أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته.....

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 07:41 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-12-2005, 11:13 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته.....

    الحلقة الأولي

    كروان السودان الراحل

    بقلم : صلاح الباشا... الدوحة
    مصطفي سيد احمد والغناء للوطن



    عندما يتحدث أهل السودان في مهاجرهم وفي داخل الوطن العزيزعن جماليات الغناء للوطن ، فإن سحائب الحزن سرعان ما تتجمع لتغطي مساحات الزمن ،فيتذكره معجبو فنه في كل المهاجر القريبة والبعيدة وفي داخل الوطن الذي كم تغني له الكروان الراحل مصطفي سيد أحمد الراحل بتلك اللغة الجديدة التي إكتشفها خيال شعرائه الشباب الذين خبروا في ذلك الكروان تلك القدرات الموسيقية التطريبية الهائلة ،بمثلما خبروا فيه الحس الوطني المتجرد ليترجم مفردات أولئك الشعراء ألحاناً شجية تحمل دفئاً عجيباً لا يشعر به إلا من إمتلك الحس الرهيف الممزوج بالإنحياز العميق لقضايا وآلام وآمال وتطلعات شعب السودان الذي كتبت له المقادير أن يعيش مأساة معاناة ظلت تحيط به إحاطة السوار بالمعصم ، فلم يستطع منها فكاكاً ، لم يقدر علي تحقيق بعض أمانيه ورغباته المشروعه في كل شيء ، لم يتمكن من أن ينعم بالسلام وبخيرات البلاد المتعددة ومنها العمل الشريف القويم والجسم المعافي السليم والحفاظ علي العش الهاديء والمتواضع الذي يسعد به ويمارس دوره الطبيعي في تكوين أمة جديدة تعمل بمفاهيم جديدة ولصنع أجيال نظيفة جديدة لاتلتفت أبداً إلي المال الحرام أوالسكن الفاخر الحرام أوعيشة الهلع الشرهة الحرام 0فكان مصطفي سيدأحمد ومجمل شعرائه يخاطبون خيالات هذا الجيل بكل ما ظلوا يتمنون ويحلمون به من أشياء جميلة كباقي شباب الدنيا لعلها تتحقق، أو يتحقق بعضها0

    فقد أحب هذا الجيل كروانه الراحل الذي كان يترنم بأرق وأعمق المفردات المكتنزة بأعذب الألحان0 ومصطفي سيد احمد كان قد نذر حياته لرسالة الفن الرفيع ، فكان بذلك يؤسس لقيام مشروع متكامل لتطوير جزء عزيزمن التراث المتعدد الألوان عند شعب السودان بحيث لا يمكن تجاوزه أو تهميشه أو إلغائه . فهذا الكروان الراحل أتي بمسارات لحنية جديدة وأتي شعراؤه بمضامين جديدة أيضاً ليؤكدوا بواسطتها شيئاً محدداً وهو أن فن الغناء لم يعد طرباً أرستقراطياً محدوداً يمارس داخل الصالونات أو في بيوت الأفراح أو أندية الليل، بل هو فنُُ ملتزمُُ يحتوي علي ثقافة شعبية كاملة تحمل قيماً رفيعة تعمل علي تنقية وتهذيب أذواق الشباب من القول الساقط المبتذل في مجال الفن والشعر الغنائي من كل شائبة ، فكان الكروان يخرج من غرفة غسل الكلي بمستشفي حمد العام بالدوحة ليذهب إلي مسكنه منهكاً ، لكنه كان يجد الورود في إنتظاره ، إنها ورود كان يأتي بها إليه القادمون من أرض الوطن ، كانت الورود نفسها تتلهف في أن يمسك بها ذلك الكروان ليستنشق رحيقها.. رحيق بلاده .. فكان يري فيها ملامح أهله البسطاء في ( ودسلفاب ) بالجزيرة بالسودان ، كانت الورود هي تلك الوريقات البيضاء المتواضعة التي ظلت تقطع مشواراً طويلاً مابين الوطن و خليج العرب غير آبهة ببعد المسافة التي تقارب الثلاثة آلاف من الكليومترات ، نعم... كانت الورود هي ذات الوريقات التي تحتضن اجمل الكلام المعطر بعرق سهر مبدعي بلادنا من شباب الشعراء ، كتبوها في حالات ترقب كان مقروناً بالأمل في أن تجد طريقها إلي أحاسيس الناس عبر تلك الأنغام الشجية ، فيحتضنها الكروان بكل اللهفة و (الحزن النبيل) الذي كتب فيه الشاعر صلاح حاج سعيد ليترنم بها الكروان:-



    بقيت أغني عليك.. غناوي الحسره

    والأسف الطويل

    وعشان أجيب ليك الفرح

    رضيان مشيت للمستحيل

    ومعاكِ... في آخر المدي

    فتيني يا... هجعة مواعيدي القبيل

    بعتيني لحضن الأسي

    وسبتيني للحزن النبيل

    فكان هذا التعبير ينتظر تلك الأنغام التي تتفجر موسيقاها ألقاً مستديماً ينساب من حزمة الوتر المفجوع الذي تركه الكروان مصطفي سيد أحمد خلفه في الدوحة عندما حمله الطائر الحزين ليواري جسده في ذلك التراب الطاهرفي ودسلفاب الوديعة الوادعة، ليجد أمواج الشباب كالسيل الهادر ينتظره في مطار الخرطوم الذي كان أيضاً حزيناً حينذاك.. أتي الموج الحزين من كل حدب ليقول للكروان كم نحن نشتاق في أن نحمل نعشك فوق أعناقنا وفوق هاماتنا طالما كنت تنشر في دنيانا أفراحاً لا حدود لها رغم عنصر المعاناة التي كانت تظلل حياتك في إغترابك المرير خارج بلادك .. نعم ... كان التعبيرعفوياً في ذلك اليوم البارد في يناير من عام 1996م ، فلقد كان الكروان في سباق مع الزمن في أن يُخرج درراً إبداعية من الفن الأصيل ليكون تراثاً متقدماً ومميزاً يظل مفخرة لكل الأجيال القادمة . نعم.. أتت الجماهيرلوحدها دون ترتيب مسبق وكانت تظللها مشاعر الحب والدهشة (والحزن النبيل) وتغطيها حزمة الأسي التي كانت تلون مساحة الفنون والإبداع بألوان رماديه غير واضحة الرؤية0 وياللحسرة علي إعلامنا ، فلقد غاب التلفزيون يومذاك ، وكأنه لم يشاهد قبلها كيف تقابل تلفزيونات المنطقة نعوش مبدعيها وتعمل علي تخليد ذكري رحيلهم في كل عام ؟ ذلك000لأن المبدع هو جزء من نسيج تراث الشعوب ،لأن هذا التراث هو جزء هام وباق علي مر العصور0 وتلك كانت هي معاناة رموزالثقافة والتراث والإبداع الذي ظلت تلازمه وبصفة مستمرة بسبب مزاجية وحساسية أهل السياسة المترددة تجاه أهل الثقافة والإبداع 0تلك الحساسية التي لم تستطع الأجهزة الفكاك من إسارها إلا مؤخراً ( والحمد لله علي كل حال) ، حيث أصبحنا الآن نري النقلة النوعية للإحتفاء والإهتمام الإعلامي العريض والواضح بالرموز الغائبة كحالة فنان أفريقيا الأول وإمبراطور الغناء الأفريقي كله ( محمد عثمان وردي) وبمثلما يجري الإهتمام الإعلامي حالياً بكل ظاهرة إبداع جادة ، نتمني دوام هذا المنحي فقد كانت ترانيم الكروان الراحل لمفردات صلاح حاج سعيد تنساب فتقول:

    أوفيت… وماقصرت في حقك

    ولا كان ..عِرفه غيرك اصادفا

    وقـِدر هواكي.. يجيبني ليك

    جمّع قلوبنا.. وولّـفا

    وقتين بقيتي معايا

    في أعماق مشاعري المرهفه

    لا منِـّك إبتدت.. الظروف

    لا بيكِ.. إنتهت الأماني المترفه

    ياسلام علي كل هذا الجمال الإبداعي ياصلاح ، لقد ظللنا ..والله..نردد كلماتك المتألقه والأنيقه والمشرقه حقاً مع الكروان دائماً حين يغرد: وقتين بقيتي معايا.. في أعماق مشاعري المرهفه.. لامنك إبتدت الظروف.. لابيك إنتهت الأماني المترفه0ولتستمر الحزن النبيل الأغنية...التي أنتجها الأخ الأستاذ (أحمد يوسف ) في شركة حصاد كي يحفظ بها وبالورود الأخري في كل الألبومات المنتجة المتميزة معظم ذلك التراث الغنائي الذي تركه خلفه الكروان ثم رحل من الدنيا في دوحة العرب حين حلقت روحه و بهدوء عجيب وفي لحظات قليلة إلي بارئها معلنة مغادرتها لهذه الفانية دون أن يسبب فيها صاحبها أي أذي لأي كائن 0

    فكانت روائع ألحان أعماله التي إمتزجت بجميل مفرداتها التي إنتقاها برؤية متفتحة ومتقدمة جداً رغم كل ظروفه الضاغطة ، كانت تؤطر لآمال ظلت هي هاجس كل شباب بلادنا في العشق النبيل الذي تحول إلي ( الحزن النبيل) ، حيث يرتفع هنا صوت الكروان عالياً حينما كان ينفي شاعره بشدة أنه قد( شال الندم) ..نعم000 لم يعترف بالندم مطلقاً، ليشدو مع كاتبها قائلاً:

    ندمان أنا ؟؟00 أبداً ..وحاتـِك

    عمري .. ماشلت الندم

    ما أصلو حال الدنيا

    تسرق مُنيه.. في لحظة عشم

    وأنا عندي ليك.. كان الفرح

    رغم إحتمالي .. أساكِ

    يا جُرح الألم

    كان خوفي منك..

    جايي من لهفة خطاكي

    علي المواعيد الوهم

    أهو... نحن في الآخر سوا

    باعنا الهوي..

    ماشين علي .. سكة عدم

    وبقيت أغني عليك

    غناوي الحسرة ..والأسف الطويل

    كان أبناء شعبنا من كوكبة الشعراء المتألقين قد وجدوا في ألحان مصطفي وجديته ومسؤوليته تجاه العملية الإبداعية كل آمالهم في أن يطرحوا بقوة للجماهير تلك المفردات بكل جماليات اللغة الجديدة التي لم يجد الإبتذال إليها طريقاً ، فظلوا يكتبون بهذا ( الإستايل) المتفرد علي الدوام 0وهنا أيضاً قد كان الشاعر الملهم (أزهري محمد علي) واحداً من فرسان تلك الكوكبة الجديدة ، فجاءت ( وضّاحة) وقد أينعت شجرة أزهري الإبداعية بمختلف الثمار ذات النكهة الجاذبة مقرونة بالطعم اللذيذ . نعم... كانت وضاحة هي بعض هذا الحلم الجميل والمذاق اللذيذ الذي كتبه أزهري:

    الصباح الباهي لونك

    وضاحه..يافجر المشارق

    غابة الأبنوس .. عيونك

    يابنيه من خبز الفنادق

    وضاحه لو طال الطريق

    بيناتنا.. وإترامي المدي

    ما تحني هامات النخيل

    ما ترمي دمعات الندي

    ما تشنفي العمر الجميل

    ده.. العمر يادوب إبتدأ

    وأنا بيكِ.. ماليني الكلام

    حركت بيك .. عصب الدخول

    جلبت ليك الغيم رحط

    طرّزت ليك النيل زفاف

    حرقت ليك الشوق بخور

    فرشت ليك الريد لحاف

    وهذه في تقديري أرهف وأرق كلمات العشق والوجد الذي أبدع الكروان الراحل في تحويله إلي أنغام شجية تبعث في النفس إنشراحاً لا حدود له ، فلقد ظللنا نقول دائماً أن مفردات شعر الغناء السوداني حينما تأتي مقرونة بحلو أنغام السلم الموسيقي الخٌماسي( وهو سلم غنائي عالمي) قد جعل الموسيقي السودانية تحتل دائماً مركز الريادة التطريبية لو كان إعلامنا يعرف دوره المهني تماماً ويلتفت قليلاً إلي بذل جهد متخصص ويلتفت قليلاً إلي مهامه الأساسية في دعم وتشجيع المبدعين من أهل السودان وتوثيق وتسجيل كل منجزاتهم ، بدلاً عن هذا التطبيل الأجوف الذي ولي زمانه ولم يعد لغة متحضرة تواكب ماهو مطروح في ساحة الإعلام العالمي اليوم بعد ان إختصرت التقنية والآلة الإعلامية الحديثة كل المسافات بين الدول ، فلم يعد (الإستايل) القديم في العمل الإعلامي مجدياً مع هذه المنافسة الحامية تحت ظل هذا التمدد والتعدد الفضائي في التلفزة وعالم الأخبار. وفي الخرطوم عندما لم تتح الأجهزة الرسمية الإعلامية لأعمال هذا الكروان الراحل من أن تخرج للناس بكل جماليات مفردات الشعر الغنائي الذي يرمز للوطن فإن شباب بلادنا قد طوروا أساليب عملهم كي يوصلوا رسالتهم الخيرة للجماهير فإبتدعوا أسلوب عقد المنتديات الثقافية كي يتواصل الفعل الثقافي النقي الذي يتحدث عن قضايا الوطن من خلال الطرح الأدبي والفني، فكانت تلك المنتديات هي الرئة التي ظل يتنفس من خلالها شباب السودان أكسجيناً نقياً داخل الأحياء وفي دور الطلاب بالجامعات...

    وتتواصل إبداعات الكروان الراحل .... في الحلقة القادمة، وإلي اللقاء.




                  

02-12-2005, 11:19 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: Kamel mohamad)




    الحلقة الثانية


    كروان السودان الراحل

    بقلم : صلاح الباشا... الدوحة
    مصطفي سيد احمد والغناء للوطن


    بمناسبة حديثنا سابقاً عن فعاليات المنتديات الثقافية بالسودان ، سوف نرسد مثالاً راقياً حول تلك المنتديات... فقد كانت فرصة عظيمه أن دعاني إبن أختي (الرشيد حميده ) في الخريف الماضي خلال إجازتي بالسودان ، دعاني إلي أمسية في منتدي الخرطوم جنوب ، وقد تجمعت في ذلك المساء الخرطومي سحائب خير وبركة ولعله المُزن، فكانت السماء تحتقن بتجمعات سحائب أمطارخريف قد تأخرهطولها ، وأتت رائحة دعاش جميل ليخفف من وطأة السخونه المنسحبه من باقي نهار كان حاراً في الخرطوم وقتذاك،وربما لا تجعلك تلك السحب مفرطاً في التفاؤل بأن الأمسية ستعدي علي مايرام في طقسها المتقلب ذاك، فتواصلت نسمات الدعاش تهب من شمال الجزيرة ليتساقط رزازاً ناعماً لم يمنعنا متعة الذهاب لمشاهدة حوارات المنتدي النديانه بالخرطوم ثلاثه، حيث كان من ضمن ضيوف المنتدي الأستاذ الشاعر المجدد والمتجدد أزهري محمد علي الذي تحدث عن التجربه... تجربته ومشواره مع الكروان مصطفي سيد احمد ، كان حديث أزهري ينم عن مقدرات إبداعية تعكس بريقاً متوهجاً وتعطي مؤشراً قوياً بأن هنالك حزمة فرسان يكتبون بهذه اللغه الجديدة التي تم سبرغورها بكثافة هائلة مؤخراً ، وقد سار علي ذات النهج معظم (أهل الإبداع في بلادي) ، وفي ذلك المنتدي الذي كان يضم الجنسين من شباب الحي المترابط والمثقف والواثق من نفسه تماماً و الذي إفتقد كروانه العجيب الذي كان بمثابة عموده الفقاري في سنوات عافيته بالسودان،وقد تحدث مقدم الندوة الأستاذ أمير التلب وهو من القامات الإبداعية والإعلامية المتميزة ، وقد عرفناه منذ بداية السبعينيات حينما كان مديراً لمسرح الجزيرة بودمدني وهو الآن مسؤول العلاقات العامة والإعلام بمؤسسة الأسواق الحرة بالخرطوم، وعندما رأيته يدير المنتدي قمت بتحيته بوريقة صغيرة ، فللرجل علاقة قديمة مميزه مع عائلتنا بودمدني، فلم يتردد في أن يرحب بنا والنشوي تتملكه عبر المايكرفون ، حيث أشار إلي أجمل سنوات عمره التي قضاها بعاصمة الجزيرة وذكرياته مع أخي الأكبرالراحل الأستاذ حسن الباشا مؤسس إتحاد فناني الجزيرة بودمدني. ثم قرأ أزهري مودعاً كروانه وصديقه مصطفي في مرثيته حيث قال:-

    أبداك من وين؟؟

    وفيني منك.. لسه حاجات

    من مخاوف.. ومن شجن

    أبداك من وين؟؟

    وظني إنك..فكرة إعلان الحياة

    وإنتهاءات العوارض .. والمحن

    نفسي ألقاك..

    وأكون أنا.. كلي من بعضك

    أو.. بعضي من كلك بدن

    وداير أبقاك..وأوحِّد دورة الدم..

    المقسمه بيني بينك.. والسحن

    ومن المعروف غنائياً كما كتب (عتيق) وتغني بها (بادي) أن -الكواكب إحتفلوا بالقمر_ فكانت الكواكب هي حزمة كل شعراء مصطفي الموهوبين ، أما القمر فقد كان هو كروان الجيل... نعم هو مصطفي سيد احمد الذي اضاء بروعة أشعارهم كل مساحات الزمن. ونحن عندما نظل نكتب دون كلل أو ملل عن منجزاته الإبداعية والوطنية ، نكتب لأننا ظللنا نكتشف في كل مرة أن له رصيداً ضخماً من الألحان المطربه يخرج ضؤها خافتاً في البداية ثم سرعان مايزداد بريقها ولمعانها يوماً بعد يوم ، ونتمني أن يتناقش فيها المختصون في مجال علم الموسيقي والصولفيج ويضعونها في دائرة أبحاثهم في أجهزة الإعلام المختلفة وعليهم أن يحاولوا منهجياً إعداد بحوث جادة حول هذا الكم الهائل من الإبداعات التي ظل يقدمها الراحل مصطفي سيد احمد حتي رحيله، ولنبحث لنعرف لماذا تظل أعماله تقاوم كل الأزمنة حسب إتجاهات الرأي العام الجماهيري، ولماذا ظل الشعراء يمطرونه شعراً وقد كان بعيداً عنهم ، ولم يسبق له أن شاهد بعضهم ولكنه كان يتغني بأشعارهم . وحقيقة ...لقد إفتقدت بلادنا في منتصف الثمانينيات من قرننا الماضي أعظم ناقد ومفكر ومؤلف موسيقي عربي وأفريقي حيث كان ذا أفق أكاديمي ونقدي واسع وهو الأستاذ الراحل الموسيقار (جمعه جابر) نائب رئيس المجمع العربي للموسيقي التابع لجامعة الدول العربية ومقره في العاصمة العراقية بغداد ، ويقيني لو كان هذا الرجل.. جمعه جابر.. علي قيد الحياة لكانت أعمال الكروان مصطفي قد وجدت النقد والتحليل العلمي المتقدم والإيجابي 0 ولكن000 دائماً تظل الرياح تأتي بما لا يشتهي (السَـفِنُ) .

    ولقد سبق للشاعر المبدع أزهري محمد علي أن كتب في رثاء الكروان في حفل التأبين الذي أقيم في أربعين الراحل بقرية ودسلفاب في عام 1996م قائلاً في مرثيته التي أسماها ( سلامات يازول يارائع) :-

    فات الكان..بدينا الألفه

    وكان راوينا

    فات الباكي جرحنا..

    وناسي جروحو..ولافـِّي ورانا

    مدينه.. مدينه

    فات الصاحي..ونحن نغط

    في النومه السابعه

    طالق حِسو.. ولا حَسّينا

    حتحت فينا.. غناهو الطاعم

    وفات قـنعان..

    من خيراً فينا000000

    نعم000الكروان مصطفي هو مثل خليل فرح الذي كان الإستعمار يضرب تعتيماً كاملاً علي كل أعماله ، بل كم من مرة طلب منه السكرتير الإداري الإنجليزي عدم مغادرة العاصمة إلي مناطق اخري بالسودان بعد ان أنشد في ودمدني في عام 1930م في مناسبة زواج الحاج محمد أحمد سرور (رائد الغناء السوداني) أغنيته الشهيرة: مالو أعياه النضال بدني ..روحي ليه مشتهية ودمدني ، فتم حرمان الخليل من مغادرة العاصمة وإستكتبوه تعهداً بذلك ، ولكن رغم ذلك فإن أعماله .. أعمال الخليل.. لا زالت راسخه في وجدان الجماهير بالرغم من عدم وجود فضائيات وصحف عديدة ومجلات راقية في ذلك الزمان. كذلك أعمال الكروان الراحل مصطفي سيد احمد ستظل راسخه ومتجدده ومتألقه ، وستتناولها الأجيال جيلاً بعد جيل ، خاصة بعد أن تم توثيقها خارج السودان وفي عدة دول بواسطة شباب جيل التقانة بكل الوسائل التقنية الحديثة ( الإنترنت- والسي دي) فأسسوا عدة مواقع إليكترونية لنقرأها نصوصاً ونستمتع أيضاً بها (أوديو) - صوت -في الكمبيوتر، ،فضلاً عن الكاسيت المنتشر، ونتمني بذل بعض الجهد والإهتمام الإعلامي بمحاولة جمعها وبثها عبر الإذاعة طالما لم تتح له ظروفه المرضية قبل رحيله من الوجود المستديم بالبلاد لتسجيلها تلفزيونياً . ولا أدري لماذا كان يقوم البعض في الماضي بمحاولات تعتيم لحصر وتصنيف أعماله في زوايا أيدولوجيه معينه لم يسبق له أن تحدث عنها، حيث عُرف في الكروان طوال تاريخه الفني بعدم التغني بالأيدولوجيات ، ولا يوجد واحد من شعرائه كتب له شيئاً ذا علاقة بالفعل السياسي إلا بما يهم قضايا الجماهير، فالإبداع هو حق إنساني مشروع طالما لم يكن يصادر رأي الآخرين ولايعوق إبداعاتهم حتي ولو كان الإبداع سياسياً صرفاً، و كان هذا التصنيف الخاطيء والتهميش الإعلامي السوداني البائن في فترة من الفترات لأعمال هذا الكروان الراحل قد أدي إلي تعاظم إعجاب الشباب به بإستمرار ، مما أضفي عليه هذه الهالة من حزمة الإنبهار بكل أعماله ، حيث كان تفسير العديد من المتابعين لحركة الإبداع يرون أن هذا الكروان الراحل كان يتغني بأحاسيس الشباب كله و(الغلبان) منه بالذات ، رغم إنزعاج بعض الناس عندما يأتي ذكر إسم الغلابه دائماً!!!

    أو لم يلاحظوا أن هذه اللغه الجديدة التي تشتمل علي أدبيات الغناء بهموم الجماهير التي أنهكها مشوار النفق المظلم الذي تندرج تحت جنح ليلهِ كل معاناة أهل السودان ، وقد أصبح الإنتظار مملاً كي تنجلي ظلمات ذلك الليل الطويل ، فقد كتب تلك الأشعار التي تفيض بعشق الحبيبة ( الوطن) جمهور الشعراء المبدعين من داخل السودان ولم يتم تصنيف أعمالهم بواسطة الجمهور بأنها مسيسة أو حتي مبتذلة ؟ فهي فقط لغة شعرية وطنية راقية وقد فرضت نفسها لأنها كانت تعبر عن أحاسيس وقضايا وهموم الجماهير ، بالغرم من أن البعض لم يأبه بها متعمداً في ذلك ، (وكل واحد هو حُر في مشاعره )0ولكن تبقي الحيقية في أنها قد فرضت نفسها بقوة وبكثافة بائنة ( فالعبرة بالخواتيم) حيث ظلت تلك الأعمال الإبداعية بما تزدحم به من جماليات عاطفية ووطنية في نفس الوقت تعبرعن أسرار أشواق الشباب المشروعة في الوجد والعشق النبيل الذي حولته تعقيدات الحياة إلي الحزن النبيل مما قاد إلي أن تصبح كل أعمال هذا الكروان الراحل نماذج جميله يري فيها هذا الجيل من الشباب المثقف كل ملامحه وسحناته ، وقد كان الكروان قد أتي من وسط هذا الجيل ، فجاءت أعماله وكأنها قد فصلت من أجل جيله خصيصاً حين أشار لذلك الشاعر حافظ عباس منذ زمن طويل :

    بنبقي نحن 00مع الطيور

    المابتعرف ليها خرطه

    ولا في إيدا00جواز سفر

    نمشي في كل المداين

    نبني حبنا بالغناوي

    وننثر الأفراح دُرر

    والربيع يسكن جوارنا

    والسنابل تملأ دارنا

    والر ياحين والمطر

    والحبيبه تغني لينا

    لاهموم تسلك دروبنا

    وما بلاقينا الخطر

    نحن باكر 00 ياحليوه

    لمان أولادنا السمر

    يبقوا 00 أفراحنا

    البنمسح بيها00أحزان الزمن

    نمشي في كل الدروب

    الواسعه ديك..والرواكيب الصغيره

    تبقي أكبر من مدن

    لقد تغني بها في زمن مبكر الكروان الراحل عندما كان شاعرها حافظ عباس يري ملامح الأسي في أفواج النازحين من واقع الجفاف والتصحر متجهين زرافات ووحداناً نحو النيل بالعاصمة السودانية ، وقد كانت سلطات حكم النميري وقتذاك تمنعهم من الوصول لأطراف العاصمة الخرطوم حتي لا تنقل وكالات الأنباء للعالم قصة تلك المأساة الإنسانية التي تمثلت في المجاعات الشهيرة في ذلك الزمان الأغبر ، وقد لاحظنا الآن نفس عنصر المعاناة وشبح المجاعات يطل برأسه مرة أخري ليهجم علي شعب السودان في ولايات الغرب( فالتاريخ قد أعاد نفسه) . وقد فهم الكروان الراحل إشارة الشاعر التي تعبر قصيدته عن أحزان أولئك النازحين ، فأنجز تلك الأغنية الوطنية التاريخية التي سكنت في وجدان الجماهير سكوناً مستديماً. نعم... نبقي نحن مع الطيور المابتعرف ليها خرطة ولا في إيدها جواز سفر ، نعم .. هُم .. هُم النازحون الغلابة وليس غيرهم ،،،،

    ولاتزال إبداعات الكروان مصطفي سيد احمد تسكن في خواطرنا ... فإلي الحلقة القادمة،،،،


                  

02-12-2005, 11:21 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: Kamel mohamad)

    الحلقة الثالثة

    كروان السودان الراحل

    بقلم : صلاح الباشا... الدوحة
    مصطفي سيد احمد والغناء للوطن


    إن الراحل الكروان مصطفي سيد أحمد كقيمه إبداعية، ستظل إبداعاته تفرض نفسها فرضاً علي مفاصل هذا الزمان وربما مفاصل كل الأزمنة القادمة ، مما يستوجب علي الأجهزة الإعلامية بالخرطوم ( ألا تضرب طناش) من تناول ذكري هذه القيمه الإبداعية ،وأن تقترب أكثر من أحاسيس الناس ومن حبهم وتقديرهم لرموزهم الفنية القومية حتي تكبر وتكبر تلك الأجهزة ( القومية) في نظر أهل السودان الأوفياء طالما كانت الأجهزة ملكاً لهم أجمعين، تلك الأجهزة التي ظلت تزخر بالإعلاميين الجدد وببقية القدامي ، فنحن نثمن ونقدر دوماً الدور المتألق الذي ظلت تقوم به الميديا السودانية بمختلف أشكالها الرسمية والخاصة من وقت لآخر في رحلة تواصلها مع الجماهير بعيداً عن ( المزاج الشخصي)0فالراحل الكروان قد دخل تاريخ الفنون السودانية المضيئة بجديته وبروعة أعماله المتميزة التي لم تعرف الإبتذال مطلقاً، ولكل ذلك فهي لن تخرج أبداً من ذاكرة التاريخ الفني السوداني ، فقد أصبح مصطفي سيد أحمد واحداً من العلامات الفنية في تاريخ الغناء العطفي والوطني بالسودان، مما يستوجب الإهتمام الإعلامي والنقدي لكل أعماله0

    ثم تأتي هنا الشاعرة الأستاذة ( نجاة عثمان محمد سعيد) لتكتب ما ظل يغرد به الكروان من مفردات جديدة أيضاً حين قالت في ( الزمن الفلاني) :

    لمان يجي الزمن الفلاني

    سمانا.. بتقطـِّر مطر درِّي..

    وتمازج برتكاني

    برموش غيم أرجواني

    ندمن الضحك المعافي

    ونحيا بالفرح.. المورّد

    ياسميني..وأُقحواني

    كانت ( نجاة) بذلك تخاطب في الكروان الراحل جدية ما ظل يطرحه من ألحان شجية ، وكانت بذلك ترفع من روحه المعنوية وهو يعاني الأمرّين ( مرارة الإغتراب.. ومرارة المرض اللعين) ، ولذلك كله .. كانت مفردات الشاعرة نجاة تعتبر محطة للإستراحة ، وقد إرتاح فيها الكروان الراحل ليواصل بعدها الدندنة بكل ماهو رائع حين يواصل أداء ذلك الطرح الجديد الذي كتبته الشاعرة نجاة عثمان :

    يا حبيبنا.. تحيا في حلم الترابله

    في العلاقات المعاني

    في البقاسي.. شقا المسافه

    عايشه في داخلو.. ويعاني

    لما يتحقق زماني

    بيشرق .. الفجر الحقيقه

    والصباح الأبيضاني

    كانت تلك هي نجاة عثمان المتألقة بكلماتها الأنيقة التي ربما كانت تعبرتعبيراً مشروعاً عن بنات جيلها الطاهر والواثق من نفسه تماماً ،وهو أيضاً جيل له ظروف معاناته المتعددة 0

    ثم نري طرحاً آخراً لشاعرنا وصديقنا المتفرد العجيب والمكافح مع الغلابه في مهاجرهم وهو الأستاذ مدني يوسف النخلي ، لنري ماذا قال أخي الحبيب مدني الذي كم وكم سعدتُ حقاً بلقائه في الدوحة وأنا القادم الجديد إليها فهو إبن مدينتي ( ودمدني السني) المبدعة والذي لم أكن أعرفه قبل ذهابي إلي الدوحة، فقد ظل يحكي لنا .. يحكي ويحكي عن حياة الكروان مصطفي وعن تفاصيل معاناته وأفراحه أيضاً في الدوحة .. ولازلت أستمع لحكاوي مدني النخلي وكأنني كنت ملازماً للكروان وسنرد بعض منها في الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة0 وصدقوني .. أنني لم أره .. لم أشاهد مصطفي سيد أحمد حتي رحيله إذ كنت بالسودان حينما أتي هو إلي الدوحة ، وكنت أيضاً مقيماً لإثني عشر عاماً في جده عندما ظهر الراحل في ساحة الغناء بالسودان في نهاية سبعينيات القرن الماضي ولكنني ظللت علي الدوام متابعاً لمسيرته الإبداعية بإنتباه تام ، وكنت في السعودية مواظبا علي متابعة إبداعاته الأولي التي كنا نتحصل عليها من إستريو الخرطوم في حي البخاريه في جده أو إستريو البغداديه في شارع محمد بن عبدالوهاب المؤدي إلي باب مكه في جده وقد كانت أغنياته الأولي ( غدار دموعك ، وعارفني منك) ثم إعادة توزيع رائعة عبدالدافع عثمان ( مرت الأيام) لملحنها الأستاذ المعلم عربي ، وكذلك إعادة توزيع ( شقا الأيام) التي يتغني بها حمد الريح ، وأيضاً أغنية ( رسائل) للكاشف : إنت أكتب لي وأنا أكتب ليك0

    كتب مدني النخلي في ديوانه(كل النجوم ) حين قدم فيه سيرته للقاريْ00 كتب بكل بساطة جملة واحدة في ثلاثة أسطر فقط في غلاف الكتيب، ولكنها تمتليء بكل ماهو جميل حيث قال:

    ((ذلك المسكون بالغربة والشوق والإنتظار... مدني النخلي .. يكتب الشعر- والشعر الغنائي بكثافة - ليبقي قلبه المثقل بالهموم.. مضخه للفرح 00في زمن اللافرح.))

    كتب مدني النخلي لرفيقه الكروان ليتغني بأجمل ماقيل في العشق الجميل .. قال مدني النخلي في إحداها حين كان يغرد بها الكروان كثيراً مع نفسه.. وللناس أيضاً:

    واقف براك.. والهم عصف

    ريحاً كسح.. زهرة صباك

    ليلاً فتح شرفة وجع..

    قمراً رحل .. فارق سماك

    واقف براك..

    ومطر الحُزن.. عاود هطل

    جدد عذاب الأرصفه

    ضي المصابيح البعيد

    أتعب عيونك.. وإنطفي

    لمتين .. مواعيدك سراب

    والريد شقا00وحُرقه وجفا

    كنت أقول دائماً أن وجود هذا الكروان الراحل في الغربه ، وقد ظل يعاني مايعاني ، ولم يتوقف عن الإبداع ولو للحظه واحده في حياته .. كان لهذا الوجود خارج الوطن آثاره التي تمددت لتأتي بأجمل ما كتبه شعراء الداخل وأيضاً شعراء الخارج ، فكانت مفردات قصائد شعرائه لا تبتعد كثيراً عن معاناة الإغتراب وآثاره المباشرة في طريقة تفكير الشاعر المغترب التي يستلهمها من مجمل معاناة مجتمع المغتربين التي لا يشعر بها إلا من إغترب، إنها معاناة متجددة ليس لها نهاية ، ونقول هنا للتنفيذيين داخل السودان من خبراء المالية القدامي والجدد أيضاً الذين وضعوا الضرائب علي كاهل المغتربين ( الغلابه في معظمهم) سيظل هذا العيب وتبعاته يلازمهم حتي يوم القيامة … فليسامحهم الله في هذا الإستلاب ( غير الشرعي) للرزق المحدود جداً من أفواه كل أطفال المغتربين في مختلف الحقب الماضية وحتي اللحظة 0

    فلقد ظل شعراء الكروان الراحل داخل الوطن يعيشون وجدانياً نفس أحاسيس من هم خارج الوطن ، وربما كان توارد الخواطر في كتابة الشعر هو الذي أضفي علي مفردات الشعراء كل هذا الكم الهائل من تلك الرياحين التي كتبوها في لحظات تجلي وقد رأيناها قد إتضحت كثيراً عندما أضاف إليها الكروان الراحل تلك الأنغام والألحان الشجيه ، حيث كانت تخرج في أجمل صورها بذلك الصوت الملائكي المتفرد .

    وهنا يكتب له الشاعر عبدالعال السيد من غربته بالسعودية بزهرة يانعة تغني بها الكروان وسكنت في وجدان الجماهير بمثل سكونها المستديم في سجل التاريخ الخاص بأعمال الراحل:

    الدنيا ليل.. غربه ومطر

    وطرب حزين ..

    رجّع تقاسيم الوتر

    شرب الزمن فرح السنين

    والباقي.. هدّاه السهر

    ياروح غناي..

    الغربه ملـّت من شقاي

    وا غربتي.. وبقيت براي

    حاضن أساي

    الوحشه ملت .. من أساي ووحدتي

    لا غنوه لا موال 00يبدل حسرتي

    غير الدموع الملهمة

    الغربه.. مُره ومؤلمه

    وهنا أو أن أشير إلي شيء ، وهو أنني قد ظللت أستلم عدة رسائل إليكترونية مؤخراً من عدة شباب في هذا العالم الواسع لا أعرفهم ، ولكن كانت أهمها تلك التي وصلتني من فتاة سودانية بالخرطوم لها إهتمامات إبداعية وهي من جيل التقنية الحديثة وقد ظلت كغيرها تطالع مساهماتنا ومساهمات غيرنا المنشورة في بعض المواقع السودانية الأدبية علي الإنترنت لمقالاتنا في بعض الجهد الذي نكتبه عن جماليات إبداعات بعض مبدعي بلادنا ، حيث قالت: يقول المثل السوداني ( بعد التعديل) - أن بطن الإغتراب بطرانه- فهي إما أن تلد إبداعاً أو000تلد إبداعاً (برضو) ، ولم نكن ندري أن الإغتراب يفجر مثل هذه الطاقات الإبداعية … ولم نحس مطلقاً بجمال كتابات أشعار وألحان مبدعي السودان إلا بعد أن ظللنا نتابع القراءة الجديدة لتلك الأعمال (إنتهي)0 وبالطبع أرسلت لها الرد علي هذا الإطراء الجميل الذي أتي دافئاً من داخل السودان عبر الإنترنت ، وحمدت الله علي نعمة هذه التقنية المتقدمة التي أتت بهذا التواصل السريع000إننا فعلاً نعيش عصر العولمة وتمدد المعلومات 0

    وهنا أود أن أشير إلي تلك المواقع الإبداعية السودانية علي الإنترنت وهي ( الغابة والصحراء، ومجلة مشاعل اللتين يصدرهما المهندس هواري حمدان هجو ورفاقه من السعودية وهو من أبناء قرية ودكري بريفي المسلمية ، وأيضاً موقع ودمدني الإبداعي الذي أسسه المبدع أبوبكر المبارك بالسعودية أيضاً ، ثم سودانايل التي ولدت عملاقاً بطرحها اليومي للحدث من قلب الخرطوم عبر الإنترنت)0وهي مواقع تحتوي علي الكثير من أعمال أدبائنا ومبدعينا وحتي طريقة إخراجها علي (الويب) فيه تقنية جميلة ، بما في ذلك صور وأعمال الكروان الراحل التي أصبحت قاسماً مشتركاً في كل مواقع الإنترنت السودانية:-

    شعراء الغابة والصحراء www.sudanpoem.8k.com

    مجلة مشاعل الثقافية الشهرية www.mashael.8k.com

    ودمدني الجميله ثقافية إجتماعية www.wadmadani.com

    صحيفة سودانايل اليومية من الخرطوم www.sudaneseonline.com



    ونحن عندما نتذكر هذا الإنسان .. مصطفي سيد احمد في ذكري رحيله في يناير من كل عام .. نتذكر كل الدور الإبداعي الذي خلفه وراءه ثم رحل ، رحل دون أن يحقق أمنيته في العودة الهانئة إلي تلك الديار الرحبه بأهلها 0نعم.... يظل هاجس كل الناس .. هو الحبيبه الوطن.. هو حب وعُشق ووجد وهموم كل أهل السودان الأوفياء ، تلك الحبيبه .. هي العُشق المستديم .. هي كل هذا وذاك .... نعم الوطن الذي نري ملامحه في كل خفقه من خفقات قلوبنا .. وقد تركه معظم صفوة أهله إلي مهاجرقريبة وأخري بعيدة .. (بعيده شديد) ، ولا أمل في العودة .. تركه بعض شبابه المواكب للتقنية المتجددة في كل لحظة ، والمتفتح إلي حضارات تكنولوجيه تستصعب العوده بعدها إلي ضفاف النيل الخالد ..وياخسارة 00لينتهي بذلك قانون (توارث وتواصل الخبرات) داخل السودان ، ومن هنا تبدأ الكارثة 00 وهل ياتري قد إستغفر الله تعالي أصحاب فكرة تنفيذ وإخراج قانون الإحالة للصالح العام بمثلما إستغفروه مؤخراً أصحاب إبتكار بيوت الأشباح ، والتي لن تنسي بسهولة وستظل واحدة من أسوأ الفترات في تاريخ السودان الحديث وغير قابلة للتجميل مطلقاً 0

    نتوقف هنا ، لنواصل الرحلة .. رحلة عطاء الكروان مصطفي سيد أحمد ومجمل شعرائه المبدعين ، ذلك العطاءالذي سيظل محفوراً في ذاكرة الزمن ، فإلي الحلقة القادمة0



                  

02-12-2005, 11:23 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: Kamel mohamad)

    الحلقة الرابعة

    كروان السودان الراحل

    بقلم : صلاح الباشا... الدوحة
    مصطفي سيد احمد والغناء للوطن


    تحدثنا عرضاً في الحلقة الماضية عن تداعيات وآثار هجرة العقول والكفاءات وأهل الإبداع بعيداً جداً عن السودان ، حيث كنا قبل هذه الهجرات المتعددة الإتجاهات في هذا الكون الواسع الذي قطعه السودانيون طولاً وعرضاً وإرتفاعاً أيضاً ، كنا في أزمنة ماضية مغمضي الأعين ونعمل بكل همة داخل دهاليز مكاتبنا ودواويننا وجامعاتنا ومعاملنا وورشنا وقاعات إجتماعاتنا داخل البلاد 0ثم بدأت الأجيال بعد الإحالة للصالح العام ( الخاص) الذي بدأ منذ عهد النميري وإستمر مسلسله بعد ذلك حيث إزداد كثافتة الهائلة في عهد الإنقاذ بكل وضوح، ولم يجد من يقوم بإلغائه عبر ثلاثة عقود متواصلة إلي أن فقدت البلاد أعز ماتملك من كفاءات ،وربما لن تعود لأن الغبن والحسرة قد أخذت مداها طويلاً في نفوس أولئك المتضررين وذويهم فضلاً عن ترحيب دول المهجر بهم للإستفادة من كفاءاتهم ( الجاهزة) التي لم تصرف عليهم الدول المضيفة شيئاً في تأهيلها ، ولا ندري كيف فاتت تلك الخسائر علي فطنة أهل الإسلام السياسي بالسودان ومستشاريهم المتزمتين، حيث لم يستطع أصحاب الولاء من سد ماتقوم به تلك الكفاءات المتجردة من الهوي والمتمكنة مهنياً حتي اللحظة فإنتهت شعارات( القوي الأمين ) المفرغة إلي فساد وإنهيارات في شتي مرافق الدولة ، ثم بدأت تلك الأجيال المهاجرة والمتميزة تسحب بعضها بعضاً سحباً شديداً من العالم القديم الذي كنا نعيش فيه ... إلي العالم الجديد الذي أصبح ملاذاً سهلاً بعد أن كان الذهاب إلي ذلك العالم المتقدم يعتبر من رابع المستحيلات إلا للبعثات الدراسية فقط ، وكان (بُعد السَّما) في أن نفكر مجرد تفكير في مثل تلك الهجرات ، إلي أن ظهر اللوتري الذي سيطر علي الموقف ومعه الريسيتلمنت ( إعادة التوطين) في كل دول العالم والتي لم تصدق أنها ستجد كوادر جادة ومتميزة وخلاقة مثل هؤلاء السودانيين ، فوجد الناس التربه الخصبه للهجرة النهائية ،وقد إتخذها السودانيون ملاذاً بعد الإحالة للصالح العام (الخاص) الذي سيظل صداه السالب يدوي عبر التاريخ و يتمدد لأزمنة طويلة قادمة ، وسيظل موثقاً في سجلات التاريخ السوداني بأنه من العلامات المظلمة التي مرت علي الوطن في فقده لهذه الكوادر بكل تخصصاتها المهنية المتقدمة والنادرة والتي لايمكن تعويضها بسهولة ، ونخشي أن تتواصل تلك الهجرات المكثـفة لتترك الوطن الحبيب واحة خاويه ، ولكن ربما يكون واحة وارفة الظلال لشعوب دول أخري في وسط وغرب وجنوب القارة كي يستمتعوا بما يختبيء من الخيرات القابعة في باطن أرض بلادنا الواسعة ، وحينما ترغب هذه الطيور المهاجرة في العودة إلي الديار ، ربما تحتاج إلي كفيل سوداني وربما يكون هذا الكفيل هو وافداً قد أصبح (سيد البلد ) في السوق أو أصبح (مسؤولاً هاماً ) في الدولة ولو بعد حين. وعموماً فإن التقنية المتقدمة السائدة الآن في كافة أرجاء المعمورة ، مع توفر حرية وحقوق الإنسان التي أصبحت سمة للنظام العالمي الجديد بكثافة عالية وبائنة، إن لم تجد مايقابلها من مثيل لها داخل بلادنا ، فإن الهجرات سوف تطول وستظل تسحب كل أجيالنا المتميزة نحوها وتغادر إلي غير عودة طالما أنها ستجد مجتمع سوداني في كل حميم ومتضامن في المهاجر0وعلي أية حال ....نأسف جداً لهذا الخروج الإضطراري-كعادتنا أحياناً- حينما تسرقنا الأفكار من الموضوع الأساسي إلي تفرعات تأتي عرضاً، فماذا ترانا نقول للقاريء العزيز في مثل هذه الحالة ؟ فليعذرننا ، فالسبب هو هاجس الوطن الحبيب الذي لن يمنعنا أي كائن من كان في أن نشاركه نعمة العشق والحب المستديم لهذا السودان والخوف عليه دوماً00 وسيظل السودان ملكاً لكل أهل السودان وليس حكراً علي القلة من أهل السياسة السابحين في الوهم ، وسيثبت الزمان ذلك ، ولننتظر…وهنا تذكرني طـُرفة الراحل الظريف دكتور عوض دكام الذي كان يقولها دائماً(بجي الخريف .. واللواري بتقيف)0

    وقد قال لنا أصدقاء كثيرين بأن هذا الخروج الإضطراري في مانكتبه أحياناً بالصحف هو أجمل الإضافات للموضوع الأساسي ، وقد قال لنا أحدهم بأنها تقنية جديدة في الكتابة في مجال الفنون والآداب حيث أن الفن إن لم يتم توظيفه لعكس هموم الناس وقضاياهم الحياتية فإنه يصبح فناً لا طعم له ولا رائحة ، أي يصبح ( ماسخاً تماماً) ، وهنا يظل الحكم للقاريء0

    أما إذا تحدثنا عن مدي حب وتقدير شعب السودان وشبابه المتعلم لكروانه الراحل مصطفي سيد أحمد ، فإننا لن ننسي مطلقاً كيف كان إستقبال أهل السودان لجثمان الراحل عند وصوله من الدوحة في ذلك الصباح البارد من يناير في عام 1996م ، وقت كنت هناك ..
    نعم000كنت متواجداً وقتذاك بالسودان كشاهد عيان عند وصول نبأ رحيل الفنان مصطفي سيد أحمد في ذلك اليوم ، وتحديداً كنت في مدينتي ودمدني الجميلة ، تلك المدينة الهادئة ليلاً ونهاراً والتي أشعر فيها بإطمئنانِِ وحنانِِ ودفيءِ لاحدود له، حيث كنت أدخل إلي سوقها الكبير بإنتظام صباح كل يوم ، أحضر إليها من مقر سكني في( بركات) حيث رئاسة مشروع الجزيرة هناك في تلك المنطقة الجميلة المخضرة، ساعياً وراء الرزق اليومي بسوق ودمدني 0 وفي ذات صباح وقد كنت ماشياً بشارع السوق الكبير الرئيسي بمدينة ودمدني والذي يسمي شارع (إتجاه واحد ) بالرغم من أن قد تم تغييره قبل عشرين عاماً إلي إتجاهين لسير السيارات إلا أنه ظل يحتفظ بإسمه القديم ( إتجاه واحد) وهويمتد من بوابة السكه الحديد بنهاية شارع بركات-مدني حيث يعبر السوق ماراً بصينية المستشفي والبنوك ودكاكين الإجمالي، وينتهي بمبني المديرية(الولاية) علي شارع النيل الأزرق الخالد أو (شارع البحر) كما يحلو لسكان المدينة ان يطلقوا عليه ، كنت استمع في طريقي في ذلك الصباح مسجلات الكافتيريات وقد كانت تدير شرائط كاسيت محددة في مسجلاتها حيث أصبحت موضة بث الأغاني والمدائح منتشرة منذ فترة في كافتيريات بيع المشروبات الباردة والسندوتشات في كل مدن السودان لجذب الزبائن ، وقد كانت تلك المسجلات تبث أغاني مصطفي سيد احمد في ذلك الصباح المبكر، فتسمع هنا 000نبقي نحن مع الطيور المابتعرف ليها خرطة 000ولا في إيدها جواز سفر0 وهناك تجد : نمشي في كل الدروب الواسعه ديك00والرواكيب الصغيره تبقي أكبر من مدن0 وتنطلق من كافتيريا أخري : نحن باكر ياحليوه لما أولادنا السمر000يبقوا أفراحنا البنمسح بيها أحزان الزمن0 وينبعث صوت مصطفي من موقع مشروبات آخر: حاجه فيك لا بتبتديء ولابتنتهي 000خلتني أرجع للقلم00 وأتحدي بالحرف الألم 0000ولازلت مواصلاً سيري راجلاً في ذلك الشارع وسط ذلك السوق العريق بودمدني تجاه البحر، فيأتيني أيضاً صوت مصطفي سيد احمد فتساءلت في نفسي: ماذا هناك00؟؟ لماذا كل هذا البث المكثف لأغاني هذا الفنان في كل المحلات في هذا الصباح؟؟ 000وتتواصل الأغاني : إيد مبسوطه تقابل الحناء 00نغم الليل السال شبال ..وفي موقع آخر: حلوه عينيك زي صحابي.. عنيده كيف تشبه شريحتين من شبابي.. حلوه زي ماتقول ضيوفاً دقوا بابي .. وفرحي بيهم سال ملأ حتي الكبابي، وتتواصل الأغاني بكثافة واضحة ، وعند وصولي إلي المكان الذي اجلس فيه يومياً بعمارة الدمياطي بسوق ودمدني في مواجهة حديقة سليمان وقيع الله الوارفة الأشجار والظلال حيث يوجد موقع المكتبه الوطنيه (بيع الصحف)00وقد كانت البضائع التي أتاجر فيها تأتيني من الخرطوم في موقع دكان (حسن الإمام) المشهور بتجارة القماش الفاخر سابقاً ، وقد إستأجر ذلك الموقع أحد أقربائي، فجلست معه ولاحظت الإزدحام من الشباب بالذات نحو مكتبة الجرائد الرئيسية في المدينة بطريقة ملفتة للنظر، فخطوتُ نحوها لأستطلع الأمر ولأشتري جرائدي، فكان الخبر الرئيسي لمعظم الصحف تنعي للشعب السوداني رحيل الكروان(مصطفي سيد احمد) بالدوحة وسيصل الجثمان بعد يومين0 وعندها عرفت سبب تشغيل أغنيات مصطفي في كل الكافتيريات في ذلك الصباح حيث تم إلتقاط الخبر من نشرة أخبار راديو أم درمان الصباحية وبالطبع فإن ذلك الإهتمام يدل علي حقيقتين:

    *الأولي:- أن للراحل شعبية واسعة لا تخطئوها العين وسط الشباب وخصوصا في أوساط طلاب الجامعات والثانويات من الجنسين حتي هذه اللحظة0

    *والثانية:- أن الشعب السوداني شعب يمتاز بحس راقي وبنوع من الحنية ورقة القلب والمشاعر والتأثر البائن برحيل رموزه الفنية والرياضية أو الأكاديمية ، فيعبِّر عن تلك المشاعر بوضوح شديد ، ويبدأ في سرد مآثر الراحل مهما كان موقعه، ولكن وبالمقابل فإن هذا الشعب لا يهتم كثيراً إذا كان من رحل قد سـبّب له أذيً واضحاً ذات يوم فيقلب له (ظهر المجن) ، فهو شعب لايجامل في التعبير عن مشاعره الحقيقة تجاه أي حدث0

    ثم توالت الأحداث بعد ذلك ، فكانت الجماهير الغفيرة تذهب يومياً لمطار الخرطوم لإستقبال الجثمان ، وكانت الصحف تنشر صور الطلاب والطالبات وهم يربطون أربطة سوداء علي الرأس رمزاً للحزن ، وبعضهم يكتب أسماء أغنيات الراحل علي تلك الأربطة ، وقد كانت ظاهرة غريبة في الحياة الإجتماعية السودانية ، كما لاحظنا وجود لافتات يحملها الطلاب مكتوب عليها عبارات الحزن لرحيله، فكانت ظاهرة تستحق فعلاً التأمل والبحث ، حيث أنها المرة الأولي التي يحدث فيها إنفعال شبابي لهذه الدرجة ، فالكثير من المطربين رحلوا عن دنيانا وسيظلوا يرحلون ، وهذه سنة الله في الأرض ، ولكن التعبير بالحزن عند رحيل الفنان مصطفي سيد احمد كان تعبيراً كبيراً ولافتاً للأنظار0 ووصلت مبيعات البوماته الغنائية أرقاماً قياسية فيما بعد ، بل لاتزال تلك الكاسيتات تباع بكميات هائلة يومياً داخل الوطن وخارجه ، وهي ظاهرة تشبه تماماً لحظات وصول جثمان العندليب عبدالحليم حافظ من لندن 0 و صحيفة (الدار) السودانية مثلاً كان لها قصب السبق في مواصلة نشر المعلومات والمقابلات مع أصدقاء الراحل في الداخل والخارج لعدة أيام بعد إنتهاء أيام العزاء0ولقد كانت مراسم دفن جثمان الراحل قد أخذت حيزاً كبيراً في الصحافة السودانية حيث تدفقت الجماهير صوب قرية( ودسلفاب)بمحافظة الحصاحيصا بولاية الجزيرة منذ الصباح الباكر لوصول الجثمان ، وكانت أرتال السيارات كثيفة من مطار الخرطوم بشارع مدني صوب الجزيرة فاصبح ذلك الشارع الذي يبلغ طوله مائتي كيلو متراً مزدحماً في ذلك اليوم،وإستقل الطلاب كل بصات السوق الشعبي ، وقد أقام له الشعراء والمطربون والطلاب حفل تأبين ضخم أتي له معظم أهل الإبداع ( الشجعان) من الخرطوم، ولاندري الحكمة في مقاطعة الأجهزة الرسمية لذلك الحدث في ذلك الزمان، ولعلها كانت أدبيات المزاج الشخصي المتزمت والتي إضمحلت ثم إنسحبت من الساحة الإعلامية الآن ( والحمد لله).

    وخلاصة الأمر، أن هذا الراحل مصطفي سيد احمد كان يتغني بآمال كل الناس ، وكان يدقق في إختياراته للأعمال التي يؤديها ، وكانت له شفافية عالية تكشف له مضامين الشعر وأهداف الكلمة، وبالرغم من أن البعض كان ولايزال يفسِّر إختياراته من القصائد بأنها ذات أفكار محددة ، إلاّ أن واقع الحال ومن خلال محاولة فهم تلك المفردات فإنه سيكتشف أن الراحل كان يتغني بآلام وآمال كل الناس ويعمل فنياً علي نشر كل القيم الجمالية والنزيهة والمحببة لدي قطاع كبير من جماهير شعبنا ، ولم يحصر نفسه في لونية معينة من التفكير ، ولم يصرِّح هو بأي إنتماء ، فلقد كان فناناً يخاطب الناس بأحاسيسه هو ، ويصل إلي عقولهم وقلوبهم بطريقته الخاصة التي يرسلها في شكل ترانيم والحان شجية تتوشح برداء السودان وتمنيات الخير لأبنائه0 وهذا هو السبب الذي أكسبه هذا الزخم المكثف من الإعجاب الجماهيري اللا محدود سواءً في حياته أو بعد رحيله إلي دار الخلود0 وتتواصل الذكريات ،،،



                  

02-12-2005, 11:26 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: Kamel mohamad)


    الحلقة الخامسة


    كروان السودان الراحل

    بقلم : صلاح الباشا... الدوحة
    مصطفي سيد احمد والغناء للوطن


    نواصل سياحتنا غير المتعمقة في بعض أعماله التي كان يصدح بها طوال مسيرة حياته الفنية التي إنتهت بآلام الفشل الكلوي كما نعلم رغم أنها لم تثنه عن تنفيذ العديد من الاعمال الغنائية التي إحتلت مساحات واسعة في عقول وقلوب الجماهير حتي اللحظة وربما تستمر أضواؤها ساطعة لفترة طويلة من الزمان ، فهي كما قلنا في بداية هذه الحلقات إنها لاتحتوي علي الكلام المبتذل ، وشعراء تلك القصائد عرفوا بإلتزامهم الشديد لجانب الصدق في التعبير والإرتفاع بالذوق العام للمستمع في أي مكان، وقد كتبوا من أجل مصطفي العديد من روائع الشعر الغنائي ، وهو المطرب الواحد الذي كتب له أكثر من خمسين شاعراً مشهوراً.

    وكنت خلال إستماعي من وقت لآخرلأعمال مصطفي سيد أحمد أعجب لدرجة عالية بكلمات

    الشاعر والسمرحي الضخم يحي فضل الله الذي هاجرمؤخراً بعيداً إلي كندا شأنه شأن كل المبدعين والمهنيين الذين ضاقت عليهم أرض بلادهم بما رحبت خلال سنوات العتمة المؤلمة حين قال:

    ياضـُلنا000المرسوم علي رمل المسافه

    وشاكي من طول الطريق

    قول للبنيه000الخايفه من نار الحروف

    تحرق000 بويتات الفريق

    قول ليها000ماتتخوفي

    دي النسمه000بتجيب الأمل

    والأمل000يصبح رفيق

    والأصلو000في الخوف إندفن

    لابنتهي000منـُّو الحريق000ياضُلنا0

    كما تغني الراحل بأغنيه وضع لها إيقاعات خفيفة 000رشيقه000تبعث في النفس هدوءاً وإنسجاماً وراحة تامة ، لأنها تخاطب فينا أشياء جميله ، وهي قصيدة المبدع المسرحي قاسم أبوزيد (قولي الكلمه) ويصاحبها في الأداء كورال ناعم بترددات صوتيه منسجمه وهادئه :_

    وادي الفرح000 إمتد مساحه

    نادَي الأمل000 الجوه عيونا

    شوق الشوقن000جدّد تاني

    باقي أحلامنا000جدار من كونا

    نار الإلفه 000البينـّا سنين

    صحّت فينا000 أحلام يوم باكر

    غيم الأمل000الشارد يوصل

    وإنتي معانا000في عمق الخاطر

    إيد مبسوطه000تقابل الحناء

    نغم الليل000السال شـبّال

    نخله تغازل000 في عيون طفله

    طفله 00وحفله00ورقصة فال

    وهذه كما نراها ، لغة جديده ولون جديد في الطرح الشعري الغنائي بالسودان، ترتفع بالذوق وتقتحم مساحات ضخمه جداً من الجماليات وقد وضع لبناتها كل مبدعينا في شتي الحقب الأدبية بالسودان ، وكان مصطفي سيد احمد مرفأً واسعاً يسع أفقهُ تفريغ كل هذه الشحنات الكبيرة من الشعر في ميناء خياله الرحب0 ولذلك فقد أحبه الناس لقبوله التحدي في توصيله لرسالة الفن الراقي لجماهير شعبنا المثقف والمحب للفن الراقي بطبعه0

    ثم يأتي الشاعروالمسرحي أيضاً (خطاب حسن احمد) في البنت الحديقه تلك القصيده الجميله التي تتوسط أعمال الراحل مصطفي وقد قال فيها:_

    حتجي000 البنت الحديقه

    فارده أنسام000في طريقا

    وشايله ألوان

    حتجي000 المن بدري جات

    من ظلامات السكات

    شايله000قمرين في عيونا

    وفاتحه000ليلين بجنونا

    وطاويه000ساحات الزمن لي فجر فات

    وتنتمي لعصور جديده

    حتجي000البنت البريده

    ضاحكه000منتصره وعنيده

    عامله000مزدهره وجديده

    ناقشه000في الزول أغنيات

    حتجي000المن بدري جات

    من ظلامات السكات

    ناسفه000أزمان الثبات

    واصفه000للناس الطريقه

    وللعصافير000الجهات

    وعند رجوعنا إلي أعمال مصطفي التي تغني بها في سنواته الأولي بالخرطوم ولازالت مسجله بالتلفزيون كانت أغنية الشاعر (أباذر الغفاري 00أين هو ياتري؟؟؟) حين كتب:_

    في عيونك000 ضجة الموج والهواجس

    وريحة الموج البنحلم000فيهو بي جية النوارس

    فالكروان الراحل مصطفي سيد احمد تغني للعديد من الشعراء ، فهناك صلاح حاج سعيد ذلك الشاعر الضخم الذي رافق مسيرة مصطفي منذ بداياته الأولي حيث نجد (قمر الزمان) فكانت إحدي روائعه المتميزة و التي أعاد بها الشاعر شريط من الذكريات يكتنز في داخله لمحات من الماضي الذي يشتاق إليه كل إنسان ، وكانت مفرداتها تقول:

    كتبت ليك00لا بيني بينك ريده

    لا قصة غرام

    إخترت ليك 00أجمل حروف

    وسط الفواصل00نادره في لغة الكلام

    لا قصدي ألهو معاكِ 00بكلمات غـُنا

    لا شِعري ليك 00مرجيحة من شَعر الغمام

    كتبت ليك00والله ياقمر الزمان

    شان جيتي 00بزمن المَحنـّه

    وشفت بعينيكِ00حِس أهلي القـُدام

    كتبت ليك000وأنا جايي من زمن الشقا

    المرسوم علي وش السواقي مِظللا

    تتمدد الساعات سنين

    تتفتح الأحزان 000غريبه ومذهله

    وأشتاق أفتش نسمه00في الزمن العذاب

    وأيامي000من كـُتر الأسي

    وكـُتر العزوف000والإغتراب

    صارت حروف 00مترهله

    لحظات أسيفه000ومُهمله

    *** فهي لغه تتفجر عطاءً ثراُ ، وقد تمكن الراحل مصطفي سيد احمد من توصيل هذا الكلام الجديد للناس بحسِّه الراقي وبأُفقه الموسيقي المتمدد الرحب الذي لولاه لكانت مثل هذه المفردات الجديدة مكانها دفاتر مبعثرة في بيوت الشعراء ، ورحم الله مصطفي ، فقد كان بحق يعكس مدي العمق الفكري الإبداعي الذي إكتسبه من مهنته الأولي كمعلم ومربي للأجيال ومن تجربته الثانية كدارس للموسيقي من الناحية الأكاديمية 0 ومن جهة أخري نجده قد إستصحب معه كل قراءاته الخاصة وإطلاعاته المتعدة وعمق فكره الوطني المتجرد والمستنير ليقوم بتوظيف كل تلك الملكات في إخضاع هذا الشعر لتجربة ألحان أتت وهي تمتليء بدفقات كثيفة من الإبداع الذي يجبرنا أن نستوعب دقائق تفاصيله0

    كما تغني برائعة هاشم صديق (حاجه فيك ) والتي سكب فيها هاشم عصارة تجربته كي يخرجها لنا في هذا الإطار المطرب:

    حاجه فيك ...

    تقطع نفس خيل القصائد

    تشده أجراس المعابد

    توهتني.. جننتني .. عذبتني

    جننت حرف الكلام

    وبرضو .. أدتني السلام

    حاجه .. زي ماتقول ..

    محلـِّق في العواطف

    وفجأة .. تهبط في السكون

    حاجه زي نقر الأصابع

    لما ترتاح للموسيقي

    حاجه فيك ..

    لا بتبتديء... لا بتنتهي

    خلتني أرجع للقلم

    وإتحدي بالحرف الألم

    وأضحك معاك.. زمناً عريض

    وأعرف متين أبقي المطر

    وأفهم متين أصبح حريق

    كل هذه المفردات كانت تأتي تتهادي بكل خيلاء من قلب الخرطوم إلي الكروان في مهجره القسري بالدوحة حين كان العلاج يستوجب عليه عدم المغادرة ، فرضي بقدره المكتوب له وبدأ يرسل كل إبداعاته لتصل إلي شعب السودان في كل أركان الدنيا 0وتتواصل الذكريات مع الرحلة الإبداعية لكروان السودان الراحل في الحلقة القادمة.


                  

02-12-2005, 11:28 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: Kamel mohamad)

    الحلقة السادسة


    كروان السودان الراحل

    بقلم : صلاح الباشا... الدوحة
    مصطفي سيد احمد والغناء للوطن


    أنتج الكروان فنياً في سنواته الأخيرة معظم الأعمال الشعرية الرمزية الراقية التي كتبها إبن (نوري) المقيم بالسعودية محمد الحسن سالم ( حُميد) ، ذلك الشايقي الذي كتب شعراً كثيفاً يحمل بين جوانحه كل الحب للحبيبة ( الوطن) ، وقد كتبه فأتي يفيض بكل ألوان الجمال المتناثرة هناك كحبات اللؤلؤ في السودان الغالي ، السودان الوطن الحدادي مدادي كما قالها محجوب شريف ذات يوم. فقد تغني الكروان للحبيبة الوطن من أشعار المبدع ( حُميد) لطيبة التي نخالها فتاة سودانية تستحق مفردات الوجد ، ولكن تصبح (طيبة) الأغنية والأهزوجة هي كل أرض السودان بلا إستثناء:

    كل ماتباعد بينا عوارض

    كل ماهواك ياطيبه مكنـِّي

    تلد الغربه.. القـُرب الواحد

    وبيك أسمِّي الشوق.. وأكنـّي

    لما أفوتك من دون خاطر

    أو دون خاطر مني تفوتي

    بلقي حبايب في كل حته

    وكل بيوت الفـُقرا بيوتي

    ولعلنا في تلك الأبيات نلاحظ أن الأشواق قد إستبدت بالشاعر في حراكه وصراعه المرير مع آلام الغربه وتيارات الأشواق للحبيبه ( البلد) ، وهو هنا يعبر عن كل تراكمات المعاناة التي تمددت في ساحة الوطن ، ولذلك فقد كان الكروان لها ، فأنجز لحناً متنوع المقاطع والنقلات الإيقاعية لأغنية (طيبة ) ، وبالتالي فإن الشاعرحميد حين كتبها فإنه كان علي ثقة بأن الكروان سيبذل قصاري جهده ليسمعها الناس بتلك الترانيم الشجية ، لتتواصل المفردات الطيبه حين يصف أطفال السودان الذين ضغطهم حزام الفقر وقسوة ومظالم ما يسمي بتحرير الإقتصاد وقد هدّ المرض أجسادهم تماماً فيقول في ذلك:

    تبن الشوق الصبرو.. مصوبر

    للأرياف الكم وفتني

    للأطفال الناشفة ضلوعها

    ونازفه .. بغني

    أطمِّن روعها.. وأهدِّي دموعها

    ببسمة بكره.. اللاها تمني

    ولامصنوعه

    للأطفال الناشفه ضلوعها

    ونازفه ... بغني

    أغني لشعبي.. ومين يمنعني

    أغني لقلبي .. إذا لوّعني

    واريت غنواتي .. في ناس شغاله

    تكون سنداله..وعود طوريه

    ضراع رجّاله.. كتاب اطفالا

    وجملة بالها.. المامكريه

    بَقـّت فالا.. وسدّت مالا

    في ليلة الدُخله.. علي أسمَى قضيه

    وتتواصل تلك الملحمة التي تحكي عن قضايا أمة وتعكس هموم شعب ، ممزوجة بمعاناة الأطفال الناشفه ضلوعها.

    ومن ذات الأفق .. أفق الغربه المؤلم ، يطل علينا أيضاً دكتور بشري الفاضل من مهجره بمدينة جده ليكتب للكروان عملاً فيه كثافة وجد وزحمة عُشق وحزمة أشواق ومعاناة جيل بأكمله ، عمل شعري رفيع وفيه مفردات أيضاً جديدة ، فهي تأتي وقد كساها جمال التعبير المرهف ، فيختلط الوطن بالعشق النبيل ، فكانت تلك الأغنية الرشيقة:

    نفسي في داخلِك أعاين

    وأروي روحي وأشوف منابعك

    الصحرا ء في عينيّ تتواثب جناين

    ماخده صوتِك من جداول

    وشايله صورتِك من كهارب

    مولداً .. ميدانو حافل

    كل ما يصبح تجيهو الناس جحافل

    ياسلام.. ياسلام

    ****

    ألم نقل أن لغة شعراء السودان قد دخلت في تطور رمزي جديد ، ألم نلحظ فيها أن الشعر قد إمتزج بقضايا الناس الأساسية وقضاياهم العاطفية في نفس الوقت ، وبذلك نكون نحن شعباً متفرداً في التعبير تحت أكثر الظروف صعوبة عن أشواقنا للحبيبة ( الفتاة) والحبيبة( الوطن) حتي أصبحنا لانفرق بين الإثنين ، وهذا هو جمال الإبداع السوداني المتميز، ولذلك فقد سكن هذا الغناء الرفيع داخل كل بيت في السودان الماهل الواسع ، بل في كل المهاجر التي وصلها السودانيون إبتدا ءً من براري كندا وحتي نيوزيلندا .

    وتتواصل إبداعات د. بشري الفاضل مع أنغام الكروان في ذلك اللحن الرشيق لنري كيف تتم مخاطبة (مشروع الشوق) ممزوجاً بمعاناة الناس في الشوارع:

    لما تعبـُري في الشوارع

    شوفي كيف الناس تصارع

    شوفي كيف.. شوفي كيف

    ناس تطفـّر... وناس تدفـّر

    في البشابي علي نجومِك

    وفي البـِخُب.. كايس تخومِك

    وكل زول .. من عند سُلافك

    لا.. لا.. قال دايرلو.. كاس

    ياسلام .. يا سلام

    ثم تدخل القصيدة في مسار آخر ، وتنتقل إلي أرقي درجات العُشق ، وكان الكروان يترجم تلك المفردات العجيبة ويكسبها لحناً رهيفاً يخاطب مشاعر الناس بتلك الترددات الكورالية حيث تقول الكلمات هنا:

    مرة طربان .. شلت صوتِك

    شان أغني

    وقلت آه ياليل وآه

    آه وآه .. ياليل وآه

    إنتِ أول .. وإنتِ تاني

    وإنتِ تالت.. وإنتِ رابع

    نافره زي صيد الخلا

    وساقيه زي نبع المنابع

    وقلتِ لي .. غناي خلاص

    ياسلام.. ياسلام

    ولازال لتلك الأغنية الرشيقة بقية من جمال وقد إختتم بها الشاعر د. بشري الفاضل لوحته لتكتمل زينتها ، حيث نري وصفه لعيون الحبيب بتوظيفه ملامح فرحة أهل السودان بقدوم الضيف ، وفرحته أيضاً بجمال خلق الأصحاب وحسن معشرهم ، فكان بذلك يرسم لوحة إبداعية في عملية الربط بين فرحتنا بقدوم ضيوفنا ، بطريقة لم يتم طرقها من قبل في لغة الشعر الغنائي ، ولنري ذلك:

    حلوة عينيك... زي صحابي

    عنيدة كيف!!

    تشبه شريحتين من شبابي

    وزي عنب طول معتق ..في الخوابي

    وسمحه.. زي ماتقول

    ضيوفاً .. دقوا بابي

    وفرحي بيهم سال ملأ

    حتي الكبابي

    ولا نريد هنا أن نضيف أي تعليق عن هذا الجمال الذي أظهره لنا الكروان الراحل.

    أما إذا تحدثنا عن أجمل ماكتبه شعراء السودان للكروان من داخل الوطن ، فإننا يجب أن نتوقف طويلاً لنتأمل مفردات ذلك الشاعر الذي ظل علي الدوام يعبر عن هموم (الغبش) منذ أن بدأ كتابة الشعر ، فهو بلاشك مزارعي الملامح والنشأة ، نتوقف عند إبن الجزيرة الشاعر محمد طه القدال المشهور شعبياً بالسودان بشعره المنتمي لقضايا جماهير الريف السوداني حين كتب تلك التي كم كان يغرد بها ذلك الكروان الراحل مصطفي سيد احمد :

    بقول غنوات.. واقول غنوات

    في البلد البسير جنياتها .. لي قدّام

    وللولد البتل ضرعاتو

    في العرضه..

    ويطير في الداره .. صقريه

    ولو السمحه .. تلت إيد

    ومدّت إيد

    يقوم شايلاهو .. هاشميه

    وهنا يحكي المبدع القدال عن تراث شعب وتقاليد أمة وأعراف مجتمع لم تتزح في يوم من الأيام عن أدبيات أهل السودان ، لما في ذلك من عراقة ظل يحكيها الشاعر القدال وهو يثق تماماً بان الكروان الراحل سيخرجها للناس في أحلي الثياب اللحنية ذات التطريب العالي ، وقد فعلها الكروان ، حيث وضع لها لحناً إنتقل فيه كعادته إلي عدة إيقاعات حتي تأخذ المفردات وضعها تماماً لتسكن داخل خيال شعب السودان ، وتتواصل مفرداتها :

    يا سمحاتنا هو لبلب

    ويا قمحاتنا هو لبلب

    ويا اللوز الفتق في الوادي

    هو لبلب

    ويا البحر الطمح مدّادي

    هو لبلب

    ويا حجواتنا .. يا صلواتنا

    هو لبلب

    سألتك بالذي ركز الأرض معبد

    وسوّي الفاس عليها مقام

    سألتك بي حشا الأمُّات

    ودمعاتنا

    سألتك بي كبيداتِن

    ودعواتنا

    شليل وين راح

    يكون ضُل الخريف فاتنا

    شليل وين راح

    وزي برق السماك

    الجابها دُغشيه

    وزي زغرودة البطن الكباريه

    مرق من شامة القمرا

    ومقدم بالعديل يبرا

    تعالوا أبشروا .. يا جنيات

    شليل ماراح

    شليل مافات

    شليل عند المسورو حِرق

    بقالو حصاد

    شليل فوق التقانت قام..

    خدار.. وبلاد

    ثم تستمر القصيدة الملحمة في مسارها العجيب ذاك لتبرز كل مجاهدات مزارعي السودان حيث تزدحم الأغنية بمفردات ربما لا يعرفها إلا من كان قريباً من مجتمع المزارعين ويعرف جيداً (الونسة المهنية) لذلك المجتمع الذي تأتي مجاهداته بكل خير الزراعة لشعب السودان ، فإذا نجح الموسم إنبسط الشعب ومزارعوه ، وإن فشلت الزراعة فإن ذلك المزارع ( الغلبان) يتحمل هو فقط حجم الخسائر ، خاصة إن كانت وراء عملياته الزراعية ذلك الشبح المخيف وهي ( المرابحات الإسلامية) العالية الفائدة بواسطة بعض البنوك الشرهة التي أفقرت شعب السودان تماماً وإغتني منها قلة قليلة يكسوها طمع الدنيا ونعيمها الزائل للدرجة التي أعمت قلوبهم وأبصارهم ، فيصبح المزارع المسكين ومعه كل أملاكه في خبر كان.

    وتستمر إعمال الكروان في أداء دورها الخالد في حركة الفنون والإبداع بالسودان ، وإلي الحلقة القادمة ،،،،


                  

02-12-2005, 11:31 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: Kamel mohamad)

    الحلقة السابعة


    كروان السودان الراحل

    بقلم : صلاح الباشا... الدوحة
    مصطفي سيد احمد والغناء للوطن


    من العوامل الأساسية التي جعلت الكروان الراحل مصطفي سيد احمد يلتقط الكلمات الجميلة هي أنه قد كان يمتلك موهبة فائقة ويسكب في القصيدة جهداً لحنياً متميزاً ويوثقها في كاسيتات قبل رحيله حيث أنه كان يعرف أن معاناته ستكون نهايتها الرحيل في أية لحظة ، فالراحل كان يقرض الشعر منذ زمن مبكر ، نعم ... كان مصطفي عليه رحمة الله يكتب شعراً جميلاً قبل أن يظهر في كل الإجهزة في منتصف السبعينات ، وقد تمثل ذلك في تلك الرائعة التي كانت بمثابة مدخل للغناء ، أو كما نسميها في السودان ( رمية) باللغة الفصحي ، وبعدها تأتي باللغة الدارجة أغنيته الخالدة ( غدّار دموعك ما بتفيد ) ، حيث كتب مصطفي في المدخل يقول :

    لا تنبش الماضي البعيد

    ألم تكن يوماً لقلبي..

    واقعاً مجهولا

    لا تنكأ الجُرح القديمَ

    فإنني ودعتُ ليلاً ..

    مظلماً وثقيلا

    وحملتُ روحي في فؤادٍ نازفٍ

    ما زال يحمل نصفهُ مشلولاً

    وخلعتُ أثواب الحداد

    أما كفي إذ صار قلبك

    في الهوي ضِلـّيلاً

    حيث تتواصل تلك القصيدة ليبدع الكروان في الترنم بها كالموشحات الأندلسية ، ثم يدخل بالغناء في الأغنية المعروفة ( غدار دموعك) التي يقال أن شقيقه الأكبر الراحل المقبول سيد احمد المقبول قد بدأ في كتابتها ولكنه لم يكملها ، ثم أكملها مصطفي فيما بعد عقب وفاة أخيه حين كان يقول فيها:

    غدّار دموعك مابتفيد

    لي زول حواسّو إتحجرت

    جرّب معاك كل السبل

    إيديهو ليك ما قصرت

    حطمت في قلبو الأمل

    كل الأماني الخدّرت

    كلماتو ليك ضاعت عبس

    لا قدّمت .. لا أخّرت

    ما كنا وقت الليل يطول

    تشرق نجوموا وتنكتم

    ما كنا....

    ويطل شعاع.. يكشف قناع

    والظُلمه ترحل وتنهزم

    وجفونها .. من طول السهر

    تلبس وشاح .. حُرقه وألم

    نستبشر اليوم الجديد

    ونقول تعود .. إنت العشم

    كيف العشم وكتين يموت

    والغصة تطعن في الحلق

    كيف الحنين وكتين يهز

    لي زول بعيد .. مابتلحق

    عاشت تلك الأغنية بكل مفردات الأسي التي تطغي عليها قد عاشت مجداً طويلاً في منتصف سبعينيات القرن الماضي ، حيث كانت بداية موفقة جداً للكروان الراحل في ساحة الغناء في السودان ، ذلك ... لأنها كانت تحتوي علي مفردات حزن بائن وحسرة واضحة ، وقد أتت متوافقة مع تراث وعادات وأحاسيس شعب السودان في ميله الشديد لهذا اللون من فنون الغناء والذي له ملامح غناء ( المناحات) المنتشر في التراث الغنائي بالسودان .

    وفي غربته القليلة بالدوحة قبل رحيله فيها أتت الأغنيات الرمزية المثيرة ، فهناك ( عم عبدالرحيم) الشهيرة التي كتبها الشاعر ( حميد) وقد كانت تحمل في جوفها كل لغة ( الشايقية) بمفردات نطقها اليت تقلب الهاء ( ياءً) كما نعلم ، وهي ذات طعم لذيذ ونكهة جميلة ، وهناك أغنية شهيق لعاكف خيري ، وأيضاً (لمحتك) للأستاذ عبدالقادر الكتيابي في بدايات مصطفي الأولي ، ثم ( علي بابك) وهي من أجمل ما تغني به الكروان في سنواته الأخيرة لأنها ذات مضامين جديدة ، وقد وةجدت نفسي كثيراً مع لحن ومفردات هذه الأغنية التي ظللتُ أسمعها بإستمرار ومداومة شبه يومية سواء في التسجيل أو في شريط فيديو حفل الكروان الراحل الشهير الذي أقامه قبل وفاته بقليل في فندق شيراتون الدوحة بدولة قطر، ولنري ماهو الشيء الذي وجده مصطفي وشاعرها علي ذلك الباب:

    علي بابك ..

    نهارات الصبر واقفات

    بداية الدنيا .. هن واقفات

    وكم ولهان.. وكم طاير

    بعد نبّت جناحو وراك

    لملم .. حَر ندامتو خُطاك

    قطع شامة هواك .. من قلبو

    إلا هواك... نبت تاني

    علي بابك.. وقف تاني

    الغمائم .. شاقي غصن الليل

    وهي فعلاً فيها كثافة حزن أيضاً بائنة ـ فإن قلنا أنها رمزية ، فبلا بد من أن نسأل ، ترمز لماذا ؟؟ ولقد وصلتُ أخيراً إلي بعض قناعة ربما أكون محقاً فيها أو لا أكون، وهي أن الشاعر ربما كان يعلم بأن مصطفي سيد احمد حينذاك كان يعاني قسوة آلام الفشل الكلوي بعد فشل زراعة الكلية لأول مرة في موسكو ثم حضر إلي الدوحة - وهذه القصة سوف نسردها في الحلقة الأخيرة من هذه الأضواء - و ربما أراد شاعرها أن يرثي مصطفي ، لأنه ربما كان يشعر بأن نهايته قد أزفت ، وقد قيل أن مصطفي أيضاً كان يجد نفسه كثيراً مع تلك الأغنية وكان يؤديها بكمية حُزن هائلة وكان لحنها أيضاً في غاية الهدوء ولا ضجيج لسرعة الإيقاعات في ذلك اللحن، ونواصل مفرداتها :



    مسافر فيها وحداني

    وبدون جنحين

    يغنِّيك.. الهناء المافي

    يغنيلك.. رهافة حِسّو

    ويفني .. علي جديد آمالو

    ويحلم .. بالشتاء الدافيء

    علي بابك .. نبت تاني

    وقدُر ما يمشي..

    في نور الزمن خطوات

    يلاقي.. خطي السنين واقفات

    يلاقي هواك .. نبت تاني

    وعلي بابك.. وقف تاني

    وملأ الساحات

    يرحمك الله يا مصطفي ، فستظل إبداعاتك كما الجبال الراسيات في مسيرة تاريخ الفنون والآداب السودانية كلها علي الإطلاق ، إذ لا يمكن أن يأتي إنسان في ظل ظروف الكروان الراحل وعلي مدي أربع سنوات فقط قضاها متعالجاً بالدوحة أن يقوم بتأليف أكثر من مائة لحن عاطفي ووطني ورمزي يتحدث عن كل معاناة أهل بلاده وشوقهم للحياة المرفهة الرغدة،

    وقد وجد معظم شباب شعراء السودان الوطنيين في الكروان الراحل كل آمالاهم في أن يقوم بتوصيل رسائلهم الشعرية إلي شعب السودان في كل مكان من هذا الكون الواسع.

    ونتوقف قليلاً عند مفردات قصيدة الشاعر الصادق الرضي التي تغني بها الكروان وهي التي إشتهرت تحت عنوان ( غناء العُزلة ضد العُزلة) حيث يقول مطلعها:

    الحزن لا يتخير الدمع ثياباً

    كي يسمي بالقواميس بكاء

    هو شيء يتعري ..

    من فتات الروح

    يعبر من نوافير الدم الكبري

    ويخرج من حدود المادة السوداء

    الحزن فينا كائنُُ .. يمشي علي ساقين

    فالكروان الرحل مصطفي سيد أحمد كان يفهم ويعرف دوره الوطني جيداً ، لذلك فإن شعب السودان لايزال يقدّر تماماً كل تلك الأعمال الإبداعية التي أتت وهي ترسم لوحات للوطن تبرز فيها إصالة شعب السودان وصبره ، وقوة تحمله ، ثم تعرض تلك الأعمال الفنية أيضاَ كمية الوجد العفيف الذي ظل شعراء السودان يحيلون به ظلمات الليل الداكن الطويل إلي صباحات جديدة مشرقة يظللها الأمل بأن المستقبل لا بد أن ينحاز لمصلحة هذه الجماهيرالصابرة التيظلت تضرب أروع الأمثلة في التمسك بحقها المشروع حتي بدأت تهب عليها رياح الحرية التي إنتزعتها إنتزاعاً متمهلاً بعد زوال تلك القبضة الحديدة الستالينية البالغة القسوة والتي وبإذن المولي عز وجل لن تعود أدبياتها بكل سلوكياتها السياسية الظالمة إلي ساحة العمل الوطني مرة أخري ، فالجماهيرقد أعادت بعض حقها بمجاهداتها وبإسنانها الحادة القاطعة ، فكان مصطفي سيد احمد يأمل في تحقق كل تلك الإيجابيات يوماً ما ، ولكن القدر لم يمهله ليري آثار ونتائج آماله التي كتبها شعراؤه بتلك المكنونات الإبداعية التي كانت تدعو إلي كل قيم الخير والجمال لشعب بلاده. ونواصل الأضواء حول إبداعات الكروان الراحل في الحلقة القادمة،،،،



                  

02-12-2005, 11:33 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: Kamel mohamad)




    الحلقةالثامنة


    كروان السودان الراحل

    بقلم : صلاح الباشا... الدوحة
    مصطفي سيد احمد والغناء للوطن


    كما أشرنا من قبل ، فإن الكروان الراحل مصطفي سيد احمد قد كتب له أغنياته معظم شعراء الأغنية السودانية المحدثين من شتي بقاع الدنيا ، ولكن ظل الشاعر الأستاذ مدني يوسف النخلي من أكثر الشعراء إلتصاقاً به في سنواته الأخيرة التي قضاها الراحل بالدوحة حيث كانت من محاسن الصدف أن يكون مدني النخلي يعمل بالدوحة منذ عام 1979م إلي ان أتاها الكروان الراحل في عام 1992م ، ولقد جسلتُ مع الصديق الشاعر مدني النخلي عدة مرات كي أستكمل أهم المراحل التي عاشها مع الفقيد الكروان بالدوحة حيث كان لصيقاً به ،

    كتب الشاعرمدني يوسف النخلي ذات مرة في رثاء الكروان الراحل مصطفي سيد أحمد:

    (( كنا نتوكأ علي عصا الحلم معاً ..وفي هذا الزمان نحترف البكاء علي أطلال الماضي القريب .. آخر عهدي به ..إستمالة الحلم الخيال في أزمنة الرحيل..وأكاد أختزن الدموع لتطفيء كل البراكين المتفجرة من ذلك الوجع الوطن..فكان يرسم صورة موشاة بالإخضرار..ويصغي معي إلي خرير الجداول في حواشات القطن وسنابل القمح وعلف البرسيم بالجزيرة 0وعلي مشارف الحِلة ..البلد، كانت ودسلفاب تفترش الأمل وتتغطي بالنجوم المنثورة علي مداخل السفر في إنتظار عودته.. فإذا به يتوضأ ميمماً وجه السفر الوداع..فيتمدد بطول الوطن وعرضه..ذاك العنيد.. البهي.. الحافي علي أشواك الطريق.. لازال يحترف الغناء0 له الحب ..بقدر الأغنيات الباكيات..الخالدات ..المدهشات 0 ))

    تلك كانت قطعه رهيفه مدهشه كتبها صديقه الذي اصابته الدهشه ولا يزال00لرحيله ( والدوام لله) 0فقد أتي الفقيد الكروان الراحل مصطفي سيد احمد إلي الدوحة في عام 1992م تلبية لإقتراح من شاعره وصديقه منذ عام 1979م الأستاذ مدني يوسف النخلي ، وكان الراحل وقتذاك قد وصل من موسكو التي قام فيها بزراعة إحدي كليتيه الضامرتين وأستقر لفترة وجيزة بالقاهرة ، وعند وصوله إلي الدوحة إنتابته الآلام مرة أخري بعد ثلاثة أسابيع فقط من وصوله ، وعندئذ تم عرضه علي الأطباء بمستشفي حمد العام بالدوحة فقرر الفريق الطبي برئاسة البروفيسور الماهر عمر إبراهيم عبود الذي وقف معه كثيراً ، وقرروا عدم صلاحية الكلية المزروعة من قبل في موسكو فتم إستئصالها ، وبعدها بدأت رحلة غسل الكلي بالمستشفي بالدوحة ، وقد كان الراحل وقتها لايحمل إقامه مستديمه بالبلد وظل يجدد تأشيرة الزيارة في كل مرة ، وبالتالي لن يستطيع أن يتمتع بالعلاج المجاني كالشخص المقيم ، وبدأت فاتورة العلاج تتراكم حيث أن غسل الكلي يتم ثلاثة مرات إسبوعياً وظل التأجيل في السداد يتواصل والتكلفة كانت عالية لاتطاق وهي تكلفة مستمرة وليست لها نهاية ، مما إستدعي الأستاذ مدني النخلي أن يتصل هاتفياً ودون تردد بإبن خالته في جده الأستاذ صلاح إدريس ( الأرباب) رجل الأعمال المعروف، وشرح له كل الموقف بما في ذلك عدم الإستقرار الذي ظل يلازم الكروان الراحل ، فضلاً عن تراكم الإلتزامات الحياتية أيضاً علي زوجته وطفليه المقيمين وقتذاك في الإسكندرية ، وكذلك إلتزامات والدة الراحل وشقيقاته بالسودان ، كل تلك المشاكل تجمعت (حته واحده) علي رأس الراحل الذي لم ييأس ولو للحظه واحده ، بل ظل يواصل عطاءه ويحاول إقامة حفل سنوي في العيد بفندق الشيراتون حتي يتمكن من تغطية جزء يسير من تلك الإلتزامات المتعددة 0 فإستجاب الأرباب كالعهد به دائماً وقام بتغطية كل تلك الإلتزامات (وزياده) ، بل قام بتكليف أخيه مدني النخلي بإستئجار شقة متميزة بالدوحة والعمل علي فرشها لتتناسب مع قامة ومكانة الكروان الراحل ، وقد كان من حسن الحظ أن وفق الراحل بمساعدة الأخوان من الحصول علي إقامة نظامية بقطر، لينتهي بذلك مسلسل العلاج الباهظ التكلفة وليلتفت قليلاً إلي إبداعاته رغم المعاناة التي يواجهها ثلاثة أيام في غسيل الكلي إسبوعياً ، ولقد ذكر الراحل للأخ مدني أن ساعات الغسيل تلك لا يستطيع أحد أن يصف آلامها العجيبة 0

    ولقد شهد عام 1993م محاولة زرع كلي جديدة للكروان الراحل في الهند وتمت الإجراءات اللازمة ووصلت التكاليف من الهند والتي كانت تبلغ آلاف الدولارات التي لا قبل للكروان أو اصدقائه ذوي الرواتب المحدودة بها ، فقام الأستاذ مدني النخلي مرة أخري بالإتصال بأخيه ( وإبن خالته) الأستاذ الأرباب في جده ، ولم تمر ساعات قليلة إلا ويصل التحويل بالكامل إلي الدوحة عن طريق البنك ، ولكن عندما تم عرض الأمر للأطباء وللبروفيسور عمر عبود بالمستشفي فإنهم أوصوا بعدم جدوي الزراعة مرة أخري لأن الجسم لن يقبل الزراعة الجديدة ، فتم توظيف المبلغ حسب توجيهات الأخ الأرباب لأغراض إنسانية أخري تهم الكروان الراحل وقد كانت عديدة بالطبع0

    ولقد عدت بالأخ مدني النخلي لكي يحدثني عن البدايات الفنية الأولي من سنوات الفقيد الكروان بالسودان حيث ذكر لنا أن أول شخص بدأ التعاون معه في كتابة الأغاني هو الأستاذ الشاعر ( صلاح حاج سعيد) والذي ظل منذ عام 1979م متربطاً به حتي رحيله0 وقد كان الراحل قد دخل مهرجان الواعدين بأغنية عارفني منك التي قام بتلحينها الأستاذ ( محمد سراج الدين) ، ثم واصل النخلي حديث الذكريات الأولي قائلاً: أن الكروان الراحل كان يريد تغييراً نوعياً من تراث الشعر المعروف المتداول في الساحة الفنية في ذلك الزمان المشرق ، فبدأ رحلة البحث عن شعراء يكتبون لغة جديدة ( غير مسبوقه) ، كان يرغب في أن يتغني بمفردات متميزة يخرج بها من الطابع المتتداول ، وكان له ما أراد وصبر وصبر حتي أصبح السودان كله يتفاعل مع تلك المضامين الراقية الجديدة بمثلما نشاهده الآن من فنيات متقدمه في الشعر الغنائي الذي أصبح الجميع الآن يفضلونه وتم توديع كتابة الشعر الروتيني السابق الذي ظل جميلاً في أنغام قدماء المطربين لأن له نكهة مميزة تعود بنا إلي أزمنة وذكريات سابقة لها لغتها الرقيقة التي تعبر عن مكونات ظروفها خلال عقود طويلة ماضيةفالشعر – بالطبع- يأتي في كل زمان معبراً عن ظروف حياة الناس الإجتماعية والإقتصادية رغم مزجه بطابع الوجد والعشق00

    يقول مدني النخلي أن الكروان مصطفي في بداياته بالخرطوم إلتقي بالشاعر الرشيد آدم الرشيد في أغنية عنوانها (لو بريدك مالو يعني) وقام بتلحينها الراحل سليمان أبوداؤد ، ولكنها لم تر النور لأن الكروان أراد إجراء بعض التعديلات علي اللحن ، فإختلف هنا مع الملحن ، وقد إلتقي الكروان خلال دراسته بالمعهد بالشاعر والمسرحي والقاص ( يحي فضل الله) الذي كتب له تلك الأغنية الشهيرة ( ياضلنا) التي ذكرناها في حلقات سابقة من هذه السلسلة، ولقد ذكر لي الأخ يحي فضل الله ذات مرة خلال ترددي إلي القاهرة لمتابعة طبعة كتابي ( أهل الإبداع في بلادي) الجزء الاول ، قصة هذه الأغنية حيث ذكر بأنهم وخلال دراستهم بالمعهد قد سافروا إلي الجزيرة في أحد الأعياد لزيارة زميلهم بالمعهد وقتها وهو الأخ ( عادل السعيد) الذي إشتهر بدور شخصية عادل سماحه في مسرحيات ناس المحطة الأهلية أيام زمان بالتلفزيون في فقرة صديقنا القديم الأستاذ محمد السني دفع الله المغترب حالياً بالدوحة وأبوظبي ، وكان عادل السعيد يسكن في قرية الدناقلة شرق ودمدني وعلي مقربة من حنتوب حيث كان اليوم مطيراً ، فكتب يحي القصيدة وهو في الطريق مابين شارع الأسفلت – مدني القضارف- وبين قرية الدناقلة المتكئة علي النيل الأزرق ، ولذلك أتي مطلع الأغنية ( ياضلنا المرسوم علي رمل المسافة) 00ومن هنا نرسل التحية علي البعد ليحي فضل الله في كندا0

    و كان أول تعاون للشاعر النخلي مع الكروان في ذلك الزمان بالخرطوم هو أغنية ( عشم باكر) ، ثم بعدها غادر الشاعر مدني الخرطوم مغترباً إلي دولة قطر.ومن قطر قام بإرسال معظم قصائده إلي الكروان الراحل بالخرطوم مثل: علمي عيوني السفر-وهج الشعاع-لو مثلي هدّاك الحزن-من جديد-واقف براك-أديني إحساس بالأمل- رزاز (لم تظهر للجمهور)- أملنا الباقي 0 وقد كان الكروان الراحل قد قام بتلحين بعض أعمال النخلي وأهداها للفنان خالد محجوب (الصحافة) ، وأيضاً إلي سيف الجامعة0

    يقول مدني النخلي بأن هنالك قصة غريبة حصلت قبل وفاة الكروان بحوالي عشرين يوماً وهي : كان الراحل في ذلك اليوم عائداً من جلسة غسيل الكلي وكان اليوم هو الأربعاء،وبالطبع هنالك مرضي آخرين يغسلون في نفس غرفة الغسيل مع الراحل مصطفي ، وكان احدهم قد غطت طعنات إبرة الدريب علي كل جسمه بحيث لم يبق مكان ليس به ضربة إبرة ، مما يضطر طاقم التمريض بأن يغرزوا إبرة مكان إبرة قديمه ، وهنا يحدث الألم الشديد وقد شاهد الراحل تلك الآلام علي وجوه المرضي ، وعند عودته إلي البيت لم يجد نفسه إلا وهو ممسكاً بالقلم ليكتب مقطعاً شعرياً حول تلك الحادثة ، وقد أسماه ( ضرب الإبرة فوق الإبرة) ثم طلب من مدني النخلي تكملة النص ، ولكن مدني لم يستطع ذلك حتي لا يسبب معاناة جديدة تذكر الكروان بضرب الإبر عند غسيل الكلي، ولكن بعد رحيل مصطفي كتب مدني مقطع قصيدة الراحل ثم أكملها ، وكان المقطع الذي كتبه مصطفي سيد احمد يقول فيه:

    ضرب الإبره .. فوق الإبره

    راسم زي وشم..فوق ساعدو

    كل مايقول قريب00

    تعكس ظروفو .. تباعدو

    راكز ..في الزمن

    ماطر سماهو ورعدو

    فوق حدب الصبُر

    مترجي ..زولو الواعدو

    وبعد رحيل الكروان أضاف إليها مدني النخلي قائلاً:

    غنيلنا ..قول يازول

    بُعد السمافه براح

    من جرحك النزاف

    رسِّل .. غناك صداح

    نوِّر مداخل الليل

    بصبحك الفضاح

    شِد الوتر ..دندن

    وأفرد نداكَ.. وشاح

    طيور القمري.. ماغنت

    ولا لوّن مداك شادي

    حليل ولداً بشيل همّك

    شرّ غناهو في الوادي
    نده مطراً سحايبو ملت

    وشتت برقو عبّادي

    وليد الصابره ( ست الجيل) *

    رقد واقف قصاد النيل

    حبيباً جرحو فينا نزيف

    وفكراً فاتح التأويل

    مرق من بين ضفاير البنت

    حبيبتو اللونا.. كاكاوي

    نهارا شمالي .. كتـّاحه

    مناخا جنوبي..غرباوي

    دخل شرق الحِلم حفيان

    سند ظهراً .. حناهو الهم

    حليلو الكان جميل النم

    حليلو .. البينّا خوة دم

    تلك كانت ضرب الإبرة فوق الإبرة التي تحولت من قصة معاناة إلي مرثية بلون آخر من الوان مرثيات مدني النخلي المتعددة ، فالرجل لايزال وسيظل مسكوناً بحب صديقه كروان السودان الراحل مصطفي سيد احمد0 نعم000سيظل وجع فقد هذا الكروان هو وجع القصيدة السودانية علي إمتداد مساحات الزمن وعلي إمتداد تراث وتاريخ الفنون والآداب في بلادنا؟

    وتتواصل الذكريات حول أعمال هذه الكروان الراحل لنختتم بها هذه السلسلة ، وإلي اللقاء في الحلقة القادمة والأخيرة ،،،،



                  

02-12-2005, 11:36 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: Kamel mohamad)


    الحلقة التاسعة والأخيرة




    كروان السودان الراحل


    بقلم : صلاح الباشا... الدوحة
    مصطفي سيد احمد والغناء للوطن


    ونحن نختتم هذه الأضواء عن الكروان الراحل ، فإن الذكريات لا زالت تتري حيث يواصل معنا الشاعر مدني النخلي دقائق حياة مصطفي سيد أحمد في سنواته الأربع التي قضاها بالدوحة ، وقد كانت كلها عملاً إبداعياً متواصلاً من أجل الغناء للوطن ، فالرجل كان بلاشك يشعر بدنو أجله نظراً لماكان يعانيه من علة الفشل الكلوي ، ولذلك قام بتأليف أكثر من ثلاثمائة عمل إبداعي في تلك السنوات المحدودة بالدوحة ( 1992- 1996م)0

    و من الأشياء التي لا ينساها مدني النخلي، هي عندما أتي الفنان خالد محجوب ( الصحافه) إلي الدوحة وطلب منه مصطفي قبل إسبوعين من وفاته أن يحفظ لحن أغنية محددة ليتغني بها خالد ، وأمسك مصطفي بالعود وطلب من خالد مصاحبته بالأورج ، كما أدار مفتاح المسجل لكي يحفظ اللحن في كاسيت، لأن مصطفي كان لديه تفاني عجيب مع الواعدين ، وتأتي المقادير أن يسافر خالد الصحافه إلي البحرين القريبه من الدوحة جواً لإحياء حفا للجاليه السودانيه هناك ، فتوفي الكروان بعده بيومين فقط ، فغفل خالد راجعاً ليكون في وداع الجثمان قبل نقله إلي الخرطوم000 وقد كانت تلك الأغنيات التي تم تحفيظها لخالد هي (علمي عيوني السفر) وأيضا ( بنحكي ليك) والتي كتب مطلعها الأول الكروان مصطفي وأكملها مدني النخلي ، وتقول مفرداتها:

    لما تروق بنحكي ليك

    عن الغربه وبحور الشوق

    وكيف صِبح المحال رحّال

    يلميلم في زمن ممحوق

    نهارات الأسي الحراق

    وقبل الراحل المحروق

    بنحكي ليك

    كان ذلك هو مطلع الأغنية التي كتبها الكروان بخط يده والذي لايزال يحتفظ به الأستاذ مدني النخلي، وبعد ها أضاف مدني حينذاك باقي القصيدة ، حيث يتضح مدي التوافق ومدي إنسجام الإحاسيس المسكونه في وجدان كل من الكروان الراحل مصطفي سيد احمد ومدني النخلي:

    بنحكي ليك عن النجم
    القدُر ماكاس..

    شرد تايه

    وليلنا الدقّ ميس الليل

    عن الوتر .. الرطن مشدود

    نزف مشدود

    صليل سيفنا

    رباط الخيل

    عن كل الوقف سردب

    أخو البنوت

    ضرا المشكوف

    ذخر الحارّة .. جمل الشيل

    بنحكي ليك

    ولأن مدني النخلي كان يعرف حقاً مدي حب وتعلق والدة الكروان الراحل مصطفي بالسيدة والدته ( ست الجيل) في ودسلفاب ، حيث كن مصطفي يتحدث عنها كثيراً وبتضحياتها من اجلهم ، وكانت مثلاً للأم الرمز ، ولذلك فقد كتب فيها الأستاذ مدني النخلي هذه الأشعار:

    ست الجيل .. الطرب العالي

    نجم الأمل .. الببرق عالي

    يا متكيه علي الطوريه

    واطيه الجمره وصافيه النيه

    وآه من حزنك ياقمريه

    ***

    آه من جرح الوالده الفارق

    خلا غمام البلد يتباكي

    من تالاكم .. لي تركاكا

    وآه ياريح الحزن العاتي

    ياالبددتي الأمل الداخل

    حس الورده.. وجايي يتاتي

    خشم البيت العامر فاتح

    ضم الناس .. وهبوبو تكاتح

    وعصراً بدري .. مرقتي تغني

    للأرياف والناس الكاتحه

    ضد الزيف والجهل المدّد

    ريح الهم والمرض الكاسحه

    وزي ما غني وليدك وأطرب

    إنتي كمان غنيتي حزينه

    شدّوا بِكا شجر وادينا

    عمّق فقد الوالده حزينه

    وفقدك أعظم يامسكينه

    ***

    ثم ماذا بعد ؟؟ 000 ولعلنا الآن قد عرفنا كيف أن هذا الكروان الراحل المقيم قد نقل كل ألأجيال المحبه للفنون والإبداعات السودانية الجاده والطاهره ، إلي محطة هامة ، وهي كيف يكون الإبداع وكيف تكون قوة التحمل والصبر علي الألم ، وكيف يكون التجرد والخلق القويم

    والآن نود نشير في ختام أضوائنا المتواضعة في هذه الذكري الحزينة أن هنالك مجموعة طيبة تعمل في الدوحة وبصمت عجيب ودون أي اضواء علي تنفيذ فكرة مشروع إنتاج سلسلة ألبومات ليست غنائية ، ولكنها توثيقية وإبداعية في نفس الوقت وستسجل فيها كل أو معظم الأعمال التي تغني بها الراحل في مختلف مراحل حياته ومن مختلف الشعراء المبدعين الذين كتبوا له أرقي وأجمل ماقيل في الشعر السوداني الغنائي الحديث ،وذلك في شكل إلقاء متفرد بأصوات مبدعين ومبدعات وتصاحبه خلفيات موسيقية فقط لألحان أغنياته ، وسيأتي العمل في شكل (سيمفونيات)موسيقية سودانية ولكنها ناطقة بتلك المفردات الجديدة ، ثم يتم البحث عن توفير التمويل اللازم لإنتاجها من أهل الخير المحبين للفنون والآداب والإبداع ، ثم يتم تسويقها بعد ذلك في كل دول العالم وفي السودان ، وبالتالي يصبح صافي عائدها المالي- بإذن الله- عوناً دائماً لعائلته في مهجرهم بكندا ، وأيضاً لصالح والدته الحاجه الصابرة ( ست الجيل) وذلك هو أقل ما يمكن عمله كلمسة وفاء في زمن أصبح الوفاء فيه نادراً0

    وفي الختام نسال الله تعالي أن يتغمد الكروان مصطفي سيد احمد فقيد شعب السودان بوافر رحمته وغفرانه وأن يعوض شبابه الجنة بقدر ما عاني وتعب في هذه الفانية ، وأن يحفظ أولاده في مهجرهم وأن يردهم سالمين غانمين ومسلحين بالعلم الوفير ، كما لا يسعنا إلا أن ندعو بخير الدعاء لكل من وقف مع الراحل الفقيد في الدوحة عامة و لأبناء ودسلفاب الأوفياء بالدوحة وبالسودان وفي الجزيرة هناك ، وللجماهير التي خرجت في يناير عام 1996م لإستقبال جثمانه بمطار الخرطوم ، وإلي كل الذين ظلوا يتذكرونه ويكتبون عنه بكل خير عبر كل السنوات الماضية، وأيضاً خير الدعاء لكل الصحف التي ظلت تذكرنا به ، ولا ننسي أولئك الشباب الذين صمموا للكروان مواقع متجددة في الإنترنت0

    وكيف ننسي كل الذين كتبوا للكروان أجمل مفردات الشعر السوداني في تاريخه الحديث كله ، وهم خطاب وقاسم وأزهري ومدني وهاشم والقدال وحافظ وجمال وصلاح واباذر وحميد ونجاة وعاطف ويحي والكتيابي وعبدالعال وعاكف وكثيرون غيرهم ونأسف إن نسينا بعضهم0

    وكيف ننسي خير الدعاء بأن يحفظ الله تعالي ذلك الإنسان المتفاني في عمل الخير في صمت والذي كم كان عطوفاُ وحنوناً ومقداماً في حياة الراحل ولأسرته بعد مماته أيضاً ، وهو الأخ الأستاذ والصديق المبدع حقاً ورجل الإعمال الوطني الشهم صلاح إدريس(الأرباب ) الذي وبجانب موقفه الإنسانية مع الراحل ، فقد سبق أن بدأ في تنفيذ رغبة الكروان الراحل في نقله من الدوحة إلي المملكه ومنها إلي أمريكا للبحث عن وسيلة علاج جديد للفشل الكلوي ، غير أن الأجل كان أسرع ، فرحل الكروان قبل وصول الرد علي المستندات من الجهات الطبية المتخصصة في أمريكا00

    رحم الله الفقيد الكروان مصطفي سيد احمد بقدرما أعطي من فن راق وملتزم بقضية شعب بلاده ، وقد وضع بذلك كل أهل الإبداع في تحد أن تخرج كل أعمالهم بذات المستوي المتقدم الذي يخدم قضية الإبداع والفنون المحترمة ، حيث كان شعراء الراحل قد كتبوا له أجمل المفردات في تاريخ فن الغناء السوداني الحديث ، ولقد ضرب الراحل رقماً قياسياً في أنه قد أدي أعمال أكثر من خمسين شاعراً سودانياً كتبوا له من شتي بقاع الدنيا …وإلي اللقاء 0



                  

02-13-2005, 00:41 AM

مكي النور

تاريخ التسجيل: 01-02-2005
مجموع المشاركات: 1627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: Kamel mohamad)

    الاستاذ كمال مشكور علي نقل هذا الجهد التوثيقي المميّز للاستاذ صلاح الباشا، ويظل استاذنا الراحل رمزا للفنّان الذي كرّس حياته فداء للفكرة وقضية بني وطنه وطموحهم للحرية والعزة . وقدم كل ذلك من خلال فن راق ومتجدد.
                  

02-18-2005, 04:43 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: مكي النور)

    عند وصول جثمان الراحل مصطفي سيد أحمد للسودان
    كنت متواجداً مع الطيور
    المابتعرف ليها خرطه000 ولا في إيدها جواز سفر
    بقلم: صلاح الباشا0000الدوحة
    نعم000كنت متواجداً بالسودان عند وصول نبأ رحيل الفنان مصطفي سيد أحمد في شتاء عام 1996م ، وتحديداً ، كنت في مدينتي ودمدني، تلك المدينة الهادئة ليلاً ونهاراً والتي أشعر فيها بإطمئنانِِ وحنانِِ ودفيءِ لاحدود له، فأدخل إلي سوقها الكبير بإنتظام صباح كل يوم ، أحضر إليها من مقر سكني في( بركات) حيث رئاسة مشروع الجزيرة هناك في تلك المنطقة الجميلة المخضرة، ساعياً وراء الرزق اليومي بسوق ودمدني 0 وفي ذات صباح بارد من شهر فبراير وأنا بشارع السوق الكبير الرئيسي الممتد من بوابة السكه الحديد بنهاية شارع بركات-مدني والذي يعبر السوق ماراً بصينية المستشفي والبنوك والدكاكين وينتهي بمبني المديرية(الولاية) علي شارع النيل الأزرق الخالد(شارع البحر) كما يحلو لسكان المدينة ان يطلقوا عليه ، كنت استمع في طريقي في ذلك الصباح مسجلات الكافتيريات وهي تدير شرائط كاسيت محددة في إستيريوهاتها حيث اصبحت موضة بث الأغاني والمدائح منتشرة منذ فترة في اماكن بيع المشروبات الباردة والسندوتشات في كل مدن السودان0 وقد كانت تلك المسجلات تبث أغاني مصطفي سيد احمد ، فتسمع هنا 000بنبقي نحن مع الطيور المابتعرف ليها خرطة 000ولا في إيدها جواز سفر0 وهناك تجد : نمشي في كل الدروب الواسعه ديك00والرواكيب الصغيره تبقي أكبر من مدن0 وتنطلق من كافتيريا أخري : نحن باكر ياحليوه لما أولادنا السمر000يبقوا أفراحنا البنهزم بيها أحزان الزمن0 وينبعث صوت مصطفي من موقع مشروبات آخر: حاجه فيك لا بتبتديء ولابتنتهي 000خلتني أرجع للقلم00 وأتحدي بالحرف الألم 0000ولازلت مواصلاً سيري راجلاً في ذلك الشارع وسط ذلك السوق العريق بودمدني تجاه البحر، فيأتيني أيضاً صوت مصطفي سيد احمد فتساءلت في نفسي: ماذا هناك00؟؟ لماذا كل هذا البث المكثف لأغاني هذا الفنان في كل المحلات في هذا الصباح؟؟ 000وتتواصل الأغاني : إيد مبسوطه تقابل الحناء 00نغم الليل السال شبال000 وعند وصولي إلي المكان الذي اجلس فيه يومياً بعمارة الدمياطي في مواجهة حديقة سليمان وقيع الله الوارفة الأشجار والظلال حيث يوجد موقع المكتبه الوطنيه (بيع الصحف)00وقد كانت البضائع التي أتاجر فيها تأتيني من الخرطوم في موقع دكان (حسن الإمام) المشهور بتجارة القماش الفاخر سابقاً ، وقد إستأجر ذلك الموقع أحد أقربائي، فجلست معه ولاحظت الإزدحام من الشباب بالذات نحو مكتبة الجرائد الرئيسية في المدينة بطريقة ملفتة للنظر ، فخطوتُ نحوها لأستطلع الأمر ولأشتري جرائدي، فكان الخبر الرئيسي لمعظم الصحف تنعي للشعب السوداني رحيل الكروان(مصطفي سيد احمد) بالدوحة وسيصل الجثمان بعد يومين0 وعندها عرفت سبب تشغيل أغنيات مصطفي في كل الكافتيريات في ذلك الصباح حيث تم إلتقاط الخبر من نشرة أخبار راديو أم درمان، وذلك الإهتمام يدل علي حقيقتين:

    *الأولي:- أن للراحل شعبية واسعة لا تخطِؤها العين وسط الشباب وخصوصا في أوساط طلاب الجامعات والثانويات من الجنسين حتي هذه اللحظة0

    *والثانية:- أن الشعب السوداني شعب يمتاز بحس راقي وبنوع من الحنية ورقة القلب والمشاعر والتأثر برحيل رموزه الفنية والرياضية أو الأكاديمية ، فيعبِّر عن تلك المشاعر بوضوح شديد ، ويبدأ في سرد مآثر الراحل مهما كان موقعه، ولكن وبالمقابل فإن هذا الشعب لا يهتم كثيراً إذا كان من يرحل قد سـبّب له أذيً واضحاً ذات يوم فيقلب له (ظهر المجن) ، فهو شعب لايجامل في التعبير عن مشاعره الحقيقة تجاه أي حدث0

    ثم توالت ألأحداث بعد ذلك ، فكانت الجماهير الغفيرة تذهب يومياً لمطار الخرطوم لإستقبال الجثمان ، وكانت الصحف تنشر صور الطلاب والطالبات وهم يربطون أربطة سوداء علي الرأس رمزاً للحزن ، وبعضهم يكتب أسماء أغنيات الراحل علي تلك الأربطة ، كما لاحظنا أن لافتات الشوارع قد إمتلأت بكلمات الحزن لرحيله، فكانت ظاهرة تستحق فعلاً التأمل والبحث ، حيث أنها المرة الأولي التي يحدث فيها إنفعال شبابي لهذه الدرجة ، فالكثير من المطربين رحلوا عن دنيانا وسيظلوا يرحلون ، وهذه سنة الله في الأرض ، ولكن التعبير بالحزن عند رحيل الفنان مصطفي سيد احمد كان تعبيراً كبيراً ولافتاً للأنظار0 ووصلت مبيعات البوماته الغنائية أرقاماً قياسية ، بل لاتزال تلك الكاسيتات تباع بكميات هائلة يومياً وهي ظاهرة تشبه لحظات وصول جثمان الفنان عبدالحليم حافظ من لندن إلي القاهرة0

    و صحيفة (الدار) مثلاً كان لها قصب السبق في مواصلة نشر المعلومات والمقابلات مع أصدقاء الراحل في الداخل والخارج لعدة أيام بعد إنتهاء أيام العزاء0ولقد كانت مراسم دفن جثمان الراحل قد أخذت حيزاً كبيراً في الصحافة السودانية حيث تدفقت الجماهير صوب قرية( ودسلفاب)بمحافظة الحصاحيصا بولاية الجزيرة منذ الصباح الباكر لوصول الجثمان ، وكانت أرتال السيارات كثيفة من مطار الخرطوم بشارع مدني صوب الجزيرة فاصبح ذلك الشارع الذي يبلغ طوله مائتي كيلو متراً مزدحماً في ذلك اليوم،وإستقل الطلاب بصات السوق الشعبي ، حيث كانت السيارات أولها في قرية( ودسلفاب) وآخرها في مدينة الحصاحيصا0

    وبعد إنقضاء أربعين يوماً علي رحيل الفقيد مصطفي سيد احمد ، أقام له الشعراء والمطربون والطلاب حفل تأبين ضخم بإستاد الحصاحيصا الرياضي حتي يسع الناس0

    وخلاصة الأمر، أن هذا الراحل مصطفي سيد احمد كان يتغني بآمال كل الناس ، وكان يدقق في إختياراته للأعمال التي يؤديها ، وكانت له شفافية عالية تكشف له مضامين الشعر وأهداف الكلمة، وبالرغم من أن البعض كان ولازال يفسِّر إختياراته من القصائد بأنها ذات أفكار محددة ، إلاّ أن واقع الحال ومن خلال محاولة فهم تلك المفردات فإنه سيكتشف أن الراحل كان يتغني بآلام وآمال كل الناس وينشر القيم النزيهة والمحببة لدي قطاع كبير من جماهير شعبنا ، ولم يحصر نفسه في لونية معينة من التفكير ، ولم يصرِّح هو بأي إنتماء ، فلقد كان فناناً يخاطب الناس بأحاسيسه هو ، ويصل إلي عقولهم وقلوبهم بطريقته الخاصة التي يرسلها في شكل ترانيم والحان شجية تتوشح برداء السودان وتمنيات الخير لأبنائه0 وهذا هو السبب الذي أكسبه هذا الزخم المكثف من الإعجاب الجماهيري اللا محدود سواءً في حياته أو بعد رحيله إلي دار الخلود0 وقد وقف معه العديدون في محنته الإنسانية (والمؤمن مصاب) حيث وجد الشهامة من الخيرين في كل بقاع الدنيا من أبناء شعبنا السوداني في السودان و في مصر والسعودية وفي دولة قطر المضيافة0

    ونواصل إلقاء الضوء علي جزء كبير من أعماله ونستعرض الشعراء المبدعين الذي تغني بقصائدهم التي لازالت تحتل المقدمة في ساحة الشعر الغنائي بالسودان000000

                  

02-18-2005, 04:44 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: Kamel mohamad)

    عندما صدح مصطفي سيد أحمد بأجمل القصائد



    بدأنا هذه المقالات بوصف أحداث إستقبال وتشييع جثمان الفقيد الراحل مصطفي سيد احمد بالسودان ، وهانحن ندخل في سياحة غير متعمقة في بعض أعماله التي كان يصدح بها طوال مسيرة حياته الفنية التي إنتهت بآلام عديدة كان يعاني منها الراحل ولكنها لم تثنه عن تنفيذ العديد من الاعمال الغنائية التي إحتلت مساحات واسعة في عقول وقلوب الجماهير حتي اللحظة وربما تستمر أضواؤها ساطعة لفترة طويلة من الزمان ، فهي لاتحتوي علي الكلام المبتذل ، وشعراء تلك القصائد عرفوا بإلتزامهم الشديد لجانب الصدق في التعبير والإرتفاع بالذوق العام والخاص للمستمع في أي مكان، وقد كتبوا من أجل مصطفي العديد من روائع الشعر الغنائي 0

    وكنت خلال إستماعي من وقت لآخرلأعمال مصطفي سيد أحمد أعجب لدرجة عالية بكلمات

    الشاعر يحي فضل الله حين قال:

    ياضـُلنا000المرسوم علي رمل المسافه

    وشاكي من طول الطريق

    قول للبنيه000الخايفه من نار الحروف

    تحرق000 بويتات الفريق

    قول ليها000ماتتخوفي

    دي النسمه000بتجيب الأمل

    والأمل000يصبح رفيق

    والأصلو000في الخوف إندفن

    لابنتهي000منـُّو الحريق000ياضُلنا0

    كما تغني الراحل بأغنيه وضع لها إيقاعات خفيفة 000رشيقه000تبعث في النفس هدوءاً وإنسجاماً وراحة تامة ، لأنها تخاطب فينا أشياء جميله ، وهي قصيدة قاسم أبوزيد (قولي الكلمه) ويصاحبها في الأداء كورال ناعم بترددات صوتيه منسجمه وهادئه :_

    وادي الفرح000 إمتد مساحه

    نادَي الأمل000 الجوه عيونا

    شوق الشوقن000جدّد تاني

    باقي أحلامنا000جدار من كونا

    نار الإلفه 000البينـّا سنين

    صحّت فينا000 أحلام يوم باكر

    غيم الأمل000الشارد يوصل

    وإنتي معانا000في عمق الخاطر

    إيد مبسوطه000تقابل الحناء

    نغم الليل000السال شـبّال

    نخله تغازل000 في عيون طفله

    طفله 00وحفله00ورقصة فال

    وهذه كما نرياها ، لغة جديده ولون جديد في ميدان الشعر الغنائي بالسودان، ترتفع بالذوق وتقتحم مساحات ضخمه جداً وضع لبناتها كل مبدعينا في شتي الحقب الأدبية بالسودان ، وكان مصطفي سيد احمد مرفأً واسعاً يسع أفقهُ تفريغ كل هذه الشحنات الكبيرة من الشعر في ميناء خياله الرحب0 ولذلك فقد أحبه الناس لقبوله التحدي في توصيله لرسالة الفن الراقي لجماهير شعبنا الفنان بطبعه0

    ثم يأتي الشاعر(خطاب حسن احمد) في البنت الحديقه تلك القصيده الجميله التي تتوسط أعمال الراحل مصطفي وقد قال فيها:_

    حتجي000 البنت الحديقه

    فارده أنسام000في طريقا

    وشايله ألوان

    حتجي000 المن بدري جات

    من ظلامات السكات

    شايله000قمرين في عيونا

    وفاتحه000ليلين بجنونا

    وطاويه000ساحات الزمن لي فجر فات

    وتنتمي لعصور جديده

    حتجي000البنت البريده

    ضاحكه000منتصره وعنيده

    عامله000مزدهره وجديده

    ناقشه000في الزول أغنيات

    حتجي000المن بدري جات

    ناسفه000أزمان الثبات

    واصفه000للناس الطريقه

    وللعصافير000الجهات

    وعند رجوعنا إلي أعمال مصطفي التي تغني بها في سنواته الأولي بالخرطوم ولازالت مسجله بالتلفزيون كانت أغنية الشاعر (أباذر الغفاري 00أين هو ياتري؟؟؟) حين كتب:_

    في عيونك000 ضجة الموج والهواجس

    وريحة الموج البنحلم000فيهو بي حاجة نوارس

    وأيضاً من الأعمال الغنائية الأولي التي يقال أنها قد كتبها شاعرها (حافظ عباس) عند وقوع أحداث الجفاف والتصحر الذي ضرب أجزاء واسعة من مناطق غربنا الحبيب في السودان ، ووقتها أشيع أن السلطه في بداية الثمانينات قامت بالتعتيم وبمنع المتأثرين بالمجاعات من النزوح إلي النيل في الخرطوم، حيث وصف النازحين (الغلابه) :_

    بنبقي نحن 000مع الطيور00المابتعرف ليها خرطه

    ولا في إيدا000جواز سفر

    نحن باكر ياحليوه000لمان أولادنا السُّمر

    يبقوا أفراحنا000البنهزم بيها000أحزان الزمن

    نمشي في كل الدروب 000الواسعه ديك

    والرواكيب الصغيره000تبقي أكبر000من مدن

    فالراحل مصطفي سيد احمد تغني للعديد من الشعراء ، فهناك صلاح حاج سعيد حيث نجد (الحزن النبيل، المسافه، وقمر الزمان) فكانت روائع ممتازة ، وبخاصة أغنية قمر الزمان التي أعاد بها الشاعر صلاح حاج سعيد شريط من الذكريات يكتنز في داخله لمحات من الماضي الذي يشتاق إليه كل إنسان ، وكانت مفرداتها تقول:

    كتبت ليك00لا بيني بينك ريده

    لا قصة غرام

    إخترت ليك 00أجمل حروف

    وسط الفواصل00نادره في لغة الكلام

    لا قصدي ألهو معاكِ 00بكلمات غـُنا

    لا شِعري ليك 00مرجيحة من شَعر الغمام

    كتبت ليك00والله ياقمر الزمان

    شان جيتي 00بزمن المحنّـه

    وشفت بعينيكِ00حِس أهلي القـُدام

    ***********

    كتبت ليك000وأنا جايي من زمن الشقا

    المرسوم علي وش السواقي مِظللا

    تتمدد الساعات سنين

    تتفتح الأحزان 000غريبه ومذهله

    وأشتاق أفتش نسمه00في الزمن العذاب

    وأيامي000من كـُتر الأسي

    وكـُتر العزوف000والإغتراب

    صارت حروف 00مترهله

    لحظات أسيفه000ومُهمله

    وهنا بلاشك نشاهد لغه جديدة تماماً ، لغه تتفجر عطاءً ثراُ ، وقد تمكن الراحل مصطفي سيد احمد من توصيل هذا الكلام الجديد للناس بحسِّه الراقي وبأُفقه الموسيقي المتمدد الرحب الذي لولاه لكانت مثل هذه المفردات الجديدة مكانها أرفف المكتبات في بيوت الشعراء ، ورحم الله مصطفي ، فقد كان بحق يعكس مدي العمق الفكري الإبداعي الذي إكتسبه من مهنته الأولي كمعلم ومربي للأجيال ، ومن تجربته الثانية كدارس للموسيقي من الناحية الأكاديمية ، ومن جهة أخري نجده قد إستصحب كل قراءاته الخاصة وإطلاعاته المتعدة في إخضاع هذا الشعر لتجربة ألحان أتت وهي تمتليء بدفقات كثيفة من الإبداع الذي يجبرنا أن نستوعب دقائق تفاصيله0

    كما تغني برائعة هاشم صديق (حاجه فيك ) وأيضاً لمحمد الحسن سالم بأغنية طيبه وأيضاً من الواسوق التي تعبر عن مجاهدات المزارعين عندنا ومصطفي من نفس البيئة0 و أغنية محمد المهدي بشري :- جوه المركب يغنوا يغنوا00شويه شويه سكت المركبتلقي الناس إثنين00إثنين000وتتواصل أعمال مصطفي وللحديث بقية0

                  

02-18-2005, 04:45 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أغاني كروان السودان الراحل مصطفي سيدأحمد وملخص لمسيرته الفنية في منذ بدايتها و حتي وفاته. (Re: Kamel mohamad)

    عندما صدح مصطفي سيد أحمد بأجمل القصائد000



    مواصلة لإلقاء أضواءنا علي بعض اعمال الراحل المقيم مصطفي سيد احمد التي تغني بها من تأليف شعراء عديدين، نشير إلي أن هناك شاعرة سودانية سبق أن ترنم الراحل بقصيدتها وهي الأستاذة (نجاة عثمان) التي كتبت : لمان يجي الزمن الفلاني000وهي من الشعر الرمزي0 اما الشاعر _قريب الله محمد00 فقد تغني له الراحل بأغنية (وحيده) التي تقول:-

    بعيد عنك000خطاك لامست وجه الطريق

    ومشيتي000لافوق غيمه000

    كأنك 000من وراء صفحة زجاج000مبلول

    وراك الريح000وقدامك ندي السكه

    ونِدا المجهول

    اما عبدالعال السيد فلقد كتب للفنان الراحل قصيدة :

    الدنيا ليل000غربه ومطر

    وطرب حزين000

    وجّع000 تقاسيم الوتر

    كما أن الشاعر عبدالوهاب هلاوي قد أشتهرت أغنيته منذ السنوات الأولي لمسيرة الراحل في عالم الفن وهي اغنية (ياسلام عليك000ياسلام) حيث اخذت حيزاً كبيراً من الإنتشار في نهاية السبعينات0ولكننا نجد أن الشاعر القدال قد كتب أيضاً بعض الأعمال التي تغني بها الراحل0

    أما أغنية مصطفي التي كانت الأساسية في بداياته وهي بمثابة جواز مروره نحو الشهرة فقد بدأ أخاه الأكبر المرحوم( المقبول سيد أحمد المقبول) في وضع كلماتها ، ولكنه رحل عن الدنيا مبكراً ولم تكتمل، وكان مصطفي شديد التأثر والتعلق به ، فواصل مصطفي تكملة كلماتها ثم التغني به مبكراً، وهي من الأعمال المميزة، حيث كانت تقول مقدمة كلماتها:

    غدّار000دموعك ما بتفيض00لي زول عواطفو00تحجرت

    وتجدر الإشارة هنا إلي أن الراحل مصطفي لم ينس الشعراء العرب ، فله مساهمات لحنية من أشعار الراحل نزار قباني والشاعر مظفر النواب0

    أما إذا تحدثنا عن القصائد الخالدة التي قدمها له الشاعر الرقيق المرهف (مدني يوسف النخلي) فالحديث يطول عنها ، وكان مدني في الدوحة قد عايش مجاهدات الراحل مصطفي وعمل علي تخفيف آلامه ، بل إتصل في لحظات يأس بإبن خالته(الأستاذ صلاح أحمد إدريس)

    رجل الأعمال المعروف ، والمعروف عنه إهتمامه الشديد بحل معضلة كل صاحب حاجه تستدعي وقفة الرجال، فكان حسب ماعلمتُ بأنه وقف موقفاً مشرفاً جداً وإستجاب لطلب مدني النخلي من أجل الراحل مصطفي 0 ولدينا علم أن الأخ صلاح إدريس لايميل مطلقاً لفكرة الإعلام عن مواقفه الإنسانية مع الإنسانية في كل مكان ، خاصة مع أهل الفن ، لأن صلاح فنان رقيق وشفيف بطبعه منذ أن زاملناه كطلاب (دفعه) بكلية التجارة بجامعة القاهرة بالخرطوم في بداية السبعينات0 ورغم مشاغله الحالية المتعددة في عالم الأعمال ، فإنني قد سمعت كثيراً عن أن هذا الرجل لا يتردد في تقديم العون لكل صاحب حاجة متي ما وصلت قناعاته إلي أهمية الوقوف بجانب من يستحق فعلاً المساعدة في هذه الدنيا الفانية00 وليسامحنا إن جاء ذكرنا لمواقفه هنا عرضاً ، ولكننا نعطي لمواقف الرجال قدرها تماماً كلما سنحت الفرصة في أن نلقي القليل من الثناء علي اعمال الخير ، فالشرع يحضنا علي ذكر محاسن الرجال0



    ومدني النخلي هذا كتب لمصطفي روائع عديدة نذكر منها:-

    في عينيك00 عشم باكر00ماإنت000 العمر كلو

    والشمس الوشاحا ورود00وزغروده بتزف للناس00 خبر زمنا ورود

    أما العمل الذي كان الراحل يعتز به لأنه قد أضاف لمسته عليه مع مدني النخلي كعمل مشترك ، فكان:-

    علمي عيوني السفر000ما البسافر في عيونك

    سكتك 000تبقي السلامه

    ينسي أحزانو000ويعرف الدنيا جنبك إبتسامه

    أما أغنية واقف براك والهم عصف000فقد كانت تجسيداً للصعوبات النفسية التي كانت تواجه الراحل ، خاصة وقد كان يحلم بالعودة للوطن ، فوجدت تلك الأغنية هوي في نفسه وكان يرتاح كثيراً عند ترديدها ، ويقول مطلعها:-

    ريحاً 000كسح زهرة صباك

    ليلاً 000فتح شرفة وجع

    قمراً000رحل 00فارق سماك

    واقف براك

    ولقد علمت أن الشاعر مدني النخلي قد جادت قريحته بعدة مرثيات عن الراحل مصطفي سيد احمد ، فإتصلت به ، فأتاني ولم يبخل بما كتبه في رثاء الفقيد بالرغم من مشروع الكتاب الذي ينوي إصداره عن تجربته كشاعر وكصديق للراحل الفنان 0 وهنا أذكر مقدمة رائعة كتبها مدني عن الفقيد ، فقال:-

    كنا نتوكأ علي عصا الحلم معاً 000وفي هذا الزمان نحترف البكاء علي أطلال الماضي القريب000 آخر عهدي به 00إستمالة الحلم الخيال في أزمنة الرحيل 00وأكاد أختزن الدموع لتطفيء كل البراكين المتفجرة من ذلك الوجع الوطن0 000فكان يرسم صورة موشاة بالإخضرار00ويصغي معي إلي خرير الجداول في (حواشات) القطن وعلف البرسيم بالجزيرة وعلي مشارف (الحلة) البلد 000كانت (ودسلفاب) تفترش الأمل وتتغطي بالنجوم المنثورة علي مداخل السفر في إنتظار عودته ، فإذا به يتوضأ ميمماً وجه السفر 000الوداع000ويتمدد بطول الوطن وعرضه00ذاك العنيد 00البهي 00الحافي علي أشواك الطريق000مازال يحترف الغناء 0

    له الحب 000بقدر الأغنيات00الباكيات00الخالدات00المدهشات0

    ياسلام عليك000 يانخلي وأنت تسكب كل هذا الرثاء الرائع في فقدك لمصطفي الأكثر روعة ودهشة 000فلنعش معك في حروف مرثياتك الشامخات كشموخ الراحل المقيم:-

    ورحلت000يامشرور ندي

    مالي البراحات000والمدي

    يامجرتق اللون000بالغناء

    ياالبلبل الصداح000شدا

    ياحليلو000قمراً 000كان معاك

    صحّأ الأزاهر000وفرهدا

    وتتواصل مرثيات مدني النخلي المتعدده الآهات 00المنطلقة في التعبير بعفوية يعتصرها وجع أليم000 لتنكأ جرحاً قديما قد إندمل 0000وقد قال مدني النخلي في أخري:

    منو الورّاك ملامح الناس00وكت تبقي البلد منفي

    وكت برد الصعيد ينزل00وأكوس لي نارك أتدفأ

    وكت تنزل دموعي عليك00تبل ريق ريقك الجفَّ

    في الختام000نأمل أن نكون قد أوفينا الراحل المقيم بعض حقه وهو الذي كان ينشر في دنيانا أفراحاً لاحدود لها000 و نرفع الأكف متضرعين بالدعاء للخالق العظيم بأن ينزل شآبيب رحمته عليه000وأن يحفظ أبنيه سيد أحمد (ودسلفاب) وسامر(الحلبي)00 ووالدتهما السيده بثينه في مهجرهم الحالي000 البعيد 000 بكندا0



                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de