جيل مايو

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 04:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام شيخ الدين جبريل(يازولyazoalيازول)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-24-2005, 03:45 AM

يازولyazoalيازول
<aيازولyazoalيازول
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10210

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جيل مايو

    جيل مايو

    هذه قصاصات كتبت بقلم (BIC) أزرق ، واحتفظ بها صاحبها حيناً من الدهر ، صاحب هذه القصاصات يعد بحق أنموذجاً جيداً لجيل مايو الذى نحن بصدده الآن ، فهم شريحة لا يستهان بها فى السودان ، هو من (العيلفون) ، بلد الحضارات والمشايخ والفنون ، فهناك يرقد بهدوء إدريس ود الأرباب ، رضى الله عنه وأرضاه ، وجاءنا من ناحيتها (الجاغريو) ، وكذلك أحمد المصطفى وسيد خليفة وكثير من المبدعين ، فالعيلفون هى بلد الإبداع ، ورغم ذلك فقد أزعجنى جداً ذاك المدعو (القوقل) ، فكتبت له (العيلفون) فجاءنى بزخم قصاصات جلها كتبت فى حادثة طلاب معسكر العيلفون المشهورة ، ولم أجد موقعاً واحداً يشير إلى تلكم البلده الجميلة ، فعزوت العيب على أبنائها وخصوصاً الشباب الذين لم يألوا جهداً فى إنشاء ولو موقع واحد عن مدينتهم الغراء ، وتلك واحدة تعد أنموذجاً فريداً من تراخى (جيل مايو) فى القيام بأبسط مهامه

    كنت أداخل القصاصات بين الفينة والأخرى ، ولكى لا أزعج القارىْ الكريم فقد آثرت وضع ملاحظاتى بين قوسين كبيرين كهذين ( * ) ، وسأفرد فى ختام القصاصات فقرة بعنوان (جيل مايو) هى لب هذا الموضوع ، والمعذرة لمن يزعجه هذا الأمر ، فى ختام الموضوع سأنوه عن صاحب القصاصات ، وتفضلوا سيداتى سادتى

    نبذة تأريخية هامة

    فى 25 مايو 1969م انتقل السودان بأكمله من مرحلة الى مرحلة ، ومن نظام الى نظام ، ولم يكن أحد يعلم فى حينها الى أين يتجه ، وكيف ستكون صورة الأوضاع بعد ذلك

    استيقظ الناس فى الصباح على المارشات العسكرية التى تبثها إذاعة أمدرمان ، وكان ذلك إيذاناً بوقوع إنقلاب عسكرى ، وجاء البيان الأول من الرائد جعفر محمد نميرى معلناً الإستيلاء على السلطة باسم القوات المسلحة مشيراً الى أن السودان لم يشهد استقراراً منذ عام 1956 ، وأن التدهور والفساد الذى ساد البلاد سببه حكم الأحزاب السياسية .

    وقال ان الحكومات المتعاقبة عجزت عن مواجهة الأمبريالية ووقف التسلل الصهيونى إلى أفريقيا وحماية حدود السودان ، وأعلن عن تشكيل مجلس لقيادة الثورة برئاسته وعضوية المقدم بابكر النور سوار الذهب والرائد فاروق حمد الله والرائد خالد حسن عباس والرائد مأمون عوض ابوزيد والرائد أبوالقاسم هاشم والرائد أبو القاسم محمد أبراهيم والرائد هاشم العطا والرائد زين العابدين محمد أحمد عبدالقادر .

    وأعلن أن المجلس عين بابكر عوض الله رئيسا للوزراء ووافق على تشكيل حكومة مدنية من 21 عضواً وأنه سيتولى حقيبة وزارة الدفاع.

    وشكلت أول حكومة على النحو التالى:

    1. بابكر عوض الله رئيس الوزراء ووزير الخارجية
    2. الرائد فاروق حمد الله وزيراً للداخلية
    3. عبدالكريم ميرغنى وزيراً للإقتصاد والتجارة الخارجية
    4. منصور محجوب وزيراً للمالية
    5. مكاوى مصطفى وزيراً للتخطيط
    6. جوزيف قرنق وزيراً للتموين
    7. د. محى الدين صابر وزيراً للتربية والتعليم
    8. أمين الطاهر الشبلى وزيراً للعدل
    9. د. موريس سدره وزيراً للصحة
    10. د. محمد عبدالله النور وزيراً للزراعة والغابات
    11. محجوب عثمان وزيراً للإرشاد القومى
    12. محمود حسيب وزيراً للمواصلات
    13. د. سيد أحمد الجاك وزيراً للأشغال
    14. مرتضى أحمد أبراهيم وزيراً للرى
    15. موسى المبارك وزيراً للصناعة والثروة المعدنية
    16. د. طه بعشر وزيراً للعمل
    17. د. أحمد الطيب عبدون وزيراً للثروة الحيوانية
    18. خلف الله بابكر وزيراً للحكومات المحلية
    19. أبيل ألير وزيراً للأسكان
    20. فاروق أبوعيسى وزيراً لشئون الرئاسة

    وبعد ذلك وجه بابكر عوض الله رئيس الوزراء الجديد خطاباً أعلن فيه "أن النظام الجديد ينوى وضع السلطة كلها فى أيدى العمال والمزارعين والجنود والمثقفين".

    الأسماء معروفة:

    إستمع السودانيون الى هذه البيانات ، وكان يبدو لهم أنها أسماء مألوفة ومعروفة ، فالرائد نميرى ، سبق أن إقترن إسمه بمحاولة انقلابية صغيرة فى منتصف الستينات ، أثبت التحقيق آنذاك عدم تورطه فيها ، ولذلك فإن رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق الصادق المهدى أعاده إلى منصبه فى القوات المسلحة ، أما أعضاء مجلس قيادة الثورة فكانوا ينتمون الى أسر لها مساهمتها فى مجال الخدمة العامة ،

    أما رئيس الوزراء بابكر عوض الله فقد كان أول رئيس للبرلمان السودانى وقد رشحه لهذا المنصب اسماعيل الأزهرى عام 1953م ، وبعد أن انتهت دورة البرلمان عاد إلى عمله فى القضائية ، وكان له دوره من خلال مساندة القضاء لثورة أكتوبر 1964م .

    وكان هنالك ثلاثة وزراء من جامعة الخرطوم وإثنان إشتركا فى حكومة أكتوبر 64 وعضوان فى الجمعية التأسيسية التى جرى حلها "موسى المبارك ومحى الدين صابر" وصحافى هو محجوب عثمان رئيس تحرير جريدة الأيام اليومية ،

    ولكن أكثر ما حمله التشكيل الوزراى أنه عكس يسارية التوجه العام للنظام الجديد.

    تداول الناس فى هذه المعلومات على عجل وانصرفوا إلى مكاتبهم وأعمالهم وإلى تصريف حياتهم العادية وكأنهم يتصرفون مع الانقلاب دون كبير اكتراث له.

    كيف عرفوا؟ وكيف اعتقلوا؟

    صحا إسماعيل الأزهرى رئيس مجلس السيادة مبكراً من نومه كعادته ، ولاحظ أن هناك مدرعات تحيط بداره بأمدرمان ، فأدى صلاة الفجر ، ورفع سماعة التلفون ، فوجده يعمل ، فاتصل بالفريق الخواض محمد أحمد القائد العام للقوات المسلحة فأكد له صحة ما لاحظه ، وعقّب قائلا ، لا مجال لعمل شىء الآن ، ووضع الأزهرى السماعة فى مكانها وانصرف إلى تلاوة القرآن ، وبعدها سمع دقات عنيفة على الباب الرئيسى ففتح الباب ، ودخل ضابط شاب وأدى التحية العسكرية للرئيس الأزهرى ، ونقل اليه نبأ الاستيلاء على السلطة ، وطلب منه البقاء فى البيت وعدم السماح لأحد بالخروج طبقاً للتعليمات التى تلقاها ، وأراد الأزهرى أن يخفف على الضابط إنفعاله وتوتره ، فسأله عن والده الذى عرفه من خلال قسمات ولده الماثل أمامه ، فأجابه بأنه بخير وطلب منه أن ينقل اليه تحياته.

    أما محمد أحمد المحجوب رئيس الوزراء فقد أخطر مبكراً بالإنقلاب العسكرى ووضعت حراسة محدودة من الجنود أمام منزله ، وقال محجوب بعد ذلك أنه إتصل بالفريق الخواض وتبادلا معلومات سريعة ، وأنه ذكّر الفريق الخواض بتحذيره له قبل أسبوعين ثم وضع السماعة .

    أما القائد العام نفسه ، أى الفريق الخواض ، وقد كان شخصية عسكرية مهيبة ورصينة ، فقد تلقى التحية العسكرية من الضباط الذين جاءوا يطلبون منه الخروج معهم ، ولكنه رفض الخروج إلا بعد إرتداء زيه العسكرى بالكامل.

    أما نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية حسن عوض الله ، فإن أحداً لم يصل إلى منزله الحكومى فى الخرطوم ، فأرسل أسرته إلى أمدرمان.

    وخرج د. احمد السيد حمد وزير التجارة والتموين من منزله واتجه إلى منزل إسماعيل الأزهرى فى أمدرمان ولكنه منع من الدخول ، ولذلك كان أول وزير يجرى اعتقاله فى ذلك الصباح.

    الأحوال عادية تماماً

    كانت الأحوال هادئة وعادية تماماً فى الشوارع وفى جميع المرافق ، وكان الاتصال الهاتفى ما زال مستمراً ، بل إن إجتماعاً قد عقد بعد العاشرة صباحاً فى قبة المهدى بأمدرمان ، حضره عدد من السياسيين بوجود الصادق المهدى ، وعبدالله نقدالله للتشاور حول الوضع الجديد ، وطرحت عدة مقترحات ، واستبعد موضوع المواجهة أو المقاومة ، فقد كان للصادق حساباته حتى تلك الساعات باعتباره الأعلى صوتاً فى معارضة الحكومة السابقة ، وفى تمسكه بدعواه القضائية بشأن دستورية حل الجمعية التأسيسية السابقة (وهنا لابد أن أنوه أن حزب الأمة كان دائماً أول من يتصدى لحكم العسكر ، ويقاومه بشراسة ويكون دائماً المنتصر فى إسقاط أى شكل من أشكال الديكتاتوريات ولو بعد حين ) .

    وكان من الواضح أن القيادة العسكرية قد ركزت جهودها على ترتيب الأوضاع العسكرية أولاً ، وإجراء الاتصالات مع التيارات العسكرية على ضوء التطورات الجديدة ، وقد كانت إحدى العوامل التى ساعدتهم فى عملية إستلام السلطة ، أن قادة القيادات العسكرية الرئيسية قد سافروا قبل يوم واحد الى الاتحاد السوفيتى ، ولذلك كانت أول برقية ترسل لهم عبر السفارة السودانية بموسكو تخطرهم بالعودة إلى الخرطوم.

    وظل الرائد نميرى ورفاقه أعضاء مجلس قيادة الثورة فى مقر القيادة العامة ، وكان الوحيد الذى إتجه إلى مكتبه لتصريف مهامه الجديدة هو الرائد فاروق حمد الله وزير الداخلية ، فقد كانت هناك إجراءات أمنية ينبغى اتخاذها ، وكان أول قرار يتخذ فى ذلك النهار هو السماح للصحف اليومية المستقلة بالعودة الى الصدور ، وكان هو (أى فاروق حمدالله) والرائد نميرى أول من أدليا بتصريحات حول كيفية التحرك من خور عمر بأمدرمان ووضع الحراسة على المواقع الرئيسية.

    مطلوب القبض عليهم

    وفى خلال ساعات النهار ، أى نهار يوم 25 مايو 1969م كانت الاعتقالات قد بدأت وبدأ الجيش فى نقل المسئولين السابقين إلى منزل الضيافة فى الخرطوم ، وعندما بلغت الساعة السابعة مساء ، ظهر أن عدة شخصيات بارزة قد اختفت ولم يعثر لها على أثر ، ولم تكن موجودة فى أى من الأماكن الخاصة بها ، أى فى منازلها أو منازل الأهل والأصدقاء ، وكان من بينهم الشريف حسين الهندى وزير المالية والاقتصاد والرشيد الطاهر بكر وزير الأشغال والعدل ، وأخذت النداءات تتكرر عبر الإذاعة والتلفزيون حاثة المواطنين على التعاون مع الحكم الجديد وتقديم أى معلومات عنهم أو عن الأماكن التى شوهدوا فيها.

    ونفس الأجهزة الإعلامية التى كانت حتى مساء الإنقلاب قد أذاعت تصريحاتهم ولقاءاتهم الرسمية أخذت مساء اليوم التالى تصدر نداءات للبحث عنهم والمعاونة على القبض عليهم ،

    وصدر مرسوم بأن يكون اللقب الرسمى للسودان هو "جمهورية السودان الديمقراطية" ومرسوم آخر ينص على الإعدام أو السجن عشر سنوات لكل من يحاول إثارة أى معارضة فى وجه الحكم الجديد ، أو يخطط للقدح فى أعضاء مجلس قيادة الثورة وذممهم ، لأن ذلك يعتبر مثيراً للفتنة ، سواء أكان ذلك عن طريق رفع الشعارات أو المواكب أو المطبوعات ، ويطول هذا القانون الذين يشتركون فى إضرابات تنظم ، تزيد من عرقلة الإقتصاد ، على أن يحال المخالفون إلى محاكم عسكرية ، وأعلن المرسوم أن أعمال مجلس القيادة هى أعمال سيادة وبالتالى فهى غير قابلة للطعن والإستئناف أمام المحاكم ، ومن حق مجلس قيادة الثورة أن يسرّح من يشاء من الدوائر الحكومية من دون أن يكون خاضعا للإجراءات التأديبية ،

    وفى هذه الأثناء صدرت قرارات بإعفاءات فى القوات المسلحة والداخلية وأيضا فى قيادات الخدمة المدنية .

    ودعى لإجتماع لمجلس الوزراء برئاسة بابكر عوض الله ولم يكن يعرف فى حينه إذا كان كل الوزراء سيحضرون الجلسة الأولى التى حدد موعداً لها مساء يوم 25 مايو 1969م بمقر مجلس الوزراء ، فقد كانت بعض الأسماء التى نسبت للحزب الشيوعى لم تحدد موقفها بسبب إنقسام الحزب حول تأييد الحكومة أو معارضتها ، كما أن بعض الوزراء الذين نسبوا للإتحاد الديمقراطى لم يعرفوا أيضاً إذا كانوا سيشتركون أم لآ ، خاصة وأن رئيس مجلس السيادة تعرض من دون غيره الى حراسة منزله بالمدرعات ، كما أن معظم قيادات الحزب والوزراء جرى اعتقالهم ، وقد تكررت النداءات للبحث عمن لم يعتقلوا ، كما أن هناك وزراء لم يكونوا موجودين بالخرطوم وبينهم وزير الصناعة موسى المبارك الذى كان فى رحلة شهر العسل مع عروسه فى القاهرة ولندن ، وكان هناك أيضاً المرشح لوزارة التجارة فى مصر.

    وجاء رئيس الوزراء بابكر عوض الله إلى مقر مجلس الوزراء بسيارة جيب عسكرية ومعه حراس بأسلحة رشاشة ، ودخل واثقاً ومتأنياً ، وجاء بعده الوزراء الجدد وقد ارتدى معظمهم البذله العسكرية الكاملة.

    وعقدت جلسة إجرائية ، حيث أبلغهم رئيس الوزراء بموعد أداء القسم أمام مجلس قيادة الثورة الجديد فى القصر الجمهورى ، وأمضى مجلس قيادة الثورة الوقت فى القيادة العامة يعالج الأوضاع العسكرية ويتابع تأييد القيادات العسكرية فى الأقاليم للإنقلاب .

    كان مجلس قيادة الثورة العسكرى ، متأنياً فى قراراته ، ولكن رئيس الوزراء الجديد عالج أوضاعه وأموره باندفاع وبقرارات صاعقة ، وقد أبقت قيادة الثورة رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدى ولم تقدم على إعتقاله.

    إقالة وزير بتهمة إفشاء الأسرار

    رغم الهدوء الذى ساد شوارع العاصمة نهار ومساء يوم 25 مايو 1969م ظلت القيادة العامة ومقر رئيس الوزراء فى حركة ونشاط ملحوظين ، فقد إتجه رئيس الوزراء ووزير الخارجية بابكر عوض الله إلى مكتبه فى وزارة الخارجية حيث وجه برقية إلى سرالختم الخليفة رئيس وزراء ثورة أكتوبر 1964م وسفير السودان لدى المملكة المتحدة تبلغه بإنتهاء خدمته كسفير وبإستدعائه إلى الخرطوم .

    أما الدوافع وراء هذه البرقية التى حملت تاريخ 25/5/1969م فقد كان أن رئيس الوزراء الجديد ورئيس القضاء أبان ثورة أكتوبر 1964م (عوض الله) ، قد إعتبر أن الخليفة خذل جبهة الهيئات وثورة أكتوبر بإجراء الإنتخابات العامة فى مارس 1965م ، مما مكن الأحزاب فى العودة إلى الحكم ، فكانت هذه جريمة بمنظور مايو.

    ولأن سر الختم الخليفة كان فى كمبردج لإلقاء محاضرة عن السودان ، وفى الوقت نفسه كانت زوجته فى المستشفى للوضع ، فإن المسئول فى السفارة نقل هذه الوقائع إلى وزارة الخارجية فى الخرطوم وأبلغها صعوبة الإتصال بالخليفة ، وعليه جاءته برقية ثانية فى 5/6/1969 تؤكد إحالة السفير سرالختم الخليفة إلى التقاعد وتؤكد ضرورة إخلائه للمنزل الرسمى للسفير وتسليم جواز سفره الدبلوماسى وإستبداله بوثائق سفر طارئة لحين وصوله إلى روما واستلامه جواز سفر عادى ( لاحظوا شخصنة القضية هنا من قبل بابكر عوض الله ، وهذه واحدة من أكبر مشاكلنا المسكوت عنها فى السودان ).

    ومن ثم بعث رئيس الوزراء ببرقية أخرى إلى السفارة السودانية فى القاهرة يطلب فيها البحث عن صديقه الدرديرى أحمد إسماعيل رئيس حزب وحدة وادى النيل ، وإبلاغه إختياره سفيراً للسودان لدى مصر ، وإستعجاله لتقديم أوراق إعتماده للرئيس جمال عبدالناصر .

    الصادق فى الجزيره

    وفى إطار هذه التطورات المتلاحقة توجه الصادق المهدى إلى الجزيرة أبا للتشاور مع عمه الهادى المهدى الذى أبدى منذ اللحظة الأولى معارضة النظام "ذى التوجه الشيوعى" على حد تعبيره (لله درك يا إمام) ، بل ومقاومته بدون هوادة

    ولكن مندوباً جاء إلى الجزيرة أبا من قبل "اللواء" جعفر نميرى ، رئيس مجلس قيادة الثورة ونقل إليه رغبة القيادة فى إجراء حوار مع الصادق المهدى ، وإعترض الهادى على عدم الإتصال به ، ولكن الصادق رافق المندوب الذى جاءه وانتقل معه إلى الخرطوم ثم إلى القيادة العامة حيث أجرى حواراً مطولاً سجل فيه بشجاعة إعتراضه على التوجه اليسارى الصارخ للنظام الجديد (شيوعية حمرا قَبَلْ ، ما بندورا) (كما يقول الأنصار) ، وإمكانية التشاور فى القضايا القومية .

    وعد اللواء نميرى بنقل ما دار إلى مجلس قيادة الثورة ، ولكن ظهر إعتراض على إستمرار الحوار ، وحدد له موعد آخر فى القيادة العامة ، وبدلاً من مواصلة الحوار ، ترك الصادق لساعات طويلة فى الإنتظار (شوفو الجبروت) ، ثم نقل بطائرة عسكرية من الخرطوم (معتقلاً) إلى القيادة العسكرية بجبيت (والله العظيم لم يكن والدنا عليه رحمة الله يذق طعم النوم عندما يكون الصادق فى المعتقل) ، ووضعت أمامه كمية من الكتب لمطالعتها ( وهذه هى بداية الخيانة الحقيقية ، ولا شك عندى أن الصادق قد نهل كل الكتب التى توفرت أمامه فى ذلك الظرف الحرج).

    محمد عثمان الميرغنى

    أما محمد عثمان الميرغنى الذى ما زال فى منزله ، فقد جرى الإتصال به لمعرفة سبب تحفظه إزاء تأييد النظام الجديد الذى حمل توجهاً عربياً ، ونادى بالوحدة العربية ، ودعم القضية الفلسطينية .

    وكانت إجابته كيف يطلبون منه التأييد وقد وضع إسماعيل الأزهرى ، رئيس الإتحادى الديمقراطى ، ورئيس مجلس السيادة رهيناً فى منزله وأحاطت به المدرعات ، وهو الذى نادى بهذه الأهداف طوال حياته ، ومن ثم اعتقال وزراء الحزب ، وما زال آخرون مطاردين والبحث جارياً عنهم ، ووجهت نداءات بالقبض عليهم ،

    وقال أنه لايستطيع إبداء رأى إلا بعد رفع الحراسات وإطلاق سراح جميع المعتقلين .

    إستجاب العهد الجديد لما طلبه ، وعندما أصدر بيانه مشيراً فيه إلى قبوله بالتوجهات العربية ، جرى بعدها إعتقال القيادات الإتحادية مرة أخرى ونقل الأزهرى إلى سجن كوبر حتى إنتقل إلى رحاب ربه فى أغسطس 1969م فى مستشفى الخرطوم فى أعقاب الإجهاد الذى أصابه أثر تشييعه لجثمان شقيقه على الأزهرى إلى مقره الأخير بأمدرمان ، (وقيل مات مسموماً تأكيداً لإستمرار مسلسل الخيانة) .

    ورغم كل الإجراءات الأمنية التى اتخذت ، فقد شيع الأزهرى فى مواكب ضخمة لم يسبق أن شهد لها السودان مثيلاً .

    لجنة للتحقيق فى ثروة الأزهرى

    وقبل ذلك كان النظام قد شكّل لجنة برئاسة قانونى ليبحث فى ثروة وأرصدة إسماعيل الأزهرى المودعة فى المصارف وحصر عقاراته أيضاً ، واكتشفت اللجنة أن رصيده فى البنك لا يتعدى الجنيهات القليلة التى يمكن أن تكون فى حساب أى موظف صغير ، وأن منزله مرهون لدى البنك العقارى لحين سداد الأقساط المستحقة عليه (ألا رحمك الله يا أبا الزهور وأحسن إليك فقد أديت الأمانة ونصحت الأمة كما المصطفى ص وعشت نزيها ومت نزيها ) .

    وطوت اللجنة أوراقها دون تقديمها إلى أى جهة ، أما الوزراء الذين قدموا لمحكمة الشعب التى عقدت جلساتها فى مبنى البرلمان القديم ، فقد ظهر أن نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية حسن عوض الله ، ويحى الفضلى وزير المواصلات وعبدالماجد أبوحسبو وزير الإعلام ، لا يملكون أرصدة ولا عقارات وأنهم يقطنون منازل مستأجرة ، وأن منزل الأخير مرهون للمقاول الذى تولى تشييده ، أما وزير التجارة والتموين د. أحمد السيد حمد فقد حكم عليه بالسجن بعد إدانته بمخالفة إجرائية ، وليس بتهمة الفساد ، وقد أطلق سراحه فيما بعد وتم تعيينه مندوباً للسودان لدى الجامعة العربية ، ثم عين وزيراً للمواصلات حتى نهاية النظام المايوى ، فى مطلع أبريل 1985م (وهذا يعنى أن حكومة أكتوبر كانت من أنزه الحكومات التى مرت على السودان ، الظاهر نميرى كان عايز "ينقذنا").

    مسيرة 2 يونيو

    كان أهم حدث واجهه النظام الجديد ، هو المسيرة التى نظمها اتحاد النقابات العمالية بقيادة الشفيع أحمد الشيخ ، "أعدم فى محاولة إنقلاب يونيو 1971م" ، إذ خرجت جماهير غفيرة لمساندة نظام مايو ، وقد تحدث للجماهير اللواء نميرى ، رئيس مجلس قيادة الثورة وبابكر عوض الله رئيس الوزراء والشفيع أحمد الشيخ ، وكانت المسيرة تردد الهتافات المطالبة بإعدام القادة السابقين ، ونقلت وسائل الإعلام فى الخارج هذه الشعارات ، فاعتقدت منظمة العفو الدولية أن حكم الإعدام قد صدر على الزعماء السابقين ، فاصدرت بيانات مستنكره ومطالبة بتوفير الحماية القانونية لحكام السودان السابقين ، وجرى نفى هذه الأنباء رسمياً ، وتنبه النظام الجديد إلى أن الرأى العام العالمى بدأ بمتابعة الأوضاع فى السودان.

    أول تعديل وزارى

    وبعد أقل من شهر من الاستيلاء على السلطة فى 25 مايو 1969م أجرى تعديل وزارى فى 19 يونيو 1969م ، وكان أهم وجه فى هذا التعديل هو دخول د. منصور خالد كوزير للشباب والرياضة ، وعمر حاج موسى كوزير للدفاع ، ونقل جوزيف قرنق من وزارة التموين إلى وزارة شئون الجنوب وأيضاً إختيار د. عثمان أبوالقاسم وزيراً للتعاون والتنمية الريفية ، وقد كان خبيراً لمنظمة دوليه فى الأردن .

    وإرتفع عدد أعضاء المجلس الجديد الى أربعة وعشرين وزيراً ، واحتفظ معظم الوزراء الذين عينوا فى 25 مايو 1969م بوزاراتهم بما فيهم فاروق حمد الله (الداخلية) وبابكر عوض الله (الخارجية) ، وقد أحدث الأخير بالعديد من تصريحاته فى عدد من العواصم ردود فعل داخلية وخارجية (كان ملقوف بشكل).

    وفى يوم 28 أكتوبر 1969م ، أى بعد أربعة أشهر على التعديل الوزارى الأول ، تولى اللواء جعفر نميرى رئاسة مجلس الوزراء إلى جانب رئاسته مجلس قيادة الثورة ، وتولى بابكر عوض الله وزارة العدل إلى جانب الخارجية ، وعين أمين الطاهر الشبلى سفيراً فى وزارة الخاجية ، وتولى اللواء خالد حسن عباس عضو مجلس قيادة الثورة وزارة الدفاع ، والرائد هاشم العطا ، عضو مجلس قيادة الثورة وزارة الثروة الحيوانية ، وأحمد سليمان وزارة الإقتصاد والتجارة الخارجية ، ونقل عمر الحاج موسى من وزارة الدفاع إلى وزارة الإرشاد القومى ، وأعطى د. منصور خالد الشئون الإجتماعية إلى جانب الرياضة والشباب ، وعين على التوم كوزير للإنتاج والإصلاح الزراعى ، ونقل عبدالكريم ميرغنى للتخطيط ومبارك سنادة للإسكان.

    وكان أبرز ما اتخذته الحكومة فى مناسبة مرور عام على الإستيلاء على السلطة فى مايو 1970م وبحضور جمال عبد الناصر ، رئيس جمهورية مصر والعقيد معمر القذافى رئيس ثورة الفاتح من سبتمبر فى ليبيا ، قرارات التأميم لجميع المصارف بما فيها المصرف المصرى فى الخرطوم والشركات والبيوتات التجارية ، وقد شمل التأميم أو المصادرة فنادق صغيرة ومتاجر أسسها أصحابها عبر سنين طويلة ، وقد وصف عمر الحاج موسى وزير الإعلام والثقافة هذه القرارات ب (القرارات الحزينة) ، وكان أهم ما إتسم به التعديل الوزارى الثانى هو محاولة التخفيف من التوجه اليسارى الفاقع ، بعد أن ظل اللواء جعفر نميرى يكرر بشدة ، أن الشيوعيين لا يسيطرون على الثورة ولا على توجهاتها القومية.

    وفى ما بعد أعاد النظر فى "القرارات الحزينة" وأعاد البيوتات التجارية والشركات المؤممة والمصادرة إلى أصحابها ، ولكن بعدما أصابها الفشل بسبب سوء الإدارة وبعضها كان قد تعرض لخسائر جسيمة .

    الاتجاهات السياسية

    كان جميع الوزراء الذين جرى إختيارهم فى هذه المرحلة من نظام مايو ، من الشخصيات المعروفة والتى لها كفاءاتها وخبراتها وتخصصاتها ، ولكن أسماءها حملت اتجاهات سياسية ، وكان واضحاً أن أى تعديل وزارى جديد كان بمثابة سحب للنفوذ اليسارى أو المتطرف ، والعمل على تقليصه ، وكان من الواضح جداً وجود صراع خفى بين هذه التوجهات ومن يمثلونها.

    استبعاد بابكر عوض الله

    وجاء التعديل الذى حدث فى 21 يوليو 1970 حيث أُستبعد بابكر عوض الله من وزارة الخارجية وأستلم حقيبتها اللواء جعفر نميرى ، وإقتصر عوض الله على حقيبة واحدة هى العدل ، وجاء الرائد أبوالقاسم محمد أبراهيم عضو مجلس قيادة الثورة كوزير للحكومات المحلية والمقدم بابكر النور للتخطيط والرائد مأمون عوض أبوزيد لشئون الرئاسة وفاروق أبوعيسى للعمل ، ومنصور محجوب للإقتصاد والتجارة والتموين ، والرائد ابوالقاسم هاشم للشباب والشئون الإجتماعية ، وجوزيف قرنق ومعاوية أبراهيم وزيرى دولة.

    واختفى من هذا التعديل د. منصور خالد حيث عين كمندوب للسودان فى الأمم المتحدة ، وإستبعد موسى المبارك وموريس سدرة ومحمود حسيب من هذا التشكيل الوزارى ، وكان معروفاً عن موسى المبارك أنه ضد وجود التيار اليسارى أو الشيوعى فى النظام الجديد ، كما عرف عنه شجاعته فى إبداء رأيه ، وربما كانت هذه (واحدة من أهم) أسباب إقصائه أو إستبعاده ،

    ولكن أهم ما حدث بعد ذلك ، وفى 16 نوفمبر 1970 أصدر مجلس قيادة الثورة القرار بإعفاء المقدم بابكر النور والرائد فاروق حمدالله وهاشم العطا من عضوية مجلس قيادة الثورة ، وبالتالى من مناصبهم الوزارية ، وقد نسب اليهم اللواء جعفر نميرى نقل مناقشات وأسرار المجلس إلى قواعدهم ، وقد صدر قرار إقصائهم فى بيان صغير وتولى النميرى وزارة التخطيط التى كان يشغلها المقدم بابكر النور والرائد أبوالقاسم محمد أبراهيم الداخلية التى كان يشغلها الرائد فاروق حمد الله ، والرائد زين العابدين محمد أحمد الثروة الحيوانية التى كان يشغلها الرائد هاشم العطا.

    ومنذ 25 مايو 1969م وحتى 21/7/1970 ثم 16/11/1970 أجريت خمسة تعديلات وزارية ، ولم يكن أى من هذه التعديلات تقترن بالأداء أو التنفيذ لبرامج الإصلاح أو توفير الخدمات ، بل كانت كلها تعديلات سياسية فى المقام الأول ، ويمكن القول أن سمة التخطيط والعجلة أصبحت غالبة ، وأن بعض تصريحات المسئولين دحضها الواقع ، إذ قام وزراء آنذاك بزيارات للمعسكر الشرقى ولدول أخرى ، وقالوا بعدها أن نتائج زياراتهم ستظهر قريباً فى شكل مشروعات ذات عائد سريع ، إنتاجاً ومردوداً وخدمات ، وأخرى ذات عائد آجل لأنها تحتاج الى وقت أكبر ، ولكن أياً منها لم يرى النور ، وانحسرت الإتهامات والتصريحات التى سبق إطلاقها ضد السياسيين وأحزابهم ووصفها بالفساد.

    وقد إعترف الرائد فاروق حمد الله عضو مجلس الثورة ووزير الداخلية فى لقائه مع شخصية سودانية "محمد عبدالجواد" فى مطلع عام 1970 ببغداد ، أنهم فوجئوا بعد إستلامهم للحكم أن الصورة التى وجدوا بها الأوضاع لم تكن فى حجم ما نقل أليهم (تأكيداً لما ذكرته سابقاً عن نزاهتهم) ، وما صورته الصحف السودانية آنذاك ، أى أن الأوضاع لم تكن سيئة أو متدهورة كما نقلتها أجهزة الإعلام.

    مسلسل التعديلات الوزارية

    وإستمر مسلسل التعديلات الوزارية ، ففى 22/12/1970 عين فاروق أبوعيسى وزيراً للخارجية ، بعد أن تخلى عنها اللواء جعفر نميرى ، ومحمد عبدالحليم للخزانة ، ومعاوية أبراهيم للعمل ، ود. مأمون يحى منور للثروة الحيوانية ، وعلى التوم للزراعة عوضاً عن التعاون والتنمية الريفية ،

    ثم جرى تعديل آخر فى 12/2/1971م وكان أهم ما فيه دخول د. جعفر محمد على بخيت الإدارى السابق والمحاضر فى جامعة الخرطوم والذى أصدر الكثير من الإجتهادات خلال عمله كوزير للحكومات المحلية .

    وقد عين ممثلون للقوى الفئوية كالتجار والعمال والمزارعين ، وأُختير محمد إدريس لقطاع الإقتصاد ، وعبدالرحمن لقطاع الخدمات ، وعبدالجليل حسن عبدالجليل للقطاع الزراعى.

    أحداث يونيو 1971م

    وفى 19 يونيو 1971م أعلن الرائد هاشم العطا إستيلائه على السلطة وتم اعتقال اللواء جعفر نميرى ، رئيس مجلس قيادة الثورة ، حيث نقل من منزله إلى القصر الجمهورى ، وكذلك نقل أعضاء مجلس قيادة الثورة ، وكان أغرب ما فى هذا الإنقلاب أنه نفذ ظهراً ، وقد لجأ منفذوه إلى إضاءة سياراتهم نهاراً كدلالة لغيرهم على المضى قدماً فى خطتهم ، وأن الأمور سالكة ، وعندما حانت الثالثة ظهراً كان قد تم استلام السلطة.

    وفى بيانه الذى تأخر لعدة ساعات ، أعلن عن تشكيل مجلس للثورة بقيادة المقدم بابكر النور ، والذى كان موجوداً ساعتها مع زميله الرائد فاروق حمد الله فى لندن.

    وفى صباح اليوم التالى للإنقلاب ، خرج حاملو الرايات الحمراء إلى الشوارع ، وكان ذلك إيذاناً وتأكيداً للمواطنين بأن الإنقلاب الجديد شيوعى التوجه ، وسرعان ما تحركوا تلقائياً ودون سابق تنسيق أو تدبير للوقوف مع الوضع الجديد.

    وتضافرت جهود المعارضين مع جهود الوحدات العسكرية ، فتم تخليص اللواء جعفر نميرى فى القصر الجمهورى ، وقفز من فوق سور القصر بعد أن سمع الهتافية المدوية (عائد عائد يا نميرى) ومن ثم إتجه إلى التلفزيون حيث نقل للمواطنين عبر الإذاعة والتلفزيون ظروف إعتقاله وخروجه ووعد بالإنحياز لهم ومن ثم تصحيح مسار الثورة.

    وكانت تلك الأيام شديدة الوطأة والحدة على السودانيين ، إذ شُكّلت المحاكم الإجرائية العسكرية وأصدرت الأحكام ونُفّذت سواء فى سجن كوبر أو فى مقر الوحدات العسكرية .

    وآنذاك اتصل الرئيس أنور السادات فى وقت مبكر بالمشير جعفر نميرى ونقل له أن القادة السوفيت والمنظمات العمالية طلبوا وساطته لكى لا ينفذ حكم الإعدام فى الشفيع أحمد الشيخ ، سكرتير عام العمال السودانيين ، وكانت إجابة النميرى أن الحكم (قد) نُفذ بالفعل ، ووجهت نداءات بالقبض على القيادات والعناصر الشيوعية ورموزها.

    (بعد ذلك هيمن النميرى على الأوضاع تماماً ، ولم يكن شىء يفلت من زمامه ، وحكم السودان قاطبة بالطول والعرض وبقوة السلاح وقوة الشخصية وبالبونيه أحياناً كثيرة) ،

    كانت المقدمة السابقة وقد نقلناها من قصاصات الصديق أحمد محمد حسن ، الشهير بأحمد ود العيلفون ، وقد جمعتنا به ظروف الغربة فى مدينة جدة بلد العجائب ، وهو يعمل بوظيفة سكرتير تنفيذى بإحدى الشركات ، والآن لندلف الى لب الموضوع .

    جيل مايو ، (كما عايشته) :

    جيل مايو هم "الصبيان والصبيات" و"الشبان والشابات" و"الرجال والنساء" الذين ابتدأ صباهم أو شبابهم أو شبوا رجالاً ونساء فى مايو 1969م وحتى أبريل 1985م ، فترة الستة عشر عاما التى بدأها بيان النميرى ونهاها سوارالذهب فى انتفاضة الشعب المشهورة ضد حكم العسكر والاستبداد فانحاز الجيش الى الشعب عندما قاده الحكماء .

    ولذلك فجيل مايو يمثل شريحة كبيرة من رجال ونساء هذا الزمن وأنا واحد منهم عشت فترة صباى وشبابى فى تلكم الحقبة ، وعشتهما بكل ما تعنى الكلمة ، وكل ما يمس جيل مايو يمسنى أيضاً .

    حقيقة كنا نحب النميرى ، حتى دون تحيز لكونه ابن الحلة (ود نوباوى) ، أو لكونه ضرب مسجد الحلة (مسجد الأنصار) ، ولكن كنا ننظر إليه بعيوننا الصغيرة وهو يقفز من القطار أو يلوح بيديه من عربة مكشوفة أو يأتى بغتة لمسجد الشيخ الفاتح ليصلى الجمعة أو يقود عربته ويجوب بها شوارع أمدرمان دون سائق خاص أو هيلمانة أو فرقة أمن تتبعه ، فكان هذا الشىء فى نظرنا شىء مذهل ، وكان سبباً حقيقياً لحب الناس لذلك الفتى الشجاع الذى يحكم السودان فى ذلك الزمان ، وقد وجد بالتالى تأييداً شعبياً منقطع النظير .

    كما لا يمكن لعاقل أن يتصور كيف كان السودان فى مايو 1969م وكيف أضحى فى أبريل 1985م ، علماً أن الحكام السابقين كانوا متهمين بتبديد ثروات الأمة ، وكلكم تعلمون المسئولية المباشرة لقائد أى أمة فى نهضتها أو فى دمارها ، فقد كان الدمار الذى وقع على السودان نتيجة نظام مايو بقصد أو دون قصد دماراً لا شك كبير.

    لا أود أن أتحدث هنا ، حديث السياسة ، أو عن فترات سبقت جيل مايو أو فترات لاحقة فالمقدمة القصاصية أوفت هذا الجانب حقه ، ولكنى أخاطبكم هنا بمنظور اجتماعى بحت ، خصوصا وأن أغلب (جيل مايو) هم من يسيطرون على مقاليد أمور البلاد الآن وفى مواقع المسئولية فى جميع أنحاء العالم ومعظمهم فى سن كبيرة ، وجلهم قد رحل عنا ،

    لقد وجدنا فى صبانا مجتمعاً فيه كثير من الإنحلال والفوضى ، والسودانيين جبلوا على الفوضى ، ويحبونها كثيراً وهم لا يصلحون ملاآت أسرّتهم عند الصباح ، فكانت البارات كثيرة ، وكان كثيراً جداً من الكبار(التائبون اليوم) كانوا يتعاطون الشيرى والويسكى والكوارفوازير والبيرة ام جمل والجن والويسكى وتمرنا ، وفقراء شعب ذلك الزمان كانوا يتعاطون عرقى العيش والمريسة والكنجومورو والعسلية ومشتقاتها ، وكانوا يشربون كل ما يمكن تخميره ، ويحبون الشراب ومجالس الشراب حباً جماً ، وطبعا قدوتهم كان كبيرهم الذى علمهم السحر ، وبالطبع كان بينهم من له مآرب أخرى ، وفى مجالس أخرى ، وكل كان يجد وقتها ضالته التى ينشدها ، لا أقل هذا تعميماً ، ولكن شريحة كبيرة منهم كانوا هكذا يفعلون .

    ثم جاء منصور خالد للخارجية بطريقة لبسه الجديدة والتى أعجبت شريحة كبيرة من المائعين والمخنثين فى ذاك الزمان الغابر وأصبحوا يقلدونه فى لبس آخر صيحات الموضة ،

    وهيأ كل هذا الجو المايع ، مناخاً مناسباً للفن فكانت النهضة الفنية للموسيقى والأغنية السودانية التى تربع على قمتها منذ ذلك الزمان محمد وردى ومحمد الأمين ، فكيف أصف لكم نتاج ذلك الجو المنحل على (جيل مايو) ، كان جيل مايو:

    مائعاً
    هزيلاً
    منحلاً
    مفكك الأوصال
    سكراناً
    حيراناً
    غضباناً
    قرفاناً
    مستسلماً
    ضعيفاً
    وسميناً أحياناً من (ضعف) أومن شواءات قعدات دسمة

    كل همه كان أن يكسب توتو كوره ، أو أن يلبى دعوة (قعدة) هذا الزمان ، فالقعدة عادة تكون بى زيدان والقعدة بى الجابرى والقعدة بى على ابراهيم ، بل القعدة بأبداود أو اسماعين عبدالمعين أو خدر بشير أو رمضان زايد ، ويا لها من قعدات أنشأوا لها المزارع والكبائن على النيل .

    كان السودان كمية تناقضات اذ تصور مثلاً أن كل السودان كان يصحو على (إشراقة الصباح) ، ويدغدغك الفنان وأنت نائم فى الحوش فى ذاك الهمبريب العجيب ليقول لك ساكباً أعذب الألحان (الزهور صاحية وإنت نائم!) ، فيصحو الشعب كله ليستقبل يوماً جديداً من أيام مايو وقد إرتوى من صوت ليلى المغربى وهو فى نشاط وحيوية منقطعة النظير ، برغم الهانق أوفر .

    أما فى القصر الجمهورى فقد كان الوضع مختلفاً جداً ، فاليوم للحكام كان يبدأ فى الصباح الباكر من نادى الفروسية ، حيث إتفق النميرى مع أعضاء مجلس قيادة الثورة وكبار وزرائه أن يحضروا إلى النادى برفقة زوجاتهم يومياً ليقوموا جميعاً بركوب الخيل والذى كان يعشقه إلى حد الجنون ، وممارسة بعض الرياضة والسويدى ، وقد قرّب ذلك حقيقة من هذه الأسر ، فكانوا بالفعل كأنهم أسرة واحدة كبيرة ، ثم يتفرقون بعد شروق الشمس إلى منازلهم إستعداداً للذهاب إلى مكاتبهم ، ويذهب هو إلى القصر مبكراً جداً ، ليبدأ يوم الكفوف والشلاليت اليومية ويدب الرعب فى القصر حتى لحظة نهاية الدوام ويتنفس الجميع الصعداء بعد مغادرة النميرى للقصر ، كان النميرى يفعل أى شىء يمكن أن يخطر على البال ، وكان مكتبه مكاناً للقصاص الشخصى من كل مخالفيه والذى كان ينفذه هو شخصياً وبالبونية والشلوت ، وكان فى قرارة نفسه يعتقد أن هذا هو الوضع الأمثل لإرهاب الجميع ، قبل أن ينتبه بوش الى الإرهاب .

    وكثيرا ما كان يختار حتى وزرائه من مواطن نقاط ضعفهم ، فرجال الأمن يخبرونه أن فلانا "يحب القمار" أو "يقارع الخمر" أو "بتاع عيال" أو "نسونجى" أو "بشرب بنقو" فيمسكهم بزلاتهم ويكسر أعينهم ويطمئن لجانبهم ، ولذلك زادت معدلات الإنحلال فى الخرطوم بشكل كبير ، وجُلكم يذكر أيام مهدى مصطفى الهادى وأيام قلندر وأيام قاضى الحركة مولانا حسن النور ، وكما قال الفنان "أيامنا" يا النسيت أيامنا .

    تم غسل مخ الشعب كله ، وظن "جيل مايو" أن نميرى أبوهم وأخوهم وحارسهم وفارسهم ، وظنوا أن مايو هى "الانقاذ" فعلاً للسودان من شدة كثرة إنتشار الأناشيد لمايو وترديد شعاراتها ، وما من فنان يومئذ إلا وتغنى لمايو ولحارسنا وفارسنا ، والويل لمن لا يقدم أغنية من هذا القبيل ، حتى قيل أن بعض الأغنيات تغنت له خصيصاً مثل جبار الكسور لعلى أبراهيم ، وظهرت الثنائيات العاصمية اللذيذة التى أضحت تبدع فى المهرجانات الثقافية للتغنى لمايو فى شكل كورال فتم زرع حب مايو فى قلوب الشباب .

    العصا السحرية التى كان يحملها النميرى لم تكن سحرية ، ولكن العصا السحرية الحقيقية كانت جهاز الاستخبارات العسكرية ، فقد أنشأ النميرى الاستخبارات العسكرية (السرية الأولى) والتى كانت تضم السر أب أحمد ، وكمال أبشر والفاضل عبدون ومصطفى الزين صغيرون وصلاح مصطفى وعاكف يسر خاطر وعبدالسلام أبوالجاك وسلمان محمد سليم ودفع السيد أبراهيم وكامل عبدالمنعم وصلاح مدنى وعبدالرحمن شانتير وحسن الضكر وعمر قسم الفضيل وحسن باعوضة وعادل عبدالرحيم وآخرون ، فهؤلاء فعلا كانوا العصا السحرية لحكم النميرى وما كان لانقلاب هاشم العطا أن ينجح لولا تآمر محمد أحمد أبوشيبة قائد الحرس الجمهورى والذى كان موجودا ساعة الانقلاب مع النميرى حاضرا معه وجبة الغداء ، لزوم تضليل أبعاج ، وقد حكم عليه لاحقا بالاعدام ، ومن عجائب انقلاب هاشم العطا أنه كان بمشاركة الحرس الجمهورى وقائده متغديا مع الرئيس وكان الانقلاب بمدرعات صلاح الدين وأسلحة خفيفة ، وهو ما يذكرنا أيضا بانقلاب مايو الذى كان بمشاركة الرقيب عبدالله خير الله وقد كان طالع تدريب ضرب نار فى خور عمر ونجح الانقلاب نجاحا باهرا كما أوردنا فى المقال ، وقد تم تعيين الرقيب عبدالله خيرالله كعضو مجلس ثورة فخرى وكان مقربا جدا للنميرى ، طوال فترة حكمه وكان ذو سلطات ضخمة.

    ظهرت طرائف ومفارقات كثيرة كان ينبع أصلها من تصرفات (الريس) الشخصية والتى تنسحب على الشعب كله ، فمنع يوماً مثلاً استخدام (المكيفات) فى المكاتب الحكومية من تمباك وتدخين سجائر ، فاذا بكثير من المسئولين الذين لم يفهموا صيغة القرار قاموا بفك المكيفات (air conditions) من المكاتب فى صبيحة اليوم التالى للقرار ، فقد كان تنفيذ قرارات الرئيس يتم فوراً ويا ويل للمتباطئين .

    من أطرف طرائف ذاك الزمان حكاية يروونها عن (ترباس) ، فقد جمعت ترباس صداقة حميمة مع زين العابدين عبدالقادر الشهير ب(زينكو) لدرجة أنه جلس يوماً فى مكتب زينكو عندما كان وزيراً للشباب والرياضة ، فإتصل الريس فى صباح أحد الأيام بهاتف الوزير الخاص فإذا بترباس يرد على الهاتف الخاص ، وعندما يسأله الريس من المتحدث ، كان ترباس يرد عليه ويقول له (معاك كيمو) (اسم الدلع لكمال) فظن النميرى أنه ربما أدخل رقماً خطأ ، وكرر الاتصال ، وتكرر الرد (معاك كيمو) ، فغضب الريس غضباً شديداً ، أى كما يقولون بالفصحى (إستشاط غضباً) ، فأمر رجال الأمن بالتوجه لمكتب (زينكو) وإحضار الشخص الذى يجلس فى مكتب الوزير ، حتى لو كان (زينكو) شخصياً ، وفعلا جىء بكيمو إلى مكتب الرئيس وتم ضربه بالكف والشلوت من الريس شخصياً ، وتاب توبة نصوحة من الجلوس فى مكاتب الوزراء (الوهم) .

    أدخل يوماً الريس إلى السلاح الطبى لاجراء فحوصات طبية وأظن لعمل جراحة بسيطة ، وكان لابد أن يقضى الليل فى المستشفى ، أى ينوّم ، فقد حدثنا فيما بعد أطباؤه المشرفين على العلاج بأنه أحضر وسكيه الخاص للمستشفى وجاء نفر من (شلته) يمارضونه ، واحلوت (الشغلة) فقام الريس بإستدعاء فورى للفنان أحمد المصطفى الذى أبهج الحضور بليلة أنس لا تُنسى ، وكانت كل ليالى الريس (لا تُنسى) يستدعى فيها من يشاء من الفنانين ، والويل والثبور لمن لا يلبى دعوة الريس.

    حضرنا وقتها قرارات مذهلة مثل (التأميم) والذى كان أيضا قرارا (سالباً) بشكل كبير مما أدى الى فساد اقتصادى مذهل .

    شهدنا كثيراً من الطفوليين الذين أثروا ثراءً فاحشاً فى فترة مايو مثل (خضر الشريف) و (شيخ موسى) وآخرون ، كما شهدنا ضربة الأنصار ، وشهدنا ما يسمى وقتها بالمرتزقة ، وبالطائرة التى أسقطت قنبلة فى بيت الصادق المهدى باعتبار أن عدواناً خارجياً إستهدف الإذاعة ، وما كانت هى الا أحد سيناريوهات مايو السخيفة ، وشهدنا أيام الشيوعيين الثلاثة ، ومقتل عبدالخالق وهاشم العطا وفاروق حمد الله وبابكر النور سوار الدهب (قريب الريس) الذى أحدث مقتله شرخاً عائلياً كبيراً حتى يومنا هذا ، وشهدنا النميرى وهو يكمل لبس بزته العسكرية فى إستديو التلفزيون ليذيع بيان عودته بعد أن أوصله سيد خليفة الذى مر مصادفة تحت جدار القصر الذى قفز منه النميرى ، وذاك الوزير الذى لا يحضرنى اسمه الآن وهو يقول فى التلفزيون ويكرر (لأول مرة أركب دبابة) وهو منطط العينين من شدة الخوف ، ومن الطرائف أيضا أنه فى تلكم اللحظة كان أحد الحاضرين فى الأستديو (يهبب) للنميرى بالكاب من شدة الحر وهو يشير فى الاستديو لشخص آخر ويقول للنميرى ده مع هاشم العطا يا ريس ، وكان ذلك على الهواء مباشرة ، وشهدنا المحاكمات العسكرية (التعسفية) والتى أصدرت قراراتها بالإعدام وقد كان بعض المتهمين (ميتاً) حتى قبل صدور قرار المحكمة كالشهيد الشفيع ، كما شهدنا إتفاقية أديس أبابا لحل مشكلة الجنوب ، وإستبشر الشعب بذلك الأمر كثيراً ، وحسبت هذه النقطة لصالح مايو ، حتى قام النميرى شخصياً بنقض هذا الاتفاق .

    قمنا بأداء التحية العسكرية للنميرى شخصياً وحكومته أبان المهرجانات الكثيرة التى يشترك فيها (الكديت) فى الثانويات ، كما شهدنا طلائع مايو وهى تنتظم الصفوف ، عاصرنا فترة الفساد الكبير وقيام المنشية والرياض كأحد مؤشرات نهب أموال الشعب ووضعها فى غابات الأسمنت كما كانت تصفها الصحافة آنذاك بدلاً من التنمية التى كان يشير اليها النميرى كثيراً ، فهذه هى أموال التنمية. أو كما قال الشاعر الكبير حُمّيد واصفاً ما أحس به أنا الآن تجاه تلك الفترة:

    منعول الزمن الخلاك
    سلمت الوطن الهمباتة
    على كيفك "كيفك" بتحكّم
    يا سوس تكنك ما بتعلم
    بى حال البتألم وساكت
    يا حال الساكت ويتألم
    يتفتق جرحك يوم تبرا
    تتلم وقيدك يتحطم
    وين عادك هارب من بكرة
    وخطو التاريخ البتقدم
    رغما من عنت الأيام
    والزمن الجهجاه الفاجع
    بى النفس النازل وطالع

    فلذلك رجائى يا أخوانى ويا إخواتى وبما تبقى لنا من النفس النازل وطالع أن لا تنسوا تلكم الفترة ، فهى جزء هام من تاريخكم الحديث ، وانظروا كيف أضحت الأحوال بذاك التدرج العجيب الذى أوصلنا للقرار 1593 وتعقيدات مشاكل السودان وما وصلنا اليه اليوم.

    حقيقة لقد كانت مايو حكاية ، بل حكاوى كثيرة ، فهلا سمعنا منكم رأياً نضيفه لصفحات تاريخنا ، علّ الأجيال الحديثة تستوعب الدروس التى فشل جيل مايو فى إستيعابها وفرطوا فى كل الأمة أيما تفريط بعدما هرب معظم الشباب فى هجرات جماعية لم يشهد لها السودان مثيلاً ، بدءاً من منتصف سبعينات القرن الماضى وحتى اليوم ، وغرق السودان فى الفساد الإدارى والإجتماعى حتى يومنا هذا وعلى مشهد ومرأى من العالم قاطبة ،

    فكيف الخلاص يا صناع أكتوبر؟
                  

05-24-2005, 04:01 AM

عمر محمد عبد القادر

تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جيل مايو (Re: يازولyazoalيازول)

    Quote: وحسن باعوضة وعادل عبدالرحيم وآخرون



    الزول الضكر ...سلامات .. يا اخوي حسن با عوضة دا اوع يكون اخو على باعوضة ديل جيرانا في بربر الحيطة بالحيطة ..

    فعلا كانت اسوأ فترة حكم في السودان تفنن فيها المشير المخلوع بالطول والعرض في الشعب المغلوب .. صفوف البنزين والمبيت ( تلاتة ايام في محطات الوقود لتظفر بجالون واحد ) انعدام السكر والرغيف وفي سنه المصالحة مع الصادق والهندي طالبه الشعب بالاتي :
    واصل كفاحك خليك حريف جبت الصادق جيب الشريف واصل كفاحك ..
    البنزين صفوف مافيش دقيق ما فيش سكر ما فيش فحم ما فيش رغيف .. واصل كفاحك ..

    فاصل ونواصل يا زول ....


    لك الود ............ ود الباوقة
                  

05-24-2005, 04:37 AM

يازولyazoalيازول
<aيازولyazoalيازول
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10210

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جيل مايو (Re: عمر محمد عبد القادر)

    Quote: واصل كفاحك خليك حريف جبت الصادق جيب الشريف واصل كفاحك ..
    البنزين صفوف مافيش دقيق ما فيش سكر ما فيش فحم ما فيش رغيف .. واصل كفاحك ..


    الأخ عمرعبدالقادر

    أضحكتنى الفقرة أعلاه فالشعب السودانى شعب ذكى ولا يقبل الضيم ، ثم ردا على سؤالك لا أعرف علاقة الرجل بجيرانك فى عطبرة وربما يكون هو ، ولكن المهم فى الأمر ان الرجل من السريةالأولى استخبارات عسكريةتلكم السرية التى كان لها دورفعال فى بقاء الريس على الحكم طوال فترةالستة عشرة عاما
                  

05-24-2005, 06:15 AM

newbie

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 797

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جيل مايو (Re: يازولyazoalيازول)

    شكرا ليك يازول ولصاحب القصاصات ,,, ده مايو حبيب
                  

05-24-2005, 06:44 AM

يازولyazoalيازول
<aيازولyazoalيازول
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10210

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جيل مايو (Re: newbie)

    شكراً ليك يا نيوباى ، ده إنت حبيب
                  

05-25-2005, 02:38 AM

يازولyazoalيازول
<aيازولyazoalيازول
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10210

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جيل مايو (Re: يازولyazoalيازول)

    up
                  

05-26-2005, 01:49 AM

يازولyazoalيازول
<aيازولyazoalيازول
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10210

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جيل مايو (Re: يازولyazoalيازول)

    up
                  

05-28-2005, 03:00 AM

يازولyazoalيازول
<aيازولyazoalيازول
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10210

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جيل مايو (Re: يازولyazoalيازول)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de