في الرحلة الأولى من نوعها- الرأي العام في معقل التورا بورا- سلمي التجاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 01:56 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-16-2005, 01:19 AM

Omer54

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 783

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في الرحلة الأولى من نوعها- الرأي العام في معقل التورا بورا- سلمي التجاني

    سلسلة المقالات هذه صدرت عن الرأي العام بقلم الاستاذه سلمي التجاني و هي فضلا عن فائدتها الخبرية و المعلومات التي تفضي بها فأنه تنبئ عن تقدم في مسرة الصحافة السودانية و ايضا اضاءة في مسيرة الصحافيات. تعودنا علي الصافيين السودانين الذين يكتبون من مكاتبهم و لا ينتقلون الي مكان الخبر و بدرجة ادق لا يغادرون الخرطوم. الاستاذة سلمي التجاني خرجت من كل ذلك بل ذهبت و خرقت خطوط النار دخلت الي معاقل ثوار دارفور و قدمت لنا هذه السلسلة من المقالات ذات الفائدة العطمي.

    ارجو ان تكون محور نقاش هادف.

    الي اولي الحلقات.


    فـى أول رحلـــة مــن نـــــــوعــــهـا..
    الرأي العام فى معقــــل التـــورا بــورا... ''1-''3
    الطــريــــق الى «مهـــاجـــرية»


    مهاجرية.. بين طريقها الصعب وحياتها السهلة
    سلمى التيجانى


    تشير الساعة الآن الى الرابعة تماماً من مساء السبت التاسع عشر من مارس.. أقف أمام مكتب الترحيلات بموقف مهاجرية بوسط مدينة نيالا فى إنتظار العربة التى ستقل المسافرين الى محطة بليل على بعد ساعة إلا ربعاً شمال نيالا وهى النقطة التى تنطلق منها كل الرحلات المتجهة الى شرق ولاية جنوب دارفور..
    أرتدى -كسائر نساء المنطقة- ثوباً من البوليستر وجلباباً باكمام طويلة واشارب أسود مربوط كما إتفق وانتعل شبشباً خفيفاً.. وتحمل حقيبة اليد نصف الممزقة اغراضي القليلة..
    حجزت مقعداً أمامياً فى اللورى البيدفورد الذى سيلحقنا بمنطقة بليل..
    -ليل بليل-
    فى الخامسة تحركت العربة اللاندروفر متجهة نحو بليل.. وصلناها والوقت أصيل..
    بدت قرية كبيرة ترقد المحطة فى جانبها الجنوبى الغربى..
    والمحطة سوق من رواكيب القش وأكشاك الحديد تعمل كبقالات صغيرة ومطاعم لخدمة المسافرين..
    وعلى إمتداد السوق تنتشر بائعات الشاى يتحلق حولهن الزبائن على البنابر والبروش وعلى الأرض..
    ولا إدرى ما علاقة بليل بـ «الليل».. ففي هذه القرية يوجد اطول ليل على وجه الكرة الأرضية.. كان علىّ ومعى امرأة مسنة واخرى فى الثلاثين من عمرها ان نمضيه على جوالات مفروشة على الأرض.. بين عربتى لورى محملتين بالبضائع احداهما عربتنا التى ستقلنا الى مهاجرية.. جارتى على الأرض المسنة التى لا اعلم اسمها تشبه نساء شمال السودان بشلوخها المطارق وشفتها «المدقوقة»..
    سألتها هل تعرف لهجة «رطانة» الزغاوة فقالت انها جاءت من دار زغاوة وهى صغيرة لذلك لا تعرف إلا بعض الكلمات علمتنى بعضها وهى تضحك..
    الليل لم ينطو كأنه تسمر فى بليل.. لكن منظر السماء وهى مضاءة بالنجوم يستحق السهر.. عنقريب النجم فى بليل أجمل منه فى أى مكان آخر.. وكذلك زرقة السماء واقترابها من الأرض.. فكرت كثيراً فى الوقوف ورفع يدى الى أعلى.. ربما ألمسها..
    أخيراً وفجأة عادت الحياة الى بليل فى تمام الخامسة صباح الأحد العشرين من مارس الماضى.. وبدأت اللوارى فى اطلاق صافراتها لايقاظ النائمين.. وبسرعة كانت هنالك خمسة لوارى محملة بالبضائع والناس تتحرك وفى وقت واحد تقريباً إلى مهاجرية والضعين..
    ضوء شق عتمة ذلك الصباح من بعيد.. إنها نقطة تفتيش بليل... تمت فيها مراجعة أوراق العربات وتسوية بعض النزاعات الصغيرة بين الكماسرة والركاب الذين لم يكملوا مبلغ التذكرة..
    ‎-طريقان-
    المقعد الأمامى باللورى الذى يشاركنى فيه اثنان اضافة للسائق مكننى من رؤية المنطقة والتعرف على القرى على جانبى الطريق.. والسائق يعمل فى هذا الخط -كما قال- لاكثر من 15 سنة..
    أمامنا طريقان.. طريق لبدو ولا يفضله سائقو العربات لانه غير آمن وحوادث النهب فيه لا تتوقف.. الثانى طريق السكة الحديد وهو أقل خطورة على أن تعبر العربات فرقان ابكملتي صباحاً والشمس مشرقة.. ولا تجد صعوبة وانت تعبر هذه المنطقة فى رؤية خيول النهابين وهى مقيدة تحت الأشجار .
    روى لى السائق ان عربته تعرضت قبل اسبوعين لحادثة نهب وحدد لى الخور الذى ضربه فيه النهابون وكيف «أكلوا» أي سرقوا كل ممتلكات المواطنين.. لذلك تجد المسافرين يرتحلون بأقل متاع ويتفننون فى إخفاء أموالهم.. فاخفاؤها فى ملابسهم أصبحت «حركة» مكشوفة للنهابين علاجها بالضرب المبرح والتفتيش الدقيق.. لذلك يتجه كل مسافر الى جزء من اللورى ليكتشف مكاناً لا يخطر على بال النهاب.
    -النهب.. النهب-
    تحرك اللورى شرقاً بمحاذاة السكة الحديد ومر بقرى صغيرة كثيرة مهجورة رغم أنها غير محروقة.. جارى قال لى إنها اصبحت غير آمنة بعد تكرار هجمات النهابين وان سكانها أما إتجهوا لمعسكرات النازحين أو استأجروا منازل بمدينة نيالا ان كانوا ميسورى الحال..
    عندما وصلنا منطقتى الدوينكى وشرم على بعد 60 كيلو من نيالا توقف السائق ليؤدى بعض الركاب صلاة الصبح سألته لماذا هذا المكان بالذات أجابنى أننا اصبحنا خارج المنطقة التى يصل إليها النهابون..
    وكنا قد تجاوزنا مناطق «مرلا» على يمين الطريق و«لبدو» على شماله.. وفى «شرم» توجد مساحات واسعة تحمل آثار حريق على طول شريط ليس بالقصير.. فقد تجد على يمين الطريق أرضاً سوداء وعلى يساره أرضاً معشبة تنتشر فيها اشجار الغِبيش.. وهى اشجار تشبه اشجار السنط ولكنها قصيرة وغير مثمرة..
    الآن بدأت الشمس فى الخروج من مخبئها بوقار يقترب من الدلال.. قرص الشمس فى مواجهتنا يكبر شيئاً فشيئاً كأنه يخرج من حفرة فى الأرض..
    فى تمام التاسعة صباحاً كنا عند مدخل مدينة مهاجرية التى تبعد تسعين كيلو متراً شرق نيالا..
    -داخل مهاجرية-
    ولجنا المدينة من مدخلها الرئيسى فى الاتجاه الجنوبى الغربى.. لافتة صغيرة مكتوب عليها مدينة مهاجرية وبجانبها علمان.. أحدهما يحمل ثلاثة ألوان الاخضر والأصفر والأزرق وهو علم حركة تحرير السودان والآخر علم السودان بألوانه الأخضر والاسود والأحمر والأبيض وفى منتصفه ميزان ذهبى.. وهذا علم حركة العدل والمساواة، أول ما تشاهده فى مهاجرية هو معسكر النازحين الذى يقع جنوب المدينة... وهو أحد معسكرين هناك.. الآخر بالجزء الشمالى ويسمى المعسكر الأول «بأم عجاجة».. وتم افتتاحه فى يوليو 2004م ليأوى نازحى مناطق يس وصليعة وبركة ومعالى وكليكلة وموجو وكاسر...
    تدير المعسكرين منظمتان.. سولدرتز الفرنسية وتهتم بالجوانب الصحية والغذاء ومضخات المياه والتصريف الصحى.. وتعتنى منظمة اطباء بلا حدود الهولندية بالعلاج... وقد انشأت مركزين علاجيين للأطفال والكبار..
    -معسكرات نازحين-
    تدير المنظمتان معسكرى الشمال والجنوب بمهاجرية بالتنسيق بينهما.. وبرغم غياب المنظمات الوطنية إلا أن المنظمتين الهولندية والفرنسية تستفيدان من خبرات النازحين المتعلمين وتوظيفهم ضمن كوادرها..
    وعلى بعد خطوات شمال الطريق يوجد منزل أنيق مكون من غرفتين مطليتين بطلاء أزرق فاقع وسور من الطوب الأحمر بجوار كل غرفة قطية من القش.. أشار السائق الى المنزل قائلاً هذا منزل «حركة العدل والمساواة»..
    وعلى بعد عشر دقائق منه «باللورى» مبنى المحلية «سابقاً» المكون من 4 غرف مطلية بجير أصفر قديم.. وفى منتصف فناء المبنى علم حركة التحرير.. قال جارى «هذا مبنى حركة التحرير»..
    وهناك البعض بأزياء غير منتظمة.. فبعضهم يرتدى زياً عسكرياً والآخر يلبس ملكى لكنهم جميعاً يحملون البنادق والمسدسات..
    - السوق-
    الآن توقف اللورى فى منتصف سوق مهاجرية السوق أكبر مما توقعته، وممتلئ بالبضائع من كل الأصناف.. فهنالك سوق الأجمالى وترى الدكاكين تضيق بالجوالات والكراتين.. وسوق الملبوسات وأسعاره تماماً كاسعار السوق العربى ثم دكاكين العطور والكريمات.. لكننى لم أر دكاكين «قدر ظروفك».. وهناك سوق الخضار الذى يمتد فى رواكيب على صفين طويلين عامر بكل الوان الخضروات والفواكه.. وزنك اللحوم وتلاحظ فيه كثرة لحوم الأبل.. وعلى طرف السوق البعيد تجار السمن وهو السلعة التى تشتهر بها مهاجرية...
    وتجد الكافتيريات منثورة بداخل السوق وتنطلق من اجهزة التسجيل بها أصوات مطربين معروفين.
    - الأحد.. الاربع-
    وسوق مهاجرية أحد أكبر أسواق دارفور ففى يومى الاحد والاربعاء «يومى السوق» يحج التجار من مختلف مناطق جنوب دارفور الى السوق بشتى البضائع مع التركيز على الأبقار والضأن والماعز والأبل والتى خصصت لها مساحة كبيرة جنوب السوق..
    وفى يوم السوق تسهل سرقة المنازل بمهاجرية فالجميع بالسوق.. اما للبيع او الشراء أو الفرجة..
    قبائل مهاجرية
    ومهاجرية قرية ريفية كبيرة ترقد على قوز من الرملة البيضاء الجميلة.. تسكنها قبائل البرقد والبرتى والبرقو والتاما والمساليت والعرب والداجو والزغاوة وتكاد تخلو من الفور..
    أحياء المدينة مقسمة على أساس قبلى فهناك فرقان العرب واحياء البرقد والبرتى ولا تستغرب عزيزى القارئ ان علمت ان هناك حياً يسمى حى جعل تقطنه اسر لا تتزاوج مع بقية قبائل المنطقة..
    جاءتنى فاطمة إحدى نساء فريق جعل وقالت لى علمت أنك جعلية واتيت للتعرف عليك، سألتها من أين اتيتم الى مهاجرية قالت ان اجدادها أتوا من شندى واستوطنوا الضعين.. واستقر جزء منهم بمنطقة خزان جديد بجنوب دارفور ومنها جاءوا الى مهاجرية.. فاطمة أو «فانية» كما يدلعونها لا تحمل من الجعليين إلا اسم قبيلتهم.. فملامحها تشبه تقاطيع عامة أهل دارفور ولسانها به لكنة دارفورية واضحة وتربط طفلتها على ظهرها مثلهم..
    للتأكد طلبت منها زيارة فريق جعل فأعتذرت بأنها لا تستطيع دخول الفريق بعد ان خالفت عادة الأسرة وتزوجت احد ابناء البرقد.. حينها تأكدت أنها جعلية.
    -قطاطى.. FM-
    المبانى فى مهاجرية عبارة عن قطاطى من القش والقصب مسورة بالأشواك إلا القليل من غرف الطين الأخضر وقليل جداً من الطوب الأحمر.. أما السوق فالدكاكين من الطوب أو اكشاك الحديد.. لكن محلات الاتصالات التى لا تقل عن ستة كلها من الطوب الأحمر مطلية بعناية.. وفى اوقات القيلولة يتسلى بعض السكان بسماع أصوات المتحدثين عبر الهواتف بموجة الـ«FM» فكل الهواتف هناك هوائية.
                  

04-16-2005, 01:25 AM

Omer54

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 783

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الرحلة الأولى من نوعها- الرأي العام في معقل التورا بورا- سلمي التجاني (Re: Omer54)

    المقال الثاني


    مع مسلحي دارفور في دارهم !
    سلمي التجاني
    الذهاب إلى مناطق التمرد بدارفور فكرة ظلت تقلقني لفترة طويلة .. حاولت تحقيقها مرتين .. مرة عندما ذهبنا إلى الفاشر في أغسطس الماضي برفقة إتحاد المرأة السودانية وخرجت من المحاولة بوعود .. الثانية رحلة طويلة وكانت على هامش مؤتمر الادارة الأهلية الذي نظمه المجلس الوطني بالفاشر.. وقتها تم الاتفاق مع الاستاذ محمد أحمد عبد الله مدير منظمة الزبير على زيارة مناطق طويلة وطينة الفاشر وشكشكو ... لكن الرحلة كانت ليوم واحد لم نلتق فيه بالمتمردين..
    أخيراً أبديت رغبتي لامين الاعلام والامين العام لحركة العدل والمساواة بزيارة مناطقهم وكانت موافقتهما فورية ..
    وعندما ذهبت إلى نيالا برفقة ملتقى منظمات المجتمع المدني تم الترتيب الذي كان قد بدأ بالخرطوم .. شاركت في جزء من فعاليات الملتقى وهو يعتبر أول بادرة مقدرة لمنظمات المجتمع المدني زاروا فيها معسكرات النازحين وقدموا العديد من الاحتياجات.
    نجاح
    الزيارة كانت ناجحة أسهم في ذلك قيادة الاستاذين آمال عباس والحاج وراق لوفد الملتقى .. لم استطع اكمال فعاليات الملتقى التي بدأت الجمعة 18 مارس اذ كان على أن أغادر إلى مهاجرية يوم السبت .. انسحبت اثناء زيارة الوفد لمعسكر عطاش ..
    أنا الآن في مهاجرية كما ذكرت في الحلقة الماضية برنامجي الذي كنت أذاكره أثناء الرحلة حددته لنفسي منذ اغسطس من العام الماضي هو التعرف عن قرب على المتمردين في الميدان ومعرفة وضع وملامح مناطقهم بزيارة الاسواق والقرى ثم زيارة معسكرات النازحين واجراء لقاءات صحفية مع قائدي جيشي العدل والمساواة وتحرير السودان لأتعرف بعد كل ذلك على كيف يفكر المتمردون وماذا يريدون ..
    التورا بورا
    سألني آلاء الطالبة باحدى مدارس نيالا الثانوية عن شكل المتمردين وهل صحيح أن أجسادهم مغطاة بالشعر وأن الطعام يتساقط عليهم من طائرات عابرة؟ ..
    وعندما وصلت مهاجرية سألني القائد صالح بشير من العدل عن ما معني تورا بورا .. وكان هذا هو الاسم الذي عرف به المتمردون أيام خروجهم الأول .. وهو الاسم الذي يناديهم به الآن عامة أهل دارفور ..
    المتمردين يحبون هذا الآسم .. ولا يعرفون انفسهم بأي من الحركتين وانما يقولون (نحن ثوار) و (عندما اتينا إلى الثورة) .. لذلك يصعب على شخص من خارج المدينة معرفة انتماءاتهم إلا إذا كانوا يمتطون عربات.. فكل حركة تكتب إختصار اسمها على جانب عرباتها (SLA -JEM) . استقبلتني سميرة زوجة القائد الميداني بالعدل الفاضل بشارة في الجزء الذي تشغله من منزل الحركة .. أو الثورة كما يقولون .. والشمس تهم بالمغيب توقفت عربة لاندكروزر مكتوب عليها (SLA) بها سبعة من الشباب المسلحين وبعد تحية مقتضبة طلبوا مني مرافقتهم إلى «مركز الشرطة» ..
    مبنى الشرطة
    المبنى قديم كان في الماضي كما ذكرت مبنى المحلية مكون من أربع غرف تجمعها صالة من الزنك .. غرفتان تستخدمان كسجن والثالثة للمرضى والاخيرة كمكتب للتحقيق والاستجواب .. وقد كان على أن أدخلها..
    الغرفة واسعة وخالية إلا من منضدة كبيرة على أحد جوانبها . وعليها مصباح صغير من الجاز وكرسيان ..
    قبل أن يبدأ التحقيق وصل إلى الغرقة قائد من العدل ومعه قائد بالقيادة العامة وعدد من القادة الميدانيين واستدعوا الشاب الذي يجلس خلف المنضدة للحظات عاد بعدها للغرفة.
    سخونة الغرفة وكثرة الحاضرين والضوء الشاحب والجو المشحون كادت تصيبني بالتوتر . بدأ أحدهم الأسئلة : من أنت وكيف ولماذا أتيت إلى هنا وماذا حدث منذ أن نزلت من اللوري ؟
    اخترت طريقة التفصيل الممل ..
    بعدها طلبوا مني الانتظار بالخارج
    جاسوسة
    كانت اسئلتهم تعكس هواجس أمنية عالية فالمنطقة بها معارضة والطريق إليها مفتوح عدا التفتيش الذي يحدث في بوابة نيالا .. يصل إلى مسمعي بعض من همس يدور بين جنود التحرير مفاده انني جاسوسة .. ولم استغرب عندما أمرني أحدهم بالجلوس على الأرض .. قلت له لن أجلس الا على كرسي .. فحسم الأمر فيصل أحد أفراد العدل الذين حضروا التحقيق ووضع كرسياً بجانبي ..
    حوش بلا سور وبه عدد من جنود التحرير بعضهم مرضى وآخرون يقومون بمهام شرطية ..
    سجن التحرير
    بعد فترة ليست بالقصيرة جاء رجل وخلفه فتاة صغيرة يحمل إناء مغطى.. سلمه لاحد الافراد بعد ان دار بينهما حوار صغير .. وقبل ان ينصرف سألت الفتاة فقالت إن أخوها مسجون منذ الصباح ولا يعرفون جريمته لكنه كان في السوق ...
    بــدري
    حركة التحرير وصلت قبل العدل إلى مهاجرية لذلك كونت «شرطة» لحفظ النظام بالمنطقة ومعاقبة المذنبين لا أدري وفقاً لاي قانون..
    ومهاجرية التي تقول مستندات أراني إياها أحد المتمردين أنها تدخل اسبوعياً لخزينة الدولة «25» مليون جنيه كضرائب على المحاصيل والانعام أصبحت الآن تدفع مبلغاً - لا أدري كم - كضرائب يحددها رجال حركة التحرير..
    كذلك بها لجنة مشتركة بين الحركتين تعتبر مجلس وزراء يبت في القضايا الكبرى.
    توتر في المنزل
    بعد ساعتين تقريباً أعادتنا العربة والمسلحين إلى منزل حركة العدل..
    كان الجو متوتراً ويبدو أن حوارات كثيرة دارت وأحداث وقعت أثناء وجودنا .. لاحقاً علمت أن حقيبتي قد أخضعت لتفتيش دقيق .. ثم أن المنزل مكتظ بعساكر العدل والمساواة .. يتناقشون بهمس وحماس في شكل مجموعات صغيرة .. أول ما تلحظه فيهم أنهم يحترمون قادتهم وبعضهم يؤدي التحية وكثير منهم يرتدون الزي العسكري الكامل.. لكنك لا تستطيع أن تفرق بين القائد والجنود فربما لبقائهم الطويل في الميدان أثر على حميمية علاقتهم ..
    بحر ادريس
    هاتف جاء من بعيد بدد توتر الجو في تلك الليلة .. كان الأمين العام لحركة العدل بحر إدريس ابو قردة .. طمأنني وطلب مني الا اقلق .. وان الامور ستسير طبيعية .. وقتها فهمت أن هناك مشكلة سببها وجودي .. لكن تأكدت ان الامور ستسير كما يريد أمين بحر كما ينادونه..
    المشكلة
    المشكلة كانت أن الخطاب الذي سلمه أمين الاعلام إلى اللجنة المشتركة وإلى قيادة الحركتين قال فيه (صحافيون سيزورون المنطقة) ولم يقل صحفية.. وأن زمن وصولي لم يكن محدداً وهناك مشكلة أخرى كبيرة من نوع الحديث الذي يقال بعد ان تنتهي الحرب . بقيت ثلاثة أيام بمنزل العدل تحت حراسة مشددة ولم أخرج الا لاجتماع دعت له اللجنة المشتركة بمقرها بدار حركة التحرير .. ذهبت مع «قائد الشرطة وقائد الاستخبارات وقائد بالتوجيه المعنوي بالعدل» في عربة لاندكروزر عليها سلاح ثقيل ومعنا عدد من الجنود المسلحين..
    وأنا أهم بدخول مكتب اللجنة لمحت عدة نسخ من صحيفة (الرأي العام) على المنضدة الوحيدة بالمكتب حينها قلت لنفسي (أمانة ما وقعت مرة)..
    هجوم
    وبسرعة انعقد الاجتماع ابتدره كمال منصور رئيس اللجنة وأحد القادة السياسيين لحركة التحرير .. تحدث عن عمالة الصحافة السودانية وأنها مأجورة للحكومة وعن القيود التي تمارس عليها وبعد كل شتيمة كان يقول (مع الاعتذار لكِ) ثم عرج على كتاباتي عن حركته .. وقرأ فقرات من الصحف التي أمامه بعضا من تقاريري عن الحركة وانشقاقاتها وضعف قيادتها..
    واتبع معي طريقة المقاطع ذاتها .. فبعد كل فقرة يسألني .. أليست هذه كتاباتك.. وأجيب برأسي .. أي نعم ..
    كانت أعين اعضاء اللجنة من حركة التحرير ومعهم عم عبد الرحيم من العدل تسلقني بنظرات من نار ..
    وعندما منحني الفرصة للحديث قلت له لن أدافع عن الصحافة ويكفيها الحوارات والاخبار التي تنشرها مع قيادات الحركتين .. إضافة لاحجامكم عن التعامل معها ..
    ثم سألته أولاً : هل أنت تحاسبني الآن بكتاباتي ؟ .. قال أنا أسألك هل هي قناعات أم كنت مدفوعة لكتابتها..
    أكدت له إنها ما زالت هي قناعات وانني أتيت الميدان لأراكم على الطبيعة بعد أن قابلت قياداتكم في طرابلس وانني على استعداد لتصحيح وجهة نظري إن كانت خطأ ..
    وفي اللحظة التي أعلن فيها كمال منصور موافقتهم (المبدئية) على تنفيذ برنامج عملي وتوفير المعينات أعلن أحد أفراد التحرير ويدعي تيمان معارضته لهذا القرار وزاد عليه أن انفلت كالسهم خارج الغرفة .. عدد من الحاضرين رأيت في أعينهم ذات الرغبة لكن ربما الحرج وحده منعهم من مغادرة الغرفة ..
    وفي الحقيقة الأمر كان أكبر من كتاباتي لتقارير اعتبرتها حركة التحرير سلبية.. الأمر كان لبعضهم أنني شمالية أو بت جلابة كما يقول البعض.. ففهم بعضهم لقضية دارفور تقتصر على أنها حرب ضد الجلابة لكن القائد الفاضل بشارة لخص لي القضية ببساطة (نحن قلنا دايرين حقنا بس)..
    والفاضل الذي يعتبر نفسه صهراً لعدد من الأسر الشمالية ينظر للقضية من زاويتها التنموية ويؤكد حبه للسلام.
    معسكرين
    استغرق انتظار كلمة اللجنة المشتركة ثلاثة أيام دارت فيها حرب هامسة بين معسكرين .. معسكر يرى ضرورة ان انفذ برنامجي خاصة وانني غامرت للوصول إلى هنا .. ومعسكر يرى ضرورة رحيلي بأسرع وقت..
    ولتتضح الرؤية فان هنالك تصفية حسابات خاصة دخلت في الأمر .. فاتضح أن الصحف التي كانت بمكتب كمال منصور تسللت من منزل العدل والمساواة وهناك احاديث كثيرة سلبية نقلت عني لقادة التحرير .. وهناك اجتهادات فردية لتوريطي باعترافات لم أقلها .. وهنالك الكثير الذي يقال بعد نهاية الحرب .. المحصلة الأخيرة لكل ذلك كانت في اجتماع بعريشة في منزل العدل في يوم الجمعة 25 مارس كل حضوره من العدل والمساواة الا رئيس اللجنة المشتركة الذي قال لي واصابعه ترتجف من التوتر (يا أستاذة انت غير مرغوب في وجودك بالمناطق المحررة) ..
    لم أتفاجأ فالحيثيات كانت تسير في هذا الاتجاه ...
    سألته : لماذا ؟ أجاب : لانك قلت ان حركة التحرير عبارة عن رعاة اغنام ولا يفهمون وأنك تكتبين عنا بطريقة سالبة ترمي لشق صفوفنا وتجعل وحدتنا مع حركة العدل مستحيلة..
    محاولات
    شكرته وغادرت مكان الإجتماع .. بعدها استمرت محاولات اثنائه عن قراره لاسبوع كامل كان كافياً أن التقي بالمتمردين واتعرف على احوال السوق بحجج مختلفة وأزور القرية وأتعامل مع المواطنين وبائعات الشاي.. لكنني لم اكتب حرفاً هناك احتراماً لقرارات اللجنة المشتركة التي تمثل مضيفتي حركة العدل والمساواة نصف أعضائها..
    وأنا أودع مهاجرية لحق بنا كمال منصور بالسوق وأبدى لي اعتذاره عما حدث وأن القرار في اللجنة يتخذ بأغلبية ووعدني بترتيب لزيارة أخرى شكرته وأخبرته بان برنامج عملــي وان لم أنفذه كــله فقد نفذت منه الكثير..
                  

04-16-2005, 01:30 AM

Omer54

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 783

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الرحلة الأولى من نوعها- الرأي العام في معقل التورا بورا- سلمي التجاني (Re: Omer54)

    الحلقة الثالثة

    في الرحلة الأولى من نوعها :
    «الرأي العام» في معقل التورا بورا «3-4»
    معتقلة .. إلا قليلاً .. في مناطق المتمردين !
    سلمي التجاني
    ما لم يقله كمال منصور رئيس اللجنة المشتركة - بمناطق التمرد قطاع جنوب دارفور - وهو يبلغني بعدم رغبتهم في وجودي هو أن حركة التحرير لا ناقة لها ولا جمل في كل ما حدث بمهاجرية.. وانها أقحمت في ذلك مثلي تماما..
    فالهاتف الذي ذكرته بالأمس وقلت إن بحر إدريس طمأنني فيه سبقته أوامر عليا من القائد العام لجيش العدل والمساواة عبد الله بندة.. فقد أصدر تعليماته باعتقالي أنا وأمين الاعلام الذي رتب لزيارتي الاستاذ محمد أحمد بخيت واحضارنا مقيدين إلى معسكر الجيش خارج المدينة .. هاتف بحر كان بعد أن نجح في إقناع القائد بارجاعي للخرطوم دون التعرض لمساءلة ..
    معلومات
    وقرار الاعتقال جاء بناء على معلومات قال مصدرها انها مؤكدة تفيد بأنني أعمل لصالح جهات أمنية بالخرطوم - وهو الاتهام الذي يوجهه الكثير من المتمردين للصحافيين السودانيين - وأكد المصدر انني ذهبت لمناطق التمرد بغرض تصوير مواقع عسكرية وانني اعترفت له بذلك في جلسة استجواب معي عقدها في خياله .. لكن ما اذكره أن أحد أعضاء مكتب الاعلام بحركة العدل ويسمى عثمان حجر سألني إن كان في نيتي تصوير مواقع عسكرية ونفيت له ذلك .. واتضح أن الطموح وحده كان وراء المعلومات الكاذبة..
    حجر
    عثمان حجر شاب طموح في الثلاثين من عمره .. درس بلبنان وعندما حاول البحث عن عمل بالخرطوم لم يوفق - ككثير من الخريجين - فوجد ضالته في التمرد ولا يقف أمامه في سلم الترقي إلى أمين الإعلام بالحركة .. إلا الاستاذ محمد أحمد بخيت امين الاعلام الحالي والذي يجمع السياسيون والعسكريون بالحركة على أهليته لهذا العمل ..
    وفي الفترة التي كنت فيها رهن (الانتظار) بمهاجرية كانت لجنة للتحقيق مع أمين الاعلام قد تم تكوينها .. ووصلت لنتيجة واحدة هي أن مؤامرة حيكت (بميدان) هدفها أمين الاعلام .. نفذت بمراحل أولها تمليك معلومات خاطئة للقائد العام لجيش العدل عن مهمتي هناك والذي تم قبل عدة أيام من وصولي .. لذلك كان قرار اعتقالي جاهزاً ..
    تسريب
    ثانيها تسريب صحيفة «الرأي العام» التي عليها تقاريري عن حركة التحرير إلى قادة التحرير .. وبعدها محاولة تسجيل اعترافاتي دون علمي .. وبالطبع لم يحمل التسجيل الصوتي إلا ما قلته في الإستجوابات الأربعة التي تعرضت لها هناك.. وآخرها نقل (قوالات) على لساني تقدح في حركة التحرير..
    ما لم يشأ كمال منصور رئيس اللجنة المشتركة أن يقوله لي هو إننا (أنا وحركة التحرير) وقعنا ضحية لطموح شخصي وتصفية حسابات لا علاقة لنا بها..
    إمرأة
    سألت القائد الميداني بالعدل على حماد بعد أن طال بقائي بمناطق التمرد: هل أنا معتقلة ؟ قال لي بتأثر واضح : انت الآن في بيتك وبين أهلك لكن نحن في الميدان وظروف الميدان تتطلب بعض الإجراءات .
    لحظتها تذكرت أحاديث الأستاذ عبد الله آدم خاطر عن المعتقل وكيف يمكن للانسان ممارسة حياته وانجاز ما يريد وهو داخل المعتقل.
    أول ما فعلته طلبت من عائشة الخادمة بالمنزل أن تأتي لي «بعدة» القهوة وتذهب للسوق لتأتي لي بالبن.
    قراءة فنجان
    ومن يومها اصبحت جلسة القهوة جزءاً مهماً من يومي انضمت إلى هذا البرنامج جارتنا كلتوم التي تقرأ الفنجان..
    قالت لي (طريقك للسفر مرق لكن عليهو شوية) فقررت أن أنجز ما أستطيع من برنامج عملي في هذه (الشوية).. ولان السلاح متوفر بكثرة في المنزل وبالقرب مني وعلى سريري طلبت من أحد القادة أن يعلمني التعامل مع السلاح وفكه وتركيبه .. علمني لكنه فضل ألا يذكر لي أنواع البنادق والمسدسات..
    كلام جيوش
    الجيوش في زمن اللاسلم ولا حرب لديها الكثير لتقوله .. فالجنود يحكون في (بيتنا) عن معاركهم التي خسروا فيها والتي كسبوها..ولكنهم يتحدثون ملء افواههم عم معركة ابو قمرة.

    معارك
    ويتحدثون عن معارك جرجيرة ولبدو وكيف انهزموا لكنهم لا يتحدثون عن الهزيمة بالمرارة التي توقعتها فالمعارك لديهم لم تنته بعد كما قال أحدهم..
    جنود الحركتين في السوق لا تستطيع التمييز بينهم فكلهم أبناء دارفور لكن احدى بائعات الشاي في سوق مهاجرية اكدت لي سهولة التمييز بينهم.. سألتها : هل تعرفينهم بصورة شخصية : قالت لا ولم تضف..
    لا تمييز
    وعلىّ ان اعترف انني لم استطع التمييز بينهم في كثير من المواقف.. وحتى سؤال أحدهم عن الحركة التي ينتمى لها لم يكن يجد القبول لديهم ويؤكدون «نحن ثوار»..
    في إحدى ليالي الأزمة المقمرة انعقد اجتماع تلقائي في حوش منزل حركة العدل على الرملة لا أدري كيف بدأ .. اتصال هاتفي (مرة أخرى) من بحر إدريس أمين عام العدل أعطى للاجتماع رسميته..
    كنا نجلس في شبه دائرة .. القائد الفاضل بشارة والقائد بخيت بوكي وعثمان حجر «الطموح» والقائد صالح بشير ومحمدين نيام والقائد عبد المجيد والقائد ادريس .. ناقشنا أزمتي بمهاجرية ثم أعطى بحر توجيهات لعدد من القادة تمنى أن تخرجنا من عنق الزجاجة ..
    أحاديث طرابلس
    بعد ذلك تحدثنا عن طرابلس وبالتحديد لقاء القذافي بالحركتين بسرت وكلمة القائد خطاب وداعة أحد قادة حركة العدل السياسيين (من قبيلة البني هلبة) التي أصر أن يؤكد فيها للقذافي أن الحرب في دارفور ليست بين العرب والزرقة وأن غياب التنمية وأسباباً أخرى هي التي دفعتهم لحمل السلاح.
    سألت علي حماد مرة أخرى : متى سأعود إلى الخرطوم ؟
    قال لي : (كان مشيتي امرأة وكان قعدتي امرأة) لم أفهم حديثه .. استفسرته فأوضح لي انك في مأمن ولن يتعرض لك أحد بأذى لانك امرأة..
    قلت له لكنني أتيت كصحافية .. قال :
    ما في فرق .. لحظتها أحسست بسعادة كبيرة لأنني إمرأة..
    امرأة
    لكن هذه الصفة لم تمنع استجوابي لاربع مرات خلال الاثني عشر يوماً التي قضيتها بمهاجرية .. الأول كان بمكتب شرطة التحرير والثاني بمنزل حركة العدل.. أجراه عضو مكتب الاعلام بحركة العدل عثمان حجر بحضور عبد المجيد قائد التوجيه المعنوي ..
    والثالث اجراه صالح بشير قائد الشرطة بالعدل بحضور اثنين من أفراد الحركة ..
    وأطرف ما في هذا الاستجواب هو أن القائد صالح تلقى دراسته بغرب أفريقيا لذلك يجيد اللغة الفرنسية .. ولانه عاش كثيراً هناك فهو لا يجيد اللغة العربية..
    حاجز
    اكتشفت ان هنالك حاجز لغة بيني وبين القائد المكلف بحمايتي فهو لا يجيد اللغتين العربية والانجليزية ولا يتحدث إلا الفرنسية ولهجة الزغاوة.. عبدو كان يقوم بمهمة الترجمة لكن في اليوم الذي ودعني فيه صالح بموقف مهاجرية كان قد تعلم بعض العربي وتعلمت شيئاً من لهجة الزغاوة ..
    حالة طواريء
    تداعيات زيارتي (الازمة) كانت متفاوتة أكبرها كان قرار قائد جيش العدل بحل اللجنة المشتركة ولجان أخرى ذات صلة بالزيارة مما استدعى تدخل د. خليل ابراهيم رئيس الحركة ..
    أهم ما تلاحظه هناك هو ان كل شيء يقتل بحثاً ونقاشاً وان الجميع يقبل بنتائج النقاش .. وبالرغم من أن لجان التحقيق والاستجواب تأخذ وقتاً طويلاً لتؤدي عملها لكن نتائجها غالباً ما تكون مرضية للجميع وهذا - ربما - ما دفع محمد أحمد بخت لقبول التعامل مع لجنة التحقيق وانتظار نتائجها بصبر دون أن يطلب تدخل مسئولين من خارج الميدان لانهاء الأمر .. وكان يمكنه ذلك ..
    قعاد واطة
    في البدء كنت استغرب من حب المتمردين للجلوس على الأرض لكن عندما تكررت مفردة (خلينا نقعد في ا########## ونشوف الحاصل شنو) تأكدت أنها إحدى أدبيات هؤلاء الناس في منقاشة مشاكلهم وإن كبرت ..
    ودعت مهاجرية وأنا سعيدة بكبر أعداد المودعين بموقف مهاجرية خاصة عندما انضم إليهم كمال منصور الذي قال لي (انت غير مرغوب في وجودك معنا)..
    في الحلقة القادمة سأحكي لكم عن قائد اجتماعي يسمى فكي أبو سوط
                  

04-16-2005, 01:35 AM

Omer54

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 783

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الرحلة الأولى من نوعها- الرأي العام في معقل التورا بورا- سلمي التجاني (Re: Omer54)

    الحلقة الرابعة و الأخيرة

    في الرحلة الأولى من نوعها
    الرأي العام في معقل التورا بورا (4-4)
    سلمي التجاني
    إذا تتبعت صوت جهاز التسجيل العالي من اي مكان بمهاجرية يوصلك إلى منزل فكي ابو سوط بحي البرقد .. وفكي أبو سوط رجل في الخامسة والأربعين من عمره .. طويل القامة .. نحيل .. لا أدري إلى أية قبيلة ينتمي لكنه يشبه سائر أهل دارفور .. كثير الثرثرة .. خفيف الظل .. بجانبه سوط لا يفارقه أبداً ..
    اسمه الحقيقي محمد لكن ذاع صيته في جنوب دارفور بـ «أبوسوط»..
    وفي أحد أركان منزله شيد عريشته «أو خلوته» .. مبنى من الحصير والقش.. أثاثه فرشة من البلاستيك وأخرى من الحصير وسجادة يجلس عليها الفكي في احد أركان العريشة المقابل تماماً لمدخلها .. بجانبه على الأرض جهاز تسجيل بسماعتين يعتقد الناس أنه جزء من عمله .. ومن المسجل تستمع إلى المنصوري أحد فناني دارفور ومحمود عبد العزيز وعصام محمد نور .. فابوسوط فكي شبابي .. وحوله مجموعة كبيرة من أواني البلاستيك والألمونيوم بعضها به «محاية» والبعض في إنتظار دوره.
    الخيرة
    على يمينه مصحف كبير توضع بداخله (ألفين جنيه) «للبياض» فالتعريفة معروفة وفوق المصحف على جدار العريشة توجد فروة سوداء يقول المواطنون إن لها علاقة بالمصحف والمسجل في معرفة «الخيرة» والتي بالعربي هي الغيب..
    والحديث عن أبي سوط ودوره الاجتماعي بالمنطقة يتطلب الحديث عن واقع الحياة هناك ..
    من حيث التعليم فبمهاجرية مدرستان للأساس ومثلهما للثانوي بنين وبنات أول ما تلاحظه على طلاب وطالبات الاساس كبر سنهم .. ولولا الزي المميز لهم لاعتقدت انهم طلاب ثانوي .. كان طلاب الاساس في فترة وجودي بمهاجرية يستعدون للامتحانات .. وفي الأول من مارس كانت اللواري والبصات تقف في حوش «الشرطة» والطلاب والطالبات يهمون بأخذ مواقعهم فيها في الطريق إلى نيالا للجلوس للامتحان في اليوم التالي ..
    مع ذلك فنسبة الأمية كبيرة في أوساط الرجال والنساء ..
    المرأة
    والمرأة في تلك المنطقة في الغالب منتجة فمعظم العاملين في السوق من النساء.. يبعن الخضار والعيش والسمن والشاي ويعملن في المطاعم فالمرأة هناك عنصر منتج في الأسرة ..
    نوع آخر يحيا خارج المدن والقرى مع أزواجهن يرعين الابقار والأغنام ويتحدثن عن الاسلحة بحكم تعاملهن اللصيق معها في حراسة البهائم..
    ابو سوط يتعامل مع هذا الواقع بذكاء فهو يعرف كل شيء.. الطلاب قبل الذهاب للامتحان عليهم زيارة أبو سوط لنيل البركة ولبس حجاب النجاح.. فلكل شيء حجاب خاص ..
    عائشة من قبيلة كنانة حذرتني وانا ذاهبة لابي سوط من الحديث مع نفسي بشيء يسيء له لانه يعرف كل شيء ويخبرك به .. يعرف نوع الطعام في المنزل وحديث الرجل مع زوجته ويعلم كل شيء ..
    الصحة
    الواقع الصحي في مهاجرية يؤكد وجود مركزين صحيين كل واحد عبارة عن غرفة وبرندة صغيرة من الزنك .. في البدء اعتقدت انهما محلات اتصالات عندما رأيت المواطنين يجلسون على كنبة طويلة بالبرندة .. ذات الكنبة التي توضع أمام محلات الاتصال للانتظار ..
    بكل مركز صحي مساعد طبي يقولون إنه طبيب وهو يقوم بمهام الطبيب والصيدلي كاملة .. يكشف ويشخص ويكتب العلاج ويصرفه للمواطن في فترة لا تتعدى الخمس دقائق ..
    بعد مجيء منظمة اطباء بلا حدود إلى المنطقة تغير الواقع قليلاً .. فقد أنشأت مركزاً طبياً للاطفال وآخر للكبار رجال ونساء ..
    فاطمة من قبيلة البرقد وكلتوم «قارئة الفنجان» زارتا مركز المنظمة للكشف فهما في حالتي حمل في شهور مختلفة .. فاطمة بعد أول زيارة قررت عدم الذهاب للمركز لان طريقة الكشف لاتشبه طريقة داية القرية التي جاء على يديها معظم رجال ونساء المنطقة..
    سألتها عن داية المنطقة فقالت إنها جاءت إلى الدنيا على يديها وانها تتبع ذات الطريقة في التوليد .. بالحبل ..
    بالحبل
    فاطمة قالت إن طفلها ذا العام ونصف العام قد جاء بالحبل استفسرتها عن الطريقة .. وضحت لي كيف تجلس المرأة على الأرض وكيف تمسك بالحبل وكيف تهزها الداية ليخرج الطفل إلى الدنيا ويجد أمه ما زالت تمسك بالحبل .
    المواطنون لديهم حكاوى عن تجربة اطباء بلا حدود فيتحدثون عن مريم التي فوجئت بنزيف وتوفيت بالمركز بعد ان اخضعت لعملية استئصال للرحم ولم تعلم هي ولا والدتها المرافقة لها الا بعد ثلاثة أيام وهي تحتضر ..
    وعن إمرأة استؤصل ثديها لانه كان في حالة تورم بعد أن وضعت طفلها بيومين وعن أشياء كثيرة أعادت فاطمة وغيرها لداية الحبل .
    وهنا يبرز أبو سوط كمعالج ليس بالمحاية فقط ولكنني رأيته مرة يعطي رجلاً جاء يشكو من آلام الظهر كيساً صغيراً به حبوب بيضاء وقال له بلهجة آمرة (حبة بعد كل وجبة) وفي مرة سأل إمرأة عن مواظبتها على استعمال الحبوب ..
    الحجاب
    الحجاب شيء مهم عند السكان هناك وأقصد هنا .. ربما لطريقة التنشئة أثر في ذلك .. فحياة الخلوة والتصوف والعلاج بالقرآن ثم المحاية قادت لظهور الحجاب..
    ويندر أن تجد تورا بورا بلا (حجابات) قد يصل وزنها إلى «4» كيلو جرامات ..
    حمادة كبك جلس لامتحان الاساس ثم انضم للتمرد لذلك هو من صغار السن بجيش حركة العدل .. الذين يجدون عناية خاصة وتوكل إليهم مهام تتناسب مع سنهم ..وجدت حمادة يوماً في وقت القيلولة يجلس على الأرض في عريشة منزل العدل وأمامه مجموعة من الأحجبة يحاول نظمها في حبل واحد .. سألته ما هي انواعها .. قال هناك حجاب للرصاص وآخر اسمه (خلصني) للخروج من المأزق وحجاب محبة وآخر للحفظ وغيرها لا أذكرها .. سألته عن أسعارها قال إن مجموع ثمنها «320» ألف جنيه .. وعدني ان يهديني حجاب خلصني لكنه اعتذر لعدم تمكنه من تجهيزه لحظة سفري .. وهنا يظهر أبو سوط كشخص مؤثر يكتب الحجاب ويضع فيه ما يلزم من مواد ثم يرسله للجلاد الذي يجلده بالسوق وبعدها يستلمه الزبون بعد ان يكون قد دفع ثمنه مقدماً ..
    ذكاء اجتماعي
    عندما جاء المتمردون إلى مهاجرية وجدوا المجتمع يختلف عما كان موجوداً في لبدو وقريضة .. فالخارطة السكانية لمهاجرية عبارة عن قبائل البرقد والبرتي والداجو وهي قبائل لم تشارك في التمرد ولا علاقة لها بالحكومة .. قبائل الحياد.. بالتالي فوجود التمرد هناك يعتبر عاملاً لعدم استقرار بالمنطقة ..
    المتمردون يتحدثون عن رسمية تعامل تجار مهاجرية معهم .. ويقارنون بما وجدوه في لبدو وقريضة ... ففي هاتين المنطقتين كان السكان من القبائل التي قادت التمرد أو انضمت إليه .
    حاجة مريم التي كانت صاحبة مطعم بلبدو قالت لي إنها مدينة «للثوار» بـ «16» مليوناً استلمتها في الأيام الماضية ..
    ذكاء ابو سوط الاجتماعي دفعه لاقامة علاقة مع المتمردين فأعلن انضمامه لحركة التحرير .. لكن زبائنه من الحركتين فهو يعتبر نفسه أحد أفراد الثورة .. يفضل مقابلتهم قبل الآخرين ويكرمهم بالشاي السادة ويسألهم عن أحوال الميدان..
    مرة قال لأحدهم ألم أقل لك سيحدث لك كذا وكذا ألم يحدث .. ضحك الجندي وقال : حدث بعضه ..
    ثنفس الشيء
    لكن ما يلاحظه أغلب زبائنه فان الكثير من حديثه مكرر .. فهو يقول لكل امرأة تجلس امامه إن زوجها خائن وأنه على وشك الزواج من بائعة شاي بالسوق «تحديداً» . وكل فتاة معمول لها عمل حتى لا تتزوج وهذا العمل إما في بيضة ثعبان مدفونة بالخلاء أو بقعر شجرة ايضاً في الخلاء وكل الفتيات محسودات..
    أما الرجال فمعمول لهم عمل في الطعام من زوجاتهم وغالباً «أم مرتك ما بتريدك»..
    ولان أبو سوط استطاع ان يمسك بخيوط الحياة الاجتماعية ويتعامل مع متغيراتها فهو الآن قائد اجتماعي من الدرجة الأولى ولا تخلو خلوته من الزبائن صباحاً أو مساء.
                  

04-16-2005, 03:49 AM

Omer54

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 783

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الرحلة الأولى من نوعها- الرأي العام في معقل التورا بورا- سلمي التجاني (Re: Omer54)

    ملاحظاتي علي سلسلة المقالات:-

    1) التنسيق الكامل بين حركتي التمرد في دارفورعلي الارض.
    2) المؤسسية هي ديدن العمل في الميدان.
    3) التأمر و نسج المؤامرات امراض منتشرة في المجتمع السوداني لا تسلم منها حركات درافور.
    4) امكانية الانتقال بين مواقع الحكومة و مواقع الثوار.
    5) تباين درجات فهم موجهات الثورة بين المقاتلين بين من يعتبرها حركة تطالب بالعدل و نيل الحقوق وبين مايعتبرها حركة موجهة ضد المنحدرين من قبائل شمالية و قبائل وسط السودان في الاساس.

    التحية و التقدير و الاحترام للاستاذة سلمي التجاني و مجهودها الواضح. لقد طمأننتنا علي مستقبل الصحافة في السودان.
                  

04-17-2005, 02:21 AM

شدو

تاريخ التسجيل: 01-08-2003
مجموع المشاركات: 2

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الرحلة الأولى من نوعها- الرأي العام في معقل التورا بورا- سلمي التجاني (Re: Omer54)

    تحياتى اخى omer54

    اعتقد ان هذا التقرير سوف يفيد النظام فائدة قصوى ويضر بعمل الثوار

    وقضيتهم ان تنشر عنهم تقرير بهذه المعلومات الغالية وتفيد النظام

    الذى لايتوانى لحظة بحرق القرية وما فيها بدون سبب ناهيك عن وجود مكاتب للحركات بهذه المدينة

    فان الثوار تعاملوا معها بقيم مجتمعهم الغالية (( لو قعدت مراة ولو مشيت مراة))

    لكن ربما البعض من هؤلاء الشباب لقى حتفه بسبب هذا التقرير

    فهذا فى تقديرى خطا استراتيجى كبير وقع فيه البعض نامل تلافيها لمصلحة قضيتهم .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de