الديمقراطية وإشكالية العلاقة بين الدين والدولة - منقول

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 01:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-18-2005, 09:29 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الديمقراطية وإشكالية العلاقة بين الدين والدولة - منقول


    محمد الشرفي / كاتب ومفكر تونسي
    منشور في موقع تونسي

    في كل الحضارات القديمة – عبر تاريخ البشرية قاطبة – كانت الدولة تستعمل الدين وسيلة لتسليط نفوذها على الناس بتخويفهم ولاكتساب مشروعية تسمح بإسكات كل المعارضين. وتطورت العقليات شيئا فشيئا بفضل فلاسفة الأنوار الذين ظهروا في القرن الثامن عشر في أوروبا, والذين نظّروا للديمقراطية وأقروا- لذلك- بواجب تحييد الدين في الصراع السياسي. وكان النظام الفرنسي الذي استقر, اثر ثورة 1789 المشهورة, أشد الأنظمة عداء للكنيسة وهو النظام الذي اقتبسه أتاتورك في تركيا سنة 1924. لذلك ألصق بكلمة العلمانية معنى معاد للدين. بينما العلمانية بريئة من ذلك. واغتنمت الأوساط التقليدية هذا الغموض أو الإلتباس المصطنع لاتهام العلمانيين بالإلحاد وهي تهمة باطلة جائرة. وهذا ما يقتضي شيئا من التوضيح.

    العلمانيــــــة

    إن كلمة علمانية هي تعريف لما يسمى بالفرنسية Laïcité وتستعمل في بعض الأحيان عبارة اللائكية لأداء نفس المعنى أي للدلالة على نظام التفريق بين الدولة والكنيسة كما حدده القانون الفرنسي الصادر سنة 1905 وهو نظام يمنع الدولة من التدخل في شؤون الكنيسة ويمنع الكنيسة من التدخل في شؤون الدولة. ويعتبر هذا النظام حلا ديمقراطيا ممكنا لإشكالية العلاقة بين الدين و الدولة. ولكنه ليس الحل الديمقراطي الوحيد.

    فالنظام الأمريكي مثلا يختلف لأنه ليس شديد العلمانية مثل النظام الفرنسي. ومع هذا لا أحد يشك في الطبيعة الديمقراطية للولايات المتحدة. كثيرا ما يلتجئ الحكام في هذا البلد للحجج الدينية لتبرير اختياراتهم. وكثيرا ما تنشط بعض الكنائس لتغليب مرشح سياسي على خصمه أو للعمل للتأثير على خيار تشريعي وهذا ما شهدناه مؤخرا أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية. ولكن هذه الظاهرة لا تمنع من اعتبار النظام الأمريكي ديموقراطيا اعتمادا على واجب حياد الدولة في الميدان الديني وهو ما نصت عليه وثيقة الحقوق Bill of Rights وهي بمثابة جزء من الدستور الأمريكي.

    وهذا الحياد هو الضمان لحرية كل شخص في أمريكا بان ينتمي للدين الذي وجد عليه والديه أو أن يختار دينا آخر أو أن لا ينتمي إلى أي دين. كما أن هذا الحياد يضمن لكل فرد حق معارضة أية حجة دينية استعملها هذا الطرف أو ذاك دون أن تؤدي هذه المعارضة للتعرض لتتبعات عدلية أو لردود فعل شعبية غير لائقة .

    وتبعا لذلك لا يمكن في الولايات المتحدة الأمريكية تسليط أي ضغط على أي شخص ليمارس شعائر دينية أو ليبدل سيرته الشخصية لأسباب دينية.

    أما النظام الألماني فإن له بدوره سماته الخاصة. الدولة محايدة لا تغلب دينا على آخر. إلا أنها تساعد رجال الدين بان تجمع الضرائب لكل مجموعة دينية وهي الضرائب التي يدفعها من ينتمون إليها. كما تقوم المدارس الحكومية بتدريس التربية الدينية للأطفال حسب الدين الذي يختاره الأولياء. وهذه العلاقة الهامة بين الدين و الدولة لا تمنع الجمهورية الألمانية من أن تكون ديمقراطية في نفس مستوى فرنسا وأمريكا.

    أما في بريطانيا العظمى فإن الملكة هي رئيسة الكنيسة الانجليكانية. أي أن الرابطة بين الدين والدولة رابطة عضوية. لذلك تعتبر بريطانيا من ناحية الشكل المثال المناقض للعلمانية. أما في الجوهر فالكل يعلم أنها مهد الديمقراطية وتبقى إلى اليوم خير مثال لها.

    أن الممارسة الفعلية - إذا كانت تطبيقا لقيم مجتمعية هي محل إجماع وطني- أهم من كل القوانين والمؤسسات. و النظام البريطاني كما هو معلوم ليس وليد خيار دستوري بل هو نتيجة تطور تاريخي طويل أدى إلى القناعة الجماعية الراسخة بأن الدين مسألة ضمير شخصي يجب أن يمارس بكل حرية وهو يتعلق بإشكالية ميتافيزيقية عويصة من الأفضل أن تبقى فوق الصراعات.

    وهكذا تمتنع الحكومة في بريطانيا وتمتنع المعارضة من توظيف الدين في السياسية وفي ذلك مصلحة الاثنين. مصلحة الدين حتى لا تدنّسه اعتبارات سياسية كثيرا ما تكون ظرفية. ومصلحة السياسة حتى لا يسيطر عليها الخطاب الديني وهو في الغالب عاطفي ويؤدي به ذلك إلى التشنج والابتعاد عن العقلانية التي يجب أن تكون المعيار الحقيقي في الميدان السياسي.

    لقد أثبتت التجارب التاريخية في كل الأحقاب وكل الحضارات أن كل دولة حكمت باسم الدين كان حكمها مطلقا أو هو سرعان ما أصبح مطلقا. وهذا ليس أمرا عجيبا إذ أن الحكم في الدولة الدينية هو حكم باسم الله أي باسم المطلق وهذا ما لا يقبل المعارضة لأن المعارض سيعتبره النظام الحاكم عدو الله. ولا يعقل تمكين "عدو الله" من حرية التعبير والتنظيم.

    أما تجارب الحكم العلماني – وأني أفضل تسميته بالحكم الإنساني بمعنى حكم أناس لا يوظفون الدين- فإنه يمكن أن يكون ديمقراطيا مثل أنظمة الدول الأوروبية في الوقت الحاضر كما يمكن أن يكون ديكتاتوريا مثل ما فعل ستالين وهتلر وماووتسي تونغ وغيرهم كثيرون.

    أي أن عدم توظيف الدّين في الخطاب السياسي شرط من شروط الديمقراطية ولكنه ليس شرطا كافيا أي أنه ليس ضامنا لها.

    وهذا مفهوم واضح لدى الشعوب الأوروبية و الأمريكية التي استقرت فيها الديمقراطية منذ أكثر من قرنين. و اليوم نرى العالم بأسره يستورد نظام التفريق بين الدين والسياسية بدون إشكال يذكر. إلا العالم الإسلامي الذي تبقى الاشكالية غامضة لدى شعوبه لأنها لم تعرف نفس التطور التاريخي.

    التطور التاريخي

    إن أول خطوة خطتها الشعوب الأوروبية نحو تحرير الفكر كانت خطوة الثورة البروتستانية أو ثورة الإصلاح. أساس هذه الثورة نظرية لوثر في واجب الرجوع لصفاء النصوص المؤسسة للدين المسيحي وتحريرها مما علق بها من مخلفات التاريخ, ونتيجة هذه الثورة وما أحدثته من جدال طويل أن تعودت الشعوب الأوروبية على مراجعة مسلماتها ونقد تاريخها لإزاحة الطابع التقديسي الذي غلّف الوقائع التاريخية. كانت ثورة دامية زعزعت عديد المؤسسات وخاصة- في الميدان الفكري- عديد المسلمات.

    وإثر تجربة الحروب الدينية توصلت الشعوب الأوروبية إلى حقيقة أساسية وهي أنه من الأفضل أن لا يحاول أي طرف فرض نظرياته الدينية على غيره. وأداة فرض القواعد القانونية التي تتحكم في السلوكات البشرية هي الدولة . فالأفضل إذن أن لا تتدخل الدولة في الشؤون الدينية وأن يبقى الدين مسألة تهم ضمائر المؤمنين كل حسب قناعته الشخصية.

    وبديهي أن الشعوب العربية لم تشهد نفس التطور التاريخي الذي عاشته الشعوب المسيحية. من المعروف أن العصر الذهبي للحضارة الإسلامية سواء في قرطبة أو في بغداد دام قرونا عديدة تلاها عصر الانحطاط الذي أدى إلى فقدان استقلالنا و احتلال أراضينا من طرف المستعمرين. ثم وثبت شعوبنا وتخلصت من الهيمنة الأجنبية . لكننا لم نفلح في معرفة أسباب الانحطاط لنعمل على ازالتها حتى نخرج حقا من حالة التخلف. حاول الكثير من مفكرينا البحث عن النواقص التي أدت إلى هذا الانحطاط. والبحث عن النواقص في الماضي يؤدي حتما إلى نقد بعض الجوانب التاريخية التي أصبحت تتسم بطابع ديني. لذلك كلما ظهر مصلح تصدى له رجال الدين فقاوموه. والأمثلة على ذلك عديدة. أكتفي بإثنين منها.

    - لا شك عندي أن الإسلام حسّن وضعية المرأة بالنسبة لما كانت عليه في الجاهلية وأن ذلك التحسين كان مرحلة مهمة في تاريخ البشرية. كانت وضعية المرأة المسلمة أفضل مما كانت عليه وضعية المرأة في غالب الحضارات الأخرى في ذلك الوقت , إلا أن النظريات تطورت في الديانات الأخرى حتى وصلت الشعوب إلى المساوات التامة بين الجنسين.

    وبقيت المرأة المسلمة في وضعية دونية حيث مازال الناس في غالب البلاد الإسلامية يتساءلون هل المرأة تساوي ربع الرجل عملا بقاعدة تعدد الزوجات أو نصفه عملا بقواعد الإرث. و لا شك أن الديمقراطية تقتضي المساوات بين البشر وخاصة بين الرجل و المرأة . لذلك حاول الطاهر الحداد- في كتابه " امرأتنا في الشريعة والمجتمع" الصادر سنة 1929 بتونس- التوفيق بين الدين الإسلامي الحنيف وبين واجب حذف الإمتيازات الرجالية فقاوموه وشتموه وألصقوا به شتى التهم واضطهدوه إلى أن مات.

    - لا شك عندي أن نظام الخلافة - سواء كانت أموية عباسية عثمانية أو غيرها- منع نشأة فكر ديمقراطي في مجتمعاتنا. لكن نقد الخلافة كان ممنوعا لأن عوامل تاريخية أكسبته غطاء مقدسا, لذلك حاول علي عبد الرازق –في كتابه " الإسلام وأصول الحكم" الصادر بالقاهرة سنة 1925- إزاحة هذه القداسة عن نظام الخلافة وهي أو ل خطوة نحو الديمقراطية فتصدى له مشائخ الأزهر و الزيتونة واضطهدوه حتى أسكتوه.

    كان يمكن لنظرية علي عبد الرازق-لو لم يسكتوه- أن تؤسس للعلمانية في الديار الإسلامية ولكن الذين حاولوا الانتصار لهذه الفكرة لم يفلحوا ربما لتعلقهم بالعلمانية بالمعنى الفرنسي.

    لكن ذلك ليس مهما. رأينا أن التجربة البريطانية تقيم الدليل على إمكانية التعايش بين دولة تبقي على علاقة عضوية بينها وبين المؤسسة الدينية وبين مجتمع وأحزاب ومنظمات سياسية تقتنع بالديمقراطية و تهضمها إلى درجة أنها تستنتج منها واجب عدم توظيف الدين في السياسة. وهكذا أصبحت الدولة البريطانية مسيحية و ديمقراطية في نفس الوقت. لا شيء يمنع الشعوب الإسلامية من الوصول إلى هذا المستوى من القناعة بالفكر الديمقراطي. ويمكن لدراسة علي عبدالرازق أن تساعد على هذا التطور لأنها أقامت الدليل على أن الخلافة واقع تاريخي وليس أمرا دينيا. لم ينص القرآن الكريم ولم يأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بإحداث الخلافة بعده, فهي عمل بشري بحت.

    ولذا فإنه لا مانع من أن تبقى الدول في العالم الإسلامي تنتمي رمزيا للإسلام وتحمي المساجد وتدرس التربية الدينية في المدارس الحكومية وفي نفس الوقت تنظم حياة ديمقراطية حقيقة أي بدون توظيف للدين في السياسة. وهذا يقتضي مراجعة بعض المسلمات الفقهية التي هي من صنع البشر ومن مخلفات التاريخ.

    إن تراجع الفكر التقدمي في العالم العربي منذ نصف قرن تقريبا وسيطرة الفكر التقليدي على الأذهان تمنع من القيام بهذه المراجعة وبالتالي هي تمنع من نشر مبادئ مثل حرية المعتقد أو المساوات بين الجنسين فضلا عن وجوب عدم توظيف الدين في السياسة أي أن سيطرة الفكر التقليدي تمنع من وصول الشعوب إلى مستوى الفكر الديمقراطي الحر.

    التقدميون والأصوليون

    منذ ما يزيد عن القرن شرعت البلاد الإسلامية في عملية التحديث وهي عملية لا بد منها للخروج من التخلف. كانت المرأة -أي نصف المجتمع- سجينة البيت والجهل و الخمار فتحررت شيئا فشيئا. كان نظام الجنايات يرتكز على العقوبات الجسدية – أي التعذيب- فأصبح نظاما عصريا يستعمل وسائل الخطية أو السجن . كان القانون بيد" أهل الحل والعقد". فأصبح يصدر باسم السيادة الشعبية (وإن كانت الانتخابات في غالب الأحيان مزيفة وهذا موضوع آخر). كانت المؤسسات المالية مفقودة على أساس تحريم الربا فأنشئت البنوك التي تقوم اليوم بدور هام في التنمية الاقتصادية...

    إن سرعة التغييرات الاجتماعية و السياسية من شأنها أن تزعج أصحاب الفكر المحافظ. والمجتمعات البشرية تشتمل على شق يساري تقدمي وشق يميني محافظ. والمحافظون في ديارنا هم الأصوليون الإسلاميون. ومن الطبيعي أن يوجد بيننا يمين محافظ . إلا أن هذا اليمين له خاصياته الناتجة عن لباسه الثوب الديني. فهو يستعمل الدين في دفاعه عن التقاليد وفي معارضته للحداثة وهذا عنصر يجعل ا لممارسة الديمقراطية صعبة. عوض عن أن يكون السباق بين اليمين واليسار تنافسا بين مشروعين سياسيين يصبح هذا التنافس صراعا بين خطاب العقل وخطاب العاطفة , بين النسبي والمطلق, بين البشري و اللإهي. وكأنه صراع بين الإيمان و الكفر أو صراع بين الملائكة والشيطان. نتيجة لإقحام الدين في السياسة تصبح الحياة السياسية وكأنها خليط من المعطيات الموضوعية والعناصر الميتافيزيقية. ويؤدي ذلك إلى إكساء النقاش حدة وتشنجا مضرين بالنظام الديمقراطي خاصة أثناء فترة إنشائه. مثله في تلك الفترة مثل شجرة صغيرة تحتاج في الأسابيع الأولى بعد غرسها إلى عناية خاصة قبل أن تكبر ويشتد عودها.

    إن المؤسف في الأمر أن الإسلاميين كثيرا ما يتقدمون وكأنهم ممثلو الدين الإسلامي و بالتالي يتهمون خصومهم- بصفة غير مباشرة وأحيانا بصفة مباشرة- بالخروج عن الدين. ولا تخفى خطورة تهمة التكفير في مجتمع مسلم ولا يخفى أن هذا الخطاب يؤدي لاستعمال العنف سواء أراد أصحابه هذا العنف أم انه نتج عن خطابهم بدون قصد منهم.

    لذلك اعتقد راسخا أن الديموقراطية لن يمكنها أن تستقر في بلادنا إلا عندما تقتنع أغلبية عريضة بواجب التفريق بين الدين والسياسة.

    وفي انتظار بلوغ هذا المستوى من النضج السياسي علينا أن نتعامل مع الظاهرة الأصولية بطرق ديموقراطية متحضرة أي أن لا نعامل القوى الأصولية بالطرق الأمنية وأن لا يتم الالتجاء للبوليس وللقاضي إلا عند ارتكاب العنف أو الدعوة الصريحة إليه.

    من الواجب تمكين كل من لا يستعمل العنف ولا يدعو إليه من حقه في النشاط في الحقل السياسي كغيره من الاتجاهات أي الاعتراف للأصوليين بالحق في حرية النشر وتنظيم الأحزاب والمشاركة في الانتخابات الخ.

    وفي المقابل علينا أن نندد بخطاب التكفير وبلهجة التشنّج وأن نشرح للمواطنين- ونكرر الشرح كل يوم- بأن الديمقراطية ليست فقط إجراء الانتخابات وإعطاء الحكم للأغلبية بل هي أيضا – وبالخصوص- أخلاق تقتضي احترام الآخر والكف عن استعمال الوسائل غير المشروعة بما فيها توظيف المعتقدات الدينية لربح الأصوات أو للتشهير بالخصوم.

    يجب أن تكون الممارسة نحو الأصوليين ذات أوجه عديدة تتواجد في نفس الوقت: ردع عند استعمال العنف أو الدعوة إليه وتنديد عند التكفير واللهجة المتشنجة وشرح صادق لمبادئ الحرية و الديمقراطية والمساواة لمن يفتح صدره للنقاش النزيه.

    وسيرون عند ذلك أن الحداثة ليست سوى هذه المبادئ الثلاثة التي يجب تطبيقها بكامل نتائجها دون تعلق بالتقاليد البالية و بالنظام الأبوي الذي نبذته البشرية قاطبة. وسيرون أن هذه المبادئ وكل تطبيقاتها تتماشى تماما مع مقاصد الإسلام الحنيف وإن كانت تتعارض مع بعض القواعد التي وضعها الفقهاء منذ ألف سنة والتي كانت تتماشى مع ظروف تاريخية معينة و قد منحنا الله عقولا لنتدبر طرق تطويرها.

    إن الأمل في تطور الفكر الأصولي ونضجه ليتقبل كل نتائج الحداثة أي مبادئ الحرية والديمقراطية و المساوات ليس مطمحا طوباويا بل هو مشروع واقعي. وأكبر دليل على ذلك مثال الحزب الإسلامي الحاكم حاليا في تركيا.

    الحزب الإسلامي التركي

    من الواضح أن هذا الحزب اضطر لتطوير استراتيجيته نظرا لظغوطات معروفة أهمها وجود جيش يعتبر نفسه حاميا للعلمانية. ولكن هذا الحزب لم يقبل الرضوخ لهذه الضغوطات من باب المراوغة فقط بل أيضا لإقتناعه بأن الشعب التركي المسلم قد أيقن - بعد ثمانين سنة من النظام العلماني- بأن العلمانية ليست نفيا للدين و لا عداء له . وهضم عدة تطورات تجعله لا يتخيل اليوم أبدا إمكانية التراجع في مكتسبات الحداثة مثل المساواة بين الرجل والمرأة أو منع العقوبات الجسدية.

    هذا وإن حماس الحزب الإسلامي الحاكم في تركيا في عمله من أجل الدخول في الاتحاد الأوروبي دليل قاطع على مدى تطور نظريته. وهذا المثال أكبر دليل على إمكانية تطور الفكر الأصولي عند من منهم يريد حقا الالتحاق بركب الحداثة أي الحرية والديمقراطية والمساواة

    أن نشر الأفكار الجديدة في مجتمعاتنا يقتضي تربية عقلانية هادئة في المدرسة ليتكون الشباب على أساس ديمقراطي وثقافة ووسائل إعلام متفتحة لبث الفكر الحرّ بين الكهول ونقاشا هادئا ومعمقا مع كل الأطراف حتى يصبح الفكر الديمقراطي رائجا لدى كل الفئات الفكرية ويصبح الاقتناع بواجب احترام الفكر المغاير شائعا بين الناس وهو خير ضمان لاستقرار الديمقراطية في ربوعنا.
                  

04-18-2005, 11:52 AM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الديمقراطية وإشكالية العلاقة بين الدين والدولة - منقول (Re: خالد عويس)

    Quote: و النظام البريطاني كما هو معلوم ليس وليد خيار دستوري بل هو نتيجة تطور تاريخي طويل أدى إلى القناعة الجماعية الراسخة بأن الدين مسألة ضمير شخصي يجب أن يمارس بكل حرية وهو يتعلق بإشكالية ميتافيزيقية عويصة من الأفضل أن تبقى فوق الصراعات.


    شكرا خالد لهذا المقال التوضيحي الدسم
    جني
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de