فُرْجة .. تحت إكراه الكلب

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 06:00 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-27-2005, 01:41 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22495

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فُرْجة .. تحت إكراه الكلب


    منتجع آسبن .. ولاية كلورادو ..
    ثمانينات القرن المنصرم.
    غمرني هذا البياض المنتشر بلا حدود و الذي يبهر العينين .
    الجليد يغطي كل شيء ..
    الذي إعتاد النظر إلى غباش الأشياء صيفا و شتاءا ، من ماء النيل العكر .. و الغبار و الكتاحة .. إلى لون جدران البيوت المعطونة بزخات المطر المعانق للتراب ... و شوارعنا المتربة .. يتفاجأ بهذا الإبهار ...
    الجبال هنا حتى قممها .. بيضاء ..
    أسطح المنازل و مداخلها تزحمها كتل الجليد ..
    فروع الأشجار تئن بثقلها الأبيض و تتساقط قطرات بتراخٍ تخفف العبء عنها ..
    جرافات الثلج العملاقة في حركة دؤوبة ..
    في الطائرة من ( دنفر كلورادو.. حيث كنت أسكن ) إلى منتجع ( آسبن ) للتزلج التي أتيتها بدعوة من صديقي الأمريكي الأسود ( هارولد ) .. رحت أحدق في منظر المنتجع ذو الشاليهات الخشبية ترقد في إستكانة في حضن الجبال المكسوة ببياض الثلج.
    الدخان يتصاعد من المداخن يتلوى في كسل كالأفاعي ... لتنتهي إلى لا شيء في الفضاء ..
    الأشجار تبدو و كأنها أذرعة غرقى تتشابى طلبا للنجاة وسط خضم زخات الثلج المتراكم .
    ركاب الطائرة خليط من عدة أجناس و أعمار ، لا حديث لهم إلا عن التزلج و عن الطقس.
    ظننت أن المنتجع سيكون كثلاجة كبيرة ، لذا أخذت معي كل ما أملك من ملابس صوفية و جوارب و أغطية رأس و قفازات ، و لكنني فوجئت بأن وقت تراكم الجليد لا يكون الجو باردا بقدر ما هو عند ذوبان الجليد.
    أحب عندما أن يكون الجو باردا التدثر بالصوف و الملابس الثقيلة ،، فالإحساس بالدفء شعور يجعلني أحس بأنني في صحة و عافية بدرجة عالية ،، أو كأنني محاط برعاية شخص حميم ...
    ما زال صديقي يغط في نوم عميق ...
    تمتد صداقتي لهذا الإفريقي الأمريكي لأكثر من خمسة أعوام و حتى يومنا هذا ..
    عفوي ، و مؤدب ، كريم و شهم ، أحس أحيانا كأنني أعرفه من السودان ....
    عندما أتى لزيارتنا في أسبانيا ذات صيف ضمن فريق عمل ، تكفلت بأن أكون دليله في البلدة السياحية الصغيرة ( ماربيا ) بمنطقة الأندلس قبالة السواحل التونسية ، و سكن معي في السكن المخصص لي ...
    من دون أغنياتنا التي تذخر بها مكتبتي الموسيقية .. كان يترنم بلكنة محببة بمقدمة أغنية الطير المهاجر .. أَحَبّها أكثر عندما ترجمتُ له كلماتها و حدثته عن شاعرها و مغنيها ..
    و هاهو يرد تلك الضيافة بهذه الرحلة ... أتى خصيصا من لوس أنجلوس ..
    أمازحه دائما بأن أصوله لا بد أن تكون أثيوبية .. فهو كثير الشبه بالجمايكيين .. بشعره المجدول كضفائر ستيفي واندر ..
    يرد بضحكة قصيرة ، فهو قليل الحديث ..
    إلتفتتْ شابة تجلس أمامي تسألني عن أيهما أرخص : الشاليهات أم الفنادق ..
    تجاهلت سؤالها و كأني لا أجيد الإنجليزية .. رغم أنها إستمرتْ بإنتظار الإجابة ..
    هنا لا يغضبون إن لم تجب على السؤال أو إن تجاهلت السائل ...
    شردت بعيدا بأفكاري ..
    تملكني إحساس غريب و أنا أتأمل كتل الجليد ،، تذكرت تلال رمالنا في قريتي بالشمال في مقارنة تلهث خلف الذكريات البعيدة ..
    تلال من رمال بلون الشفق تمتد إلى مالا نهاية ..
    نهرع إليها يوم الجمعة حفاة الأقدام ، تسبقنا صيحاتنا ..
    تكون الرمال باردة عند زوال الشمس ،، تجعلنا ننسى حرارة الجو التي تلهب أرجلنا طيلة النهار.
    قفزت صورة ( زبيدة ) إلى مخيلتي ،، بضفائرها الطويلة ،، دائما ترمح في المقدمة بقوامها النحيل و شعرها الأسود المسترسل بهمجية يتطاير مع الريح و هي تطلق تعليقاتها دونما توقف .
    نتدحرج على الرمال في عبث طفولي .
    الرمال تملأ الجيوب و العيون.
    مشاعر الحب في قلوبنا الصغيرة البريئة نترجمها إلى إهتمام و عناية برفيقات الطفولة.
    تخيلت جموع السياح الذين في الطائرة يتدحرجون معي على تلك الرمال النقية ،، و يأكلون (الدفيق ) ،، و يشربون من ماء النيل العكر بطميه الداكن، و ينصبون الفخاخ و الشراك للعصافير و القماري ، و يأوون معنا الى بيوتنا عند مغيب الشمس ، لينتهي اليوم ، فتنام القرية في سبات لا يقطعه إلا نباح كلاب بعيدة أو نقيق ضفادع على حواف الجداول.
    تخيلتهم يستريحون في راكوبة ( جدو فرح ) في انتظار صينية الغداء العامرة بخيرات الساقية و من عرق ( الترابلة ) ، يستمعون لتعليقات (عم حامد) عندما يسمع صوت (كبابي ) الشاى فيقول : قواديس الكيف اتطاقشن.
    يتنامى الى الأسماع ليليا صوت الطمبور ينساب عبر صفحة النيل الهادئة في ليلة قمرية من الضفة الشرقية تمازج صوت كروان يجلجل صوته كايقاع متناغم مع صوت أوتار الطمبور الحزين.
    أفقت من شرودي على صوت صديقي و هو يصحو على تنبيه المضيفة بربط الأحزمة إستعدادا للهبوط ..
    هاى جاليليو ،، أخيرا وصلنا ؟
    كان يحلو له أن يناديني بهذا الإسم.
    لم نجد مكانا نسكن فيه..
    الموسم في أوجه ..
    مشاهير النجوم و الساسة و رجال المال و الأعمال يعج بهم المنتجع.
    إقترح صديقي أن نفترق للبحث عن سكن حتى يسهل البحث عن سرير واحد بدلا من طلب سريرين في وقت واحد ..
    مضى لحال سبيله بحثا عن سكن ..
    وجدت بعد لأْى و جهد سريرا في غرفة مع شخصين ( رجل و إمرأة ) معهما كلب من نوع ( جيرمان شيبرد ) في حجم طفل يمشي على قدمين،، مربوط بحافة السرير بسلسلة غليظة لم تجعلني مطمئنا كثيرا ،، فقد قابلني الكلب مقابلة غير ودية و كشر عن أنياب كنصال مسنونة و عينان تقدحان كراهية .
    لم أنم طوال الليل من حشرات صغيرة تشاركني الفراش و كلب يحملق بعينين تبرقان في الظلام نحوي.
    كلما تحركت ،، أحدث السرير صريرا ،، فيزمجر الكلب ،، فتسكته المرأة بسيل من الشتائم و تختمها بكلمة فرنسية سوقية ، تظن أنني لا أفهمها.
    عند أول شعاع من الشمس ،، بدأ الرجل و المرأة في الإستعداد للخروج ...
    و الكلب يراقبني عن كثب و بشكل لصيق ، يبدأ نظراته من أخمص قدمي ثم تستقر تماما على عيني في تحدٍ سافر لا أدري كنهه ..
    الرجل شاب هاديء قليل الكلام ،، و المرأة تبدو أكبر سنا و لكنها جميلة ،، حسبتها لأول وهلة احدى ممثلات هوليوود.
    الحياة روتينية في هذا المنتجع ،، طوال النهار تزلج من أعلى الجبل لأسفله ،، ثم الصعود بالتيليفريك ،، و النزول ،، حركة دؤوبة و سيل لا ينقطع من المتزلجين .
    في الليل تعج الحانات بالمصطافين من شتى أنحاء أوروبا و أمريكا.
    تخنقك رائحة التبغ و الكحول.
    دخلت غرفتي نهارا بعد أن تركت صديقي يمارس هواياته ،، و رغم أنه ظل يناديني بالحاح لكى أواصل تصويره بكاميرا الفيديو حتى يتباهى برشاقته أمام زوجته ،، إلا أنني فضلت الهروب و طلب الهدوء و الراحة.
    وجدتها وحدها ..
    كلبها مربوط كالعادة .. ما أن رآني حتى وقف متحفزا على قوائمه الأمامية و هو يكتم نباحا ..
    زمجر فأسكتته بأشارة منها ،، فأطلق صوتا متحشرجا و كأنه يعترض على عدم السماح له بمهاجمتي.
    خرج رجل ضخم الجثة من الحمام ،، يربط فوطة الحمام فقط حول خاصرته .. لم أره من قبل ..
    لم يكن نفس الرجل الذي رأيته بالأمس مع المرأة ..
    نظر الي غير مندهش ..
    بل لم يفهم سبب دهشتي التي أجبرتني أن أنظر اليهما ،، ناقلا بصري بينهما.
    تحدث مع المرأة بطريقة توحي بأنها يسألها عني أو كأنه تضايق من حضوري في هذا الوقت.
    أحاطها بذراعيه ،، و أعمل فيها تقبيلا و ضما و شمّاَ و كأنه من مقاتلي الفايكينج القادمين من معركة أستغرقت شهورا لم يعاشر خلالها أنثى.
    تجاهلا حضوري تماما ،، و تكفل الكلب بمراقبتي دون أن يعيرهما التفاتا.
    هممت بالخروج ،، فزمجر الحيوان الرابض و كأنه يحثني على متابعة هذا العبث.
    إن كان الرجل الغائب هو زوجها فمن هذا الفحل ؟
    ربما عشيقها المتيم. هكذا أسكتُّ فضولي ..
    القيت نظرة أخيرة عليهما و هما لاهيان في عوالم أخرى .
    و إنسحبت و أنا أتلفت متوجسا خيفة من إنفلات الكلب بغتة.
    في الغد .. إنسحبت من مكان التزلج إلى غرفتي مرة أخرى ..
    لم يكن نفس عاشق الأمس معها .. بل كان رجلا آسيويا ..
    هو أيضا لم يعرني كثير إنتباه ..
    ظلا يمارسان ما بدا لهما و كأنني شبح من الأشباح المتطفلة ..
    أخبرت صديقي ( هارولد ) بما يحدث ..
    هز كتفيه بلامبالاة ... قائلا : بعض النساء يزداد شبقهن في هذا الفصل ..
    في اليوم قبل الأخير لنا بالمنتجع .. أصيب ( هارولد ) في قدمه اليمنى ..
    فأنسحب معي للغرفة يجرجر قدمه المصابة ..
    وجدنا زبونا آخر معها .. كان في حجم مصارعي السومو اليابانيين ..
    أطلق ( هارولد ) ضحكة إستهزاء .. تجهم وجه الرجل..
    قالت المرأة : What is funny Nigger ?
    تقدم ( هارولد ) منها محاولا إفحامها بطريقته ..
    قالت شيئا باللغة الفرنسية لم أسمعه جيدا ..
    قفز الكلب أمامنا مزمجرا .. أسنانه بارزة كالنصال .. و اللعاب يسيل من جانبى فمه .. أعطى ظهره للباب و وقف أمامنا وجها لوجه.
    عيناه في لون الجمر ..
    قالت المرأة : لو تحرك أحدكما من مكانه فسيمزقه الكلب إربا..
    ثم خلعت ملابسها قطعة تلو الأخرى في بطء يحاكي إغراء فتيات ( الإستربتيز ) ..
    و جاراها الرجل في عُرْيها .. و بريق التشفي يطل من عينيه ..
    وقفا أمامنا كيوم وُلِدا ..
    و الكلب ينقل نظراته بيني و بين ( هارولد ) ..
    أصابني الغثيان بعد أن خمّنْت ما ينويان فعله ..
    رغم أن الكلب يقف حائلا بيني و بين الباب .. إلا أنني حاولت أن أخطو ببطء نحوه لأنجو من هذا الإذلال .. ..
    قال (هارولد) : Do not even think about it.
    لم تنقطع زمجرة الحيوان المكتومة .. أحسست أنه كان يتحين هذه الفرصة لينتقم مني أنا بالذات .. فقد كان يكن لي شعورا معاديا واضحا منذ أن رآني ..
    مارس الإثنان أمامنا كل أنواع الجنس .. طبقا كل شاردة أو واردة من حيل المتعة ... و هما يختلسان النظر إلينا بين الفينة و الأخرى .. ( هارولد ) يتابعهما و كأنه يشاهد مباراة (هوكي) ..
    و الكلب الرابض يحثنا بزمجرته على المتابعة ..
    همس لي (هارولد) دون أن ينظر إلى : Free action
    أسكته الكلب بزمجرة بوتيرة أعلى ..
    و هي لا زالت مستلقية .. أمرت الكلب بنفس اللغة و بلهجة آمرة .. فركض نحوها يلعق يدها الممدودة نحوه و الرجل يربت على راسه : Good boy ..Good boy
    عندما خرجا قلت لصديقي : أيمكننا مقاضاتها ؟
    قال : Are you Kidding ?
    ثم أضاف : سيقولان أننا دخلنا عليهما و هما في خلوة فهاجمنا الكلب.. ثم لِم تقاضيهما ؟ فقد شاهدتَ إثارة مجانية ..
    و ضحك ضحكته القصيرة ..
    في طائرة العودة .. مازحني ( هارولد ) كثيرا عن تلك القصة ..
    كان يحاكي زمجرة الكلب كلما أراد أن يتنصَل أو يتهرب من إجابة إحدى أسئلتي ..

    (عدل بواسطة ابو جهينة on 03-27-2005, 01:50 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de