|
Re: حديث المدينة ..انسان دارفور اولا (Re: luai)
|
اتفاق السلام في الميزان .. د. خالد المبارك - الراي العام السودانية
عندما يتحدث الدكتور عدلان الحردلو، فان الناس ينصتون، ليس بسبب إسمه العائلي اللامع، بل لانه يفهم السياسة كاستاذ متخصص في تعلىمها وكممارس مثابر، فقد كان رئيساً لنقابة الاساتذة في الفترة الاخيرة من حكم النميري وأسهم في الاتصالات والتحركات التي مهدت الأرض للإنتفاضة عام 1985م. إمتلأت كل المقاعد في قاعة الشارقة الصغرى عندما قدم محاضرته بدعوة من منظمات المجتمع المدني المتعاونة مع منظمة فريدريش آيبرت شتغتونغ الالمانية يوم 9 فبراير، أدارت الجلسة الدكتورة آمنة رحمة وعقب على المحاضرة الاستاذ على محمود حسنين نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي والدكتور فاروق محمد ابراهيم والدكتور مرتضى الغالى، لم يخيب المحاضر ظن المستمعين والمستمعات فانطلق من عنوانه المحدد :«بروتوكولات السلام ونظام الحكم في شمال السودان خلال الفترة الانتقالىة» وحاول تشريح السودان القديم قائلاً : ان الشمال صار مركزاً تاريخياً لاسباب عديدة منها ان المستعمر اعتبر الشمالىين ذوي حضارة متقدمة واعتمد علىهم في الادارة والتجارة .. استخدم المحاضر وصف «العناصر المسلمة ذات الاصول العربية» وهذا وصف كان ممنوعاً ومحرماً في السنوات الماضية ابان الحملة التي ادعت ان العرب لم يدخلوا السودان وان كل ادعاء بصلة بهم اسطورة مفتعلة، وقال ان الشمالىين سعوا لتكوين دولة كاملة التجانس تحت ظل العروبة والاسلام، إلا انه ذكر ان هذا التوجه لم يحدث بنية ازدراء الاقوام والهويات الاخرى، ما لم يقله الدكتور الحردلو هو ان محاولة تكوين دولة متجانسة لم تقتصر على السودان فقد حدث شئ مماثل في بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، حدث تراجع عن ذلك في هذين البلدين كما حدث تراجع الآن في السودان واعتراف بالتعدد العرقي والديني واللغوي. ويحمد له انه خلص الى ان البروتوكولات اذا نفذت باخلاص ستكون «بداية جديدة لدولة السودان الموحدة والقائمة على الحرية والعدل والمساواة على قاعدة الديمقراطية والمواطنة». أثار المحاضر مسألة مهمة وهي ضرورة قبول القوى السياسية لاتفاق السلام اذا ارادت خوض الانتخابات، وهذه من النقاط التي ذكرها الاستاذ محجوب محمد صالح، اورد ايضاً اعتراضات السيد الصادق المهدي واقتراحه بعقد مؤتمر دستوري جامع .. المفاجأة هي ان الدكتور الحردلو تراجع عن معارضته السابقة للمؤتمر الجامع وبرر ذلك بقوله :«ولم يكن ذلك من جانبي موقفاً معارضاً له وانما كان عن قناعة باستحالة قبوله من جانب طرفي التفاوض» وهذا تبرير مدهش لأن احتمالات القبول والرفض لا ينبغي ان تتخذ اساساً للتقييم المدروس. اثار بعد ذلك مسألتين في منتهى الخطورة الاولى هي النسب، وقال ان ثمانين بالمائة في السلطة للحكومة والحركة مجحفة، قال ايضاً ان الشمال ليست لديه احتياطات في حالة تصويت الجنوب للانفصال، إلا ان ختام الورقة كان ايجابياً اذ اعتبر ان الاتفاق صحّح العلاقة بين المركز والاطراف وان المضامين التي احتواها «كانت ومازالت جوهر اشواق السودانيين التي ظلوا يتطلعون لتحقيقها طوال سنوات الاستقلال». لوحظ ان الدكتور الحردلو لم يذكر «التجمع» على الاطلاق بل اورد آراء الاستاذ محجوب محمد صالح والسيد الامام الصادق المهدي عند سرد الافكار الناقدة، لا يلومه احد فالحركة الشعبية قائدة في التجمع وشريكة في البروتوكولات فرأى التجمع مذكور عبر الحركة!.
أما موضوع الاحتياط الشمالى لاحتمال تصويت الجنوبيين للانفصال فمسألة في غاية الحكمة وينبغي ان تجد صدى اكبر من قاعة الشارقة الصغرى، وعلى الحكومة ان تحسب حساب ذلك لان النتائج غير مضمونة.
هناك بالطبع موضوع النسب التي ذكر انها مختلة لصالح الشريكين الحكومة والحركة، الرأي الآخر هو ان هذه الترتيبات انتقالىة مؤقتة وان الانتخابات ستعطينا النسب كما هي عند «التصويت والفرز، فضلاً عن ذلك فان النسب لا تتعلق بورثة توزع بمعيار محدد!، انها تعتمد ايضاً على الكفاءة والاستحقاق في ايقاف الحرب وتقديم التنازلات المؤلمة من الجانبين المتفاوضين، كما تتعلق بالنظرة للقوى قليلة الحيلة التي كانت حاكمة واوصلتنا لهذا المنعطف!.
| |
|
|
|
|