البقاء لله وحده:تشييع "المشروع الحضارى" إلى مثواه الأخير بمدينة نيروبي!! د. ابراهيم الكرسنى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 07:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-10-2005, 09:29 AM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
البقاء لله وحده:تشييع "المشروع الحضارى" إلى مثواه الأخير بمدينة نيروبي!! د. ابراهيم الكرسنى





    البقاء لله وحده:
    تشييع "المشروع الحضارى" إلى مثواه الأخير بمدينة نيروبي!!

    د. ابراهيم الكرسنى
    [email protected]

    جوهر الصراع الذي يدور في السودان منذ الاستقلال وحتى وقتنا الراهن يتمحور حول كيفية إيجاد أنجع السبل والوسائل الكفيلة بالقضاء على التخلف الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق نهضة كاملة تشمل جميع مناحي الحياة لتحقق للمواطن السودانى حياة كريمة له ولأفراد أسرته ولينعموا جميعا بالسكينة والطمأنينة وهم يعيشون بين أهلهم وعشيرتهم كاملي الحقوق بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين أو الانتماء الجهوى.
    يشكل البرنامج السياسى لب هذه السبل والوسائل حيث بدونه تنعدم الرؤية الثاقبة لمشاكل الوطن المتعددة, شديدة التعقيد والتداخل. كما يشكل المنهج والوضوح النظري الأساس الصلب الذي يقوم عليه بناء البرنامج السياسى عملا بالرأي القائل باستحالة وجود حركة سياسية من دون نظرية سياسية والذى أصبح حقيقة معروفة لدى الكافة عبر مختلف مجتمعات العالم.
    تشكل الأحزاب السياسية الآلية المناسبة لتنزيل تلك البرامج إلى أرض الواقع لإعمال ما تضمنته من رؤى وتصورات واستراتيجيات لسبر أغواره واستنباط البرامج والسياسات الكفيلة بحل اشكالياته وتعقيداته السياسية منها أو الاقتصادية أو الاجتماعية...الخ.
    تعتبر الأحزاب السياسية أحد أهم منظمات المجتمع المدني المناط بها قيادة حركة التغيير الاجتماعي الشامل, لكن نجاح هذه الأحزاب فى الوصول إلى هذه الغاية يتوقف على عدة عوامل هامة ومتداخلة, يأتي فى طليعتها وجود البرامج المدروسة والمناسبة لمعالجة مختلف القضايا, وكذلك وجود القيادات الواعية والملمة بتفاصيل تلك البرامج والملتزمة كذلك بتنفيذها عند وصولها إلى سدة الحكم. ولكن الأهم من ذلك بكثير هو توفر الديمقراطية داخل تلك الأحزاب واعتمادها كمنهج لإدارة الصراع فى داخلها وكذلك فيما بينها لحسم موضوع التداول السلمى للسلطة الذى يستند بدوره على الاختيار الحر للناخب السودانى بموجب الدستور والقانون, لحمته وسداه.
    تبنت الأحزاب السودانية جميعها مشروع انجاز " التنمية الشاملة" كركن أساسى لعملها وسط الجماهير. وقد دفع البعض منها بتلك القضية إلى آماد بعيدة أوصلتها فى بعض الأحيان, وللأسف, إلى حد "المتاجرة" الرخيصة بها.
    سنتناول فى هذا المقال تجارب الأحزاب "التقليدية" الأربعة , وهى الأمة, الاتحادي, الشيوعي والجبهة الإسلامية, وسنقوم باستعراض تجاربها فى إيجاز شديد نأمل ألا يكون مخلا بمضمونها.
    لم يعرف لحزبي الأمة والاتحادي فلسفة سياسية واضحة إلى أن قيض الله للسيد الصادق المهدى صياغة مجموعة من الأبحاث والإسهامات الفكرية تمخض عنها أخيرا "نهج الصحوة" كبرنامج رسمى لحزب الأمة. لذلك قامت "البرامج" السياسية لهذين الحزبين استنادا على المجرى العام للأحداث كما هو ماثل أمامها. بمعنى آخر فقد تعاملت مع تلك القضايا بأسلوب يمكن لنا تسميته ب"رزق اليوم باليوم"!! إن افتقار تلك الأحزاب للفلسفة السياسية,وبالتالى تبنيها لذلك الأسلوب, قد أفضى إلى عجزها التام عن صياغة برامج سياسية واضحة المعالم ومستنبطة من واقع المجتمع السودانى, وبالتالى قادها إلى التخبط بين سياسة وأخرى عند معالجتها لأخطر القضايا التى تواجه الشعب والوطن مما حول الشعب السودانى لحقل تجارب لتلك السياسات وبالتالى ألحق به أفدح الأضرار. إن الأزمة الخانقة التى تشمل البلاد من أقصاها إلى أدناها تعتبر إفرازا طبيعيا لاهتزاز البوصلة السياسية لأحزابنا, وبالأخص لهذين الحزبين اللذين تعاقبا على كراسي الحكم, منفردين أو مؤتلفين, خلال فترات الديمقراطية الوجيزة التى مرت بها البلاد, قبل أن يقوم العسكر, منفردين أو مؤتلفين مع بعض القيادات الحزبية, بوأدها!! لقد ألصق الحزبان الآخران صفة الطائفية على هذين الحزبين نظرا لغياب بوصلتهما السياسية حيث يمكن اعتبار الولاء الطائفي بمثابة المعادل الموضوعى لغياب الفلسفة والبرامج.
    أما بالنسبة للحزبين الآخرين, الشيوعى والجبهة, فقد كان لكل منهما فلسفته الخاصة وبرامجه السياسية التى تستند على تلك الفلسفة حيث شكلت الماركسية- اللينينية فلسفة الحزب الشيوعى بينما شكل "الإسلام السياسى" , إن صحت التسمية , فلسفة لحزب الجبهة. ولكى نجلى الغموض الذى يمكن أن يكتنف مفهوم الإسلام السياسى فاننى أعنى به ذلك النوع من البناء الفكرى الذى يحكى مصالح الطبقة الطفيلية ويجعل من بعض قادتها " تجارا للدين" فى مقابل إفلاس قاعدتهم التنظيمية إلى حد الفاقة, فى أسوأ عملية فساد مالي وادارى لم يشهد السودان له مثيلا طيلة تاريخه الحديث.
    على الرغم من وجود فلسفة سياسية لهذين الحزبين إلا أن برامجهما قد فشلت فى تجاوز مرحلة " الشعارات" فى العديد من جوانبها, كما افتقرت إلى الدراسات المعمقة لواقع المجتمع السودانى – الدرع الوحيد الواقي من مرض " تخيل المشاكل" وبالتالى استنباط الحلول الوهمية لها!! إن هذا المرض عادة ما يقود إلى حالة من " الكسل الذهني" استمرأته القيادات السياسية لهذين الحزبين وأصبح يشكل منهجا لها, جوهره كبر "البلعوم" والصوت العالى للصياح بالشعارات " الفارغة" التى تتخذ من الماركسية أو الإسلام السياسى غطاءا لها. المحصلة النهائية لمثل هذا النهج البائس هو حصاد الهشيم المتمثل فى الفقر والجهل والمرض الذى يفتك بأهل السودان فى الوقت الراهن. الفرق الوحيد بين هذين النهجين , وهو كبير وأساسى , هو طهارة اليد التى عرف بها الشيوعيون فى مقابل فساد قادة الجبهة الذى أزكم أنوف قواعدها قبل أن يزكم أنوف عامة الشعب.
    لقد أطلق الحزبان الآخران صفة "الأحزاب العقائدية" نظرا لصغر حجم عضويتهما قياسا إلى النفوذ الكبير الذى يتمتعان به فى أوساط المتعلمين وسكان المناطق الحضرية والذى لا يتناسب مع إمكانياتهما وقدراتهما المحدودة.
    تتحمل الأحزاب الأربعة "التقليدية" مسؤولية الأزمة الراهنة التى تعصف بالوطن, وان كان ذلك بدرجات متفاوتة. لكننى أحمل حزب الجبهة والحزب الشيوعى الجزء الأكبر من تلك المسؤولية وذلك استنادا إلى قناعتي التامة بأن جذور الكبوة الحالية للسودان قد بدأت مع مجئ نظام مايو إلى السلطة بدعم مباشر ومساندة كبيرة من الحزب الشيوعي حيث استفحلت تماما حتى وصلت إلى وضعها المأساوي الراهن مع مجئ نظام "الإنقاذ" إلى الحكم بتخطيط وتنفيذ مباشر من قبل الجبهة الإسلامية, كما أقر بذلك قادتها عبر منابر الإعلام المختلفة.
    لقد اخفق الحزب الشيوعى فى تسلم مقاليد الحكم فى البلاد حينما تهيأت له الظروف الموضوعية أثناء الأزمة الدستورية التى عصفت بالبلاد خلال النصف الثانى من ستينات القرن الماضى وسلمها إلى من أطلق عليهم فى ذلك الوقت صفة " البرجوازية الصغيرة " آملا فى أن تقوم بتنفيذ برنامجه السياسى, حتى وان كان ذلك بالوكالة, إلى أن اتضح له فيما بعد إن هذه البرجوازية قد كانت بالفعل " أكبر" من حيتان البحر حينما قامت بالتهام الجزء الأكبر من هيكله أثناء النصف الأول من العقد السابع من القرن العشرين!!
    ولكن فى المقابل نجحت الجبهة الإسلامية فى الاستيلاء على مقاليد الحكم فى البلاد حينما قامت بتنفيذ أكبر عملية خدعة سياسية فى تاريخ البلاد نجحت بموجبها بإزاحة الحكومة المنتخبة بصورة ديمقراطية عن طريق الانقلاب العسكرى. ولكن كل ذلك تم فى ظروف موضوعية غير مواتية تماما على جميع المستويات, وطنيا وإقليميا ودوليا, لمثل هذا الانقلاب. لم يكن من الممكن استمرار هذا الانقلاب فى مثل تلك الظروف التى اكتنفت نهاية النصف الثانى من العقد الثامن للقرن الماضى والى الآن لولا الضعف المزرى للأحزاب الثلاثة الأخرى ,وبالأخص حزبى الأمة والاتحادي.
    تمثل طموح قادة الجبهة فى ذلك الوقت فى " إعادة صياغة " الإنسان السوداني وفقا لبرنامجهم وذلك من خلال إدخاله فى "كهف " أيديولوجيتهم حلك الظلام آملين فى إخراجه وهو فى مقام "الإنسان الكامل", فإذا برؤيتهم أحادية الجانب تصطدم بأرض الواقع السودانى متعدد الثقافات والديانات والأعراق وترتد سهامها لتمزق ليس أجسادهم فقط وإنما, ويا للحسرة, فقد مزقت جسد الوطن الكبير أمام أعينهم التلى أصبها العمى الآيديولوجى فأصبحت ترى الواقع الموضوعى ليس كما هو ولكن كما يودوا أن يروه!! لهذا السبب فقد تمادوا فى مكابرتهم مراهنين على نجاح المشروع "الحضاري", على الرغم من الفشل الذريع الذى صاحب تنفيذه والذى كان واضحا وضوح الشمس فى رابعة النهار!! إن الحصاد المر الذى جناه الشعب السودانى لم يكن ليستفحل بمثل هذا المستوى لولا أن أصاب الله هؤلاء القوم بعمى البصيرة التى كانت ترى فى نجاح برنامجهم أحادى الجانب على أرص ذلك الواقع المتنوع والمعقد كنجاح من يحاول إدخال الجمل من خلال "خرم الإبرة"!!
    لقد جرف "سونامى" الواقع السودانى شديد التعقيد برنامج الجبهة الاسلامية الى قاع "محيط التاريخ" بعد أن مزقه اربا اربا أمام أعينهم وقيض لهم الله أن يقوموا بتشييعه بأنفسهم الى مثواه الأخير فى مدينة نيروبى فى التاسع من شهر يناير من عام 2005, بحضور العديد من رؤساء القارة الأفريقية وزعمائها وبعض مسؤولى العالم بعد أن تم "غسل جثمانه", ويا لسخرية الأقدار, بواسطة أمريكا التى طالما بشرنا أصحاب هذا المشروع البائس والمنافحين عنه بدنو عذابها حتى أصموا آذاننا!!
    العبرة الأساسية التى يمكن استخلاصها من هذا الواقع المرير الذع امتد لفترة تسعة وأربعين عاما بالتمام والكمال تتمثل فى أن نجاح برامج التغيير الاجتماعى والتطور الاقتصادى لا يتوقف على عدد الأحزاب والقيادات أو تنوع الآيديولجيات والبرامج, وما أكثرها فى سودان اليوم, وانما يتوقف نجاحه بصورة أساسية وحاسمة على مدى ملاءمة تلك الأفكار والبرامج للواقع السودانى ومدى قدرتها على دراسته واستنباط السياسات والاليات الكفيلة بتطويره, والأهم من ذلك بكثير أن يتم ذلك بواسطة قيادات مشهود لها بالكفاءة المهنية والنزاهة والوطنية, وفوق هذا وذاك التزامها جانب الشعب والدفاع المستميت عن قضاياه المصيرية. ليس هذا فحسب بل يتوقف أيضا على مدى قدرة تلك القيادات فى احداث "ثورة" ديمقراطية حقيقية داخل كياناتها الحزبية تفضى فى نهاية المطاف الى افراز نظام ديمقراطى مستقر يستمد جينات استمراره من جينات ديمقراطية تلك الأحزاب وليس قيادات تتزعم تلك الأحزاب من المهد الى اللحد!! ان القيادات الحزبية التى تعجز عن توفير الديمقراطية داخل مؤسساتها سوف تكون عاجزة بالضرورة عن توفيرها للشعب السودانى... وفاقد الشئ لا يعطيه!!
    د. ابراهيم الكرسنى
    9-1-2005



    source: Sudanile January, 10 2005

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de