نعوم تشومسكي: غزو الفلوجة جريمة حرب يجب أن يحاكم عليها بوش

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 05:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-10-2005, 10:30 PM

sympatico

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نعوم تشومسكي: غزو الفلوجة جريمة حرب يجب أن يحاكم عليها بوش


    نعوم تشومسكي: غزو الفلوجة جريمة حرب يجب أن يحاكم عليها بوش



    أكد البروفيسور نعوم تشومسكي ان الولايات المتحدة تمارس الارهاب في كل انحاء العالم وان غزو الفلوجة يعتبر جريمة حرب يجب ان يحاكم عليها الرئيس الامريكي جورج بوش. وقال تشومسكي في حوار داخل مكتبه بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ان حجم التدمير والعنف الذي ارتكبته الولايات المتحدة في العراق يفوق حجم العمل الارهابي الذي وقع يوم 11/،9 وأشار الى ان واشنطن استثنت نفسها من المعاهدات الدولية في مرافعات المحكمة الدولية كما حصل بالنسبة لنيكاراجوا كي لا تحاكم على ما اقترفته هناك، وأكد ان لدى العرب ما يكفي من الاسباب لجعلهم يكرهون سياستنا، وأشار الى ما يحدث في العراق والى دعم سياسة العدوان “الاسرائيلية”، وتالياً نص الحوار:

    حوار: جنيد علم *



    بروفيسور تشومسكي، نشكرك على التفضل بإجراء هذه المقابلة معنا. أريد في الوقت المتاح، ان نناقش معكم عواقب وآثار الحرب الامريكية الحالية، وكيف تتداخل العلاقات بين بعض برامجها وأهدافها. بادئ ذي بدء، يبدو ان الصورة الايديولوجية العامة التي ترسمها وسائل اعلام الادارة الامريكية وتعرضها علينا، هي ان ما تسمى الحرب على الارهاب، تدور بوجه عام بين عالم “متحضر” يحارب “البربرية”، وهو الموقف الذي عبرت عنه أخيراً مجلة البزنس ويك، فكيف تستطيع ان تدحض ذلك تاريخياً او سياسياً، استناداً الى حجم وفظاعة الجرائم التي نرتكبها، ازاء ما يرتكبه “البرابرة” الذين يفترض انهم اسلاميون ووطنيون في العراق؟

    حسناً، شتان ما بين الأمرين. أقصد ان حجم التدمير والارهاب والعنف، الذي تقترفه الدول القوية يتجاوز كثيراً أي شيء يمكن ان نتخيل ان الجماعات التي ندعوها ارهابية وشبه وطنية ترتكبه.

    خذ العراق مثلاً، تقول افضل التقديرات ان عدد القتلى بعد الغزو هو 100 الف قتيل، وقد يزيد العدد على ذلك او ينقص قليلاً، ان “الارهابيين الاسلاميين” سيستغرقون وقتاً طويلاً لقتل 100 الف شخص. خذ على سبيل المثال أفظع عمل ارهابي يُنسب الى “الارهابيين الاسلاميين”، وهو هجوم 11/9 لقد أسفر ذلك الهجوم عن قتل نحو 3 آلاف شخص. وذلك جريمة فظيعة، ولكنه لا يرقى الى مرتبة الفظائع الجاري اقترافها حالياً.

    خذ على سبيل المثال ما حدث في جنوب نهر ريو جراندي في البرازيل، تلك الاحداث التي كثيراً ما تسمى 11 سبتمبر/ ايلول الاخرى سنة ،1973 والتي كانت الولايات المتحدة متورطة فيها بشدة أي قصف القصر الرئاسي البرازيلي، والانقلاب العسكري، ومقتل الرئيس، وتدمير الدولة الديمقراطية الرائدة، وهي أقدم ديمقراطية في امريكا اللاتينية.

    ان العدد الرسمي لقتلى 11/9 ذاك هو 3 آلاف قتيل، ولكن ذلك لا يشمل سوى عدد الجثث التي أمكن احصاؤها. وقد تتجاوز تقديرات عدد القتلى ضعف ذلك العدد.

    وإذا اردنا التعبير عن ذلك العدد بصورة نسبية مقارنة، أي بالمقارنة مع عدد السكان، فإنه يعادل نحو 50 الى 100 الف قتيل في الولايات المتحدة. ولم نعلم سوى أخيراً بالاعداد التفصيلية لمن جرى تعذيبهم وهم 30 الفاً، أي ما يعادل 700 الف امريكي بالمقارنة مع عدد سكان الولايات المتحدة، وألوف حالات الاغتصاب، وغير ذلك من سوء المعاملة، وفقدان الكثيرين أو اختفائهم، ممن لا يعلم أحد ماذا حل بهم.

    كما شنت الولايات المتحدة عمليات ارهابية دولية، تحت عنوان ما يعرف باسم “عملية النسر الامريكي”، التي جمعت معاً منظمات ارهاب الدولة، المماثلة في الدول المجاورة، والتي كان للولايات المتحدة كذلك دور رئيسي في انشائها.. وكانت مخابرات الولايات المتحدة تقارن منظمة ارهاب الدولة، التشيلية (دينا) بالجستابو، وبوكالة المخابرات السوفييتية. لم يكن الأمر هزلاً، وتلك هي الطريقة التي كانت تصفها بها الولايات المتحدة بينما كانت واشنطن تدعمها، كما تساندها بريطانيا بكل حماس.. وفي الحقيقة لم تتوقف أنشطتها الارهابية الدولية الا بعد ان خطت خطوة متقدمة جداً الى الامام. فقد قتلت دبلوماسياً معروفاً جيداً في مدينة واشنطن، ولم يكن مسموحاً بذلك، ولذا، كأنه جرى إيقاف تلك العمليات.

    حسناً، ذلك حدث واحد، وقع في 18 سبتمبر/ ايلول ،1973 وما هو إلا واحد من احداث كثيرة تورطت الولايات المتحدة بها بصورة غير مباشرة، واذا اخذنا العمليات التي نفذتها الولايات المتحدة بنفسها، فلن نستطيع حصر عددها. أقصد، خذ الحالة التي تمت فيها إدانة الولايات المتحدة فعلاً بسبب الارهاب الدولي، وطُلب منها فيها انهاء الجريمة، وهي بالتحديد الهجوم على نيكاراجوا، الذي آل مصيره الى المحكمة الدولية. واضطرت المحكمة الدولية الى الخوض في قضية شاقة، لأن الولايات المتحدة كانت قد استثنت نفسها من جميع المعاهدات الدولية. ولذا لا يمكن جلب الولايات المتحدة الى المحكمة الدولية لمحاكمتها بتهمة ارتكاب جرائم كبرى، على سبيل المثال، الجريمة الدولية الكبرى، وهي الغزو، أو انتهاك ميثاق الامم المتحدة، أو انتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية، وتلك امور استثنت الولايات المتحدة نفسها منها، لأنها استثنت نفسها من الوقوع تحت طائلة المعاهدات الدولية في مرافعات المحكمة الدولية.

    ولذلك كان على المحكمة الدولية ان تتعامل مع قضية نيكاراجوا ضمن اطار ضيق جداً، هو فقط اطار المعاهدات الثنائية بين الولايات المتحدة ونيكاراجوا، والقانون الدولي العرفي.

    وبرغم ذلك دانت المحكمة الدولية الولايات المتحدة بسبب ما اسمته استخدام القوة بصورة غير شرعية، وأصدرت حكماً فضفاضاً، يتجاوز حدود القضية الاساسية، وأمرت الولايات المتحدة بإنهاء الجرائم، ودفع تعويضات سخية. وتجاهلت الولايات المتحدة الحكم، واعترضت بالفيتو على قرارين لمجلس الأمن يؤكدان الحكم، واستمرت في الحرب.

    وكانت حصيلة ذلك النهائية، معبراً عنها مرة اخرى بمقارنة نسبية، ما يعادل مقتل 2،5 مليون شخص في الولايات المتحدة، أي اكثر من عدد القتلى في جميع الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها كله، بما فيها الحرب الاهلية.

    وقد دمرت تلك الحرب دولة نيكاراجوا، وجعلتها ثاني أفقر دولة الآن، في نصف الكرة الارضية.

    وعندما اجتاحتها الولايات المتحدة مرة اخرى سنة ،1990 تردت أمورها أكثر ويقدر الآن ان أكثر من نصف عدد أطفالها تحت سن الثانية يعانون سوء تغذية حاداً، أقصد احتمال وجود تلف دماغي لديهم.

    وفي اوائل ثمانينات القرن الماضي، عندما بدأت الولايات المتحدة الحرب، كانت المنظمات الدولية تمتدح نيكاراجوا، وحتى البنك الدولي كان يذكرها بالثناء، وذلك بسبب تقدمها الجوهري، وفوزها بالجوائز على ما تحرزه من تنمية، مثل جائزة اليونيسيف التي احرزتها لفوزها في مجال التنمية وتحسين صحة الاطفال. أما الآن، فالأمر على العكس تماماً.

    أقصد ان اقول، ان هذا مجرد حادث واحد فقط، وهو يفوق في وزنه جميع الأنشطة الارهابية التي يمكن عزوُها إلى أي جهة أخرى، ولكنّه لا يستحق حتى المناقشة.

    ذلك مجرد حدث واحد فقط. ولست أتحدث هنا عن الحروب الكبرى مثل حرب فيتنام، التي كانت عدواناً مباشراً.. ألا نستطيع وصفها بأنها ارهابية؟ فقد قتلت اكثر من أربعة ملايين انسان، ولا يزال الناس يموتون جراء الحرب الكيماوية التي بدأها كنيدي. تلك هي الولايات المتحدة.

    ألق نظرة على الدول الأخرى، انها ليست بقوة الولايات المتحدة، ولكن العنف الذي استخدمته كان خارقاً للعادة: فرنسا في افريقيا، البريطانيون في كينيا وغيرها، فظائع تتجاوز بكثير حجم أي نشاط ارهابي.

    أسوأ بربرية

    إذن، الأمر يتجاوز كثيراً إطار “الحضارة” مقابل “البربرية”؟

    كلاّ.. إن الأمر منافٍ للعقل. أقصد، لنأخذ، ما هي اسوأ الفضائع التي ارتكبت منذ غزو المغول؟ انها ما حدثت في المانيا في اواخر ثلاثينات واربعينات القرن الماضي بصورة اساسية. كانت المانيا تمثل ذروة الحضارة الغربية. وكان المجتمع الألماني اكثر المجتمعات الغربية تقدماً، في مجال العلوم، والفنون والأدب، وهو النجم المتألق في سماء الحضارة الغربية. وفي الحقيقة، حتى الحرب العالمية الأولى، عندما انقلب الناس ضد المانيا، كانت المانيا توصف من قبل علماء السياسة الامريكيين بأنها مثال الديمقراطية.

    نعم، تلك هي ذروة الحضارة الغربية، وهي اسوأ بربرية منذ غزو المغول، أي نوع من العلاقات المتبادلة يستطيع المرء ان يقيمه؟

    تقرير “لانست”

    من المهم ملاحظة انك ذكرت قبل قليل الخسائر البالغة 100 ألف قتيل. ومن المهم كذلك ملاحظة ان معظم اهتمام وسائل الاعلام الامريكي والغربي منصب بصورة عاطفية على قطع رؤوس بضعة من الاجانب في العراق، بينما يلوذ هذا الاعلام ذاته بالصمت، الى هذه الدرجة أو تلك، ازاء تقرير (لانسيت). و(لانسيت) هي المجلة الطبية البريطانية التي ذكرت ان نحو 100 الف مدني عراقي قد قتلوا، وان معظمهم سقط بسبب القصف الامريكي، كما يغيب عن هذا الاعلام الحديث عن معدلات سوء التغذية بين الاطفال العراقيين، والتي يبدو انها تضاعفت.

    إن هذه المعدلات أسوأ مما هي عليه في بوروندي، وأسوأ مما هي في أوغندا وهاييتي، وذلك الوضع منذ الحرب.

    ذلك يذكرني فعلاً ب...

    في الحقيقة، ان الطريقة التي عاملت بها وسائل الاعلام تقرير لانسيت مثيرة للاهتمام. أقصد انه جرى التطرق الى ذكره، فليس الامر انك لا تستطيع العثور عليه. ولكنه إما قوبل بالتجاهل، أو بالتقليل من شأنه. وكان رد الفعل المعياري عليه، انه كان مجرد عينة.

    بالضبط.

    وكيف لك ان تعرف انه كان صحيحاً؟ وربما كان العدد أقل وأنهم (أي مجلة لانسيت) أعطوا تقديراً واسعاً ليصبح بين 8 آلاف و200 ألف، أي..

    غزو الفلوجة

    باستثناء الفلوجة أيضاً.

    حسناً، لنفحص الطريقة التي اعدوه بها. كانت أعلى التقديرات المحتملة في حدود 100 الف قتيل. وكان رد الفعل الفوري، ان العدد ربما كان أقل من ذلك بكثير، نعم، ربما كان أقل بكثير، أو أكبر بكثير. وفي الحقيقة اجروا هذا التقدير بتحفظ شديد. وقد استثنوا الفلوجة، لأن ذلك، كان من شأنه رفع مدى التقديرات التخمينية، وقد شملوا المناطق الكردية، لأنه لا يوجد فيها قتال، مما سيخفض التقدير التخميني، وقد اجروا بوجه عام تحليلاً حذراً ومتحفظاً.

    ولكنه قوبل إما بالتجاهل، أو بالادعاء السخيف بأنه مجرد تقديرات، ولذلك يظل احتمال كونها عالية وارداً، كما يظل وارداً احتمال كونها دون الحقيقة. وفي الحقيقة، تلك هي الطريق التي تجرى بها كل دراسة لتقدير الخسائر،أو دراسات الصحة أو غيرها. ولكن مهما يكن، وسواء كانت الخسائر 50 الف قتيل أو 150 الف قتيل، وكائناً ما كان العدد، فإن من الواضح انها جريمة كبرى.

    وفي الحقيقة، ليس صحيحاً تماماً ان وسائل الاعلام لم تذكر جرائم الحرب. بل انها تكتب عنها كثيراً وتحتفل بها. خذ على سبيل المثال غزو الفلوجة، الذي يشكل جريمة حرب كبرى. ان الأمر شبيه بتدمير جروزني قبل عشر سنوات، وهي مدينة ذات حجم مشابه، دُكت بالقنابل حتى غدت انقاضاً، وطُرد أهلها منها.

    لقد جمعوا كل الذكور، فيما أظن، ولم يسمحوا لهم بالهرب.

    ذلك يشبه ما حله بمدينة سربرينيتشا، الذي ادين عالمياً واعتُبر إبادة جماعية كانت تلك المدينة معزلاً، يحظى بجماعية طفيفة من قوات الأمم المتحدة، وكانت تستخدم قاعدة انطلاق لمهاجمة القرى الصربية القريبة. وكان معروفاً انه سيجري انتقام، وعندما حدث الانتقام، كان شرساً. رحّلوا بالشاحنات جميع النساء والاطفال، وأبقوا الرجال في الداخل، ويبدو انهم ذبحوهم. وتقول التقديرات ان ألوفاً من الناس قد ذُبحوا.

    حسناً، بالنسبة الى الفلوجة، لم تخرج الولايات المتحدة النساء والأطفال، بل قصفتهم بالقنابل. كان هنالك نحو شهر من القصف، وطُردوا من المدينة تحت قصف القنابل، إذا استطاعوا ان يخرجوا منها. هرب مائة أو مئتا ألف من الناس، أو خرجوا على نحو ما، وكما تقول، أُبقي الرجال في الداخل، ولا ندري ماذا حدث بعد ذلك، ولا نجري تقديرات لأعداد الخسائر التي نحن مسؤولون عنها.

    ولكن الأمر المثير في ما يتعلق بالفلوجة هو ان اجتياحها كان علانية ولم يكن سرياً. وبالتالي كان بإمكان المرء ان يطالع على الصفحة الاولى من “نيويورك تايمز” صورة كبيرة للخطوة الكبرى الأولى في الاجتياح، وهي صورة الاستيلاء على مستشفى الفلوجة العام. وكانت هناك صورة لأشخاص يستلقون على الأرض وجندي يحرسهم، وتقرير يحكي عن ان مرضى وأطباء أُرغموا على الاستلقاء على الأرض وقام الجنود بتصفيد أيديهم، وأبرزت الصورة جميع هذه التفاصيل.

    ان رئيس الولايات المتحدة عرضة للحكم عليه بالاعدام بموجب القانون الامريكي جراء تلك الجريمة وحدها. وأقصد ان هذا يعتبر انتهاكاً صارخاً وفاضحاً لمعاهدات جنيف، حيث ان معاهدات جنيف تقول صراحة ومن دون أي لبس ان المستشفيات يجب ان تُحمى، وان الحماية يجب ان تشمل العاملين في المستشفى والمرضى، وان المقاتلين يجب ان يلتزموا بهذه الحماية خلال أي نزاع مسلح. ولا يمكن للمرء ان يجد خرقاً أشد خطورة لمعاهدات جنيف من مثل تلك الجريمة.

    وهناك قانون عن جرائم الحرب أجيز في الولايات المتحدة بواسطة كونجرس جمهوري في عام 1996. وينص القانون على ان الانتهاكات الجسيمة لمعاهدة جنيف تعرض مرتكبها لحكم الاعدام.

    وهذا لا يعني الجندي الذي يرتكب تلك المخالفات بل يعني القادة، ولم يكن واضعو ذلك القانون يفكرون بالطبع في الولايات المتحدة، ولكن ذلك هو المعنى الحرفي للقانون.

    ومضى الاعلام الامريكي يشرح الأسباب التي دفعت القادة العسكريين الامريكيين لارتكاب جريمة الحرب هذه في المستشفى العام للفلوجة. وأوضحت نيويورك تايمز بهدوء ان تلك الجريمة وقعت لأن القيادة العسكرية الامريكية وصفت مستشفى الفلوجة العام بأنه بوق لرجال المقاومة لأن المستشفى يورد تقارير عن الاصابات التي تقع. وانني لا أدري ما اذا كان النازيون قد اقدموا على أمر كهذا. وعموماً، قالت “نيويورك تايمز” ان هناك تضخيماً لأعداد الضحايا. ولكن كيف نعرف ان كانت الاعداد مضخمة أم لا؟

    اننا لا نقوم أصلاً بإحصائها.

    حسناً،يقول رئيسنا العزيز ان الاعداد مضخمة، وهذا يعني اننا ما دمنا مثل كوريا الشمالية فيجب ان تكون الاعداد مضخمة، ولكن، لنفرض ان الاعداد مضخمة. وأقصد هنا فكرة ارتكاب جريمة حرب كبرى وصريحة لأن المستشفى سلاح دعائي يوزع ارقام الضحايا. وأعتقد ان من الصعب للغاية ان يجد المرء نظيراً مطابقاً لما فعلته القوات الامريكية في مستشفى الفلوجة العام.

    ومضت القوات الامريكية قدماً لتدمر المدينة برمتها، وانتهى الأمر بالقادة الى القول ان قوات المارينز ستواجه تحدياً كبيراً يتمثل في استعادة ثقة سكان الفلوجة ان دمروا مدينتهم. صحيح، سيكون ذلك تحدياً خطيراً، وقد اشاروا الى كيفية تحقيق ذلك من خلال انشاء دولة بوليسية.

    صحيح.

    ولن يتم السماح لأي شخص بدخول الفلوجة إلا بعد اخضاع سكانها لعمليات مسح شبكية العين والتحقق من بصمات الاصابع واجراء جميع الفحوصات الاخرى باستثناء ادخال رقاقات في اجسامهم، وربما يتم إجراء هذه الخطوة في المرة القادمة. وربما يتم تنظيم هؤلاء السكان في مجموعات عمل لإرغامهم بمقتضى الاوامر على إعادة بناء ما دمره الامريكيون.

    حاول ان تجد اجراء مماثلاً لما قام به الامريكيون في الفلوجة. وهذه بالمناسبة، جريمة حرب واحدة، وجزء واحد من الفظائع العامة التي تحدث في العراق على أيدي الامريكيين.

    وتستطيع، في الحقيقة، ان تقول ان الامر ليس بتلك الاهمية، وطبقاً لمبادىء محكمة نورمبرج التي انشأتها الولايات المتحدة ونفذت المحاكمات التي جرت فيها، تتمثل الجريمة الدولية الكبرى في الغزو والعدوان وتضم تلك الجريمة الكبرى في طياتها جميع الشرور التي تعقبها. وهكذا، فإن مضاعفة معدلات الذين يعانون من سوء التغذية ومصرع حوالي 100،000 شخص وجرائم الحرب الفظيعة في الفلوجة ليست اكثر من هوامش وحواش للجريمة الدولية الكبرى.

    ويتم النظر بجدية بالغة لتلك الجريمة، وفي نورمبرج لم تتم محاكمة الجنود او قادة السرايا، بل حوكم الاشخاص الذين صدرت ضدهم احكام وتم تنفيذ حكم الاعدام شنقاً فيهم، وكانوا من كبار القادة، كوزير خارجية المانيا الذي تم شنقه. وبسبب المشاركة في الجريمة الدولية الكبرى التي تضم جميع الشرور التي تعقبها، هل نسمع أي شيء عن ذلك؟

    صحيح.

    ولكنك لا تستطيع ان تقول ان ذلك تم في الخفاء. وان كل الذي قلته لك ورد على الصفحات الاولى من الصحف، وهو امر يزيد في دهشة المرء. وفي الواقع، وأيا كانت فظاعة ما حدث، إلا ان في الامر تحسناً كبيراً مما كان يحدث في الماضي. وأقصد ان اموراً اسوأ من هذا بكثير كانت تحدث في فيتنام ولم يكن هناك أي اهتمام بما يجري. وانه لأمر صعب ان يقول المرء هذه الكلمات، ولكن تقدماً كبيراً حدث منذ ايام حرب فيتنام، وأقصد بقول هذا ان الكثير من الناس يجدون الأمر مروعاً. وقد استمر حدوث مثل هذه الفظائع في فيتنام بمعدلات أعلى لعدة سنوات ولم تكن هناك أي احتجاجات بالمرة. وأعني ان حرب فيتنام بدأت عام ،1962 وكانت في حقيقتها حرباً ضد فيتنام الجنوبية. وشن كنيدي الحرب في عام 1962 وكانت حرباً وحشية منذ بدايتها. فقد كان قصف واستخدام الاسلحة الكيماوية وتدمير للمحاصيل والغطاء لإيقاف الدعم من الثوار، والدفع بملايين الناس الى ما أصبح فعلياً معسكرات اعتقال احياء فقيرة على ضواحي المدن.

    ومع حلول الوقت الذي بدأت فيه تظاهرات الاحتجاج تتصاعد، كان ذلك في 1966 أو ،1967 كانت فيتنام الجنوبية قد تعرضت لتدمير كامل تقريباً. وقد كتب المحلل العسكري البارز والمتخصص في شؤون فيتنام والهند الصينية، بيرنارد فول، في عام 1966 و،1967 متسائلاً عما إذا كانت فيتنام ككيان تاريخي وثقافي ستنجو من الإبادة بعد الذي تعرضت له من قصف مكثف لم تتعرض له قبلها منطقة تماثلها في المساحة. وعموماً، لم تحدث احتجاجات لسنوات طويلة، وأما الآن، فقد حدث تحسن كبير خلال السنوات ال 33 الماضية.

    لا يهمنا ما نفعله بالآخرين

    يذكرني حديثك هذا باقتباس من كتاب مارك توين (يانكي كونيكتيكت) وربما تجد فيه شيئاً تعلق عليه. وكتب توين حسب اعتقادي عن الثورة الفرنسية وقال:

    “كان هناك “عهدا ارهاب” اذا تذكرنا وتأملنا. حدث احدهما في انفعال حاد والآخر بدم بارد وقسوة بالغة. ويتملكنا الروع ازاء “بشاعات” الارهاب الأصغر والارهاب الخاطف، ان صح التعبير، ولكن الى أي حد يمكن تصور بشاعة الموت السريع من ضربة فأس على العنق مقارنة بالموت المستمر مدى العمر بسبب الجوع والبرد والاهانة والقسوة والفجيعة؟ ويمكن لمقبرة مدينة ان تحتوي على نعوش امتلأت بالاجساد الميتة جراء ذلك الارهاب القصير الامد الذي تعلمنا جميعاً ان نرتعد امامه ونتفجع ازاءه. ولكن فرنسا برمتها قد لا تتسع لنعوش ملأى بموتى ذلك الارهاب الحقيقي والأقدم عمراً وذلك الارهاب المرير والكريه الذي لم يتعلم احد منا كيفية رؤيته في اتساعه او في ما يستحقه من شفقة”.

    فهل تعتقد ان واحدة من مهام الاعلام الرئيسية في عدم السماح حقاً بعرض ضخامة حجم الجرائم أو ما تثيره من شفقة تستحق المشاهدة هي عكس تحيز وعنصرية المجتمع الامريكي ام انه يوجد بالفعل تحيز المجتمع الأمريكي؟

    ان الاعلام في هذا السياق جزء فقط من الثقافة الفكرية العامة التي تشملنا جميعاً بما في ذلك انت وأنا. وأقصد، اننا لا نرى، ونفضل ألا نرى، الجرائم الرهيبة التي تحدث طوال الوقت، والتي يمكن ان نفعل شيئاً ازاءها بسهولة. وعلى سبيل المثال، مرت للتو الذكرى العاشرة لمذابح رواندا والتي كانت شنيعة فعلاً. فعلى مدى 100 يوم كان حوالي 8 آلاف شخص يلقون مصرعهم يومياً. لقد كانت مجزرة بشعة حقاً. وقد كان هناك الكثير من اللوم والتقريع والأسف لعدم قيامنا بأي خطوة لإيقاف تلك المذابح ولعدم تدخلنا وإرسالنا قوات عسكرية الخ. أليس ذلك رهيباً؟ بالطبع، لقد كان امراً فظيعاً بالفعل. ولكن دعنا نلقي نظرة لما يجري اليوم.

    وفي الوقت الحاضر، يموت عدد مماثل من البشر يومياً، وتحديداً يموت حوالي 8 آلاف طفل في المناطق الجنوبية من افريقيا في كل يوم جراء امراض يسهل علاجها. واذا اضفنا ضحايا المجاعة سيرتفع العدد. وهذا معدل مساو لمعدل مذابح رواندا وسط الاطفال فقط في جنوبي افريقيا ويومياً وليس على مدى مائة يوم. وهناك طريقة سهلة للغاية للتعامل مع هذه المشكلة وهي اغراء شركات الادوية بالرشوة لتزويدهم بالعقاقير والبنية التحتية المحدودة المطلوبة، ولكن لا أحد تقريباً يتحدث عن هذا الامر، وهذا في اعتقادي اسوأ بكثير من مذابح رواندا.

    وعلاوة على ذلك، وإذا خطونا خطوة الى الامام وسألنا انفسنا، عند الحديث عن البربرية، في أي نوع من المجتمعات نعيش عندما تكون الطريقة الوحيدة التي يمكن اللجوء اليها لمنع قتل الاطفال بمعدلات تساوي معدلات مذابح رواندا هي رشوة شركات متجبرة خاصة لتفعل شيئاً ازاء المشكلة، وأعني ان هذا امر يفوق البربرية.

    ولكننا نقبل ذلك، ولا نفكر فيه. ونفضل ألا نفكر فيه. وتتلخص القضية في اننا نحس بالقلق بسبب الجرائم الصغيرة بدلاً من الجرائم الكبيرة، ويتركز اهتمامنا على أي شيء يتم القيام به ضدنا، وأما ما نفعله نحن بالآخرين فلا يهم.

    ولا يقتصر هذا على الولايات المتحدة بل هو امر عام تماماً، وجزء يؤسف له في الثقافات المهيمنة والمجتمعات القوية.

    تقرير مكرر

    مع كل الخطاب المتكلف عن “البربرية” من المهم أيضاً ان نلاحظ ان هيئة العلوم الدفاعية بوزارة الدفاع (البنتاجون) التي تتألف من كبار القادة العسكريين والشخصيات الاستخباراتية أصدرت تقريراً قبل حوالي شهرين أعلنت فيه ان الاستياء الذي يعم العالم الاسلامي ناتج اساساً عن دعم الولايات المتحدة ل “اسرائيل” ودعمها للأنظمة الديكتاتورية العربية وليس ناتجاً عن كراهية داخلية او كره للقيم الغربية في حد ذاتها. ولكن اذا كان كبار المسؤولين في البنتاجون والمؤسسة العسكرية يعرفون هذه الحقيقة، فلماذا هذا الانفصال بين ما يعترفون به هم انفسهم وبين ما يقولونه. وأعني ما هي الضرورات الاستراتيجية الملحة التي تجعلهم يرغبون في ان يجلبوا على أنفسهم الغضب العارم؟

    ان ذلك التقرير مثير للاهتمام، وأعني ان تقرير البنتاجون هذا هو فعلياً تكرار يكاد يكون حرفياً لتقرير لمجلس الأمن القومي اعده في عام 1958 عندما طرح الرئيس ايزنهاور سؤالاً وسط كبار مساعديه عن اسباب حملة الكراهية ضدنا في العالم العربي، ولماذا توجد هذه الحملة بين الشعوب وليس الحكومات.

    وجاء الرد في تحليل اعده مجلس الأمن القومي في عام 1958 وهو: لأن هناك رأياً في العالم العربي مفاده ان الولايات المتحدة تساند الأنظمة القمعية والوحشية وتمنع الديمقراطية والتنمية، واننا نفعل ذلك لأننا نريد ان نسيطر على نفطهم وثرواتهم. كان ذلك في عام 1958.

    ومضى التقرير يقول: نعم ان الرأي صحيح، وسنمضي قدماً في القيام بما نفعله. وكان ذلك معروفاً على مدى سنوات طويلة.وتفاقم الوضع بدرجة اكبر بسبب سياسات محددة.

    وبعد هجمات 11 سبتمبر مباشرة، استطلعت صحيفة امريكية آراء العالم الاسلامي وكانت تلك الصحيفة هي “وول ستريت جورنال”.

    وقد حرصت الصحيفة على اجراء الاستطلاع وسط الاشخاص الذين تهتم بهم والذين تسميهم “المسلمون اصحاب المال” ومديري الشركات متعددة الجنسيات والمحامين الدوليين واشخاص من هذا القبيل، ولم يكن هناك أي اهتمام من جانبها بعولمة او خلافه، بل تركز اهتمامها على اناس يمثلون جزءاً من نظام تديره الولايات المتحدة. ولكن الصحيفة توصلت الى النتائج ذاتها التي تم التوصل اليها في عام 1958.

    فهم يكرهون ويخافون ابن لادن الذي يحاول القضاء عليهم ولكنهم يفهمون الموقف الذي يمثله ويكرهون سياسة الولايات المتحدة لأنها تدعم الأنظمة الوحشية والقمعية وتمنع الديمقراطية والتنمية، ولأنها تساند العدوان “الاسرائيلي” ضد الفلسطينيين والعرب وبسبب العقوبات ضد العراق في ذلك الوقت التي كانت تقتل مئات الآلاف من الناس وتدمر المجتمع وتسبب غضباً عارماً.

    وبالتالي، يكرر تقرير البنتاجون ما عرفه جميع الذين يملكون عيوناً مفتوحة. وتعكس حقيقة ما احدثه التقرير من مفاجأة في الولايات المتحدة الى اي حد يفضل المثقفون ابقاء عيونهم مغمضة. وما قالوه في التقرير صحيح. واذا قرأته جيداً ستجد انه واضح تماماً كتقرير عام 1958. وعلاوة على ذلك، يمكنك ان تعثر على هذا الرأي ذاته في أي كتاب جاد عن الارهاب مثل دراسة جاسون بيرك (Jason Burke) عن “القاعدة” وهو افضل كتاب موجود عن “القاعدة”.

    وهم لا يكرهون حريتنا كما تعلم، وانما يكرهون سياسات الولايات المتحدة ولديهم ما يكفي من الاسباب الوجيهة لكراهية تلك السياسات لأنها تسحقهم على مدى سنوات.

    وبالتالي فهم يكرهون السياسات تماماً. وقد اكتشفت وزارة الدفاع من جديد كل ما يعرفه الذين يبقون عيونهم مفتوحة، وقد تم نزع السرية عن تقارير عام 1958 منذ حوالي 15 عاماً، وقد كتبت عنها عام 1990. وليس مجدياً ان يكتفي المرء بالوقوف على منصة ويصرخ عن الفاشية الاسلامية ومحاولتها تدميرنا. ويتطلب الامر اتخاذ اجراء ازاء تلك السياسات.

    وعلاوة على ذلك، يصح هذا الحال على ما يسمى بالارهاب بعامة. وأقصد ان الارهاب لم يأت من فراغ. ولنأخذ على سبيل المثال الجيش الجمهوري الايرلندي الذي كانت الولايات المتحدة تؤيده الى حد كبير. وكان ارهاب الجيش الجمهوري الايرلندي وهو ارهاب تميز بالخطورة يلقى التمويل من الولايات المتحدة بما في ذلك تبرعات داخل الكنائس وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف. بي آي) على علم بها ولكنه لم يفعل شيئاً حيالها. وكان الامر شنيعاً ولكنه لم يكن من دون اسباب، وقد استطاع الجيش الجمهوري الايرلندي ان يستدر تعاطفاً من السكان الذين تفهموا المظالم التي كان رموز الجيش الجمهوري الايرلندي يتحدثون عنها باعتبارها مظالم حقيقية.

    ===========
    http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=134535

                  

01-11-2005, 05:27 AM

المكاشفي الخضر الطاهر
<aالمكاشفي الخضر الطاهر
تاريخ التسجيل: 08-08-2004
مجموع المشاركات: 5644

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نعوم تشومسكي: غزو الفلوجة جريمة حرب يجب أن يحاكم عليها بوش (Re: sympatico)

    اخوي سمبتيكو




























    أنت تؤذن فى مالطا
                  

01-11-2005, 08:25 PM

zoul"ibn"zoul

تاريخ التسجيل: 04-12-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نعوم تشومسكي: غزو الفلوجة جريمة حرب يجب أن يحاكم عليها بوش (Re: sympatico)

    UP UP

    Thank you for the thoughful posting
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de