ، وكذلك على أنصبة ونسب مشاركة الاقليم الجنوبى فى مستوى الحكم الاتحادى خلال الفترة المذكورة ، بما فى ذلك تولى رئيس حكومة الجنوب لمنصب النائب الأول لرئيس الجمهورية.

    (3) ضرورة إنشاء ستة أقاليم فى الشمال لكل منها دستوره وهيئته التشريعية وحكومته ، وهى: (الشمالى + الشرقى + الأوسط + الخرطوم + كردفان + دارفور) ، بعدد من الولايات فى كل إقليم لكل منها دستورها وهيئتها التشريعية وحكومتها ، علاوة على مستويات الحكم المحلى فى كل ولاية ، وفق ما يرى ذلك ويقرره مواطنو كل إقليم ، بحيث يتوازن الحكم الاتحادى بين الشمال والجنوب ، ويقصر الظل الادارى بحسب كل إقليم وولاية ومستوى أدنى للحكم المحلى ، بما يوسع من قاعدة المشاركة فى الحكم ويعزز من الممارسة الديمقراطية.

    (4) أن يتولى رئيس كل حكومة إقليمية ، ما عدا الاقليم الذى ينتخب رئيس الجمهورية منه قومياً ، منصب نائب رئيس الجمهورية خلال الفترة الانتقالية بصلاحيات يتفق عليها ، مع عدم الاخلال بما ضمنته الاتفاقية لرئيس حكومة الاقليم الجنوبى بتولى منصب النائب الأول فى ما عدا الحالة التى ينتخب فيها رئيس الجمهورية من الجنوب.

    · ورأى المشاركون فى ذلك تعميماً مطلوباً على بقية أقاليم البلاد للمبادىء والمناهج التى رتبت لمستويات الحكم فى الاقليم الجنوبى خلال الفترة الانتقالية وفق اتفاقية السلام الشامل ، مع الأخذ فى الاعتبار ببعض الحقوق التى رتبتها الاتفاقية للإقليم الجنوبى بشكل مخصوص ، ولأسباب سياسية تاريخية ، كجق تقرير المصير ، والجيش المنفصل ، وبعض العلاقات الخارجية المستقلة ، مما لا يجرى تعميمه على بقية الأقاليم خلال الفترة المذكورة.

    · كما لاحظ المشاركون أنه ، وبما أن الامتياز بمفوضية الأراضى والمشورة الشعبية popular consultation هو أبرز العوامل التى رتبت أوضاعاً متميزة لمنطقتى جنوب كردفان والنيل الأزرق ، فإن تعميم هاتين الميزتين على بقية أقاليم وولايات السودان المقترحة يوسع من قاعدة الممارسة الديموقراطية ويجعل من غير اللازم تخصيص المنطقتين وحدهما بهاتين الميزتين ، مما يتيح ، بالتالى إدماج جنوب كردفان كولاية ضمن إقليم كردفان ، وكذلك النيل الأزرق كولاية ضمن الإقليم الأوسط. وهكذا فإن المنطقتين لا تفقدان حقوقهما المكتسبة ، من جهة ، كما وأن من شأن هذا الترتيب ، من الجهة الأخرى ، تقليل رقعة التمايز بين المناطق والسكان خلال الفترة الانتقالية ، مما هو مرغوب فيه لتوسيع وترجيح فرص الوحدة.

    · وشدد المشاركون فى نفس الوقت على ضرورة صون أى امتيازات أخرى رتبتها الاتفاقية لهاتين المنطقتين أو أية منطقة أخرى ، كميزات الاستفادة من الصناديق الانمائية أو وضعية الجيوش أو ما إلى ذلك ، وأن هذه الامنيازات لن تخل بوضعية المنطقتين أو غيرهما فى إطار الترتيب المقترح للحكم الاتحادى ضمن هذا الإعلان.

    · لاحظ المشاركون أيضاً أن الترتيبات الخاصة بمنطقة أبيي فى اتفاقية السلام الشامل قامت على مبادرة أمريكية قدمها السناتور جون دانفورث للطرفين فى 19/3/2004م ، ووافق عليها الطرفان أساساً لحل نزاع أبيي ، حسبما ورد ضمن (الهامش/2) على (مبادىء الاتفاق بشأن أبيي) ، ص /73 من النص العربى للاتفاقية. ومع تأمينهم على هذه الترتيبات فقد شدد المشاركون على ما ورد بشأن حقوق المسيرية و البدو الرحل فى رعى ماشيتهم والتحرك عبر منطقة أبيي بما يصون حقوقهم المكتسبة خلال قرن من الزمان ، لا كحقوق مؤقتة تمارس خلال الفترة الانتقالية فحسب ، وإنما كحقوق دائمة وملزمة لطرفى الاتفاقية بصرف النظر عن نتيجة الاستفتاء على تقرير المصير فى نهاية الفترة الانتقالية.

    · لاحظ المشاركون أن المسودة ، وهى سابقة على قيام الهيئة التشريعية المنتخبة ، تنص على أن تعين مؤسسة الرئاسة المشتركة بين الطرفين سلطة تشريعية (مجلس وطنى) سابق أيضاً على الهيئة التشريعية المنتخبة ، وأن يكون ذلك بنسبة 70% للشماليين + 30% للجنوبيين ، بحيث يمثل المؤتمر الوطنى (الحزب الحاكم حالياً) بنسبة 52% (49% شماليين + 3% جنوبيين) ، وتمثل الحركة الشعبية / الجيش اشعبى لتحرير السودان بنسبة 28% (21% جنوبيين + 7% شماليين) ، وتمثل القوى السياسية الشمالية الأخرى بنسبة 14% ، والقوى السياسية الجنوبية الأخرى بنسبة 6%. ورأى المشاركون أن هذا وضع خاطىء وظالم وينطوى على الرغبة فى تكريس أوضاع شمولية تفرض نفسها حتى على الهيئة التشريعية التى سيجرى انتخابها لاحقاً.

    · لاحظ المشاركون أن هذا الدستور المسمى (بالانتقالى) إنما هو فى الواقع دستور (دائم) بموجب (المادة /222/2/أ) التى تطابق بين التصويت للوحدة والتصويت لهذا الدستور فى نهاية الفترة الانتقالية ، وكذلك (المادة/226/7) التى تفرض مقدماً ، فى حالة التصويت للانفصال ، سحب المواد ذات الصلة بالجنوب فقط ، واستمرار سريان بقية الدستور على الدولة الجديدة فى الشمال! ورأى المشاركون فى ذلك تأبيداً بغير استحقاق لترتيبات مؤقتة بطبيعتها ، وقد تم وضعها بين طرفين فقط من أطراف العملية السياسية ، بحيث تظل سارية بشكل دائم حتى فى ما بعد نهاية الفترة الانتقالية ، بل ـ وللمفارقة ـ حتى في ما بعد خروج أحد طرفيها ، ليس من العملية السياسية وحدها ، وإنما من إطار السودان نفسه الذى يراد لهذه الترتيبات أن تحكمه بشكل دائم!

    · ولاحظ المشاركون أيضاً أن القاعدة الحاكمة لتوزيع السلطة بين الشمال والجنوب كما أتفق عليها بين الطرفين بالنسبة (للحكم الاتحادى) هى أن يكون نصيب العناصر الشمالية 70% والعناصر الجنوبية 30%. وقد اعتمدت اتفاقية السلام الشامل هذا التقسيم بالنسبة للهيئة التشريعية ضمن (المادة/2/2/5) لفترة ما قبل الانتخابات ، وذلك بتخصيص الأنصبة بنسبة 52% للمؤتمر الوطنى ـ 28% للحركة الشعبية /الجيش الشعبى لتحرير السودان ـ 14% للقوى السياسية الشمالية الأخرى ـ 6% للقوى السياسية الجنوبية الأخرى ، الأمر الذى سوف ينعكس على السلطة التنفيذية بالضرورة. كما أعتمدت القاعدة الحاكمة لتوزيع هذه النسب ضمن (البند/12) من (اتفاقية وسائل التنفيذ ـ modalities) بحيث تقسم جملة نسبة الـ 52% المخصصة للمؤتمر الوطنى بنسبة 49% لشمالييه ونسبة 3% لجنوبييه ، وتقسم نسبة الـ 28% المخصصة للحركة الشعبية/الجيش الشعبى لتحرير السودان بنسبة 21% لجنوبييها ونسبة 7% لشمالييها. وتبقى على حالها نسبة الـ 14% المخصصة للقوى السياسية الشمالية الأخرى ، ونسبة الـ 6% المخصصة للقوى السياسية الجنوبية الأخرى.

    ورأى المشاركون أن هذا التقسيم اعتباطى ، وأن هذه النسب جزافية ، وأنه لا منطق ولا مرجعية واضحة لهما. والأخطر من ذلك أن من شأنهما الاضرار بقضايا السلام الشامل والتحول الديمقراطى ، إذ تنقسم البلاد بموجبهما على أساس دينى إلى شمال مسلم وجنوب غير مسلم. ومع ذلك فقد لاحظ المشاركون أن التقسيم يتلخص فى أن نصيب المؤتمر الوطنى من السلطة فى ولايات الشمال يساوى 70% ، ونصيب الحركة الشعبية/الجيش الشعبى لتحرير السودان يساوى 10% ، ونصيب كل القوى السياسية الأخرى يساوى 20% ، وتلك قسمة لن تقبل بها القوى السياسية الأخرى ، وبعضها حركات مسلحة فى الغرب والشرق ، مما سيفتح الأبواب على مصاريعها أمام عدم الاستقرار ، وربما إعادة إنتاج أزمة المجابهة الحربية فى مناطق أخرى من البلاد.

    · كذلك لاحظ المشاركون أن التقسيم المعتمد لنسب السلطة فى الاقليم الجنوبى يتلخص فى أن نصيب الحركة الشعبية/الجيش الشعبى لتحرير السودان يساوى 70% ، ونصيب المؤتمر الوطنى يساوى 15% ، ونصيب القوى السياسية الجنوبية الأخرى يساوى 15%. أما فى الولايات الجنوبية فإن نصيب الحركة الشعبية/الجيش الشعبى لتحرير السودان يساوى 70%، ونصيب المؤتمر الوطنى يساوى 10% ، ونصيب القوى السياسية الجنوبية الأخرى يساوى 20%. وأما فى جنوب كردفان والنيل الأزرق فإن نصيب المؤتمر الوطنى يساوى 55% ، ونصيب الحركة يساوى 45%. أى أنه لا نصيب للقوى السياسية الشمالية الأخرى فى السلطة فى الجنوب ، ولا نصيب لهذه القوى ولا للقوى الجنوبية الأخرى فى السلطة فى جنوب كردفان والنيل الأزرق! ورأى المشاركون هنا أيضاً اعتباطية وجزافية هذا التقسيم وهذه النسب ، وعدم وجود أى منطق أو أية مرجعية مما يمكن أن تفسرها.

    · ورأى المشاركون ، بدلاً من ذلك كله ، أن يتم الاتفاق ضمن الإطار الدستورى المبسط المؤقت المطلوب خلال الفترة الانتقالية ، على النحو الآتى:

    (1) تقسم الفترة الانتقالية ، ومدتها الإجمالية ست سنوات حسب الاتفاقية ، الى فترتين ، مدة كل منهما ثلاث سنوات ، أولاهما قبل الانتخابات وثانيتهما بعد الانتخابات.

    (2) السند لوجوب إكتمال الانتخابات بنهاية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية ، وليس السنة الرابعة كما ورد ضمن (البند/9) من (وسائل التنفيذ modalities) ، هو:

    أ/ أن النص الأصلى ضمن (المادة/2/8/3) من الاتفاقية يحدد الفترة الأولى من الفترة الانتقالية بثلاث سنوات.

    ب/ أن (المادة/3/3) من (اتفاقية حسم النزاع فى منطقتى جنوب كردفان والنيل الازرق) تنص على إجراء المشورة الشعبية popular consultation فى المنطقتين المذكورتين بحلول السنة الرابعة من بدء تنفيذ اتفاقية السلام الشامل ، على أن يكون ذلك عبر هيئة تشريعية منتخبة ، مما يعنى بوضوح وجوب إجراء الانتخابات قبل حلول السنة الرابعة ، أى بنهاية السنة الثالثة.

    ج/ أن التاريخ الذى اتفق عليه لاجراء الانتخابات ضمن مفاوضات الحكومة مع التجمع ، بما فيه الحركة الشعبية/الجيش الشعبى لتحرير السودان ، هو نهاية السنة الثالثة.

    (3) ينص فى الإطار الدستورى الحاكم لفترة ما قبل الانتخابات (السنوات الثلاث الأولى) على تعهد كل القوى التى تخوض الانتخابات بعدم المساس بالمكتسبات التى ضمنتها الاتفاقية للجنوب وللمناطق الثلاث ، وأن تعتبر الاتفاقية نفسها جزءاً لا يتجزأ من هذا الاطار الدستورى ، ترفق به ، وتقرأ معه ، وتعتبر مرجعية بالنسبة لأى شأن يخص الجنوب والمناطق الثلاث فى حالة نشوء أى تعارض فى النص أو التفسير أو التأويل. كما وتلتزم القوى التى تخوض الانتخابات بمواصلة أى حكومة منتخبة تنفيذ الاتفاقية حتى إجراء الاستفتاء على تقرير المصير فى نهاية فترة السنوات الثلاث التالية ، بما فى ذلك ضمان نسب وأنصبة الجنوب فى مستوى الحكم الاتحادى. ورأى المشاركون فى ذلك ضمانة دستورية لاستمرار تنفيذ الاتفاقية ، بما يزيل أى أساس لاعتبار المؤتمر الوطنى هو الضمانة ويستوجب حذف الإشارة اليه من الاطار الدستورى.

    (4) تراجع النسب الواردة أعلاه بين جميع الأطراف ليتم التراضى عليها بصورة عادلة دون الاخلال بما نصت عليه اتفاقية السلام بالنسبة لأنصبة الحركة الشعبية/الجيش الشعبى لتحرير السودان ، ويُضمن هذا فى الإطار الدستورى لفترة السنوات الثلاث الاولى (ما قبل الانتخابات).

    (5) بالعدم ، وحتى لا تنغلق السبل نهائياً أمام العملية السياسية والدستورية برمتها ، مما يتهدد السلام والوحدة والتحول الديمقراطى بمخاطر جدية ، فقد رأى المشاركون:

    أ/ أن ينفرد طرفا اتفاقية السلام ، بكل تحالفاتهما ، بتشكيل السلطة التنفيذية خلال السنوات الثلاث السابقة على الانتخابات ، وفق نسبة الـ (70% ـ 30%) المتفق عليهما بينهما ، دون المساس بما ضمنته الاتفاقية للحركة.

    ب/ أما فى ما يتعلق بالهيئة التشريعية ، خلال نفس الفترة ، فعلى حين رأى بعض المشاركين تخصيص نسبة 42% لتركيبة الحكم الحالية ، بكل تحالفاتها السياسية (المؤتمر الوطنى والاحزاب المتوالية معه) ونسبة 28 للحركة الشعبية/الجيش الشعبى لتحرير السودان ، ونسبة 24% للقوى السياسية الشمالية الأخرى ، ونسبة 6% للقوى السياسية الجنوبية الأخرى ، على ألا تتخذ القرارات فى القضايا الكبرى (يمكن تحديدها نصاً) إلا بأغلبية 75% من الأصوات ، رأى البعض الآخر ضرورة تغيير نسب المشاركة بدون تحديد ، بحيث تخصص للقوى السياسية الأخرى نسبة عادلة ومعقولة بإزاء النسب التى تخصص لتركيبة الحكم الحالية بكل تحالفاتها (المؤتمر الوطنى والأحزاب المتوالية معه) ، إلى جانب الحركة الشعبية/الجيش الشعبى لتحرير السودان ، وأن يشترط لإجازة القرارات فى القضايات الكبرى (يمكن النص عليها تحديداً) الحصول على نسبة مقدرة من الأصوات ، بما يتيح للقوى السياسية الأخرى إمكانية التأثير الملموس داخل المجلس الوطنى المعين ، من خلال دوره الرقابى والتشريعى ، خلال فترة السنوات الثلاث السابقة على الانتخابات.

    ج/ وإلى ذلك رأى المشاركون تمثيل كل طرف للمجتمع المدنى فى الشمال والجنوب ، والنساء بالأخص ، بصورة عادلة ومعقولة.

    (6) ورأى المشاركون ، بالنسبة للمفوضيات الاتحادية المستقلة:

    أ/ أن تشكل ثمانى مفوضيات (مفوضية حقوق الانسان + مفوضية الدستور + مفوضية القضاء + مفوضية الخدمة المدنية + مفوضية الحقيقة والانصاف والمصالحة + مفوضية الانتخابات + مفوضية متابعة الاستفتاء + مفوضية مراقبة الايرادات) ، وأن تكون المشاركة فيها بنسب تمكن القوى الأخرى من التأثير داخلها على غرار الوضع فى الهيئة التشريعية ، مع مراعاة تمثيل كل طرف للمجتمع المدنى أيضاً ، والنساء بالأخص ، فى الشمال والجنوب بصورة عادلة ومعقولة.

    ب/ أن تسرى هذه النسب فى ما يتصل بكل المفوضيات ما عدا (مفوضية حقوق الانسان) بالذات ، حيث رأى المشاركون أن ترجح نسبة القوى السياسية الشمالية والجنوبية الأخرى فيها على نسبة (حكومة الشراكة) ، وأن تتخذ القرارات فيها بالأغلبية العادية ، وذلك باعتبار أن من يتوقع منه انتهاك حقوق الانسان هو الحكومة وليس المعارضة.

    ج/ بالنسبة (لمفوضية القضاء) ، وعلى حين رأى بعض المشاركين أن تشكل على أساس سياسى ضماناً لتواثق أطراف العملية السياسية على مراعاة استقلال القضاء ، رأى البعض الآخر أن تشكل من شخصيات مستقلة على أساس مهنى بحت ، كضمان لعدم تسييس القضاء.

    د/ وبالنسبة (لمفوضية الخدمة المدنية) رأى المشاركون أن تعنى بمراجعة المظالم التى وقعت منذ مطلع التسعينات ونجم عنها إقصاء جيوش جرارة من الموظفين والعمال بدعوى (الصالح العام) ، وأن تعنى كذلك بإعادة بناء هذا الجهاز على أسس الاستقلال والكفاءة ، مع مراعاة التمييز الايجابى بالنسبة للنساء ومواطنى الجنوب والمناطق التى عانت تاريخياً من التهميش.

    (7) أما بالنسبة (لمفوضية الحقيقة والانصاف والمصالحة) فقد رأى المشاركون أن سند إنشائها هو ما ورد ضمن (المادة/1/7) من (اتفاقية قسمة السلطة) ، حيث اتفق الطرفان على "بدء عملية مصالحة وطنية شاملة ، وتضميد الجراح فى جميع أرجاء القطر ، كجزء من عملية بناء السلام ". وقد رأى المشاركون ، على خلفية الخبرات الوطنية السابقة ، أن من غير الممكن لمثل هذه (المصالحة) المأمولة أن تنطلق من قاعدة (عفا الله عما سلف) ، بل ينبغى أن تتأسس على المساءلة والمحاسبة ، تسوية للمظالم ، ورداً للحقوق ، وجبراً للخسائر والأضرار، مادية كانت أم معنوية ، وفردية أم جماعية ، وخاصة أم عامة. ولهذا فلا بد من انتهاج منهج جديد يمكن الاستفادة فيه من تجارب الشعوب الأخرى ، وبالاخص تجربتى جنوب أفريقيا (الاعتراف والمصالحة) والمغرب (الحقيقة والانصاف).

    ( خلال فترة السنوات الثلاث التالية للانتخابات ، والمتبقية من الفترة الانتقالية ، فإن الهيئة التشريعية والحكومة المنتخبتين ديموقراطياً يلتزمان بمواصلة تطبيق اتفاقية السلام الشامل ، حسب الرؤية التى طرحها المشاركون والسالف بيانها أعلاه.

    ختاماً

    توجه المشاركون بالشكر لمنظمة (أفريقيا العدالة ـ Justice Africa) على كريم تفضلها بدعوتهم ، وحسن تنظيمها لهذا اللقاء التشاورى الذى أتاح لهم فرصة طيبة لعصف أدمغة مفيد حول قضية محورية كقضية الاطار الدستورى للفترة الانتقالية ، مشيدين بالجهد الذى ظلت تطلع به هذه المنظمة المرموقة فى تأكيد وتعزيز دور المجتمع المدنى بالنسبة للتحولات الكبيرة التى تشهدها بلادنا ، ومقترحين عليها العمل لتوطين نفسها خلال الفترة القادمة داخل السودان ، وإطلاق نشاطها من عاصمة البلاد القومية وتأسيس فروع لها فى المدن الأخرى.

    ***


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de