في الهوية والتمركز- اهداء الي رودا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 05:24 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-15-2005, 08:18 AM

ابراهيم حموده

تاريخ التسجيل: 12-03-2003
مجموع المشاركات: 415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في الهوية والتمركز- اهداء الي رودا

    في الهوية والتمركز




    الحديث عن (اخر) ينطوي ضمنا علي استبطان هوية ما , والانتباه اليها بشكل مرضي
    يرفض الاخر او يضعه في رتبة ادني . ولا يتم ذلك الا بالبحث عن فروقات تنحت الاخر وتفتته , هذه الفروقات جلها متوهم او ملفق.فروقات تم انتاجها ضمن النظر للهوية ككل متكامل كان موجود دائما والي الابد , كما يتم النظر للتاريخ وكانه سلسلة متعاقبة من الاحداث يلي بعضها بعضا . مثل هذا الوعي يعتقد ان الجذور تقع علي مسافة ما منا وبالامكان استعادتها .
    هي نظرة تقليدية معروفة للتاريخ والتراث تسعي للتجذر والثبات في مقابل واقع متحرك و ( اخر) يشكل الخطر القادم الذي لا بد من مواجهته ومحاولة استدماجه ضمن بنية الوعي القائمه .
    حين ننظر لمسألة الهوية والتراث , لا بد وان ندرك انها قد طرحت منذ بداية القرن الماضي , في ظل ملابسات سياسية وفكرية محددة . في روسيا في عشرينيات القرن الماضي حين احتك الروس باوربا مع حروب نابليون , وحين احتكاك فرنسا بألمانيا , وفرنسا ببريطانيا ..
    الشواهد تقول ان مسألة الهوية تطرح دائما في ظل ازمة , في البدء بين القوميات الكبيرة فيما بينها , باستخدام نفس ميكانزمات التناول , يمكن ان ينطبق ذلك ايضا علي القوميات الصغيرة داخل محيط سكاني متجانس نوعا ما , كايطاليا حين قيام وحدتها ..
    هذه المسألة تغري بتطبيقها ليس في النظر للقوميات فحسب ولكن علي وحدات اجتماعية ومجاميع سكانية صغيرة ضمن حركة التعايش الاجتماعي بكل ما فيها من صدامات وتحالفات وعزل .. الخ.
    لنأخذ الجبهة القومية الاسلامية قبل انقلاب الثلاثين من يونيو مثالا , ورفضها لمبادرة السلام السودانية المعروفة بمبادرة الميرغني –قرنق . في ذلك الوقت اجمعت كل القوي السياسية والاجتماعية السودانية علي هذه المبادرة كأساس سياسي لحل المشكل السياسي في السودان والوصول لصيغة دستور يعكس ملامح الهوية السودانية , بشكل سياسي علي الاقل . رفض الجبهة لمشروع المبادرة هو رفض لاخر في جوهره ومن حيث المبدأ . بديلها لذلك كان مواصلة الحرب , كمبدأ عنف لتصفية الاخر فيزيائيا , او اسكات صوته السياسي , يقول البشير, لاحقا ( سنواصل الحرب الي ان يتحقق السلام ).. سلام العزة والكرامة بحسب الدعاية الانقاذية , اي السلام الذي ينصاع فيه الاخر لشروط بعينها تمثل الحد الاقصي او الادني لرغبات الطرف المهيمن. ومن ثم كان انقلاب الجبهة هو ضربة البداية لصياغة بديلها الحضاري ( بالعودة للجذور) التي توجد علي مسافة ما خلفها , وما عليها الا استعادة ذلك النموذج المندثر لتأكيد هوية السودان كدولة خلافة راشدة يتحول فيها حاكم الولاية الي وال ويطلق فيها رجال القوات المسلحة لحاهم , حسب السنة المؤكدة , وتتغير اسماء الكتائب الي كتيبة القعقاع واسماء الشوارع بالعاصمة القومية الي شارع نسيبة بنت كعب ...الخ
    لقد حاولت الجبهة الاسلامية هنا تمييز نفسها حتي عن الاحزاب الدينية التي كانت موجودة ( الامة , والاتحادي) مما يجعلنا ننتبه ان مسألة الهوية والتميز عن الاخر يتم اختلاقها وتلفيقها بالبحث عن فروقات صغيره داخل الاطار الاسلامي حتي , بطرح مسألة الجذور والتراث , واختيار اكثر المسائل راديكالية للتطبيق السياسي , ليس لان الراديكالية هي البديل السياسي الاعقل , ولكنها شارة التميز الوحيدة عن الاوعية السياسية الدينية الاخري الموجودة التي لا سبيل لعزلها ايدلوجيا دون التورط في مثل هذا الخيار.
    سأحاول هنا استعراض مسألة الهوية والجذور وعلاقات القوي التي تقوم ضمن ذلك من خلال نموذج اخر قدمه الكاتب انيل رامداس* ضمن المحاضرة التي قدمها في مدينة نيميخن والتي تم نشرها ملخصة في صحيفة (nrc handelsblad) الهولنديه بتارخ 31 يناير 2005
    اعتمد رامداس علي جدلية المتمركز – الغريب , بافتراض ان المتمركز هو المستحوذ علي مميزات البقاء والتواجد في مكان ما , التاريخ , التقاليد , الوعي. فالغريب هنا لا تاريخ يربطه بالمكان الذي اتي للاقامة فيه , وبالتالي لا علاقة له بتقاليد المكان , وبلا وعي يعتد به – بحسب مزاعم المتمركز.
    يبني رامداس حديثه علي تجربة الكاتبين البريطانيين نوربرت الياس وجون سكوتسون الذين قاما بدراسة حالة نازحيين بريطانيين في الحرب العالمية الثانية , اضطروا الي هجر حي لندني للاقامة الدائمة في قرية عمالية صغيرة بالقرب من لندن , حيث يواجهون بالرفض المبطن والاحتقار والتجاهل , حتي لاجيال قادمة منهم.
    ما يبعث المفاجاة هنا هو عدم وجود فروقات ظاهرة بين المجموعتين السكانيتين المتمركزة والمهاجرة الغريبة يبرر مثل هذا الرفض . كلهم كانوا من اصول بيضاء , يتحدثون كلهم نفس اللغة , لهم نفس الديانة وينحدرون جميعهم من اسر عمالية ذات دخول متشابهة ..
    المتمركزون كان لديهم الاحساس بالافضلية مقارنة برصفائهم من الغرباء , يعتقدون بسمو اخلاقهم , بصدقهم وشرفهم , كل هذه الصفات لا تنطبق علي الغرباء باي حال من الاحوال حسب اعتقادهم .
    السؤال هنا , من اين يستمد المتمركز هذه القوة والثقة , اذا نظرنا بالطبع لثنائية متمركز – غريب كتناسب قوي بحت؟ وكيف ينصاع الغريب لهذا التناسب الذي يجعل منه شخص بلا اخلاق , بلا قيم , بلا تقاليد بلا تاريخ ؟
    التعليل الاسهل لذلك ان المتمركزين لديهم كثير من الصفات المشتركة : يعرفون بعضهم من اجيال , ترعرعوا سويا , يذهبون للصلاة في الكنيسة سويا , يلتقون بعضهم من سنوات في ذات المقاهي مما عزز احساس المعرفة فيما بينهم , وبالتالي الثقة .
    الغرباء لا يعرفون بعضهم الا لماما , وبالتالي لا تتوفر الارضية المناسبة للثقة , ليست لديهم ذكريات مشتركة , باختصار خليط من اناس لا يربط بينهم رابط .
    في المقابل كيف يتم استثمار المعرفة والثقة بين المتمركزين ؟ هي ثقة تؤدي لنوع من الاحساس بالتضامن , واحد من اساسيات القوة التضامن . مثل هذا التضامن يؤدي لما يعرف ب ( فانتازيا الجمع ) وهي فانتازيا متآمرة يتم توجيهها ضد الاخر , الثرثرة الدائمة عن الاخر بكل ما لا يسر ونسج الحكاوي حول ذلك ( مثلا اهل غرب السودان يتحولون الي غربان , والبديرية الي بعاعيت .. الخ )
    اضافة لمبدأ فانتازيا الجمع , هنالك ايضا مبدأ المقاومة النفسية لعزل الغريب بشكل دائم , حين نتحدث عن المقاومة العاطفية , او النفسية , انما نتحدث عن احاسيس . والاحاسيس من الصعب برهنتها او الامساك بها , يدخل الغريب مقهي لتناول كوب من الشاي , فيصمت جميع من في المقهي صمتا قاتلا طاردا يضطر معه الغريب الي احتساء شايه علي عجل مسرعا بالخروج من هذا المحيط المتآمر ..
    في مجتمعات اليوم ( او بعضها ) التي تقوم علي مبدأ الحرية والمساواة , يكفل القانون والدستور هذه المساواة بشكل نظري , ولكن امام مثل هذه المقاومة النفسية والعاطفية , سيجد القانون نفسه عاجزا عن فعل شئ حيال جنحة او مخالفة من الصعب اثباتها . هذه الحقيقة يعرفها المتمركز كما الغريب تماما , وهي ذات السبب الذي يدفع بالغريب الي اتخاذ موقف انسحابي في الحياة اليومية بتجنب الاحتكاك غير الضروري بالمتمركز , مثل الاحتفالات الرياضية ونوادي الاحياء والمهرجانات العامة.
    قلنا ان فكرة احتقار الاخر ومحاولة تصويره بشكل مزري مفارق للياقة الاجتماعية , والقيم الاخلاقية السائدة تعتمد هنا اصلا علي الثرثرة ونشر الاقاويل التي تعوزها الصحة او الدقة , وهي شكل من اشكال القوة او السلطة نشأت من جراء الاحساس بالثقة التي توفر الارضية اللازمة للتعاضد والتكاتف ( انا وابن عمي علي الغريب ) . يحق لنا ان نتساءل لماذا تم اختيار هذا الميكانزم اساسا (الثرثرة لتحقير الاخر) ؟؟ ليس في وعي المتمركز عزل الاخر الغريب بهذه الكيفيه , ولكن محاولة تحقير الاخر لها مفعول ( تمسيد الانا ) , تطييب الشخص لخاطره بالتربيت علي كتفه بيده , تمجيد الذات والاحتفاء بها , اختصارا : الاحتفاء بالتفوق والسمو عن الاخر.
    بقدوم اجيال لاحقة من الغرباء , توفرت لهم نفس شروط التنشئة , كما ابناء المتمركزين , يتوفر لديهم نفس احساس المتمركزين بالانتماء للمكان , نفس احساس التعرف , والتعارف, فيما بينهم كغرباء , الامر الذي سيؤدي الي تعزيز الثقة فيما بينهم , وبالتالي محاولة لعب نفس دور المتمركز واستعادة ميزان القوة لصالحهم .
    سيحاول بعضهم تصحيح الصورة القاتمة السائدة عنه . سيقول للمتمركز , انا نشأت مثلك في هذا المحيط , اعرف تاريخه وعاداته وتقاليده مثلك , ان كان هنالك من لا يعرف ذلك او ينتهج مسلكا مفارقا لما الفتموه هنا فهم ابائي , او الاجيال القديمة منا , ولكني مختلف ويمكنك النظر الي كمثال ..
    مثل هذه المرافعة ستؤدي حتما الي قبول الغريب داخل ثقافة المتمركز , ولكن بكثير من الحذر , وبحسابات الفائدة التي تعود من قبوله اصلا .. قبول يتم علي ارضية تعاون , او فلنقل تواطؤ .
    التجربة والشواهد تقول ان مثل محاولة التعاون هذه , لا تضمن الاندماج الكامل للغريب , وبتكرار المحاولات ستصاب مجموعة من الغرباء الذين لم يتم قبولهم بشكل مرض بالاحباط , فتعمد الي اثارة نوع من الشغب الاجتماعي , الخرق المتعمد للقوانين , تجاوز الاعراف والتقاليد والقيم السائدة في مثل هذا المجتمع بشكل مجاهر واستعراضي .
    هذا السلوك الاجتماعي الناشز , كمحاولة لقلب ميزان القوة , هو ذات المسوغ الذي سيستخدمه المتمركز في تاكيد كل فرضياته وثرثرته القديمة , سيري المحصلة جلية امامه : هذا نسل اناس مجرمين لا اخلاق لهم , اناس لا فائدة ترجي منهم.
    ولكن هذا لا يعني الجيل الجديد من الغرباء في شئ , لقد كانت الاجيال السابقة منهم مخلوقات بائسة ومتمسكنة تثير الشفقة , لا الاحترام , لقد آن الاوان لقلب هذه الصوره , بودهم وبامكانهم الان التحول الي شئ اخر محترم ومهاب , يجب ان يتحولوا الي طغاة.
    مثل هذا التحول من ضحية الي طاغية ما كان ليتوفر الا في ظل شروط معقولة , يلتزم فيها المتمركز والغريب بقواعد اللعبة , المتمركز سيكتفي بثرثرته الخبيثة ومقاومته النفسية لابقاء الغريب خارج دائرة التعايش الطبيعي , وخارج اللعبة الاجتماعية.
    الغريب الذي يواصل انسحابيته وتعزيز التعرف علي ذاته لتكوين الثقة اللازمة في رصفائه الغرباء حتي يتعاضد معهم فيما بعد. مثل هذه الشروط يحرسها القانون بالسهر علي مبدأ المساواة بشكله النظري . بلغة اخري , الدولة لا تترك المستضعفين لمصيرهم وانما تعمل علي اتاحة الفرصة للانصهار , لترقية القدرات الذاتية والمهارات لتحقيق نوع من التكافؤ بين المجموعتين.
    تبقي المفارقة ان ما تسهر عليه الدولة هو ذات ما يربي الجنوح لدي الغرباء بقلب المعادلة لصالح طغيانهم هم علي من حقرهم وحاول عزلهم اجتماعيا بعد ان توفرت الارضية المناسبة بتعادل كفتي ميزان القوة .
    يبدو ان لا نهاية لمثل الاجراء . احساس التعاضد بين الغرباء سيدفع المتمركزين بدورهم لمزيد من التعاضد , لمزيد من البحث عن الفروق التي تميزهم عن الغرباء , لمزيد من الاختلاق والتلفيق , تساعدهم ادوات جديده هذه المرة , لم تعد الثرثرة في المقاهي وعقب اداء الصلاة , وانما تمتد لمانشيتات الصحف اليومية , لشبكة الانترنت , للتلفاز واجهزة الاعلام الاخري..
    اتساءل ان كان بمقدورنا علي ضوء هذه النظرة السريعة , محاولة فهم وتحليل قضايا مثل الحرب التي تدور الان في دارفور , ان نتلمس جذور الغبن الاجتماعي والسياسي , لماذا انفجر الوضع الان وبالذات , من الذي اخل بالقواعد الداخلية للعبة تناسب القوي ,
    جزء من الاسئلة يمكن الاجابة عليه سلفا برده الي حكومة الانقاذ وغياب الديمقراطية منذ امد بعيد, بل وغياب الدولة بشكلها المتحضر , اي, دولة لا تترك المستضعف لمصيره .
    المشكلة ان انفجار مثل هذا النوع من الحروب , يأتي بعد تراكم طويل الامد لجملة من العوامل , هي في جوهرها رغبة طرف في تاكيد ذاته والاحتفاء بها مقابل اخر لا يعتد به . وبالتالي فان قضايا مثل التنمية المتوازنة , توزيع الثروة والسلطة , هي قمة جبل الجليد , المتمثل في موقف مركز من اطراف , ولكن يجب هنا ان ننظر الي ما يجعل من المركز مركزا , لاننا بصدد الحديث تحديدا عن (متمركز) وهي ظاهرة لها ارضيتها الاجتماعية في المقام الاول قبل الدخول في تجريدات السياسي .
    التمركز هنا هو محاولة بادعاء الديمومة التاريخية وارتباط الجمع بمميزات لها علاقة بالمكان وبالتواجد الفيزيائي , في مقابل اخر حديث نسبيا بحساب التواجد في مكان ما , وبحساب الموروث الثقافي الاجتماعي والاخلاقي .
    لقد حاول الباحث ( علي الشوك ) رد الصراع العربي الاسرائيلي الي القصة التوراتية والصراع بين حام وسام , ثم الي الصراع بين حضارتين احداهما زراعية والاخري رعوية , فنري ان الرب تقبل قربان الراعي وهو عبارة عن خروف مشوي والي قربان الاخر لم ينظر , لان مكوناته نباتية ( عدس وفول وبصل ). مثل تحليل علي الشوك ينبهنا الي حقيقة محاولة تعديل , او محاولة صياغة التاريخ انطلاقا من ارضية دينية , حتي يتناسب واحقية مجموعة ما في ادعاء العلاقة بالمكان وبالتالي الاحقية في تحديد القيم والتقاليد والاخلاق واتخاذها مسوغا لتحقير المجموعات السكانية الاخري لعدم انتماءها لهذه الحزمة من المتطلبات .ولكن تظل محاولة الانتساب التاريخي مجرد عنصر او عامل من عوامل تأكيد الذات وبالتالي تأكيد الهوية في مقابل اخر.
    الحرب بين الشمال والجنوب السوداني تصلح لمثال اخر ( بافتراض ) ان الشمال مسلم عربي والجنوب فسيفساء من الاديان بما فيها المسيحية . سنري ان الحكومات المتعاقبة علي السودان بما فيها الحكومات الديمقراطية قد ارتكنت الي الحل المسلح للمشكلة , وهذا يعني الي حد ما تصفية الاخر فيزيائيا , واوضح مثال علي ذلك رغبة اللواء حسن بشير نصر في حرق الجنوب ( حرفيا ).
    اذا نظرنا الان للحرب في دارفور , سنري حرب اسلامية- اسلامية في المقام الاول , ولكن بنفس ضراوة الرغبة في افناء الاخر , قتل جماعي دون تمميز , احراق للقري... الي اخر ذلك..
    اذن يجب ان يقع الغبن في محيط اخر غير محيط الفكرة الدينية , لتكن فكرة عرب – افارقة , وان الحكومة تساند المجموعات العربية ضد الافريقية .
    الشواهد تقول ان الغرب بشكله الجغرافي يقع خارج تخيلات العروبة . وذلك بحسابات المركز والتمركز في فترة ما بعد المهدية . اذ ان الصراع بين الخليفة عبدالله التعايشي والاشراف كان قد وضع علامة فاصلة بين مجموعتين سكانيتين , اهل البحر والغرابة , او الجلابة والغرابة ,بحسب التعبير اليومي السائد للاهالي .
    اعتقد ان هذه المواجهة قد اخذت فيما بعد شكل ثنائية متمركز – غريب بافتراض ان الغالبية العظمي من سكان الغرب كانوا قد هجروا قسرا الي المركز السياسي امدرمان لتحقيق التوازن الاثني المطلوب . مثل هذه الثنائية لم تكن لتحتاج الي شروط ما للعبة , لانها ببساطة كانت معدومة في دولة لم تكن لتعتني الا بمبدأ العصبة .
    بهذا الفهم قد نجد ما يشير الي عمل هذه الثنائية في تاريخينا الاجتماعي والسياسي الحديث , والي ما يشير الي انقلاب الادوار بتحول الضحية الي مضطهد ( بكسر الحاء )؟
    بهذا ينهض السؤال ان كان الغبن في دارفور محض تناسبات قوي محلية تغذيها حكومة الانقاذ بما يميزها من انتهازية سياسية واخلاقية , ام انها تناسبات مركز واطراف , لاتجعل المركز يعتني بمن يفني في هذه الاطراف رغم الايديولوجيا الصارمة التي توصي باصلاح ذات البين لملاقاة عدو مشترك , هو الكفر والوثنية في السودان بحسب خطاب المركز الحالي , وبحسب الخطاب ( المتمركز ) من لدن حسن بشير نصر .
    ام تري ان حال العناصر العربية في دارفور ( الجنجاويد ) هو حال المتعاون مع المتمركز , المتواطئ الذي يقول للاخر , هأنذا مثلك تماما , والذي يتم قبوله من قبل المتمركز بكثير من الشك , وبحساب الفائدة التي تعود من استيعابه .ان كان هذا هو الحال فلنستعد لفوضي اخري لان المتعاون سيكتشف انه لا ينتمي للمتمركز اصلا مما يصيبه بالاحباط ليعمل بالتالي علي اختراق القوانين والاعراف بشكل استعراضي لان شكل الدولة الحالية , بكل حال من الاحوال هو شكل دولة متمركزين , وليس شكل دولة محايدة تتمتع بالاخلاق وبالضمير لحماية مستضعفين ايا كانوا.
    قد يتهيأ لنا ايضا ان الحرب في دارفور , شأنها شأن الحرب في شرق السودان , ان هي الا رد فعل لدعوة عمر البشير لكافة القوي المتضررة من نظام الانقاذ بحمل السلاح , لاسيفاء أهلية الجلوس الي طاولة المفاوضات . محاولة تصوير الامر بهذه الصورة يدفعنا لوضع مثل هذه الحروب في خانة الفوضي العادية التي تميز العالم الثالث , كنتيجة حتمية لغياب حكومة مركزية , او محلية تحظي بالاعتراف والاحترام من قبل المواطنين .محاولة تصوير الامر بهذا الشكل , يوحي لنا بأن العنف كوسيلة و ما يعقبه من محاولة ترتيب الامور بشكل سياسي بالوصول الي اتفاق , ايا كان نوعه , هو اعلاء وتعويل علي الحل السياسي لاشكال تقع جذوره في محيط اجتماعي محض.
    سيبدو وكانني بصدد التفريق بشكل متعسف بين السياسي والاجتماعي , وهذا ما لا ارمي اليه علي هذا النحو . لقد علمتنا التجربة ان الدولة ( كمبدأ اكراه ) لا تستطيع التدخل بشكل يومي في مسائل تتعلق بالقبول الطوعي للاخر , دون استخدام فكرة المقاومة النفسيه , ففي ايرلندا تستطيع الدولة سن ما يكفي من القوانين التي تتيح للبروتستانت عبور شوارع الكاثوليك , او العكس , لايصال اطفالهم للمدارس , ولكن ذلك لا يتم الا بمرافقة سيارات الشرطة بشكل يومي . اذن يمكننا سن مبدأ مساواة والسهر عليه بالقوة , ولكن ان نجعل الغرماء التوادد فيما بينهم يقع في منطقة اخري غير السياسة , ومن ثم يجب البحث عن جذور ذلك في المنطقة المعنية .
    ان محاولة دفع التناقضات الاحتكاكات الاجتماعية الي حافة العنف ومن ثم الي الحرب , هي محاولة لتسوية المسألة ضمن مساومات سياسية تضمن الابقاء علي الارضية الاجتماعية للمشكل . محاولة للابقاء علي مسألة الهوية وكانها سؤال مؤجل , او مفروغ منه , فهل يمكننا النظر الي اتفاق البشير –قرنق ايضا علي هذا الاساس ؟؟



    ابراهيم حموده
    ايندهوفن – فبراير 2005




    *انيل رامداس , صحفي وكاتب هولندي من اصول هندية , يعمل الان مديرا لمسرح بالي في امستردام.




                  

02-15-2005, 09:02 AM

وانجا

تاريخ التسجيل: 03-01-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الهوية والتمركز- اهداء الي رودا (Re: ابراهيم حموده)

    Quote: اهداء الي رودا


    وآخرين\ات ..


    مزيداً من الضوء ..
    والهواء الطلق ..
                  

02-16-2005, 01:53 AM

ابراهيم حموده

تاريخ التسجيل: 12-03-2003
مجموع المشاركات: 415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الهوية والتمركز- اهداء الي رودا (Re: ابراهيم حموده)

    وانجا
    ولاخرين ايضا

    شكرا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de