السودان: ما هو المخرج من المواجهة الدولية؟ محمد الحسن احمد الشرق الاوسط

Quote: السودان: ما هو المخرج من المواجهة الدولية؟ بعد أن حذرنا في هذه الصحيفة أكثر من مرة من احتمالات فرض الوصاية على السودان ولم يلتفت المسؤولون فيه للامر، الآن اضحت اوضاع السودان المشبعة بالتوترات والمواجهات مع العالم تشي بأن تحولات جذرية تتسارع خطاها نحو عزلته، وعلى الارجح انها ستقوده الى مصير مظلم ما لم تحدث معجزة! والوقت يمضي مسرعا بحيث لا يتسع الى المكايدات او العنتريات بين شرائحه المختلفة والعالم، فالهاوية لن تستثني احدا من اهله. وهذا الفوران الفائض من أهل الحكم هو أخطر المهددات التي تزيد من وتيرة الانزلاق الى الهاوية، وما لم تستخدم العقول بواقعية عوضا عن فوران الحناجر الغاضبة، فإن زلزالا سيقع قريبا ويؤدي الى رسم خارطة جديدة للسودان، تحوله على الاقل الى أربع دويلات! لقد هاجت الحكومة وماجت منذ ان صدر قرار مجلس الامن بإحالة المتهمين في جرائم دارفور الى محكمة الجزاء الدولية، واعلنت رفضها الانصياع له، لكن اكثر ما يدعو للحيرة والاستغراب هو التباطؤ الذي لازم موقفها منذ شهور عديدة، قبل اصدار هذا القرار، فمنذ ما يقرب من العام جرى الحديث حول ضرورة المحاكمات وشكلت اللجان على المستويين الدولي والسوداني، وقدمت التقارير للحكومة ولمجلس الامن، ومع ذلك لم تقدم الحكومة على اجراء المحاكمات لتضع حدا لطول الانتظار او لقطع الطريق امام محكمة الجزاء الدولية، وانما ظلت تدور في دائرة التفافية حول المحاكمات، ينبغي الا تكون خارجية، وانما داخلية، وعبر هذا الدوران الذي استغرق شهورا اصدر مجلس الامن قراره وأخذ ممثل الامم المتحدة في الخرطوم تباطؤ الحكومة حجة على ما وصفه بعدم جدية الحكومة في مواجهة الامر! كذلك الحال منذ التاسع من يناير بعد توقيع الاتفاقية في نيروبي مباشرة، استبشر الناس بامكانية سرعة الوصول الى تسوية لازمة دارفور، طالما اوكل الامر للنائب الاول بحسبانه مهندس اتفاق الجنوب، ولكن على الصعيد العملي ظل الوضع على جموده. وحتى اتفاق الجنوب الذي استبشر الناس به مضت الآن ثلاثة اشهر من توقيعه ولم يظهر اي انجاز عملي على أرض الواقع، بل العكس ظهر التنافر عوضا عن تصالح يشمل الجميع! الآن لا بد من مبادرات كبيرة وسريعة وشجاعة لدرء المخاطر المتسارعة، وهذه مسؤولية الجميع وفي المقدمة الحكومة، فهل تتدارك المبادرات الوضع، ام يدرك السودان الطوفان؟ في المبتدأ تحسن الحكومة صنعا لو جمدت تصعيدها الرافض لقرار مجلس الامن، واعتبرت ان التعامل معه من اختصاص الحكومة الانتقالية التي من المفترض تشكيلها خلال فترة قصيرة وفقا لنصوص اتفاق السلام الذي وقع اخيرا في كينيا، والذي يشير الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها حركة قرنق والقوى السياسية الاخرى. وبالتأكيد ان هذا الوضع الشائك والمعقد والذي ستنعكس مترتباته على مستقبل السودان هو من اختصاص الحكومة المقبلة، وقطعا فان خطوة كهذه ستؤدي الى تجفيف التوتر المتصاعد الآن بين الحكومة والمجتمع الدولي وتهدئة الاوضاع بما يتيح للجميع الفرص الكافية للتفكير بروية في كل ما احاط بالقضية وما يقود الى التوافق المطلوب مع المجتمع الدولي. وبالطبع ليس المقصود من ترك الامر للحكومة المقبلة هو من قبيل رفع الحرج عن هذه الحكومة وحزبها، وترك بعض قادتها يواجهون مصيرا مجهولا، وانما هو المسعى الجاد والصادق لتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على التفاهم مع المجتمع الدولي بصورة اكثر قبولا، وفي نفس الوقت تعمل على حل الازمة في دارفور والتقدم خطوات في تحقيق السلام المنشود. ولا ينبغي ان يكون التفكير في قيام الحكومة الوطنية مصحوبا بتحديات واستفزاز لهذه الحكومة، وانما من منظور المعينات للوصول الى استحقاقات المرحلة لمعالجة قضايا السودان واستتباب سلامه واستقراره. ولعل افضل من يتقدم بهذه المبادرة هو الحكومة ورئيسها البشير على وجه الخصوص. وبكل تأكيد ان مثل هذه المبادرة ستجد الترحيب من كل القوى الدولية والقوى السياسية السودانية، كما انها ستضع حدا لحالة التوتر المتصاعد ان على صعيد جبهة النظام، او جبهات المعارضة، خاصة ان معظم قطاعات الشعب تنادي بسرعة قيام حكومة قومية لا تستثني اية جهة ويكون شعارها وحدة الصف ومعالجة كل القضايا العالقة، وليس الشماتة وتصفية الحسابات، فما يواجه البلاد اكبر بكثير من تصفية الحسابات والتشفي والمكايدات. ذلكم هو المخرج الوحيد للسودان، فهل يبادر البشير بالدعوة الى وحدة الصف، وتشكيل الحكومة الوطنية الجامعة المانعة لأي تدخل او فرض وصاية على السودان؟ ام تأخذ الحكومة العزة بالإثم، فيدرك الطوفان السودان! هداهم الله ووقى السودان شرور ما يحاك له وما يحيط به.

Quote: وبكل تأكيد ان مثل هذه المبادرة ستجد الترحيب من كل القوى الدولية والقوى السياسية السودانية، كما انها ستضع حدا لحالة التوتر المتصاعد ان على صعيد جبهة النظام، او جبهات المعارضة، خاصة ان معظم قطاعات الشعب تنادي بسرعة قيام حكومة قومية لا تستثني اية جهة ويكون شعارها وحدة الصف ومعالجة كل القضايا العالقة، وليس الشماتة وتصفية الحسابات، فما يواجه البلاد اكبر بكثير من تصفية الحسابات والتشفي والمكايدات.

(عدل بواسطة merfi on 04-26-2005, 04:03 PM)