|
|
 اصوات فى الثقافة السودانية ...مكى ابو قرجة
|
الزميل الاستاذ عبد الجبار عبد الله بقلمه السيال قدم للقارىء الكتاب الثانى للكاتب الصحفى الاستاذ مكى ابوقرجة ..ولا اريد اضافة شىء مما كتبه الاخ عبد الجبار فماذا كتب ؟؟
تعالوا لنقرا
اصوات..(نموذج لدور المثقف الطليعى فى نشر قيم التعايش السلمى)
عبد الجبار عبد الله :
عروض الكتب
عن إدارة الطباعة والتوزيع بمؤسسة الإمارات للإعلام، صدر حديثاً كتاب "أصوات في الثقافة السودانية" للزميل الصحفي والكاتب مكي أبوقرجة, في 427 صفحة من القطع المتوسط في غلاف ورقي عادي. وقد شملت مادة الكتاب 89 مقالة سبق نشرها في فترات مختلفة خلال العامين الماضيين عبر صفحة "السودان من الداخل" التي يتولى الأستاذ المؤلف تحريرها في جريدة الاتحاد. وعلاقة المؤلف بالمقالات التي تشكل مادة الكتاب ليست تحريراً, بل تأليفاً وكتابة بقلمه ورؤيته وموقفه الخاص من مجمل ما يدور في سودان الحاضر والماضي. لم يجنح المؤلف إلى تقسيم كتابه إلى فصول وأبواب يحشر فيها حشراً ما جمع من مقالات، رأى نشرها بين دفتي الكتاب الحالي, على الرغم من أن فيها الكثير مما يغري بتصنيف تقليدي أكاديمي من هذا النوع. وبحسه الأكاديمي الباحث المسكون بهاجس المعرفة والبحث, إلى جانب حرفيته الصحفية في فنون الكتابة وأصولها, لم يفت على المؤلف إمكانية تصنيف وتبويب كهذا. ولكنّ شيئاً ما, لعله رغبة دفينة فيه, منها استدعاء فنون الكتابة الاستطرادية المفككة الأجزاء والعناصر ظاهرياً وخارجياً, المتحدة والمتماسكة عضوياً وداخلياً فيما بينها من حيث المضمون والسياق, ومنها رغبة في تقديم السودان هكذا... لوحة مفتوحة بلا ضفاف, كما النهر الطلق الحر, هي التي دفعته لأن يفعل ما فعل.
المهم أن الحصيلة النهائية للكتاب جاءت فضاءً واسعاً رحيباً عن السودان, يعكس ثقافات أهله وأديانهم وأعراقهم, ويتناول فنون السودان وآدابه, بقدر ما تناول تاريخه واقتصاده وتطور الحياة السياسية والفكرية فيه. وفي كل هذه المجالات, كان الاهتمام واضحاً بإنسان هذا البلد، وإبراز هويته وقيمه وتاريخه, على خلفية لوحة التنوع والتعدد العرقي والديني والثقافي, أو كما جاء في كلمة الناشر "فسيفساء النسيج السوداني" بألوانه وزخارفه وتنويعاته الكثيرة, كما فن المنمنمات التشكيلية البديعة. ولهذا السبب, فإن ما يعد منقصة لدى بعض الأكاديميين المتزمتين في نشر عمل فكري، قوامه العناصر والأجزاء المفككة – كما هو حال هذه المقالات- يعد محمدةً هنا للمؤلف، بتركه فضاء الكتابة واسعاً طليقاً, على أن يتيح واجب القراءة الوظيفية الحصيفة، لذهن القارئ وخياله وبراعته في التقاط الخيط الفكري الناظم للمعنى العام المشترك لهذه المقالات جميعاً, واستيعابها على أساس وحدتها الفكرية العضوية, وليس على أساس تفككها الظاهري الخارجي. أليس هذا اتجاهاً حديثاًَ بحد ذاته في فنون الكتابة المعاصرة والاتجاهات النقدية الحديثة؟ نثير السؤال وفي الذهن أن مجموعة المقالات التي نطالعها في هذا الكتاب, هي من جنس الكتابة الإبداعية الحرة, البعيدة كل البعد عن الأكاديمية المتخصصة الصارمة المتجهمة القسمات. وعلى أية حال, فإن أول ما تلتقطه عين القارئ لدى إلقائه مجرد نظرة عابرة إلى فهرس الكتاب وحده, هو لوحة الوحدة في التنوع والتعدد الثقافي في السودان. وهذا هو المهم في الأمر كله.
وهناك قضية ثانية لابد من الوقوف عندها في هذا العرض للكتاب, ألا وهي عنوان الكتاب وتوقيت صدوره ومدى حاجة التحولات السياسية المرتقبة في السودان لمثل هذا النوع من الكتابة. فلو أن عنوان الكتاب "أصوات في الثقافة السودانية" حمّل هذه الثقافة التي يتحدث عنها، مضموناً فوقياً استعلائياً يختزل السودان جغرافياً ودينياً وعرقياً وثقافياً في رقعة جغرافية واحدة، هي الشق الشمالي العربي المسلم منه, لما كان خطابه مختلفاً عن خطاب الاستعلاء السائد, الذي أحال ذلك البلد إلى "دار حرب" ماراثونية طويلة، امتدت لعدة عقود في الجزء الغالب من مرحلة ما بعد الاستقلال. وبسبب ذلك الخطاب المتعالي المستبد, تحول تنوع الحياة السودانية كلها، من نعمة إلى نقمة, ومن نهج تعايش سلمي إلى وقود للعداء والخصومة الطاحنة بين السودانيين. ولو أنه كان كذلك, لما استحق تقديمه ولا كتابة حرف واحد في لفت الأنظار إليه. بل الأهم من ذلك, أنه ما كان له أن يحمل عنوان "الثقافة السودانية" إلا من باب الافتراء على هذه الثقافة، ومصادرة أصوات التنوع والتعدد التي تعد أهم ميزة متفردة فيها.
لكن ومن باب الحرص على مطابقة الاسم للمسمى, جاء الكتاب "أصواتاً" تعبر عن هذه الثقافة بدرجاتها اللونية واللحنية والموسيقية المتباينة: رجال ونساء من مختلف أنحاء السودان, ساسة ومفكرون وعلماء, رجال دين مسلمون وقساوسة وكهان معابد وكنائس وقديسات, ساسة وشعراء وروائيون, مؤرخون وصحفيون وكتاب في مختلف مجالات الكتابة وألوانها, قضايا وشخصيات تعليمية, لوحات وصور من تاريخ السودان القديم والحديث, شرقٌ وجنوب... شمالٌ وغرب. لوحات وصور من المدائن والريف السوداني, قديماً وحديثاً, قامة السودان كله ببناته وأولاده المقيمين منهم في الداخل والمهاجرين خارج الحدود. إلى ذلك شملت مادة الكتاب، رصداً قيماً للمخطوطات والوثائق السودانية, ولحركة التأليف والكتابة, وحيوية العمل الثقافي الفكري وأهميته في تشكيل الفكر والوجدان السوداني السليم المعافى تحت أحلك الظروف والأوقات.
وإن كنت قد أشرت في مكان سابق إلى أهمية الكتاب وتوقيت صدوره, فإنما عنيت بذلك, أن هذا هو جنس الخطاب الثقافي السياسي التنويري الوحدوي الذي يحتاجه السودانيون اليوم على نحو خاص. فمع انتشار الثقافة الأحادية الاستعلائية, وإعلاء قيم ثقافة الموت والحرب و"الأنا" المستبدة, يحتاج السودانيون كثيراً إلى ما يرأب الصدع والتشققات في نفوسهم ووجدانهم, وفي نسيج وحدتهم الوطنية, وما يدفع بهم حثيثاً نحو قيم التعايش السلمي الراسخة, وثقافة السلام وإعادة بناء الوطن على أساس حقوق المواطنة ودولة المؤسسات وحكم القانون, وعلى خطى السماحة والديمقراطية والتنمية المستدامة. تلك هي قيمة المبادرة في هذا الكتاب, وذلك هو نموذج المثقف الوطني الطليعي الذي نستشفه ونعانقه بين صفحاته. وبالنسبة لمن يريد معرفة السودان من غير السودانيين, فما أثمن وأندر الكنز!.
عبد الجبار عبد الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب: أصوات في الثقافة السودانية
المؤلف: مكي أبوقرجة
الناشر: إدارة الطباعة والتوزيع-مؤسسة الإمارات للإعلام
تاريخ النشر: إبريل 2005
العدد 10897 بتاريخ 05/06/05
www.wajhat.com
مؤسسة الإمارات للإعلام
www.emi.ae
(عدل بواسطة الكيك on 05-08-2005, 01:36 AM)
|
|
 
|
|
|
|
الكيك
mohmmed said ahmed
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست